بعض رجال الدين موظّفون عند السياسيين

بعض رجال الدين موظّفون عند السياسيين
 

سعدى علوه

يثلج الحديث مع المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، القلب هذه الأيام. يعود الشعور إلى حالة الاستقرار النفسي بالنسبة إلى الجانب الأمني في لبنان، التي يعيشها هذا الرجل الكبير الذي لا يمكن أن تراه من دون الاستئناس برأيه المنفتح والمعتدل والمستشرف للأمور انطلاقا من تحليلات معمقة ومسؤولة وتجربة تمتد عميقاً في التاريخ.

فهو وبالرغم من كل الأوضاع التي وصفها بـ"القلقة" التي حدثت في اليومين الأخيرين، يرى أن هناك مناعة لدى اللبنانيين ضد الفتنة التي قد تتحول إلى حرب أهلية، وهو ما بشر به بعض المسؤولين العرب الكبار. فالسيد لا يعتقد أن في لبنان مشكلة بين السنة والشيعة، بل عند بعض السياسيين من الذين يحاولون إثارة الجانب المذهبي لتقوية موقعهم السياسي.

في لقاء مع "السفير"، رأى السيد فضل الله أن اللبنانيين قد ينفعلون وقد يتحمسون وقد يخضعون في انتماءاتهم السياسية لهذا الرمز الطائفي أو ذاك، ولكنهم لا يغامرون بالبلد بالمستوى الذي يصل به الوضع إلى حالة الحرب الداخلية. مشيراً إلى أن الحرب الأهلية التي حدثت في لبنان سابقاً لم تكن منطلقة من تجاذبات لبنانية داخلية بل من خلال خطة خارجية كان يقودها وزير خارجية أميركا الأسبق هنري كيسنجر لتصفية القضية الفلسطينية.

ولاحظ فضل الله أن الواقع الدولي والإقليمي في هذه المرحلة لا يريد أن يدخل لبنان هذا النفق الأمني، لأنّه عندما تتحرك الحرب الأهلية الداخلية لا يمكن للقوات الدولية أن تشعر بالأمن، وربما تنفتح المسألة على ما يشبه الفوضى في مسألة الحرب ضد إسرائيل والتي قد لا يقتصر التحرك فيها على اللبنانيين، بل ربما تتدخل عناصر أخرى يمكن أن تجد في الفوضى فرصتها للدخول في الحرب، وربما تتحرك المسألة لتكون الساحة الفلسطينية إلى جانب الساحة اللبنانية في الصراع الموجود في المنطقة، إضافة إلى الظرف الدولي.

ويعتقد المرجع الشيعي، أن هناك مناعة داخلية لبنانية على المستوى الإسلامي وعلى المستوى المسيحي وعلى المستوى السياسي الحزبي والمناطقي ضد أي حرب أهلية أو ضد أي فتنة داخلية تؤدي إلى واقع أمني، مع إشارته إلى بقاء هذا الاهتزاز السياسي انطلاقاً من أن هناك تخطيطاً دولياً تقوده أميركا لإفقاد المقاومة هذا النصر الذي استطاعت أن تربحه ضد إسرائيل، ولكي لا يتحول النصر العسكري إلى نصر سياسي.

وأضاف فضل الله: إننا نتصور أن هذا العناد الذي يتمثل في الواقع السياسي لم ينطلق من وضع داخلي مجرد بل إنه يخضع لوضع دولي وإقليمي وهذا ما نستوحيه من خلال التعبئة الدولية والإقليمية لمصلحة فريق معين من اللبنانيين بينما تقف في المقابل موقف مضاد ضد الفريق الآخر. معتبراً أن ما تتحرك به بعض الدول العربية في مواعظها بالنسبة إلى قضايا الوحدة وتهويلها بالخطر الذي يحدث إنما يراد منه إضعاف فريق المعارضة في هذا المجال.

ودعا فضل الله كل الذين يتحدثون عن حل لهذه الأزمة السياسية اللبنانية، أن لا ينظروا إلى الواقع اللبناني بعين واحدة، بل أن يدخلوا بالحوار مع كل الأطراف، وليكونوا واقعيين في سر المشكلة في هذا المقام وأن لا يتحركوا كما يتحرك أصحاب الشعارات في الحديث عن المؤسسات وما إلى ذلك، لأنهم يعرفون أن هناك جدلاً حول مضمون هذه المؤسسات وحول حركتها.

وهو إذ رأى أن هذا الاهتزاز السياسي لن يتحول إلى اهتزاز أمني كبير مشيراً إلى أنه ربما تحدث هناك بعض الأوضاع التي يثيرها بعض الانفعاليين وبعض المتحمسين. أبدى فضل الله اعتقاده بأن هذا الوضع سوف يواجه بالكثير من الانضباط سواء على مستوى انضباط المعارضة التي ترفض الدخول في فتنة من جهة، وانضباط الجيش وقوى الأمن الداخلي التي نريد للسلطة أن لا تستغل بعض رموزها التي قد تكون لها علاقة بها.

وأكد فضل الله أن سقوط دم وضحايا سوف ينذر الجميع بالتزام الانضباط محذراً من أن الهيكل سوف يسقط على رؤوس الجميع عندما تكبر المسألة، لأن اللعب على الوتر الطائفي الذي يثيره البعض والوتر المذهبي سوف يحرق الجميع بالنار، فعندما يغيب العقل عن الحركة السياسية فإن الغريزة سوف تقضي على الجميع بألف مشكلة ومشكلة.

ورفض فضل الله التوصيفات التي تقول بأن المشكلة اليوم في لبنان تأخذ منحىً سنياً شيعياً معبراً عن اعتقاده أن لا مشكلة بين السنة والشيعة، بل هناك بعض السياسيين من الذين يحاولون إثارة الجانب المذهبي لتقوية موقعهم السياسي ولإثارة العصبية المذهبية التي تحمي خطوطهم السياسية.

وأشار المرجع فضل الله إلى أنه أكد أكثر من مرة أن المشكلة في لبنان هي مشكلة سياسية وأن القضية بين السنة والشيعة في لبنان ليست هل أن الخلافة لأبي بكر أم أن الخلافة لعلي، وليست القضية بينهم كيف يصلي السنة وكيف يصلي الشيعة؟ ولكن القضية تتحرك من خلال مفردات سياسية وهي هل نريد حكومة وحدة وطنية أم لا نريدها وما هو الموقف من المحكمة الدولية ومن القرار 1701؟!

وأكد أن القضايا التي يتداولها الجميع لا علاقة للمذهبين السني والشيعي بها، ولكن كما نلاحظ في لبنان أن هذا الانتماء الشخصاني لهذه الزعامة أو تلك الزعامة يتحرك على أساس اعتبار هذه الزعامة موقعاً طائفياً أو موقعاً مذهبياً بحيث تكون معارضته معارضة للطائفة والمذهب.

واعتبر فضل الله أنّ ذلك دليلاً على أن لبنان الذي يمثل مصدر الإشعاع الثقافي والفكري قد سقط تحت تأثير التخلف السياسي الذي تتحرك به المدرسة السياسية المراهقة والتي لا تنفتح على القضايا الكبرى.

وعاد فضل الله بالذاكرة إلى السياسيين الذين كانوا في بداية عهد الاستقلال، والذين عندما ندرسهم لا يمكننا إلا أن نحترمهم بالرغم من أننا نختلف معهم، وذلك كونهم كانوا ينطلقون من قواعد سياسية وطنية تنفتح على القضايا الكبرى، ولذا لم يكن هناك أي مشكلة مذهبية أو طائفية في تلك المرحلة أما الآن فهناك المراهقون السياسيون الذين ربما يبلغون من العمر مستوى كبيراً ولكنهم لا يزالون يعيشون الطفولة السياسية من خلال أنهم يحركون الغرائز ولا يحركون العقول لأنهم يخافون من أن حركة العقل تحدث وعياً لدى المواطنين في أن هؤلاء لا يستطيعون قيادة الوطن لأنهم لا يعيشون حالة الوطنية بل حالة شخصانية يحاول كل واحد منهم أن يبحث عن نفسه.

ورأى السيد فضل الله أن المشكلة في كثير من رجال الدين أنهم أصبحوا موظفين لدى رجال السياسة ولاسيما في دائرة العصبية المذهبية، ولذلك فإنهم يتعصبون لهذا السياسي لأنه من مذهبهم، ولذلك السياسي لأنه من طائفتهم.

بالنسبة إليه، فقد الكثيرون من رجال الدين رسالتهم وأخذوا يفكرون في مصالحهم الخاصة فتحول هذا البعض إلى موظفين ينطلقون من خلال رصيد يقدم لهم أو لذلك الولاء.

وأكد أنه ليس في مقام تسجيل نقاط على الآخرين أو اتهام الآخرين، ولكن ماذا نفعل بهذا الواقع الذي نجد فيه بعض رجال الدين يحاولون إثارة الفتنة بين المسلمين جميعاً في الوقت الذي يواجه فيه المسلمون في المنطقة الخطة الأميركية التي تريد إسقاط المنطقة كلها وإثارة العصبيات لخدمة مصالحها الاستراتيجية وخدمة المصلحة الإسرائيلية.

وشدّد أن الخطة الأميركية المتحركة الآن في لبنان هي لمصلحة إسرائيل وليست لمصلحة لبنان إلا من خلال انفتاح المصلحة اللبنانية الأميركية على المصلحة ألإسرائيلية، مشيراً إلى أن أميركا تعمل في كل المنطقة في حربها وسلمها وسياستها على أساس الأمن الإسرائيلي، لأن كل الإدارات الأميركية تحدثت عن التزام أميركا بالأمن المطلق لإسرائيل وإن كان ذلك على حساب أمن المنطقة العربية والإسلامية.

نداء إلى المسلمين

وختم فضل الله بدعوة المسلمين إلى أن يرتفعوا إلى مستوى الأمة وأن لا يضيعوا في متاهات الزوايا المختنقة والزنازين الضيقة التي تحجب عنهم ضوء الشمس، مشيراً إلى أنه عليهم أن يشعروا أن الواقع الإسلامي يواجه تحديات كبرى من خلال السياسة الأميركية وحلفائها في العالم، لأننا نلاحظ أن كل الشعارات التي تحركها أميركا ضد الإرهاب وما إلى ذلك إنما تستهدف الواقع الإسلامي كله.

وقال فضل الله: إن على المسلمين الذين قد يختلفون في بعض الخطوط الفكرية على مستوى علم الكلام أو الفقه، أن يرجعوا إلى القرآن الكريم في قوله تعالى: {فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا}، داعياً إياهم إلى الارتفاع إلى مستوى المرحلة الصعبة وأن يأخذوا بأسباب الوحدة الإسلامية، لأننا عندما نعيش كمسلمين موحدين فإننا نستطيع أن نمد أيادينا إلى مواطنينا من المسيحيين الموحدين لتكون عملية الوحدة الوطنية منطلقة من وحدة منفتحة على قضايا الوطن إلى وحدة منفتحة على نفس القضايا من خلال مواجهة كل التحديات الداخلية والخارجية.

 

سعدى علوه

يثلج الحديث مع المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، القلب هذه الأيام. يعود الشعور إلى حالة الاستقرار النفسي بالنسبة إلى الجانب الأمني في لبنان، التي يعيشها هذا الرجل الكبير الذي لا يمكن أن تراه من دون الاستئناس برأيه المنفتح والمعتدل والمستشرف للأمور انطلاقا من تحليلات معمقة ومسؤولة وتجربة تمتد عميقاً في التاريخ.

فهو وبالرغم من كل الأوضاع التي وصفها بـ"القلقة" التي حدثت في اليومين الأخيرين، يرى أن هناك مناعة لدى اللبنانيين ضد الفتنة التي قد تتحول إلى حرب أهلية، وهو ما بشر به بعض المسؤولين العرب الكبار. فالسيد لا يعتقد أن في لبنان مشكلة بين السنة والشيعة، بل عند بعض السياسيين من الذين يحاولون إثارة الجانب المذهبي لتقوية موقعهم السياسي.

في لقاء مع "السفير"، رأى السيد فضل الله أن اللبنانيين قد ينفعلون وقد يتحمسون وقد يخضعون في انتماءاتهم السياسية لهذا الرمز الطائفي أو ذاك، ولكنهم لا يغامرون بالبلد بالمستوى الذي يصل به الوضع إلى حالة الحرب الداخلية. مشيراً إلى أن الحرب الأهلية التي حدثت في لبنان سابقاً لم تكن منطلقة من تجاذبات لبنانية داخلية بل من خلال خطة خارجية كان يقودها وزير خارجية أميركا الأسبق هنري كيسنجر لتصفية القضية الفلسطينية.

ولاحظ فضل الله أن الواقع الدولي والإقليمي في هذه المرحلة لا يريد أن يدخل لبنان هذا النفق الأمني، لأنّه عندما تتحرك الحرب الأهلية الداخلية لا يمكن للقوات الدولية أن تشعر بالأمن، وربما تنفتح المسألة على ما يشبه الفوضى في مسألة الحرب ضد إسرائيل والتي قد لا يقتصر التحرك فيها على اللبنانيين، بل ربما تتدخل عناصر أخرى يمكن أن تجد في الفوضى فرصتها للدخول في الحرب، وربما تتحرك المسألة لتكون الساحة الفلسطينية إلى جانب الساحة اللبنانية في الصراع الموجود في المنطقة، إضافة إلى الظرف الدولي.

ويعتقد المرجع الشيعي، أن هناك مناعة داخلية لبنانية على المستوى الإسلامي وعلى المستوى المسيحي وعلى المستوى السياسي الحزبي والمناطقي ضد أي حرب أهلية أو ضد أي فتنة داخلية تؤدي إلى واقع أمني، مع إشارته إلى بقاء هذا الاهتزاز السياسي انطلاقاً من أن هناك تخطيطاً دولياً تقوده أميركا لإفقاد المقاومة هذا النصر الذي استطاعت أن تربحه ضد إسرائيل، ولكي لا يتحول النصر العسكري إلى نصر سياسي.

وأضاف فضل الله: إننا نتصور أن هذا العناد الذي يتمثل في الواقع السياسي لم ينطلق من وضع داخلي مجرد بل إنه يخضع لوضع دولي وإقليمي وهذا ما نستوحيه من خلال التعبئة الدولية والإقليمية لمصلحة فريق معين من اللبنانيين بينما تقف في المقابل موقف مضاد ضد الفريق الآخر. معتبراً أن ما تتحرك به بعض الدول العربية في مواعظها بالنسبة إلى قضايا الوحدة وتهويلها بالخطر الذي يحدث إنما يراد منه إضعاف فريق المعارضة في هذا المجال.

ودعا فضل الله كل الذين يتحدثون عن حل لهذه الأزمة السياسية اللبنانية، أن لا ينظروا إلى الواقع اللبناني بعين واحدة، بل أن يدخلوا بالحوار مع كل الأطراف، وليكونوا واقعيين في سر المشكلة في هذا المقام وأن لا يتحركوا كما يتحرك أصحاب الشعارات في الحديث عن المؤسسات وما إلى ذلك، لأنهم يعرفون أن هناك جدلاً حول مضمون هذه المؤسسات وحول حركتها.

وهو إذ رأى أن هذا الاهتزاز السياسي لن يتحول إلى اهتزاز أمني كبير مشيراً إلى أنه ربما تحدث هناك بعض الأوضاع التي يثيرها بعض الانفعاليين وبعض المتحمسين. أبدى فضل الله اعتقاده بأن هذا الوضع سوف يواجه بالكثير من الانضباط سواء على مستوى انضباط المعارضة التي ترفض الدخول في فتنة من جهة، وانضباط الجيش وقوى الأمن الداخلي التي نريد للسلطة أن لا تستغل بعض رموزها التي قد تكون لها علاقة بها.

وأكد فضل الله أن سقوط دم وضحايا سوف ينذر الجميع بالتزام الانضباط محذراً من أن الهيكل سوف يسقط على رؤوس الجميع عندما تكبر المسألة، لأن اللعب على الوتر الطائفي الذي يثيره البعض والوتر المذهبي سوف يحرق الجميع بالنار، فعندما يغيب العقل عن الحركة السياسية فإن الغريزة سوف تقضي على الجميع بألف مشكلة ومشكلة.

ورفض فضل الله التوصيفات التي تقول بأن المشكلة اليوم في لبنان تأخذ منحىً سنياً شيعياً معبراً عن اعتقاده أن لا مشكلة بين السنة والشيعة، بل هناك بعض السياسيين من الذين يحاولون إثارة الجانب المذهبي لتقوية موقعهم السياسي ولإثارة العصبية المذهبية التي تحمي خطوطهم السياسية.

وأشار المرجع فضل الله إلى أنه أكد أكثر من مرة أن المشكلة في لبنان هي مشكلة سياسية وأن القضية بين السنة والشيعة في لبنان ليست هل أن الخلافة لأبي بكر أم أن الخلافة لعلي، وليست القضية بينهم كيف يصلي السنة وكيف يصلي الشيعة؟ ولكن القضية تتحرك من خلال مفردات سياسية وهي هل نريد حكومة وحدة وطنية أم لا نريدها وما هو الموقف من المحكمة الدولية ومن القرار 1701؟!

وأكد أن القضايا التي يتداولها الجميع لا علاقة للمذهبين السني والشيعي بها، ولكن كما نلاحظ في لبنان أن هذا الانتماء الشخصاني لهذه الزعامة أو تلك الزعامة يتحرك على أساس اعتبار هذه الزعامة موقعاً طائفياً أو موقعاً مذهبياً بحيث تكون معارضته معارضة للطائفة والمذهب.

واعتبر فضل الله أنّ ذلك دليلاً على أن لبنان الذي يمثل مصدر الإشعاع الثقافي والفكري قد سقط تحت تأثير التخلف السياسي الذي تتحرك به المدرسة السياسية المراهقة والتي لا تنفتح على القضايا الكبرى.

وعاد فضل الله بالذاكرة إلى السياسيين الذين كانوا في بداية عهد الاستقلال، والذين عندما ندرسهم لا يمكننا إلا أن نحترمهم بالرغم من أننا نختلف معهم، وذلك كونهم كانوا ينطلقون من قواعد سياسية وطنية تنفتح على القضايا الكبرى، ولذا لم يكن هناك أي مشكلة مذهبية أو طائفية في تلك المرحلة أما الآن فهناك المراهقون السياسيون الذين ربما يبلغون من العمر مستوى كبيراً ولكنهم لا يزالون يعيشون الطفولة السياسية من خلال أنهم يحركون الغرائز ولا يحركون العقول لأنهم يخافون من أن حركة العقل تحدث وعياً لدى المواطنين في أن هؤلاء لا يستطيعون قيادة الوطن لأنهم لا يعيشون حالة الوطنية بل حالة شخصانية يحاول كل واحد منهم أن يبحث عن نفسه.

ورأى السيد فضل الله أن المشكلة في كثير من رجال الدين أنهم أصبحوا موظفين لدى رجال السياسة ولاسيما في دائرة العصبية المذهبية، ولذلك فإنهم يتعصبون لهذا السياسي لأنه من مذهبهم، ولذلك السياسي لأنه من طائفتهم.

بالنسبة إليه، فقد الكثيرون من رجال الدين رسالتهم وأخذوا يفكرون في مصالحهم الخاصة فتحول هذا البعض إلى موظفين ينطلقون من خلال رصيد يقدم لهم أو لذلك الولاء.

وأكد أنه ليس في مقام تسجيل نقاط على الآخرين أو اتهام الآخرين، ولكن ماذا نفعل بهذا الواقع الذي نجد فيه بعض رجال الدين يحاولون إثارة الفتنة بين المسلمين جميعاً في الوقت الذي يواجه فيه المسلمون في المنطقة الخطة الأميركية التي تريد إسقاط المنطقة كلها وإثارة العصبيات لخدمة مصالحها الاستراتيجية وخدمة المصلحة الإسرائيلية.

وشدّد أن الخطة الأميركية المتحركة الآن في لبنان هي لمصلحة إسرائيل وليست لمصلحة لبنان إلا من خلال انفتاح المصلحة اللبنانية الأميركية على المصلحة ألإسرائيلية، مشيراً إلى أن أميركا تعمل في كل المنطقة في حربها وسلمها وسياستها على أساس الأمن الإسرائيلي، لأن كل الإدارات الأميركية تحدثت عن التزام أميركا بالأمن المطلق لإسرائيل وإن كان ذلك على حساب أمن المنطقة العربية والإسلامية.

نداء إلى المسلمين

وختم فضل الله بدعوة المسلمين إلى أن يرتفعوا إلى مستوى الأمة وأن لا يضيعوا في متاهات الزوايا المختنقة والزنازين الضيقة التي تحجب عنهم ضوء الشمس، مشيراً إلى أنه عليهم أن يشعروا أن الواقع الإسلامي يواجه تحديات كبرى من خلال السياسة الأميركية وحلفائها في العالم، لأننا نلاحظ أن كل الشعارات التي تحركها أميركا ضد الإرهاب وما إلى ذلك إنما تستهدف الواقع الإسلامي كله.

وقال فضل الله: إن على المسلمين الذين قد يختلفون في بعض الخطوط الفكرية على مستوى علم الكلام أو الفقه، أن يرجعوا إلى القرآن الكريم في قوله تعالى: {فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا}، داعياً إياهم إلى الارتفاع إلى مستوى المرحلة الصعبة وأن يأخذوا بأسباب الوحدة الإسلامية، لأننا عندما نعيش كمسلمين موحدين فإننا نستطيع أن نمد أيادينا إلى مواطنينا من المسيحيين الموحدين لتكون عملية الوحدة الوطنية منطلقة من وحدة منفتحة على قضايا الوطن إلى وحدة منفتحة على نفس القضايا من خلال مواجهة كل التحديات الداخلية والخارجية.

اقرأ المزيد
نسخ النص نُسِخ!
تفسير