الزهراء القدوة

الزهراء القدوة

الزهراء القدوة

هو مجموعة من المحاضرات والخطب ألقاها سماحة آية اللّه العظمى السيِّد محمَّد حسين فضل اللّه في مناسبات عديدة وعلى أكثر من منبر وتاريخ بعضها يعود إلى أكثر من ثلاثة عقود.
وميزة الكتاب أنَّ سماحة السيِّد يقدِّم الزهراء (ع) الأسوة والقدوة والـمُثُل، وهذا ما يعبّر عنه في قوله: «وتحدّثت عنها في أكثر من محاضرة ومقابلة وحوار وقصيدة، حديث العشق الروحي والمحبة الفكرية والتقديس القلبي، فلم أترك فضيلة أو منقبة أو موقفاً أو روحانية إلاَّ وتحدّثت عنها...»

تقديم

مقدمة

 الفصل الأول: الزهراء قدوة

الفصل الثاني: صفحات من حياة سيدة النساء

الفصل الثالث: خصالها وفضائلها

الفصل الرابع: خطبها ومواعظها

الخاتمة

 

تقديم
بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد.. فقد بدأتُ حياتي والسيدة الزهراء(ع) في عقلي وقلبي وحياتي، لأنها السيدة الطاهرة النقية التي كانت كل حياتها لله ولرسوله ولعلي وللإسلام كله، وللإنسان كله في سموّ الروح وشموخ العقل وطهارة الحس وقوّة المنطق وصلابة الموقف، كما عاشت عمق المأساة، فكانت دموعها دموع الرسالة على الإنسان الذي أبعدوه عن الخط المستقيم، مع كونه القيادة العظيمة المعصومة المجاهدة المنفتحة على العقل كله والروح كله والإنسان كله، من خلال انفتاحها على الله في كل رحاب قدسه وآفاق عظمته وحركة دينه، كانت اهتماماتها في حجم الرسالة لا في حجم الذات، وكانت صرختها في خط القضية لا في لوعة الألم.

لقد نظمتُ ـ قبل العشرين من عمري في النجف الأشرف ـ العراق ـ قصيدة في وفاة الزهراء(ع)، وبقيت هناك وتحدثت عنها في أكثر من محاضرة ومقابلة وحوار وقصيدة، حديث العشق الروحي والمحبة الفكرية والتقديس القلبي، فلم أترك فضيلة أو منقبة أو موقفاً أو روحانية إلا وتحدثت عنها.. وامتدّ ذلك إلى تحليل كلماتها، ومنها خطبتها، لأني كنت أجد أن علينا أن نتعرف على الزهراء الروح والقلب والفكر والموقف، لتكون لنا الرائد الذي لا يكذب أهله، والقدوة التي نتابعها ونتّبعها في حياتنا الإسلامية للرجال والنساء معاً.

وقد قام فضيلة العلاّمة الشيخ حسين الخشن ـ حفظه الله ـ بجمع وتنسيق هذه الكلمات وإعداد تلك الأحاديث بأسلوب شيّق وتدقيق وتحقيق وتوزيع للموضوعات بالمستوى الرفيع، بحيث أصبح هذا الكتاب "الزهراء(ع) القدوة" يمثل كل فكري في سيدة نساء العالمين، راجياً له من الله الأجر، وللكتاب المزيد من النفع للقراء الذين سوف يجدون في هذه الكلمات إنساناً يتجلى في فكره عظمة الزهراء وقداستها وعظمتها، بدلاً مما يثيره الذين لا تقوى لهم أمام الغوغاء بما هو العكس في ذلك، سائلاً الله لهم الهداية إلى الصراط المستقيم، والله ولي التوفيق، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

                                                                                       محمد حسين فضل الله

26 جمادى الأولى 1421هـ

المقـدمـة

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين.

[1]

الحديث عن العظماء مهمة جليلة وخطيرة في الوقت نفسه.

أمّا جلالتها، فلأنها تهدف إلى تقديم المثل الأعلى والقدوة الصالحة لإنساننا التائه الحيران، سعياً إلى إنقاذه من متاهات الحيرة والضياع، والأخذ بيده إلى شاطئ السلامة وبرّ الأمان.

وأمّا خطورتها، فلما قد يكتنف شخصية العظماء من غموض وضبابية فرضتها العوامل التاريخية، وأهمها أن صانعي التاريخ لا يروق لهم في كثير من الأحيان أن تبقى صورة العظماء نقيّة جليّة، فيعمدون إلى تشويهها وإثارة الغبار حولها، ما يحجب عن الأجيال الآتية وضوح الرؤية، وربما يساهم المحبّون في تشويه صورة عظيمهم عندما يندفعون إلى تضخيم شخصيته وإحاطتها بهالة من الخرافات والأساطير .

وبقدر ما يكون الحديث عن شخصية العظماء والأبطال أمراً نافعاً ومفيـداً إذا اتسـم المتحدث بالموضوعيـة وترك ميولـه وأهـواءه العصبية جانباً، بقدر ما يـكون ـ هـذا الحديث ـ ضاراً وخطراً إذا فقد المتحـدّث تلك الضوابط والأسس وخرج عليها.

[2]

وإن تاريخنا الإسلامي لم يكن بدعاً من تاريخ الأمم والشعوب، فقد لعبت الأهواء والعصبيات دورها الكبير في تدوينه وكتابته، وألقى الوضّاعون والقصّاصون ما في جعبتهم من خرافات وأساطير، فتلقّفها كاتبو التاريخ على أنّها الحق والحقيقة، فكانت المحصّلة ما عرف فيما بعد بـ "الموضوعات في الأخبار والآثار" و"الإسرائيليات" و"الأخبار الدخيلة".. وتزداد الصورة تعتيماً وتعقيداً إذا تعلّق الأمر بتاريخ أهل البيت(ع)، والسبب في ذلك أنهم رفضوا الاعتراف بشرعية السلطات المتصدية لخلافة رسول الله(ص)، وشكلوا مع أشياعهم وأتباعهم الخط المعارض لتلك السلطات، وتحملوا في هذا السبيل الظلم الكبير والقهر الطويل والأذى المتواصل.

وكان من أكبر الظلم الذي لحق بهم هو العمل على تشويه صورتهم الناصعة البيضاء، لقتلهم معنوياً بعد أن قتل أكثرهم أو كلهم جسدياً، وكثرت محاولات التعتيم الإعلامي لطمس دورهم الكبير في صيانة العقيدة الإسلامية وحراسة الشريعة المقدسة من بغي الجاحدين وشبهات الملحدين وشذوذ المغالين.

وكان نصيب سيدتنا فاطمة الزهراء(ع) من هذا التعتيم كبيراً، وحظها من ذاك التشويه وافراً .

[3]

لكن لأن الله يأبى إلاّ أن يتم نوره ولو كره الكافرون، ولأنّ على كل حق حقيقة وعلى كل صواب نوراً، كان لا بدّ لنور أهل البيت(ع)، وهو نور الإسلام، أن يشقّ الظلام مهما كان دامساً، ولا بدّ لحقهم أن يرسل أشعته إلى كل الآفاق مهما كانت نائية وبعيدة، ولم تستطع ولن تستطيع كل محاولات التشويه والتعتيم أن تحجب ذاك النور، أو تمنع الفجر من الظهور، وكما قالت عقيلة بني هاشم زينب الكبرى وهي تخاطب يزيد بن معاوية: "فكدْ كيدك واسع سعيك، وناصب جهدك، فوالله لا تدرك أمدنا ولا تبلغ غايتنا ولا تمحو ذكرنا". لماذا؟

لأن ذكر أهل البيت(ع) هو ذكر الإسلام وأمرهم أمر الإسلام، وقد وعد الله أن يظهره على الدين كلّه ولو كره المشركون. هذه هي سنّة الله ومشيئته، ولن تجد لسنة الله تحويلاً ولا لمشيئته تبديلاً.

[4]

ولأن الله أراد لسنته أن تتحرك بالأسباب الطبيعية وليس بقانون المعجزات وخوارق العادات، فقد قيّض لدينه رجالاً لا يزال يرعف بهم الزمان ويتقوى بهم الإيمان، رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن قول الحق والعمل به، تحمّلوا المشاقّ والأعباء في سبيل نشر الإسلام وبثّ تعاليمه في النفوس، بهدف إحيائها وإنقاذها من الجاهلية الجهلاء والضلالة العمياء، ووقفوا بكل صلابة وقوة لا تأخذهم في الله لومة لائم، بوجه كل من تسوّل له نفسه إطفاء نور الإسلام المتجسِّد بالقرآن الكريم وسنّة النبي وآله الطاهرين، فحاضروا وخطبوا ووعظوا في مختلف المحافل، وألّفوا الكتب والرسائل التي لا تحصى كثرةً، دفاعاً عن الحق وأهله، وذوداً عن الدين وحماته.

[5]

وهذا الكتاب الذي نقدمه إليك أيها القارئ الكريم، يحوي أفكار واحد من أولئك الرجال الذين أعدّهم الله لنصرة دينه، وادّخرهم للذود عنه.. عنيت به سماحة سيدنا الأستاذ العلاّمة الفقيه آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله، أطال الله في عمره الشريف.

وأهمية الكتاب أنه يقدم المثل الأعلى والقدوة الصالحة لإنسان عصرنا التائه الحيران، لا سيّما المرأة التي لا يزال يُفرض عليها أن تفكر وتتحرك كأنثى لا كإنسان، ويتعامل معها على أنها عنصر إغراء لا عنصر إبداع، والتي بدل أن تنطلق لتأخذ حريتها بنفسها وتشارك الرجل في صنع الحياة ، انتظرت أن يمنحها الرجل هذه الحرية، وإذا به يعطيها تحرراً من كل القيم والأخلاق، وبذلك بقيت تعيش على هامش الرجل، الذي حوّلها إلى سلعة تجارية واستغل جسدها للإعلان والدعاية.

وانسجاماً مع هذا الهدف ـ وهو تقديم النموذج والقدوة لإنسان العصر ـ فإن الكتاب لا يستغرق في التفاصيل التي تقلّ فائدتها، وإنما يركّز على الدروس العمليّة التي يعمّ نفعها، والعبر والمواعظ التي يجب تعلّمها من سيّدة نساء العالمين، ولهذا ترى إسهاباً في الحديث عن خصالها وأخلاقها ومواعظها وخطبها وجهادها وصبرها في كل المعاناة ومواجهتها لكل التحديات.

إنه يقدم الزهراء إنسانة رسالية ، لا تتحرك إلاّ في طريق الحق ولا يزعجها إلاّ الباطل، والإسلام أكبر همها ومبلغ علمها، بكاؤها للرسالة لا للذات، وفرحها فرح الرسالة لا فرح العبث واللهو، وغضبها غضب للحق لا للقرابة والنسب، وكل خطواتها تسير في خط الرسالة وعلى هدي الرسول (ص) ،وبهذا سادت نساء العالمين، وتفوّقت على نساء المؤمنين.

[6]

ونحبّ أن نلفت نظر القارئ الكريم، إلى أنّ الكتاب بالأساس مجموعة من المحاضرات والخطب ألقاها سماحة السيّد في مناسبات عديدة على أكثر من منبر، وتاريخ بعضها يعود إلى أكثر من ثلاثة عقود، وكان دورنا وجهدنا الذي بذلناه، هو تهذيب هذه المحاضرات والخطب وترتيبها وحذف المكرر منها، فكان هذا الكتاب، الذي إن كان لا يزال فيه شيء من الهفوات في سبكه وترتيبه، فإن مردّ ذلك إلى طبيعة عملنا فيه، وهو تحويل المحاضرات إلى كتاب، مع وجود فارق كبير بين أسلوب المحاضرة ولغتها، وأسلوب الكتاب ولغته.

ورجاؤنا من القارئ الكريم أن لا يبخل علينا بملاحظاته التي تغني الكتاب وتثريه وتصوّبه.

[7]

وحرصاً منّا على توثيق الكتاب، نذكر قائمة بالمصادر التي اعتمدنا عليها في إعداده وتنسيقه:

1_محاضرة ألقاها في جمعية أسرة التآخي بتاريخ 23 جمادى الثانية، 1386هـ، 9/1/1966.

2_محاضرة بتاريخ 16/12/1992.

3_محاضرة ألقيت في كلية الحقوق بتاريخ 6/12/1993 وكانت بعنوان "الزهراء قدوة الإنسان".

4_محاضرة ألقيت في المعهد الشرعي الإسلامي في بيروت، الحوزة النسائية، بتاريخ 10 جمادى الثانية، 1414هـ.

5_محاضرة ألقيت في كلية الطب في الجامعة اللبنانية بتاريخ 24/11/1994.

6_محاضرة بعنوان "دور المرأة المسلمة إزاء التحديات المعاصرة" ألقيت في بدنايل ـ البقاع، بتاريخ 9/10/1994، في ذكرى ولادة السيدة زينب(ع) يوم الممرضة العالمي.

7_محاضرة ألقيت في حسينية الزهراء(ع) بدمشق ـ الست زينب(ع) بمناسبة ولادة الزهراء(ع)، وهي بتاريخ 19/11/1995.

8_ محاضرة بتاريخ 7/10/1995.

9_ محاضرة بتاريخ 28/10/1995.

10_ محاضرة في دمشق بعنوان "كيف نعيش الزهراء(ع)"، ألقاها بتاريخ 26/10/1996.

11_ خطبة الجمعة في بيروت، بتاريخ 22 جمادى الأولى1417هـ،4/10/1996.

12_ محاضرة ألقيت في حوزة المرتضى(ع) بدمشق بتاريخ 11جمادى الأول1418هـ، الموافق31/9/1997، بعنوان: "نداء الزهراء كونوا للإسلام ".

13_ خطبة الجمعة في مسجد الإمامين الحسنين (ع) في بيروت بتاريخ 7 جمادى الأولى 1418هـ، الموافق19 أيلول1997م، بعنوان "الزهراء الصابرة على الأذى والمظلومية".

14_ مقابلة مع صحيفة "دار الإسلام" الصادرة في لندن في جمادى الأولى1418هـ،1997م، العدد الحادي عشر.

15_ خطبة الجمعة في بيروت بتاريخ 22 جمادى الثانية1418هـ، الموافق24 تشرين الأول1997، وهي بعنوان "الزهراء(ع) النموذج الأكمل للمرأة المسلمة".

16_محاضرة في حوزة المرتضى (ع) بدمشق بعنوان"فاطمة الزهراء الرمز الإسلامي المقدس لدى جميع المسلمين" بتاريخ17جمادى الأولى1419هـ،5/9/1998، وهذه المحاضرة مع المحاضرات الستة الآتية بعدها تدور حول شرح خطبة الزهراء(ع) .

17_ محاضرة في دمشق أيضاً وفي حوزة المرتضى(ع) بتاريخ21 جمادى الأولى1419هـ،12/9/1998، بعنوان "أسرار النبوة والبعثة والقرآن".

18_ محاضرة في المكان السابق بتاريخ28 جمادى الأولى1419هـ، 19/9/1998، بعنوان "أسرار التشريع الإسلامي ومراميه".

19_ محاضرة في المكان السابق بتاريخ 5 جمادى الآخرة 1419هـ، 26/9/1998.

20_ محاضرة في المكان السابق بعنوان الدفاع عن الحق والحقيقة بتاريخ12جمادى الآخرة1419هـ، 3/10/1998.

21_ محاضرة في المكان السابق بعنوان "منهجية قراءة التاريخ وفهمه". ألقيت بتاريخ 19جمادى الآخرة الموافق 10/10/1998.

22_ محاضرة في المكان نفسه بعنوان "الاحتجاج بالقرآن أولاً "بتاريخ26 جمادى الآخرة 1419هـ، 17/10/1998.

23_ محاضرة في المكان نفسه بعنوان "عصمة الزهراء" ألقيت في17جمادى الأولى، 1420هـ، 28/8/1999، وطبعت في قم بعنوان الحزن الرسالي .

وهناك عشرات المحاضرات الأخرى لم نستطع تحديد تاريخها، منها:

24_ محاضرة بعنوان "الزهراء العابدة المسؤولة الزوجة".

25ـ محاضرة بعنوان"كيف نعيش الزهراء (ع) ".

26ـ محاضرة بعنوان "حب الزهراء(ع)" .

27_ محاضرة بعنوان " الزهراء والدفاع عن الحق".

28_ محاضرة بعنوان: "الزهراء نموذج المرأة في الإسلام".

29_ محاضرة بعنوان: "القدوة لماذا".

30_ محاضرة بعنوان: "دور المرأة الرسالي في ذكرى السيّدة الزهراء".

31_ ومن المصادر التي اعتمدنا عليها أيضاً كتاب "في رحاب أهل البيت (ع)" الطبعة الثانية 1419هـ ـ 1998م ـ دار الملاك ـ بيروت.

32_ ومنها ردّ السيّد على الاستفتاءات الموجّهة إلى بعض مراجع قم المقدسة.

[8]

وأخيراً أسأل الله سبحانه وتعالى أن يكون هذا الكتاب موضع رضاه، وأن يزيل به بعض الشبهات والالتباسات التي علقت في بعض الأذهان حول موقف سماحة السيّد في ما يرتبط بشأن السيدة فاطمة وقدسيتها وعصمتها ومظلوميتها..

ونسأله تعالى أن ينفعنا به يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، وأن يجعل سيدتنا فاطمة شفيـعة لنـا يوم العرض الأكـبر، إنه سميـع مجيب.

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.

18 جمادى الأولى 1421هـ

حسين أحمد الخشن

المركز الإسلامي الثقافي

الزهراء القدوة

هو مجموعة من المحاضرات والخطب ألقاها سماحة آية اللّه العظمى السيِّد محمَّد حسين فضل اللّه في مناسبات عديدة وعلى أكثر من منبر وتاريخ بعضها يعود إلى أكثر من ثلاثة عقود.
وميزة الكتاب أنَّ سماحة السيِّد يقدِّم الزهراء (ع) الأسوة والقدوة والـمُثُل، وهذا ما يعبّر عنه في قوله: «وتحدّثت عنها في أكثر من محاضرة ومقابلة وحوار وقصيدة، حديث العشق الروحي والمحبة الفكرية والتقديس القلبي، فلم أترك فضيلة أو منقبة أو موقفاً أو روحانية إلاَّ وتحدّثت عنها...»

تقديم

مقدمة

 الفصل الأول: الزهراء قدوة

الفصل الثاني: صفحات من حياة سيدة النساء

الفصل الثالث: خصالها وفضائلها

الفصل الرابع: خطبها ومواعظها

الخاتمة

 

تقديم
بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد.. فقد بدأتُ حياتي والسيدة الزهراء(ع) في عقلي وقلبي وحياتي، لأنها السيدة الطاهرة النقية التي كانت كل حياتها لله ولرسوله ولعلي وللإسلام كله، وللإنسان كله في سموّ الروح وشموخ العقل وطهارة الحس وقوّة المنطق وصلابة الموقف، كما عاشت عمق المأساة، فكانت دموعها دموع الرسالة على الإنسان الذي أبعدوه عن الخط المستقيم، مع كونه القيادة العظيمة المعصومة المجاهدة المنفتحة على العقل كله والروح كله والإنسان كله، من خلال انفتاحها على الله في كل رحاب قدسه وآفاق عظمته وحركة دينه، كانت اهتماماتها في حجم الرسالة لا في حجم الذات، وكانت صرختها في خط القضية لا في لوعة الألم.

لقد نظمتُ ـ قبل العشرين من عمري في النجف الأشرف ـ العراق ـ قصيدة في وفاة الزهراء(ع)، وبقيت هناك وتحدثت عنها في أكثر من محاضرة ومقابلة وحوار وقصيدة، حديث العشق الروحي والمحبة الفكرية والتقديس القلبي، فلم أترك فضيلة أو منقبة أو موقفاً أو روحانية إلا وتحدثت عنها.. وامتدّ ذلك إلى تحليل كلماتها، ومنها خطبتها، لأني كنت أجد أن علينا أن نتعرف على الزهراء الروح والقلب والفكر والموقف، لتكون لنا الرائد الذي لا يكذب أهله، والقدوة التي نتابعها ونتّبعها في حياتنا الإسلامية للرجال والنساء معاً.

وقد قام فضيلة العلاّمة الشيخ حسين الخشن ـ حفظه الله ـ بجمع وتنسيق هذه الكلمات وإعداد تلك الأحاديث بأسلوب شيّق وتدقيق وتحقيق وتوزيع للموضوعات بالمستوى الرفيع، بحيث أصبح هذا الكتاب "الزهراء(ع) القدوة" يمثل كل فكري في سيدة نساء العالمين، راجياً له من الله الأجر، وللكتاب المزيد من النفع للقراء الذين سوف يجدون في هذه الكلمات إنساناً يتجلى في فكره عظمة الزهراء وقداستها وعظمتها، بدلاً مما يثيره الذين لا تقوى لهم أمام الغوغاء بما هو العكس في ذلك، سائلاً الله لهم الهداية إلى الصراط المستقيم، والله ولي التوفيق، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

                                                                                       محمد حسين فضل الله

26 جمادى الأولى 1421هـ

المقـدمـة

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين.

[1]

الحديث عن العظماء مهمة جليلة وخطيرة في الوقت نفسه.

أمّا جلالتها، فلأنها تهدف إلى تقديم المثل الأعلى والقدوة الصالحة لإنساننا التائه الحيران، سعياً إلى إنقاذه من متاهات الحيرة والضياع، والأخذ بيده إلى شاطئ السلامة وبرّ الأمان.

وأمّا خطورتها، فلما قد يكتنف شخصية العظماء من غموض وضبابية فرضتها العوامل التاريخية، وأهمها أن صانعي التاريخ لا يروق لهم في كثير من الأحيان أن تبقى صورة العظماء نقيّة جليّة، فيعمدون إلى تشويهها وإثارة الغبار حولها، ما يحجب عن الأجيال الآتية وضوح الرؤية، وربما يساهم المحبّون في تشويه صورة عظيمهم عندما يندفعون إلى تضخيم شخصيته وإحاطتها بهالة من الخرافات والأساطير .

وبقدر ما يكون الحديث عن شخصية العظماء والأبطال أمراً نافعاً ومفيـداً إذا اتسـم المتحدث بالموضوعيـة وترك ميولـه وأهـواءه العصبية جانباً، بقدر ما يـكون ـ هـذا الحديث ـ ضاراً وخطراً إذا فقد المتحـدّث تلك الضوابط والأسس وخرج عليها.

[2]

وإن تاريخنا الإسلامي لم يكن بدعاً من تاريخ الأمم والشعوب، فقد لعبت الأهواء والعصبيات دورها الكبير في تدوينه وكتابته، وألقى الوضّاعون والقصّاصون ما في جعبتهم من خرافات وأساطير، فتلقّفها كاتبو التاريخ على أنّها الحق والحقيقة، فكانت المحصّلة ما عرف فيما بعد بـ "الموضوعات في الأخبار والآثار" و"الإسرائيليات" و"الأخبار الدخيلة".. وتزداد الصورة تعتيماً وتعقيداً إذا تعلّق الأمر بتاريخ أهل البيت(ع)، والسبب في ذلك أنهم رفضوا الاعتراف بشرعية السلطات المتصدية لخلافة رسول الله(ص)، وشكلوا مع أشياعهم وأتباعهم الخط المعارض لتلك السلطات، وتحملوا في هذا السبيل الظلم الكبير والقهر الطويل والأذى المتواصل.

وكان من أكبر الظلم الذي لحق بهم هو العمل على تشويه صورتهم الناصعة البيضاء، لقتلهم معنوياً بعد أن قتل أكثرهم أو كلهم جسدياً، وكثرت محاولات التعتيم الإعلامي لطمس دورهم الكبير في صيانة العقيدة الإسلامية وحراسة الشريعة المقدسة من بغي الجاحدين وشبهات الملحدين وشذوذ المغالين.

وكان نصيب سيدتنا فاطمة الزهراء(ع) من هذا التعتيم كبيراً، وحظها من ذاك التشويه وافراً .

[3]

لكن لأن الله يأبى إلاّ أن يتم نوره ولو كره الكافرون، ولأنّ على كل حق حقيقة وعلى كل صواب نوراً، كان لا بدّ لنور أهل البيت(ع)، وهو نور الإسلام، أن يشقّ الظلام مهما كان دامساً، ولا بدّ لحقهم أن يرسل أشعته إلى كل الآفاق مهما كانت نائية وبعيدة، ولم تستطع ولن تستطيع كل محاولات التشويه والتعتيم أن تحجب ذاك النور، أو تمنع الفجر من الظهور، وكما قالت عقيلة بني هاشم زينب الكبرى وهي تخاطب يزيد بن معاوية: "فكدْ كيدك واسع سعيك، وناصب جهدك، فوالله لا تدرك أمدنا ولا تبلغ غايتنا ولا تمحو ذكرنا". لماذا؟

لأن ذكر أهل البيت(ع) هو ذكر الإسلام وأمرهم أمر الإسلام، وقد وعد الله أن يظهره على الدين كلّه ولو كره المشركون. هذه هي سنّة الله ومشيئته، ولن تجد لسنة الله تحويلاً ولا لمشيئته تبديلاً.

[4]

ولأن الله أراد لسنته أن تتحرك بالأسباب الطبيعية وليس بقانون المعجزات وخوارق العادات، فقد قيّض لدينه رجالاً لا يزال يرعف بهم الزمان ويتقوى بهم الإيمان، رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن قول الحق والعمل به، تحمّلوا المشاقّ والأعباء في سبيل نشر الإسلام وبثّ تعاليمه في النفوس، بهدف إحيائها وإنقاذها من الجاهلية الجهلاء والضلالة العمياء، ووقفوا بكل صلابة وقوة لا تأخذهم في الله لومة لائم، بوجه كل من تسوّل له نفسه إطفاء نور الإسلام المتجسِّد بالقرآن الكريم وسنّة النبي وآله الطاهرين، فحاضروا وخطبوا ووعظوا في مختلف المحافل، وألّفوا الكتب والرسائل التي لا تحصى كثرةً، دفاعاً عن الحق وأهله، وذوداً عن الدين وحماته.

[5]

وهذا الكتاب الذي نقدمه إليك أيها القارئ الكريم، يحوي أفكار واحد من أولئك الرجال الذين أعدّهم الله لنصرة دينه، وادّخرهم للذود عنه.. عنيت به سماحة سيدنا الأستاذ العلاّمة الفقيه آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله، أطال الله في عمره الشريف.

وأهمية الكتاب أنه يقدم المثل الأعلى والقدوة الصالحة لإنسان عصرنا التائه الحيران، لا سيّما المرأة التي لا يزال يُفرض عليها أن تفكر وتتحرك كأنثى لا كإنسان، ويتعامل معها على أنها عنصر إغراء لا عنصر إبداع، والتي بدل أن تنطلق لتأخذ حريتها بنفسها وتشارك الرجل في صنع الحياة ، انتظرت أن يمنحها الرجل هذه الحرية، وإذا به يعطيها تحرراً من كل القيم والأخلاق، وبذلك بقيت تعيش على هامش الرجل، الذي حوّلها إلى سلعة تجارية واستغل جسدها للإعلان والدعاية.

وانسجاماً مع هذا الهدف ـ وهو تقديم النموذج والقدوة لإنسان العصر ـ فإن الكتاب لا يستغرق في التفاصيل التي تقلّ فائدتها، وإنما يركّز على الدروس العمليّة التي يعمّ نفعها، والعبر والمواعظ التي يجب تعلّمها من سيّدة نساء العالمين، ولهذا ترى إسهاباً في الحديث عن خصالها وأخلاقها ومواعظها وخطبها وجهادها وصبرها في كل المعاناة ومواجهتها لكل التحديات.

إنه يقدم الزهراء إنسانة رسالية ، لا تتحرك إلاّ في طريق الحق ولا يزعجها إلاّ الباطل، والإسلام أكبر همها ومبلغ علمها، بكاؤها للرسالة لا للذات، وفرحها فرح الرسالة لا فرح العبث واللهو، وغضبها غضب للحق لا للقرابة والنسب، وكل خطواتها تسير في خط الرسالة وعلى هدي الرسول (ص) ،وبهذا سادت نساء العالمين، وتفوّقت على نساء المؤمنين.

[6]

ونحبّ أن نلفت نظر القارئ الكريم، إلى أنّ الكتاب بالأساس مجموعة من المحاضرات والخطب ألقاها سماحة السيّد في مناسبات عديدة على أكثر من منبر، وتاريخ بعضها يعود إلى أكثر من ثلاثة عقود، وكان دورنا وجهدنا الذي بذلناه، هو تهذيب هذه المحاضرات والخطب وترتيبها وحذف المكرر منها، فكان هذا الكتاب، الذي إن كان لا يزال فيه شيء من الهفوات في سبكه وترتيبه، فإن مردّ ذلك إلى طبيعة عملنا فيه، وهو تحويل المحاضرات إلى كتاب، مع وجود فارق كبير بين أسلوب المحاضرة ولغتها، وأسلوب الكتاب ولغته.

ورجاؤنا من القارئ الكريم أن لا يبخل علينا بملاحظاته التي تغني الكتاب وتثريه وتصوّبه.

[7]

وحرصاً منّا على توثيق الكتاب، نذكر قائمة بالمصادر التي اعتمدنا عليها في إعداده وتنسيقه:

1_محاضرة ألقاها في جمعية أسرة التآخي بتاريخ 23 جمادى الثانية، 1386هـ، 9/1/1966.

2_محاضرة بتاريخ 16/12/1992.

3_محاضرة ألقيت في كلية الحقوق بتاريخ 6/12/1993 وكانت بعنوان "الزهراء قدوة الإنسان".

4_محاضرة ألقيت في المعهد الشرعي الإسلامي في بيروت، الحوزة النسائية، بتاريخ 10 جمادى الثانية، 1414هـ.

5_محاضرة ألقيت في كلية الطب في الجامعة اللبنانية بتاريخ 24/11/1994.

6_محاضرة بعنوان "دور المرأة المسلمة إزاء التحديات المعاصرة" ألقيت في بدنايل ـ البقاع، بتاريخ 9/10/1994، في ذكرى ولادة السيدة زينب(ع) يوم الممرضة العالمي.

7_محاضرة ألقيت في حسينية الزهراء(ع) بدمشق ـ الست زينب(ع) بمناسبة ولادة الزهراء(ع)، وهي بتاريخ 19/11/1995.

8_ محاضرة بتاريخ 7/10/1995.

9_ محاضرة بتاريخ 28/10/1995.

10_ محاضرة في دمشق بعنوان "كيف نعيش الزهراء(ع)"، ألقاها بتاريخ 26/10/1996.

11_ خطبة الجمعة في بيروت، بتاريخ 22 جمادى الأولى1417هـ،4/10/1996.

12_ محاضرة ألقيت في حوزة المرتضى(ع) بدمشق بتاريخ 11جمادى الأول1418هـ، الموافق31/9/1997، بعنوان: "نداء الزهراء كونوا للإسلام ".

13_ خطبة الجمعة في مسجد الإمامين الحسنين (ع) في بيروت بتاريخ 7 جمادى الأولى 1418هـ، الموافق19 أيلول1997م، بعنوان "الزهراء الصابرة على الأذى والمظلومية".

14_ مقابلة مع صحيفة "دار الإسلام" الصادرة في لندن في جمادى الأولى1418هـ،1997م، العدد الحادي عشر.

15_ خطبة الجمعة في بيروت بتاريخ 22 جمادى الثانية1418هـ، الموافق24 تشرين الأول1997، وهي بعنوان "الزهراء(ع) النموذج الأكمل للمرأة المسلمة".

16_محاضرة في حوزة المرتضى (ع) بدمشق بعنوان"فاطمة الزهراء الرمز الإسلامي المقدس لدى جميع المسلمين" بتاريخ17جمادى الأولى1419هـ،5/9/1998، وهذه المحاضرة مع المحاضرات الستة الآتية بعدها تدور حول شرح خطبة الزهراء(ع) .

17_ محاضرة في دمشق أيضاً وفي حوزة المرتضى(ع) بتاريخ21 جمادى الأولى1419هـ،12/9/1998، بعنوان "أسرار النبوة والبعثة والقرآن".

18_ محاضرة في المكان السابق بتاريخ28 جمادى الأولى1419هـ، 19/9/1998، بعنوان "أسرار التشريع الإسلامي ومراميه".

19_ محاضرة في المكان السابق بتاريخ 5 جمادى الآخرة 1419هـ، 26/9/1998.

20_ محاضرة في المكان السابق بعنوان الدفاع عن الحق والحقيقة بتاريخ12جمادى الآخرة1419هـ، 3/10/1998.

21_ محاضرة في المكان السابق بعنوان "منهجية قراءة التاريخ وفهمه". ألقيت بتاريخ 19جمادى الآخرة الموافق 10/10/1998.

22_ محاضرة في المكان نفسه بعنوان "الاحتجاج بالقرآن أولاً "بتاريخ26 جمادى الآخرة 1419هـ، 17/10/1998.

23_ محاضرة في المكان نفسه بعنوان "عصمة الزهراء" ألقيت في17جمادى الأولى، 1420هـ، 28/8/1999، وطبعت في قم بعنوان الحزن الرسالي .

وهناك عشرات المحاضرات الأخرى لم نستطع تحديد تاريخها، منها:

24_ محاضرة بعنوان "الزهراء العابدة المسؤولة الزوجة".

25ـ محاضرة بعنوان"كيف نعيش الزهراء (ع) ".

26ـ محاضرة بعنوان "حب الزهراء(ع)" .

27_ محاضرة بعنوان " الزهراء والدفاع عن الحق".

28_ محاضرة بعنوان: "الزهراء نموذج المرأة في الإسلام".

29_ محاضرة بعنوان: "القدوة لماذا".

30_ محاضرة بعنوان: "دور المرأة الرسالي في ذكرى السيّدة الزهراء".

31_ ومن المصادر التي اعتمدنا عليها أيضاً كتاب "في رحاب أهل البيت (ع)" الطبعة الثانية 1419هـ ـ 1998م ـ دار الملاك ـ بيروت.

32_ ومنها ردّ السيّد على الاستفتاءات الموجّهة إلى بعض مراجع قم المقدسة.

[8]

وأخيراً أسأل الله سبحانه وتعالى أن يكون هذا الكتاب موضع رضاه، وأن يزيل به بعض الشبهات والالتباسات التي علقت في بعض الأذهان حول موقف سماحة السيّد في ما يرتبط بشأن السيدة فاطمة وقدسيتها وعصمتها ومظلوميتها..

ونسأله تعالى أن ينفعنا به يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، وأن يجعل سيدتنا فاطمة شفيـعة لنـا يوم العرض الأكـبر، إنه سميـع مجيب.

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.

18 جمادى الأولى 1421هـ

حسين أحمد الخشن

المركز الإسلامي الثقافي

اقرأ المزيد
نسخ النص نُسِخ!
تفسير