"عليك بالصوم فإنه جنّةٌ من النار"

"عليك بالصوم فإنه جنّةٌ من النار"

 لأن الصيام يعني "الاجتناب عن المحرّمات":
"عليك بالصوم فإنه جنّةٌ من النار"


ألقى سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله خطبتي صلاة الجمعة من على منبر مسجد الإمامين الحسنين (ع) في حارة حريك بحضور حشد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية وجمع غفير من المؤمنين ، ومما جاء في خطبته الأولى :

تجديد الإيمان

يقول الله تعالى في كتابه المجيد: "يا أيها الذين آمنوا كُتب عليكم الصيام كما كُتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون". هذا الشهر هو الشهر الذي فرض الله تعالى صيامه على المؤمنين جميعاً، من أجل أن يتجدد إيمانهم فيكون إيماناً حيّاً يتحرك في العقل فيدفعه إلى أن يكون فكره فكر الحق، ويتحرك في نبضات القلب لتكون نبضاته نبضات المحبة، وليتحرك في الحياة لتكون حياة الإنسان حياة العدل مع ربه ومع نفسه ومع الناس من حوله.

إن دور هذا الشهر في روحية الصيام هو أنه ينظم للإنسان حركته في السنة كلها، لأنه يتحرك في خط المسؤولية التي فرضها الله تعالى عليه، ولا بدّ له من أن يملك الوعي الكامل لمسؤوليته، وأن يعرف حدودها في ما أمره الله تعالى به ونهاه عنه، ثم أن يملك الإرادة الصلبة التي يؤكد فيها موقفه في الخط المستقيم. ولذلك أراد الله تعالى للإنسان في هذا الشهر أن يعي حدود المسؤولية بقراءة القرآن وبالدعاء المتحرك في الليل وفي النهار، وهذا ما يمثل الثقافة الإسلامية في كل مفرداتها الروحية والعقيدية والأخلاقية والحركية وحتى الشرعية، فيما انطلق فيه النبي (ص) والأئمة الهداة من أهل بيته (ع).

لذلك، علينا أن ننظر إلى الأدعية عندما نقرأها نظرة ثقافية إلى جانب النظرة الروحية، لأن هذه الأدعية التي بين أيدينا كما في الأدعية النهارية والليلية وأدعية السحر، بالإضافة إلى أدعية الإمام زين العابدين (ع) في "الصحيفة السجادية"، تمثل ثقافة إسلامية شاملة يخرج بها الإنسان عندما ينتهي منها – إذا كان واعياً للقراءة – بهذه المعرفة الإسلامية.

حالة عبادية صامتة

وأراد الله تعالى في الصوم أن يعيش الإنسان في داخل نفسه الرقابة على حركته بين يدي ربه بعيداً عن الناس، لأن الفرق بين الصوم وبين الصلاة والحج وغيرها من العبادات هو أن الصوم لا شكل له ولا مظهر في حركة الإنسان، بينما الصلاة شكلها في قيامها وركوعها وسجودها، بحيث أنك عندما تصلي فإنك تعطي في صورة الصلاة انطباعاً أمام الناس، وهكذا بالنسبة إلى الحج. ومن هنا، فإن مسألة الصلاة قد يدخل فيها الرياء والنفاق وكذلك الحج، أما الصوم لا يدخل فيه ذلك لأنه ليس له حالة يمكن للإنسان أن يستعرضها أمام الناس، إلا إذا قال "إني صائم".. ولذلك، ورد في الحديث القدسي: قال الله تبارك وتعالى: "كل عمل ابن آدم هو له غير الصيام هو لي وأنا أجزي به"، لأن الصيام يمثل هذه الحالة العبادية الصامتة بين الإنسان وبين ربه.

وعلى ضوء هذا، عندما يعيش الإنسان هذه الحالة الروحية التي تدفعه إلى أن يكفّ عن طعامه وشرابه ولذاته، فإن معنى ذلك أنه يقوّي في داخل نفسه إرادته في أن يترك ما حرّم الله تعالى عليه، حتى لو لم يشعر به أحد. ثم أن التشريع استهدف بالصوم جانبين:

التذكير بالآخرة

الجانب الأول هو الجانب الروحي الذي يذكّر الإنسان بالآخرة، ونحن نعرف أن الإنسان كلما استغرق في ذكر الآخرة أكثر كلما انضبط في ما يقبل عليه من النتائج في أعماله بين يدي الله تعالى أكثر، لأن الغالب منا أننا نغفل عن ذكر الآخرة، ولذلك فإننا نستعجل أرباح الدنيا ونتفادى خسائرها ونعطيها كل اهتماماتنا العقلية والشعورية والعملية، أما مكاسب الآخرة وخسائرها فإننا نواجهها باللامبالاة.

ولذلك، فإن الغالب منا أمام غفلاتنا هو أنه إذا دار الأمر بين أن يخسر أحدنا شيئاً في الآخرة أو يخسر شيئاً في الدنيا فإنه يغلّب خسارة الآخرة على خسارة الدنيا، أو إذا دار الأمر بين أن يربح شيئاً في الآخرة وشيئاً في الدنيا فإنه يقدّم ربح الدنيا على ربح الآخرة. ولذلك، نجد أن الله تعالى اهتم في القرآن الكريم بالحديث عن الآخرة وأهوالها وحساباتها حتى يظل الإنسان واعياً للآخرة، لأنه كلما ازداد وعي الآخرة في مشاعره أكثر كلما انضبط في الدنيا بما يريد الله تعالى له أن ينضبط أكثر. والجانب الآخر هو الجانب الاجتماعي الذي يتصل بعلاقة الإنسان بالفئات المحرومة.

في الجانب الأول نقرأ في الخطبة المروية عن النبي (ص) في آخر جمعة من "شعبان": "اذكروا بجوعكم وعطشكم فيه جوع يوم القيامة وعطشه"، وكأنه ينبغي للإنسان أن لا يتملّى من الطعام والشراب كثيراً، بل أن يتناول في سحوره ما يتحسس به بعض الجوع والعطش، حتى إذا أحسّ بالجوع والعطش ذكر الموقف يوم القيامة، "يوم يقوم الناس لربّ العالمين"، "يوم لا تملك نفس لنفس شيئاً والأمر يومئذ لله"، وفي الآخرة لا يوجد مطاعم أو سبيل ماء، ليس هناك إلا رحمة الله عزّ وجلّ.. ويوم القيامة قد يطول الحساب فيه وقد يقصر، ولذلك فالذين عملوا السيئات ولم يتوبوا فإن حسابهم سوف يطول، وبذلك سوف يطول جوعهم وعطشهم، أما الذين تابوا إلى الله تعالى توبة نصوحا وعملوا الصالحات في موقع الإيمان، فإن موقفهم لن يكون طويلاً.

إسكات الشهوات

وفي الحديث: "فإن قال: فلم أُمروا بالصوم؟ قيل: لكي يعرفوا ألم الجوع والعطش، فيستدلوا على فقر الآخرة، وليكون الصائم خاشعاً ذليلاً مستكيناً مأجوراً محتسباً عارفاً صابراً بما أصابه من الجوع والعطش، فيستوجب الثواب، مع ما فيه من الانكسار عن الشهوات – لأن الإنسان قد يقبل على الشهوات أكثر وهو شبع، أما عندما يجوع فإنه يخف ضغط الشهوة عليه، من هنا يُطلب من الشباب الذين لا يجدون فرصة للزواج أن يصوموا، باعتبار أن الصوم يكسر حدّة الشهوة في الجسد – وليكون ذلك واعظاً لهم في العاجل، ورائداً على أداء ما كلفهم، ودليلاً في الآجل، وليعرفوا شدّة مبلغ ذلك على أهل الفقر والمسكنة في الدنيا – لأن كثيراً من الناس لا يشعر بجوع الجائعين وعطش العطاشى لأنه يملك إمكانات مالية – فيؤدوا إليهم ما افترض الله تعالى لهم في أموالهم".

الشعور بالمساواة

وفي حديث آخر عن الإمام الصادق (ع): "أما العلة في الصيام ليستوي به الغني والفقير، وذلك لأنه لم يكن ليجد مسّ الجوع فيرحم الفقير، لأن الغني كلما أراد شيئاً قدر عليه، فأراد الله عزّ وجلّ أن يسوّي بين خلقه وأن يذيق الغني مسّ الجوع والألم ليرق على الضعيف ويرحم الجائع".. وورد في النتائج التي يحصل عليها الإنسان بالصيام، سواء كان واجباً أو مستحباً: "عليك بالصوم فإنه جُنّة من النار - والجُنّة هي الدرع الذي يقي الإنسان في ساحة الحرب – وإن استطعت أن يأتيك الموت وبطنك جائع فافعل". وفي الحديث عن رسول الله (ص): "لكل شيء زكاة وزكاة الأبدان الصيام".

ألطاف الصيام وبركاته

أما ما يعطي الله تعالى الصائم من ألطاف وبركات وضيافات، فقد ورد في الحديث: "نوم الصائم عبادة، وصمته تسبيح، ودعاؤه مستجاب، وعمله مضاعف، إن للصائم عند إفطاره دعوة لا تُرد"، فعلى الإنسان أن يبدأ فطوره بما أهمّه من أمر، فإن الله تعالى بكرمه ولطفه يستجيب دعاءه. وفي الحديث عن رسول الله (ص): "الصائم في عبادة الله وإن كان نائماً على فراشه ما لم يغتب مسلماً".. أما الصائم الذي يترك طعامه وشرابه ولكنه يقضي يومه في المعصية في كلامه ومعاملاته، فقد ورد في الحديث: "ربّ صائم حظه من صيامه إلا الجوع والعطش، وربّ قائم حظه من قيامه السهر"، لأن جوهر الصوم هو التقوى فمن لم يتقِ الله فكأنه لم يصم، وجوهر الصلاة النهي عن الفحشاء والمنكر فمن لم ينتهِ عن الفحشاء والمنكر فكأنه لم يصلِّ..

وإن للقلب صوماً كما للجسد صوماً، وقد قال عليّ (ع): "صيام القلب عن الفكر في الآثام أفضل من صيام البطن عن الطعام"، أن يصوم عقلك فلا يتحرك في التخطيط للشر والإضرار بعباد الله وبما لا يرضي الله تعالى. وقال رسول الله (ص) لجابر بن عبد الله: "يا جابر هذا شهر رمضان، من صام نهاره وقام ورداً من ليله وعفّ بطنه وفرجه، وكفّ لسانه، خرج من ذنوبه كخروجه من الشهر"، فقال جابر: يا رسول الله ما أحسن هذا الحديث! فقال (ص): "وما أشد هذه الشروط"..

الصوم عن الفتن والفساد

هذا هو سرّ الصوم، وقد بدأناه، فعلينا أن نعمل على أن نصوم لله بعقولنا وقلوبنا ومشاعرنا وكل حياتنا، أن نصوم عن كل ما يحدث الفتنة والفساد بين الناس، أن نصوم عن الظلم لا سيما ظلم الضعيف، تعالوا لنتطهّر في هذا الشهر الذي سمّاه الإمام زين العابدين (ع) "شهر الطهور، تعالوا لنغتسل من كل ذنوبنا وعيوبنا وأحقادنا وعداواتنا، تعالوا ونحن في ضيافة الله لنعيش مع الله، وعندما نعيش مع الله فإننا نعيش مع الإنسان كله والمسؤولية كلها. نسأل الله تعالى أن يتقبل منا صيامنا وقيامنا، وأن يوفقنا للتوبة، وأن يعفو عنا ويغفر لنا ذنوبنا، إنه أرحم الراحمين.

الخطبة الثانية

بسم الله الرحمن الرحيم

عباد الله.. اتقوا الله واعملوا على أن يكون صومكم في هذا الشهر صوماً عن كل المشاعر الإيجابية للظالمين كلهم، صوموا عن الظلم كله، وعن الركون إلى الظالمين ومساعدتهم وإيجاد الأعذار لهم فيما يظلمون به الناس، صوموا عن كل ما يؤدي إلى إيذاء الناس ويربك حياتهم ويثير المشاكل بينهم.. وعلينا أن نقف ضد المستكبرين والظالمين لأن الله تعالى لا يحب المستكبرين والظالمين، ولذلك لا بد لنا ونحن في هذا الشهر الذي هو شهر الجهاد، أن نعيش الجهاد بالفكر والكلمة والموقف، والجهاد في مواجهة أعداء الله، تعالوا لنعرف ماذا هناك والأجواء تضج بكل أوضاع الاستكبار في حياتنا.

عجز صهيوني لكبح الانتفاضة

لا تزال الانتفاضة مستمرة، وقد دخلت شهرها الثالث وبدأت تصيب الجسم الصهيوني بجروحٍ وقروحٍ من الحجم الكبير على الصعد السياسية والاقتصادية والأمنية، من خلال تطوير أساليبها ووسائلها، ونقل المعركة إلى داخل المستوطنات، بالرغم من أن الجيش الصهيوني لم يترك أية خطة أمنية سرية لوضع حدّ للانتفاضة – حسب تصريح "باراك" – إلا وجرّبها، ولكنه لم يفلح في ذلك، مما يؤكد عجز العدوأمام إرادة الشعب الفلسطيني الذي لم يخيّب آمال الأمة في صموده وتضحياته، فقد كان هذا الشعب المجاهد بمستوى الطموحات العربية والإسلامية في معركة الحرية، حتى بدأ الأفق الإسرائيلي يضيق، وآفاق الجهاد الفلسطيني تتسع..

 

لذلك، فإن المستقبل للفلسطينيين، شريطة أن لا يفسحوا المجال للتجّار والسماسرة الدوليين والإقليميين بإدخال هذا الانتصار في لعبة التسوية من جديد، بإعادة عقارب الساعة إلى الوراء، لأن أكثر من موقع دولي وإقليمي يتحرك من أجل إخراج إسرائيل من المأزق السياسي والأمني الذي لم يعد مأزقاً على السطح، بل أصبح مأزقاً في العمق بحيث يضرب في جذور الكيان الصهيوني، الأمر الذي يفرض على العرب والمسلمين أن يعملوا على تهيئة الظروف الملائمة لإيصال الانتفاضة إلى هدفها الاستراتيجي في التحرير..

المشكلة أصبحت في الداخل الصهيوني

وليس بعيداً عن ذلك، نسمع رئيس حكومة العدو وهو يتحدث عن المقاومة والانتفاضة بأن "ما يتعيّن علينا عمله هو توحيد الصفوف والوقوف معاً أمام جميع التحديات"، على حدّ قوله.. بحيث بدأ يشعر بحجم التمزّق الداخلي الذي يعيشه بفعل الانتفاضة والمقاومة، وهو الآن يتحدث عن توحيد الصفوف تماماً كما كنا نتحدث، وكما كان العرب يتحدثون، الأمر الذي يعني أننا استطعنا أن ننقل المشكلة من ساحتنا إلى ساحته، بإمكانيات متواضعة، فماذا لو تضافرت الإمكانيات العربية والإسلامية؟

لقد كانت المقاومة الإسلامية هي الناخب الأساسي في انتخابات العدو، وكانت ضرباتها هي التي تدفع بالأمور داخل كيانه إلى انتخابات مبكرة بين الحين والآخر، وها نحن نشهد صورة مماثلة، حيث استطاعت الانتفاضة بحجارتها أن تُسقط حكومة إسرائيلية، أو أوشكت على ذلك.. إننا نشهد وجهاً جديداً من وجوه الصراع مع الكيان الصهيوني، وينبغي على الجميع أن يتحمّلوا المسؤولية في العمل لامتداد هذا الصراع بما يربك العدو أكثر، ويحقق المزيد من الأهداف للشعب الفلسطيني في جهاده المستمر نحو التحرير..

العدو يشهد ملامح الهزيمة

وفي هذا الجو، وعندما نجد أن الصورة في المنطقة تسير في هذا المنحى من الصراع، حيث يجد فيه العدو نفسه وجهاً لوجه أمام ملامح الهزيمة، فإننا لا نريد للسجال اللبناني الداخلي أن يتخطى هذه الصورة، بل نريد له أن يأخذ بعين الاعتبار الوضع القائم الذي ينبغي أن يتكامل فيه الموقف مع ما يجري في فلسطين المحتلة، وأن يحمل الجميع همّ القضية الكبرى لناحية سعيهم لتعميق الجرح الصهيوني بنفس المستوى الذي يعملون فيه على تضميد الجرح الداخلي، لأن ما ينتظرنا في المنطقة هو المزيد من الاهتزاز، ولأن المهلة المتبقية أمام حكومة العدو الحالية قبيل حصول الانتخابات سوف تكون مهلة عدوانية بكل ما للكلمة من معنى، حيث سيعمل "باراك" خلالها على مضاعفة المجازر في الداخل الفلسطيني، وربما الاعتداء على لبنان بصورة أوسع وأشمل، من أجل تأمين فرصة أخرى له للفوز في الانتخابات القادمة، تماماُ كما فعل "بيريز" أثناء حرب "عناقيد الغضب"، فقد نشهد عناقيد غضب فلسطينية بطريقة وأخرى..

التكامل في التحرير وإنقاذ الداخل

إننا أمام ذلك، نشعر بأن هناك مسألتين أساسيتين ينبغي لنا أن نخطط لهما ونوليهما اهتمامنا، وتتمثل المسألة الأولى في الاحتلال الإسرائيلي المستمر لبعض الأجزاء اللبنانية، مع ما يتصل به من تفاصيل كملف اللبنانيين في سجون العدو وغير ذلك، وتتصل المسألة الثانية في الأولويات الحياتية للناس.. وقد رأينا أن السجال السياسي الداخلي في مراحله الأخيرة حاول أن يستبعد هاتين المسألتين بطريقة وأخرى، لينطلق في معالجة القضايا من خلال أولويات هذا الفريق أو ذاك، بعيداً عن أولويات الناس..

لذلك، ندعو إلى الابتعاد عن الضجة السياسية المثارة تحت عناوين لن يصل اللبنانيون إلى حلول قريبة لها - أو أنهم لا يملكون ذلك – والدخول في بحث جدّي فيما هي الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يبدو أن الجميع تناسوها مؤخراً، مع أنها توشك أن تدخل في مرحلة هي أكثر صعوبة وأشد وطأة.. إن علينا أن نحفظ القضية الكبرى في إثارة المسائل، وفي تحريك الخطاب، فلا تزال فرص المعالجة موجودة، ولا تزال في الواقع إمكانيات، قبيل أن نصل إلى مرحلة الخسارة الكبرى سياسياً واقتصادياً..

وبهذه المناسبة، فإننا نرحب بالخطوات الأخيرة للحكومة، في إطار سعيها لإعادة تحريك العجلة الاقتصادية، شريطة أن تنطلق هذه الخطوات من دراسة شاملة للأوضاع، ومن خطة متكاملة قد تتحرك بطريقة مرحلية ريثما تصل إلى مستوى التنفيذ، وإن تحركت بشكل تدريجي، لأن المهم هو أن لا تكون الخطوات مجتزأة وعشوائية، بل منظّمة ومدروسة في إطار خطة ترصد المستقبل في إمكانياته، كما ترصد الحاضر في مشاكله وأزماته

 لأن الصيام يعني "الاجتناب عن المحرّمات":
"عليك بالصوم فإنه جنّةٌ من النار"


ألقى سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله خطبتي صلاة الجمعة من على منبر مسجد الإمامين الحسنين (ع) في حارة حريك بحضور حشد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية وجمع غفير من المؤمنين ، ومما جاء في خطبته الأولى :

تجديد الإيمان

يقول الله تعالى في كتابه المجيد: "يا أيها الذين آمنوا كُتب عليكم الصيام كما كُتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون". هذا الشهر هو الشهر الذي فرض الله تعالى صيامه على المؤمنين جميعاً، من أجل أن يتجدد إيمانهم فيكون إيماناً حيّاً يتحرك في العقل فيدفعه إلى أن يكون فكره فكر الحق، ويتحرك في نبضات القلب لتكون نبضاته نبضات المحبة، وليتحرك في الحياة لتكون حياة الإنسان حياة العدل مع ربه ومع نفسه ومع الناس من حوله.

إن دور هذا الشهر في روحية الصيام هو أنه ينظم للإنسان حركته في السنة كلها، لأنه يتحرك في خط المسؤولية التي فرضها الله تعالى عليه، ولا بدّ له من أن يملك الوعي الكامل لمسؤوليته، وأن يعرف حدودها في ما أمره الله تعالى به ونهاه عنه، ثم أن يملك الإرادة الصلبة التي يؤكد فيها موقفه في الخط المستقيم. ولذلك أراد الله تعالى للإنسان في هذا الشهر أن يعي حدود المسؤولية بقراءة القرآن وبالدعاء المتحرك في الليل وفي النهار، وهذا ما يمثل الثقافة الإسلامية في كل مفرداتها الروحية والعقيدية والأخلاقية والحركية وحتى الشرعية، فيما انطلق فيه النبي (ص) والأئمة الهداة من أهل بيته (ع).

لذلك، علينا أن ننظر إلى الأدعية عندما نقرأها نظرة ثقافية إلى جانب النظرة الروحية، لأن هذه الأدعية التي بين أيدينا كما في الأدعية النهارية والليلية وأدعية السحر، بالإضافة إلى أدعية الإمام زين العابدين (ع) في "الصحيفة السجادية"، تمثل ثقافة إسلامية شاملة يخرج بها الإنسان عندما ينتهي منها – إذا كان واعياً للقراءة – بهذه المعرفة الإسلامية.

حالة عبادية صامتة

وأراد الله تعالى في الصوم أن يعيش الإنسان في داخل نفسه الرقابة على حركته بين يدي ربه بعيداً عن الناس، لأن الفرق بين الصوم وبين الصلاة والحج وغيرها من العبادات هو أن الصوم لا شكل له ولا مظهر في حركة الإنسان، بينما الصلاة شكلها في قيامها وركوعها وسجودها، بحيث أنك عندما تصلي فإنك تعطي في صورة الصلاة انطباعاً أمام الناس، وهكذا بالنسبة إلى الحج. ومن هنا، فإن مسألة الصلاة قد يدخل فيها الرياء والنفاق وكذلك الحج، أما الصوم لا يدخل فيه ذلك لأنه ليس له حالة يمكن للإنسان أن يستعرضها أمام الناس، إلا إذا قال "إني صائم".. ولذلك، ورد في الحديث القدسي: قال الله تبارك وتعالى: "كل عمل ابن آدم هو له غير الصيام هو لي وأنا أجزي به"، لأن الصيام يمثل هذه الحالة العبادية الصامتة بين الإنسان وبين ربه.

وعلى ضوء هذا، عندما يعيش الإنسان هذه الحالة الروحية التي تدفعه إلى أن يكفّ عن طعامه وشرابه ولذاته، فإن معنى ذلك أنه يقوّي في داخل نفسه إرادته في أن يترك ما حرّم الله تعالى عليه، حتى لو لم يشعر به أحد. ثم أن التشريع استهدف بالصوم جانبين:

التذكير بالآخرة

الجانب الأول هو الجانب الروحي الذي يذكّر الإنسان بالآخرة، ونحن نعرف أن الإنسان كلما استغرق في ذكر الآخرة أكثر كلما انضبط في ما يقبل عليه من النتائج في أعماله بين يدي الله تعالى أكثر، لأن الغالب منا أننا نغفل عن ذكر الآخرة، ولذلك فإننا نستعجل أرباح الدنيا ونتفادى خسائرها ونعطيها كل اهتماماتنا العقلية والشعورية والعملية، أما مكاسب الآخرة وخسائرها فإننا نواجهها باللامبالاة.

ولذلك، فإن الغالب منا أمام غفلاتنا هو أنه إذا دار الأمر بين أن يخسر أحدنا شيئاً في الآخرة أو يخسر شيئاً في الدنيا فإنه يغلّب خسارة الآخرة على خسارة الدنيا، أو إذا دار الأمر بين أن يربح شيئاً في الآخرة وشيئاً في الدنيا فإنه يقدّم ربح الدنيا على ربح الآخرة. ولذلك، نجد أن الله تعالى اهتم في القرآن الكريم بالحديث عن الآخرة وأهوالها وحساباتها حتى يظل الإنسان واعياً للآخرة، لأنه كلما ازداد وعي الآخرة في مشاعره أكثر كلما انضبط في الدنيا بما يريد الله تعالى له أن ينضبط أكثر. والجانب الآخر هو الجانب الاجتماعي الذي يتصل بعلاقة الإنسان بالفئات المحرومة.

في الجانب الأول نقرأ في الخطبة المروية عن النبي (ص) في آخر جمعة من "شعبان": "اذكروا بجوعكم وعطشكم فيه جوع يوم القيامة وعطشه"، وكأنه ينبغي للإنسان أن لا يتملّى من الطعام والشراب كثيراً، بل أن يتناول في سحوره ما يتحسس به بعض الجوع والعطش، حتى إذا أحسّ بالجوع والعطش ذكر الموقف يوم القيامة، "يوم يقوم الناس لربّ العالمين"، "يوم لا تملك نفس لنفس شيئاً والأمر يومئذ لله"، وفي الآخرة لا يوجد مطاعم أو سبيل ماء، ليس هناك إلا رحمة الله عزّ وجلّ.. ويوم القيامة قد يطول الحساب فيه وقد يقصر، ولذلك فالذين عملوا السيئات ولم يتوبوا فإن حسابهم سوف يطول، وبذلك سوف يطول جوعهم وعطشهم، أما الذين تابوا إلى الله تعالى توبة نصوحا وعملوا الصالحات في موقع الإيمان، فإن موقفهم لن يكون طويلاً.

إسكات الشهوات

وفي الحديث: "فإن قال: فلم أُمروا بالصوم؟ قيل: لكي يعرفوا ألم الجوع والعطش، فيستدلوا على فقر الآخرة، وليكون الصائم خاشعاً ذليلاً مستكيناً مأجوراً محتسباً عارفاً صابراً بما أصابه من الجوع والعطش، فيستوجب الثواب، مع ما فيه من الانكسار عن الشهوات – لأن الإنسان قد يقبل على الشهوات أكثر وهو شبع، أما عندما يجوع فإنه يخف ضغط الشهوة عليه، من هنا يُطلب من الشباب الذين لا يجدون فرصة للزواج أن يصوموا، باعتبار أن الصوم يكسر حدّة الشهوة في الجسد – وليكون ذلك واعظاً لهم في العاجل، ورائداً على أداء ما كلفهم، ودليلاً في الآجل، وليعرفوا شدّة مبلغ ذلك على أهل الفقر والمسكنة في الدنيا – لأن كثيراً من الناس لا يشعر بجوع الجائعين وعطش العطاشى لأنه يملك إمكانات مالية – فيؤدوا إليهم ما افترض الله تعالى لهم في أموالهم".

الشعور بالمساواة

وفي حديث آخر عن الإمام الصادق (ع): "أما العلة في الصيام ليستوي به الغني والفقير، وذلك لأنه لم يكن ليجد مسّ الجوع فيرحم الفقير، لأن الغني كلما أراد شيئاً قدر عليه، فأراد الله عزّ وجلّ أن يسوّي بين خلقه وأن يذيق الغني مسّ الجوع والألم ليرق على الضعيف ويرحم الجائع".. وورد في النتائج التي يحصل عليها الإنسان بالصيام، سواء كان واجباً أو مستحباً: "عليك بالصوم فإنه جُنّة من النار - والجُنّة هي الدرع الذي يقي الإنسان في ساحة الحرب – وإن استطعت أن يأتيك الموت وبطنك جائع فافعل". وفي الحديث عن رسول الله (ص): "لكل شيء زكاة وزكاة الأبدان الصيام".

ألطاف الصيام وبركاته

أما ما يعطي الله تعالى الصائم من ألطاف وبركات وضيافات، فقد ورد في الحديث: "نوم الصائم عبادة، وصمته تسبيح، ودعاؤه مستجاب، وعمله مضاعف، إن للصائم عند إفطاره دعوة لا تُرد"، فعلى الإنسان أن يبدأ فطوره بما أهمّه من أمر، فإن الله تعالى بكرمه ولطفه يستجيب دعاءه. وفي الحديث عن رسول الله (ص): "الصائم في عبادة الله وإن كان نائماً على فراشه ما لم يغتب مسلماً".. أما الصائم الذي يترك طعامه وشرابه ولكنه يقضي يومه في المعصية في كلامه ومعاملاته، فقد ورد في الحديث: "ربّ صائم حظه من صيامه إلا الجوع والعطش، وربّ قائم حظه من قيامه السهر"، لأن جوهر الصوم هو التقوى فمن لم يتقِ الله فكأنه لم يصم، وجوهر الصلاة النهي عن الفحشاء والمنكر فمن لم ينتهِ عن الفحشاء والمنكر فكأنه لم يصلِّ..

وإن للقلب صوماً كما للجسد صوماً، وقد قال عليّ (ع): "صيام القلب عن الفكر في الآثام أفضل من صيام البطن عن الطعام"، أن يصوم عقلك فلا يتحرك في التخطيط للشر والإضرار بعباد الله وبما لا يرضي الله تعالى. وقال رسول الله (ص) لجابر بن عبد الله: "يا جابر هذا شهر رمضان، من صام نهاره وقام ورداً من ليله وعفّ بطنه وفرجه، وكفّ لسانه، خرج من ذنوبه كخروجه من الشهر"، فقال جابر: يا رسول الله ما أحسن هذا الحديث! فقال (ص): "وما أشد هذه الشروط"..

الصوم عن الفتن والفساد

هذا هو سرّ الصوم، وقد بدأناه، فعلينا أن نعمل على أن نصوم لله بعقولنا وقلوبنا ومشاعرنا وكل حياتنا، أن نصوم عن كل ما يحدث الفتنة والفساد بين الناس، أن نصوم عن الظلم لا سيما ظلم الضعيف، تعالوا لنتطهّر في هذا الشهر الذي سمّاه الإمام زين العابدين (ع) "شهر الطهور، تعالوا لنغتسل من كل ذنوبنا وعيوبنا وأحقادنا وعداواتنا، تعالوا ونحن في ضيافة الله لنعيش مع الله، وعندما نعيش مع الله فإننا نعيش مع الإنسان كله والمسؤولية كلها. نسأل الله تعالى أن يتقبل منا صيامنا وقيامنا، وأن يوفقنا للتوبة، وأن يعفو عنا ويغفر لنا ذنوبنا، إنه أرحم الراحمين.

الخطبة الثانية

بسم الله الرحمن الرحيم

عباد الله.. اتقوا الله واعملوا على أن يكون صومكم في هذا الشهر صوماً عن كل المشاعر الإيجابية للظالمين كلهم، صوموا عن الظلم كله، وعن الركون إلى الظالمين ومساعدتهم وإيجاد الأعذار لهم فيما يظلمون به الناس، صوموا عن كل ما يؤدي إلى إيذاء الناس ويربك حياتهم ويثير المشاكل بينهم.. وعلينا أن نقف ضد المستكبرين والظالمين لأن الله تعالى لا يحب المستكبرين والظالمين، ولذلك لا بد لنا ونحن في هذا الشهر الذي هو شهر الجهاد، أن نعيش الجهاد بالفكر والكلمة والموقف، والجهاد في مواجهة أعداء الله، تعالوا لنعرف ماذا هناك والأجواء تضج بكل أوضاع الاستكبار في حياتنا.

عجز صهيوني لكبح الانتفاضة

لا تزال الانتفاضة مستمرة، وقد دخلت شهرها الثالث وبدأت تصيب الجسم الصهيوني بجروحٍ وقروحٍ من الحجم الكبير على الصعد السياسية والاقتصادية والأمنية، من خلال تطوير أساليبها ووسائلها، ونقل المعركة إلى داخل المستوطنات، بالرغم من أن الجيش الصهيوني لم يترك أية خطة أمنية سرية لوضع حدّ للانتفاضة – حسب تصريح "باراك" – إلا وجرّبها، ولكنه لم يفلح في ذلك، مما يؤكد عجز العدوأمام إرادة الشعب الفلسطيني الذي لم يخيّب آمال الأمة في صموده وتضحياته، فقد كان هذا الشعب المجاهد بمستوى الطموحات العربية والإسلامية في معركة الحرية، حتى بدأ الأفق الإسرائيلي يضيق، وآفاق الجهاد الفلسطيني تتسع..

 

لذلك، فإن المستقبل للفلسطينيين، شريطة أن لا يفسحوا المجال للتجّار والسماسرة الدوليين والإقليميين بإدخال هذا الانتصار في لعبة التسوية من جديد، بإعادة عقارب الساعة إلى الوراء، لأن أكثر من موقع دولي وإقليمي يتحرك من أجل إخراج إسرائيل من المأزق السياسي والأمني الذي لم يعد مأزقاً على السطح، بل أصبح مأزقاً في العمق بحيث يضرب في جذور الكيان الصهيوني، الأمر الذي يفرض على العرب والمسلمين أن يعملوا على تهيئة الظروف الملائمة لإيصال الانتفاضة إلى هدفها الاستراتيجي في التحرير..

المشكلة أصبحت في الداخل الصهيوني

وليس بعيداً عن ذلك، نسمع رئيس حكومة العدو وهو يتحدث عن المقاومة والانتفاضة بأن "ما يتعيّن علينا عمله هو توحيد الصفوف والوقوف معاً أمام جميع التحديات"، على حدّ قوله.. بحيث بدأ يشعر بحجم التمزّق الداخلي الذي يعيشه بفعل الانتفاضة والمقاومة، وهو الآن يتحدث عن توحيد الصفوف تماماً كما كنا نتحدث، وكما كان العرب يتحدثون، الأمر الذي يعني أننا استطعنا أن ننقل المشكلة من ساحتنا إلى ساحته، بإمكانيات متواضعة، فماذا لو تضافرت الإمكانيات العربية والإسلامية؟

لقد كانت المقاومة الإسلامية هي الناخب الأساسي في انتخابات العدو، وكانت ضرباتها هي التي تدفع بالأمور داخل كيانه إلى انتخابات مبكرة بين الحين والآخر، وها نحن نشهد صورة مماثلة، حيث استطاعت الانتفاضة بحجارتها أن تُسقط حكومة إسرائيلية، أو أوشكت على ذلك.. إننا نشهد وجهاً جديداً من وجوه الصراع مع الكيان الصهيوني، وينبغي على الجميع أن يتحمّلوا المسؤولية في العمل لامتداد هذا الصراع بما يربك العدو أكثر، ويحقق المزيد من الأهداف للشعب الفلسطيني في جهاده المستمر نحو التحرير..

العدو يشهد ملامح الهزيمة

وفي هذا الجو، وعندما نجد أن الصورة في المنطقة تسير في هذا المنحى من الصراع، حيث يجد فيه العدو نفسه وجهاً لوجه أمام ملامح الهزيمة، فإننا لا نريد للسجال اللبناني الداخلي أن يتخطى هذه الصورة، بل نريد له أن يأخذ بعين الاعتبار الوضع القائم الذي ينبغي أن يتكامل فيه الموقف مع ما يجري في فلسطين المحتلة، وأن يحمل الجميع همّ القضية الكبرى لناحية سعيهم لتعميق الجرح الصهيوني بنفس المستوى الذي يعملون فيه على تضميد الجرح الداخلي، لأن ما ينتظرنا في المنطقة هو المزيد من الاهتزاز، ولأن المهلة المتبقية أمام حكومة العدو الحالية قبيل حصول الانتخابات سوف تكون مهلة عدوانية بكل ما للكلمة من معنى، حيث سيعمل "باراك" خلالها على مضاعفة المجازر في الداخل الفلسطيني، وربما الاعتداء على لبنان بصورة أوسع وأشمل، من أجل تأمين فرصة أخرى له للفوز في الانتخابات القادمة، تماماُ كما فعل "بيريز" أثناء حرب "عناقيد الغضب"، فقد نشهد عناقيد غضب فلسطينية بطريقة وأخرى..

التكامل في التحرير وإنقاذ الداخل

إننا أمام ذلك، نشعر بأن هناك مسألتين أساسيتين ينبغي لنا أن نخطط لهما ونوليهما اهتمامنا، وتتمثل المسألة الأولى في الاحتلال الإسرائيلي المستمر لبعض الأجزاء اللبنانية، مع ما يتصل به من تفاصيل كملف اللبنانيين في سجون العدو وغير ذلك، وتتصل المسألة الثانية في الأولويات الحياتية للناس.. وقد رأينا أن السجال السياسي الداخلي في مراحله الأخيرة حاول أن يستبعد هاتين المسألتين بطريقة وأخرى، لينطلق في معالجة القضايا من خلال أولويات هذا الفريق أو ذاك، بعيداً عن أولويات الناس..

لذلك، ندعو إلى الابتعاد عن الضجة السياسية المثارة تحت عناوين لن يصل اللبنانيون إلى حلول قريبة لها - أو أنهم لا يملكون ذلك – والدخول في بحث جدّي فيما هي الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يبدو أن الجميع تناسوها مؤخراً، مع أنها توشك أن تدخل في مرحلة هي أكثر صعوبة وأشد وطأة.. إن علينا أن نحفظ القضية الكبرى في إثارة المسائل، وفي تحريك الخطاب، فلا تزال فرص المعالجة موجودة، ولا تزال في الواقع إمكانيات، قبيل أن نصل إلى مرحلة الخسارة الكبرى سياسياً واقتصادياً..

وبهذه المناسبة، فإننا نرحب بالخطوات الأخيرة للحكومة، في إطار سعيها لإعادة تحريك العجلة الاقتصادية، شريطة أن تنطلق هذه الخطوات من دراسة شاملة للأوضاع، ومن خطة متكاملة قد تتحرك بطريقة مرحلية ريثما تصل إلى مستوى التنفيذ، وإن تحركت بشكل تدريجي، لأن المهم هو أن لا تكون الخطوات مجتزأة وعشوائية، بل منظّمة ومدروسة في إطار خطة ترصد المستقبل في إمكانياته، كما ترصد الحاضر في مشاكله وأزماته

اقرأ المزيد
نسخ النص نُسِخ!
تفسير