دراسات
06/05/2013

الشّكل والمضمون في شعر السيّد فضل الله

الشّكل والمضمون في شعر السيّد فضل الله
يولي السيّد محمد حسين فضل الله المضمون الشّعريّ أهميّةً أكثر من الشّكل، فالمضمون يعطي الشّاعر انطلاقةً جديدة، ويفرض تجارب الشّعراء على الزّمن، ولا سيّما أنّه اعتبر أنّ النّقلة الحضاريّة النوعيّة في التّجربة الشّعريّة قد قامت على أساس المضمون لا الشّكل. يقول السيّد: "إنّ القضيّة هي قضيّة المضمون الّذي يعيش في داخل شخصيّة الشّاعر، فهو الّذي يعطي للكلمة والشّكل حيويّتهما وإبداعيّتهما".
هنا يتعارض السيّد مع الشّكليّين، مبتعداً عن آليّة الحياة وحتميّة التّاريخ، إذ يولي أهميّةً لدور الإنسان وتجاربه في تغيير وجه الواقع، فالشّاعر يختزن مضمون التّجربة الشّعريّة الّتي يعيشها، ويتأثّر بها وينفعل ويهتزّ لها.

إنّ المضمون يفرض الشّكل، وهو ما تحدّث به "هيغل"، حتّى يمكن أن نستوحي الشّكل الشّعريّ من شكل الموسيقى، فإذا ما كانت الشّكليّة التقليديّة حالةً ليست مقدّسةً، فأين النقلة الحضاريّة في التّجربة الشّعرية؟ وقد أكّد الشّاعر السيّد أنّ الموسيقى أساسيّة في الشّعر، حتّى الموسيقى الفكريّة الّتي تعبّر عن الإحساس الشّعريّ، والّتي تجمع بين موسيقى الشّكل وموسيقى المضمون.

يقول السيّد الشّاعر: "عشنا كلّ التّاريخ الثّقافيّ في العالم الّذي يمثّل الحضارة الثقافيّة، ولم يكن الشّكل هو العنصر الّذي تتمثّل فيه النّقلة الحضاريّة النوعيّة في التجربة الشّعريّة، بل كان المضمون يمثّل نسبةً كبيرةً في هذا المجال".
إنَّ حديث الشّاعر عن النّقلة الحضاريّة في التّجربة الشعريّة، يقودنا إلى الاستنتاج الّذي خلص إليه الشّاعر لما لم يكن تطويره في هذه التّجربة، من وسائل التّعبير، ومن استيحاء الشكل الشّعريّ في الشّكل الموسيقيّ: "إذا كانت التّجربة الشعريّة تحمل عنصر الإبداع، فنحن نؤمن بأنّنا نستطيع أن نطوّر الشّكل الشّعريّ في تجارب متعدّدة على مستوى حركة التّفعيلة، بشرط أن نحافِظَ على جانب الموسيقى. إنّنا نقول إنّه من الممكن أن نستوحي الشّكل الشّعريّ من شكل الموسيقى، أن ننطلق إلى كلّ التّراث الموسيقيّ، أي التّفعيلات الموسيقيّة، ونحوّلها إلى تفعيلاتٍ شعريّة".

إنّ الموسيقى أساس التّجربة الشعريّة، وإذا كان بالإمكان تطوير الشّكل الشّعريّ، فلا بدّ من الموسيقى، فالشّعر يمثّل شكلاً مُمَوْسَقاً من أشكال التّعبير. ويميّز السيّد بين نوعين من الموسيقى: موسيقى الشّكل، وموسيقى المضمون. فهل يقصد ما عناه النقّاد القدماء:
 بأن يأخذ البيت بعنق أخيه، لا أن يكون تباعداً بين معنى البيت الشّعري والبيت الّذي يليه؟
 هل يعني الانسجام الّذي قال به بعض النقّاد، والّذي يؤدّي إلى وحدة الموضوع ويحدّد جماليّة النصّ؟ هل يعني السيّد بموسيقى المضمون ما عند الباقلاني والجاحظ من النّظر إلى تناغم السّياق في النّص ككلّ؟
 أن ننظر إلى النصّ كوحدة؟
 وإذا كان الشّاعر يمكنه أن يستوحي الشّكل الشعريّ من شكل الموسيقى، فما هي التّفعيلات الموسيقيّة الّتي يريد السيّد تحويلها إلى تفعيلات شعريّة؟
 هل هي المقاطع الصوتيّة الّتي يعتمدها الموسيقيّون من قصير متوسّط وأقصر وطويل؟
 هل هي الأسباب والأوتاد والفواصل الّتي اعتمدها الخليل في دوائره لتشكيل بحوره الشّعريّة؟
 وهل يكون السيّد قد سبق النّاقد كمال أبو ديب في طرحه اعتماد المقاطع الصوتيّة وتداخلها لإنشاء موسيقى القصيدة؟
إذا كان المضمون هو الّذي يفرض الشّكل، وهو يعيش داخل شخصيّة الشّاعر، فإنّ السيّد يلمّح بذلك إلى ضرورة الصّدق في التجربة الشّعريّة، واختيار الكلمات، لتعبّر بأمانة عن الإحساس الدّاخلي:

 (الطّويل)
يقول:

حياتي إحساسٌ وفيضُ عواطفٍ         بقلبي كالطّوفانِ يطغى ويهـدُرُ
ودنيايَ آفاقٌ، كـأنَّ  سماءَهـا          غيومٌ بأحداقِ الضُّحى تتبعثـرُ
وماذا لدى الإنسان، إنْ أطبقَ الدُّجى  على روحِه فيما يقولُ ويضمرُ
 إذا لم تفتحْ للصّفاءِ بروحـهِ          عيونٌ تُريه الحقَّ كيف يصوّرُ

والشّاعر الّذي أراد تطوير الشّكل الشّعريّ على مستوى حركة التّفعيلة، توقّف عند الجدّة والتّغيير في وسائل التّعبير، ولا سيّما أنّه أولى المضمون هذه الأهميّة. فما الّذي يمكنه تطويره في أسلوب التّعبير عن مضمون التّجربة الشّعريّة؟
يقول السيّد: "يمكن أن نطوّر أسلوب التّعبير في المضمون الشّعريّ، بالطّريقة الّتي تأخذ من تطوّر الفنّ في وسائل التّعبير، نأخذ منه الأساليب الحديثة في طبيعة اختزان الكلمة للفكرة، من خلال تطوير الاستعارة والكناية والمجاز".
في مسألة الشّكل والمضمون، يطرح السيّد الاتّباعيّة الّتي لا تمنع الإبداع، ويعدّ أن التّجارب الشعريّة حتّى المبدعة منها، لم ينطلق شعراؤها من التمرّد على الشّكل، بل كانوا اتباعيّين في الشّكل، "لأنّ مسألة الشّكل ليست هي المسألة الّتي تمثّل التطوّر المطلق للقصيدة. التجربة الفنيّة في الشّكل تخضع لضوابط تجعل تجاوز الحدود يعطي نقلةً نوعيّةً".

لقد نفى السيّد فضل الله عن الاتّباعيّة حجزها للإبداع، لذلك قد يمارس الإنسان التّجربة الّتي مارسها الآخرون في الشّكل، لأنّه لا يشعر بأنّها تختلف عن حركة الإبداع الفنّي، فهل الإبداع هو الخلق الجديد على مستوى التّجربة الشعريّة؟
يقول الشّاعر: "عندما تكون شاعراً، فأنت تختار الكلمة من خلال إيحاءاتها، وما تستطيع أن تحمّلها من الفكر، وتختار الشّكل والموسيقى الّتي يمكن أن تبعث الاهتزاز في الكلمة لتتكامل مع الاهتزاز الّذي تثيره الإيحاءات من خلال طبيعة الفكرة والأحاسيس الّتي تثيرها الموسيقى الشّعريّة في هذا المجال، والشّكل لن يتدخّل في عمليّة الإبداع في العمق، إلا من خلال أنّه يمثّل نقلةً تتجاوز المألوف في ما يتمثّله الإنسان من الجدّة في وسائل التّعبير".

ما معنى الهزّة الشّعريّة الّتي يريدها السيّد من خلال ما تثيره الموسيقى والإيحاءات وطبيعة الفكرة والأحاسيس؟ إنّ الشّعر لا يجب أن يعيش على هامش الحياة، إنّه لا بدَّ من أن يهزّ ويفعل فعله في النّفس. وهل لذلك عدّ السيّد المتنبّي شاعراً خالداً ترك أثره ولا يزال شعره يهزّنا وننفعل به؟! يقول الشّاعر: "لقد قال المتنبّي شعراً، ولا نزال ندرس شعر المتنبّي في الجامعات، ولا نزال نتمثّل بشعره في المجالات الشّعريّة، ويبقى شعر المتنبّي في درجته الرّفيعة الّتي استطاعت أن تحتفظ للمثقّفين بكثيرٍ من الفنّ والإبداع، حيث يستطيعون أن يكتبوا فيها مجلّدات، وإنّني أستحضر بيتاً من الشّعر يقول فيه صاحبه:

 إذا الشِّعرُ لم يهزُزْكَ عند سماعه   فليس جديراً أن يُقالَ له شعرُ 

إنّ الهزّة الشّعريّة نتاج الشّعر الّذي يُعَدُّ تجربةً إنسانيّةً لها امتدادها في العمق من خلال الالتزام بالقضايا الّتي تتحرّك في واقع المجتمع، لأنّ الشّعر لا بدّ من أن يبني المجتمع في كلّ شؤونه.
يقول في قصيدة بعنوان "كم نغنّي":

عيـدُنا موعـدُ الحيـاةِ إذا ثـارَ بأعماقِنـا كيـانٌ قتيـلُ
وصدى الوثبةِ الّتي يَثِبُ التّاريخُ فيها على المدى.. ويصولُ
عنـدما يُشْرِقُ النّضالُ، بمسرانا وتهتزُّ للكفـاحِ النّصـولُ
وتعودُ الحقـولُ تنثرُ زهـرَ النّصـرِ فينـا كأنَّه الإكليـلُ
عندما نستعيدُ أضواءَ ماضينا ليسمو هذا الشّعاعُ الضّئيـلُ
ويثورُ الفجرُ المرنَّحُ يجري من سناهُ الضُّحى ويزهو الأصيلُ
عيدُنا مهبطُ الغدِ الحرِّ إذ ينداحُ عنّا هذا الضّبابُ الثّقيـلُ

المصدر: من كتاب "الاتجاه الروحيّ في شعر السيّد محمّد حسين فضل الله"
 
يولي السيّد محمد حسين فضل الله المضمون الشّعريّ أهميّةً أكثر من الشّكل، فالمضمون يعطي الشّاعر انطلاقةً جديدة، ويفرض تجارب الشّعراء على الزّمن، ولا سيّما أنّه اعتبر أنّ النّقلة الحضاريّة النوعيّة في التّجربة الشّعريّة قد قامت على أساس المضمون لا الشّكل. يقول السيّد: "إنّ القضيّة هي قضيّة المضمون الّذي يعيش في داخل شخصيّة الشّاعر، فهو الّذي يعطي للكلمة والشّكل حيويّتهما وإبداعيّتهما".
هنا يتعارض السيّد مع الشّكليّين، مبتعداً عن آليّة الحياة وحتميّة التّاريخ، إذ يولي أهميّةً لدور الإنسان وتجاربه في تغيير وجه الواقع، فالشّاعر يختزن مضمون التّجربة الشّعريّة الّتي يعيشها، ويتأثّر بها وينفعل ويهتزّ لها.

إنّ المضمون يفرض الشّكل، وهو ما تحدّث به "هيغل"، حتّى يمكن أن نستوحي الشّكل الشّعريّ من شكل الموسيقى، فإذا ما كانت الشّكليّة التقليديّة حالةً ليست مقدّسةً، فأين النقلة الحضاريّة في التّجربة الشّعرية؟ وقد أكّد الشّاعر السيّد أنّ الموسيقى أساسيّة في الشّعر، حتّى الموسيقى الفكريّة الّتي تعبّر عن الإحساس الشّعريّ، والّتي تجمع بين موسيقى الشّكل وموسيقى المضمون.

يقول السيّد الشّاعر: "عشنا كلّ التّاريخ الثّقافيّ في العالم الّذي يمثّل الحضارة الثقافيّة، ولم يكن الشّكل هو العنصر الّذي تتمثّل فيه النّقلة الحضاريّة النوعيّة في التجربة الشّعريّة، بل كان المضمون يمثّل نسبةً كبيرةً في هذا المجال".
إنَّ حديث الشّاعر عن النّقلة الحضاريّة في التّجربة الشعريّة، يقودنا إلى الاستنتاج الّذي خلص إليه الشّاعر لما لم يكن تطويره في هذه التّجربة، من وسائل التّعبير، ومن استيحاء الشكل الشّعريّ في الشّكل الموسيقيّ: "إذا كانت التّجربة الشعريّة تحمل عنصر الإبداع، فنحن نؤمن بأنّنا نستطيع أن نطوّر الشّكل الشّعريّ في تجارب متعدّدة على مستوى حركة التّفعيلة، بشرط أن نحافِظَ على جانب الموسيقى. إنّنا نقول إنّه من الممكن أن نستوحي الشّكل الشّعريّ من شكل الموسيقى، أن ننطلق إلى كلّ التّراث الموسيقيّ، أي التّفعيلات الموسيقيّة، ونحوّلها إلى تفعيلاتٍ شعريّة".

إنّ الموسيقى أساس التّجربة الشعريّة، وإذا كان بالإمكان تطوير الشّكل الشّعريّ، فلا بدّ من الموسيقى، فالشّعر يمثّل شكلاً مُمَوْسَقاً من أشكال التّعبير. ويميّز السيّد بين نوعين من الموسيقى: موسيقى الشّكل، وموسيقى المضمون. فهل يقصد ما عناه النقّاد القدماء:
 بأن يأخذ البيت بعنق أخيه، لا أن يكون تباعداً بين معنى البيت الشّعري والبيت الّذي يليه؟
 هل يعني الانسجام الّذي قال به بعض النقّاد، والّذي يؤدّي إلى وحدة الموضوع ويحدّد جماليّة النصّ؟ هل يعني السيّد بموسيقى المضمون ما عند الباقلاني والجاحظ من النّظر إلى تناغم السّياق في النّص ككلّ؟
 أن ننظر إلى النصّ كوحدة؟
 وإذا كان الشّاعر يمكنه أن يستوحي الشّكل الشعريّ من شكل الموسيقى، فما هي التّفعيلات الموسيقيّة الّتي يريد السيّد تحويلها إلى تفعيلات شعريّة؟
 هل هي المقاطع الصوتيّة الّتي يعتمدها الموسيقيّون من قصير متوسّط وأقصر وطويل؟
 هل هي الأسباب والأوتاد والفواصل الّتي اعتمدها الخليل في دوائره لتشكيل بحوره الشّعريّة؟
 وهل يكون السيّد قد سبق النّاقد كمال أبو ديب في طرحه اعتماد المقاطع الصوتيّة وتداخلها لإنشاء موسيقى القصيدة؟
إذا كان المضمون هو الّذي يفرض الشّكل، وهو يعيش داخل شخصيّة الشّاعر، فإنّ السيّد يلمّح بذلك إلى ضرورة الصّدق في التجربة الشّعريّة، واختيار الكلمات، لتعبّر بأمانة عن الإحساس الدّاخلي:

 (الطّويل)
يقول:

حياتي إحساسٌ وفيضُ عواطفٍ         بقلبي كالطّوفانِ يطغى ويهـدُرُ
ودنيايَ آفاقٌ، كـأنَّ  سماءَهـا          غيومٌ بأحداقِ الضُّحى تتبعثـرُ
وماذا لدى الإنسان، إنْ أطبقَ الدُّجى  على روحِه فيما يقولُ ويضمرُ
 إذا لم تفتحْ للصّفاءِ بروحـهِ          عيونٌ تُريه الحقَّ كيف يصوّرُ

والشّاعر الّذي أراد تطوير الشّكل الشّعريّ على مستوى حركة التّفعيلة، توقّف عند الجدّة والتّغيير في وسائل التّعبير، ولا سيّما أنّه أولى المضمون هذه الأهميّة. فما الّذي يمكنه تطويره في أسلوب التّعبير عن مضمون التّجربة الشّعريّة؟
يقول السيّد: "يمكن أن نطوّر أسلوب التّعبير في المضمون الشّعريّ، بالطّريقة الّتي تأخذ من تطوّر الفنّ في وسائل التّعبير، نأخذ منه الأساليب الحديثة في طبيعة اختزان الكلمة للفكرة، من خلال تطوير الاستعارة والكناية والمجاز".
في مسألة الشّكل والمضمون، يطرح السيّد الاتّباعيّة الّتي لا تمنع الإبداع، ويعدّ أن التّجارب الشعريّة حتّى المبدعة منها، لم ينطلق شعراؤها من التمرّد على الشّكل، بل كانوا اتباعيّين في الشّكل، "لأنّ مسألة الشّكل ليست هي المسألة الّتي تمثّل التطوّر المطلق للقصيدة. التجربة الفنيّة في الشّكل تخضع لضوابط تجعل تجاوز الحدود يعطي نقلةً نوعيّةً".

لقد نفى السيّد فضل الله عن الاتّباعيّة حجزها للإبداع، لذلك قد يمارس الإنسان التّجربة الّتي مارسها الآخرون في الشّكل، لأنّه لا يشعر بأنّها تختلف عن حركة الإبداع الفنّي، فهل الإبداع هو الخلق الجديد على مستوى التّجربة الشعريّة؟
يقول الشّاعر: "عندما تكون شاعراً، فأنت تختار الكلمة من خلال إيحاءاتها، وما تستطيع أن تحمّلها من الفكر، وتختار الشّكل والموسيقى الّتي يمكن أن تبعث الاهتزاز في الكلمة لتتكامل مع الاهتزاز الّذي تثيره الإيحاءات من خلال طبيعة الفكرة والأحاسيس الّتي تثيرها الموسيقى الشّعريّة في هذا المجال، والشّكل لن يتدخّل في عمليّة الإبداع في العمق، إلا من خلال أنّه يمثّل نقلةً تتجاوز المألوف في ما يتمثّله الإنسان من الجدّة في وسائل التّعبير".

ما معنى الهزّة الشّعريّة الّتي يريدها السيّد من خلال ما تثيره الموسيقى والإيحاءات وطبيعة الفكرة والأحاسيس؟ إنّ الشّعر لا يجب أن يعيش على هامش الحياة، إنّه لا بدَّ من أن يهزّ ويفعل فعله في النّفس. وهل لذلك عدّ السيّد المتنبّي شاعراً خالداً ترك أثره ولا يزال شعره يهزّنا وننفعل به؟! يقول الشّاعر: "لقد قال المتنبّي شعراً، ولا نزال ندرس شعر المتنبّي في الجامعات، ولا نزال نتمثّل بشعره في المجالات الشّعريّة، ويبقى شعر المتنبّي في درجته الرّفيعة الّتي استطاعت أن تحتفظ للمثقّفين بكثيرٍ من الفنّ والإبداع، حيث يستطيعون أن يكتبوا فيها مجلّدات، وإنّني أستحضر بيتاً من الشّعر يقول فيه صاحبه:

 إذا الشِّعرُ لم يهزُزْكَ عند سماعه   فليس جديراً أن يُقالَ له شعرُ 

إنّ الهزّة الشّعريّة نتاج الشّعر الّذي يُعَدُّ تجربةً إنسانيّةً لها امتدادها في العمق من خلال الالتزام بالقضايا الّتي تتحرّك في واقع المجتمع، لأنّ الشّعر لا بدّ من أن يبني المجتمع في كلّ شؤونه.
يقول في قصيدة بعنوان "كم نغنّي":

عيـدُنا موعـدُ الحيـاةِ إذا ثـارَ بأعماقِنـا كيـانٌ قتيـلُ
وصدى الوثبةِ الّتي يَثِبُ التّاريخُ فيها على المدى.. ويصولُ
عنـدما يُشْرِقُ النّضالُ، بمسرانا وتهتزُّ للكفـاحِ النّصـولُ
وتعودُ الحقـولُ تنثرُ زهـرَ النّصـرِ فينـا كأنَّه الإكليـلُ
عندما نستعيدُ أضواءَ ماضينا ليسمو هذا الشّعاعُ الضّئيـلُ
ويثورُ الفجرُ المرنَّحُ يجري من سناهُ الضُّحى ويزهو الأصيلُ
عيدُنا مهبطُ الغدِ الحرِّ إذ ينداحُ عنّا هذا الضّبابُ الثّقيـلُ

المصدر: من كتاب "الاتجاه الروحيّ في شعر السيّد محمّد حسين فضل الله"
 
اقرأ المزيد
نسخ النص نُسِخ!
تفسير