دورُ الزَّهراءِ الكبيرُ بعدَ وفاةِ الرّسولِ (ص)

دورُ الزَّهراءِ الكبيرُ بعدَ وفاةِ الرّسولِ (ص)

كان للزَّهراء (ع) الدَّور الكبير في الوقائع التي حدثت بعد وفاة الرسول (ص)، وهي تعطينا من خلال ذلك الفكرة الإسلامية التي تقول إنَّ المرأة عندما تحتاجها الأُمَّة، وتحتاجها المرحلة من أجل أن تقف وتواجه كلَّ الحالات المعقَّدة التي تستطيع من خلالها أن تعطي رأياً، أو تشارك في إسقاط واقع خاطئ، أو في بناء واقع صحيح، فيجب أن تعتبر ذلك من مسؤوليَّتها الإسلاميَّة.

ولهذا، كانت فاطمة (ع) تعيش دورها كأعظم ما يكون الدَّور، وكانت في حياتها توازن أيضاً بين مصلحة المسلمين، وبين ما تعيشه في نفسها من حالات تتعلَّق بطبيعة قناعاتها في السّاحة.

ويُنقَل عنها أنّها كانت تتحدَّث مع عليّ (ع) في حقّه في الخلافة، وفي حقّها من فدك، ولكنَّها عندما وجدت أنَّ الموقف العام لا يتحمَّل أكثر ممّا صنعت، وممّا صنع الإمام عليّ (ع)، من خلال الإعلان عن حقّهما الإسلامي أمام المسلمين، قرَّرت (ع) السكوت، لكنَّه ليس السكوت السلبي المهزوم، إنّما سكتت لتعبّر عن موقفها الرَّافض، ولقد أدركت الأُمَّة المعنى الكبير لسكوت الزهراء (ع).

لقد بدأت الزهراء (ع) حركة المعارضة في الإسلام ضدّ المواقف الخاطئة التي ظهرت منذ وفاة الرسول (ص)، لم يعارض قبلها أحد. وكان المسلمون يعظِّمون الزهراء (ع) من خلال إحساسهم بعظمتها عند رسول الله (ص). ولذلك اضطرَّ الخليفتان اللّذان اضطهداها أن يأتيا إلى بيتها تحت تأثير الضّغط الاجتماعي، ليطلبا من عليّ (ع) أن تستقبلهما حتّى يسترضياها، فقالت لهما: "أنشدكما الله، هل سمعتما النبيّ (ص) يقول: فاطمة بضعةٌ منّي وأنا منها، مَن آذاها فقد آذاني، ومَن آذاني فقد آذى الله، ومن آذاها بعد موتي فكان كمن آذاها في حياتي، ومَن آذاها في حياتي كان كمن آذاها بعد موتي"، قالا: اللَّهمَّ نعم، فقالت: "الحمد لله".  

ثمَّ قالت: "اللَّهمَّ إنّي أشهدك فاشهدوا يا مَن حضرني، أنّهما قد آذياني في حياتي وعند موتي"1...

وأكملت (ع) احتجاجها بعد موتها عندما أوصت عليّاً (ع) بأن يدفنها ليلاً، وأن لا يحضر جنازتها هؤلاء الذين ظلموها حقّها واضطهدوها. إنّها أرادت أن تعبّر عن معارضتها واحتجاجها وغضبها بعد الموت كما عبَّرت عن ذلك قبل الموت، ليتساءل الناس: لماذا أوصت أن تُدفَن ليلاً؟ وما هي القضيَّة، وهذا أمر لم يسبق له مثيل في الواقع الإسلامي.

إنَّ الجميع كانوا ينتظرون أن يشاركوا في تشييع الزهراء (ع)، ولكنّها دُفنت ليلاً، وقيل لهم: إنّها أوصت بذلك، وبدأ التَّساؤل بين المسلمين: لماذا؟ ولماذا؟ وكانت تريد أن تثير التساؤل حتّى يتحرّك الجواب، وحتّى يعرف الناس طبيعة المسألة بطريقة وبأخرى.

كانت الزهراء (ع) لا تعيش الانفعالات، كما كان عليّ (ع) لا يعيش الانفعالات، كان عليّ مخلصاً للإسلام لأنّه جعل كلّ حياته لله وللإسلام، وكانت فاطمة مخلصة للإسلام، لأنَّ حياتها كانت في خدمة رسول الإسلام وفي خدمة الإسلام، ولهذا فإنَّهما وازنا المرحلة، ووازنا الموقف، ولم يتحرَّكا من خلال الانفعالات.

إنَّ قضية أن تطالب بحقّك ليست قضيَّة مطلقة، بل هي من القضايا التي تحتاج أن تدرس فيها طبيعة المشاكل التي يمكن أن تُثيرها مطالبتك بحقّك، أو المشاكل التي تحدث من خلال عدم مطالبتك بحقّك، فلا يكفي أن يكون لك حقّ لتحارب من أجله، بل لا بدَّ لك من أن تختار الوقت الذي تطالب فيه بحقّك، وأن تختار الساحة التي تحرّك فيها حقّك، وأن تدرس الظروف المحيطة التي يمكن لها أن تستقبل حقّك.

* من كتاب "في رحاب أهل البيت (ع)"، ج1.

[1]بحار الأنوار، العلّامة المجلسي، ج43، ص 204.

كان للزَّهراء (ع) الدَّور الكبير في الوقائع التي حدثت بعد وفاة الرسول (ص)، وهي تعطينا من خلال ذلك الفكرة الإسلامية التي تقول إنَّ المرأة عندما تحتاجها الأُمَّة، وتحتاجها المرحلة من أجل أن تقف وتواجه كلَّ الحالات المعقَّدة التي تستطيع من خلالها أن تعطي رأياً، أو تشارك في إسقاط واقع خاطئ، أو في بناء واقع صحيح، فيجب أن تعتبر ذلك من مسؤوليَّتها الإسلاميَّة.

ولهذا، كانت فاطمة (ع) تعيش دورها كأعظم ما يكون الدَّور، وكانت في حياتها توازن أيضاً بين مصلحة المسلمين، وبين ما تعيشه في نفسها من حالات تتعلَّق بطبيعة قناعاتها في السّاحة.

ويُنقَل عنها أنّها كانت تتحدَّث مع عليّ (ع) في حقّه في الخلافة، وفي حقّها من فدك، ولكنَّها عندما وجدت أنَّ الموقف العام لا يتحمَّل أكثر ممّا صنعت، وممّا صنع الإمام عليّ (ع)، من خلال الإعلان عن حقّهما الإسلامي أمام المسلمين، قرَّرت (ع) السكوت، لكنَّه ليس السكوت السلبي المهزوم، إنّما سكتت لتعبّر عن موقفها الرَّافض، ولقد أدركت الأُمَّة المعنى الكبير لسكوت الزهراء (ع).

لقد بدأت الزهراء (ع) حركة المعارضة في الإسلام ضدّ المواقف الخاطئة التي ظهرت منذ وفاة الرسول (ص)، لم يعارض قبلها أحد. وكان المسلمون يعظِّمون الزهراء (ع) من خلال إحساسهم بعظمتها عند رسول الله (ص). ولذلك اضطرَّ الخليفتان اللّذان اضطهداها أن يأتيا إلى بيتها تحت تأثير الضّغط الاجتماعي، ليطلبا من عليّ (ع) أن تستقبلهما حتّى يسترضياها، فقالت لهما: "أنشدكما الله، هل سمعتما النبيّ (ص) يقول: فاطمة بضعةٌ منّي وأنا منها، مَن آذاها فقد آذاني، ومَن آذاني فقد آذى الله، ومن آذاها بعد موتي فكان كمن آذاها في حياتي، ومَن آذاها في حياتي كان كمن آذاها بعد موتي"، قالا: اللَّهمَّ نعم، فقالت: "الحمد لله".  

ثمَّ قالت: "اللَّهمَّ إنّي أشهدك فاشهدوا يا مَن حضرني، أنّهما قد آذياني في حياتي وعند موتي"1...

وأكملت (ع) احتجاجها بعد موتها عندما أوصت عليّاً (ع) بأن يدفنها ليلاً، وأن لا يحضر جنازتها هؤلاء الذين ظلموها حقّها واضطهدوها. إنّها أرادت أن تعبّر عن معارضتها واحتجاجها وغضبها بعد الموت كما عبَّرت عن ذلك قبل الموت، ليتساءل الناس: لماذا أوصت أن تُدفَن ليلاً؟ وما هي القضيَّة، وهذا أمر لم يسبق له مثيل في الواقع الإسلامي.

إنَّ الجميع كانوا ينتظرون أن يشاركوا في تشييع الزهراء (ع)، ولكنّها دُفنت ليلاً، وقيل لهم: إنّها أوصت بذلك، وبدأ التَّساؤل بين المسلمين: لماذا؟ ولماذا؟ وكانت تريد أن تثير التساؤل حتّى يتحرّك الجواب، وحتّى يعرف الناس طبيعة المسألة بطريقة وبأخرى.

كانت الزهراء (ع) لا تعيش الانفعالات، كما كان عليّ (ع) لا يعيش الانفعالات، كان عليّ مخلصاً للإسلام لأنّه جعل كلّ حياته لله وللإسلام، وكانت فاطمة مخلصة للإسلام، لأنَّ حياتها كانت في خدمة رسول الإسلام وفي خدمة الإسلام، ولهذا فإنَّهما وازنا المرحلة، ووازنا الموقف، ولم يتحرَّكا من خلال الانفعالات.

إنَّ قضية أن تطالب بحقّك ليست قضيَّة مطلقة، بل هي من القضايا التي تحتاج أن تدرس فيها طبيعة المشاكل التي يمكن أن تُثيرها مطالبتك بحقّك، أو المشاكل التي تحدث من خلال عدم مطالبتك بحقّك، فلا يكفي أن يكون لك حقّ لتحارب من أجله، بل لا بدَّ لك من أن تختار الوقت الذي تطالب فيه بحقّك، وأن تختار الساحة التي تحرّك فيها حقّك، وأن تدرس الظروف المحيطة التي يمكن لها أن تستقبل حقّك.

* من كتاب "في رحاب أهل البيت (ع)"، ج1.

[1]بحار الأنوار، العلّامة المجلسي، ج43، ص 204.

اقرأ المزيد
نسخ النص نُسِخ!
تفسير