في النيابة للحج

في النيابة للحج


قد مرّ أن الذي لا يستطيع الحجّ بنفسه ولا يرجى زوال عذره يجب عليه أن يستنيب من يحجّ عنه في حياته، وكذا تجب الاستنابة عن الميت - وفق ما تقدم في المطلب الثالث - وفي كلا الحالين أحكام للنائب نعرضها في مسائل:
م ـ 394: يعتبر في النائب توفّر أُمور:
الأول: البلوغ، فلا يجزىء حجّ الصبيّ عن غيره في حجّة الإسلام وغيرها من الحجّ الواجب، وكذا لا يجزي حجّه عن غيره إن كان مميّزاً على الأحوط. نعم، لا يبعد صحّة نيابته - أي المميّز - في الحجّ المندوب بإذن الوليّ.
الثاني: العقل، فلا تجزىء استنابة المجنون، سواء في ذلك ما إذا كان جنونه مطبقاً، أم كان أدوارياً إذا كان العمل المستأجر عليه يقع في دور جنونه، وأمّا السفيه فلا بأس باستنابته.
الثالث: الاتفاق في المذهب، فلا عبرة بنيابة المخالف في المذهب وإن أتى بالعمل على طبق مذهبنا على الأحوط.
الرابع: أن لا يكون النائب مشغول الذمّة بحجّ واجب عليه في عام النيابة بنحوٍ يكون مطالباً بالحج عن نفسه في ذلك العام، ولا بأس باستنابته فيما إذا كان جاهلاً بالوجوب أو غافلاً عنه، وهذا الشرط شرط في صحّة الإجارة لا في صحّة حجّ النائب، فلو حجّ - بالرغم من ذلك - برئت ذمّة المنوب عنه مع تأتّي قصد القربة منه، ولكنّه لا يستحقّ الأُجرة المسمّاة، بل يستحقّ أُجرة المثل.
م ـ 395: لا يعتبر في النائب أن يكون عادلاً، ولكن يعتبر أن يكون موثوقاً به في أصل إتيانه بالعمل نيابة عن المنوب عنه، وفي كفاية إخباره بأداء الحجّ مع عدم الوثوق بقوله إشكال فلا يترك الاحتياط بلزوم استنابة الموثوق بقوله.
م ـ 396: يعتبر في فراغ ذمّة المنوب عنه إتيان النائب بالعمل صحيحاً، ولذا فلا بُدّ من معرفة النائب بأعمال الحجّ وأحكامه وإن كان ذلك بإرشاد غيره عند كلّ عمل، ومع الشكّ في إتيانه بها على الوجه الصحيح - ولو لأجل الشكّ في معرفته بأحكامها - فلا يبعد أن الحكم هو البناء على الصحّة.
م ـ 397: لا بأس بالنيابة عن الصبي المميز، كما لا بأس بالنيابة عن المجنون. وقيل: إنّه إذا كان مجنوناً أدوارياً وعلم بمصادفة جنونه لأيام الحجّ دائماً وجبت على ذلك المجنون الاستنابة حال إفاقته، ولكنه لا يخلو من إشكال. كما يجب الاستئجار عنه إذا استقر عليه الحجّ في حال إفاقته وإن مات مجنوناً.
م ـ 398: لا تشترط المماثلة بين النائب والمنوب عنه، فتصحّ نيابة الرجل عن المرأة وبالعكس. ويأتي كل منهما بالعمل وفق تكليفه هو. مثاله: أن ينوب الرجل عن المرأة فلا يجوز له - حال إحرامه - لبس المخيط بحجة أن المنوب عنه - وهو المرأة - يجوز لها لبس المخيط حال الإحرام، وكذلك إذا احرمت المرأة نيابة عن الرجل أمكنها لبس المخيط ولا تلزم بترك لبسه بحجة أن الرجل المحرم يحرم عليه ذلك وهكذا.
نعم، في صورة نيابة المرأة عن الرجل يلزم كون حجها بالنحو الطبيعي، فلو كان يأتيها الحيض - مثلاً - على نحوٍ يقلب وظيفتها إلى حجّ الافراد مثلاً، أو يجعلها تترك طواف النساء مثلاً وما إلى ذلك لم يصح استنابتها عن الرجل.
م ـ 399: لا بأس باستنابة الصرورة - وهو الذي لم يحجّ عن نفسه بعد - عن الصرورة وغير الصرورة، سواء كان النائب أو المنوب عنه رجلاً أم امرأة، وقيل بكراهة استنابة الصرورة ولم تثبت، بل لا يبعد أن يكون الأولى فيمن عجز عن مباشرة الحجّ وكان موسراً أن يستنيب الصرورة في ذلك، كما أنّ الأولى فيمن استقرّ عليه الحجّ فمات أن يحجّ عنه الصرورة.
م ـ 400: يشترط في المنوب عنه الإسلام، فلا تصحّ النيابة عن الكافر، فلو مات الكافر مستطيعاً وكان الوارث مسلماً لم يجب على الوارث الاستئجار للحج عنه، وأمّا الناصب فالظاهر جواز النيابة عنه مطلقاً، أباً كان أو غيره.
م ـ 401: لا بأس بالنيابة عن الحيّ في الحجّ المندوب تبرّعاً كان أو بإجارة، وكذلك لا بأس بالنيابة عنه في الحجّ الواجب إذا كان معذوراً عن الإتيان بالعمل مباشرة على ما تقدّم، ولا تجوز النيابة عن الحيّ في غير ذلك. وكذلك تجوز النيابة عن الميّت مطلقاً، سواء كانت بإجارة أو بتبرّع، وسواء كان الحجّ واجباً أو مندوباً.
م ـ 402: يعتبر في صحّة النيابة قصد النيابة، كما يعتبر فيها تعيين المنوب عنه بوجه من وجوه التعيين، ولا يشترط ذكر اسمه، وإن كان يستحبّ ذلك في جميع المواطن والمواقف.
م ـ 403: كما تصحّ النيابة بالتبرّع وبالإجارة تصحّ بالجعالة وبالشرط في ضمن العقد ونحو ذلك.
م ـ 404: الظاهر أنّ حال النائب حال من حجّ عن نفسه فيما إذا طرأ عليه العجز عن أداء بعض المناسك مطلقاً أو على النهج المقرّر لها، فيصحّ حجّه ويجزىء عن المنوب عنه في بعض الموارد، ويبطل في البعض الآخر، مثلاً: إذا طرأ عليه العجز عن الوقوف الاختياري بعرفات اجتزأ بالوقوف الاضطراري فيها وصحّ حجّه وتفرغ ذمّة المنوب عنه، بخلاف ما لو عجز عن الوقوفين جميعاً فإنّه يبطل حجّه.
ولا يجوز استئجار من يعلم مسبقاً عجزه عن أداء العمل الاختياري مطلقاً على الأحوط، بل لو تبرّع وناب هذا عن غيره يشكل الاكتفاء بعمله.
نعم، لا بأس باستئجار من يعلم ارتكابه لما يحرم على المحرم، كالتظليل ونحوه، لعذرٍ أو بدونه، وكذا من يترك بعض واجبات الحجّ ممّا لا يضرّ تركه ولو متعمداً بصحّة الحج، كطواف النساء والمبيت بمنى ليلة الحادي عشر والثاني عشر.
م ـ 405: إذا مات النائب قبل أن يُحرم لم تبرأ ذمّة المنوب عنه؛ إلّا إذا كان موته في طريق الحجّ، ولو كان قبل الإحرام، وإن كان الأولى الاستنابة عنه حينئذ في ما تجب الاستنابة فيه. ولا فرق في الاجتزاء بموته كذلك بين حجّة الاسلام وغيرها، ولا بين أن تكون النيابة تبرّعية أو بالأجرة.
م ـ 406: إذا مات الأجير قبل إتيانه بتمام الأعمال استحقّ تمام الأُجرة إذا كان أجيراً على تفريغ ذمّة الميّت، وأمّا إذا كان أجيراً على الإتيان بالأعمال، وكانت ملحوظة في الإجارة على نحو تعدّد المطلوب، بمعنى أن كل فعل من أفعال الحجّ ملحوظ بنفسه مقابل نسبة من الأجرة، استحقّ من الأُجرة بنسبة ما أتى به.
وإن مات الأجير قبل الإحرام لم يستحقّ شيئاً، حتّى لو قلنا ببراءة ذمّة المنوب عنه حينئذ؛ لعدم قيامه بأيّ شيء ممّا وقعت عليه الإجارة. نعم، إذا كانت المقدِّمات داخلة في الإجارة على نحو تعدُّد المطلوب استحقّ من الأُجرة بقدر ما أتى به منها.
م ـ 407: إذا استأجر للحجّ البلدي ولم يعيّن الطريق كان الأجير مخيّراً في ذلك، وإذا عيّن طريقاً لم يجز العدول منه إلى غيره، فإن عدل وأتى بالأعمال فإن كان اعتبار الطريق في الإجارة على نحو الشرطية دون الجزئية استحقّ الأجير تمام الأُجرة وكان للمستأجر خيار الفسخ، فإن فسخ يرجع إلى أُجرة المثل.
وإن كان اعتباره على نحو الجزئية كان للمستأجر الفسخ أيضاً، فإن فسخ استحقّ الأجير أُجرة المثل لما قام به من الأعمال دون ما سلكه من الطريق، وإن لم يفسخ كان له تمام الأُجرة المسمّاة، ولكن للمستأجر مطالبته بقيمة ما خالفه فيه من سلوك الطريق المعيّن.
م ـ 408: إذا آجر نفسه للحجّ فليس له أن يستأجر غيره ليحجّ عمّن استؤجر للحج عنه إلاّ مع إذن المستأجر. نعم، إذا كانت الإجارة على عمل في الذمّة، ولم يشترط عليه المباشرة، جاز له أن يستأجر غيره لذلك.
م ـ 409: إذا آجر نفسه للحجّ عن شخص مباشرة في سنة معيّنة لم تصحّ إجارته عن شخص آخر في تلك السنة مباشرة أيضاً، وتصحّ الإجارتان مع اختلاف السنتين، أو مع عدم تقيد إحدى الإجارتين أو كلتيهما بمباشرة الأجير الحجّ بنفسه.
م ـ 410: إذا آجر نفسه للحجّ في سنة معيّنة لم يجز له التأخير ولا التقديم إلاّ مع رضا المستأجر، ولو أخّره كان للمستأجر خيار الفسخ وإن برئت ذمّة المنوب عنه، فلو فسخ لم يستحقّ الأجير شيئاً إذا كان التعيين على وجه التقييد، وإن كان على وجه الشرطية - وهو الفرض الظاهر المتعارف لدى العقلاء - استحقّ أُجرة المثل، ولو لم يفسخ استحقّ الأجير تمام الأُجرة المسمّاة، وكان للمستأجر مطالبته بقيمة ما فوّته عليه من الزمان المعيّن إذا كان التعيين على وجه التقييد.
ولو قدّم الأجير فإن كان العمل المستأجر عليه من قبيل حجّة الإسلام عن الميّت، حيث تفرغ ذمّة المنوب عنه بما أتى به مسبقاً، ولا يمكن استيفاء العمل المستأجر عليه في وقته المعيّن، كان حكمه ما تقدّم في التأخير، وإلاّ، كما إذا آجره على الحجّ المندوب عن نفسه في العام المقبل فأتى به في العام الحالي، فإن كان التعيين على وجه التقييد لم يستحقّ الأجير على ما أتى به شيئاً، ووجب عليه الإتيان بالعمل المستأجر عليه في وقته المعيّن.
وكذا إذا كان التعيين على وجه الشرطية ولم يلغ المستأجِر شرطه، وإن ألغاه استحقّ تمام الأجرة المسمّاة.
م ـ 411: إذا صُدّ الأجير أو أُحصِر فلم يتمكّن من الإتيان بالأعمال كان حكمه حكم الحاجّ عن نفسه، ويأتي بيان حكم المحصور والمصدود إن شاء الله تعالى، وانفسخت الإجارة إذا كانت مقيّدة بتلك السنة، ويبقى الحجّ في ذمّته إذا لم تكن مقيّدة بها، ولكن للمستأجر خيار تخلّف الشرط إذا كان اعتبار الحجّ في تلك السنة على وجه الشرطية.
م ـ 412: إذا أتى النائب بما يوجب الكفّارة فهي من ماله، سواء كانت النيابة بإجارة أو بتبرّع.
م ـ 413: إذا استأجره للحجّ بأُجرة معيّنة فقصرت الأجرة عن مصارفه لم يجب على المستأجر تتميمها، كما أنّها إذا زادت عنها لم يكن له استرداد الزائد.
م ـ 414: إذا استأجره للحجّ الواجب أو المندوب فأفسد الأجير حجّه بالجماع قبل المشعر مثلاً، وجب عليه إتمامه وأجزأ المنوب عنه، وعلى الأجير الحجّ من قابل وكفّارة بدنة، والظاهر أنّه يستحقّ الأُجرة وإن لم يحجّ من قابل، لعذر أو غير عذر. وتجري الأحكام المذكورة في المتبرّع أيضاً إلاّ أنّه لا موضوع فيه لمسألة الأجرة.
م ـ 415: الظاهر أنّه يحقّ للأجير للحجّ أن يطالب المستأجر بدفع الأجرة له قبل الإتيان بالعمل وإن لم يشترط التعجيل صريحاً، من جهة وجود القرينة على الاشتراط، وهي جريان العادة بالتعجيل، حيث الغالب أنّ الأجير لا يتمكّن من الذهاب إلى الحجّ والإتيان بالأعمال قبل أخذ الأُجرة.
م ـ 416: إذا استأجر شخصاً لحجّ التَّمتُّع مع سعة الوقت، واتّفق أن ضاق الوقت فعدل الأجير عن عمرة التَّمتُّع إلى حجّ الإفراد، وأتى بعمرة مفردة بعده، برئت ذمّة المنوب عنه على الظاهر، ولكنّ الأجير لا يستحقّ الأُجرة إذا كانت الإجارة على الأعمال نفسها. نعم، إذا كانت الإجارة على تفريغ ذمّة الميّت استحقّها.
م ـ 417: لا بأس بنيابة شخص عن جماعة في الحجّ المندوب، وأمّا في الواجب فلا يجوز فيه نيابة الواحد عن اثنين وما زاد، إلاّ إذا كان وجوبه عليهما أو عليهم على نحو الشركة، كما إذا نذر شخصان أن يشترك كلّ منهما مع الآخر في الاستئجار في الحجّ، فحينئذٍ يجوز لهما أن يستأجرا شخصاً واحداً للنيابة عنهما.
م ـ 418: لا بأس بنيابة جماعة في عام واحد عن شخص واحد ميّت أو حيّ - تبرّعاً أو بالإجارة - فيما إذا كان الحجّ مندوباً، وكذلك في الحجّ الواجب فيما إذا كان متعدّداً، كما إذا كان على الميّت أو الحيّ حجّان واجبان بنذر - مثلاً - أو كان أحدهما حجّة الإسلام وكان الآخر واجباً بالنذر، فيجوز - حينئذٍ - استئجار شخصين، كلٌّ عن واجب من الواجبين.
وكذلك يجوز استئجار شخصين عن واحد، أحدهما للحجّ الواجب والآخر للمندوب. بل لا يبعد جواز استئجار شخصين لواجب واحد، كحجّة الإسلام، من باب الاحتياط؛ لاحتمال نقصان حجّ أحدهما.
م ـ 419: الطواف مستحبّ في نفسه، فتجوز النيابة فيه عن الميّت، وكذا عن الحيّ إذا كان غائباً عن مكَّة، أو كان حاضراً فيها ولم يتمكّن من الطواف بنفسه.
م ـ 420: لا بأس للنائب بعد فراغه من أعمال الحجّ النيابي أن يأتي بالعمرة المفردة عن نفسه أو عن غيره.

قد مرّ أن الذي لا يستطيع الحجّ بنفسه ولا يرجى زوال عذره يجب عليه أن يستنيب من يحجّ عنه في حياته، وكذا تجب الاستنابة عن الميت - وفق ما تقدم في المطلب الثالث - وفي كلا الحالين أحكام للنائب نعرضها في مسائل:
م ـ 394: يعتبر في النائب توفّر أُمور:
الأول: البلوغ، فلا يجزىء حجّ الصبيّ عن غيره في حجّة الإسلام وغيرها من الحجّ الواجب، وكذا لا يجزي حجّه عن غيره إن كان مميّزاً على الأحوط. نعم، لا يبعد صحّة نيابته - أي المميّز - في الحجّ المندوب بإذن الوليّ.
الثاني: العقل، فلا تجزىء استنابة المجنون، سواء في ذلك ما إذا كان جنونه مطبقاً، أم كان أدوارياً إذا كان العمل المستأجر عليه يقع في دور جنونه، وأمّا السفيه فلا بأس باستنابته.
الثالث: الاتفاق في المذهب، فلا عبرة بنيابة المخالف في المذهب وإن أتى بالعمل على طبق مذهبنا على الأحوط.
الرابع: أن لا يكون النائب مشغول الذمّة بحجّ واجب عليه في عام النيابة بنحوٍ يكون مطالباً بالحج عن نفسه في ذلك العام، ولا بأس باستنابته فيما إذا كان جاهلاً بالوجوب أو غافلاً عنه، وهذا الشرط شرط في صحّة الإجارة لا في صحّة حجّ النائب، فلو حجّ - بالرغم من ذلك - برئت ذمّة المنوب عنه مع تأتّي قصد القربة منه، ولكنّه لا يستحقّ الأُجرة المسمّاة، بل يستحقّ أُجرة المثل.
م ـ 395: لا يعتبر في النائب أن يكون عادلاً، ولكن يعتبر أن يكون موثوقاً به في أصل إتيانه بالعمل نيابة عن المنوب عنه، وفي كفاية إخباره بأداء الحجّ مع عدم الوثوق بقوله إشكال فلا يترك الاحتياط بلزوم استنابة الموثوق بقوله.
م ـ 396: يعتبر في فراغ ذمّة المنوب عنه إتيان النائب بالعمل صحيحاً، ولذا فلا بُدّ من معرفة النائب بأعمال الحجّ وأحكامه وإن كان ذلك بإرشاد غيره عند كلّ عمل، ومع الشكّ في إتيانه بها على الوجه الصحيح - ولو لأجل الشكّ في معرفته بأحكامها - فلا يبعد أن الحكم هو البناء على الصحّة.
م ـ 397: لا بأس بالنيابة عن الصبي المميز، كما لا بأس بالنيابة عن المجنون. وقيل: إنّه إذا كان مجنوناً أدوارياً وعلم بمصادفة جنونه لأيام الحجّ دائماً وجبت على ذلك المجنون الاستنابة حال إفاقته، ولكنه لا يخلو من إشكال. كما يجب الاستئجار عنه إذا استقر عليه الحجّ في حال إفاقته وإن مات مجنوناً.
م ـ 398: لا تشترط المماثلة بين النائب والمنوب عنه، فتصحّ نيابة الرجل عن المرأة وبالعكس. ويأتي كل منهما بالعمل وفق تكليفه هو. مثاله: أن ينوب الرجل عن المرأة فلا يجوز له - حال إحرامه - لبس المخيط بحجة أن المنوب عنه - وهو المرأة - يجوز لها لبس المخيط حال الإحرام، وكذلك إذا احرمت المرأة نيابة عن الرجل أمكنها لبس المخيط ولا تلزم بترك لبسه بحجة أن الرجل المحرم يحرم عليه ذلك وهكذا.
نعم، في صورة نيابة المرأة عن الرجل يلزم كون حجها بالنحو الطبيعي، فلو كان يأتيها الحيض - مثلاً - على نحوٍ يقلب وظيفتها إلى حجّ الافراد مثلاً، أو يجعلها تترك طواف النساء مثلاً وما إلى ذلك لم يصح استنابتها عن الرجل.
م ـ 399: لا بأس باستنابة الصرورة - وهو الذي لم يحجّ عن نفسه بعد - عن الصرورة وغير الصرورة، سواء كان النائب أو المنوب عنه رجلاً أم امرأة، وقيل بكراهة استنابة الصرورة ولم تثبت، بل لا يبعد أن يكون الأولى فيمن عجز عن مباشرة الحجّ وكان موسراً أن يستنيب الصرورة في ذلك، كما أنّ الأولى فيمن استقرّ عليه الحجّ فمات أن يحجّ عنه الصرورة.
م ـ 400: يشترط في المنوب عنه الإسلام، فلا تصحّ النيابة عن الكافر، فلو مات الكافر مستطيعاً وكان الوارث مسلماً لم يجب على الوارث الاستئجار للحج عنه، وأمّا الناصب فالظاهر جواز النيابة عنه مطلقاً، أباً كان أو غيره.
م ـ 401: لا بأس بالنيابة عن الحيّ في الحجّ المندوب تبرّعاً كان أو بإجارة، وكذلك لا بأس بالنيابة عنه في الحجّ الواجب إذا كان معذوراً عن الإتيان بالعمل مباشرة على ما تقدّم، ولا تجوز النيابة عن الحيّ في غير ذلك. وكذلك تجوز النيابة عن الميّت مطلقاً، سواء كانت بإجارة أو بتبرّع، وسواء كان الحجّ واجباً أو مندوباً.
م ـ 402: يعتبر في صحّة النيابة قصد النيابة، كما يعتبر فيها تعيين المنوب عنه بوجه من وجوه التعيين، ولا يشترط ذكر اسمه، وإن كان يستحبّ ذلك في جميع المواطن والمواقف.
م ـ 403: كما تصحّ النيابة بالتبرّع وبالإجارة تصحّ بالجعالة وبالشرط في ضمن العقد ونحو ذلك.
م ـ 404: الظاهر أنّ حال النائب حال من حجّ عن نفسه فيما إذا طرأ عليه العجز عن أداء بعض المناسك مطلقاً أو على النهج المقرّر لها، فيصحّ حجّه ويجزىء عن المنوب عنه في بعض الموارد، ويبطل في البعض الآخر، مثلاً: إذا طرأ عليه العجز عن الوقوف الاختياري بعرفات اجتزأ بالوقوف الاضطراري فيها وصحّ حجّه وتفرغ ذمّة المنوب عنه، بخلاف ما لو عجز عن الوقوفين جميعاً فإنّه يبطل حجّه.
ولا يجوز استئجار من يعلم مسبقاً عجزه عن أداء العمل الاختياري مطلقاً على الأحوط، بل لو تبرّع وناب هذا عن غيره يشكل الاكتفاء بعمله.
نعم، لا بأس باستئجار من يعلم ارتكابه لما يحرم على المحرم، كالتظليل ونحوه، لعذرٍ أو بدونه، وكذا من يترك بعض واجبات الحجّ ممّا لا يضرّ تركه ولو متعمداً بصحّة الحج، كطواف النساء والمبيت بمنى ليلة الحادي عشر والثاني عشر.
م ـ 405: إذا مات النائب قبل أن يُحرم لم تبرأ ذمّة المنوب عنه؛ إلّا إذا كان موته في طريق الحجّ، ولو كان قبل الإحرام، وإن كان الأولى الاستنابة عنه حينئذ في ما تجب الاستنابة فيه. ولا فرق في الاجتزاء بموته كذلك بين حجّة الاسلام وغيرها، ولا بين أن تكون النيابة تبرّعية أو بالأجرة.
م ـ 406: إذا مات الأجير قبل إتيانه بتمام الأعمال استحقّ تمام الأُجرة إذا كان أجيراً على تفريغ ذمّة الميّت، وأمّا إذا كان أجيراً على الإتيان بالأعمال، وكانت ملحوظة في الإجارة على نحو تعدّد المطلوب، بمعنى أن كل فعل من أفعال الحجّ ملحوظ بنفسه مقابل نسبة من الأجرة، استحقّ من الأُجرة بنسبة ما أتى به.
وإن مات الأجير قبل الإحرام لم يستحقّ شيئاً، حتّى لو قلنا ببراءة ذمّة المنوب عنه حينئذ؛ لعدم قيامه بأيّ شيء ممّا وقعت عليه الإجارة. نعم، إذا كانت المقدِّمات داخلة في الإجارة على نحو تعدُّد المطلوب استحقّ من الأُجرة بقدر ما أتى به منها.
م ـ 407: إذا استأجر للحجّ البلدي ولم يعيّن الطريق كان الأجير مخيّراً في ذلك، وإذا عيّن طريقاً لم يجز العدول منه إلى غيره، فإن عدل وأتى بالأعمال فإن كان اعتبار الطريق في الإجارة على نحو الشرطية دون الجزئية استحقّ الأجير تمام الأُجرة وكان للمستأجر خيار الفسخ، فإن فسخ يرجع إلى أُجرة المثل.
وإن كان اعتباره على نحو الجزئية كان للمستأجر الفسخ أيضاً، فإن فسخ استحقّ الأجير أُجرة المثل لما قام به من الأعمال دون ما سلكه من الطريق، وإن لم يفسخ كان له تمام الأُجرة المسمّاة، ولكن للمستأجر مطالبته بقيمة ما خالفه فيه من سلوك الطريق المعيّن.
م ـ 408: إذا آجر نفسه للحجّ فليس له أن يستأجر غيره ليحجّ عمّن استؤجر للحج عنه إلاّ مع إذن المستأجر. نعم، إذا كانت الإجارة على عمل في الذمّة، ولم يشترط عليه المباشرة، جاز له أن يستأجر غيره لذلك.
م ـ 409: إذا آجر نفسه للحجّ عن شخص مباشرة في سنة معيّنة لم تصحّ إجارته عن شخص آخر في تلك السنة مباشرة أيضاً، وتصحّ الإجارتان مع اختلاف السنتين، أو مع عدم تقيد إحدى الإجارتين أو كلتيهما بمباشرة الأجير الحجّ بنفسه.
م ـ 410: إذا آجر نفسه للحجّ في سنة معيّنة لم يجز له التأخير ولا التقديم إلاّ مع رضا المستأجر، ولو أخّره كان للمستأجر خيار الفسخ وإن برئت ذمّة المنوب عنه، فلو فسخ لم يستحقّ الأجير شيئاً إذا كان التعيين على وجه التقييد، وإن كان على وجه الشرطية - وهو الفرض الظاهر المتعارف لدى العقلاء - استحقّ أُجرة المثل، ولو لم يفسخ استحقّ الأجير تمام الأُجرة المسمّاة، وكان للمستأجر مطالبته بقيمة ما فوّته عليه من الزمان المعيّن إذا كان التعيين على وجه التقييد.
ولو قدّم الأجير فإن كان العمل المستأجر عليه من قبيل حجّة الإسلام عن الميّت، حيث تفرغ ذمّة المنوب عنه بما أتى به مسبقاً، ولا يمكن استيفاء العمل المستأجر عليه في وقته المعيّن، كان حكمه ما تقدّم في التأخير، وإلاّ، كما إذا آجره على الحجّ المندوب عن نفسه في العام المقبل فأتى به في العام الحالي، فإن كان التعيين على وجه التقييد لم يستحقّ الأجير على ما أتى به شيئاً، ووجب عليه الإتيان بالعمل المستأجر عليه في وقته المعيّن.
وكذا إذا كان التعيين على وجه الشرطية ولم يلغ المستأجِر شرطه، وإن ألغاه استحقّ تمام الأجرة المسمّاة.
م ـ 411: إذا صُدّ الأجير أو أُحصِر فلم يتمكّن من الإتيان بالأعمال كان حكمه حكم الحاجّ عن نفسه، ويأتي بيان حكم المحصور والمصدود إن شاء الله تعالى، وانفسخت الإجارة إذا كانت مقيّدة بتلك السنة، ويبقى الحجّ في ذمّته إذا لم تكن مقيّدة بها، ولكن للمستأجر خيار تخلّف الشرط إذا كان اعتبار الحجّ في تلك السنة على وجه الشرطية.
م ـ 412: إذا أتى النائب بما يوجب الكفّارة فهي من ماله، سواء كانت النيابة بإجارة أو بتبرّع.
م ـ 413: إذا استأجره للحجّ بأُجرة معيّنة فقصرت الأجرة عن مصارفه لم يجب على المستأجر تتميمها، كما أنّها إذا زادت عنها لم يكن له استرداد الزائد.
م ـ 414: إذا استأجره للحجّ الواجب أو المندوب فأفسد الأجير حجّه بالجماع قبل المشعر مثلاً، وجب عليه إتمامه وأجزأ المنوب عنه، وعلى الأجير الحجّ من قابل وكفّارة بدنة، والظاهر أنّه يستحقّ الأُجرة وإن لم يحجّ من قابل، لعذر أو غير عذر. وتجري الأحكام المذكورة في المتبرّع أيضاً إلاّ أنّه لا موضوع فيه لمسألة الأجرة.
م ـ 415: الظاهر أنّه يحقّ للأجير للحجّ أن يطالب المستأجر بدفع الأجرة له قبل الإتيان بالعمل وإن لم يشترط التعجيل صريحاً، من جهة وجود القرينة على الاشتراط، وهي جريان العادة بالتعجيل، حيث الغالب أنّ الأجير لا يتمكّن من الذهاب إلى الحجّ والإتيان بالأعمال قبل أخذ الأُجرة.
م ـ 416: إذا استأجر شخصاً لحجّ التَّمتُّع مع سعة الوقت، واتّفق أن ضاق الوقت فعدل الأجير عن عمرة التَّمتُّع إلى حجّ الإفراد، وأتى بعمرة مفردة بعده، برئت ذمّة المنوب عنه على الظاهر، ولكنّ الأجير لا يستحقّ الأُجرة إذا كانت الإجارة على الأعمال نفسها. نعم، إذا كانت الإجارة على تفريغ ذمّة الميّت استحقّها.
م ـ 417: لا بأس بنيابة شخص عن جماعة في الحجّ المندوب، وأمّا في الواجب فلا يجوز فيه نيابة الواحد عن اثنين وما زاد، إلاّ إذا كان وجوبه عليهما أو عليهم على نحو الشركة، كما إذا نذر شخصان أن يشترك كلّ منهما مع الآخر في الاستئجار في الحجّ، فحينئذٍ يجوز لهما أن يستأجرا شخصاً واحداً للنيابة عنهما.
م ـ 418: لا بأس بنيابة جماعة في عام واحد عن شخص واحد ميّت أو حيّ - تبرّعاً أو بالإجارة - فيما إذا كان الحجّ مندوباً، وكذلك في الحجّ الواجب فيما إذا كان متعدّداً، كما إذا كان على الميّت أو الحيّ حجّان واجبان بنذر - مثلاً - أو كان أحدهما حجّة الإسلام وكان الآخر واجباً بالنذر، فيجوز - حينئذٍ - استئجار شخصين، كلٌّ عن واجب من الواجبين.
وكذلك يجوز استئجار شخصين عن واحد، أحدهما للحجّ الواجب والآخر للمندوب. بل لا يبعد جواز استئجار شخصين لواجب واحد، كحجّة الإسلام، من باب الاحتياط؛ لاحتمال نقصان حجّ أحدهما.
م ـ 419: الطواف مستحبّ في نفسه، فتجوز النيابة فيه عن الميّت، وكذا عن الحيّ إذا كان غائباً عن مكَّة، أو كان حاضراً فيها ولم يتمكّن من الطواف بنفسه.
م ـ 420: لا بأس للنائب بعد فراغه من أعمال الحجّ النيابي أن يأتي بالعمرة المفردة عن نفسه أو عن غيره.
اقرأ المزيد
نسخ النص نُسِخ!
تفسير