المرأة في التشريع الإسلامي شخصية قانونية ولا ولاية لأي إنسان عليها

المرأة في التشريع الإسلامي شخصية قانونية ولا ولاية لأي إنسان عليها

السيد فضل الله لمجلة (لها):

المرأة في التشريع الإسلامي شخصية قانونية ولا ولاية لأي إنسان عليها

إذا كانت بالغة رشيدة، سواء في الشؤون المالية أو الاجتماعية


وجّهت مجلة (لها) اللبنانية مجموعة من الأسئلة إلى العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، تسأل فيها عن حقوق المرأة العاملة وواجباتها من وجهة نظر الشرع الإسلامي، وكانت هذه الأسئلة:

س 1: هل من حقّ الزوج مطالبة زوجته المشاركة في المصاريف المعيشية؟


ج1 : المرأة في التشريع الإسلامي شخصية قانونية مستقلة لا ولاية لأيّ إنسان عليها إذا كانت بالغة رشيدة، سواء من الناحية المالية مما تملكه من المال من خلال عملها الحرّ أو وظيفتها الإدارية الرسمية، أو مما ورثته من أهلها، أو من الناحية العائلية في مسألة زواجها بكراً كانت أو ثيباً، حسب رأينا الفقهي، في استقلال العذراء في اختيار زوجها والارتباط الشرعي به من دون اشتراط إذن الأب أو الجد أو الأخ في صحة العقد الزوجي. وليس للزوج مطالبة زوجته، من ناحية شرعية قانونية المشاركة في المصاريف المعيشية إلا إذا اشترط عليها ذلك في ضمن العقد، ولها الحق في مطالبته بالإنفاق عليها إلزاماً حتى مع قدرتها على الإنفاق على نفسها من ناحية ما تملكه من المال.

ولعلّ هذه القضية هي التي لاحظها الشرع في تنصيف حصتها عن حصة الذكر في الإرث انطلاقاً من مسؤولية الرجل ـ الزوج في الإنفاق على الزوجة وأولادها في إدارة حاجاتهم الخاصة، ما يجعل القضية تتحرك في دائرة التوازن في الحقوق والواجبات، وربما كانت حصة الزوجة ـ حتى مع التنصيف ـ أكثر من حصة الزوج، الذي لا بد له من أن يدفع المهر والنفقة للزوجة من حصته الورثية مما لا تكلف به الزوجة.

س 2: هل من حق الأهل مطالبة ابنتهم المتزوجة العاملة بقسم من راتبها؟

ج 2: ليس للأهل الحق في مطالبة ابنتهم المتزوجة ـ أو غير المتزوجة ـ العاملة بقسم من راتبها، لأنها ليست مسؤولة شرعاً عن الإنفاق عليهم إلا من باب الإحسان إليهم والبرّ بهم استحباباً وتقرباً إلى الله، ولها الحق في احتفاظها براتبها في تدبير أمورها الخاصة والعامة.

س 3: هل يترتّب على المرأة العاملة (الزوجة والأم) واجبات مادية؟

ج 3: لا يترتب على المرأة العاملة (الزوجة والأم) أية واجبات مادية تجاه البيت الزوجي (الزوج والأولاد)، لأن الشرع لم يحملها مسؤولية ذلك، بل استحبّ لها المشاركة في المصاريف العائلية من باب الإنفاق الإنساني القائم على القيمة الروحية الأخلاقية في التكامل الاجتماعي لاسيما في الدائرة العائلية.

س 4: إذا كان رجل البيت عاطلاً عن العمل، ما مصير راتب الزوجة؟

ج 4: لا فرق في الحكم الشرعي الذي لا تتحمل الزوجة ـ من خلاله ـ أية مسؤولية شرعية في صرف راتبها على البيت الزوجي كون الزوج عاملاً أو عاطلاً عن العمل، وربما يرى بعض الفقهاء أن من واجبها الإنفاق على أولادها إذا لم يكن هناك من يتولى الإنفاق عليهم في حاجاتهم الضرورية أو شبه الضرورية، أما بالنسبة إلى الزوج فلا تتحمل أية مسؤولية مادية تجاهه إلا من باب المودة والرحمة.

س 5: هل ينحصر حقّ الرجل بسماح أو رفض عمل زوجته دون مطالبتها بما تجنيه؟

ج 5: ليس للزوج أن يرفض عمل زوجته إذا كانت أثناء إجراء العقد عاملة أو موظفة، وكان هناك شرط ضمني أو معلن في ضمن العقد باستمرارها في العمل أو الوظيفة، وليس له الحق في المنع عن ذلك ـ حسب رأينا الفقهي ـ إذا لم يكن عملها منافياً أو مناقضاً لحقه في الاستمتاع في الجانب الجنسي. أما في الحالات الأخرى، فقد يكون له الحق في الرفض في صورة منافاة العمل للعلاقة الزوجية بلحاظ الالتزام العقدي ـ وله في هذه الحالة ـ أن يطلب منها المشاركة في نتائج عملها أو في راتب وظيفتها في مقابل السماح لها في العمل، على أساس التعويض عن التنازل عن حقه.

س 6: هل يطالب الدين المرأة مشاركة زوجها الأعباء الحياتية؟

ج 6: إن الدين لا يطالب المرأة مشاركة زوجها الأعباء الحياتية من ناحية إلزامية شرعية، ولكنه يشجعها على ذلك إذا كان الوضع العائلي بحاجة إلى التعاون في رعاية البيت الزوجي في الحالة التي لا يملك فيها الزوج القدرة الكافية على القيام بالمسؤوليات الكاملة في إدارة الأسرة من الناحية المادية.

وخلاصة الفكرة، إن ما ذكرناه من الحكم الشرعي في عدم مسؤولية الزوجة عن الإنفاق على البيت الزوجي مما تملكه من المال، ينطلق من الاعتبارات القانونية في توزيع الحقوق والواجبات في المسؤولية في الالتزامات العقدية في عقد الزواج، ولكننا عندما ندرس المسألة من الناحية الأخلاقية الإنسانية التي لم يعتبر الشرع فيها الزواج شركة مادية بين الرجل والمرأة خاضعة للحسابات الدقيقة، بل اعتبره علاقة إنسانية قائمة على المودة والرحمة، الأمر الذي يفرض على الزوجين ـ المرأة والرجل ـ التعاون لتأسيس عائلة مستقرة من خلال بذل كل واحد منهما جهده في رعاية الأسرة، مما قد لا يجب عليه من ناحية قانونية، فإذا لم يكن من مسؤولية المرأة القيام بشؤون البيت وخدماته وتربية الأولاد ورعايتهم، لأن ذلك من مسؤولية الرجل، إلا مع الشرط في ضمن العقد، فإن عليها من خلال المسؤولية الروحية والأخلاقية والإنسانية أن ترعى بيتها العائلي وتربي أولادها وتنفق من مالها وجهدها ليكون ذلك عبادةً لله وطاعةً له وقرباً إليه، وانفتاحاً على زوجها بالمودة والرحمة والاندماج الكامل روحياً وجسدياً في المسؤولية الأخلاقية، ففي ذلك رضا الله ومحبته.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله (رض)
التاريخ: 16 شوال 1429 هـ  الموافق: 15/10/2008 م

السيد فضل الله لمجلة (لها):

المرأة في التشريع الإسلامي شخصية قانونية ولا ولاية لأي إنسان عليها

إذا كانت بالغة رشيدة، سواء في الشؤون المالية أو الاجتماعية


وجّهت مجلة (لها) اللبنانية مجموعة من الأسئلة إلى العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، تسأل فيها عن حقوق المرأة العاملة وواجباتها من وجهة نظر الشرع الإسلامي، وكانت هذه الأسئلة:

س 1: هل من حقّ الزوج مطالبة زوجته المشاركة في المصاريف المعيشية؟


ج1 : المرأة في التشريع الإسلامي شخصية قانونية مستقلة لا ولاية لأيّ إنسان عليها إذا كانت بالغة رشيدة، سواء من الناحية المالية مما تملكه من المال من خلال عملها الحرّ أو وظيفتها الإدارية الرسمية، أو مما ورثته من أهلها، أو من الناحية العائلية في مسألة زواجها بكراً كانت أو ثيباً، حسب رأينا الفقهي، في استقلال العذراء في اختيار زوجها والارتباط الشرعي به من دون اشتراط إذن الأب أو الجد أو الأخ في صحة العقد الزوجي. وليس للزوج مطالبة زوجته، من ناحية شرعية قانونية المشاركة في المصاريف المعيشية إلا إذا اشترط عليها ذلك في ضمن العقد، ولها الحق في مطالبته بالإنفاق عليها إلزاماً حتى مع قدرتها على الإنفاق على نفسها من ناحية ما تملكه من المال.

ولعلّ هذه القضية هي التي لاحظها الشرع في تنصيف حصتها عن حصة الذكر في الإرث انطلاقاً من مسؤولية الرجل ـ الزوج في الإنفاق على الزوجة وأولادها في إدارة حاجاتهم الخاصة، ما يجعل القضية تتحرك في دائرة التوازن في الحقوق والواجبات، وربما كانت حصة الزوجة ـ حتى مع التنصيف ـ أكثر من حصة الزوج، الذي لا بد له من أن يدفع المهر والنفقة للزوجة من حصته الورثية مما لا تكلف به الزوجة.

س 2: هل من حق الأهل مطالبة ابنتهم المتزوجة العاملة بقسم من راتبها؟

ج 2: ليس للأهل الحق في مطالبة ابنتهم المتزوجة ـ أو غير المتزوجة ـ العاملة بقسم من راتبها، لأنها ليست مسؤولة شرعاً عن الإنفاق عليهم إلا من باب الإحسان إليهم والبرّ بهم استحباباً وتقرباً إلى الله، ولها الحق في احتفاظها براتبها في تدبير أمورها الخاصة والعامة.

س 3: هل يترتّب على المرأة العاملة (الزوجة والأم) واجبات مادية؟

ج 3: لا يترتب على المرأة العاملة (الزوجة والأم) أية واجبات مادية تجاه البيت الزوجي (الزوج والأولاد)، لأن الشرع لم يحملها مسؤولية ذلك، بل استحبّ لها المشاركة في المصاريف العائلية من باب الإنفاق الإنساني القائم على القيمة الروحية الأخلاقية في التكامل الاجتماعي لاسيما في الدائرة العائلية.

س 4: إذا كان رجل البيت عاطلاً عن العمل، ما مصير راتب الزوجة؟

ج 4: لا فرق في الحكم الشرعي الذي لا تتحمل الزوجة ـ من خلاله ـ أية مسؤولية شرعية في صرف راتبها على البيت الزوجي كون الزوج عاملاً أو عاطلاً عن العمل، وربما يرى بعض الفقهاء أن من واجبها الإنفاق على أولادها إذا لم يكن هناك من يتولى الإنفاق عليهم في حاجاتهم الضرورية أو شبه الضرورية، أما بالنسبة إلى الزوج فلا تتحمل أية مسؤولية مادية تجاهه إلا من باب المودة والرحمة.

س 5: هل ينحصر حقّ الرجل بسماح أو رفض عمل زوجته دون مطالبتها بما تجنيه؟

ج 5: ليس للزوج أن يرفض عمل زوجته إذا كانت أثناء إجراء العقد عاملة أو موظفة، وكان هناك شرط ضمني أو معلن في ضمن العقد باستمرارها في العمل أو الوظيفة، وليس له الحق في المنع عن ذلك ـ حسب رأينا الفقهي ـ إذا لم يكن عملها منافياً أو مناقضاً لحقه في الاستمتاع في الجانب الجنسي. أما في الحالات الأخرى، فقد يكون له الحق في الرفض في صورة منافاة العمل للعلاقة الزوجية بلحاظ الالتزام العقدي ـ وله في هذه الحالة ـ أن يطلب منها المشاركة في نتائج عملها أو في راتب وظيفتها في مقابل السماح لها في العمل، على أساس التعويض عن التنازل عن حقه.

س 6: هل يطالب الدين المرأة مشاركة زوجها الأعباء الحياتية؟

ج 6: إن الدين لا يطالب المرأة مشاركة زوجها الأعباء الحياتية من ناحية إلزامية شرعية، ولكنه يشجعها على ذلك إذا كان الوضع العائلي بحاجة إلى التعاون في رعاية البيت الزوجي في الحالة التي لا يملك فيها الزوج القدرة الكافية على القيام بالمسؤوليات الكاملة في إدارة الأسرة من الناحية المادية.

وخلاصة الفكرة، إن ما ذكرناه من الحكم الشرعي في عدم مسؤولية الزوجة عن الإنفاق على البيت الزوجي مما تملكه من المال، ينطلق من الاعتبارات القانونية في توزيع الحقوق والواجبات في المسؤولية في الالتزامات العقدية في عقد الزواج، ولكننا عندما ندرس المسألة من الناحية الأخلاقية الإنسانية التي لم يعتبر الشرع فيها الزواج شركة مادية بين الرجل والمرأة خاضعة للحسابات الدقيقة، بل اعتبره علاقة إنسانية قائمة على المودة والرحمة، الأمر الذي يفرض على الزوجين ـ المرأة والرجل ـ التعاون لتأسيس عائلة مستقرة من خلال بذل كل واحد منهما جهده في رعاية الأسرة، مما قد لا يجب عليه من ناحية قانونية، فإذا لم يكن من مسؤولية المرأة القيام بشؤون البيت وخدماته وتربية الأولاد ورعايتهم، لأن ذلك من مسؤولية الرجل، إلا مع الشرط في ضمن العقد، فإن عليها من خلال المسؤولية الروحية والأخلاقية والإنسانية أن ترعى بيتها العائلي وتربي أولادها وتنفق من مالها وجهدها ليكون ذلك عبادةً لله وطاعةً له وقرباً إليه، وانفتاحاً على زوجها بالمودة والرحمة والاندماج الكامل روحياً وجسدياً في المسؤولية الأخلاقية، ففي ذلك رضا الله ومحبته.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله (رض)
التاريخ: 16 شوال 1429 هـ  الموافق: 15/10/2008 م
اقرأ المزيد
نسخ النص نُسِخ!
تفسير