في المال الحلال بركة

في المال الحلال بركة

{وَيا قَوْمِ أَوْفُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ}. فللناس حقٌّ في أن تؤدّوا إليهم ما يستحقّونه كاملاً من دون نقصان، تماماً كما تفكّرون في حقوقكم على النّاس عندما تتبايعون وتتشارون، فتطلبون منهم أن يؤدّوا إليكم حقّكم وافياً بجميع جهاته..

{وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَآءهمْ}، لأنّ ذلك يعتبر نوعاً من أنواع السّرقة والخيانة، فإنّك إذا بعتَ إنساناً شيئاً، فإنّ البيع يوجب ملكيّته له، فإذا أنقصت منه جزءاً، فإنّك تكون سارقاً له، كما لو كان قد اشتراه من غيرك، لأنّ النتيجة واحدة، {وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأرْضِ مُفْسِدِينَ}، أي لا تفسدوا في الأرض، ولا تمارسوا أعمال الخيانة حال كونكم مفسدين، في مقام تأكيد النهي عن الفساد.

إنّ من المفروض على الإنسان المؤمن الذي يوحّد الله في العبادة، أن يخضع له في ما يفرضه الخطّ الإلهيّ التّشريعيّ، وقد أراد الله للإنسان أن يعتبر الدّور الموكول إليه هو إصلاح الأرض بنشر العدل والأمانة والخير والسّلام، قولاً وفعلاً، فإذا مارس الفساد في نشاطاته العامّة والخاصّة، فإنّه يكون قد خان دوره أمام الله.

وهكذا أراد النّبيّ شعيب من قومه أن يتحرّكوا ضمن هذا الخطّ الذي ينهاهم عن الفساد وأبرز مظاهره، أي التّطفيف في المكيال والميزان، باعتبار أن الخلل الاقتصادي في الأمّة، يُفسد توازن المجتمع، ويفقده أساس الثقة، بنسفه القاعدة الأخلاقيّة التي ترتكز عليها حركة الاقتصاد، ولا يبقى هناك أيّ ضمانة للطمأنينة والسلام. وعلى هذا الأساس، فإن التطفيف لا يمثل بنفسه خطورةً كبيرةً، إلا بما يكمن خلفه من خللٍ في القاعدة الأخلاقيّة العامّة التي يرتكز عليها الفكر والسّلوك. وقد جاءت هذه الآية تأكيداً للفكرة وتوسيعاً لها، وضرباً للقاعدة، بعدما كانت الآية الأولى إشارةً إلى الجانب السلبيّ منها في إطاره المحدود.

{بَقِيَّةُ اللهِ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}. الظاهر أنّ المراد من هذا التّعبير {بَقِيَّةُ اللهِ} هو ما يحصلون عليه من ربح يزيد على رأس المال، يعود إليهم من خلال معاملاتهم التجارية، فإن ذلك هو المال الحلال الذي يجعل الله فيه الخير والبركة، فينبغي لهم أن يقنعوا به، ويستمرّوا في هذا السبيل الذي قام عليه نظام الحياة بين النّاس، حتى يهيّئ الله لهم، من ذلك، الكثير من الخير والبركة، فإنّ هذا أفضل لهم من السّرقة والخيانة، وغير ذلك من الأساليب التي تدمّر حياتهم، وتهدّد مصيرهم في الدّنيا والآخرة. وهذا هو خطّ الإيمان الذي يجب على المؤمنين أن يسيروا عليه، ويؤكّدوا التزامهم به في كلّ مراحل حياتهم.

{وَمَآ أَنَاْ عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ}، فلم يجعلني الله حفيظاً عليكم يطريقة القوَّة والإجبار، بل أنا رسول من الله إليكم، لأبلّغكم أوامره ونواهيه، ولأفتح عيونكم على الجانب المشرق من الحياة الذي تلتقون فيه برضى الله ورحمته ولطفه.

فإذا تمرّدتم وعصيتم، وقادكم ذلك إلى السّقوط في مهاوي الهلاك، فلا أملك لكم من الله شيئاً إذا أراد الله أن يعذّبكم في الدنيا بخطاياكم، أو في الآخرة بكفركم وضلالكم.

*من كتاب "تفسير من وحي القرآن".

{وَيا قَوْمِ أَوْفُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ}. فللناس حقٌّ في أن تؤدّوا إليهم ما يستحقّونه كاملاً من دون نقصان، تماماً كما تفكّرون في حقوقكم على النّاس عندما تتبايعون وتتشارون، فتطلبون منهم أن يؤدّوا إليكم حقّكم وافياً بجميع جهاته..

{وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَآءهمْ}، لأنّ ذلك يعتبر نوعاً من أنواع السّرقة والخيانة، فإنّك إذا بعتَ إنساناً شيئاً، فإنّ البيع يوجب ملكيّته له، فإذا أنقصت منه جزءاً، فإنّك تكون سارقاً له، كما لو كان قد اشتراه من غيرك، لأنّ النتيجة واحدة، {وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأرْضِ مُفْسِدِينَ}، أي لا تفسدوا في الأرض، ولا تمارسوا أعمال الخيانة حال كونكم مفسدين، في مقام تأكيد النهي عن الفساد.

إنّ من المفروض على الإنسان المؤمن الذي يوحّد الله في العبادة، أن يخضع له في ما يفرضه الخطّ الإلهيّ التّشريعيّ، وقد أراد الله للإنسان أن يعتبر الدّور الموكول إليه هو إصلاح الأرض بنشر العدل والأمانة والخير والسّلام، قولاً وفعلاً، فإذا مارس الفساد في نشاطاته العامّة والخاصّة، فإنّه يكون قد خان دوره أمام الله.

وهكذا أراد النّبيّ شعيب من قومه أن يتحرّكوا ضمن هذا الخطّ الذي ينهاهم عن الفساد وأبرز مظاهره، أي التّطفيف في المكيال والميزان، باعتبار أن الخلل الاقتصادي في الأمّة، يُفسد توازن المجتمع، ويفقده أساس الثقة، بنسفه القاعدة الأخلاقيّة التي ترتكز عليها حركة الاقتصاد، ولا يبقى هناك أيّ ضمانة للطمأنينة والسلام. وعلى هذا الأساس، فإن التطفيف لا يمثل بنفسه خطورةً كبيرةً، إلا بما يكمن خلفه من خللٍ في القاعدة الأخلاقيّة العامّة التي يرتكز عليها الفكر والسّلوك. وقد جاءت هذه الآية تأكيداً للفكرة وتوسيعاً لها، وضرباً للقاعدة، بعدما كانت الآية الأولى إشارةً إلى الجانب السلبيّ منها في إطاره المحدود.

{بَقِيَّةُ اللهِ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}. الظاهر أنّ المراد من هذا التّعبير {بَقِيَّةُ اللهِ} هو ما يحصلون عليه من ربح يزيد على رأس المال، يعود إليهم من خلال معاملاتهم التجارية، فإن ذلك هو المال الحلال الذي يجعل الله فيه الخير والبركة، فينبغي لهم أن يقنعوا به، ويستمرّوا في هذا السبيل الذي قام عليه نظام الحياة بين النّاس، حتى يهيّئ الله لهم، من ذلك، الكثير من الخير والبركة، فإنّ هذا أفضل لهم من السّرقة والخيانة، وغير ذلك من الأساليب التي تدمّر حياتهم، وتهدّد مصيرهم في الدّنيا والآخرة. وهذا هو خطّ الإيمان الذي يجب على المؤمنين أن يسيروا عليه، ويؤكّدوا التزامهم به في كلّ مراحل حياتهم.

{وَمَآ أَنَاْ عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ}، فلم يجعلني الله حفيظاً عليكم يطريقة القوَّة والإجبار، بل أنا رسول من الله إليكم، لأبلّغكم أوامره ونواهيه، ولأفتح عيونكم على الجانب المشرق من الحياة الذي تلتقون فيه برضى الله ورحمته ولطفه.

فإذا تمرّدتم وعصيتم، وقادكم ذلك إلى السّقوط في مهاوي الهلاك، فلا أملك لكم من الله شيئاً إذا أراد الله أن يعذّبكم في الدنيا بخطاياكم، أو في الآخرة بكفركم وضلالكم.

*من كتاب "تفسير من وحي القرآن".

اقرأ المزيد
نسخ النص نُسِخ!
تفسير