الإمامُ الصَّادقُ (ع): حياةٌ حافلةٌ بالإنسانيّةِ والعلمِ والانفتاحِ

الإمامُ الصَّادقُ (ع): حياةٌ حافلةٌ بالإنسانيّةِ والعلمِ والانفتاحِ

تتميّز حياة الإمام جعفر الصادق (ع) بأنها كانت رائعة في عطائها، لأنَّ الظروف التي عاشها الإمام كانت ظروف الصّراع الأموي العباسي، بحيث كان الخلفاء من هنا، والخلفاء من هناك، مشغولين عن ممارسة الضغوط عليه وعلى أبيه كما مارسوها مع آبائه وأبنائه، ولذلك فقد استطاع الإمام (ع) أن يغطِّي كل الواقع الإسلاميّ بالمسائل الفكرية العقيدية والفقهية، بل كان يتحرك في التنوعات التي عاشها الناس في المفاهيم المتصلة في حركة الإنسان والمتصلة بالحياة، حتى إن هناك علوماً لم تكن متعارفةً، أو لم يكن متعارفاً أن يثيرها أمثال الإمام الصّادق (ع)، ومنها "علم الكيمياء"، الذي ينقل عنه تلميذه "جابر بن حيان" أنه هو الذي ألهمه ذلك، وما زالت كتب "جابر بن حيان" في الكيمياء تدرَّس في جامعات الغرب كنظريات كيميائيّة متقدِّمة حتى الآن...

[ومن جهة أخرى] كان الإمام الصادق (ع) يستقبل كلَّ الناس، ولم تكن العصبيَّة آنذاك بالمستوى الَّذي ينفصل فيه المسلمون بعضهم عن بعض، أو يختلفون في مساجدهم؛ فهذا مسجدٌ للشيعة، وهذا مسجد للسنَّة، ولا في مدارسهم؛ فهذه مدرسة للشيعة، وهذه مدرسة للسنَّة، بل على العكس، كانت مدرسة الإمام الصادق (ع) تستقبل كلَّ الناس بحسب تنوّعاتهم المذهبيَّة...

وكان (ع) يعمل على أن لا ينعزل شيعة أهل البيت (ع) عن الواقع الإسلامي، كان يريد لهم أن يندمجوا في المجتمع الإسلامي، وأن لا يجعلوا من اختلاف المذهب وسيلةً من وسائل الانفصال عن المسلمين الآخرين. وكان بعض أصحابه يقول له: ماذا نفعل مع خلطائنا وقومنا الذين نختلف عنهم في المذهب؟ فيقول: "عودوا مرضاهم، واحضروا جنائزهم، واشهدوا لهم وعليهم، وصلّوا في مساجدهم"1، وكان يوصي شيعته قائلاً: "كونوا لنا زيناً ولا تكونوا علينا شيناً"2.

وعلى الرّغم من كل الخلافات المذهبية الحادّة، لم يرد الصّادق (ع) للمسلمين أن ينفصل بعضهم عن بعض، ولا أن يصل الواقع إلى ما وصلنا إليه اليوم، بأن تكون هناك مساجد للشيعة ليس للسنّة فيها مكان، أو أن يكون هناك مساجد للسنّة ليس للشّيعة فيها مكان، بحيث تحوّلت المذهبيَّة إلى ما يشبه الدينين أو الأديان المختلفة، فلقد وصلنا إلى مرحلة يكفّر فيها أهل مذهب أهل المذهب الآخر.

كان الإمام الصادق (ع) يؤكِّد للنّاس أهمّيّة الالتزام بما يؤمنون به، لأنّ مسألة أن يختلط فكرك بفكر الآخرين، ليس معناه أن تتنازل عن فكرك بوحي مجاملة أو باسم الوحدة الإسلامية، فالوحدة الإسلاميَّة لا تعني أن تتنازل عن فكرك، بل أن تنطلق مع المسلم الآخر لتتوحَّد معه من خلال الإسلام، وإن اختلف معك في الخطوط التفصيلية...

هذا ما نتعلّمه من الإمام الصادق (ع)، وما نتعلمه من الإمام الكثير الكثير؛ نتعلم رحابة صدره، وسعة أفقه، وإحساسه بالمسؤوليَّة عندما كان يجلس مع الزنادقة والملاحدة، وهم يجلسون إلى جانب الكعبة المشرَّفة، يستمع إلى كلّ ما لديهم من أفكار حادّة ضدّ الإسلام والمسلمين، وكان ينفتح عليهم بالكلمة الطيّبة، وبالأسلوب الحكيم، وبالحجَّة القويَّة...

وهذا ما ينبغي لنا أن نتعلّمه من الإمام الصَّادق (ع)، ومن آبائه وأبنائه، مما يغني حركتنا الثقافيَّة كما يغني حركتنا السياسيّة والروحيّة، المهمّ أن نبدأ الخطوة في اتجاه أن نتعلَّم جيّداً كيف نختلف جيّداً إذا لم نستطع أن نتعلّم كيف نلتقي...

* من كتاب "النَّدوة"، ج1.

[1]وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج12، ص 7.

[2]بحار الأنوار، العلّامة المجلسي، ج68، ص 310.

تتميّز حياة الإمام جعفر الصادق (ع) بأنها كانت رائعة في عطائها، لأنَّ الظروف التي عاشها الإمام كانت ظروف الصّراع الأموي العباسي، بحيث كان الخلفاء من هنا، والخلفاء من هناك، مشغولين عن ممارسة الضغوط عليه وعلى أبيه كما مارسوها مع آبائه وأبنائه، ولذلك فقد استطاع الإمام (ع) أن يغطِّي كل الواقع الإسلاميّ بالمسائل الفكرية العقيدية والفقهية، بل كان يتحرك في التنوعات التي عاشها الناس في المفاهيم المتصلة في حركة الإنسان والمتصلة بالحياة، حتى إن هناك علوماً لم تكن متعارفةً، أو لم يكن متعارفاً أن يثيرها أمثال الإمام الصّادق (ع)، ومنها "علم الكيمياء"، الذي ينقل عنه تلميذه "جابر بن حيان" أنه هو الذي ألهمه ذلك، وما زالت كتب "جابر بن حيان" في الكيمياء تدرَّس في جامعات الغرب كنظريات كيميائيّة متقدِّمة حتى الآن...

[ومن جهة أخرى] كان الإمام الصادق (ع) يستقبل كلَّ الناس، ولم تكن العصبيَّة آنذاك بالمستوى الَّذي ينفصل فيه المسلمون بعضهم عن بعض، أو يختلفون في مساجدهم؛ فهذا مسجدٌ للشيعة، وهذا مسجد للسنَّة، ولا في مدارسهم؛ فهذه مدرسة للشيعة، وهذه مدرسة للسنَّة، بل على العكس، كانت مدرسة الإمام الصادق (ع) تستقبل كلَّ الناس بحسب تنوّعاتهم المذهبيَّة...

وكان (ع) يعمل على أن لا ينعزل شيعة أهل البيت (ع) عن الواقع الإسلامي، كان يريد لهم أن يندمجوا في المجتمع الإسلامي، وأن لا يجعلوا من اختلاف المذهب وسيلةً من وسائل الانفصال عن المسلمين الآخرين. وكان بعض أصحابه يقول له: ماذا نفعل مع خلطائنا وقومنا الذين نختلف عنهم في المذهب؟ فيقول: "عودوا مرضاهم، واحضروا جنائزهم، واشهدوا لهم وعليهم، وصلّوا في مساجدهم"1، وكان يوصي شيعته قائلاً: "كونوا لنا زيناً ولا تكونوا علينا شيناً"2.

وعلى الرّغم من كل الخلافات المذهبية الحادّة، لم يرد الصّادق (ع) للمسلمين أن ينفصل بعضهم عن بعض، ولا أن يصل الواقع إلى ما وصلنا إليه اليوم، بأن تكون هناك مساجد للشيعة ليس للسنّة فيها مكان، أو أن يكون هناك مساجد للسنّة ليس للشّيعة فيها مكان، بحيث تحوّلت المذهبيَّة إلى ما يشبه الدينين أو الأديان المختلفة، فلقد وصلنا إلى مرحلة يكفّر فيها أهل مذهب أهل المذهب الآخر.

كان الإمام الصادق (ع) يؤكِّد للنّاس أهمّيّة الالتزام بما يؤمنون به، لأنّ مسألة أن يختلط فكرك بفكر الآخرين، ليس معناه أن تتنازل عن فكرك بوحي مجاملة أو باسم الوحدة الإسلامية، فالوحدة الإسلاميَّة لا تعني أن تتنازل عن فكرك، بل أن تنطلق مع المسلم الآخر لتتوحَّد معه من خلال الإسلام، وإن اختلف معك في الخطوط التفصيلية...

هذا ما نتعلّمه من الإمام الصادق (ع)، وما نتعلمه من الإمام الكثير الكثير؛ نتعلم رحابة صدره، وسعة أفقه، وإحساسه بالمسؤوليَّة عندما كان يجلس مع الزنادقة والملاحدة، وهم يجلسون إلى جانب الكعبة المشرَّفة، يستمع إلى كلّ ما لديهم من أفكار حادّة ضدّ الإسلام والمسلمين، وكان ينفتح عليهم بالكلمة الطيّبة، وبالأسلوب الحكيم، وبالحجَّة القويَّة...

وهذا ما ينبغي لنا أن نتعلّمه من الإمام الصَّادق (ع)، ومن آبائه وأبنائه، مما يغني حركتنا الثقافيَّة كما يغني حركتنا السياسيّة والروحيّة، المهمّ أن نبدأ الخطوة في اتجاه أن نتعلَّم جيّداً كيف نختلف جيّداً إذا لم نستطع أن نتعلّم كيف نلتقي...

* من كتاب "النَّدوة"، ج1.

[1]وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج12، ص 7.

[2]بحار الأنوار، العلّامة المجلسي، ج68، ص 310.

اقرأ المزيد
نسخ النص نُسِخ!
تفسير