النظام اللبناني قِبَلي وعشائري ويتغذّى من العناصر البشرية للطوائف

النظام اللبناني قِبَلي وعشائري ويتغذّى من العناصر البشرية للطوائف
 

أجرى تلفزيون "أبوظبي" مقابلة مع سماحة العلاّمة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، استهلّها بالسؤال عن رؤيته لكيفية حلّ الأزمة في لبنان والجهة المسؤولة عنه، فأجاب:

ـ في تصوّري أن مسألة الحلّ في مفرداتها، هي مسألة الشرعية، فهناك فريقٌ يعتبر أن الشرعية هي في الحكومة، وهناك فريق آخر يعتبر أن الحكومة غير شرعية، وبالتالي فإنّ هذه القضية تحتاج إلى حلّ، وأظنّ أن المبادرة العربية كانت تحاول ذلك، ولا أدري إذا كانت قد أعلنت فشلها أم لا، ولكن عمق المسألة يتصل بالمحور الخارجي. وإنني من خلال متابعتي للتصريحات الصادرة عن الإدارة الأمريكية، أجد أن الرئيس الأمريكي بوش يتدخل في المسألة اللبنانية الداخلية بشكل مباشر، وهو يمنع أيّ حل قد يحقق للمعارضة ما قد يُعتبر انتصاراً، لأنّه يريد أن يغطي في لبنان فشله في العراق، ولذا فإنني أعتقد أن المسألة بالغة التعقيد، لأنها مرتبطة بالأخطبوط الخارجي.

* وحول الحرب الكلامية التي يشنّها أصحاب العمائم، قال سماحته:

ـ رجال الدين هم مواطنون كبقية المواطنين، ولكن عليهم ألا يكونوا فريقاً لجهة دون أخرى، بحيث يتحوّلون إلى موظفين لدى هذه الجهة السياسية أو تلك، بل عليهم أن يعملوا لتأكيد المحبة بين اللبنانيين، ولكن بعضهم قد انحرف عن هذا الخطّ المستقيم.

* وحول من يحوّل الصراع السياسي في لبنان إلى صراع مذهبي على الطريقة العراقية، قال سماحته:

ـ أنا لا أفهم كيف يمكن أن نطلق على هذا الصراع في لبنان بأنه صراع مذهبي، فالمعارضة تضمّ طوائف عدة، وكذلك الموالاة... أمّا في العراق إذا كانت المسألة طائفية، فهي من جهة أن هذه الطائفة أو تلك تريد أن تحصل على حقوقها من خلال الحكم، فهناك حساسية حول السلطة في العراق، أما في لبنان فليست الحكومة سنيّة، بل ائتلافية يرأسها سني، كما أن مجلس النواب مجلس لبناني يرأسه شيعي، وهكذا بالنسبة إلى الرئاسة التي تمثّل كل لبنان، وإن كان رئيسها مارونياً، ولذلك فليس هناك مشكلة بين الطائفة السنية والطائفة الشيعية في لبنان لمجرد أن يكون رئيس الحكومة سنياً. ولذلك فإن إدخال العنصر المذهبي في لبنان هو إدخال لعنصر ليس له أي مدخلية في الواقع السياسي أو في الواقع الطائفي كلياً، والمعارضة لم تقف ضد الطائفة السنية، بل ضد الحكومة بمجموعها، فليست هناك دعوة لحكومة شيعية على أنقاض حكومة سنية...

* وحول مقولة جبران خليل جبران: "الويل لأمة كثرت فيها طوائفها وقلّ فيها الدين"، قال:

ـ هذا صحيح، لأن الطائفية ليست ديناً، بل هي عشائرية قبلية، والكثير من الطائفيين لا يؤمنون بالله ولا بالسيد المسيح(ع) ولا بمحمد(ص). والنظام اللبناني ليس نظاماً دينياً، بل هو نظام طائفي قبلي عشائري يتغذّى من العناصر البشرية للطوائف لا من العناصر القيمية أو الروحية للطوائف.

* وحول وضع المسلمين والعرب في موسم الأعياد، قال:

ـ إن المطلوب أمريكياً هو السيطرة على العالم الإسلامي وإسقاط مصالحه أمام المصالح الاستكبارية، لذلك نريد أن نقول للمسلمين بمناسبة عيد الأضحى: إن علينا ألا نشغل أنفسنا بالمذهبيات وبالطائفيات، وبأن يحارب بعضنا الآخر ويكفّر بعضنا الآخر، بل علينا أن نتوحّد في مقابل التحدي الغربي الاستكباري ضد الإسلام.

إن على المسلمين أن يعيشوا ذهنية الأمة وأن لا يعيشوا في الذهنية المحلية الضيّقة، التي تستغرق في الخصوصيات المحلية الخاصة. وأقول للبنانيين: عليهم أن يستوحوا من مناسبة الأعياد الإسلامية والمسيحية وتقاربها، السيد المسيح(ع) وفي القيم الروحية التي تتحرك من أجل المحبة، وأن يستوحوا النبي محمد(ص) في معنى الرحمة، لينطلق الجميع في حركة المحبة والرحمة على المستوى السياسي والإنساني لنصنع لبنان القوي بتماسك أبنائه وتلاحم طوائفه وكل فئاته وعناصره.

مكتب سماحة المرجع آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله

 التاريخ: 8 ذو الحجّة 1427هـ  الموافق: 29كانون الأول 2006م

 

أجرى تلفزيون "أبوظبي" مقابلة مع سماحة العلاّمة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، استهلّها بالسؤال عن رؤيته لكيفية حلّ الأزمة في لبنان والجهة المسؤولة عنه، فأجاب:

ـ في تصوّري أن مسألة الحلّ في مفرداتها، هي مسألة الشرعية، فهناك فريقٌ يعتبر أن الشرعية هي في الحكومة، وهناك فريق آخر يعتبر أن الحكومة غير شرعية، وبالتالي فإنّ هذه القضية تحتاج إلى حلّ، وأظنّ أن المبادرة العربية كانت تحاول ذلك، ولا أدري إذا كانت قد أعلنت فشلها أم لا، ولكن عمق المسألة يتصل بالمحور الخارجي. وإنني من خلال متابعتي للتصريحات الصادرة عن الإدارة الأمريكية، أجد أن الرئيس الأمريكي بوش يتدخل في المسألة اللبنانية الداخلية بشكل مباشر، وهو يمنع أيّ حل قد يحقق للمعارضة ما قد يُعتبر انتصاراً، لأنّه يريد أن يغطي في لبنان فشله في العراق، ولذا فإنني أعتقد أن المسألة بالغة التعقيد، لأنها مرتبطة بالأخطبوط الخارجي.

* وحول الحرب الكلامية التي يشنّها أصحاب العمائم، قال سماحته:

ـ رجال الدين هم مواطنون كبقية المواطنين، ولكن عليهم ألا يكونوا فريقاً لجهة دون أخرى، بحيث يتحوّلون إلى موظفين لدى هذه الجهة السياسية أو تلك، بل عليهم أن يعملوا لتأكيد المحبة بين اللبنانيين، ولكن بعضهم قد انحرف عن هذا الخطّ المستقيم.

* وحول من يحوّل الصراع السياسي في لبنان إلى صراع مذهبي على الطريقة العراقية، قال سماحته:

ـ أنا لا أفهم كيف يمكن أن نطلق على هذا الصراع في لبنان بأنه صراع مذهبي، فالمعارضة تضمّ طوائف عدة، وكذلك الموالاة... أمّا في العراق إذا كانت المسألة طائفية، فهي من جهة أن هذه الطائفة أو تلك تريد أن تحصل على حقوقها من خلال الحكم، فهناك حساسية حول السلطة في العراق، أما في لبنان فليست الحكومة سنيّة، بل ائتلافية يرأسها سني، كما أن مجلس النواب مجلس لبناني يرأسه شيعي، وهكذا بالنسبة إلى الرئاسة التي تمثّل كل لبنان، وإن كان رئيسها مارونياً، ولذلك فليس هناك مشكلة بين الطائفة السنية والطائفة الشيعية في لبنان لمجرد أن يكون رئيس الحكومة سنياً. ولذلك فإن إدخال العنصر المذهبي في لبنان هو إدخال لعنصر ليس له أي مدخلية في الواقع السياسي أو في الواقع الطائفي كلياً، والمعارضة لم تقف ضد الطائفة السنية، بل ضد الحكومة بمجموعها، فليست هناك دعوة لحكومة شيعية على أنقاض حكومة سنية...

* وحول مقولة جبران خليل جبران: "الويل لأمة كثرت فيها طوائفها وقلّ فيها الدين"، قال:

ـ هذا صحيح، لأن الطائفية ليست ديناً، بل هي عشائرية قبلية، والكثير من الطائفيين لا يؤمنون بالله ولا بالسيد المسيح(ع) ولا بمحمد(ص). والنظام اللبناني ليس نظاماً دينياً، بل هو نظام طائفي قبلي عشائري يتغذّى من العناصر البشرية للطوائف لا من العناصر القيمية أو الروحية للطوائف.

* وحول وضع المسلمين والعرب في موسم الأعياد، قال:

ـ إن المطلوب أمريكياً هو السيطرة على العالم الإسلامي وإسقاط مصالحه أمام المصالح الاستكبارية، لذلك نريد أن نقول للمسلمين بمناسبة عيد الأضحى: إن علينا ألا نشغل أنفسنا بالمذهبيات وبالطائفيات، وبأن يحارب بعضنا الآخر ويكفّر بعضنا الآخر، بل علينا أن نتوحّد في مقابل التحدي الغربي الاستكباري ضد الإسلام.

إن على المسلمين أن يعيشوا ذهنية الأمة وأن لا يعيشوا في الذهنية المحلية الضيّقة، التي تستغرق في الخصوصيات المحلية الخاصة. وأقول للبنانيين: عليهم أن يستوحوا من مناسبة الأعياد الإسلامية والمسيحية وتقاربها، السيد المسيح(ع) وفي القيم الروحية التي تتحرك من أجل المحبة، وأن يستوحوا النبي محمد(ص) في معنى الرحمة، لينطلق الجميع في حركة المحبة والرحمة على المستوى السياسي والإنساني لنصنع لبنان القوي بتماسك أبنائه وتلاحم طوائفه وكل فئاته وعناصره.

مكتب سماحة المرجع آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله

 التاريخ: 8 ذو الحجّة 1427هـ  الموافق: 29كانون الأول 2006م

اقرأ المزيد
نسخ النص نُسِخ!
تفسير