الثّورة الإسلاميّة أمانة الله في أعناق كلّ المسلمين

الثّورة الإسلاميّة أمانة الله في أعناق كلّ المسلمين

سماحة السيّد محمد حسين فضل الله:

الثّورة الإسلاميّة أمانة الله في أعناق كلّ المسلمين

السيد محمد حسين فضل الله، واحد من أبرز الشخصيات الإسلامية المتميزة بتاريخها الجهادي الطويل وعطاءاتها المستمرة، فمؤلفاته الكثيرة مثل: (قضايانا على ضوء الإسلام)، و(أسلوب الدعوة في القرآن)، و(خطوات على طريق الإسلام)، وغيرها الكثير، سدّت فراغاً كبيراً في المكتبة الإسلامية، وقد استطاع سماحته أن يثبّت ركائز مهمة للوجود الإسلامي الواعي في ساحة تتحكّم فيها تيارات فكرية وسياسية معادية للإسلام.

هذا الدور البارز للعلامة فضل الله جعله عرضةً لمحاولات اغتيال متكررة من قبل أعداء الإسلام، إلا أن ذلك لم يمنع سماحته من مواصلة جهاده على طريق الإسلام.

وخلال أسبوع الوحدة الذي دعت إليه الجمهورية الإسلامية في إيران، كان لصوت الوحدة الحوار التالي مع سماحته:

"صوت الوحدة": في مستهلّ اللّقاء، نودّ أن تعطونا فكرة عن طبيعة زيارتكم للجمهورية الإسلامية في إيران.

فضل الله: كانت زيارتي للجمهورية الإسلامية الإيرانية بدعوة كريمة من وزارة الإرشاد لحضور أسبوع الوحدة الإسلامية في إيران، والاشتراك في الحفلات التي تُقام بهذه المناسبة بإلقاء محاضرة فيها. والواقع أنّني أشعر بأنّ زيارة الإنسان المسلم إلى إيران الإسلام، تمثل لقاءه بالتجربة الإسلاميّة الجديدة الفريدة بكلّ ما تحمله من إيجابيات وسلبيات. وبذلك يستطيع أن يتابع خطوات الفكر العملي، وهو يتجسّد في الساحة حركةً وأسلوباً، ويواجه التحدّيات الكافرة في أساليبها المتنوّعة، ليتعلم من خلال ذلك كيف يمكنه القيام بدوره الإسلامي في دعم هذه الانطلاقة الإسلاميّة، وكيف يمكنه التحرّك من أجل الفسح في المجال لتجربة أخرى في بلد آخر، من موقع خطوات الجهاد الإسلامي الذي استطاع أن يقف على قدميه في هذه الظروف الصّعبة، بالرغم من العقبات التي توضع في طريقه.

وقد قدمتُ إلى إيران بهذه الروح الإسلامية العملية لأحصل على ذلك كلّه، ولألتقي بهذا الشّعب المسلم العظيم، فأشاهده كيف يعيش مفاهيمه، وكيف يحركها في حياته فيما يطلقه من شعارات، وفيما يواجهه من صعوبات وتحدّيات، وفيما يلتقي به ويقوم به من ردود الفعل، وكيف يرتبط بقيادته في هذه العاطفة النابضة بالإخلاص المتحرّك بالعقيدة، وكيف تتفاعل معه قيادته في حركته وحاجاته وآلامه وآماله... وكيف يواجه الحرب القذرة الظالمة التي شنّها الاستعمار وعملاؤه ضد ثورته، في الاقتصاد والسياسة وغيرهما، وفي السّلاح الذي يريد من خلاله أن يزلزل به مواقفه ويقوده إلى التراجع..

وقد استطعت أن أجد في كل ما شاهدته، كيف يمكن للإسلام أن يحرّك الأمّة ويقود خطواتها نحو التقدم والنصر، وكيف يتحرك التاريخ من جديد ليصنع لنا الملاحم الإسلامية في خطوات الشهادة التي عاشها الإنسان المسلم، حياة توحي بالتبريك والفرح، بدلاً من أن ينفعل بها مأساة توحي بالتعزية والبكاء، فنجد الزغاريد المنطلقات من قلوب أمهات الشهداء خارجة من أعماق الإيمان، لا منطلقة في حركة تمثيلية من الشفاه كما يصنع بعض الناس في خارج إيران.. إنه تاريخنا الذي يمارس فيه الإنسان المسلم صنع الإسلام في الحياة، ليتحوّل الإسلام إلى حركة تصنع الفكر والحياة، بعد أن عاش في وعينا فكراً يصنع الأحلام.

ولستُ هنا لأتحدث عن الإيجابيات في أسلوب يتناسى السلبيّات، ولكني أؤمن بأن حاجتنا إلى إثارة الإيجابيات تنطلق من نقطتين:

الأولى: أن نعيش من خلالها الثقة بنجاح التجربة في نطاق المرحلة، وبإمكانية استمرار هذا النجاح في المراحل الأخرى، على أساس الروح الإيجابية التي استطاعت أن تصنع حركة الإيجابيات فيما واجهناه من مشاريع وأهداف.

الثانية:أن نتخفّف من الذهنيّة السلبيّة التي لا تعرف كيف تواجه الحياة بالتفاؤل، بل تعمل على أن تجعل التّشاؤم هو طابع النّظرة إلى الحياة.. فقد نجد الكثيرين من الناس الذين نعايشهم ممّن يفكّرون إسلامياً ويعملون إسلامياً.. ينطلقون في حياتهم من موقع السلبيّات التي ينسى معها الإنسان حركة الإيجابيات في حياته، ولهذا لا يبصرون النّور إلا من خلال هالة الظلام التي تحيط به، ولا يحركون البسمة في شفاههم إلا من خلال الدّموع التي تترقرق في عيونهم.

وقد استطاعت هذه الرّوح السلبيّة أن تهزم مواقفهم، وأن تقودهم إلى الاستغراق في التأملات المثالية التجريدية الغارقة في الضباب.

إننا نشعر بالحاجة إلى الخروج من هذه الأجواء القاتمة.. وسنجد ـ بعد ذلك ـ أن إثارة السلبيات لا تحتاج إلى جهد، لأنها من طبيعة الحاجة إلى النقد في داخل الإنسان... ولكنها سوف تتحرك فينا لتحركنا نحو العمل الجادّ، لتحويلها إلى إيجابيات في طريقنا نحو عمليّة صنع القوّة التي تعمل على تحويل نقاط الضّعف إلى نقاط قوّة.

إنّ الثورة تواجه الكثير من السلبيّات فيما تواجهه من أخطاء، ولكنّها طبيعة المرحلة الصّعبة التي تجتاجها أمام التحدّيات الاستعمارية في الداخل والخارج، ما يجعل الأخطاء طبيعيّة في نطاق الضغوط الكبيرة التي تضيق كثيراً في ساحات العمل، وتضيع الكثير من فرص النجاح.

لقد بدأت الثورة تتحول إلى دولة، ولكنّها الدولة التي لا تموت فيها الثورة، بل تعمل على أن تخلق الثّورة في داخل النظام، ليكون النظام ثورة في حدود الفكر والعقيدة.

إنّ التجربة غنيّة جدّاً، وأعتقد أنّ على المخلصين أن يضيفوا إليها الكثير من الغنى في الفكر والعمل، لأنها أمانة الله في أعناق كلّ المسلمين.

"صوت الوحدة": ما هو تقييم سماحتكم للوضع السياسي العام في المنطقة على ضوء الأحداث الملتهبة التي تشهدها، وأبرزها الحرب العراقية المفروضة على إيران، وتكالب جميع القوى الكافرة ضدّ الجمهورية الإسلامية في إيران؟

فضل الله: أحسب أن الوضع السياسي العام في المنطقة يمرّ بمرحلة خطيرة جداً، لأن الفكرة التي برزت في الساحة السياسية في هذه المرحلة، هي أن أمريكا حاولت أن تدفع الصراع بينها وبين الاتحاد السوفياتي في خطوة جديدة متقدّمة حاسمة، وذلك بتحويلها كلّ القضايا السياسية والاقتصادية والعسكرية في المنطقة إلى داخل هذا الإطار.. وبذلك دخلت قضايا المنطقة وقضايا العالم الأخرى في طريقة جديدة.. وبذلك أصبحت أساليب الضغط وطبيعة التحرك ونوعية الحلول السياسية والعسكرية لمشاكلها، تتبع موقع هذه المشاكل من قضايا الصّراع بين المعسكرين الكبيرين.. وهكذا.

وإنّ الحروب الصغيرة تتحرك في مناطق العالم الثالث وما يلحق به، من أجل تصفية حساب بينهما هنا، وممارسة ضغط متبادل هنا وهناك، وذلك من أجل الوصول إلى يالطا جديدة، يتقاسم فيها المعسكران خريطة العالم على أساس مصالحهما السياسية والاقتصادية الجديدة.

إن أمريكا ريغان دخلت إلى المنطقة من أجل أن تضمن مصالحها الاقتصادية والسياسية والعسكرية بأسلوب التدخل العسكري المغلّف بغلاف إنقاذ شعوب المنطقة من الخطر السوفياتي، وذلك من خلال قوات التدخل السريع التي تعمل على إيجاد قواعد عسكرية لها في مصر وإسرائيل وعمان، وغيرها من البلدان التي تسير في المخطط المرسوم لها، وبذلك استطاعت أن تمزّق كلّ الروابط السياسية بين دول المنطقة، لتستطيع أن تمارس اللعبة من دون ضغوط محليّة ضدّها من قِبَل عملائها في الأنظمة السياسيّة السّائرة في الخط الأمريكي.

وقد كانت الحرب العراقيّة الإيرانيّة هي إحدى الوسائل التي تحاول من خلالها إضعاف الثورة الإسلامية في إيران، وتجميد خطواتها المتحركة في العالم، لتحويل المشاعر الإسلاميّة التي انطلقت من خلال الثّورة إلى خطوات عمليّة من أجل صنع الثّورة في كلّ مكان.. وتحويل طاقات الثورة في الداخل والخارج إلى طاقات تتفجّر لحلّ المشاكل الاقتصادية والعسكرية التي تثيرها الحرب، بدلاً من أن تتفجّر من أجل تعميق النظام الإسلامي في حركة الثورة في حياة الناس.

وهكذا أرادت أمريكا أن تحارب إيران الثّورة بأيدي عملائها في الخليج الفارسي، وفي العراق وفي الأردن، وفي مصر والمغرب وغيرها، وقد رأت في مشكلة الحدود بين العراق وإيران، وفي طموحات صدّام المراهنة التي يريد من خلالها زعامة العالم العربي، الفرصة الذهبية، فأوحت له أن يشنّ الحرب على إيران، في الوقت الّذي كانت الثورة مشغولة بمواجهة العملاء في الداخل، وببناء الجيش من جديد، وبكثير من مشاكل مواجهتها مع الاستعمار الأمريكي والاستكبار العالمي.

وقد كانت الصورة في مخيلته أنها ستكون حرباً خاطفة، كحرب إسرائيل للعرب سنة (1967) ميلاديّة، ثم يكون فرض الشّروط على إيران وهزيمتها المحقّقة التي يسقط النظام من خلالها، ولكنّ الاستعمار وعملاءه لم يعرفوا أنَّ حساباتهم مع الشعوب لا تنطبق على الحسابات الحقيقيّة للروح الإسلاميّة التي عاشها الشعب الإيراني المسلم الذي آمن بالثورة رسالة يخلص لها، لا مجرّد انقلاب عسكري يقوده ضباط متحمّسون.

وهكذا استطاعت الحرب العراقيّة ـ الإيرانيّة، بالرّغم من خسائرها الماديّة والبشريّة، أن تشدّ الشعب الإيراني المسلم إلى الثّورة، ليشعر بمسؤوليّته عن حمايتها، وتحوّلت الشهادة عنده إلى خطّ عمليّ طويل، يغري بالاستمرار ويوحي بالنصر، وغرق النظام العراقي في وحول هذه الحرب التي صنعها، ولم يستطع النجاة منها ـ حتى الآن ـ بالرغم من نداءات الاستغاثة التي يطلقها "من موقع الاقتدار والقوّة"، وما زال حكّام الخليج الفارسي بوحي من الاستعمار يمدّونه بالمال والسلاح، لأنهم يريدون للحرب أن تستمرّ، لإضعاف النظام العراقي الذي يخافون من قوّته المستقبليّة، كما يريدون إضعاف الثّورة الإسلاميّة التي يخافون من إسلامها الحقيقيّ الذي يكشف الشعارات الإسلامية المزيفة التي يحاولون من خلالها خداع الشعوب الإسلامية باسم الإسلام.

إن الحرب العراقية ضدّ إيران ليست حرب حدود، لأن قضايا الحدود لا تحلّ بالحرب وإنما تحلّ بالمفاوضات، بل هي حرب الاستعمار دفاعاً عن وجوده، لأنّه شعر بأن الثورة الإسلاميّة هي الثورة الحقيقيّة التي انطلقت من مواقع حاجة الأمّة إلى الحرية والاستقلال، والبُعد عن التحالفات الاستعمارية التي تنقل واقع الأمّة ومستقبلها سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، إنها حرب الكفر والاستعمار ضدّ الإسلام والحرية، فلا بدّ للمسلمين من أن يواجهوها من هذا الموقع، ويتحمّلوا مسؤوليّتهم تجاهها على هذا الأساس، بعيداً من كلّ الشّعارات الإقليمية والطائفية.

لقد رأينا بعض الأنظمة العربيّة التي رفعت شعارات الإسلام وطبّقت بعض أحكامه، ورأينا أنّ الاستعمار يتحالف معها ويتعامل من موقع الصّداقة والحماية والرعاية، من دون أية مشاعر مضادّة أو خطوات عدائية، لأنّه رأى أن القضيّة لدى هذه الأنظمة ليست قضية الإسلام، بل هي قضية حكم العائلة الواحدة التي تريد أن تغطي طموحاتها الذاتية بالإسلام، ولذا فإنها ترفض كلّ حركة إسلامية تواجه الاستعمار في الصميم، وتدعو إلى تطبيق الإسلام بكل أحكامه ومفاهيمه لأنها تشعر بخطورة ذلك عليها باعتبار أنه يمثل رفضاً لكل امتيازاتها وشهواتها وأطماعها.

إنّ على المسلمين في مواجهتهم لقضية الإسلام على مستوى العقيدة والشريعة، وعلى مستوى قضايا المسلمين، أن يتعاملوا مع حقائق الأشياء ولا يتعاملوا مع ظواهرها، لأن الظواهر قد تكون غطاءً للكفر وللظلم، أمّا الحقائق، فهي تمثّل إشراقة الله في قلب الحياة والإنسان.

"صوت الوحدة": باعتبار سماحتكم أحد أبرز الشّخصيّات الإسلاميّة العاملة في لبنان، ما هو تقييمكم للوضع الرّاهن في لبنان، ولا سيما بعد التطورات الأخيرة؟

فضل الله: إنّ الوضع في لبنان يمثّل لوناً من ألوان اللعبة الاستعمارية الأمريكية، من أجل تصفية الثورة الفلسطينية لصالح قاعدة الاستعمار المتقدمة في المنطقة، وهي إسرائيل، وقد استطاعت هذه اللعبة أن تستفيد من الوضع المعقّد الذي تعيشه الساحة اللبنانية، من ناحية التوزيع الطائفي الذي يمثل القنبلة الموقوتة القابلة للانفجار في كلّ وقت، ومن ناحية الأجواء السياسيّة التي ترتبط بأكثر من جهة سياسيّة في المجال العربي والدّوليّ، ما يجعلها تخضع لظروف الصراعات السياسية العربية والدولية، ومن ناحية الوجود الفلسطيني غير المنظّم الذي يثير كثيراً من الحساسيّات المحليّة السياسيّة والطائفيّة، ومن ناحية الحرمان الطائفي لبعض الطوائف من ناحية الحقوق والخدمات، الّذي يمكن أن يثير هذه الطائفية أو تلك في عملية حماسية مثيرة، هذا إضافةً إلى ضعف الدّولة الّذي ربما يكون نتيجة لذلك كلّه، أو يكون ذلك نتيجة له.

وقد تتداخل المصالح في حركة هذه اللعبة الاستعمارية، فيحاول كل فريق أن يجد في الفتنة تحقيقاً لبعض أهدافه المرحلية، ويعمل على إثارة قاعدته الشعبية في هذا الاتجاه، وربما يعتقد هذا الفريق أو ذاك أنّه يعمل لصالح القضيّة، ولكن الواقع أنّ الاستعمار يستفيد من ذلك لمصالحه ولمخطّطاته الخاصّة، الأمر الّذي يوحي إلينا بأنّ على الحركات السياسية الواعية أن لا تكتفي بالبعد عن عمالتها للاستعمار، بل أن تعمل على أن تكون مخطّطاتها بعيدة عن مخطّطاته، ولو بشكل غير مباشر.

إنّ الوضع الراهن في لبنان لا يزال ضمن الدّائرة الاستعمارية الأمريكية، من أجل الضّغط على المقاومة الفلسطينيّة وسوريا من جهة، ومن أجل خدمة المصالح الاستراتيجيّة الأمريكيّة في المنطقة من جهة أخرى.

وإنّنا نعتقد أنّ على الشعوب أن لا تستسلم للُّعبة الاستعماريّة، بل يجب عليها أن تعمل على تخريب معادلات اللّعبة ما أمكنها ذلك، إذا لم يمكنها أن تنتصر على القوّة الاستعمارية بشكل مطلق في بعض المراحل، وأن على الشعب اللبناني، ولا سيما شعبنا في جبل عامل، أن يعرف أنّ إسرائيل ـ والصهيونية العالمية ـ  هي العدوّ الاستراتيجي الحضاري للبنان وللعرب وللمسلمين في العالم، ولا بدّ من أن يكون تعاملهم مع القوى العادلة ضدّ إسرائيل من هذا الموقع، لأن إسرائيل قد توحي إلينا بالسِّلم في بعض الحالات، من أجل أن تثيرنا ضدّ القوى الأخرى العاملة ضدّ إسرائيل على أساس أنها أساس المشكلة، ولكنّ أطماعها في نهاية المطاف تتحرك لتمزيق ساحة المواجهة، من أجل أن تحقّق أهدافها فيما طرحته من شعارها المتحرك في سياسة المراحل: (أرضك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل)، أو تفريغ الأرض ليتحقّق شعار: (أرض بلا شعب لشعبٍ بلا أرض).

إنّ على العاملين في السّاحة ضدّ إسرائيل، أن يفهموا الساحة جيداً في ظروفها السياسيّة والعسكرية ومتغيراتها، ليعرفوا كيف يواجهون المرحلة من قاعدة الجبهة الواحدة القوميّة التي تجمّد خلافاتها الصّغيرة من أجل القضيّة الكبيرة..

وفي نهاية المطاف، إنّ لبنان ـ وجنوب لبنان بالذّات ـ ورقة رابحة يلعب بها كل اللاعبين، في الداخل والخارج، على مستوى المنطقة والعالم، ولا يملك أحد الاستعداد لطرح تلك الورقة من يده، ولهذا فإنّ المشكلة مستمرّة بكلّ خيوطها وألوانها وجماهيرها.

"صوت الوحدة": قضيتُم فترة طويلة من عمركم الجهادي في العراق، فما هو رأيكم في مستقبل الثورة الإسلامية المشتعلة في العراق، التي تخوض حالياً صراعاً مريراً مع النظام الحاكم هناك؟

فضل الله: في عقيدتي، أنّ مستقبل الثّورة الإسلامية في العراق يخضع لعوامل ثلاثة:

الأوّل: وحدة العاملين في حقل الثورة على أساس جبهة إسلامية متقدمة، وربما يكون من الضروري العمل على أن تحتوي هذه الجبهة الحركة الإسلامية بجميع مذاهبها، لأن هناك واقعاً إسلامياً في العراق يختلف عن حجم الواقع في إيران من ناحية مذهبيّة.

وإني أجد في هذه الوحدة الثوريّة الحركيّة ضمانة أساسية للنصر، لأن الاختلاف الذي نواجهه في السّاحة، تختلط فيه الجوانب الذاتية بالجوانب الفئوية التي قد يستوحي منها الإنسان فيما يشبه الإحساس الداخليّ، بأن القضية هي خدمة الذات أو الإطار، بدلاً من خدمة القضيّة الإسلاميّة المصيرية، وقد لا ندّعي أنّ الذين يعيشون ذلك يقصدونه بشكل مباشر، بل ربما كان ذلك في منطقة اللاشعور التي تصنع المأساة في حركة العمل، وقد استطاع هذا الاختلاف أن يؤثّر سلباً في تقوى القاعدة وحيويتها، ويحوّلها إلى مِزَق متناثرة تنطلق من القضايا الهامشية بعيداً عن القضايا المصيرية.

الثاني: حركة الواقع السياسي العالمي في المنطقة، وعلاقته بأنظمة الحكم وأسلوبه في ممارسة العمل في خدمة هذه المخطّطات، فإنّ لذلك أثراً كبيراً في تسهيل مهمّة الثورة أو في تعقيدها، وقد يحاول بعض النّاس أن يطلق الشعارات الثوريّة التي تستهين بالواقع السياسي العالمي وحركته في الثّورة المضادّة، ويستشهد لذلك بانتصار الثّورة الإسلاميّة في إيران.

ولكنّنا نعتقد أنّ إغفال الظروف السياسيّة العالميّة، يجعل حركة الثورة تنطلق في اتجاه مثالي بعيد عن الواقع، ويعمل على عدم فهم سياسة المراحل التي تحاول أن تضع لكلّ مرحلة خطتها الواقعية الحكيمة، أمّا الاستشهاد لذلك بالثورة الإسلامية في إيران، فهو استشهاد تعوزه الدقّة والعمق في فهم الظروف السياسيّة الموضوعيّة التي استطاعت الثّورة الإسلامية أن تستفيد منها في تشريع انتصار الثورة.

وقد يعتبر البعض أنّ ذلك يمثل ابتعاداً عن الثقة بنصر الله للمسلمين، ولكن هذا أيضاً بعيد عن الدقة، لأنّ الله ينصر المؤمنين الذين يأخذون بأسباب النصر، ويعدّون له عدته من القوة السياسية والعسكرية والاقتصادية، فإذا انطلقوا في هذا السبيل، شملتهم الرعاية، وأتاهم المدد من الله بما يحتسبون وما لا يحتسبون. إنّ الإعداد الواقعي للثورة هو جزءٌ من السير على أساس سنّة الله في الأرض، {فَلَن تَجِدَ لِسُنَّة اللهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّة اللهِ تَحْوِيلاً}.

الثالث: انتصار الثّورة الإسلاميّة في إيران في حربها ضدّ الكفر والاستعمار، فيما تخوضه من الحرب ضدّ النظام المعتدي في العراق، فإنّ انتصار الثورة سوف يحقق للثورة الإسلامية في العراق قاعدة متقدمة للانتصار، ودعماً قوياً للتحرك من أجل التغيير.. ولهذا فإنّنا نعتقد أن من واجب العاملين في حقل الثورة الإسلامية في العراق، أن يدعموا الثورة في إيران بكلّ ما عندهم من طاقات، وأن يحذروا من الشّعارات الإقليمية التي تحاول أن تجعل الحركة هنا شيئاً آخر عن الحركة هناك، وأنّ الارتباط بالثورة الإسلامية في إيران هو ارتباط بقوة أجنبيّة، فإنّ ذلك إضعاف للروح الإسلامية في نفوس الثّائرين، وتقوية للروح الكافرة في خطوات المسلمين.

"صوت الوحدة": كيف ترون استجابة الشعوب الإسلامية المستضعفة لمعطيات الجمهورية الإسلامية على ضوء كلمة الإمام الخميني بأنّ الشعوب هي الميزان؟

فضل الله: إن الشعوب الإسلامية قد انطلقت مع الثورة الإسلامية منذ انطلاقتها الأولى، في حركة حماسية عفوية تمثل عفوية الشعوب وبساطتها في استجابتها لكلّ انطلاقة إسلامية حقيقة، فقد استطاعت هذه الشعوب أمام زلزال الثورة الإسلامية الذي هزّ العالم، أن تتجاوز كلّ حدودها الإقليمية والقومية والطائفية، وتلتقي بالحلم الإسلامي الكبير الذي جسّدته الثورة.

ولكنّنا نعتقد أنّ هذه الانطلاقة قد خمد الكثير من لهيبها من خلال الأجواء الضبابيّة الاستعمارية التي أثارها الاستعمار وعملاؤه في آفاق الثورة الإسلاميّة، من جهة الحرب الإعلاميّة الواسعة التي حاول أن يستغلّ فيها بعض الخطوات أو الأحكام أو الأوضاع الموجودة في إيران، مما لا ينسجم مع عقليّة بعض الشعوب، فعمل على تضخيم بعض الأشياء الصّغيرة، وتصغير بعض الأعمال الكبير، وتشويه بعض الصّور المشرقة، هذا من جهة.

أمّا من جهة أخرى، فقد أقام عملاء الاستعمار من حكّام المسلمين سدّاً حول شعوبهم، فمنعوا عنهم الاتصال بالشعب الإيراني وبصحافته وإعلامه، حتى إنّ البعض منهم عملوا على التشويش على الإذاعة لكي لا تسمعها شعوبهم، وعلى مقاضاة الذين يستمعون إليها في بعض الأحيان.. وقد حاولت بعض هذه الأنظمة أن تستغلّ حاجة بعض الحركات الإسلامية المالية إليها، فعملت على أن تثيرها من أجل مواجهة الثّورة الإسلاميّة بأساليب طائفية متأخّرة، فتوحي إلى قواعدها بعدم إسلاميّة الثورة، وبغير ذلك من الأساليب.

إن هذه الخطة الاستعمارية قد استطاعت أن تخفّف كثيراً من الاندفاع، ولكنها لم تستطع أن تسيطر عليه بشكل مطلق.. ولذا، فإنّ علينا أن نعمل بكلّ جهد في سبيل إيصال صوت الثورة الإسلامية إلى الشعوب وعدم الوقوف بشكل يائس جامد أمام هذه الحرب الاستعمارية التي هي جزء من حرب الإسلام ضد الكفر والاستعمار.

إن للشعوب ضميراً طاهراً نظيفاً، وعلينا أن نخاطب ذلك الضمير بلغة الحق التي لن يرفضها المستضعفون، لأنها قضية وجودهم في كل مجال.

"صوت الوحدة": كيف ترون الوضع العامّ للعالم الإسلامي، استناداً إلى ما يشهده من مبادرات عديدة ومشاريع مختلفة؟

فضل الله: إن العالم الإسلامي يمرّ بمرحلة مخاض عسيرة، فقد انطلق في صحوة إسلامية بارزة أصيلة، وهذا هو ما نلمحه في الأوضاع التي يعيشها المسلمون في تحركهم ضد الأنظمة الكافرة والعميلة للاستعمار، فهناك تحرك إسلامي لا يخلو منه بلد إسلامي، وهناك هجمة استعمارية شرسة ضد العاملين والمجاهدين من المسلمين، ولكن مستقبل هذه الصحوة يحتاج إلى جهد كبير ومعاناة قاسية وخطة طويلة بعيدة المدى، ليمكن لنا من خلالها مواجهة المخطط الاستعماري الذي يعمل على إلغاء الوجود الإسلامي، وتأديب الحركات الإسلامية، وإضعاف الروح الإسلامية المؤمنة، وذلك بتوحيد الحركات الإسلاميّة من ناحية فكرية وسياسية، وتوجيه الطاقات نحو الارتباط بالقضايا الأساسيّة الكبيرة، والابتعاد عن القضايا الهامشيّة التي يحاول الاستعمار أن يكبّرها، لتعيش الشعوب معها في خطوات الضّياع.

إنّ الصّحوة الإسلاميّة قد فتحت أعين الشّعوب الإسلاميّة على الفجر الجديد الذي تنتظره في المستقبل القريب، ولكنّها صحوة يغالبها النعاس ويطاردها الاسترخاء، فهل لنا أن نعمل لنطارد النعاس من عيون العاملين؟!..

سماحة السيّد محمد حسين فضل الله:

الثّورة الإسلاميّة أمانة الله في أعناق كلّ المسلمين

السيد محمد حسين فضل الله، واحد من أبرز الشخصيات الإسلامية المتميزة بتاريخها الجهادي الطويل وعطاءاتها المستمرة، فمؤلفاته الكثيرة مثل: (قضايانا على ضوء الإسلام)، و(أسلوب الدعوة في القرآن)، و(خطوات على طريق الإسلام)، وغيرها الكثير، سدّت فراغاً كبيراً في المكتبة الإسلامية، وقد استطاع سماحته أن يثبّت ركائز مهمة للوجود الإسلامي الواعي في ساحة تتحكّم فيها تيارات فكرية وسياسية معادية للإسلام.

هذا الدور البارز للعلامة فضل الله جعله عرضةً لمحاولات اغتيال متكررة من قبل أعداء الإسلام، إلا أن ذلك لم يمنع سماحته من مواصلة جهاده على طريق الإسلام.

وخلال أسبوع الوحدة الذي دعت إليه الجمهورية الإسلامية في إيران، كان لصوت الوحدة الحوار التالي مع سماحته:

"صوت الوحدة": في مستهلّ اللّقاء، نودّ أن تعطونا فكرة عن طبيعة زيارتكم للجمهورية الإسلامية في إيران.

فضل الله: كانت زيارتي للجمهورية الإسلامية الإيرانية بدعوة كريمة من وزارة الإرشاد لحضور أسبوع الوحدة الإسلامية في إيران، والاشتراك في الحفلات التي تُقام بهذه المناسبة بإلقاء محاضرة فيها. والواقع أنّني أشعر بأنّ زيارة الإنسان المسلم إلى إيران الإسلام، تمثل لقاءه بالتجربة الإسلاميّة الجديدة الفريدة بكلّ ما تحمله من إيجابيات وسلبيات. وبذلك يستطيع أن يتابع خطوات الفكر العملي، وهو يتجسّد في الساحة حركةً وأسلوباً، ويواجه التحدّيات الكافرة في أساليبها المتنوّعة، ليتعلم من خلال ذلك كيف يمكنه القيام بدوره الإسلامي في دعم هذه الانطلاقة الإسلاميّة، وكيف يمكنه التحرّك من أجل الفسح في المجال لتجربة أخرى في بلد آخر، من موقع خطوات الجهاد الإسلامي الذي استطاع أن يقف على قدميه في هذه الظروف الصّعبة، بالرغم من العقبات التي توضع في طريقه.

وقد قدمتُ إلى إيران بهذه الروح الإسلامية العملية لأحصل على ذلك كلّه، ولألتقي بهذا الشّعب المسلم العظيم، فأشاهده كيف يعيش مفاهيمه، وكيف يحركها في حياته فيما يطلقه من شعارات، وفيما يواجهه من صعوبات وتحدّيات، وفيما يلتقي به ويقوم به من ردود الفعل، وكيف يرتبط بقيادته في هذه العاطفة النابضة بالإخلاص المتحرّك بالعقيدة، وكيف تتفاعل معه قيادته في حركته وحاجاته وآلامه وآماله... وكيف يواجه الحرب القذرة الظالمة التي شنّها الاستعمار وعملاؤه ضد ثورته، في الاقتصاد والسياسة وغيرهما، وفي السّلاح الذي يريد من خلاله أن يزلزل به مواقفه ويقوده إلى التراجع..

وقد استطعت أن أجد في كل ما شاهدته، كيف يمكن للإسلام أن يحرّك الأمّة ويقود خطواتها نحو التقدم والنصر، وكيف يتحرك التاريخ من جديد ليصنع لنا الملاحم الإسلامية في خطوات الشهادة التي عاشها الإنسان المسلم، حياة توحي بالتبريك والفرح، بدلاً من أن ينفعل بها مأساة توحي بالتعزية والبكاء، فنجد الزغاريد المنطلقات من قلوب أمهات الشهداء خارجة من أعماق الإيمان، لا منطلقة في حركة تمثيلية من الشفاه كما يصنع بعض الناس في خارج إيران.. إنه تاريخنا الذي يمارس فيه الإنسان المسلم صنع الإسلام في الحياة، ليتحوّل الإسلام إلى حركة تصنع الفكر والحياة، بعد أن عاش في وعينا فكراً يصنع الأحلام.

ولستُ هنا لأتحدث عن الإيجابيات في أسلوب يتناسى السلبيّات، ولكني أؤمن بأن حاجتنا إلى إثارة الإيجابيات تنطلق من نقطتين:

الأولى: أن نعيش من خلالها الثقة بنجاح التجربة في نطاق المرحلة، وبإمكانية استمرار هذا النجاح في المراحل الأخرى، على أساس الروح الإيجابية التي استطاعت أن تصنع حركة الإيجابيات فيما واجهناه من مشاريع وأهداف.

الثانية:أن نتخفّف من الذهنيّة السلبيّة التي لا تعرف كيف تواجه الحياة بالتفاؤل، بل تعمل على أن تجعل التّشاؤم هو طابع النّظرة إلى الحياة.. فقد نجد الكثيرين من الناس الذين نعايشهم ممّن يفكّرون إسلامياً ويعملون إسلامياً.. ينطلقون في حياتهم من موقع السلبيّات التي ينسى معها الإنسان حركة الإيجابيات في حياته، ولهذا لا يبصرون النّور إلا من خلال هالة الظلام التي تحيط به، ولا يحركون البسمة في شفاههم إلا من خلال الدّموع التي تترقرق في عيونهم.

وقد استطاعت هذه الرّوح السلبيّة أن تهزم مواقفهم، وأن تقودهم إلى الاستغراق في التأملات المثالية التجريدية الغارقة في الضباب.

إننا نشعر بالحاجة إلى الخروج من هذه الأجواء القاتمة.. وسنجد ـ بعد ذلك ـ أن إثارة السلبيات لا تحتاج إلى جهد، لأنها من طبيعة الحاجة إلى النقد في داخل الإنسان... ولكنها سوف تتحرك فينا لتحركنا نحو العمل الجادّ، لتحويلها إلى إيجابيات في طريقنا نحو عمليّة صنع القوّة التي تعمل على تحويل نقاط الضّعف إلى نقاط قوّة.

إنّ الثورة تواجه الكثير من السلبيّات فيما تواجهه من أخطاء، ولكنّها طبيعة المرحلة الصّعبة التي تجتاجها أمام التحدّيات الاستعمارية في الداخل والخارج، ما يجعل الأخطاء طبيعيّة في نطاق الضغوط الكبيرة التي تضيق كثيراً في ساحات العمل، وتضيع الكثير من فرص النجاح.

لقد بدأت الثورة تتحول إلى دولة، ولكنّها الدولة التي لا تموت فيها الثورة، بل تعمل على أن تخلق الثّورة في داخل النظام، ليكون النظام ثورة في حدود الفكر والعقيدة.

إنّ التجربة غنيّة جدّاً، وأعتقد أنّ على المخلصين أن يضيفوا إليها الكثير من الغنى في الفكر والعمل، لأنها أمانة الله في أعناق كلّ المسلمين.

"صوت الوحدة": ما هو تقييم سماحتكم للوضع السياسي العام في المنطقة على ضوء الأحداث الملتهبة التي تشهدها، وأبرزها الحرب العراقية المفروضة على إيران، وتكالب جميع القوى الكافرة ضدّ الجمهورية الإسلامية في إيران؟

فضل الله: أحسب أن الوضع السياسي العام في المنطقة يمرّ بمرحلة خطيرة جداً، لأن الفكرة التي برزت في الساحة السياسية في هذه المرحلة، هي أن أمريكا حاولت أن تدفع الصراع بينها وبين الاتحاد السوفياتي في خطوة جديدة متقدّمة حاسمة، وذلك بتحويلها كلّ القضايا السياسية والاقتصادية والعسكرية في المنطقة إلى داخل هذا الإطار.. وبذلك دخلت قضايا المنطقة وقضايا العالم الأخرى في طريقة جديدة.. وبذلك أصبحت أساليب الضغط وطبيعة التحرك ونوعية الحلول السياسية والعسكرية لمشاكلها، تتبع موقع هذه المشاكل من قضايا الصّراع بين المعسكرين الكبيرين.. وهكذا.

وإنّ الحروب الصغيرة تتحرك في مناطق العالم الثالث وما يلحق به، من أجل تصفية حساب بينهما هنا، وممارسة ضغط متبادل هنا وهناك، وذلك من أجل الوصول إلى يالطا جديدة، يتقاسم فيها المعسكران خريطة العالم على أساس مصالحهما السياسية والاقتصادية الجديدة.

إن أمريكا ريغان دخلت إلى المنطقة من أجل أن تضمن مصالحها الاقتصادية والسياسية والعسكرية بأسلوب التدخل العسكري المغلّف بغلاف إنقاذ شعوب المنطقة من الخطر السوفياتي، وذلك من خلال قوات التدخل السريع التي تعمل على إيجاد قواعد عسكرية لها في مصر وإسرائيل وعمان، وغيرها من البلدان التي تسير في المخطط المرسوم لها، وبذلك استطاعت أن تمزّق كلّ الروابط السياسية بين دول المنطقة، لتستطيع أن تمارس اللعبة من دون ضغوط محليّة ضدّها من قِبَل عملائها في الأنظمة السياسيّة السّائرة في الخط الأمريكي.

وقد كانت الحرب العراقيّة الإيرانيّة هي إحدى الوسائل التي تحاول من خلالها إضعاف الثورة الإسلامية في إيران، وتجميد خطواتها المتحركة في العالم، لتحويل المشاعر الإسلاميّة التي انطلقت من خلال الثّورة إلى خطوات عمليّة من أجل صنع الثّورة في كلّ مكان.. وتحويل طاقات الثورة في الداخل والخارج إلى طاقات تتفجّر لحلّ المشاكل الاقتصادية والعسكرية التي تثيرها الحرب، بدلاً من أن تتفجّر من أجل تعميق النظام الإسلامي في حركة الثورة في حياة الناس.

وهكذا أرادت أمريكا أن تحارب إيران الثّورة بأيدي عملائها في الخليج الفارسي، وفي العراق وفي الأردن، وفي مصر والمغرب وغيرها، وقد رأت في مشكلة الحدود بين العراق وإيران، وفي طموحات صدّام المراهنة التي يريد من خلالها زعامة العالم العربي، الفرصة الذهبية، فأوحت له أن يشنّ الحرب على إيران، في الوقت الّذي كانت الثورة مشغولة بمواجهة العملاء في الداخل، وببناء الجيش من جديد، وبكثير من مشاكل مواجهتها مع الاستعمار الأمريكي والاستكبار العالمي.

وقد كانت الصورة في مخيلته أنها ستكون حرباً خاطفة، كحرب إسرائيل للعرب سنة (1967) ميلاديّة، ثم يكون فرض الشّروط على إيران وهزيمتها المحقّقة التي يسقط النظام من خلالها، ولكنّ الاستعمار وعملاءه لم يعرفوا أنَّ حساباتهم مع الشعوب لا تنطبق على الحسابات الحقيقيّة للروح الإسلاميّة التي عاشها الشعب الإيراني المسلم الذي آمن بالثورة رسالة يخلص لها، لا مجرّد انقلاب عسكري يقوده ضباط متحمّسون.

وهكذا استطاعت الحرب العراقيّة ـ الإيرانيّة، بالرّغم من خسائرها الماديّة والبشريّة، أن تشدّ الشعب الإيراني المسلم إلى الثّورة، ليشعر بمسؤوليّته عن حمايتها، وتحوّلت الشهادة عنده إلى خطّ عمليّ طويل، يغري بالاستمرار ويوحي بالنصر، وغرق النظام العراقي في وحول هذه الحرب التي صنعها، ولم يستطع النجاة منها ـ حتى الآن ـ بالرغم من نداءات الاستغاثة التي يطلقها "من موقع الاقتدار والقوّة"، وما زال حكّام الخليج الفارسي بوحي من الاستعمار يمدّونه بالمال والسلاح، لأنهم يريدون للحرب أن تستمرّ، لإضعاف النظام العراقي الذي يخافون من قوّته المستقبليّة، كما يريدون إضعاف الثّورة الإسلاميّة التي يخافون من إسلامها الحقيقيّ الذي يكشف الشعارات الإسلامية المزيفة التي يحاولون من خلالها خداع الشعوب الإسلامية باسم الإسلام.

إن الحرب العراقية ضدّ إيران ليست حرب حدود، لأن قضايا الحدود لا تحلّ بالحرب وإنما تحلّ بالمفاوضات، بل هي حرب الاستعمار دفاعاً عن وجوده، لأنّه شعر بأن الثورة الإسلاميّة هي الثورة الحقيقيّة التي انطلقت من مواقع حاجة الأمّة إلى الحرية والاستقلال، والبُعد عن التحالفات الاستعمارية التي تنقل واقع الأمّة ومستقبلها سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، إنها حرب الكفر والاستعمار ضدّ الإسلام والحرية، فلا بدّ للمسلمين من أن يواجهوها من هذا الموقع، ويتحمّلوا مسؤوليّتهم تجاهها على هذا الأساس، بعيداً من كلّ الشّعارات الإقليمية والطائفية.

لقد رأينا بعض الأنظمة العربيّة التي رفعت شعارات الإسلام وطبّقت بعض أحكامه، ورأينا أنّ الاستعمار يتحالف معها ويتعامل من موقع الصّداقة والحماية والرعاية، من دون أية مشاعر مضادّة أو خطوات عدائية، لأنّه رأى أن القضيّة لدى هذه الأنظمة ليست قضية الإسلام، بل هي قضية حكم العائلة الواحدة التي تريد أن تغطي طموحاتها الذاتية بالإسلام، ولذا فإنها ترفض كلّ حركة إسلامية تواجه الاستعمار في الصميم، وتدعو إلى تطبيق الإسلام بكل أحكامه ومفاهيمه لأنها تشعر بخطورة ذلك عليها باعتبار أنه يمثل رفضاً لكل امتيازاتها وشهواتها وأطماعها.

إنّ على المسلمين في مواجهتهم لقضية الإسلام على مستوى العقيدة والشريعة، وعلى مستوى قضايا المسلمين، أن يتعاملوا مع حقائق الأشياء ولا يتعاملوا مع ظواهرها، لأن الظواهر قد تكون غطاءً للكفر وللظلم، أمّا الحقائق، فهي تمثّل إشراقة الله في قلب الحياة والإنسان.

"صوت الوحدة": باعتبار سماحتكم أحد أبرز الشّخصيّات الإسلاميّة العاملة في لبنان، ما هو تقييمكم للوضع الرّاهن في لبنان، ولا سيما بعد التطورات الأخيرة؟

فضل الله: إنّ الوضع في لبنان يمثّل لوناً من ألوان اللعبة الاستعمارية الأمريكية، من أجل تصفية الثورة الفلسطينية لصالح قاعدة الاستعمار المتقدمة في المنطقة، وهي إسرائيل، وقد استطاعت هذه اللعبة أن تستفيد من الوضع المعقّد الذي تعيشه الساحة اللبنانية، من ناحية التوزيع الطائفي الذي يمثل القنبلة الموقوتة القابلة للانفجار في كلّ وقت، ومن ناحية الأجواء السياسيّة التي ترتبط بأكثر من جهة سياسيّة في المجال العربي والدّوليّ، ما يجعلها تخضع لظروف الصراعات السياسية العربية والدولية، ومن ناحية الوجود الفلسطيني غير المنظّم الذي يثير كثيراً من الحساسيّات المحليّة السياسيّة والطائفيّة، ومن ناحية الحرمان الطائفي لبعض الطوائف من ناحية الحقوق والخدمات، الّذي يمكن أن يثير هذه الطائفية أو تلك في عملية حماسية مثيرة، هذا إضافةً إلى ضعف الدّولة الّذي ربما يكون نتيجة لذلك كلّه، أو يكون ذلك نتيجة له.

وقد تتداخل المصالح في حركة هذه اللعبة الاستعمارية، فيحاول كل فريق أن يجد في الفتنة تحقيقاً لبعض أهدافه المرحلية، ويعمل على إثارة قاعدته الشعبية في هذا الاتجاه، وربما يعتقد هذا الفريق أو ذاك أنّه يعمل لصالح القضيّة، ولكن الواقع أنّ الاستعمار يستفيد من ذلك لمصالحه ولمخطّطاته الخاصّة، الأمر الّذي يوحي إلينا بأنّ على الحركات السياسية الواعية أن لا تكتفي بالبعد عن عمالتها للاستعمار، بل أن تعمل على أن تكون مخطّطاتها بعيدة عن مخطّطاته، ولو بشكل غير مباشر.

إنّ الوضع الراهن في لبنان لا يزال ضمن الدّائرة الاستعمارية الأمريكية، من أجل الضّغط على المقاومة الفلسطينيّة وسوريا من جهة، ومن أجل خدمة المصالح الاستراتيجيّة الأمريكيّة في المنطقة من جهة أخرى.

وإنّنا نعتقد أنّ على الشعوب أن لا تستسلم للُّعبة الاستعماريّة، بل يجب عليها أن تعمل على تخريب معادلات اللّعبة ما أمكنها ذلك، إذا لم يمكنها أن تنتصر على القوّة الاستعمارية بشكل مطلق في بعض المراحل، وأن على الشعب اللبناني، ولا سيما شعبنا في جبل عامل، أن يعرف أنّ إسرائيل ـ والصهيونية العالمية ـ  هي العدوّ الاستراتيجي الحضاري للبنان وللعرب وللمسلمين في العالم، ولا بدّ من أن يكون تعاملهم مع القوى العادلة ضدّ إسرائيل من هذا الموقع، لأن إسرائيل قد توحي إلينا بالسِّلم في بعض الحالات، من أجل أن تثيرنا ضدّ القوى الأخرى العاملة ضدّ إسرائيل على أساس أنها أساس المشكلة، ولكنّ أطماعها في نهاية المطاف تتحرك لتمزيق ساحة المواجهة، من أجل أن تحقّق أهدافها فيما طرحته من شعارها المتحرك في سياسة المراحل: (أرضك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل)، أو تفريغ الأرض ليتحقّق شعار: (أرض بلا شعب لشعبٍ بلا أرض).

إنّ على العاملين في السّاحة ضدّ إسرائيل، أن يفهموا الساحة جيداً في ظروفها السياسيّة والعسكرية ومتغيراتها، ليعرفوا كيف يواجهون المرحلة من قاعدة الجبهة الواحدة القوميّة التي تجمّد خلافاتها الصّغيرة من أجل القضيّة الكبيرة..

وفي نهاية المطاف، إنّ لبنان ـ وجنوب لبنان بالذّات ـ ورقة رابحة يلعب بها كل اللاعبين، في الداخل والخارج، على مستوى المنطقة والعالم، ولا يملك أحد الاستعداد لطرح تلك الورقة من يده، ولهذا فإنّ المشكلة مستمرّة بكلّ خيوطها وألوانها وجماهيرها.

"صوت الوحدة": قضيتُم فترة طويلة من عمركم الجهادي في العراق، فما هو رأيكم في مستقبل الثورة الإسلامية المشتعلة في العراق، التي تخوض حالياً صراعاً مريراً مع النظام الحاكم هناك؟

فضل الله: في عقيدتي، أنّ مستقبل الثّورة الإسلامية في العراق يخضع لعوامل ثلاثة:

الأوّل: وحدة العاملين في حقل الثورة على أساس جبهة إسلامية متقدمة، وربما يكون من الضروري العمل على أن تحتوي هذه الجبهة الحركة الإسلامية بجميع مذاهبها، لأن هناك واقعاً إسلامياً في العراق يختلف عن حجم الواقع في إيران من ناحية مذهبيّة.

وإني أجد في هذه الوحدة الثوريّة الحركيّة ضمانة أساسية للنصر، لأن الاختلاف الذي نواجهه في السّاحة، تختلط فيه الجوانب الذاتية بالجوانب الفئوية التي قد يستوحي منها الإنسان فيما يشبه الإحساس الداخليّ، بأن القضية هي خدمة الذات أو الإطار، بدلاً من خدمة القضيّة الإسلاميّة المصيرية، وقد لا ندّعي أنّ الذين يعيشون ذلك يقصدونه بشكل مباشر، بل ربما كان ذلك في منطقة اللاشعور التي تصنع المأساة في حركة العمل، وقد استطاع هذا الاختلاف أن يؤثّر سلباً في تقوى القاعدة وحيويتها، ويحوّلها إلى مِزَق متناثرة تنطلق من القضايا الهامشية بعيداً عن القضايا المصيرية.

الثاني: حركة الواقع السياسي العالمي في المنطقة، وعلاقته بأنظمة الحكم وأسلوبه في ممارسة العمل في خدمة هذه المخطّطات، فإنّ لذلك أثراً كبيراً في تسهيل مهمّة الثورة أو في تعقيدها، وقد يحاول بعض النّاس أن يطلق الشعارات الثوريّة التي تستهين بالواقع السياسي العالمي وحركته في الثّورة المضادّة، ويستشهد لذلك بانتصار الثّورة الإسلاميّة في إيران.

ولكنّنا نعتقد أنّ إغفال الظروف السياسيّة العالميّة، يجعل حركة الثورة تنطلق في اتجاه مثالي بعيد عن الواقع، ويعمل على عدم فهم سياسة المراحل التي تحاول أن تضع لكلّ مرحلة خطتها الواقعية الحكيمة، أمّا الاستشهاد لذلك بالثورة الإسلامية في إيران، فهو استشهاد تعوزه الدقّة والعمق في فهم الظروف السياسيّة الموضوعيّة التي استطاعت الثّورة الإسلامية أن تستفيد منها في تشريع انتصار الثورة.

وقد يعتبر البعض أنّ ذلك يمثل ابتعاداً عن الثقة بنصر الله للمسلمين، ولكن هذا أيضاً بعيد عن الدقة، لأنّ الله ينصر المؤمنين الذين يأخذون بأسباب النصر، ويعدّون له عدته من القوة السياسية والعسكرية والاقتصادية، فإذا انطلقوا في هذا السبيل، شملتهم الرعاية، وأتاهم المدد من الله بما يحتسبون وما لا يحتسبون. إنّ الإعداد الواقعي للثورة هو جزءٌ من السير على أساس سنّة الله في الأرض، {فَلَن تَجِدَ لِسُنَّة اللهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّة اللهِ تَحْوِيلاً}.

الثالث: انتصار الثّورة الإسلاميّة في إيران في حربها ضدّ الكفر والاستعمار، فيما تخوضه من الحرب ضدّ النظام المعتدي في العراق، فإنّ انتصار الثورة سوف يحقق للثورة الإسلامية في العراق قاعدة متقدمة للانتصار، ودعماً قوياً للتحرك من أجل التغيير.. ولهذا فإنّنا نعتقد أن من واجب العاملين في حقل الثورة الإسلامية في العراق، أن يدعموا الثورة في إيران بكلّ ما عندهم من طاقات، وأن يحذروا من الشّعارات الإقليمية التي تحاول أن تجعل الحركة هنا شيئاً آخر عن الحركة هناك، وأنّ الارتباط بالثورة الإسلامية في إيران هو ارتباط بقوة أجنبيّة، فإنّ ذلك إضعاف للروح الإسلامية في نفوس الثّائرين، وتقوية للروح الكافرة في خطوات المسلمين.

"صوت الوحدة": كيف ترون استجابة الشعوب الإسلامية المستضعفة لمعطيات الجمهورية الإسلامية على ضوء كلمة الإمام الخميني بأنّ الشعوب هي الميزان؟

فضل الله: إن الشعوب الإسلامية قد انطلقت مع الثورة الإسلامية منذ انطلاقتها الأولى، في حركة حماسية عفوية تمثل عفوية الشعوب وبساطتها في استجابتها لكلّ انطلاقة إسلامية حقيقة، فقد استطاعت هذه الشعوب أمام زلزال الثورة الإسلامية الذي هزّ العالم، أن تتجاوز كلّ حدودها الإقليمية والقومية والطائفية، وتلتقي بالحلم الإسلامي الكبير الذي جسّدته الثورة.

ولكنّنا نعتقد أنّ هذه الانطلاقة قد خمد الكثير من لهيبها من خلال الأجواء الضبابيّة الاستعمارية التي أثارها الاستعمار وعملاؤه في آفاق الثورة الإسلاميّة، من جهة الحرب الإعلاميّة الواسعة التي حاول أن يستغلّ فيها بعض الخطوات أو الأحكام أو الأوضاع الموجودة في إيران، مما لا ينسجم مع عقليّة بعض الشعوب، فعمل على تضخيم بعض الأشياء الصّغيرة، وتصغير بعض الأعمال الكبير، وتشويه بعض الصّور المشرقة، هذا من جهة.

أمّا من جهة أخرى، فقد أقام عملاء الاستعمار من حكّام المسلمين سدّاً حول شعوبهم، فمنعوا عنهم الاتصال بالشعب الإيراني وبصحافته وإعلامه، حتى إنّ البعض منهم عملوا على التشويش على الإذاعة لكي لا تسمعها شعوبهم، وعلى مقاضاة الذين يستمعون إليها في بعض الأحيان.. وقد حاولت بعض هذه الأنظمة أن تستغلّ حاجة بعض الحركات الإسلامية المالية إليها، فعملت على أن تثيرها من أجل مواجهة الثّورة الإسلاميّة بأساليب طائفية متأخّرة، فتوحي إلى قواعدها بعدم إسلاميّة الثورة، وبغير ذلك من الأساليب.

إن هذه الخطة الاستعمارية قد استطاعت أن تخفّف كثيراً من الاندفاع، ولكنها لم تستطع أن تسيطر عليه بشكل مطلق.. ولذا، فإنّ علينا أن نعمل بكلّ جهد في سبيل إيصال صوت الثورة الإسلامية إلى الشعوب وعدم الوقوف بشكل يائس جامد أمام هذه الحرب الاستعمارية التي هي جزء من حرب الإسلام ضد الكفر والاستعمار.

إن للشعوب ضميراً طاهراً نظيفاً، وعلينا أن نخاطب ذلك الضمير بلغة الحق التي لن يرفضها المستضعفون، لأنها قضية وجودهم في كل مجال.

"صوت الوحدة": كيف ترون الوضع العامّ للعالم الإسلامي، استناداً إلى ما يشهده من مبادرات عديدة ومشاريع مختلفة؟

فضل الله: إن العالم الإسلامي يمرّ بمرحلة مخاض عسيرة، فقد انطلق في صحوة إسلامية بارزة أصيلة، وهذا هو ما نلمحه في الأوضاع التي يعيشها المسلمون في تحركهم ضد الأنظمة الكافرة والعميلة للاستعمار، فهناك تحرك إسلامي لا يخلو منه بلد إسلامي، وهناك هجمة استعمارية شرسة ضد العاملين والمجاهدين من المسلمين، ولكن مستقبل هذه الصحوة يحتاج إلى جهد كبير ومعاناة قاسية وخطة طويلة بعيدة المدى، ليمكن لنا من خلالها مواجهة المخطط الاستعماري الذي يعمل على إلغاء الوجود الإسلامي، وتأديب الحركات الإسلامية، وإضعاف الروح الإسلامية المؤمنة، وذلك بتوحيد الحركات الإسلاميّة من ناحية فكرية وسياسية، وتوجيه الطاقات نحو الارتباط بالقضايا الأساسيّة الكبيرة، والابتعاد عن القضايا الهامشيّة التي يحاول الاستعمار أن يكبّرها، لتعيش الشعوب معها في خطوات الضّياع.

إنّ الصّحوة الإسلاميّة قد فتحت أعين الشّعوب الإسلاميّة على الفجر الجديد الذي تنتظره في المستقبل القريب، ولكنّها صحوة يغالبها النعاس ويطاردها الاسترخاء، فهل لنا أن نعمل لنطارد النعاس من عيون العاملين؟!..

اقرأ المزيد
نسخ النص نُسِخ!
تفسير