قال الله سبحانه وتعالى في كتابه المجيد:
{وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً
وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ *
وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ
يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ}[الحج: 26 ـــ 27].
ضمن هذه الأجواء الّتي نعيشها، نطلّ على هذه الفريضة الإسلاميّة العباديّة التي
أراد الله أن تكون الفريضة العباديّة التي تجمع الناس كلّهم في بيت الله ليطوّفوا
به، وليقوموا متعبّدين له، ويركعوا ويسجدوا بين يديه، ليدلّلوا على أنّ عبوديّتهم
له جزء من ذاتهم، فلا ينحرفوا عنها ليقدّموا فرائض العبوديّة لغيره.
نداء الحجّ
هذا النّداء الإلهيّ انطلق منذ انطلقت الرّسالات في دورها الاجتماعي، لأنَّ
الرّسالات قبل النبيّ إبراهيم (ع)، في الفترة الواقعة بينه وبين النبيّ نوح، كانت
تركّز على الخطوط العامّة في حركة الإيمان بالله وعبادته. ولهذا، لم نجد أنّ القرآن
يركّز كثيراً على مرحلة ما قبل إبراهيم، بل كان إبراهيم هو العنوان للمرحلة الجديدة،
وكان العنوان لكلِّ ما جاء بعده من الرّسالات، باعتبار أَنّه يمثّل التّخطيط
للمجتمع الرّساليّ الذي يلتقي بعضه مع بعض بعيداً من أيّ حالة محليّة أو إقليميّة.
ولهذا، أراد الله للنّاس أن يجتمعوا في بيته العالمي، بعد أنْ كان لله بيتٌ في كلّ
محلّة يعيش فيها المؤمنون به وبرسالاته، أو في كلّ بلدٍ يوجدون فيه، فأراد الله من
إبراهيم أن يبني بيتاً لكلّ الناس، بيتاً لله يدعو الناس كلّهم، أبيضهم وأسودهم، من
يتكلّم بهذه اللّغة ويتكلّم بتلك اللّغة، يدعوهم ليعيشوا إنسانيّتهم التي توحّدهم
بين يدي الله، ليشعروا بأنفسهم بأنّهم مهما اختلفت جنسيّاتهم، ومهما اختلفت أعراقهم،
ومهما اختلفت لغاتهم، ومهما اختلفت بلدانهم، فإنَّهم يلتقون طائفين، ساجدين، راكعين،
قائمين، موحِّدين لله سبحانه وتعالى، وعندها يتوحَّد الناس من خلال الإيمان بالله
وعبادة الله، ويتوحَّدون بالانطلاق في كلّ مواقع المسؤوليّة في حياتهم من خلال
أوامر الله ونهيه.
تلك كانت المسألة، ولهذا جاء النّداء من الله لإبراهيم {وَإِذْ بَوَّأْنَا
لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ} حدَّدنا له المكان الّذي يبني فيه البيت {أَن
لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئ}، ابنِ بيتاً يرتكز على الوحدانيّة لله، ابنِ بيتاً لا
مكان فيه للمشركين، ولا لأيّ جهة غير الله، اجعله طاهراً من كلّ رجس الوثنيّة ومن
كلّ أدناس الجاهلية.
{وَطَهِّرْ بَيْتِيَ}، اجعله في طهارته الروحيّة بحيث يستقبل الطائفين به على أساس
التوجّه إلى الله، والقائمين ليقوموا بين يدي الله، والركَّع السجود ليركعوا لله
وحده، وليسجدوا لله وحده، لا يركعون إلّا لله، ولا يسجدون لأيّ قوّة، اجعل بيتي
طاهراً لهؤلاء، ثمّ بعد أن تكمل بناء البيت، وترسي قواعده، وتطهّر أجواءه، عند ذلك
{وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ}، ارفع الأذان ـــ كناية عن النّداء ـــ ارفع
الصّوت العالي، قد لا يسمعك إلّا الذين هم حولك، لأنَّ صوتك لا يبلغ مدًى واسعاً،
ولكن عندما يكون صوتك هو صوت الله وصوت الرّسالة، فإنّه سيتحرّك ليدخل في أصلاب
الرّجال، وفي أرحام النّساء، فينقله كلّ جيل إلى الجيل الّذي بعده، لأنّه ليس صوت
إبراهيم كشخص، ولكنّه صوت إبراهيم كرسول لله، فإذاً هو صوتُ الله، وسيوصل الله صوت
رسالته إلى كلّ الأجيال التي ستأتي من بعده، حتّى لو لم تسمع صوته.
*من كتاب "الجمعة منبر ومحراب".
قال الله سبحانه وتعالى في كتابه المجيد:
{وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً
وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ *
وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ
يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ}[الحج: 26 ـــ 27].
ضمن هذه الأجواء الّتي نعيشها، نطلّ على هذه الفريضة الإسلاميّة العباديّة التي
أراد الله أن تكون الفريضة العباديّة التي تجمع الناس كلّهم في بيت الله ليطوّفوا
به، وليقوموا متعبّدين له، ويركعوا ويسجدوا بين يديه، ليدلّلوا على أنّ عبوديّتهم
له جزء من ذاتهم، فلا ينحرفوا عنها ليقدّموا فرائض العبوديّة لغيره.
نداء الحجّ
هذا النّداء الإلهيّ انطلق منذ انطلقت الرّسالات في دورها الاجتماعي، لأنَّ
الرّسالات قبل النبيّ إبراهيم (ع)، في الفترة الواقعة بينه وبين النبيّ نوح، كانت
تركّز على الخطوط العامّة في حركة الإيمان بالله وعبادته. ولهذا، لم نجد أنّ القرآن
يركّز كثيراً على مرحلة ما قبل إبراهيم، بل كان إبراهيم هو العنوان للمرحلة الجديدة،
وكان العنوان لكلِّ ما جاء بعده من الرّسالات، باعتبار أَنّه يمثّل التّخطيط
للمجتمع الرّساليّ الذي يلتقي بعضه مع بعض بعيداً من أيّ حالة محليّة أو إقليميّة.
ولهذا، أراد الله للنّاس أن يجتمعوا في بيته العالمي، بعد أنْ كان لله بيتٌ في كلّ
محلّة يعيش فيها المؤمنون به وبرسالاته، أو في كلّ بلدٍ يوجدون فيه، فأراد الله من
إبراهيم أن يبني بيتاً لكلّ الناس، بيتاً لله يدعو الناس كلّهم، أبيضهم وأسودهم، من
يتكلّم بهذه اللّغة ويتكلّم بتلك اللّغة، يدعوهم ليعيشوا إنسانيّتهم التي توحّدهم
بين يدي الله، ليشعروا بأنفسهم بأنّهم مهما اختلفت جنسيّاتهم، ومهما اختلفت أعراقهم،
ومهما اختلفت لغاتهم، ومهما اختلفت بلدانهم، فإنَّهم يلتقون طائفين، ساجدين، راكعين،
قائمين، موحِّدين لله سبحانه وتعالى، وعندها يتوحَّد الناس من خلال الإيمان بالله
وعبادة الله، ويتوحَّدون بالانطلاق في كلّ مواقع المسؤوليّة في حياتهم من خلال
أوامر الله ونهيه.
تلك كانت المسألة، ولهذا جاء النّداء من الله لإبراهيم {وَإِذْ بَوَّأْنَا
لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ} حدَّدنا له المكان الّذي يبني فيه البيت {أَن
لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئ}، ابنِ بيتاً يرتكز على الوحدانيّة لله، ابنِ بيتاً لا
مكان فيه للمشركين، ولا لأيّ جهة غير الله، اجعله طاهراً من كلّ رجس الوثنيّة ومن
كلّ أدناس الجاهلية.
{وَطَهِّرْ بَيْتِيَ}، اجعله في طهارته الروحيّة بحيث يستقبل الطائفين به على أساس
التوجّه إلى الله، والقائمين ليقوموا بين يدي الله، والركَّع السجود ليركعوا لله
وحده، وليسجدوا لله وحده، لا يركعون إلّا لله، ولا يسجدون لأيّ قوّة، اجعل بيتي
طاهراً لهؤلاء، ثمّ بعد أن تكمل بناء البيت، وترسي قواعده، وتطهّر أجواءه، عند ذلك
{وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ}، ارفع الأذان ـــ كناية عن النّداء ـــ ارفع
الصّوت العالي، قد لا يسمعك إلّا الذين هم حولك، لأنَّ صوتك لا يبلغ مدًى واسعاً،
ولكن عندما يكون صوتك هو صوت الله وصوت الرّسالة، فإنّه سيتحرّك ليدخل في أصلاب
الرّجال، وفي أرحام النّساء، فينقله كلّ جيل إلى الجيل الّذي بعده، لأنّه ليس صوت
إبراهيم كشخص، ولكنّه صوت إبراهيم كرسول لله، فإذاً هو صوتُ الله، وسيوصل الله صوت
رسالته إلى كلّ الأجيال التي ستأتي من بعده، حتّى لو لم تسمع صوته.
*من كتاب "الجمعة منبر ومحراب".