بيان حول موقف الجامعة العربية تجاه قضايا المنطقة

بيان حول موقف الجامعة العربية تجاه قضايا المنطقة

لبنان لا يزال ساحة تصفية للحسابات الإقليمية والدولية الحادّة

فضل الله: لتعمل الجامعة العربية على ترتيب البيت العربي الداخلي قبل البيت اللبناني


أصدر سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، بياناً انتقد فيه موقف الجامعة العربية تجاه قضايا المنطقة، جاء فيه:

لا تزال الأزمة اللبنانية تراوح مكانها دون حلّ، بالرغم من إطلاق المبادرة العربية التي أصدرت أكثر من قرار أو تفسير لم يحقق أية نتيجة، مع إثارة الجدل الداخلي في مسؤولية هذا الفريق السياسي أو ذاك عن بقاء الجمود الذي قد يؤدي إلى هذا الجدل، وخصوصاً أن بعض العرب يتخذ موقفاً لمصلحة جهة، بينما يتخذ آخرون موقفاً آخر لمصلحة جهة أخرى، وذلك لتحريك بعض الحساسيات العربية المساهمة في تعقيد المشكلة لتسجيل نقطة على هذه الدولة أو تلك من خلال العلاقات السلبية بينها وتحريك الصراع في الساحة اللبنانية.

وفي مقابل ذلك، نجد أن الإدارة الأمريكية ممثلة برئيسها، جورج بوش، ترسل الرسالة تلو الرسالة والمندوب وراء المندوب لتأييد جهة لبنانية ضد جهة لبنانية أخرى، وخصوصاً عندما يرسل شخصية عسكرية قد توحي بإيجاد بعض الظروف الأمنية أو السياسية المعقدة.

إننا نلاحظ أن لبنان لا يزال هو الساحة التي تتمثل فيها تصفية الحسابات الإقليمية والدولية تحت عناوين حارة تنفتح على الصداقة والحرية والسيادة لمصلحة المشروع الدولي، ولاسيما الأمريكي... وخصوصاً أن الإدارة الأمريكية لم تصرّح بتأييدها المطلق للمبادرة العربية، وهو الأمر الذي ساهم في تعثرها أمام المشاكل المحلية والعربية.

وفي حركة الرصد لما يتحرك به المسؤولون العرب، نلاحظ أنهم يلتزمون بالجانب الإقليمي أكثر من التزامهم بعنوان العالم العربي، ولذلك فقد العالم العربي في أجواء الجامعة العربية، صدقيته وفاعليته، وتحركت الجامعة بالطريقة التي أُفسح فيها في المجال لإسرائيل وأمريكا كي تمنع قيام عالم عربي موحّد ليتمّ التدخل مع كل دولة عربية بمفردها أو مع كل محور عربي في إطاره.

إننا، وفي أجواء الحركة التي تقوم بها الجامعة العربية، نتساءل: لماذا أخفقت الجامعة في إحداث تغيير حقيقي في الواقع العربي كله، الذي يعاني في موقع معين من الاحتلال الذي يعمل على إذكاء نيران الفتنة بين أهل البلد الواحد، كما يجري في العراق ويسعى لتدمير شعب بكامله، كما يجري في فلسطين، ويتحرك لإيجاد شرخ داخلي يمنع البلد من النهوض كما في السودان، وصولاً إلى الانقسام السياسي الحادّ، كما في لبنان، والذي بات يُنذر باهتزازات كبيرة وبفوضى عارمة؟!

إن العجز الذي تعيشه الجامعة العربية ينطلق من واقعها الداخلي في ظلّ تشتّت المواقف العربية داخلياً، كما ينطلق من أن أمريكا رسمت سقفاً لحركة الجامعة وتدخلت لتحديد مساحة لكل دور عربي ضيقاً أو اتساعاً، ولهذا رأينا حركة الدول العربية خاضعة لما ترسمه الإدارة الأمريكية في هذا البلد أو ذاك، ومنها لبنان، لينطلق دور هذه الدولة أو تلك في حركة مد وجزر تبعاً للضغوط الأمريكية.

لقد كنا، ولا نزال، نؤكد أهمية أن ترتقي الجامعة العربية إلى مستوى حركة الشعوب العربية وطموحاتها وآفاقها، لأن ذلك يشكل الحماية الأساسية لها، كما يمثل مظلة حماية للقضايا العربية نفسها، كما نريد للجامعة أن تكون فاعلة، ولكن فاعليتها من فاعلية دولها، وما دامت أن الإدارة الأمريكية قد رفعت السيف فوق رقاب المسؤولين العرب وعملت على تجريدهم من أسلحة الإرادة، لا بل سعت لتوسيع شقة الخلافات والتعقيدات التي تعيشها العلاقات العربية ـ العربية في بعض دوائرها بين بعض الدول على وجه الخصوص، فإن الجامعة العربية لن تستطيع أن تحقق نجاحاً من خلال هذا الالتزام المسبق بالسقوف المرسومة لحركتها من قِبَل الإدارة الأمريكية.

إن ذلك يدفعنا إلى التأكيد على أن الجامعة العربية لن تصل إلى مستوى القوة في أخذ قرارها بيدها إلا إذا شعرت الدول العربية بضرورة أن تتوحد وتتكامل وتزيل ركام المشاكل والحساسيات الذي لا يزال يطغى على علاقة هذه الدولة بتلك، لأن الجامعة عندما تعجز عن ترتيب البيت العربي الداخلي ستكون عاجزة عن ترتيب البيت اللبناني أو الفلسطيني أو ما إلى ذلك، ولذلك فإن من الأولى للعرب أن يسعوا لترتيب أوضاعهم الداخلية والعلاقات في ما بينهم، لأن ذلك سيقود إلى تماسك على مستوى الجامعة، من شأنه أن يفضي إلى بلورة عربية حقيقية للحل العربي في لبنان وخارجه.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله (رض)
التاريخ: 10-2-1429 هـ  الموافق: 17/02/2008 م

لبنان لا يزال ساحة تصفية للحسابات الإقليمية والدولية الحادّة

فضل الله: لتعمل الجامعة العربية على ترتيب البيت العربي الداخلي قبل البيت اللبناني


أصدر سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، بياناً انتقد فيه موقف الجامعة العربية تجاه قضايا المنطقة، جاء فيه:

لا تزال الأزمة اللبنانية تراوح مكانها دون حلّ، بالرغم من إطلاق المبادرة العربية التي أصدرت أكثر من قرار أو تفسير لم يحقق أية نتيجة، مع إثارة الجدل الداخلي في مسؤولية هذا الفريق السياسي أو ذاك عن بقاء الجمود الذي قد يؤدي إلى هذا الجدل، وخصوصاً أن بعض العرب يتخذ موقفاً لمصلحة جهة، بينما يتخذ آخرون موقفاً آخر لمصلحة جهة أخرى، وذلك لتحريك بعض الحساسيات العربية المساهمة في تعقيد المشكلة لتسجيل نقطة على هذه الدولة أو تلك من خلال العلاقات السلبية بينها وتحريك الصراع في الساحة اللبنانية.

وفي مقابل ذلك، نجد أن الإدارة الأمريكية ممثلة برئيسها، جورج بوش، ترسل الرسالة تلو الرسالة والمندوب وراء المندوب لتأييد جهة لبنانية ضد جهة لبنانية أخرى، وخصوصاً عندما يرسل شخصية عسكرية قد توحي بإيجاد بعض الظروف الأمنية أو السياسية المعقدة.

إننا نلاحظ أن لبنان لا يزال هو الساحة التي تتمثل فيها تصفية الحسابات الإقليمية والدولية تحت عناوين حارة تنفتح على الصداقة والحرية والسيادة لمصلحة المشروع الدولي، ولاسيما الأمريكي... وخصوصاً أن الإدارة الأمريكية لم تصرّح بتأييدها المطلق للمبادرة العربية، وهو الأمر الذي ساهم في تعثرها أمام المشاكل المحلية والعربية.

وفي حركة الرصد لما يتحرك به المسؤولون العرب، نلاحظ أنهم يلتزمون بالجانب الإقليمي أكثر من التزامهم بعنوان العالم العربي، ولذلك فقد العالم العربي في أجواء الجامعة العربية، صدقيته وفاعليته، وتحركت الجامعة بالطريقة التي أُفسح فيها في المجال لإسرائيل وأمريكا كي تمنع قيام عالم عربي موحّد ليتمّ التدخل مع كل دولة عربية بمفردها أو مع كل محور عربي في إطاره.

إننا، وفي أجواء الحركة التي تقوم بها الجامعة العربية، نتساءل: لماذا أخفقت الجامعة في إحداث تغيير حقيقي في الواقع العربي كله، الذي يعاني في موقع معين من الاحتلال الذي يعمل على إذكاء نيران الفتنة بين أهل البلد الواحد، كما يجري في العراق ويسعى لتدمير شعب بكامله، كما يجري في فلسطين، ويتحرك لإيجاد شرخ داخلي يمنع البلد من النهوض كما في السودان، وصولاً إلى الانقسام السياسي الحادّ، كما في لبنان، والذي بات يُنذر باهتزازات كبيرة وبفوضى عارمة؟!

إن العجز الذي تعيشه الجامعة العربية ينطلق من واقعها الداخلي في ظلّ تشتّت المواقف العربية داخلياً، كما ينطلق من أن أمريكا رسمت سقفاً لحركة الجامعة وتدخلت لتحديد مساحة لكل دور عربي ضيقاً أو اتساعاً، ولهذا رأينا حركة الدول العربية خاضعة لما ترسمه الإدارة الأمريكية في هذا البلد أو ذاك، ومنها لبنان، لينطلق دور هذه الدولة أو تلك في حركة مد وجزر تبعاً للضغوط الأمريكية.

لقد كنا، ولا نزال، نؤكد أهمية أن ترتقي الجامعة العربية إلى مستوى حركة الشعوب العربية وطموحاتها وآفاقها، لأن ذلك يشكل الحماية الأساسية لها، كما يمثل مظلة حماية للقضايا العربية نفسها، كما نريد للجامعة أن تكون فاعلة، ولكن فاعليتها من فاعلية دولها، وما دامت أن الإدارة الأمريكية قد رفعت السيف فوق رقاب المسؤولين العرب وعملت على تجريدهم من أسلحة الإرادة، لا بل سعت لتوسيع شقة الخلافات والتعقيدات التي تعيشها العلاقات العربية ـ العربية في بعض دوائرها بين بعض الدول على وجه الخصوص، فإن الجامعة العربية لن تستطيع أن تحقق نجاحاً من خلال هذا الالتزام المسبق بالسقوف المرسومة لحركتها من قِبَل الإدارة الأمريكية.

إن ذلك يدفعنا إلى التأكيد على أن الجامعة العربية لن تصل إلى مستوى القوة في أخذ قرارها بيدها إلا إذا شعرت الدول العربية بضرورة أن تتوحد وتتكامل وتزيل ركام المشاكل والحساسيات الذي لا يزال يطغى على علاقة هذه الدولة بتلك، لأن الجامعة عندما تعجز عن ترتيب البيت العربي الداخلي ستكون عاجزة عن ترتيب البيت اللبناني أو الفلسطيني أو ما إلى ذلك، ولذلك فإن من الأولى للعرب أن يسعوا لترتيب أوضاعهم الداخلية والعلاقات في ما بينهم، لأن ذلك سيقود إلى تماسك على مستوى الجامعة، من شأنه أن يفضي إلى بلورة عربية حقيقية للحل العربي في لبنان وخارجه.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله (رض)
التاريخ: 10-2-1429 هـ  الموافق: 17/02/2008 م
اقرأ المزيد
نسخ النص نُسِخ!
تفسير