الأخلاق ليست ضريبة مفروضة على المرأة دون الرجل

الأخلاق ليست ضريبة مفروضة على المرأة دون الرجل

تقتضي متطلبات هذا العصر أن يُعاد تقويم كثير من المسائل، ولا نكتفي بالتقويمات القديمة، وإلا فسنذهب في مهبّ الرياح، ومن هذه المتطلبات هي، المرأة، والأسرة والمجتمع.

وفي عصرنا الحاضر، أصبح العنصر النسوي يحتل مكانة مهمة في الحركة الاجتماعية والحركة الثقافية والسياسية وما إلى ذلك.

وقد أولى الإسلام هذا الأمر أهمية كبيرة، سواء في الفكر أو في التجارب الرسالية في التاريخ الإسلامي أو تشريعاته.

واليوم، وبعد هذه الصحوة الإسلامية المباركة، نرى أن هناك تحدّياً حضارياً على جميع الأصعدة، حيث تدخل المرأة المسلمة في معترك الصراع الحضاري في مواجهة قوى الشرك والاستكبار العالمي، وأن قضية المرأة في خطاب الصحوة الإسلامية هي واحدة من الأمور التي تواجه تحدياً حضارياً كبيراً يستدعي التحرك الإسلامي أن يتصدى بكل موضوعية من أجل أن يوضح معالم التصورات الإسلامية في هذه القضية، ويرسم آلية تطبيق النظرية في الواقع من خلال الوسائل الحضارية العلمية الثقافية.

وتعدّ قضية المرأة والمجتمع إحدى أهم القضايا التي طرحت وبقوة في العقود الأخيرة، كعنوان من عناوين النهوض بالبشرية، باعتبار أن استنهاض نصفها الذي همِّش طويلاً كفيل بذلك، وطرحت أيضاً كسبيل من سُبُل تطبيق العدالة الإنسانية التي أعلنت حقاً طبيعياً من حقوق الإنسان التي يجب أن تعطى لكافة فئات المجتمع وأركانه، والمرأة أحد أهم تلك الأركان بلا شك.

ولسماحة العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله بحوث واسعة، واهتمامات كبيرة حول قضية المرأة، ويقدم رؤية إسلامية متكاملة عبر كتبه الصادرة، ككتاب: "تأملات إسلاميةحول المرأة"، وكتاب: "دنيا المرأة"، وكتاب: "المرأة بين واقعها وحقها في الاجتماع السياسي الإسلامي"، وكتاب: "دنيا الطفل"، والذي يتناول التربية الإسلامية للطفل، وكتاب صدر حديثاً تحت عنوان: "الزهراء القدوة". وللعلامة فضل الله دواوين شعرية شغلت قضية المرأة مجالاً واسعاً من شعره، منها قصيدة تحت عنوان: يا فتاة الإسلام من أنتِ، جاء فيها:

أنتِ إنسانة.. كما هو إنسان.. فللكون منكما جهد حر

لكِ جهد الحياة في روعة الإيمان، إن عشتِ في جهاد وصبر

لكِ حرية الإرادة وإن جنت قوى الظلم في انفعال وقسر

وعلى موعد الأمومة يحبو الفجر طفلاً على حنان وطهر

يا فتاة الإسلام.. هذي هي الزهراء.. هل تبصرين قدس السماء

عاش في وعيها رسالة وجدان كما الوحي في هدى الأنبياء

كل أحلامها الرسالة.. ترعاها بقلب يفيض باللآلىء هي بنت

الرسول.. حسبُ الذرى السماء مجداً إطلالة الزهراء

وخلال زيارته الإعلامية لبيروت، التقى مندوب الطاهرة عماد الهلالي بالسيد محمد حسين فضل الله للتعرف على آرائه في ما يتعلق بالمرأة والأسرة والمجتمع، فجاء الحوار التالي:

توزع الأدوار بحسب المواقع

* عندما يطالع الإنسان نتاجكم الفكري ومؤلفاتكم، يشعر بأنكم أوليتم قضية المرأة قدراً كبيراً من الاهتمام، حيث تناولتموها في كثير من مؤلفاتكم ومحاضراتكم. ما أهم الأسباب التي تقف وراء ذلك الأمر؟

ـ لقد كان من بين الدوافع التي دفعتني إلى معالجة قضية المرأة من وجهة نظر إسلامية منفتحة على النصوص الإسلامية الأساسية، هو ما لاحظته من الظلم الفكري من جهة الواقع، ومن جهة أخرى الظلم الذي يصيب المرأة في المجتمعات المسلمة بما فيها المجتمعات الدينية.

فإن النظرة المعروفة إلى المرأة لدى هذه المجتمعات والتي اختزنتها، هي أن المرأة إنسان من الدرجة الثانية، وأنها عقل ناقص، وأنها بربع عقل، كما يعبر في بعض المجتمعات وما إلى ذلك... وأنها مجرد لعبة للرجل يلهو بها، وأنها متنفس لغريزته الجنسية، فلا حق لها في الجنس إلا بشكل انفعالي تابع لرغبة الرجل، وهكذا عاشت النظرة للمرأة بالمستوى الذي يلحظ فيها أنها ليست أهلاً للتفكير، ولا لإعطاء الرأي، بل إنّ النظرة التي يحملها الكثيرون، ولا سيما في المجتمعات الدينية الرسمية، أن على الإنسان إذا أراد معرفة الحق، فعليه أن يستشير المرأة ليأخذ بما يخالف رأيها، على أساس الفهم الخاطىء للحديث الشريف: "شاوروهن وخالفوهن"، والذي ناقشناه في كتبنا.

وهكذا كنتُ ألاحظ أن المرأة معزولة عن كل جهد ثقافي، حتى أن المرأة التي تنتج إنتاجاً ثقافياً في بعض المجتمعات تقابل بالسخرية مع ملاحظة أن بعض المجتمعات بدأت تبتعد عن ذلك، ورأيت أن هذه النظرة الاجتماعية من الناحية الثقافية قد عطلت عقل المرأة وجهدها عن المشاركة في القضايا العامة للإسلام والمسلمين، وجعلتها مجرد كمية مهملة تعيش في البيت من دون حقوق إنسانية بحسب الواقع الاجتماعي.

فلقد قرأت في القرآن الكريم أن الله سبحانه وتعالى لم يعتبر المرأة جزءاً من الرجل، بل اعتبر المرأة والرجل عنصرين يكمل أحدهما الآخر، وهكذا هو قوله تعالى:

{الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها} [النساء:1]، فليس المراد أن الله خلق الزوج من شخص آخر، بل إن النفس الواحدة هي النفس الإنسانية التي خلق منها هذه الزوجية في التعدد النوعي في هذا المجال..

وهكذا رأينا أن الله تعالى حمّل الرجل المسؤولية كما حملها للمرأة، فقد خاطب الناس رجالاً ونساءً، وقد خاطب المؤمنين رجالاً ونساءً، وقد ركز على القيم الدينية رجالاً ونساءً. {أفمن كان مؤمناً كمن كان فاسقاً لا يستوون} [السجدة:18]، فإنه لم يُرَد من ذلك الرجل، ولكن التغليب في اللغة العربية معروف في الحديث عن الرجل والمرأة، والحديث عن الجنس أو النوع، وهكذا الآية الشريفة: {قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب} [الزمر:9].

إن الآية هي عن قيمة العلم للرجل والمرأة معاً، ولا دخل للرجولة والأنوثة في مسألة العلم، فالعلم قيمةٌ أينما حلّ. وهكذا نلاحظ أن الله تحدث عن القيمة المشتركة في العلم الصالح بين الرجل والمرأة: {إني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى} [آل عمران:195].

وهكذا الآية في سورة الأحزاب: {إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات... أعدّ الله لهم مغفرة وأجراً عظيماً} [الأحزاب:35].

والتي تحدثت عن الجانب الإيجابي في الرجل والمرأة، في ما يُريد الله وما يعطيهم من ثواب ومن قيمة دون فرق بينهما.

ولاحظنا في الجانب السلبي أيضاً أنه ساوى بين الرجل والمرأة: {الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مئة جلدة} [النور:2] {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما} [المائدة:38]..

ولاحظت أن الله سبحانه وتعالى قد قدم امرأة في القرآن كانت كافرة ثم آمنت كإنسان يملك عقلاً واتزاناً ونظرة بعيدة للأمور في مستوى المسؤولية أكثر من الرجال، وهي قصة ملكة سبأت التي كانت تملك ما تملك، كما قال الهدهُد لسليمان: {إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرشٌ عظيم* وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله} [النمل:23ـ24].

وقد أرسل سليمان إليها كتاباً مع الهدهد عندما قال له: {اذهب بكتابي هذا فألقِه إليهم ثم تولّ عنهم فانظر ماذا يرجعون} [النمل:28] كما ورد في التفسير. ونقرأ في آية أخرى: {ولهنّ مثل الذي عليهنّ بالمعروف}.

أي أن الحقوق متساوية، {وللرجال عليهنّ درجة} [البقرة:228] وهذه الدرجة ربما تكون درجة الطلاق، أو بعض الامتيازات التي جعلت للرجل، باعتبار أن دوره هو دور المدير للحياة الزوجية، وهذه الآية التي يتمسك بها الكثيرون لا تدل على أن الرجل متفوق على المرأة في جميع القضايا، فبعضهم يقول إن الأنبياء رجال، وإن الولاية للرجل على المرأة من خلال النبي ومن خلال الإمام، ولكننا نقول هنا إن الولاية ليست ولاية الرجل على المرأة، فالنبي هو ولي المؤمنين جميعاً، سواء أكانوا رجالاً أم نساءً، والإمام أيضاً هو أولى بالمؤمنين من أنفسهم، من خلال حديث الغدير كما قال الرسول(ص):

"ألستُ أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: اللهم بلى، فقال(ص): من كنتُ مولاه فهذا عليٌ مولاه". فعلي(ع) أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فالولاية والإمامة على الرجال والنساء معاً.

وعندما ندرس السيرة النبوية الشريفة، نجد أن النبي(ص) كان يشرك النساء في الحرب، بأن يخرجهن ليداوين الجرحى ويسقين العطشى، باعتبار أنه لم يُشرع لهن القتال.

ثم حين ندرس الآن مسألة شخصية الزهراء(ع) وشخصية السيدة زينب(ع)، فإننا بقطع النظر عن القداسة التي يتميزان بها، فإننا نرى أنهما قاما بجهد سياسي بأرفع ما يكون في مجتمع لم يمنح المرأة أي موقع سياسي في هذا المجال.

فإن ذلك كله يدل على أن المرأة إنسان كما الرجل إنسان، ولكنهما يتوزعان الأدوار كما يتوزع الرجال أدوارهم بحسب مواقعهم، وكما تتوزع النساء أدوارهن بحسب مواقعهن، لأن المسألة هي مسألة تكامل الرجل مع المرأة، وليست سيادة الرجل على المرأة.

قضية المرأة بين النظرية والواقع

* هل تعتبرون ما قدمتموه في موضوع المرأة حتى الآن كافياً، بحيث يمكن التوقف عنده، أم تشجعون غيركم على الاستمرار في البحث وفي تقويم ما تمخض عن الأبحاث السابقة من نتائج؟

ـ إني أعتبر أن ما قدمته يمثل وجهة نظر من خلال التجربة الثقافية والواقعية في نظرتي إلى الأمور، وأعتقد أن هناك الكثير مما ينبغي دراسته، لأن النظرة إلى المرأة في مدى التاريخ الإسلامي، كانت نظرة معقدة، ولذلك فإننا نحتاج لكثير من الدراسات لكثير من النصوص.

وهناك ملاحظة، أننا عندما ندرس النظرة السلبية للمرأة في الحديث عن كونها عاطفية، وأنها لا تملك الخبرة، فإن هذه النظرة عندما نقارنها بدراستنا لواقع المرأة الآن في مسألة الفكر، فإننا نرى أن المرأة قد بلغت في العلم المعاصر في مسألة القضاء الدرجة التي تتميز بها عن كثير من الرجال في صلابة الموقف في العدالة، ورأينا أن المرأة قد تميزت بالكثير من المستوى العلمي الذي أخذت به، وفي مستوى الحكم والإدارة وغيره، فمشكلة الكثيرين فينا أنهم يقرأون في الكتب ولا يقرأون في واقع الحياة.

وأنا لا أريد أن أدّعي بأن لدي إحصائية شاملة وكلية في هذا الموضوع، ولكني أستطيع التأكيد أن ما أتحدث به من أن المرأة قد تتفوق على الرجل في قضايا العلم والقضاء والحكم والإدارة، أو أنها قد تساويه أو تتفوق عليه، فإن هذا يمثل مستوى الظاهرة، ولا أدعي الشمولية في هذا المقام، ولهذا فإني أدعو إلى دراسة ميدانية في هذا المجال، في المقارنة بين طاقة الرجل وطاقة المرأة في الجوانب الفكرية والجوانب الروحية، لأنني أزعم أن جانب العاطفة في الرجل تماماً كجانب العاطفة في المرأة، بل ربما تكون المرأة أكثر قسوة في جانبها العاطفي، وإن كانت تغلفها بغلاف لين رفيق رقيق.

* تبدو قضية المرأة موضع لبس وإثارة دائمين في الفكر والواقع الإسلاميين، لماذا هذه الظاهرة؟

ـ أتصور أن هذه الظاهرة انطلقت من خلفيتين، الأولى: أن البيئة التي يعيش فيها هذا الشخص أو ذاك تحمل نظرة سلبية في قدرة المرأة على التطور وعلى الإبداع وعلى العدالة وعلى الحكم، وعلى الحركة السياسية والاتجاه السياسي، ولذلك فإنهم في تفكيرهم وفي فهمهم للنصوص كانوا يتأثرون بذلك.. والنقطة الثانية: هي عدم تدقيقهم في النصوص الواردة في تراثنا الإسلامي، والتي قد يكون بعضها خاضعاً للواقع الخارجي، وليس وارداً على نحو القضية الحقيقية.

* ساوى الإسلام بين المرأة والرجل نظرياً، ولكن عندما نرجع إلى التاريخ الإسلامي والواقع الذي نعيشه، لا نكتشف أي أثر لتلك المساواة على مستوى الواقع، كيف تفسرون هذه الظاهرة؟

ـ إن المجتمع هو المجتمع الذكوري الذي لا يسمح لمجتمع آخر أن يساويه أو يتفوق عليه، هذا من جهة. ومن جهة ثانية: إن كل مجتمع يتحرك بحسب طبيعة المفاهيم السائدة فيه، وقد كانت المفاهيم السائدة في المجتمع الإسلامي في مسألة الرجل والمرأة مفاهيم جامدة.

ونحن نعتقد أن كثيراً من حالات التخلف التي أصابت الثقافة الإسلامية كانت ناشئة من التخلف الاجتماعي والثقافي الذي كان يعيشه المسلمون.

* لِمَ لم يُحمِّل الإسلام المرأة مسؤوليات الرجل نفسها في الحياة، كما هي الحال في الغرب؟

ـ عندما ندرس المسؤوليات الإسلامية، فإننا نجد أن أكثر المسؤوليات إن لم تكن كلها مما يمكن للمرأة أن تتحمله، ونحن لا نعتبر أن قضية الحجاب تحول بين المرأة وبين تحمل مسؤولياتها، كما يخيل لبعض الفقهاء الذين كانت حجتهم في أن المرأة لا تكون مرجعاً فتوائياً باعتبار الجانب الحجابي، فإننا نرى أن مسألة المرجعية الفتوائية هي مسألة ثقافية، ولا مانع من أن تأخذ المرأة بالأسباب التي قد تتفوق فيها على الرجل في الاجتهاد الفقهي.

* ما الموقف الإسلامي والشرعي من عمل المرأة لتدبير معاشها؟

ـ ليس هناك أي تحفظ إسلامي في قضية عمل المرأة، فيجوز للمرأة أن تعمل كما يجوز للرجل أن يعمل، وإذا كانت هناك تحفظات أخلاقية في عمل المرأة فهناك تحفظات أخلاقية في عمل الرجل أيضاً.

فالأخلاق ليست ضريبة مفروضة على المرأة دون الرجل، ولذلك فما نمنعه من الأجواء غير الأخلاقية في بعض الأعمال على المرأة، نمنعه أيضاً على الرجل، فإذا كانت نفس هذه الأجواء يمكن أن تؤدي إلى انحرافات أخلاقية عند الرجل والمرأة، وجب الأمر على الاثنين بالمنع.

* أين يتجلّى دور المرأة كأنثى، وأين يمكن أن يلتقي بدورها كإنسان؟

ـ إن دور الأنوثة هو الدور الذي يتمظهر في حياة المرأة الزوجية، وفي المجتمعات النسائية، أما في المجتمعات الذكورية والمختلطة، فإن عليها أن تتجلى في الدور الإنساني، وإذا كان للأنوثة دور فهو دور العاطفة الإنسانية التي يلتقي فيها الجانب الأنثوي بالجانب الإنساني الذي قد يحتاج إليها المجتمع كما ذكرنا، وقد كان النبي(ص) يأخذ النساء معه ليداوين الجرحى، باعتبار هذا الجانب الإنساني العاطفي الذي تتميز به المرأة.

* هل أن المعرفة الأصحّ بالنظرة الإسلامية إلى المرأة تمت في العصر الحالي، وما رأي سماحتكم بواقع المرأة في عصرنا الحاضر؟

ـ إنني أتصور، أن هذا الانفتاح الثقافي على الجوانب الإنسانية للإنسان والتحديات التي واجهتها المفاهيم المعقدة الموجودة لدى بعض المسلمين حول المرأة هو الذي أفسح المجال لدراسات جديدة ولاكتشافات جديدة في النصوص الإسلامية حول المرأة، أما واقع المرأة، الآن فهو لا يزال واقعاً معقداً، وذلك من جهة أن الحريات التي أعطتها الحضارة الغربية للمرأة والتي تركت تأثيرها على واقعنا، عندما سيطر عليها الماديون وسيطرت عليها المفاهيم الغربية، جعلت المرأة أداة جنس، وهذا ما نلاحظه في الإعلام من خلال جعل المرأة أداة إثارة جنسية ما جعلها تحصر اهتمامها بجسدها، أما من جهة أخرى، فإن الإيجابيات تجلّت في احترام عقل المرأة وجهدها ونشاطها وغير ذلك.

أما المرأة المسلمة فهي لا تزال متأرجحة بين القديم والحديث، ولذلك فليست هناك خطوط مستقيمة في حركية المرأة المسلمة في داخل المجتمع المسلم أمام حركة التحديث التي تواجهها في الداخل والخارج.

* ما رأي سماحتكم بالدعوات إلى الانفتاح على الغرب حول قضية المرأة، وهل تعتقدون أنها ظاهرة صحيحة؟

ـ إنّا لا ندعو إلى الانفتاح على الغرب، بمعنى الخضوع، باعتبار الغرب نموذجاً مثالياً في هذه المسألة، وعلينا أن ننفتح على قيمنا الإسلامية وعلى مفاهيمنا الإسلامية، وأن نأخذ من الغرب التجربة الحيّة الناضجة المنسجمة مع مفاهيمنا الإسلامية.

* ما هي الخطوات التي ينبغي أن تقوم بها المرأة، والمؤهلات التي يجب أن تتوفر فيها لتتبوّأ مركزاً قيادياً في المجتمع؟

ـ أن تعيش القيم الإسلامية، وإنسانية الإنسان في الإسلام، بأن تأخذ بأسباب العلم، وأسباب تنمية القدرات الإنسانية في شخصيتها، وأن تأخذ بأسباب كل المسؤوليات الموجودة في واقعها، من المسؤوليات الاجتماعية والثقافية والسياسية، ولتقوم بمهمة الدعوة الإسلامية وبناء المجتمع الإسلامي جنباً إلى جنب الرجل.

الحجاب والتبـرّج

* ما هي الدوافع التي جعلت الدين الإسلامي يشرع الحجاب للمرأة؟

ـ أولاً، إن المرأة تتحرك عندها قضية الحجاب في دائرتين: الأولى، هي أن المرأة اعتبرت في وجدان الإنسان، وحتى في وجدان الرجل، رمز الجنس والإثارة، وليس ذلك أن الرجل ليس رمز الجنس بالنسبة للمرأة، ولكن الذهنية التي عاشها التاريخ الإنساني، والتي تحوّلت إلى ما يشبه الطبيعة الإنسانية، هي أن المرأة رمز الجنس، ولهذا لاحظنا في كل مدى الواقع الإنساني، حتى الواقع المتحضر الآن، أن كل عناصر الزينة وكل وسائل التجميل ووسائل الإثارة، سواء في المسرح والقصة والرواية أو الواقع، تخطط للمرأة، أما الرجل، فإنه يأخذ بأسباب الزينة بشكل عادي جداً، لهذا فإن الإسلام لاحظ هذه الناحية وأراد حماية المجتمع، لأن الانحراف الجنسي يمثل مشكلة للرجل والمرأة معاً، والمطلوب حماية المجتمع من عملية الإثارة.

عندما تتحرك المرأة في مجتمع مختلط كعنصر يولد مناخاً من الإثارة الجنسية، فإن المجتمع يعيش حالة طوارىء جنسية، كما هو الحال الآن، والذي نلاحظ فيه أن الحرية الجنسية باتت واقعاً بعد أن ساد نسبياً طابع الحرية الغربية والواقع الغربي، لذا فإننا نجد إحصاءات تشير إلى حوادث الاغتصاب الكثيرة، اغتصاب الرجل للمرأة على مستوى الدوائر الرسمية والمواقع السياسية والكبار وغير ذلك..

وهذه الحوادث تمثّل الرقم الكبير وفق أكثر الإحصائيات في العالم، ما يدلّ على أن كل الرؤى الثقافية التي لم تلتزم بأي حدود وضوابط، عجزت عن أن توازن المسألة الجنسية أمام كل عناصر الإثارة التي تتمثل في المرأة، وما يساهم في ذلك، هو تغذيه أجهزة الإعلام لاستمرار هذه الصورة، أو ما تتحرك فيه المرأة في واقع الحياة.

الثانية: أن الإسلام أراد للمرأة ألا تتعبد لجسدها وألا تعتبر أن جسدها هو الركيزة، وأن ترتفع بنفسها إلى ما يسمو بها. إن الإسلام أراد للمرأة في المجتمع المختلط أن تظهر كإنسانة، لا توحي إلا بكل احترام، وبكل معنى إنساني، ولكنه ترك للمرأة أن تعيش وتأخذ كل أنوثتها في البيت الزوجي والمجتمعات النسائية، فهو لم يُسقط للمرأة أنوثتها في حاجتها إلى أن تبدي زينتها بأفضل مواقع ووسائل الزينة، أو أن تعيش أنوثتها بكل معناها، ولهذا فالقضية ليست قضية اضطهاد للمرأة وسجن لها في حجابها، بل هي قضية النظرة الاجتماعية لحماية المجتمع من عملية الإثارة الجنسية وحماية المرأة من استغراقها في الجانب الجسدي لشخصيتها.

هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإننا نرى أن الحجاب مفروض على المرأة والرجل في بعض الجوانب الجسدية، فنحن نجد أن الحجاب واجب على الرجل في مسألة العورة، وحتى الذين لا يؤمنون بالعري من الغربيين أيضاً يؤمنون بحجاب المرأة بالنسبة إلى الثديين وعناصر الإثارة الجنسية..

إننا نقول لهم: إذاً نحن متفقون على الحجاب، ولكن الفرق بيننا وبينكم هو في قطع الثياب، كما كنّا نتحدث بذلك على نحو الطرفة مع بعض الصحفيين..

* هل الحجاب كزيّ مطلق أو نسبي يحدده العُرف؟

ـ إننا نقول: إن هناك حجاباً مادياً لا بد من الالتزام به، وهو أن تستر المرأة كل جسدها ما عدا الوجه والكفين، وظاهر القدمين أيضاً حسب رأينا الفقهي.

وهناك حجاب معنوي، وهو أن تمتنع المرأة عن كل ما يوجب الإثارة، والذي قد يتمظهر باللون أو بالتفصيل أو غيره.. وهذه أمور يُرجع فيها إلى العرف، لأن بعض الأمور قد تكون حاملة لعناصر الإثارة عند العرف، وبعضها لا يكون كذلك.

* ما القصد من التبرج في قوله تعالى: {ولا تبرّجن تبرّج الجاهلية الأولى} [الأحزاب:33]، وما هو مفهوم التبرج؟

ـ التبرج هو أن تظهر المرأة محاسنها، بواسطة ما تتزين به من الجسد، وربما يظهر التبرج بإخضاع القول وترقيقه وتليينه، حسب الآية الكريمة، {فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض} [الأحزاب:32]، وقد يكون في طريقة المشي والتحرك.

* هل يجوز للمرأة المسلمة أن تستعمل الشعر الاصطناعي أو ما يُسمى بالباروكة في حالة الحرج أو الإجبار على السفور كما نشاهده اليوم في تركيا الإسلامية؟

ـ لا يجوز ذلك إلا في حالة الضرورة القصوى إذا فرض عليها، ويجوز بمقدار الضرورة كالتعليم، ومن ثم العودة عن ذلك، لأن الباروكة وإن لم تكن شعراً حقيقياً، ولكنها من قبيل الزينة، كما أفتينا إلى بعض الفتيات في فرنسا وتركيا.

* ما رأي الإسلام بالتجميل بالجراحة، وبالأصباغ الواضحة وغير الواضحة؟

ـ لا مانع من إزالة التشويه بالجراحة في ما يجوز كشفه من الوجه أو اليدين في هذا المجال، أما الأصباغ فإنها تخضع كما ذكرنا للجانب العرفي، فما يعتبره العرف زينة فلا يجوز، وإذا لم يكن زينة فإنه جائز.

* هل يلحق الحجاب صوت المرأة، وهل يجوز لها أن تقرأ بعض الأشعار أو الأدعية أو الخطابة بحيث يسمعه الرجل الأجنبي؟

ـ لا مانع من سماع صوت المرأة ومن رفع المرأة صوتها، ولكن على أن لا يكون من قبيل: {فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض}، إذاً لا مانع من الاستماع إلى قراءة المرأة للتعزية، أو الخطابة في المجالس، كما لا مانع من حديثها مع الرجل، أو ما أشبه ذلك، وهذه كانت سيرة النبي(ص) مع النساء وسيرة النساء مع النبي(ص)، وسيرة الزهراء سلام الله عليها في حديثها مع الرجال، لا سيما وأن الإمام علي(ع)، كما يقال، كان يطوف بها على جموع الرجال من المهاجرين والأنصار، وكذلك سيرة السيدة زينب بنت أمير المؤمنين(ع) وما إلى ذلك.

* هل ترون أن العمل في المنـزل هو من اختصاص الفتاة دون الشباب، وأن تربية الفتاة يجب أن تقوم على إعدادها لذلك؟

ـ عندما نقرأ التاريخ والفقه الإسلامي، نجد أن العمل في المنـزل هو مسؤولية الرجل أولاً، ومسؤولية المرأة ثانياً، من ناحية الإلزام، ولذلك ينبغي للرجل أن يتعلم تدبير المنـزل كما للمرأة، ونحن نقرأ في التاريخ الإسلامي أن علياً والزهراء عليهما السلام تقاضيا عند النبي(ص) في عمل البيت، فجعل مهمة الزهراء(ع) أن تطحن وتعجن وتخبز، وجعل لعلي(ع) مهمة أن يستقي ويحتطب ويكنس البيت.

* سماحة العلامة السيد محمد حسين فضل الله، من خلال تجاربك العملية والعلمية، والمؤلفات الزاخرة بالمفاهيم والمواضيع المفيدة حول المرأة، بماذا تنصح المرأة الناشطة في مجال الثقافة والتبليغ؟

ـ إنني أعتقد أن على المرأة أن تشعر أنها مسؤولة عن الإسلام كله، وعن المسلمين كلهم والعالم كله، بحسب ما تملك من طاقات إنسانية وفكرية وعملية، وأن عليها أن تعدّ نفسها لذلك، مع الأخذ بكل أسباب التقوى والانفتاح على الله والانفتاح على الإنسان والمسؤولية من خلال ذلك.

حوار: عماد الهلالي ـ بيروت

تقتضي متطلبات هذا العصر أن يُعاد تقويم كثير من المسائل، ولا نكتفي بالتقويمات القديمة، وإلا فسنذهب في مهبّ الرياح، ومن هذه المتطلبات هي، المرأة، والأسرة والمجتمع.

وفي عصرنا الحاضر، أصبح العنصر النسوي يحتل مكانة مهمة في الحركة الاجتماعية والحركة الثقافية والسياسية وما إلى ذلك.

وقد أولى الإسلام هذا الأمر أهمية كبيرة، سواء في الفكر أو في التجارب الرسالية في التاريخ الإسلامي أو تشريعاته.

واليوم، وبعد هذه الصحوة الإسلامية المباركة، نرى أن هناك تحدّياً حضارياً على جميع الأصعدة، حيث تدخل المرأة المسلمة في معترك الصراع الحضاري في مواجهة قوى الشرك والاستكبار العالمي، وأن قضية المرأة في خطاب الصحوة الإسلامية هي واحدة من الأمور التي تواجه تحدياً حضارياً كبيراً يستدعي التحرك الإسلامي أن يتصدى بكل موضوعية من أجل أن يوضح معالم التصورات الإسلامية في هذه القضية، ويرسم آلية تطبيق النظرية في الواقع من خلال الوسائل الحضارية العلمية الثقافية.

وتعدّ قضية المرأة والمجتمع إحدى أهم القضايا التي طرحت وبقوة في العقود الأخيرة، كعنوان من عناوين النهوض بالبشرية، باعتبار أن استنهاض نصفها الذي همِّش طويلاً كفيل بذلك، وطرحت أيضاً كسبيل من سُبُل تطبيق العدالة الإنسانية التي أعلنت حقاً طبيعياً من حقوق الإنسان التي يجب أن تعطى لكافة فئات المجتمع وأركانه، والمرأة أحد أهم تلك الأركان بلا شك.

ولسماحة العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله بحوث واسعة، واهتمامات كبيرة حول قضية المرأة، ويقدم رؤية إسلامية متكاملة عبر كتبه الصادرة، ككتاب: "تأملات إسلاميةحول المرأة"، وكتاب: "دنيا المرأة"، وكتاب: "المرأة بين واقعها وحقها في الاجتماع السياسي الإسلامي"، وكتاب: "دنيا الطفل"، والذي يتناول التربية الإسلامية للطفل، وكتاب صدر حديثاً تحت عنوان: "الزهراء القدوة". وللعلامة فضل الله دواوين شعرية شغلت قضية المرأة مجالاً واسعاً من شعره، منها قصيدة تحت عنوان: يا فتاة الإسلام من أنتِ، جاء فيها:

أنتِ إنسانة.. كما هو إنسان.. فللكون منكما جهد حر

لكِ جهد الحياة في روعة الإيمان، إن عشتِ في جهاد وصبر

لكِ حرية الإرادة وإن جنت قوى الظلم في انفعال وقسر

وعلى موعد الأمومة يحبو الفجر طفلاً على حنان وطهر

يا فتاة الإسلام.. هذي هي الزهراء.. هل تبصرين قدس السماء

عاش في وعيها رسالة وجدان كما الوحي في هدى الأنبياء

كل أحلامها الرسالة.. ترعاها بقلب يفيض باللآلىء هي بنت

الرسول.. حسبُ الذرى السماء مجداً إطلالة الزهراء

وخلال زيارته الإعلامية لبيروت، التقى مندوب الطاهرة عماد الهلالي بالسيد محمد حسين فضل الله للتعرف على آرائه في ما يتعلق بالمرأة والأسرة والمجتمع، فجاء الحوار التالي:

توزع الأدوار بحسب المواقع

* عندما يطالع الإنسان نتاجكم الفكري ومؤلفاتكم، يشعر بأنكم أوليتم قضية المرأة قدراً كبيراً من الاهتمام، حيث تناولتموها في كثير من مؤلفاتكم ومحاضراتكم. ما أهم الأسباب التي تقف وراء ذلك الأمر؟

ـ لقد كان من بين الدوافع التي دفعتني إلى معالجة قضية المرأة من وجهة نظر إسلامية منفتحة على النصوص الإسلامية الأساسية، هو ما لاحظته من الظلم الفكري من جهة الواقع، ومن جهة أخرى الظلم الذي يصيب المرأة في المجتمعات المسلمة بما فيها المجتمعات الدينية.

فإن النظرة المعروفة إلى المرأة لدى هذه المجتمعات والتي اختزنتها، هي أن المرأة إنسان من الدرجة الثانية، وأنها عقل ناقص، وأنها بربع عقل، كما يعبر في بعض المجتمعات وما إلى ذلك... وأنها مجرد لعبة للرجل يلهو بها، وأنها متنفس لغريزته الجنسية، فلا حق لها في الجنس إلا بشكل انفعالي تابع لرغبة الرجل، وهكذا عاشت النظرة للمرأة بالمستوى الذي يلحظ فيها أنها ليست أهلاً للتفكير، ولا لإعطاء الرأي، بل إنّ النظرة التي يحملها الكثيرون، ولا سيما في المجتمعات الدينية الرسمية، أن على الإنسان إذا أراد معرفة الحق، فعليه أن يستشير المرأة ليأخذ بما يخالف رأيها، على أساس الفهم الخاطىء للحديث الشريف: "شاوروهن وخالفوهن"، والذي ناقشناه في كتبنا.

وهكذا كنتُ ألاحظ أن المرأة معزولة عن كل جهد ثقافي، حتى أن المرأة التي تنتج إنتاجاً ثقافياً في بعض المجتمعات تقابل بالسخرية مع ملاحظة أن بعض المجتمعات بدأت تبتعد عن ذلك، ورأيت أن هذه النظرة الاجتماعية من الناحية الثقافية قد عطلت عقل المرأة وجهدها عن المشاركة في القضايا العامة للإسلام والمسلمين، وجعلتها مجرد كمية مهملة تعيش في البيت من دون حقوق إنسانية بحسب الواقع الاجتماعي.

فلقد قرأت في القرآن الكريم أن الله سبحانه وتعالى لم يعتبر المرأة جزءاً من الرجل، بل اعتبر المرأة والرجل عنصرين يكمل أحدهما الآخر، وهكذا هو قوله تعالى:

{الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها} [النساء:1]، فليس المراد أن الله خلق الزوج من شخص آخر، بل إن النفس الواحدة هي النفس الإنسانية التي خلق منها هذه الزوجية في التعدد النوعي في هذا المجال..

وهكذا رأينا أن الله تعالى حمّل الرجل المسؤولية كما حملها للمرأة، فقد خاطب الناس رجالاً ونساءً، وقد خاطب المؤمنين رجالاً ونساءً، وقد ركز على القيم الدينية رجالاً ونساءً. {أفمن كان مؤمناً كمن كان فاسقاً لا يستوون} [السجدة:18]، فإنه لم يُرَد من ذلك الرجل، ولكن التغليب في اللغة العربية معروف في الحديث عن الرجل والمرأة، والحديث عن الجنس أو النوع، وهكذا الآية الشريفة: {قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب} [الزمر:9].

إن الآية هي عن قيمة العلم للرجل والمرأة معاً، ولا دخل للرجولة والأنوثة في مسألة العلم، فالعلم قيمةٌ أينما حلّ. وهكذا نلاحظ أن الله تحدث عن القيمة المشتركة في العلم الصالح بين الرجل والمرأة: {إني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى} [آل عمران:195].

وهكذا الآية في سورة الأحزاب: {إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات... أعدّ الله لهم مغفرة وأجراً عظيماً} [الأحزاب:35].

والتي تحدثت عن الجانب الإيجابي في الرجل والمرأة، في ما يُريد الله وما يعطيهم من ثواب ومن قيمة دون فرق بينهما.

ولاحظنا في الجانب السلبي أيضاً أنه ساوى بين الرجل والمرأة: {الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مئة جلدة} [النور:2] {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما} [المائدة:38]..

ولاحظت أن الله سبحانه وتعالى قد قدم امرأة في القرآن كانت كافرة ثم آمنت كإنسان يملك عقلاً واتزاناً ونظرة بعيدة للأمور في مستوى المسؤولية أكثر من الرجال، وهي قصة ملكة سبأت التي كانت تملك ما تملك، كما قال الهدهُد لسليمان: {إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرشٌ عظيم* وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله} [النمل:23ـ24].

وقد أرسل سليمان إليها كتاباً مع الهدهد عندما قال له: {اذهب بكتابي هذا فألقِه إليهم ثم تولّ عنهم فانظر ماذا يرجعون} [النمل:28] كما ورد في التفسير. ونقرأ في آية أخرى: {ولهنّ مثل الذي عليهنّ بالمعروف}.

أي أن الحقوق متساوية، {وللرجال عليهنّ درجة} [البقرة:228] وهذه الدرجة ربما تكون درجة الطلاق، أو بعض الامتيازات التي جعلت للرجل، باعتبار أن دوره هو دور المدير للحياة الزوجية، وهذه الآية التي يتمسك بها الكثيرون لا تدل على أن الرجل متفوق على المرأة في جميع القضايا، فبعضهم يقول إن الأنبياء رجال، وإن الولاية للرجل على المرأة من خلال النبي ومن خلال الإمام، ولكننا نقول هنا إن الولاية ليست ولاية الرجل على المرأة، فالنبي هو ولي المؤمنين جميعاً، سواء أكانوا رجالاً أم نساءً، والإمام أيضاً هو أولى بالمؤمنين من أنفسهم، من خلال حديث الغدير كما قال الرسول(ص):

"ألستُ أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: اللهم بلى، فقال(ص): من كنتُ مولاه فهذا عليٌ مولاه". فعلي(ع) أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فالولاية والإمامة على الرجال والنساء معاً.

وعندما ندرس السيرة النبوية الشريفة، نجد أن النبي(ص) كان يشرك النساء في الحرب، بأن يخرجهن ليداوين الجرحى ويسقين العطشى، باعتبار أنه لم يُشرع لهن القتال.

ثم حين ندرس الآن مسألة شخصية الزهراء(ع) وشخصية السيدة زينب(ع)، فإننا بقطع النظر عن القداسة التي يتميزان بها، فإننا نرى أنهما قاما بجهد سياسي بأرفع ما يكون في مجتمع لم يمنح المرأة أي موقع سياسي في هذا المجال.

فإن ذلك كله يدل على أن المرأة إنسان كما الرجل إنسان، ولكنهما يتوزعان الأدوار كما يتوزع الرجال أدوارهم بحسب مواقعهم، وكما تتوزع النساء أدوارهن بحسب مواقعهن، لأن المسألة هي مسألة تكامل الرجل مع المرأة، وليست سيادة الرجل على المرأة.

قضية المرأة بين النظرية والواقع

* هل تعتبرون ما قدمتموه في موضوع المرأة حتى الآن كافياً، بحيث يمكن التوقف عنده، أم تشجعون غيركم على الاستمرار في البحث وفي تقويم ما تمخض عن الأبحاث السابقة من نتائج؟

ـ إني أعتبر أن ما قدمته يمثل وجهة نظر من خلال التجربة الثقافية والواقعية في نظرتي إلى الأمور، وأعتقد أن هناك الكثير مما ينبغي دراسته، لأن النظرة إلى المرأة في مدى التاريخ الإسلامي، كانت نظرة معقدة، ولذلك فإننا نحتاج لكثير من الدراسات لكثير من النصوص.

وهناك ملاحظة، أننا عندما ندرس النظرة السلبية للمرأة في الحديث عن كونها عاطفية، وأنها لا تملك الخبرة، فإن هذه النظرة عندما نقارنها بدراستنا لواقع المرأة الآن في مسألة الفكر، فإننا نرى أن المرأة قد بلغت في العلم المعاصر في مسألة القضاء الدرجة التي تتميز بها عن كثير من الرجال في صلابة الموقف في العدالة، ورأينا أن المرأة قد تميزت بالكثير من المستوى العلمي الذي أخذت به، وفي مستوى الحكم والإدارة وغيره، فمشكلة الكثيرين فينا أنهم يقرأون في الكتب ولا يقرأون في واقع الحياة.

وأنا لا أريد أن أدّعي بأن لدي إحصائية شاملة وكلية في هذا الموضوع، ولكني أستطيع التأكيد أن ما أتحدث به من أن المرأة قد تتفوق على الرجل في قضايا العلم والقضاء والحكم والإدارة، أو أنها قد تساويه أو تتفوق عليه، فإن هذا يمثل مستوى الظاهرة، ولا أدعي الشمولية في هذا المقام، ولهذا فإني أدعو إلى دراسة ميدانية في هذا المجال، في المقارنة بين طاقة الرجل وطاقة المرأة في الجوانب الفكرية والجوانب الروحية، لأنني أزعم أن جانب العاطفة في الرجل تماماً كجانب العاطفة في المرأة، بل ربما تكون المرأة أكثر قسوة في جانبها العاطفي، وإن كانت تغلفها بغلاف لين رفيق رقيق.

* تبدو قضية المرأة موضع لبس وإثارة دائمين في الفكر والواقع الإسلاميين، لماذا هذه الظاهرة؟

ـ أتصور أن هذه الظاهرة انطلقت من خلفيتين، الأولى: أن البيئة التي يعيش فيها هذا الشخص أو ذاك تحمل نظرة سلبية في قدرة المرأة على التطور وعلى الإبداع وعلى العدالة وعلى الحكم، وعلى الحركة السياسية والاتجاه السياسي، ولذلك فإنهم في تفكيرهم وفي فهمهم للنصوص كانوا يتأثرون بذلك.. والنقطة الثانية: هي عدم تدقيقهم في النصوص الواردة في تراثنا الإسلامي، والتي قد يكون بعضها خاضعاً للواقع الخارجي، وليس وارداً على نحو القضية الحقيقية.

* ساوى الإسلام بين المرأة والرجل نظرياً، ولكن عندما نرجع إلى التاريخ الإسلامي والواقع الذي نعيشه، لا نكتشف أي أثر لتلك المساواة على مستوى الواقع، كيف تفسرون هذه الظاهرة؟

ـ إن المجتمع هو المجتمع الذكوري الذي لا يسمح لمجتمع آخر أن يساويه أو يتفوق عليه، هذا من جهة. ومن جهة ثانية: إن كل مجتمع يتحرك بحسب طبيعة المفاهيم السائدة فيه، وقد كانت المفاهيم السائدة في المجتمع الإسلامي في مسألة الرجل والمرأة مفاهيم جامدة.

ونحن نعتقد أن كثيراً من حالات التخلف التي أصابت الثقافة الإسلامية كانت ناشئة من التخلف الاجتماعي والثقافي الذي كان يعيشه المسلمون.

* لِمَ لم يُحمِّل الإسلام المرأة مسؤوليات الرجل نفسها في الحياة، كما هي الحال في الغرب؟

ـ عندما ندرس المسؤوليات الإسلامية، فإننا نجد أن أكثر المسؤوليات إن لم تكن كلها مما يمكن للمرأة أن تتحمله، ونحن لا نعتبر أن قضية الحجاب تحول بين المرأة وبين تحمل مسؤولياتها، كما يخيل لبعض الفقهاء الذين كانت حجتهم في أن المرأة لا تكون مرجعاً فتوائياً باعتبار الجانب الحجابي، فإننا نرى أن مسألة المرجعية الفتوائية هي مسألة ثقافية، ولا مانع من أن تأخذ المرأة بالأسباب التي قد تتفوق فيها على الرجل في الاجتهاد الفقهي.

* ما الموقف الإسلامي والشرعي من عمل المرأة لتدبير معاشها؟

ـ ليس هناك أي تحفظ إسلامي في قضية عمل المرأة، فيجوز للمرأة أن تعمل كما يجوز للرجل أن يعمل، وإذا كانت هناك تحفظات أخلاقية في عمل المرأة فهناك تحفظات أخلاقية في عمل الرجل أيضاً.

فالأخلاق ليست ضريبة مفروضة على المرأة دون الرجل، ولذلك فما نمنعه من الأجواء غير الأخلاقية في بعض الأعمال على المرأة، نمنعه أيضاً على الرجل، فإذا كانت نفس هذه الأجواء يمكن أن تؤدي إلى انحرافات أخلاقية عند الرجل والمرأة، وجب الأمر على الاثنين بالمنع.

* أين يتجلّى دور المرأة كأنثى، وأين يمكن أن يلتقي بدورها كإنسان؟

ـ إن دور الأنوثة هو الدور الذي يتمظهر في حياة المرأة الزوجية، وفي المجتمعات النسائية، أما في المجتمعات الذكورية والمختلطة، فإن عليها أن تتجلى في الدور الإنساني، وإذا كان للأنوثة دور فهو دور العاطفة الإنسانية التي يلتقي فيها الجانب الأنثوي بالجانب الإنساني الذي قد يحتاج إليها المجتمع كما ذكرنا، وقد كان النبي(ص) يأخذ النساء معه ليداوين الجرحى، باعتبار هذا الجانب الإنساني العاطفي الذي تتميز به المرأة.

* هل أن المعرفة الأصحّ بالنظرة الإسلامية إلى المرأة تمت في العصر الحالي، وما رأي سماحتكم بواقع المرأة في عصرنا الحاضر؟

ـ إنني أتصور، أن هذا الانفتاح الثقافي على الجوانب الإنسانية للإنسان والتحديات التي واجهتها المفاهيم المعقدة الموجودة لدى بعض المسلمين حول المرأة هو الذي أفسح المجال لدراسات جديدة ولاكتشافات جديدة في النصوص الإسلامية حول المرأة، أما واقع المرأة، الآن فهو لا يزال واقعاً معقداً، وذلك من جهة أن الحريات التي أعطتها الحضارة الغربية للمرأة والتي تركت تأثيرها على واقعنا، عندما سيطر عليها الماديون وسيطرت عليها المفاهيم الغربية، جعلت المرأة أداة جنس، وهذا ما نلاحظه في الإعلام من خلال جعل المرأة أداة إثارة جنسية ما جعلها تحصر اهتمامها بجسدها، أما من جهة أخرى، فإن الإيجابيات تجلّت في احترام عقل المرأة وجهدها ونشاطها وغير ذلك.

أما المرأة المسلمة فهي لا تزال متأرجحة بين القديم والحديث، ولذلك فليست هناك خطوط مستقيمة في حركية المرأة المسلمة في داخل المجتمع المسلم أمام حركة التحديث التي تواجهها في الداخل والخارج.

* ما رأي سماحتكم بالدعوات إلى الانفتاح على الغرب حول قضية المرأة، وهل تعتقدون أنها ظاهرة صحيحة؟

ـ إنّا لا ندعو إلى الانفتاح على الغرب، بمعنى الخضوع، باعتبار الغرب نموذجاً مثالياً في هذه المسألة، وعلينا أن ننفتح على قيمنا الإسلامية وعلى مفاهيمنا الإسلامية، وأن نأخذ من الغرب التجربة الحيّة الناضجة المنسجمة مع مفاهيمنا الإسلامية.

* ما هي الخطوات التي ينبغي أن تقوم بها المرأة، والمؤهلات التي يجب أن تتوفر فيها لتتبوّأ مركزاً قيادياً في المجتمع؟

ـ أن تعيش القيم الإسلامية، وإنسانية الإنسان في الإسلام، بأن تأخذ بأسباب العلم، وأسباب تنمية القدرات الإنسانية في شخصيتها، وأن تأخذ بأسباب كل المسؤوليات الموجودة في واقعها، من المسؤوليات الاجتماعية والثقافية والسياسية، ولتقوم بمهمة الدعوة الإسلامية وبناء المجتمع الإسلامي جنباً إلى جنب الرجل.

الحجاب والتبـرّج

* ما هي الدوافع التي جعلت الدين الإسلامي يشرع الحجاب للمرأة؟

ـ أولاً، إن المرأة تتحرك عندها قضية الحجاب في دائرتين: الأولى، هي أن المرأة اعتبرت في وجدان الإنسان، وحتى في وجدان الرجل، رمز الجنس والإثارة، وليس ذلك أن الرجل ليس رمز الجنس بالنسبة للمرأة، ولكن الذهنية التي عاشها التاريخ الإنساني، والتي تحوّلت إلى ما يشبه الطبيعة الإنسانية، هي أن المرأة رمز الجنس، ولهذا لاحظنا في كل مدى الواقع الإنساني، حتى الواقع المتحضر الآن، أن كل عناصر الزينة وكل وسائل التجميل ووسائل الإثارة، سواء في المسرح والقصة والرواية أو الواقع، تخطط للمرأة، أما الرجل، فإنه يأخذ بأسباب الزينة بشكل عادي جداً، لهذا فإن الإسلام لاحظ هذه الناحية وأراد حماية المجتمع، لأن الانحراف الجنسي يمثل مشكلة للرجل والمرأة معاً، والمطلوب حماية المجتمع من عملية الإثارة.

عندما تتحرك المرأة في مجتمع مختلط كعنصر يولد مناخاً من الإثارة الجنسية، فإن المجتمع يعيش حالة طوارىء جنسية، كما هو الحال الآن، والذي نلاحظ فيه أن الحرية الجنسية باتت واقعاً بعد أن ساد نسبياً طابع الحرية الغربية والواقع الغربي، لذا فإننا نجد إحصاءات تشير إلى حوادث الاغتصاب الكثيرة، اغتصاب الرجل للمرأة على مستوى الدوائر الرسمية والمواقع السياسية والكبار وغير ذلك..

وهذه الحوادث تمثّل الرقم الكبير وفق أكثر الإحصائيات في العالم، ما يدلّ على أن كل الرؤى الثقافية التي لم تلتزم بأي حدود وضوابط، عجزت عن أن توازن المسألة الجنسية أمام كل عناصر الإثارة التي تتمثل في المرأة، وما يساهم في ذلك، هو تغذيه أجهزة الإعلام لاستمرار هذه الصورة، أو ما تتحرك فيه المرأة في واقع الحياة.

الثانية: أن الإسلام أراد للمرأة ألا تتعبد لجسدها وألا تعتبر أن جسدها هو الركيزة، وأن ترتفع بنفسها إلى ما يسمو بها. إن الإسلام أراد للمرأة في المجتمع المختلط أن تظهر كإنسانة، لا توحي إلا بكل احترام، وبكل معنى إنساني، ولكنه ترك للمرأة أن تعيش وتأخذ كل أنوثتها في البيت الزوجي والمجتمعات النسائية، فهو لم يُسقط للمرأة أنوثتها في حاجتها إلى أن تبدي زينتها بأفضل مواقع ووسائل الزينة، أو أن تعيش أنوثتها بكل معناها، ولهذا فالقضية ليست قضية اضطهاد للمرأة وسجن لها في حجابها، بل هي قضية النظرة الاجتماعية لحماية المجتمع من عملية الإثارة الجنسية وحماية المرأة من استغراقها في الجانب الجسدي لشخصيتها.

هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإننا نرى أن الحجاب مفروض على المرأة والرجل في بعض الجوانب الجسدية، فنحن نجد أن الحجاب واجب على الرجل في مسألة العورة، وحتى الذين لا يؤمنون بالعري من الغربيين أيضاً يؤمنون بحجاب المرأة بالنسبة إلى الثديين وعناصر الإثارة الجنسية..

إننا نقول لهم: إذاً نحن متفقون على الحجاب، ولكن الفرق بيننا وبينكم هو في قطع الثياب، كما كنّا نتحدث بذلك على نحو الطرفة مع بعض الصحفيين..

* هل الحجاب كزيّ مطلق أو نسبي يحدده العُرف؟

ـ إننا نقول: إن هناك حجاباً مادياً لا بد من الالتزام به، وهو أن تستر المرأة كل جسدها ما عدا الوجه والكفين، وظاهر القدمين أيضاً حسب رأينا الفقهي.

وهناك حجاب معنوي، وهو أن تمتنع المرأة عن كل ما يوجب الإثارة، والذي قد يتمظهر باللون أو بالتفصيل أو غيره.. وهذه أمور يُرجع فيها إلى العرف، لأن بعض الأمور قد تكون حاملة لعناصر الإثارة عند العرف، وبعضها لا يكون كذلك.

* ما القصد من التبرج في قوله تعالى: {ولا تبرّجن تبرّج الجاهلية الأولى} [الأحزاب:33]، وما هو مفهوم التبرج؟

ـ التبرج هو أن تظهر المرأة محاسنها، بواسطة ما تتزين به من الجسد، وربما يظهر التبرج بإخضاع القول وترقيقه وتليينه، حسب الآية الكريمة، {فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض} [الأحزاب:32]، وقد يكون في طريقة المشي والتحرك.

* هل يجوز للمرأة المسلمة أن تستعمل الشعر الاصطناعي أو ما يُسمى بالباروكة في حالة الحرج أو الإجبار على السفور كما نشاهده اليوم في تركيا الإسلامية؟

ـ لا يجوز ذلك إلا في حالة الضرورة القصوى إذا فرض عليها، ويجوز بمقدار الضرورة كالتعليم، ومن ثم العودة عن ذلك، لأن الباروكة وإن لم تكن شعراً حقيقياً، ولكنها من قبيل الزينة، كما أفتينا إلى بعض الفتيات في فرنسا وتركيا.

* ما رأي الإسلام بالتجميل بالجراحة، وبالأصباغ الواضحة وغير الواضحة؟

ـ لا مانع من إزالة التشويه بالجراحة في ما يجوز كشفه من الوجه أو اليدين في هذا المجال، أما الأصباغ فإنها تخضع كما ذكرنا للجانب العرفي، فما يعتبره العرف زينة فلا يجوز، وإذا لم يكن زينة فإنه جائز.

* هل يلحق الحجاب صوت المرأة، وهل يجوز لها أن تقرأ بعض الأشعار أو الأدعية أو الخطابة بحيث يسمعه الرجل الأجنبي؟

ـ لا مانع من سماع صوت المرأة ومن رفع المرأة صوتها، ولكن على أن لا يكون من قبيل: {فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض}، إذاً لا مانع من الاستماع إلى قراءة المرأة للتعزية، أو الخطابة في المجالس، كما لا مانع من حديثها مع الرجل، أو ما أشبه ذلك، وهذه كانت سيرة النبي(ص) مع النساء وسيرة النساء مع النبي(ص)، وسيرة الزهراء سلام الله عليها في حديثها مع الرجال، لا سيما وأن الإمام علي(ع)، كما يقال، كان يطوف بها على جموع الرجال من المهاجرين والأنصار، وكذلك سيرة السيدة زينب بنت أمير المؤمنين(ع) وما إلى ذلك.

* هل ترون أن العمل في المنـزل هو من اختصاص الفتاة دون الشباب، وأن تربية الفتاة يجب أن تقوم على إعدادها لذلك؟

ـ عندما نقرأ التاريخ والفقه الإسلامي، نجد أن العمل في المنـزل هو مسؤولية الرجل أولاً، ومسؤولية المرأة ثانياً، من ناحية الإلزام، ولذلك ينبغي للرجل أن يتعلم تدبير المنـزل كما للمرأة، ونحن نقرأ في التاريخ الإسلامي أن علياً والزهراء عليهما السلام تقاضيا عند النبي(ص) في عمل البيت، فجعل مهمة الزهراء(ع) أن تطحن وتعجن وتخبز، وجعل لعلي(ع) مهمة أن يستقي ويحتطب ويكنس البيت.

* سماحة العلامة السيد محمد حسين فضل الله، من خلال تجاربك العملية والعلمية، والمؤلفات الزاخرة بالمفاهيم والمواضيع المفيدة حول المرأة، بماذا تنصح المرأة الناشطة في مجال الثقافة والتبليغ؟

ـ إنني أعتقد أن على المرأة أن تشعر أنها مسؤولة عن الإسلام كله، وعن المسلمين كلهم والعالم كله، بحسب ما تملك من طاقات إنسانية وفكرية وعملية، وأن عليها أن تعدّ نفسها لذلك، مع الأخذ بكل أسباب التقوى والانفتاح على الله والانفتاح على الإنسان والمسؤولية من خلال ذلك.

حوار: عماد الهلالي ـ بيروت

اقرأ المزيد
نسخ النص نُسِخ!
تفسير