تعلّم السيِّد القراءة والكتابة في الكتاتيب، ثمّ انتقل منها إلى مدرسةٍ حديثةٍ تابعة لجمعيّة منتدى النّشر في النجف الأشرف، حيث تسجّل في الصفّ الثالث ابتدائي في مدرسة نموذجيَّة، وتوقّف عن الدّراسة فيها في الصفّ الرّابع، ثمّ انخرط تماماً في الدّراسة الدّينيّة في إطار الحوزة العلميَّة، في ما بين سنّ التّاسعة والعاشرة.
بدأ دراسة المقدّمات والسّطوح على والده، وفي سنّ السّادسة عشرة تقريباً، بدأ بحضور دروس الخارج في الفقه والأصول على يد كبار أساتذة الحوزة آنذاك؛ أمثال: المرجع السيّد أبي القاسم الخوئي، المرجع السيّد محسن الحكيم، والسيّد محمود الشاهرودي، والشيخ حسين الحلّي، وحضر درس الأسفار عند الملاّ صدرا البادكوبي.
حاول السيِّد فضل الله استغلال كلّ وقته في التّحصيل العلميّ، ولذلك، لم يكتفِ بالدّروس التي كانت مقصد عموم الطلاّب آنذاك، بل حاول أن ينوّع حضوره العلميّ عبر:
ـ الحضور لدى بعض العلماء في الدّروس التي كانت تُعقد أيّام العطل، فحضر عند الشّيخ عبّاس الرميثي، وكان يتميَّز بذوقه الفقهيّ، وعند المحقّق البجنوردي؛ صاحب كتاب "القواعد الفقهيّة"، وعند آخرين، عندما كان يُسافر خارج النَّجف والعراق.
ـ عقد مباحثات منفردة في بعض الكتب الفقهيَّة والأصوليَّة التي لا تدرّس ضمن البرنامج الحوزويّ، أو الصّادرة حديثاً، ما مكّنه من الاطّلاع على كثيرٍ من المباحث بشكلٍ أوسع ممّا يقدّم في إطار الدرس الرسميّ أو العامّ. وعلى سبيل المثال، ذكر السيّد فضل الله مرّةً أمام بعض تلامذته، أنّه كان يُذاكر في أيّام الدراسة كتاب "أجود التقريرات"[1] مع قريبه السيّد محمد سعيد الحكيم.
ـ حضور المذاكرات العلميّة التي كانت تعقد في سهرات ليلة العطلة، والّتي كان يتمّ فيها طرح المسائل العلميَّة، ويدور النقاش العلميّ حولها بما يستفزّ الفكر في لحظات تُبرز التقدّم أو الضّعف العلميّ. ويذكر الكثيرون أنَّ السيّد فضل الله كان من البارزين فيها على مستوى استحضاره المطالب العلميّة والردّ على إشكالاتها؛ بل قيل عنه إنّه كان نجم المذاكرات العلميّة.
[1] وهو كتاب عالٍ في أصول الفقه، قرّر فيه مؤلّفه السيّد الخوئي(ره) أبحاث أستاذه المحقّق النائيني(ره).