الاختلاف حول الحكومة هو في الخطوط السياسيّة

الاختلاف حول الحكومة هو في الخطوط السياسيّة

فضل الله حذَّر من إثارة المسائل السياسية بعناوين مذهبية:
الاختلاف حول الحكومة هو في الخطوط السياسيّة

ألقى العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، خطبة عيد الأضحى في مسجد الامامين الحسنين، وقد حذّر فيها "من اثارة المسألة المذهبية في المسألة السياسية، سواءٌ على مستوى ما يعيشه لبنان من خلاف سياسي، أو تداعيات إعدام الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين في العراق"، وناشد العالمين العربي والإسلامي أن يعملا لتحقيق مصالحهما، والاهتمام بإدارة هذه المصالح لأجل العرب والمسلمين جميعاً، لنكون في حالة غنى عن الآخرين.

إنّ على المسلمين ألاّ يتحركوا في خطوط الفتنة المذهبية التي يريدها الاستكبار والبعض لهم، أو في خط التَّفرقة لأنّ أحدهم يختلف عن الآخر في بعض الخطوط العقيدية والفقهية والفكرية والسياسية، فالله أراد للمسلمين أن يلتقوا على الإسلام كلّه، وأن يردُّوا خلافاتهم إلى الله ورسوله في ما يتنازعون فيه، لا إلى غرائزهم وعصبياتهم وخطوطهم التكفيرية في ما يكفِّر فيه المسلمون فيه بعضهم بعضاً.

إنّ البعض في لبنان يحاول تحريك الفتنة المذهبية حتى في القضايا السياسية، حيث نعيش منذ مدة في خلاف سياسي حول ما يتعلق بمسألة حكومة الوحدة الوطنية التي تثار المسألة وكأن هناك تحركاً ضدّ السنّة، وأنّ المطالبة بالمشاركة تثير فتنة مذهبية أو طائفية. إنّ هذا المنطق الذي يقول به، للأسف، بعض علماء الدين، ليس منطقاً إسلامياً، لأنّ قضية الحكومة وكيف تكون، وما هو برنامجها لحلّ مشكلات الناس، هو أمرٌ يتعلق بمصالح الناس جميعاً.

إنّ الذين يحركون هذه القضية بطريقة دينية مذهبية وغرائزية، إنما يحرّكون غرائز الناس وعصبياتهم وأهواءهم. لهذا عليهم ان يتقوا الله في الناس ومصالحهم، لأن المسألة في لبنان هي مسألة سياسية كغيرها من المسائل السياسية، ولا علاقة لها بالإسلام من حيث هو عقيدة وشريعة في هذا المجال. فنحن لا نختلف في الخطوط الشرعية لهذه الحكومة أو تلك، بل في الخطوط السياسية لها.

إن الأزمة التي يعيشها لبنان الآن ليست مسألة داخلية، وإن كان محرّكوها لبنانيين، ولكنها تتصل بالخطوط الدولية والإقليمية في مسألة الصراع على القضايا الكبرى في المنطقة. فنحن نرى أنّ الرّئيس الأميركيّ الّذي تفشل إدارته في العراق يريد جعل لبنان ساحةً لنجاحه، ونرى أيضاً كيف يتحرك هذا الرئيس مع حلفائه على اساس التدّخل في خصوصيات القضايا السياسية التي يختلف عليها اللبنانيون، وهو ما نلاحظه في جولات السفير الأميركي اليومية في الساحة اللبنانية. إننا نطالب اللبنانيين ان يرتفعوا إلى مستوى المرحلة، وإلى مستوى المصلحة الوطنية الكبرى، لأننا لا نريد للشعب كلّه أن يتحرك بحدود الإثارة الغرائزية والمذهبية، بل أن يكون العمل على أساس الروحية الوطنية والمواطنية المخلصة والصادقة.

إن العالم الإسلامي يتعرّض لحركة استكبارية تقف الآن للسيطرة على هذا العالم كلّه، لأنّه يختزن أكثر الثروات البترولية في أرضه، ويمثل الاستراتيجيات التي يحتاجها هذا المحور الدولي أو ذاك. وقد خطط الاستكبار العالمي- ولا يزال- بقيادة اميركا ليبقى المسلمون في حالة اهتزاز واضطراب وعدم استقرار دائم. لقد تآمر الغرب كلّه على فلسطين، ولا تزال قضيتها تراوح مكانها، وواقعها يزداد سوءاً، وإسرائيل تتوسَّع وتتمدَّد. ثم جاءت احداث 11 ايلول التي استغلَّتها أميركا، فاحتلَّت بذريعتها أفغانستان والعراق والصومال، وهي تعمل على تهديد إيران ومحاصرتها بفرض العقوبات الدولية عليها تحت ذريعة برنامجها النووي السلمي، في الوقت الذي لا يُحرِّك العالم المستكبر ساكناً بوجه إسرائيل وترسانتها النووية العسكرية.

لقد سمعنا أخيراً أنّ البعض يحاول، من خلال مسألة تصفية الطاغية صدام حسين، الذي أعدم بالأمس، أن يحرك المسألة في الإطار المذهبي، في الوقت الذي نعرف جميعاً، أنّ "صدّام" قد أربك العالمين الإسلامي والعربي في حروبه وسياسته، وأربك شعبه وقضى على شعبه ومعارضيه دون تمييز مذهبي بينهم. إنّ البعض يشير الى أنّ صدَّام كان سيئاً، والحقيقة أنه كان طاغيةً وديكتاتوراً صادر شعبه لحساب الاستكبار العالمي. فحذار.. حذار.. حذار من إثارة المسائل السياسية بعناوين مذهبية، لأنّ هذا ما يهدف إليه الاستكبار المنقضُّ على الواقع كلّه. إنّ أميركا تثأر من العالم الإسلامي، وتريد تدمير الإسلام وإعلان الحرب عليه ثقافياً وسياسياً وامنياً واقتصادياً، بحجة دمقرطة العالم العربي والإسلامي، كما إنّ هذا الاستكبار يعمل على إثارة الفتن وتعزيز التطرف والتكفير بين ابناء الأمة جميعاً."

عيد الأضحى المبارك 10 ذو الحجة 1427هـ 31/12/2006م

فضل الله حذَّر من إثارة المسائل السياسية بعناوين مذهبية:
الاختلاف حول الحكومة هو في الخطوط السياسيّة

ألقى العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، خطبة عيد الأضحى في مسجد الامامين الحسنين، وقد حذّر فيها "من اثارة المسألة المذهبية في المسألة السياسية، سواءٌ على مستوى ما يعيشه لبنان من خلاف سياسي، أو تداعيات إعدام الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين في العراق"، وناشد العالمين العربي والإسلامي أن يعملا لتحقيق مصالحهما، والاهتمام بإدارة هذه المصالح لأجل العرب والمسلمين جميعاً، لنكون في حالة غنى عن الآخرين.

إنّ على المسلمين ألاّ يتحركوا في خطوط الفتنة المذهبية التي يريدها الاستكبار والبعض لهم، أو في خط التَّفرقة لأنّ أحدهم يختلف عن الآخر في بعض الخطوط العقيدية والفقهية والفكرية والسياسية، فالله أراد للمسلمين أن يلتقوا على الإسلام كلّه، وأن يردُّوا خلافاتهم إلى الله ورسوله في ما يتنازعون فيه، لا إلى غرائزهم وعصبياتهم وخطوطهم التكفيرية في ما يكفِّر فيه المسلمون فيه بعضهم بعضاً.

إنّ البعض في لبنان يحاول تحريك الفتنة المذهبية حتى في القضايا السياسية، حيث نعيش منذ مدة في خلاف سياسي حول ما يتعلق بمسألة حكومة الوحدة الوطنية التي تثار المسألة وكأن هناك تحركاً ضدّ السنّة، وأنّ المطالبة بالمشاركة تثير فتنة مذهبية أو طائفية. إنّ هذا المنطق الذي يقول به، للأسف، بعض علماء الدين، ليس منطقاً إسلامياً، لأنّ قضية الحكومة وكيف تكون، وما هو برنامجها لحلّ مشكلات الناس، هو أمرٌ يتعلق بمصالح الناس جميعاً.

إنّ الذين يحركون هذه القضية بطريقة دينية مذهبية وغرائزية، إنما يحرّكون غرائز الناس وعصبياتهم وأهواءهم. لهذا عليهم ان يتقوا الله في الناس ومصالحهم، لأن المسألة في لبنان هي مسألة سياسية كغيرها من المسائل السياسية، ولا علاقة لها بالإسلام من حيث هو عقيدة وشريعة في هذا المجال. فنحن لا نختلف في الخطوط الشرعية لهذه الحكومة أو تلك، بل في الخطوط السياسية لها.

إن الأزمة التي يعيشها لبنان الآن ليست مسألة داخلية، وإن كان محرّكوها لبنانيين، ولكنها تتصل بالخطوط الدولية والإقليمية في مسألة الصراع على القضايا الكبرى في المنطقة. فنحن نرى أنّ الرّئيس الأميركيّ الّذي تفشل إدارته في العراق يريد جعل لبنان ساحةً لنجاحه، ونرى أيضاً كيف يتحرك هذا الرئيس مع حلفائه على اساس التدّخل في خصوصيات القضايا السياسية التي يختلف عليها اللبنانيون، وهو ما نلاحظه في جولات السفير الأميركي اليومية في الساحة اللبنانية. إننا نطالب اللبنانيين ان يرتفعوا إلى مستوى المرحلة، وإلى مستوى المصلحة الوطنية الكبرى، لأننا لا نريد للشعب كلّه أن يتحرك بحدود الإثارة الغرائزية والمذهبية، بل أن يكون العمل على أساس الروحية الوطنية والمواطنية المخلصة والصادقة.

إن العالم الإسلامي يتعرّض لحركة استكبارية تقف الآن للسيطرة على هذا العالم كلّه، لأنّه يختزن أكثر الثروات البترولية في أرضه، ويمثل الاستراتيجيات التي يحتاجها هذا المحور الدولي أو ذاك. وقد خطط الاستكبار العالمي- ولا يزال- بقيادة اميركا ليبقى المسلمون في حالة اهتزاز واضطراب وعدم استقرار دائم. لقد تآمر الغرب كلّه على فلسطين، ولا تزال قضيتها تراوح مكانها، وواقعها يزداد سوءاً، وإسرائيل تتوسَّع وتتمدَّد. ثم جاءت احداث 11 ايلول التي استغلَّتها أميركا، فاحتلَّت بذريعتها أفغانستان والعراق والصومال، وهي تعمل على تهديد إيران ومحاصرتها بفرض العقوبات الدولية عليها تحت ذريعة برنامجها النووي السلمي، في الوقت الذي لا يُحرِّك العالم المستكبر ساكناً بوجه إسرائيل وترسانتها النووية العسكرية.

لقد سمعنا أخيراً أنّ البعض يحاول، من خلال مسألة تصفية الطاغية صدام حسين، الذي أعدم بالأمس، أن يحرك المسألة في الإطار المذهبي، في الوقت الذي نعرف جميعاً، أنّ "صدّام" قد أربك العالمين الإسلامي والعربي في حروبه وسياسته، وأربك شعبه وقضى على شعبه ومعارضيه دون تمييز مذهبي بينهم. إنّ البعض يشير الى أنّ صدَّام كان سيئاً، والحقيقة أنه كان طاغيةً وديكتاتوراً صادر شعبه لحساب الاستكبار العالمي. فحذار.. حذار.. حذار من إثارة المسائل السياسية بعناوين مذهبية، لأنّ هذا ما يهدف إليه الاستكبار المنقضُّ على الواقع كلّه. إنّ أميركا تثأر من العالم الإسلامي، وتريد تدمير الإسلام وإعلان الحرب عليه ثقافياً وسياسياً وامنياً واقتصادياً، بحجة دمقرطة العالم العربي والإسلامي، كما إنّ هذا الاستكبار يعمل على إثارة الفتن وتعزيز التطرف والتكفير بين ابناء الأمة جميعاً."

عيد الأضحى المبارك 10 ذو الحجة 1427هـ 31/12/2006م

اقرأ المزيد
نسخ النص نُسِخ!
تفسير