إشكاليات الاستنساخ

إشكاليات الاستنساخ

أجرت "مجلة الحسناء" لقاءً حوارياً مع سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله في إشكاليات الاستنساخ، وإطلاق الفتاوى التكفيرية وغيرها من المسائل الاجتماعية والأسرية، ونشر هذا الحوار على صفحات الحسناء في عددها الصادر في تشرين الأول 2001،أجرى الحوار وقدم له هيام بنوت، وجاء فيه:

يجمع سماحة العلاّمة السيِّد محمَّد حسين فضل اللّه مزيجاً من الصفات المثلى في شخصيته الغنية، وهو مرجعية إسلامية كبرى على مستوى الفتوى، وقد أفتى مؤخراً بتحليل الاستنساخ البشري الذي حرّمه معظم رجال الدين، المسلمين والمسيحيين في أنحاء العالـم، ما أحدث ضجة لـم تهدأ بعد...

تحت هذا العنوان قصدت «الحسناء» السيِّد، المليء بالمعرفة والحكمة والمنطق والإيمان والتَّقوى، وسألته في الاستنساخ، فكان بحره مغرياً للغوص في شتى ما اعتقدنا أنَّه يستحق الإضاءة عليه من قِبل العلاّمة المجتهد، خصوصاً وأنَّ سعة صدره ورحابة فكره، كانا رفيقانا في هذه الجلسة الغنية.

سألنا سماحته بداية:

الاستنساخ ليس إبداعاً لقانون جديد:

س: ما خلاصة رأيكم في الاستنساخ البشري، خصوصاً وأنَّكم المرجع الديني الأبرز الذي حلّل الاستنساخ في حين حرّمه معظم رجال الدين من المسلمين والمسيحيين على السواء؟

ج: الاستنساخ هو حدثٌ علمي انطلق من دراسة الأساس في ولادة الكائن الحي، هذا الكائن الذي يولد من خلية تختزن 46 من الكروموزومات، تتوزّع بين النطفة التي تشتمل على 23 كروموزوماً، والبويضة التي تشتمل على عدد مماثل. ومع تلقيح البويضة بالنطفة، تتكامل الخلية. وقد اكتشف العلماء أنَّه من الممكن أن نأخذ خلية فاعلة من الأنثى وتفرّغ البويضة من الكروموزومات ونزرعها في هذه الخلية، ليحصل على العنصر الأساس، فتنطلق الخلية ليولد منها الكائن الحي.

على ضوء هذا فإنَّنا لا نرى أنَّ هذه القضية عملية خلق لتكون منافية للعقيدة الدينية، لأنَّ الخلق ينطلق من إبداع لقانون جديد، ومسألة الاستنساخ ليست إبداعاً لقانون، إذ لا خصوصية للنطفة والبويضة في عملية الولادة، بل إنَّ خصوصيتهما لجهة تكامل الخلية بالتقائهما. وانطلاقاً من ذلك فإنَّ كلّ خلية فاعلة حيّة تختزن ما تختزنه البويضة والنطفة معاً يمكن أن تكون أساساً لولادة الكائن الحي.

أمّا مسألة الاستنساخ البشري فإنَّها جائزة من ناحية طبيعة العناصر الذاتية للعملية. ولكنَّنا نتحفّظ انتظاراً لدراسة المؤثرات السلبية أو الإيجابية الناتجة عنها، فإذا كانت السلبيات أكثر، منعنا ذلك وإذا كانت الإيجابيات أكثر أجزناه.

س: هل تحتمل مسألة حساسة كمسألة الاستنساخ إصدار فتوى بتحليلها، في حين أنَّكم تتحفظون بانتظار النتائج التي قد تكون سلبية كما أشرتـم؟

ج: المسألة لا تنتظر حصول هذا الأمر، لأنَّه بإمكاننا أن ندرس حركية هذا الكائن الإنساني مقارنة مع الأوضاع الاجتماعيّة التي تترتب على ذلك، قبل أن يحدث هذا ويتحرّك في الواقع الاجتماعي.

س: ومتى يمكن التحدّث عن «خرق» للعقيدة الدينية؟

ج: يكون هناك خرق للعقيدة الدينية، عندما يصل الإنسان إلى صنع قانون جديد للوجود لـم يكن متوفراً في الظواهر المتحرّكة في الموجودات، وهذا لـم يحدث. والظاهر أنَّه لن يحدث، لأنَّ كلّ حركية العلم منذ انطلاقته، في أخطائه وإصاباته، حتّى الآن، هي في اكتشاف أسرار الخلق والقوانين والسُنن الكونية والتاريخية في حركة الوجود، ولـم يحدث أن أنتج الإنسان قانوناً جديداً بعد.

الرفض المطلق خطأ... كالقبول المطلق:

س: قد يُستغل العلم أحياناً لأغراض «شيطانية»، وثـمّة من أعلن عن مخاوفه في مسألة الاستنساخ إذا تـمّ الجمع بين الإنسان والحيوان لخلق نوعٍ جديد من المخلوقات؟

ج: إنَّني لا أتصوّر أنَّ العلم يُمثِّل أهدافاً شيطانية في طبيعته، ولكن المشكلة في استخدامات الإنسان لما بين يديه من أدوات وما إلى ذلك. لا تكمن المشكلة في الاكتشاف العلمي الذي يتمثّل في عملية الاستنساخ أو في هندسة الجينات، ولكن في استخدام هذه المعلومات في الإنتاج الشيطاني إذا صح التعبير.

س: وما موقفكم إذا استُغل هذا الحدث العلمي لأغراض سلبية تضرّ بمصالح الإنسان؟

ج: هذا ممكن جداً. المسألة في قضية التحريـم والتحليل تتحرّك من خلال رصد الواقع الذي ينطلق منه هذا أو ذاك الاكتشاف. هناك نقطة يجب أن نعرفها، هو أنَّه من الصعب أن نمنع الإنتاج العلمي حتّى ولو استخدم في نتائج سلبية. لذلك لا بُدَّ لنا من أن نواجه هذه التطوّرات بواقعية، وأن نعمل بطريقة أو بأخرى على توجيه حركة العلم في اتجاه الخير لا في اتجاه الشرّ. إنَّني أتصوّر أنَّ إطلاق الرفض المطلق، هو كإطلاق القبول المطلق، لا يمثِّل واقعية في حركة الحياة. لا بُدَّ لنا من أن نخطّط لاحتواء هذه الأمور ولمحاولة توجيهها إلى ما لا يضرّ بمصلحة الإنسان بحسب ما نملك من طاقة. إنَّ كلّ تاريخ البشرية لـم يكن تاريخ الرفض المطلق. نعرف أنَّ القوانين والرسالات السَّماوية والقوانين الحضارية الوضعية قد أطلقت الكثير من الممنوعات، واستطاعت أن تصنع ذهنية معيّنة، في مواقع واسعة أو ضيقة، ولكنَّها لـم تستطع أن تصل بالنتائج إلى المائة في المائة، لأنَّ الإنسان هو المخلوق الحي المتحرّك دائماً، وهو الذي يبدأ صباحاً بمشاعر وذهنيات معيّنة، وقد تختلف في المساء عمّا كانت، لأنَّ الإنسان يتأثّر بما حوله وبمن حوله، بل يتأثّر حتّى بإحساساته ومشاعره، السلبية والإيجابية. لذلك فإنَّ التجربة أمام كلّ السلبيات لا بُدَّ وأن تخضع في عناصرها المتحرّكة للظروف الواقعية. إنَّنا نجد أنَّ هذا العالـم لا يمثِّل انضباطاً مطلقاً. ففي مثل قضية الاستنساخ البشري نجد دولة كأميركا تمنع ذلك، ومثلها بعض الدول الغربية، ولكنَّنا نرى دولاً أخرى تجيز الأمر.

س: مقاطعة «كيبك» الكندية هي وحدها التي أجازت هذه المسألة؟

ج: إذا كانت أكثرية بين الدول اتخذت القرار بمنع الاستنساخ البشري، فمن المتوقّع أن تزداد أيضاً الدول المانعة. ويُلاحظ أنَّ أميركا في المدّة الأخيرة أباحت مرحلة معيّنة ضمن شروط معيّنة في عملية الاستنساخ البشري. لهذا فإنّي بينما أؤكّد أنَّه لا بُدَّ من أن نمنع استخدام هذا الحدث العلمي في إنتاج السلبيات، أقول أنَّ علينا ألا ندعو بالويل والثبور وعظائم الأمور كما يُقال، عندما تحدث هناك بعض السلبيات، بل أن نحاول مواجهتها لنمنعها أو لنقلل من أخطارها.

ليست مجرّد «مؤامرة صهيونية»:

س: ثـمّة من يعتقد أنَّ اليهود يقفون وراء مسألة الاستنساخ البشري، ليسيّروا البشرية وفقاً لمصالح تخدم اليهودية العالمية؟

ج: لا أعتقد أنَّنا يمكن أن ندخل في حسابنا بشكلٍ دقيق مسألة الخلفيات الدينيّة أو السياسيّة التي تتمثّل في الذين يُمارسون عملية استخدام النظرية، لأنَّه من الممكن جداً أن يكون هذا الإنسان يهودياً، لكنَّه يفكّر بطريقة علمية، ويمكن أن يكون غير يهودي أيضاً ويفكّر بطريقة أخرى. نعرف أنَّ اليهود من خلال «بروتوكولات حكماء صهيون» ومن خلال تاريخهم يُحاولون أن يربكوا كثيراً من القيم في تاريخ البشرية لمصلحة اليهودية العالمية أو الصهيونية العالمية، لكنَّنا لا نستطيع أن نركّز عملية المواجهة في مثل هذا الحدث على هذا الأساس، لأنَّ الواقع الإنساني لا يتقبّل مثل ذلك... ولكن هذا لا يمنعنا من أن نكون حذرين لدراسة إمكانية وجود خلفيات سلبية.

إنَّني أتصوّر أنَّ عملية الاستنساخ لن تكون لها امتدادات واسعة في حياة البشرية، لأنَّ مسألة أن يُنتج الإنسان ولداً مستنسخاً، هي عملية مكلفة اقتصادياً، وتحتاج إلى جهدٍ علمي كبير، بينما نجد أنَّ عملية التوالد الطبيعي، وهي عملية أبسط، تحوّلت إلى مشكلة من خلال سهولتها وبساطتها، حتّى بدأ العالـم يتحدّث عن تنظيم النسل باعتبار أنَّ تكاثر النسل يُسبب مشكلة اقتصادية في العالـم. لذلك أعتقد أنَّ الاستنساخ البشري لن يُسبب مشكلة للبشرية، لأنَّه لا يملك الفرص الاقتصادية للإنتاج الكثير، وهذا ما لاحظناه عندما نجح استنساخ الحيوان. فقد رأينا أنَّ التجارب في عملية الاستنساخ الحيوانية لـم تبلغ عدد أصابع اليد العشرة حتّى الآن.

س: كلّ شيء في بداياته يكون مكلفاً، ومع مرور الوقت تنخفض كلفته؟

ج: هناك نقطة أساسية وهي أنَّ عملية الاستنساخ هي من المسائل التي لا يُمكن أن تُلغي الزواج، لأنَّ الزواج أساساً أو التوالد الطبيعي، حتّى خارج نطاق الزواج، ينطلق من حاجة طبيعية وهي الحاجة الجنسية للرّجل والمرأة معاً، ما يعني أنَّ مثل هذه الوسيلة الطبيعية «لإنتاج الإنسان» تبقى هي الوسيلة الدائمة والعادية والتي تعتبر أمراً شخصياً بالنسبة للرّجل والمرأة. أمّا مسألة الاستنساخ فهي قضية لا تهمّ إلاَّ العلماء أو بعض النّاس، أو ربَّما فئات محدودة جداً منهم. ولهذا أنا لا أجد خطراً كبيراً في الاستنساخ البشري، ولو وجدت هناك أخطار فإنَّه لن يُتاح لهذا الحدث العلمي أن يتوسّع في العالـم.

س: وإذا توسّع مستقبلاً؟

ج: السلبيات الكبرى التي تمثِّل خطراً على المسيرة الإنسانية لن تحدث من خلال تجارب محدودة، وإنَّما من خلال انتشار هذه التجارب وتوسّعها بالمستوى الذي يمثِّل ظاهرة إنسانية كبرى قد تؤثّر على الظاهرة الإنسانية الطبيعية، وهذا مما لا يحدث.

كلّ جديد يُربك:

س: الكثيرون ممن يعتبرونك مرجعاً دينياً يلتزمون فتاواه، لـم يتقبّلوا نفسياً فتواك بتحليل الاستنساخ؟

ج: من الطبيعي أنَّ كلّ شيءٍ جديد يمثِّل أمراً غير مألوف، والنّاس تتأثّر عادة بالمألوف، حتّى أنَّ بعضهم يفسِّر رفضنا للموت بأنَّه أمرٌ غير مألوف، أي غير مألوف في الإحساس، كما يقول المتنبي:

إلف هذا الهواء أوقع في الأنفس إنَّ الحِمَـام مـرّ الـمـذاق

                                               والأسى قبل فرقة الروح عجز والأسـى لا يكون بعد الفراق

أو قوله:

خلقت ألوفاً لو رجعت إلى الصبا                                لفارقت شيبي موجع القلب باكيا

لذلك نجد أنَّ النّاس تستغرب غير المألوف، ولكنَّني أعتقد أنَّ الاستمرار في تقريب الفكرة للنّاس قد يجعلهم يشعرون بأنَّها عادية، تماماً كما في مسألة طفل الأنبوب. فقد كان النّاس يستغربون طفل الأنبوب، وربَّما كان بعضهم يُطلق فتاوى بتحريمه، ولكن طفل الأنبوب أصبح أمراً طبيعياً، حتّى أنَّه أصبح حلاً لمشكلة الكثيرين من النساء اللواتي لا يستطعن الحمل بشكلٍ طبيعي.

س: كيف تردّ على بعض رجال الدين الذين يقولون إنَّ هذا التحليل فيه امتثال للشيطان انطلاقاً من الآية القرآنية التي تقول: [فيغيرون في خلق اللّه] ؟

ج: هذه الآية كانت محل جدل بين المفسِّرين، لأنَّها بحسب الفهم الظاهري تقتضي بأن لا نغيّر أيّ شيء في خلق اللّه. أن لا نغيّر الجبال، ولا نغيّر الأرض، لأنَّ هذا كلّه تغيير لخلق اللّه. وهذا يعني أنَّ اللّه خلق الكون على صورة معيّنة وأيّ تطوير لهذه الصورة يكون تغييراً لخلق اللّه. لذلك فإنَّهم يقولون بأنَّه لا يمكن أن نأخذ مدلول هذه الآية بشكلٍ مطلق. لهذا أفتينا وأفتى الكثير من العلماء بحليّة عمليات التجميل. فنحن نجد أنَّ بعض الأشخاص قد يخلقون بأنف ضخم، أو بيد تشتمل على ستة أصابع، أو قد يُصابون بتشويه أثناء الحمل في أعضاء الجنس، أو إنسان يُخلق «مزدوج الجنس» (الذي يُسمّى بالخنثى). فهل الجراحة التجميلية بالنسبة لهذه الحالات فيها تغيير لخلق اللّه بحسب مدلول المسألة؟ لذلك يُفسِّر بعض النّاس بأنَّ المسألة لا تتحدّث في التغيير المادي للخلق، بل أنَّ هناك آية تقول: [ فطرة اللّه التي فطر النّاس عليها لا تبديل لخلق اللّه]  . إنَّ القضية تتصل بعالـم الفطرة الإنسانية التي تنفتح على مسألة التوحيد للّه، وهذا هو المعنى الذي عبّر عنه في [ لا تبديل لخلق اللّه] . إنَّ بعض النّاس يغيّرون الفطرة على «طريقة كلّ مولود يولد على الفطرة إلاَّ أنَّ أبويه يهوّدانه أو ينصّرانه أو يمجسانه». فالآية هي محل جدل حول تفسيرها.

ثانياً: إنَّ الاستنساخ البشري ليس تغييراً لخلق اللّه. اللّه خلق الإنسان بهذه الصورة، والاستنساخ هو شكل آخر من خلق اللّه للإنسان. من أين خلق هذا المولود المستنسخ؟ من خلية. من الذي خلق هذه الخلية؟ ومن الذي أودع فيها سرّ النموّ؟ إنَّ اللّه هو الذي خلقها وهو الذي أودع فيها سرّ الخلق.

لذلك نحن لـم نغير خلق اللّه، بل استهدينا إلى خلق اللّه في إيجاد شكل آخر يلتقي مع الشكل الطبيعي في أساس الخلق. وهذا لا يُمثِّل تغييراً لخلق اللّه.

أمامنا الكثير من الدراسات بعد...

س: لا شك أنَّك درست مسألة الاستنساخ من جميع جوانبها وقبل إصدار فتوى تحليلها، فنسألك ما هي طبيعة المخاوف التي راودتك أثناء دراستك لهذه المسألة؟

ج: لـم يكن عندي خوفٌ من المعارضة للرأي، لأنَّني أعتقد أنَّ على الإنسان أن يقول كلمته بغضّ النظر عن ردود الفعل، طالما هو يؤمن بأنَّ كلمته تمثِّل الحقيقة ـ على الأقل من وجهة نظري، وقد قلت أنَّني لا أدّعي العصمة لنفسي، ولكن هذا ما انتهيت إليه في أبحاثي. وإذا كانت هناك أيّة وجهة نظر أخرى، فأنا مستعد أن أدخل في الحوار معها. فإذا اكتشفت الخطأ فإنَّ لديّ الشجاعة للتراجع عن رأيي. أمّا قضية الخوف من الأخطار المستقبلية، فإنَّني لـم أطلق الرأي بشكلٍ مطلق، وإنَّما أطلقته مع التحفّظات. مما يعني أنَّ أمامنا الكثير من الدراسات للسلبيات والإيجابيات لنتابع إعطاء الفتوى، سواء بالطريقة السلبية أو الإيجابية، الأمر مرتبط بنتائج الدراسات.

لا للاستسهال في إطلاق الفتاوى:

س: صدرت في الفترة الأخيرة، فتاوى من بعض رجال الدين بحقّ الفنانين، فرموهم بالتكفير والإساءة إلى الإسلام، وطالبوا بهدر دمهم. ما موقفكم من هذه الفتاوى؟

ج: أعتقد أنَّ هناك نوعاً من أنواع الاستسهال في فتاوى التكفير في هذه المرحلة. إنَّ مسألة أن يكون الإنسان كافراً، سواء كان مسيحياً أو مسلماً، هي أن يجحد الأصول العقيدية التي ترتكز عليها العقيدة في الديانتين المسيحية والمسلمة. ففي الإسلام مثلاً، أن يجحد توحيد اللّه أو يجحد النبوة أو يجحد اليوم الآخر، أو يجحد أنَّ القرآن هو كتاب اللّه. أمّا ما عدا ذلك فإنَّه لا يوجب الكفر، هناك عنوان يتحدّث عنه الفقهاء وهو إنكار ما هو بديهي من الدين، كإنكار وجوب الصلاة، أو الصوم مثلاً، وهما عقيدتان دينيتان بديهيتان. قد يقولون بأنَّ «منكر الضروري كافر»، ولكنَّنا نقول وفاقاً لكثير من الفقهاء، أنَّ إنكار الضروري أي البديهي، إنَّما يكون موجباً للكفر، لأنَّه يؤدّي إلى تكذيب النبيّ. فإذا لـم يكن المنكر ملتفتاً إلى هذه الملازمة بين إنكاره وبين تكذيب النبيّ، لـم يكن كافراً. ربَّما يقوم بعض النّاس ببعض الممارسات التي قد تسيء إلى بعض المقدسات الدينية، لكن الإساءة إلى بعض المقدسات لا يوجب الكفر، ولا يوجب إهدار الدم إذا لـم يكن هناك حدّ شرعي معيّن في هذا المجال. لذلك نرى أنَّ جماعة كثيرين ممن لـم يؤصلوا مسألة الكفر والإيمان، بل حاولوا أن يتحرّكوا فيها بالسطح. ثُمَّ أنَّ بعض النّاس لـم يدقّقوا في العمل الفني سواء على مستوى الأغنية أو المسرحية أو القصة أو ما شابه ذلك، ولـم يدرسوه دراسة دقيقة ليقرّروا إذا كان فيه كفر أو ليس فيه كفر.

عندما أثيرت قضية «مارسيل خليفة» في مسألة التغني بالقرآن، انطلقت الكلمات الحادّة على أساس أنَّ التغنّي بالقرآن على الطريقة الغنائية المعروفة قد يُسيء إلى كرامته وقد يؤدّي إلى إسقاط حرمته. ولكن في دراستنا وجدنا أنَّ الفنان «مارسيل خليفة» تغنّى بالقصيدة التي كتبها محمود درويش وعندما وصل إلى الفقرة القرآنية لـم يغنّها بالطريقة الاستهلاكية في الألحان، التي تسيء إلى القرآن. وهكذا عندما أثيرت قضايا مماثلة حول الفنان الكويتي عبد اللّه الرويشد وغيره من الفنانين... نحن نرفض كلمة التكفير في ما لا يكون كفراً، حتّى لو كان فيها إساءة، لأنَّ الإساءة لا توجب الكفر، وإنَّما توجب الفسق بحسب المصطلح الفقهي، فضلاً عن مسألة إهدار الدم. إنَّ هذه الأمور قد تسيء إلى صورة الإسلام سواء في داخل واقع المسلمين أو في خارج واقعهم.

نوال السعداوي ليست مرتدة:

س: هل تابعتم قضية نوال السعدي، وما موقفكم من الفتوى بوجوب تطليقها من زوجها؟

ج: هناك فتوى يلتقي عليها كلّ المسلمين، وهي أنَّ الزواج يُفسخ إذا ارتدّ أحد الزوجين عن الإسلام، (إذا كان مسلماً)، كما حصل في مسألة نصر حامد أبو زيد الذي أُفتي بانفصال زوجته عنه للحكم بارتداده، أو في مسألة نوال السعداوي التي أُفتيَ بانفصالها عن زوجها لأنَّها صارت مرتدة. في قضية نصر حامد أبو زيد، أعلن أنَّه لا يزال مسلماً وينطق بالشهادتين. وقد زارني وتحدّث بصراحة عن موقفه وحاول أن يؤول بعض ما نُسب إليه من التشكيك في فهم النبيّ للقرآن أو ما أشبه ذلك، مما يُعتبر نوعاً من الإساءة إلى عقيدة النبوّة، لكنَّه أعلن أنَّه مسلم وبأنَّه قصد معنى آخر. ونحن عندنا تُدرأ الحدود بالشبهات. أمّا بالنسبة لـ «نوال السعداوي» فقد قرأت أنَّه نُسب إليها تهمة الكفر باعتبار أنَّها ذكرت بأنَّ الحج هو من تقاليد الوثنيين. ومن الطبيعي أنَّ الحج هو من الأصول الشرعية الإسلامية وهو من أركان الإسلام. فالقول أنَّه وثني يُنافي العقيدة الإسلامية. أمّا الحديث بأنَّه كان موجوداً في زمن الجاهلية، فالمسلمون لا ينكرون ذلك باعتبار أنَّهم يرَون أنَّ الحج بدأ منذ عهد النبيّ إبراهيم الخليل الذي بنى البيت والذي ذكر القرآن أنَّ اللّه قال له  وأذّن للنّاس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كلّ ضامرٍ يأتين من كلّ فجٍ عميق ليشهدوا منافع لهم. وقد حفلت الجاهلية، ولا سيّما في مكة أو في المنطقة العربية، بالسير على التشريعات الإبراهيمية. لذلك فإنَّ الذين اتّهموا نوال السعداوي بالردّة، أكّدوا على هذا النص، ولكنَّها عندما وقفت وأنكرت أن تكون قد قالت ذلك، أو أوّلته، أو أنَّ الصحافة تصرّفت بالنص، عند ذلك، حُكم بأنَّها ليست مرتدة.

برامج الألعاب التلفزيونية...

س: أثيرت في الفترة الأخيرة، زوبعة حول برامج الألعاب، من بينها «من سيربح المليون». فهل توافقون على تحريـم هذه البرامج؟

ج: لقد أصدرنا أكثر من فتوى في أنَّ مسألة «من سيربح المليون» ليس فيها أيّ أساس للتحريـم، وأنَّها مجرّد جائزة تُعطى لمن يجيب على أسئلة تطرح عليه في البرنامج، عدا أن البرنامج يشتمل على الثقافة. أمّا قضية أنَّ الاتصالات الهاتفية فيها «أكلاً للمال الباطل»، فلم أفهم علاقة ذلك بأكل المال الباطل، لأنَّ الإنسان يتصل عادة هاتفياً ليحصل على جائزة أو فرصة.

ختان البنات... حرام:

س: هل ختان الفتيات أمرٌ واجب في الإسلام؟

ج: الختان بالنسبة للذكور أمرٌ واجب في الإسلام، ويتحدّث الكثيرون عن فوائده الصحية وإن كانت بعض الدراسات الأخيرة في الغرب لا ترى فيه هذه الفوائد. أمّا بالنسبة إلى الفتيات بأنَّ الختان ليس مستحبّاً شرعياً، لأنَّه ليس سنّة إسلامية بل كان عادة في الجاهلية، تمثِّل في ذلك الوقت لوناً من ألوان التجميل بحسب العُرف المتّبع آنذاك. وقد صدر عن النبيّ (ص) في نصحه للاتي كنّ يقمن بختان البنات، بأن لا يسئن إليهن باستخدام هذه الطريقة لأنَّها مؤذية. ونحن أفتينا بأنَّ مثل هذه العادة للبنات، إذا كانت تضرّ بمستقبلهن الجنسي أو لها آثار سلبية، فإنَّه يحرّم ممارستها، لأنَّه لا يجوز للإنسان أن يضرّ نفسه، وبالتالي فلا يجوز للفتاة حتّى لو كانت بالغة، أن تُمارس ذلك، إذا كان فيه ضرر جسدي لها، بحيث يؤثّر على مستقبل حياتها الزوجية. كما لا يجوز للآباء أن يقوموا بختان بناتهن إذا كان ذلك مضراً لهن، لأنَّه لا سلطة للأب للإضرار بأولاده في أي مجال.

الزواج والشذوذ:

س: كيف تفسِّر انتشار ظاهرة الشذوذ الجنسي في العالـم العربي، بعد أن أُلقي القبض على 52 شخصاً في مصر بتهمة الشذوذ؟

ج: قد ينطلق الشذوذ من تربية معيّنة، كأن يربى الولد بطريقة يتقمّص فيها شخصية الأنثى أو أنَّ تتربى الأنثى بطريقة تتقمّص فيها شخصية الذكر. وربَّما تنطلق المسألة من حالات طارئة كأن يخضع بعض النّاس، سواء كانوا ذكوراً أو إناثاً، لاعتداء جنسي، وقد يتكرر ذلك معه بحيث يتحوّل إلى عادة يُدمن عليها، ويتطلّبها بوحي الإدمان. وربَّما يخضع لبعض الأوضاع النفسية التي تجعله يتعقّد من المرأة إذا كان ذكراً أو من الرّجل إذا كانت أنثى. الشذوذ يشبه الحالات الإنسانية التي تبحث عن الجديد في اللذة والشهوة، كالذين يأكلون مما لا يؤلف أكله، أو يشربون مما لا يؤلف شربه. عندما ندرس هذه الحالة فإنَّنا نلاحظ أنَّه حتّى اللذة التي يتحدّثون عنها لا تكون لذة كاملة إلاَّ بعد أن يعيش كلّ طرفٍ شخصية الطرف الثاني. أي أنَّ الملوط به يتقمّص في الشذوذ المذكّر شخصية الأنثى، أو تتقمّص السحاقية شخصية الرّجل الذي يلعب دور العنصر الفاعل في هذا المجال، مما يعني أنَّهما يُمارسان المسألة بذهنية الجنس المزدوج أو المتنوّع. مع ملاحظة أخرى هي أنَّ الحالة الطبيعية للمسألة الجنسية بين الذكر والأنثى هي التي يُمثِّل فيها الجنس عملية تفاعل مشترك مع وجود العناصر الطبيعية التي تُمثِّل حالة الاكتفاء الجنسي المتفاعل بينهما، وهذا ما لا يتوفّر في حالة الشذوذ التي نقول عنها بأنَّها أشبه بالحالة المرضية، كما هي الأمراض التي يُدمن عليها الإنسان والتي تؤدي إلى تأثيرات سلبية على حياته. ما معنى الزواج الذي يشرّع بين ذكرين أو أنثيين؟ الزواج لا يمثِّل حالة جنسية فقط، إذ من الممكن أن يصل الإنسان إلى اللذّة الجنسية بواسطة العادية السرية، إنَّما هو عملية تفاعل إنساني طبيعي، يُنتج عنها الأولاد. ماذا تفعل السحاقيتان أو اللواطيان في هذا المقام؟ لذلك فإنَّ الأديان حرّمت الشذوذ الجنسي واعتبرته خطيئة كبيرة، لأنَّ فيه إساءة لمستقبل النوع الإنساني، وإساءة للإنسان بنفسه، بالإضافة إلى أنَّه بدأ الحديث عن أنَّ اللواط هو أحد الأسباب التي تؤدي إلى مرض الإيدز.

البورنوغرافيا...

س: ما هي فتواكم حول موضوع مشاهدة الأفلام الجنسية؟

ج: نحن نحرّم ذلك، لأنَّه يؤدّي إلى فقدان المناعة الأخلاقيّة، كما نحرّم مشاهدة أفلام العنف لغير البالغين أو لبعض البالغين غير الواعين، لأنَّه يؤدّي إلى إيحاءات تربوية سلبية.

س: هل مشاهدة الأفلام الجنسية محرّمة حتّى لدى الزوجين؟

ج: نعم، وهناك جانبان في تحريـم هذه المسألة:

الأول: أنَّ الاعتياد على مشاهدة هذه الأفلام قد يؤدّي إلى فقدان المناعة الأخلاقيّة.

والثاني: أنَّه ربَّما كان الأشخاص الذين يمثِّلون العملية الجنسية في الأفلام من أصحاب الخبرة في التنويع في الحركة الجنسية. وقد تكتشف الزوجة وهي تشاهد هذا الفيلم، أنَّ زوجها مقصّر في العملية الجنسية، أو أنَّه ليس بالمستوى الذي يمكن أن يحقّق لها رغبتها، وقد يكتشف الزوج أنَّ زوجته ليست كهذه المرأة التي يشاهدها في الفيلم، وهذا ما يؤثّر سلباً على الحياة الجنسية بين الزوجين.

… وزواج المتعة؟!

س: يحلّل المسلمون الشيعة زواج المتعة أو الزواج المؤقّت بشروط، كأن تكون المرأة مطلقة أو أرملة.. ولكن الملاحظ أنَّ هذا الزواج يطبّق حتّى بين الفتيات اللواتي لـم يتجاوزن العشرين. ما موقفكم من ذلك؟

ج: الفتاوى الفقهية، في كلِّ أنواع الزيجات وليس في زواج المتعة وحده، تنطلق من مسألة: هل يشترط استئذان الأب أو الجد للأب إذا كانت الفتاة بالغة رشيدة تعرف مصلحتها وحقوقها الشخصية بحيث لا تُخدع، حتّى لو كانت بكراً؟

هناك رأيٌ يقول: أنَّه لا بُدَّ للبكر من أن تستأذن أباها، حتّى لو كان عمرها 50 سنة، حتّى في الزواج الدائم.

وهناك رأيٌ ثانٍ يقول: لا، إنَّ الفتاة الرشيدة، حرّة في قراراتها المصيرية بما يتصل بحياتها الشخصية.

على ضوء الرأي الأول، لا يجوز للبالغة الرشيدة أن تتزوج زواجاً دائماً أو مؤقتاً إلاَّ بإذن أبيها، وعادة لا يقبل بالمؤقت. أمّا إذا كان الأب أو الجد متوفيين، فليس هناك شخص تستأذنه، وإن كان يستحب لها ذلك حتّى لا تخطئ.

أمّا بالنسبة للرأي الثاني، ، إذا كانت الفتاة بحاجة إلى الزواج وخصوصاً إذا كانت عانسا،ً ولـم يتوفر لها الزواج الدائم، فإنَّه لا يجب أن تستأذن جدّها أو أباها، لأنَّ رشدها كافٍ في حمايتها لنفسها، أو أنَّ أباها متوفٍ، فإذا جاز للرّجل أن يتزوج متعة، فيجوز للمرأة أن تتزوج متعة.

س:وإذا لـم تكن قد بلغت سن العنوسة؟

ج: ليس من الضروري أن يكون زواج المتعة مع الدخول. المسألة هي: هل زواج المتعة محرّم أو غير محرّم؟ نحن عندما نصدر هذه الفتوى ننصح الفتاة لا سيّما في المجتمع الشرقي الذي يخضع لتقاليد ويرفض هذا الزواج بحيث يمكن أن تترتب سلبيات على حاضرها أو مستقبلها، بالابتعاد عن هذا الزواج، بل حتّى الابتعاد عن الزواج الدائم من دون رأي الأهل، حذراً من السلبيات التي يمكن أن تتحقّق، بل ربَّما نحرّم ذلك، إذا وصلت السلبيات إلى مستوى يضرّ بالفتاة ضرراً بالغاً.

وجهة نظر إسلامية في تعدّد الزوجات:

س: الإسلام هو الدين الوحيد الذي حلّل تعدّد الزوجات....

ج: المسيحية كانت تبيح ذلك أيضاً، ولكنَّها حرّمته في مراحل معيّنة. نحن نقول أنَّ العالـم يحرّم تعدّد الزوجات، ولكنَّه لا يحرّم تعدّد العلاقات الجنسية. الآن في أوروبا وأميركا حتّى في بلادنا، لا يُعاقب الرّجل عندما تكون له أكثر من عشيقة، حتّى في حالات الزنى، إنَّما يُعاقب في القوانين العلمانية، إذا كان متزوّجاً، لأنَّ في ذلك اعتداء على الحقّ الزوجي. لذلك نقول، لماذا مع كلّ هذه الحرية الجنسية تكثر العلاقات الجنسية في عرضٍ واحد؟

س: ثـمّة رجال «تحت غطاء الحلال» يجمعون بين حلال تعدّد الزواج وحلال زواج المتعة، فتصبح حصيلة الزوجات أكثر من أربع نساء؟

ج: يُقال أنَّ الرّجل، بحسب طبيعته، فإن حساسية الإثارة الجنسية عنده أكثر منها عند المرأة. وأنَّ بلوغ المرأة قمّة الشهوة هو أبطأ من الرّجل. من هنا تحصل الكثير من المشاكل النفسية للنساء بسبب أنانية الرّجل في هذه المسألة. في حين كان الزواج مطلقاً في الجاهلية، أراد الإسلام أن يحدّد المسألة وفرض شروطاً وهي العدل [ وإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة] . العدل أن يتمكن الرّجل من تحمّل مسؤولية حياته الزوجية ويُنفق على زوجاته بالتساوي، ويفتح لكلّ واحدة منهن بيتاً، وينام عند كلّ زوجة ليلة بالتساوي. لذا نقول ما هي المشكلة في تعدّد الزوجات، خصوصاً وأنَّ بعضهم يقول إنَّه إهدار لكرامة المرأة؟! ولكننا نرى أنّه حل لمشكلة المرأة، لأنَّ المرأة الثانية تعاني من مشكلة عدم الزواج.

س: ولكنَّها وجدت حلاً لمشكلتها على حساب الزوجة الأولى؟

ج: عندما يعدل الزوج بين المرأتين، لا يتعدّى الأمر سوى أنَّه حبّ التملّك. أي أنَّ المرأة تريد أن تتملّك الرّجل لوحدها. نحن لا ننكر أنَّ هناك مشاكل تحدث في تعدّد الزوجات، لكنَّنا نتصوّر أنَّ هناك إيجابيات كبيرة، خصوصاً في المجتمعات التي يكون فيها عدد النساء أكثر من عدد الرجال، أو في المجتمعات التي تكثر فيها الحروب. وإنَّني أتصوّر أنَّ الأوضاع الاقتصادية تستطيع أن تخفف هذا التعدّد، كما نلاحظ الآن في الأوضاع التي نعيشها في ظلّ الأزمات الاقتصادية في العالـم.

س: ما الحكمة من تحليل الزواج بأربع نساء وليس بست مثلاً؟

ج: في هذا المعنى، لا نستطيع أن نحدّد لماذا أربع نساء!! لماذا مثلاً صلاة الظهر والعصر والعشاء أربع ركعات؟ لـم يُشرح هذا الموضوع في شكلٍ تفصيلي.

س: كيف تتحدّث صاحب السماحة عن تجربتك الشخصية في الحبّ والزواج؟

ج: لـم أعش تجربة الحبّ بالمعنى الاجتماعي، لأنَّنا كنّا في مجتمع متحفّظ. ولكنَّني أؤمن أنَّ الزواج، عندما يسبقه الحبّ الصافي النقي، فقد يكون منفتحاً على الكثير من الثقافة الزوجية، وهذا ما عبّر عنه في القرآن الكريـم ومن آياته: [ أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة] .

س: ثـمّة من يؤكّد أنَّ الحبّ الذي يأتي بعد الزواج أعمق ويستمر أكثر؟

ج: الحبّ هو حالة نفسية، وإنَّني أتصوّر أنَّ الحبّ الذي يأتي بعد الزواج هو أعمق من الحبّ الذي يأتي قبل الزواج، لأنَّ الحبّ الذي يأتي قبل الزواج قد يأتي من حالة فراغ جنسي وعاطفي ليختلط فيه جانب الشعور المادي بالشعور الروحي.

أشكركم صاحب السماحة على سعة صدركم...

أجرت "مجلة الحسناء" لقاءً حوارياً مع سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله في إشكاليات الاستنساخ، وإطلاق الفتاوى التكفيرية وغيرها من المسائل الاجتماعية والأسرية، ونشر هذا الحوار على صفحات الحسناء في عددها الصادر في تشرين الأول 2001،أجرى الحوار وقدم له هيام بنوت، وجاء فيه:

يجمع سماحة العلاّمة السيِّد محمَّد حسين فضل اللّه مزيجاً من الصفات المثلى في شخصيته الغنية، وهو مرجعية إسلامية كبرى على مستوى الفتوى، وقد أفتى مؤخراً بتحليل الاستنساخ البشري الذي حرّمه معظم رجال الدين، المسلمين والمسيحيين في أنحاء العالـم، ما أحدث ضجة لـم تهدأ بعد...

تحت هذا العنوان قصدت «الحسناء» السيِّد، المليء بالمعرفة والحكمة والمنطق والإيمان والتَّقوى، وسألته في الاستنساخ، فكان بحره مغرياً للغوص في شتى ما اعتقدنا أنَّه يستحق الإضاءة عليه من قِبل العلاّمة المجتهد، خصوصاً وأنَّ سعة صدره ورحابة فكره، كانا رفيقانا في هذه الجلسة الغنية.

سألنا سماحته بداية:

الاستنساخ ليس إبداعاً لقانون جديد:

س: ما خلاصة رأيكم في الاستنساخ البشري، خصوصاً وأنَّكم المرجع الديني الأبرز الذي حلّل الاستنساخ في حين حرّمه معظم رجال الدين من المسلمين والمسيحيين على السواء؟

ج: الاستنساخ هو حدثٌ علمي انطلق من دراسة الأساس في ولادة الكائن الحي، هذا الكائن الذي يولد من خلية تختزن 46 من الكروموزومات، تتوزّع بين النطفة التي تشتمل على 23 كروموزوماً، والبويضة التي تشتمل على عدد مماثل. ومع تلقيح البويضة بالنطفة، تتكامل الخلية. وقد اكتشف العلماء أنَّه من الممكن أن نأخذ خلية فاعلة من الأنثى وتفرّغ البويضة من الكروموزومات ونزرعها في هذه الخلية، ليحصل على العنصر الأساس، فتنطلق الخلية ليولد منها الكائن الحي.

على ضوء هذا فإنَّنا لا نرى أنَّ هذه القضية عملية خلق لتكون منافية للعقيدة الدينية، لأنَّ الخلق ينطلق من إبداع لقانون جديد، ومسألة الاستنساخ ليست إبداعاً لقانون، إذ لا خصوصية للنطفة والبويضة في عملية الولادة، بل إنَّ خصوصيتهما لجهة تكامل الخلية بالتقائهما. وانطلاقاً من ذلك فإنَّ كلّ خلية فاعلة حيّة تختزن ما تختزنه البويضة والنطفة معاً يمكن أن تكون أساساً لولادة الكائن الحي.

أمّا مسألة الاستنساخ البشري فإنَّها جائزة من ناحية طبيعة العناصر الذاتية للعملية. ولكنَّنا نتحفّظ انتظاراً لدراسة المؤثرات السلبية أو الإيجابية الناتجة عنها، فإذا كانت السلبيات أكثر، منعنا ذلك وإذا كانت الإيجابيات أكثر أجزناه.

س: هل تحتمل مسألة حساسة كمسألة الاستنساخ إصدار فتوى بتحليلها، في حين أنَّكم تتحفظون بانتظار النتائج التي قد تكون سلبية كما أشرتـم؟

ج: المسألة لا تنتظر حصول هذا الأمر، لأنَّه بإمكاننا أن ندرس حركية هذا الكائن الإنساني مقارنة مع الأوضاع الاجتماعيّة التي تترتب على ذلك، قبل أن يحدث هذا ويتحرّك في الواقع الاجتماعي.

س: ومتى يمكن التحدّث عن «خرق» للعقيدة الدينية؟

ج: يكون هناك خرق للعقيدة الدينية، عندما يصل الإنسان إلى صنع قانون جديد للوجود لـم يكن متوفراً في الظواهر المتحرّكة في الموجودات، وهذا لـم يحدث. والظاهر أنَّه لن يحدث، لأنَّ كلّ حركية العلم منذ انطلاقته، في أخطائه وإصاباته، حتّى الآن، هي في اكتشاف أسرار الخلق والقوانين والسُنن الكونية والتاريخية في حركة الوجود، ولـم يحدث أن أنتج الإنسان قانوناً جديداً بعد.

الرفض المطلق خطأ... كالقبول المطلق:

س: قد يُستغل العلم أحياناً لأغراض «شيطانية»، وثـمّة من أعلن عن مخاوفه في مسألة الاستنساخ إذا تـمّ الجمع بين الإنسان والحيوان لخلق نوعٍ جديد من المخلوقات؟

ج: إنَّني لا أتصوّر أنَّ العلم يُمثِّل أهدافاً شيطانية في طبيعته، ولكن المشكلة في استخدامات الإنسان لما بين يديه من أدوات وما إلى ذلك. لا تكمن المشكلة في الاكتشاف العلمي الذي يتمثّل في عملية الاستنساخ أو في هندسة الجينات، ولكن في استخدام هذه المعلومات في الإنتاج الشيطاني إذا صح التعبير.

س: وما موقفكم إذا استُغل هذا الحدث العلمي لأغراض سلبية تضرّ بمصالح الإنسان؟

ج: هذا ممكن جداً. المسألة في قضية التحريـم والتحليل تتحرّك من خلال رصد الواقع الذي ينطلق منه هذا أو ذاك الاكتشاف. هناك نقطة يجب أن نعرفها، هو أنَّه من الصعب أن نمنع الإنتاج العلمي حتّى ولو استخدم في نتائج سلبية. لذلك لا بُدَّ لنا من أن نواجه هذه التطوّرات بواقعية، وأن نعمل بطريقة أو بأخرى على توجيه حركة العلم في اتجاه الخير لا في اتجاه الشرّ. إنَّني أتصوّر أنَّ إطلاق الرفض المطلق، هو كإطلاق القبول المطلق، لا يمثِّل واقعية في حركة الحياة. لا بُدَّ لنا من أن نخطّط لاحتواء هذه الأمور ولمحاولة توجيهها إلى ما لا يضرّ بمصلحة الإنسان بحسب ما نملك من طاقة. إنَّ كلّ تاريخ البشرية لـم يكن تاريخ الرفض المطلق. نعرف أنَّ القوانين والرسالات السَّماوية والقوانين الحضارية الوضعية قد أطلقت الكثير من الممنوعات، واستطاعت أن تصنع ذهنية معيّنة، في مواقع واسعة أو ضيقة، ولكنَّها لـم تستطع أن تصل بالنتائج إلى المائة في المائة، لأنَّ الإنسان هو المخلوق الحي المتحرّك دائماً، وهو الذي يبدأ صباحاً بمشاعر وذهنيات معيّنة، وقد تختلف في المساء عمّا كانت، لأنَّ الإنسان يتأثّر بما حوله وبمن حوله، بل يتأثّر حتّى بإحساساته ومشاعره، السلبية والإيجابية. لذلك فإنَّ التجربة أمام كلّ السلبيات لا بُدَّ وأن تخضع في عناصرها المتحرّكة للظروف الواقعية. إنَّنا نجد أنَّ هذا العالـم لا يمثِّل انضباطاً مطلقاً. ففي مثل قضية الاستنساخ البشري نجد دولة كأميركا تمنع ذلك، ومثلها بعض الدول الغربية، ولكنَّنا نرى دولاً أخرى تجيز الأمر.

س: مقاطعة «كيبك» الكندية هي وحدها التي أجازت هذه المسألة؟

ج: إذا كانت أكثرية بين الدول اتخذت القرار بمنع الاستنساخ البشري، فمن المتوقّع أن تزداد أيضاً الدول المانعة. ويُلاحظ أنَّ أميركا في المدّة الأخيرة أباحت مرحلة معيّنة ضمن شروط معيّنة في عملية الاستنساخ البشري. لهذا فإنّي بينما أؤكّد أنَّه لا بُدَّ من أن نمنع استخدام هذا الحدث العلمي في إنتاج السلبيات، أقول أنَّ علينا ألا ندعو بالويل والثبور وعظائم الأمور كما يُقال، عندما تحدث هناك بعض السلبيات، بل أن نحاول مواجهتها لنمنعها أو لنقلل من أخطارها.

ليست مجرّد «مؤامرة صهيونية»:

س: ثـمّة من يعتقد أنَّ اليهود يقفون وراء مسألة الاستنساخ البشري، ليسيّروا البشرية وفقاً لمصالح تخدم اليهودية العالمية؟

ج: لا أعتقد أنَّنا يمكن أن ندخل في حسابنا بشكلٍ دقيق مسألة الخلفيات الدينيّة أو السياسيّة التي تتمثّل في الذين يُمارسون عملية استخدام النظرية، لأنَّه من الممكن جداً أن يكون هذا الإنسان يهودياً، لكنَّه يفكّر بطريقة علمية، ويمكن أن يكون غير يهودي أيضاً ويفكّر بطريقة أخرى. نعرف أنَّ اليهود من خلال «بروتوكولات حكماء صهيون» ومن خلال تاريخهم يُحاولون أن يربكوا كثيراً من القيم في تاريخ البشرية لمصلحة اليهودية العالمية أو الصهيونية العالمية، لكنَّنا لا نستطيع أن نركّز عملية المواجهة في مثل هذا الحدث على هذا الأساس، لأنَّ الواقع الإنساني لا يتقبّل مثل ذلك... ولكن هذا لا يمنعنا من أن نكون حذرين لدراسة إمكانية وجود خلفيات سلبية.

إنَّني أتصوّر أنَّ عملية الاستنساخ لن تكون لها امتدادات واسعة في حياة البشرية، لأنَّ مسألة أن يُنتج الإنسان ولداً مستنسخاً، هي عملية مكلفة اقتصادياً، وتحتاج إلى جهدٍ علمي كبير، بينما نجد أنَّ عملية التوالد الطبيعي، وهي عملية أبسط، تحوّلت إلى مشكلة من خلال سهولتها وبساطتها، حتّى بدأ العالـم يتحدّث عن تنظيم النسل باعتبار أنَّ تكاثر النسل يُسبب مشكلة اقتصادية في العالـم. لذلك أعتقد أنَّ الاستنساخ البشري لن يُسبب مشكلة للبشرية، لأنَّه لا يملك الفرص الاقتصادية للإنتاج الكثير، وهذا ما لاحظناه عندما نجح استنساخ الحيوان. فقد رأينا أنَّ التجارب في عملية الاستنساخ الحيوانية لـم تبلغ عدد أصابع اليد العشرة حتّى الآن.

س: كلّ شيء في بداياته يكون مكلفاً، ومع مرور الوقت تنخفض كلفته؟

ج: هناك نقطة أساسية وهي أنَّ عملية الاستنساخ هي من المسائل التي لا يُمكن أن تُلغي الزواج، لأنَّ الزواج أساساً أو التوالد الطبيعي، حتّى خارج نطاق الزواج، ينطلق من حاجة طبيعية وهي الحاجة الجنسية للرّجل والمرأة معاً، ما يعني أنَّ مثل هذه الوسيلة الطبيعية «لإنتاج الإنسان» تبقى هي الوسيلة الدائمة والعادية والتي تعتبر أمراً شخصياً بالنسبة للرّجل والمرأة. أمّا مسألة الاستنساخ فهي قضية لا تهمّ إلاَّ العلماء أو بعض النّاس، أو ربَّما فئات محدودة جداً منهم. ولهذا أنا لا أجد خطراً كبيراً في الاستنساخ البشري، ولو وجدت هناك أخطار فإنَّه لن يُتاح لهذا الحدث العلمي أن يتوسّع في العالـم.

س: وإذا توسّع مستقبلاً؟

ج: السلبيات الكبرى التي تمثِّل خطراً على المسيرة الإنسانية لن تحدث من خلال تجارب محدودة، وإنَّما من خلال انتشار هذه التجارب وتوسّعها بالمستوى الذي يمثِّل ظاهرة إنسانية كبرى قد تؤثّر على الظاهرة الإنسانية الطبيعية، وهذا مما لا يحدث.

كلّ جديد يُربك:

س: الكثيرون ممن يعتبرونك مرجعاً دينياً يلتزمون فتاواه، لـم يتقبّلوا نفسياً فتواك بتحليل الاستنساخ؟

ج: من الطبيعي أنَّ كلّ شيءٍ جديد يمثِّل أمراً غير مألوف، والنّاس تتأثّر عادة بالمألوف، حتّى أنَّ بعضهم يفسِّر رفضنا للموت بأنَّه أمرٌ غير مألوف، أي غير مألوف في الإحساس، كما يقول المتنبي:

إلف هذا الهواء أوقع في الأنفس إنَّ الحِمَـام مـرّ الـمـذاق

                                               والأسى قبل فرقة الروح عجز والأسـى لا يكون بعد الفراق

أو قوله:

خلقت ألوفاً لو رجعت إلى الصبا                                لفارقت شيبي موجع القلب باكيا

لذلك نجد أنَّ النّاس تستغرب غير المألوف، ولكنَّني أعتقد أنَّ الاستمرار في تقريب الفكرة للنّاس قد يجعلهم يشعرون بأنَّها عادية، تماماً كما في مسألة طفل الأنبوب. فقد كان النّاس يستغربون طفل الأنبوب، وربَّما كان بعضهم يُطلق فتاوى بتحريمه، ولكن طفل الأنبوب أصبح أمراً طبيعياً، حتّى أنَّه أصبح حلاً لمشكلة الكثيرين من النساء اللواتي لا يستطعن الحمل بشكلٍ طبيعي.

س: كيف تردّ على بعض رجال الدين الذين يقولون إنَّ هذا التحليل فيه امتثال للشيطان انطلاقاً من الآية القرآنية التي تقول: [فيغيرون في خلق اللّه] ؟

ج: هذه الآية كانت محل جدل بين المفسِّرين، لأنَّها بحسب الفهم الظاهري تقتضي بأن لا نغيّر أيّ شيء في خلق اللّه. أن لا نغيّر الجبال، ولا نغيّر الأرض، لأنَّ هذا كلّه تغيير لخلق اللّه. وهذا يعني أنَّ اللّه خلق الكون على صورة معيّنة وأيّ تطوير لهذه الصورة يكون تغييراً لخلق اللّه. لذلك فإنَّهم يقولون بأنَّه لا يمكن أن نأخذ مدلول هذه الآية بشكلٍ مطلق. لهذا أفتينا وأفتى الكثير من العلماء بحليّة عمليات التجميل. فنحن نجد أنَّ بعض الأشخاص قد يخلقون بأنف ضخم، أو بيد تشتمل على ستة أصابع، أو قد يُصابون بتشويه أثناء الحمل في أعضاء الجنس، أو إنسان يُخلق «مزدوج الجنس» (الذي يُسمّى بالخنثى). فهل الجراحة التجميلية بالنسبة لهذه الحالات فيها تغيير لخلق اللّه بحسب مدلول المسألة؟ لذلك يُفسِّر بعض النّاس بأنَّ المسألة لا تتحدّث في التغيير المادي للخلق، بل أنَّ هناك آية تقول: [ فطرة اللّه التي فطر النّاس عليها لا تبديل لخلق اللّه]  . إنَّ القضية تتصل بعالـم الفطرة الإنسانية التي تنفتح على مسألة التوحيد للّه، وهذا هو المعنى الذي عبّر عنه في [ لا تبديل لخلق اللّه] . إنَّ بعض النّاس يغيّرون الفطرة على «طريقة كلّ مولود يولد على الفطرة إلاَّ أنَّ أبويه يهوّدانه أو ينصّرانه أو يمجسانه». فالآية هي محل جدل حول تفسيرها.

ثانياً: إنَّ الاستنساخ البشري ليس تغييراً لخلق اللّه. اللّه خلق الإنسان بهذه الصورة، والاستنساخ هو شكل آخر من خلق اللّه للإنسان. من أين خلق هذا المولود المستنسخ؟ من خلية. من الذي خلق هذه الخلية؟ ومن الذي أودع فيها سرّ النموّ؟ إنَّ اللّه هو الذي خلقها وهو الذي أودع فيها سرّ الخلق.

لذلك نحن لـم نغير خلق اللّه، بل استهدينا إلى خلق اللّه في إيجاد شكل آخر يلتقي مع الشكل الطبيعي في أساس الخلق. وهذا لا يُمثِّل تغييراً لخلق اللّه.

أمامنا الكثير من الدراسات بعد...

س: لا شك أنَّك درست مسألة الاستنساخ من جميع جوانبها وقبل إصدار فتوى تحليلها، فنسألك ما هي طبيعة المخاوف التي راودتك أثناء دراستك لهذه المسألة؟

ج: لـم يكن عندي خوفٌ من المعارضة للرأي، لأنَّني أعتقد أنَّ على الإنسان أن يقول كلمته بغضّ النظر عن ردود الفعل، طالما هو يؤمن بأنَّ كلمته تمثِّل الحقيقة ـ على الأقل من وجهة نظري، وقد قلت أنَّني لا أدّعي العصمة لنفسي، ولكن هذا ما انتهيت إليه في أبحاثي. وإذا كانت هناك أيّة وجهة نظر أخرى، فأنا مستعد أن أدخل في الحوار معها. فإذا اكتشفت الخطأ فإنَّ لديّ الشجاعة للتراجع عن رأيي. أمّا قضية الخوف من الأخطار المستقبلية، فإنَّني لـم أطلق الرأي بشكلٍ مطلق، وإنَّما أطلقته مع التحفّظات. مما يعني أنَّ أمامنا الكثير من الدراسات للسلبيات والإيجابيات لنتابع إعطاء الفتوى، سواء بالطريقة السلبية أو الإيجابية، الأمر مرتبط بنتائج الدراسات.

لا للاستسهال في إطلاق الفتاوى:

س: صدرت في الفترة الأخيرة، فتاوى من بعض رجال الدين بحقّ الفنانين، فرموهم بالتكفير والإساءة إلى الإسلام، وطالبوا بهدر دمهم. ما موقفكم من هذه الفتاوى؟

ج: أعتقد أنَّ هناك نوعاً من أنواع الاستسهال في فتاوى التكفير في هذه المرحلة. إنَّ مسألة أن يكون الإنسان كافراً، سواء كان مسيحياً أو مسلماً، هي أن يجحد الأصول العقيدية التي ترتكز عليها العقيدة في الديانتين المسيحية والمسلمة. ففي الإسلام مثلاً، أن يجحد توحيد اللّه أو يجحد النبوة أو يجحد اليوم الآخر، أو يجحد أنَّ القرآن هو كتاب اللّه. أمّا ما عدا ذلك فإنَّه لا يوجب الكفر، هناك عنوان يتحدّث عنه الفقهاء وهو إنكار ما هو بديهي من الدين، كإنكار وجوب الصلاة، أو الصوم مثلاً، وهما عقيدتان دينيتان بديهيتان. قد يقولون بأنَّ «منكر الضروري كافر»، ولكنَّنا نقول وفاقاً لكثير من الفقهاء، أنَّ إنكار الضروري أي البديهي، إنَّما يكون موجباً للكفر، لأنَّه يؤدّي إلى تكذيب النبيّ. فإذا لـم يكن المنكر ملتفتاً إلى هذه الملازمة بين إنكاره وبين تكذيب النبيّ، لـم يكن كافراً. ربَّما يقوم بعض النّاس ببعض الممارسات التي قد تسيء إلى بعض المقدسات الدينية، لكن الإساءة إلى بعض المقدسات لا يوجب الكفر، ولا يوجب إهدار الدم إذا لـم يكن هناك حدّ شرعي معيّن في هذا المجال. لذلك نرى أنَّ جماعة كثيرين ممن لـم يؤصلوا مسألة الكفر والإيمان، بل حاولوا أن يتحرّكوا فيها بالسطح. ثُمَّ أنَّ بعض النّاس لـم يدقّقوا في العمل الفني سواء على مستوى الأغنية أو المسرحية أو القصة أو ما شابه ذلك، ولـم يدرسوه دراسة دقيقة ليقرّروا إذا كان فيه كفر أو ليس فيه كفر.

عندما أثيرت قضية «مارسيل خليفة» في مسألة التغني بالقرآن، انطلقت الكلمات الحادّة على أساس أنَّ التغنّي بالقرآن على الطريقة الغنائية المعروفة قد يُسيء إلى كرامته وقد يؤدّي إلى إسقاط حرمته. ولكن في دراستنا وجدنا أنَّ الفنان «مارسيل خليفة» تغنّى بالقصيدة التي كتبها محمود درويش وعندما وصل إلى الفقرة القرآنية لـم يغنّها بالطريقة الاستهلاكية في الألحان، التي تسيء إلى القرآن. وهكذا عندما أثيرت قضايا مماثلة حول الفنان الكويتي عبد اللّه الرويشد وغيره من الفنانين... نحن نرفض كلمة التكفير في ما لا يكون كفراً، حتّى لو كان فيها إساءة، لأنَّ الإساءة لا توجب الكفر، وإنَّما توجب الفسق بحسب المصطلح الفقهي، فضلاً عن مسألة إهدار الدم. إنَّ هذه الأمور قد تسيء إلى صورة الإسلام سواء في داخل واقع المسلمين أو في خارج واقعهم.

نوال السعداوي ليست مرتدة:

س: هل تابعتم قضية نوال السعدي، وما موقفكم من الفتوى بوجوب تطليقها من زوجها؟

ج: هناك فتوى يلتقي عليها كلّ المسلمين، وهي أنَّ الزواج يُفسخ إذا ارتدّ أحد الزوجين عن الإسلام، (إذا كان مسلماً)، كما حصل في مسألة نصر حامد أبو زيد الذي أُفتي بانفصال زوجته عنه للحكم بارتداده، أو في مسألة نوال السعداوي التي أُفتيَ بانفصالها عن زوجها لأنَّها صارت مرتدة. في قضية نصر حامد أبو زيد، أعلن أنَّه لا يزال مسلماً وينطق بالشهادتين. وقد زارني وتحدّث بصراحة عن موقفه وحاول أن يؤول بعض ما نُسب إليه من التشكيك في فهم النبيّ للقرآن أو ما أشبه ذلك، مما يُعتبر نوعاً من الإساءة إلى عقيدة النبوّة، لكنَّه أعلن أنَّه مسلم وبأنَّه قصد معنى آخر. ونحن عندنا تُدرأ الحدود بالشبهات. أمّا بالنسبة لـ «نوال السعداوي» فقد قرأت أنَّه نُسب إليها تهمة الكفر باعتبار أنَّها ذكرت بأنَّ الحج هو من تقاليد الوثنيين. ومن الطبيعي أنَّ الحج هو من الأصول الشرعية الإسلامية وهو من أركان الإسلام. فالقول أنَّه وثني يُنافي العقيدة الإسلامية. أمّا الحديث بأنَّه كان موجوداً في زمن الجاهلية، فالمسلمون لا ينكرون ذلك باعتبار أنَّهم يرَون أنَّ الحج بدأ منذ عهد النبيّ إبراهيم الخليل الذي بنى البيت والذي ذكر القرآن أنَّ اللّه قال له  وأذّن للنّاس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كلّ ضامرٍ يأتين من كلّ فجٍ عميق ليشهدوا منافع لهم. وقد حفلت الجاهلية، ولا سيّما في مكة أو في المنطقة العربية، بالسير على التشريعات الإبراهيمية. لذلك فإنَّ الذين اتّهموا نوال السعداوي بالردّة، أكّدوا على هذا النص، ولكنَّها عندما وقفت وأنكرت أن تكون قد قالت ذلك، أو أوّلته، أو أنَّ الصحافة تصرّفت بالنص، عند ذلك، حُكم بأنَّها ليست مرتدة.

برامج الألعاب التلفزيونية...

س: أثيرت في الفترة الأخيرة، زوبعة حول برامج الألعاب، من بينها «من سيربح المليون». فهل توافقون على تحريـم هذه البرامج؟

ج: لقد أصدرنا أكثر من فتوى في أنَّ مسألة «من سيربح المليون» ليس فيها أيّ أساس للتحريـم، وأنَّها مجرّد جائزة تُعطى لمن يجيب على أسئلة تطرح عليه في البرنامج، عدا أن البرنامج يشتمل على الثقافة. أمّا قضية أنَّ الاتصالات الهاتفية فيها «أكلاً للمال الباطل»، فلم أفهم علاقة ذلك بأكل المال الباطل، لأنَّ الإنسان يتصل عادة هاتفياً ليحصل على جائزة أو فرصة.

ختان البنات... حرام:

س: هل ختان الفتيات أمرٌ واجب في الإسلام؟

ج: الختان بالنسبة للذكور أمرٌ واجب في الإسلام، ويتحدّث الكثيرون عن فوائده الصحية وإن كانت بعض الدراسات الأخيرة في الغرب لا ترى فيه هذه الفوائد. أمّا بالنسبة إلى الفتيات بأنَّ الختان ليس مستحبّاً شرعياً، لأنَّه ليس سنّة إسلامية بل كان عادة في الجاهلية، تمثِّل في ذلك الوقت لوناً من ألوان التجميل بحسب العُرف المتّبع آنذاك. وقد صدر عن النبيّ (ص) في نصحه للاتي كنّ يقمن بختان البنات، بأن لا يسئن إليهن باستخدام هذه الطريقة لأنَّها مؤذية. ونحن أفتينا بأنَّ مثل هذه العادة للبنات، إذا كانت تضرّ بمستقبلهن الجنسي أو لها آثار سلبية، فإنَّه يحرّم ممارستها، لأنَّه لا يجوز للإنسان أن يضرّ نفسه، وبالتالي فلا يجوز للفتاة حتّى لو كانت بالغة، أن تُمارس ذلك، إذا كان فيه ضرر جسدي لها، بحيث يؤثّر على مستقبل حياتها الزوجية. كما لا يجوز للآباء أن يقوموا بختان بناتهن إذا كان ذلك مضراً لهن، لأنَّه لا سلطة للأب للإضرار بأولاده في أي مجال.

الزواج والشذوذ:

س: كيف تفسِّر انتشار ظاهرة الشذوذ الجنسي في العالـم العربي، بعد أن أُلقي القبض على 52 شخصاً في مصر بتهمة الشذوذ؟

ج: قد ينطلق الشذوذ من تربية معيّنة، كأن يربى الولد بطريقة يتقمّص فيها شخصية الأنثى أو أنَّ تتربى الأنثى بطريقة تتقمّص فيها شخصية الذكر. وربَّما تنطلق المسألة من حالات طارئة كأن يخضع بعض النّاس، سواء كانوا ذكوراً أو إناثاً، لاعتداء جنسي، وقد يتكرر ذلك معه بحيث يتحوّل إلى عادة يُدمن عليها، ويتطلّبها بوحي الإدمان. وربَّما يخضع لبعض الأوضاع النفسية التي تجعله يتعقّد من المرأة إذا كان ذكراً أو من الرّجل إذا كانت أنثى. الشذوذ يشبه الحالات الإنسانية التي تبحث عن الجديد في اللذة والشهوة، كالذين يأكلون مما لا يؤلف أكله، أو يشربون مما لا يؤلف شربه. عندما ندرس هذه الحالة فإنَّنا نلاحظ أنَّه حتّى اللذة التي يتحدّثون عنها لا تكون لذة كاملة إلاَّ بعد أن يعيش كلّ طرفٍ شخصية الطرف الثاني. أي أنَّ الملوط به يتقمّص في الشذوذ المذكّر شخصية الأنثى، أو تتقمّص السحاقية شخصية الرّجل الذي يلعب دور العنصر الفاعل في هذا المجال، مما يعني أنَّهما يُمارسان المسألة بذهنية الجنس المزدوج أو المتنوّع. مع ملاحظة أخرى هي أنَّ الحالة الطبيعية للمسألة الجنسية بين الذكر والأنثى هي التي يُمثِّل فيها الجنس عملية تفاعل مشترك مع وجود العناصر الطبيعية التي تُمثِّل حالة الاكتفاء الجنسي المتفاعل بينهما، وهذا ما لا يتوفّر في حالة الشذوذ التي نقول عنها بأنَّها أشبه بالحالة المرضية، كما هي الأمراض التي يُدمن عليها الإنسان والتي تؤدي إلى تأثيرات سلبية على حياته. ما معنى الزواج الذي يشرّع بين ذكرين أو أنثيين؟ الزواج لا يمثِّل حالة جنسية فقط، إذ من الممكن أن يصل الإنسان إلى اللذّة الجنسية بواسطة العادية السرية، إنَّما هو عملية تفاعل إنساني طبيعي، يُنتج عنها الأولاد. ماذا تفعل السحاقيتان أو اللواطيان في هذا المقام؟ لذلك فإنَّ الأديان حرّمت الشذوذ الجنسي واعتبرته خطيئة كبيرة، لأنَّ فيه إساءة لمستقبل النوع الإنساني، وإساءة للإنسان بنفسه، بالإضافة إلى أنَّه بدأ الحديث عن أنَّ اللواط هو أحد الأسباب التي تؤدي إلى مرض الإيدز.

البورنوغرافيا...

س: ما هي فتواكم حول موضوع مشاهدة الأفلام الجنسية؟

ج: نحن نحرّم ذلك، لأنَّه يؤدّي إلى فقدان المناعة الأخلاقيّة، كما نحرّم مشاهدة أفلام العنف لغير البالغين أو لبعض البالغين غير الواعين، لأنَّه يؤدّي إلى إيحاءات تربوية سلبية.

س: هل مشاهدة الأفلام الجنسية محرّمة حتّى لدى الزوجين؟

ج: نعم، وهناك جانبان في تحريـم هذه المسألة:

الأول: أنَّ الاعتياد على مشاهدة هذه الأفلام قد يؤدّي إلى فقدان المناعة الأخلاقيّة.

والثاني: أنَّه ربَّما كان الأشخاص الذين يمثِّلون العملية الجنسية في الأفلام من أصحاب الخبرة في التنويع في الحركة الجنسية. وقد تكتشف الزوجة وهي تشاهد هذا الفيلم، أنَّ زوجها مقصّر في العملية الجنسية، أو أنَّه ليس بالمستوى الذي يمكن أن يحقّق لها رغبتها، وقد يكتشف الزوج أنَّ زوجته ليست كهذه المرأة التي يشاهدها في الفيلم، وهذا ما يؤثّر سلباً على الحياة الجنسية بين الزوجين.

… وزواج المتعة؟!

س: يحلّل المسلمون الشيعة زواج المتعة أو الزواج المؤقّت بشروط، كأن تكون المرأة مطلقة أو أرملة.. ولكن الملاحظ أنَّ هذا الزواج يطبّق حتّى بين الفتيات اللواتي لـم يتجاوزن العشرين. ما موقفكم من ذلك؟

ج: الفتاوى الفقهية، في كلِّ أنواع الزيجات وليس في زواج المتعة وحده، تنطلق من مسألة: هل يشترط استئذان الأب أو الجد للأب إذا كانت الفتاة بالغة رشيدة تعرف مصلحتها وحقوقها الشخصية بحيث لا تُخدع، حتّى لو كانت بكراً؟

هناك رأيٌ يقول: أنَّه لا بُدَّ للبكر من أن تستأذن أباها، حتّى لو كان عمرها 50 سنة، حتّى في الزواج الدائم.

وهناك رأيٌ ثانٍ يقول: لا، إنَّ الفتاة الرشيدة، حرّة في قراراتها المصيرية بما يتصل بحياتها الشخصية.

على ضوء الرأي الأول، لا يجوز للبالغة الرشيدة أن تتزوج زواجاً دائماً أو مؤقتاً إلاَّ بإذن أبيها، وعادة لا يقبل بالمؤقت. أمّا إذا كان الأب أو الجد متوفيين، فليس هناك شخص تستأذنه، وإن كان يستحب لها ذلك حتّى لا تخطئ.

أمّا بالنسبة للرأي الثاني، ، إذا كانت الفتاة بحاجة إلى الزواج وخصوصاً إذا كانت عانسا،ً ولـم يتوفر لها الزواج الدائم، فإنَّه لا يجب أن تستأذن جدّها أو أباها، لأنَّ رشدها كافٍ في حمايتها لنفسها، أو أنَّ أباها متوفٍ، فإذا جاز للرّجل أن يتزوج متعة، فيجوز للمرأة أن تتزوج متعة.

س:وإذا لـم تكن قد بلغت سن العنوسة؟

ج: ليس من الضروري أن يكون زواج المتعة مع الدخول. المسألة هي: هل زواج المتعة محرّم أو غير محرّم؟ نحن عندما نصدر هذه الفتوى ننصح الفتاة لا سيّما في المجتمع الشرقي الذي يخضع لتقاليد ويرفض هذا الزواج بحيث يمكن أن تترتب سلبيات على حاضرها أو مستقبلها، بالابتعاد عن هذا الزواج، بل حتّى الابتعاد عن الزواج الدائم من دون رأي الأهل، حذراً من السلبيات التي يمكن أن تتحقّق، بل ربَّما نحرّم ذلك، إذا وصلت السلبيات إلى مستوى يضرّ بالفتاة ضرراً بالغاً.

وجهة نظر إسلامية في تعدّد الزوجات:

س: الإسلام هو الدين الوحيد الذي حلّل تعدّد الزوجات....

ج: المسيحية كانت تبيح ذلك أيضاً، ولكنَّها حرّمته في مراحل معيّنة. نحن نقول أنَّ العالـم يحرّم تعدّد الزوجات، ولكنَّه لا يحرّم تعدّد العلاقات الجنسية. الآن في أوروبا وأميركا حتّى في بلادنا، لا يُعاقب الرّجل عندما تكون له أكثر من عشيقة، حتّى في حالات الزنى، إنَّما يُعاقب في القوانين العلمانية، إذا كان متزوّجاً، لأنَّ في ذلك اعتداء على الحقّ الزوجي. لذلك نقول، لماذا مع كلّ هذه الحرية الجنسية تكثر العلاقات الجنسية في عرضٍ واحد؟

س: ثـمّة رجال «تحت غطاء الحلال» يجمعون بين حلال تعدّد الزواج وحلال زواج المتعة، فتصبح حصيلة الزوجات أكثر من أربع نساء؟

ج: يُقال أنَّ الرّجل، بحسب طبيعته، فإن حساسية الإثارة الجنسية عنده أكثر منها عند المرأة. وأنَّ بلوغ المرأة قمّة الشهوة هو أبطأ من الرّجل. من هنا تحصل الكثير من المشاكل النفسية للنساء بسبب أنانية الرّجل في هذه المسألة. في حين كان الزواج مطلقاً في الجاهلية، أراد الإسلام أن يحدّد المسألة وفرض شروطاً وهي العدل [ وإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة] . العدل أن يتمكن الرّجل من تحمّل مسؤولية حياته الزوجية ويُنفق على زوجاته بالتساوي، ويفتح لكلّ واحدة منهن بيتاً، وينام عند كلّ زوجة ليلة بالتساوي. لذا نقول ما هي المشكلة في تعدّد الزوجات، خصوصاً وأنَّ بعضهم يقول إنَّه إهدار لكرامة المرأة؟! ولكننا نرى أنّه حل لمشكلة المرأة، لأنَّ المرأة الثانية تعاني من مشكلة عدم الزواج.

س: ولكنَّها وجدت حلاً لمشكلتها على حساب الزوجة الأولى؟

ج: عندما يعدل الزوج بين المرأتين، لا يتعدّى الأمر سوى أنَّه حبّ التملّك. أي أنَّ المرأة تريد أن تتملّك الرّجل لوحدها. نحن لا ننكر أنَّ هناك مشاكل تحدث في تعدّد الزوجات، لكنَّنا نتصوّر أنَّ هناك إيجابيات كبيرة، خصوصاً في المجتمعات التي يكون فيها عدد النساء أكثر من عدد الرجال، أو في المجتمعات التي تكثر فيها الحروب. وإنَّني أتصوّر أنَّ الأوضاع الاقتصادية تستطيع أن تخفف هذا التعدّد، كما نلاحظ الآن في الأوضاع التي نعيشها في ظلّ الأزمات الاقتصادية في العالـم.

س: ما الحكمة من تحليل الزواج بأربع نساء وليس بست مثلاً؟

ج: في هذا المعنى، لا نستطيع أن نحدّد لماذا أربع نساء!! لماذا مثلاً صلاة الظهر والعصر والعشاء أربع ركعات؟ لـم يُشرح هذا الموضوع في شكلٍ تفصيلي.

س: كيف تتحدّث صاحب السماحة عن تجربتك الشخصية في الحبّ والزواج؟

ج: لـم أعش تجربة الحبّ بالمعنى الاجتماعي، لأنَّنا كنّا في مجتمع متحفّظ. ولكنَّني أؤمن أنَّ الزواج، عندما يسبقه الحبّ الصافي النقي، فقد يكون منفتحاً على الكثير من الثقافة الزوجية، وهذا ما عبّر عنه في القرآن الكريـم ومن آياته: [ أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة] .

س: ثـمّة من يؤكّد أنَّ الحبّ الذي يأتي بعد الزواج أعمق ويستمر أكثر؟

ج: الحبّ هو حالة نفسية، وإنَّني أتصوّر أنَّ الحبّ الذي يأتي بعد الزواج هو أعمق من الحبّ الذي يأتي قبل الزواج، لأنَّ الحبّ الذي يأتي قبل الزواج قد يأتي من حالة فراغ جنسي وعاطفي ليختلط فيه جانب الشعور المادي بالشعور الروحي.

أشكركم صاحب السماحة على سعة صدركم...

اقرأ المزيد
نسخ النص نُسِخ!
تفسير