مبدئي الذي التزمته في كلّ حياتي منذ الخمسينات، أن أحبّ الناس وأعيش رسالتي في علاقتي معهم. لم أفكّر في أيّ وقت من خلال موقعي الديني أن أستغلّ الناس، سواء من الناحية المادية أو من الناحية المعنوية، فعندما كنت في النجف الأشرف، كنت أذهب إلى مناطق الرّيف هناك، وأشاهد حالات البؤس، وأعيش مع الناس الذين كانوا يرعون البقر والغنم وما إلى ذلك، وكانوا من الفقراء، وكنت أذهب إلى المرجعيّة الدينية المتمثّلة آنذاك بآية الله السيّد محسن الحكيم لأحصل منه على المساعدات لهم.
كنت أتحرّك من أجل رعايتهم ثقافياً ومادياً، وهكذا عندما جئت إلى لبنان وأقمت في منطقة النبعة. وأذكر أنّ أخانا وصديقنا العلامة الكبير المجاهد السيّد موسى الصّدر، وكان زميلي في النّجف، استغرب مجيئي إلى النبعة، لأنّه كان يفكّر في أن أكون في موقع ثقافي متقدّم عن ذلك، ولكني كنت أحبّ المستضعفين.
عندما كنت آتي إلى لبنان في أيّام الصيف، كانت لديّ صداقات من جبل عامل في النبعة، وكنت أذهب إلى أصدقائي، حتى إنّني شاركت في بناء نادٍ حسينيّ ومسجد في منطقة النبعة.
لذلك، كانت هذه العلاقة المتحرّكة سبباً في مجيئي إلى النّبعة، حيث كنت أنفتح على ما أعيشه من حبّ للمستضعفين. وكنت في تلك الفترة أحاول رعايتهم دينياً وسياسياً وحتى مادياً، وكانت الحقوق الشرعيّة من خمس وزكاة تأتي إليّ، وكنت أوزّعها على الفقراء في تلك المنطقة.
وهكذا بقيت في النبعة إلى ما بعد سقوطها العام 1976، وقد تعرّضت لأكثر من خطر هناك، وكنت أنتقل من زاوية إلى زاوية في البيت الذي أسكنه، حتى إنّني كنت أكتب بعض مؤلّفاتي في ضوء الشّموع.
بعد سقوط النبعة وخروجي منها إلى الضّاحية، عشت فيها أثناء الحصار الإسرائيلي عام 1982، وكنّا نعيش في الملاجئ وفي ظلّ أوضاع صعبة، وخصوصاً في منطقة بئر العبد، ومع ذلك، كنت لا أترك المسجد، وكنت أصلّي مع الناس. وهكذا عشنا بعدها مشكلة الحرب التي حدثت بين المنطقتين الشرقيّة والغربيّة، حسب الاصطلاح آنذاك.
وعشت في ما بعد فترة الخطر أيّام حملة "تصفية الحساب"، وعناقيد الغضب، العام 1993 و1996، ومع ذلك، ظلّت علاقتي مع الناس كما هي، وبقي التّواصل معهم، ولم أخرج من بيروت في كلّ هذه المراحل.
في حرب تموز 2006، خرجت من البيت قبل يوم حذراً، بعد إلحاح من إخواني ومرافقيَّ، وإلا لما خرجت إلى مكان أكثر أمناً. وكنت خلال هذه الفترة أتنقّل من مكان إلى آخر...
*من حوار مع مجلّة "الأفكار"، بتاريخ : 11-9-2006.

مبدئي الذي التزمته في كلّ حياتي منذ الخمسينات، أن أحبّ الناس وأعيش رسالتي في علاقتي معهم. لم أفكّر في أيّ وقت من خلال موقعي الديني أن أستغلّ الناس، سواء من الناحية المادية أو من الناحية المعنوية، فعندما كنت في النجف الأشرف، كنت أذهب إلى مناطق الرّيف هناك، وأشاهد حالات البؤس، وأعيش مع الناس الذين كانوا يرعون البقر والغنم وما إلى ذلك، وكانوا من الفقراء، وكنت أذهب إلى المرجعيّة الدينية المتمثّلة آنذاك بآية الله السيّد محسن الحكيم لأحصل منه على المساعدات لهم.
كنت أتحرّك من أجل رعايتهم ثقافياً ومادياً، وهكذا عندما جئت إلى لبنان وأقمت في منطقة النبعة. وأذكر أنّ أخانا وصديقنا العلامة الكبير المجاهد السيّد موسى الصّدر، وكان زميلي في النّجف، استغرب مجيئي إلى النبعة، لأنّه كان يفكّر في أن أكون في موقع ثقافي متقدّم عن ذلك، ولكني كنت أحبّ المستضعفين.
عندما كنت آتي إلى لبنان في أيّام الصيف، كانت لديّ صداقات من جبل عامل في النبعة، وكنت أذهب إلى أصدقائي، حتى إنّني شاركت في بناء نادٍ حسينيّ ومسجد في منطقة النبعة.
لذلك، كانت هذه العلاقة المتحرّكة سبباً في مجيئي إلى النّبعة، حيث كنت أنفتح على ما أعيشه من حبّ للمستضعفين. وكنت في تلك الفترة أحاول رعايتهم دينياً وسياسياً وحتى مادياً، وكانت الحقوق الشرعيّة من خمس وزكاة تأتي إليّ، وكنت أوزّعها على الفقراء في تلك المنطقة.
وهكذا بقيت في النبعة إلى ما بعد سقوطها العام 1976، وقد تعرّضت لأكثر من خطر هناك، وكنت أنتقل من زاوية إلى زاوية في البيت الذي أسكنه، حتى إنّني كنت أكتب بعض مؤلّفاتي في ضوء الشّموع.
بعد سقوط النبعة وخروجي منها إلى الضّاحية، عشت فيها أثناء الحصار الإسرائيلي عام 1982، وكنّا نعيش في الملاجئ وفي ظلّ أوضاع صعبة، وخصوصاً في منطقة بئر العبد، ومع ذلك، كنت لا أترك المسجد، وكنت أصلّي مع الناس. وهكذا عشنا بعدها مشكلة الحرب التي حدثت بين المنطقتين الشرقيّة والغربيّة، حسب الاصطلاح آنذاك.
وعشت في ما بعد فترة الخطر أيّام حملة "تصفية الحساب"، وعناقيد الغضب، العام 1993 و1996، ومع ذلك، ظلّت علاقتي مع الناس كما هي، وبقي التّواصل معهم، ولم أخرج من بيروت في كلّ هذه المراحل.
في حرب تموز 2006، خرجت من البيت قبل يوم حذراً، بعد إلحاح من إخواني ومرافقيَّ، وإلا لما خرجت إلى مكان أكثر أمناً. وكنت خلال هذه الفترة أتنقّل من مكان إلى آخر...
*من حوار مع مجلّة "الأفكار"، بتاريخ : 11-9-2006.