إنسانٌ يشكّ في عبادته وإيمانه؟!

إنسانٌ يشكّ في عبادته وإيمانه؟!
 

 

س: إذا شكَّ الإنسان في عبادته لربّه وإيمانه به، فهل يمكن له أن يأخذ بالجانب المضيء ويجزم بالصحّة؟

وجواب..

إذا كان السؤال يتّجه إلى تأكيد الشكّ الطارئ المتعلِّق بعبادات الإنسان السابقة، لأنّه لا يدري هل وقعت على نحوٍ صحيح أو فاسد، فيمكن الحكم بالصحّة انطلاقاً من قاعدة الفراغ... وإذا كان السؤال متعلِّقاً بالعبادات التي يريد أن يمارسها حاضراً ومستقبلاً، لأنّه لا يعرف وجه الصحّة والفساد من ناحية الحكم الشّرعيّ، فيجب عليه تعلُّم أحكامه الشرعيّة المتعلِّقة بصلاته، لأنَّ أصل الصحّة لا يصحّح العبادة المنطلقة من موقع الجهل بالحكم الشّرعيّ.

أمّا الإنسان الذي يتحوَّل الشّكّ في حياته إلى عقدة متأصّلة متأزّمة، بحيث أصبح يشكّ في كلّ شيء حوله، ابتداءً من حياته الفردية في عباداته ومعاملاته وصحّته وطبيعة إيمانه، أو حياته الاجتماعيّة في حياته العائليّة أو الإخوانيّة أو علاقاته العامّة للآخرين... فقد عالجه الإسلام معالجةً حاسمة من ناحية عمليّة، فطلب منه أن لا يعتني بالشكّ في أيّ جهة من جهات العمل الفردية والاجتماعية، العبادية منها وغير العبادية... وهذا ما تحدَّث عنه الفقهاء في مصطلح (كثير الشّكّ) و"الوسواسي".

ولعلَّ هذه المعالجة الإسلاميّة لهذا الموضوع، تدخل في صميم المعالجات الواقعيّة التي تؤمن بأنَّ إلغاء الحالة المرضيّة الخاضعة لعقدة داخليّة، يساهم إلى حدٍّ ما في تجميدها، ثمّ في زوالها نهائياً، لأنَّ العقدة تتأكَّد بالممارسة المنطلقة من الشّعور العميق بالمسؤوليّة، فإذا ألغى التشريع المسؤوليّة، فلا يبقى هناك أيّ أساس شرعيّ في وهم الشّاكّ لتعاظم هذا الشعور أو زيادة هذه الحالة.

وقد نحتاج، إلى جانب هذه المعالجة العمليّة، أن نواجه حالات الشكّ بطريقة تحليليّة واعية ترصد خطوات الحالة في داخل النفس، لتبحث كلّ خطوة من أين بدأت وإلى أين تتّجه، وتحلِّل كلّ جانب من جوانب الشّكّ، فإذا شكّ الإنسان في إيمانه، كان عليه أن يواجه مسألة الإيمان في أصوله، وفروعه، ثمّ ينطلق إلى داخل نفسه ليبحث كيف تتجسَّد الصّورة فيها، ليحلّ المشكلة على أساس دراسة الصّورة كما هي في التّشريع، مقارنةً بانعكاساتها في الواقع، وإذا شكّ في الطّهارة والنّجاسة، كما يحدث للوسواسي، أمكنه أن يدرس أسبابهما وطريقة تأثيرهما في جسده وثيابه وغيرهما.

إنَّ كثيراً من الأزمات النفسيّة التي يعيشها الإنسان في داخل ذاته، فتتحوَّل بفعل الممارسة الخائفة إلى عقدة متأصّلة، ومرض مزمن، تنطلق من الهروب الّذي يواجهه الإنسان في حركة المشكلة في حياته، فلا يحاول أن يدقِّق في المسؤوليّة، ولا يجرّب أن يتأمَّل في حركتها في الواقع، فتكون النتيجة أن تطغى عليه كما يطغى الفيضان الّذي يجتاح أمامه كلّ شيء، ما لم نفتح له الثّغرات التي تخفّف من اندفاعه.

إنَّ على الإنسان الّذي يعيش الشّكّ كعقدة، ألّا يهرب من الأسئلة التي تواجهه، بل يواجهها بكلّ شجاعة، ويلاحقها بالأجوبة الحاسمة، حتّى لا يبقى هناك مجال للشّكّ في قرار الأعماق. وبذلك يستطيع أن يضع المشكلة في إطار الحلّ الصّحيح.

 

* من كتاب: "مفاهيم إسلاميّة عامّة".

 

 

س: إذا شكَّ الإنسان في عبادته لربّه وإيمانه به، فهل يمكن له أن يأخذ بالجانب المضيء ويجزم بالصحّة؟

وجواب..

إذا كان السؤال يتّجه إلى تأكيد الشكّ الطارئ المتعلِّق بعبادات الإنسان السابقة، لأنّه لا يدري هل وقعت على نحوٍ صحيح أو فاسد، فيمكن الحكم بالصحّة انطلاقاً من قاعدة الفراغ... وإذا كان السؤال متعلِّقاً بالعبادات التي يريد أن يمارسها حاضراً ومستقبلاً، لأنّه لا يعرف وجه الصحّة والفساد من ناحية الحكم الشّرعيّ، فيجب عليه تعلُّم أحكامه الشرعيّة المتعلِّقة بصلاته، لأنَّ أصل الصحّة لا يصحّح العبادة المنطلقة من موقع الجهل بالحكم الشّرعيّ.

أمّا الإنسان الذي يتحوَّل الشّكّ في حياته إلى عقدة متأصّلة متأزّمة، بحيث أصبح يشكّ في كلّ شيء حوله، ابتداءً من حياته الفردية في عباداته ومعاملاته وصحّته وطبيعة إيمانه، أو حياته الاجتماعيّة في حياته العائليّة أو الإخوانيّة أو علاقاته العامّة للآخرين... فقد عالجه الإسلام معالجةً حاسمة من ناحية عمليّة، فطلب منه أن لا يعتني بالشكّ في أيّ جهة من جهات العمل الفردية والاجتماعية، العبادية منها وغير العبادية... وهذا ما تحدَّث عنه الفقهاء في مصطلح (كثير الشّكّ) و"الوسواسي".

ولعلَّ هذه المعالجة الإسلاميّة لهذا الموضوع، تدخل في صميم المعالجات الواقعيّة التي تؤمن بأنَّ إلغاء الحالة المرضيّة الخاضعة لعقدة داخليّة، يساهم إلى حدٍّ ما في تجميدها، ثمّ في زوالها نهائياً، لأنَّ العقدة تتأكَّد بالممارسة المنطلقة من الشّعور العميق بالمسؤوليّة، فإذا ألغى التشريع المسؤوليّة، فلا يبقى هناك أيّ أساس شرعيّ في وهم الشّاكّ لتعاظم هذا الشعور أو زيادة هذه الحالة.

وقد نحتاج، إلى جانب هذه المعالجة العمليّة، أن نواجه حالات الشكّ بطريقة تحليليّة واعية ترصد خطوات الحالة في داخل النفس، لتبحث كلّ خطوة من أين بدأت وإلى أين تتّجه، وتحلِّل كلّ جانب من جوانب الشّكّ، فإذا شكّ الإنسان في إيمانه، كان عليه أن يواجه مسألة الإيمان في أصوله، وفروعه، ثمّ ينطلق إلى داخل نفسه ليبحث كيف تتجسَّد الصّورة فيها، ليحلّ المشكلة على أساس دراسة الصّورة كما هي في التّشريع، مقارنةً بانعكاساتها في الواقع، وإذا شكّ في الطّهارة والنّجاسة، كما يحدث للوسواسي، أمكنه أن يدرس أسبابهما وطريقة تأثيرهما في جسده وثيابه وغيرهما.

إنَّ كثيراً من الأزمات النفسيّة التي يعيشها الإنسان في داخل ذاته، فتتحوَّل بفعل الممارسة الخائفة إلى عقدة متأصّلة، ومرض مزمن، تنطلق من الهروب الّذي يواجهه الإنسان في حركة المشكلة في حياته، فلا يحاول أن يدقِّق في المسؤوليّة، ولا يجرّب أن يتأمَّل في حركتها في الواقع، فتكون النتيجة أن تطغى عليه كما يطغى الفيضان الّذي يجتاح أمامه كلّ شيء، ما لم نفتح له الثّغرات التي تخفّف من اندفاعه.

إنَّ على الإنسان الّذي يعيش الشّكّ كعقدة، ألّا يهرب من الأسئلة التي تواجهه، بل يواجهها بكلّ شجاعة، ويلاحقها بالأجوبة الحاسمة، حتّى لا يبقى هناك مجال للشّكّ في قرار الأعماق. وبذلك يستطيع أن يضع المشكلة في إطار الحلّ الصّحيح.

 

* من كتاب: "مفاهيم إسلاميّة عامّة".

اقرأ المزيد
نسخ النص نُسِخ!
تفسير