الزّهراء (ع): حياةٌ قصيرةٌ حافلةٌ بالدّروس والمواقف

الزّهراء (ع): حياةٌ قصيرةٌ حافلةٌ بالدّروس والمواقف

يكثر الحديث في هذه المناسبات عن صاحب المناسبة أو صاحبة المناسبة، وقد نحتاج إلى الكثير الكثير من مفردات حياة صاحب المناسبة العظيمة أو صاحبة المناسبة العظيمة، من أجل أن ندخل أكثر في حياة عظماء التّاريخ، لأننا كلّما استطعنا أن نتابع حياتهم أكثر، وأن نلتقط من حياتهم الكثير مما كانوا يقولونه أو يعملونه، فإننا نستطيع أن نغني تجربتنا في كلّ ما ينتظرنا من قضايا الحياة ومن مشاكلها وأوضاعها.

إنّنا لسنا أبناء الماضي، ولكن الماضي يمثّل بالنسبة إلينا شيئاً من الجذور، ويمثّل بالنّسبة إلينا الدروس التي ربما يموت بعضها في الماضي فلا يعود له دور، ويبقى بعضها، فينطلق إلى الحاضر وإلى المستقبل.

تاريخٌ لا يذكر الكثير

عندما نريد أن ندرس سيرة الزّهراء (ع) فيما كتبه تاريخها، فإنّنا لن نستطيع أن نجد الكثير الكثير، إلّا بعض اللّقطات التي يتحدّث فيها التّاريخ عن حياتها مع أبيها رسول الله (ص)، حتى إنّه لا يحكي لنا الكثير من مفردات هذه الحياة.

ثم نلاحظ أنّ حديث هذا التّاريخ عن الزهراء المهاجرة، لا يعطينا شيئاً سوى أنّه يذكر اسمها مع المهاجرين والمهاجرات الذين جاؤوا بعد هجرة الرّسول (ص). ثم بعد ذلك في زواجها، هناك مفردات صغيرة جداً في حياتها كزوجة وفي حياتها كأمّ. حتى نشاطها في داخل المجتمع الإسلاميّ، كان في التاريخ محدوداً برواية أو روايتين. ثم نلاحظ أنّ التاريخ يفيض في ما لا نحتاجه في مسألة زواجها والجوانب الغيبيّة في زواجها، فيما تحتفل به السماء، وفي الاحتفالات التي حدثت هناك وما إلى ذلك.

وهكذا، نجد أنّ التاريخ الصّحيح وغير الصّحيح أفاض في الحديث عن أحزانها، وربما كان بعض هذا الحديث غير دقيق، فأنا لا أتصوَّر الزهراء (ع) إنسانةً لا شغل لها في اللَّيل والنَّهار إلا البكاء، وأنا لا أتصوّر الزّهراء (ع)، وهي المنفتحة على الإسلام، وعلى قضاء الله وقدره، إنسانة ينزعج أهل المدينة - كما يقرأ قرّاء التعزية - من بكائها. حتى إذا كان الفقيد في مستوى رسول الله (ص)، فإنَّ ذلك لا يلغي معنى الصّبر؛ الصّبر قيمة إسلاميّة تجعل الإنسان المسلم يتماسك ويتوازن حتى في أشدّ الحالات قساوةً، وفي أشدّ الحالات صعوبةً.

عاطفة الزّهراء (ع)

لذلك، أمام هذه المفردات الصّغيرة في التاريخ عن الزّهراء (ع)، نحتاج أن نستوحي هذه المفردات، فنحن نجد في الزّهراءِ الطّفلةِ وعيَ الإنسانةِ التي تجاوزت عمرها إلى المستوى الذي أعطت عاطفتها، وهي عاطفةٌ طفلةٌ وليدة، مستوى أن تملأ قلب رسول الله وإحساسه بالعاطفة، حتى كانت "أمّ أبيها".

ومن خلال ذلك، نستوحي أنّ تربية أطفالنا على أساس وعي عاطفتهم وحنانهم، يمكن أن يعطينا كآباء وكأمّهات رصيداً كبيراً من حنان الأبناء والبنات، بالشّكل الذي يخفِّف متاعبنا عندما نعيش حياتنا، بحيث يتحوَّل الطفل إلى أب وأمّ، تماماً كما يعيش الأب والأمّ المعنى الأبويّ والأموميّ بالنّسبة إلى الطفل. وربما نلاحظ في التّوجيه النبويّ الشّريف: "من كان عنده صبيّ فليتصابَ له"[1]، أن يتحوَّل الأب إلى طفل يمثّل الطفولة مع طفله، وأن تتحوَّل الأمّ إلى طفلة تمثّل الطّفولة مع طفلتها. قد نحتاج إلى أن نستوحي هذه المسألة الصّغيرة جداً، التي لا نملك فيها الكثير من التفاصيل، قد نحتاج استيحاءها في شيء يتّصل بتربية عاطفة الأطفال بنحوٍ تكون عاطفة منفتحة.

على خطى الرّسول (ص)

وهكذا، نلاحظ أنّ الزهراء (ع) عندما عاشت مع أبيها رسول الله (ص)، كانت تدرس ذهنيّته من خلال دراستها لرسالته، كانت تعرف ما يحبّ وما يبغض، ما يفتح قلبه وما يغلق قلبه. ومن هنا، رأيناها عندما أقبل رسول الله عليها عائداً من سفره، ثم عندما حدّق فيها وفي البيت، رجع دون أن يتكلّم بكلمة، وعرفت أنّ رسول الله قد أثقله شيء، وفكّرت وهي تحدّق فيما في البيت، فرأت أنّ هناك كساءً كان جديدًا وقد جعلته ستراً في بيتها، أو قلادة لبستها مما أهداها إيّاها عليّ (ع) من بعض غنائم الحرب، فجمعت الكساء والقلادة وأرسلتهما مع ابنيها، وقالت لهما: "انطلقا إلى أبي فأقرئاه السّلام، وقولا له: ما أحدثنا بعدك غير هذا، فشأنك به"[2]. وهكذا رأينا أن هذه الأريحيّة هزّت الرّسول (ص)، وقال أمام المسلمين وهو على المنبر، كما تقول الرواية: "فداها أبوها، فداها أبوها، فداها أبوها، ما لآل محمّد وللدّنيا؟! فإنّهم خلقوا للآخرة"[3].

إنّنا نستوحي من هذه القصّة الصّغيرة، ومن خلال الأجواء التي نجدها في العلاقة بين الزّهراء (ع) والرسول (ص)، نستوحي أنّ الزهراء كانت إنسانة تشعر بالحاجة إلى أن تتعمّق في الانفتاح على قلب أبيها الّذي رعته بعاطفتها وهي طفلة، والانفتاح على مسؤوليّة أبيها فيما يختصّ بمسؤوليّتها بأن تجسّد المثل الحيّ في ما يمثّله آل بيت الرّسول في نظرة الناس إليهم.

وهذا المعنى نستوحيه مع كلّ ابنة رساليّة الفكر، عندما يكون أبوها رساليّ الخطّ والمسؤوليّة، أو في كلّ امرأة تتّصل بإنسان يعيش بعداً رساليّاً في حياته، أن لا تستغرق في ذاتيّاتها، بل أن تنفتح على مسؤوليّة أبيها أو زوجها أو أخيها أو ابنها، لتتكامل معه في حركة المسؤوليّة، حتى لا تُثقل مسؤوليّته، لأنّنا قد نجد أنّ الكثير من العظماء في التّاريخ أو الحاضر، يُثقلهم أوضاع النّاس الذين يحيطون بهم، عندما يفكّرون هم رساليّاً، ويفكر الناس الذين يقربون إليهم أو يلتفّون حولهم، طبقيّاً، فتشعر البنت بأنها ابنة فلان العظيم، ولذلك تتعاظم على الناس، أو تشعر الزوجة بأنها زوجة فلان الكبير، ولذلك تتكبَّر على النّاس، أو الأمّ بأنها أمّ الإنسان الذي يملك موقعاً متقدِّماً، وهكذا.

نستوحي من ذلك أشياء كثيرة في مواقع الكثيرات من النّساء، بأيّ صفة كنّ، عندما يعشن إلى جانب شخصيّة مسؤولة، أيّاً كانت درجة هذه العلاقة أو هذا الارتباط.

ثم من خلال ذلك، نستوحي أنّ الزهراء (ع) في وعيها الرّساليّ، كانت الإنسانة التي تتمرَّد على حاجاتها الشخصيَّة في سبيل طموحاتها الرساليَّة. وكانت الإنسانة التي تدخل في موازنة بين المبدأ وبين حاجة الذّات. والكثيرون منّا، رجالاً أو نساءً، يسقطون عندما تكون المسألة عندهم هي الخيار بين متطلّبات المبدأ ومتطلّبات الذات، فيفضّلون متطلّبات الذات على متطلّبات المبدأ، وربما يجعلون المبدأ في خدمة الذّات، فيثقلون المبدأ بحاجاتهم الشخصيّة، ويسخّرون الناس من حولهم، الذين ارتبطوا بهم ارتباطاً مبدئياً، في حاجاتهم الخاصّة.

ربّة البيت القانعة

ثم نلاحظ من بعض هذا الإيحاء، أنَّ الزهراء (ع) كانت ربّة بيت عاديّة. ولا أقصد بكلمة عاديّة التقليل من شأنها، فهي سيّدة نساء العالمين، ولكنّها كانت كأيّ امرأة أخرى؛ بل ربّما كانت مشاكلها البيتيّة في صحّتها، وفي تتابعها لأولادها، وفقدانها لأيّ مساعدة من أيّ إنسانة أخرى، إلّا في آخر حياتها، كانت كأيّ امرأة تعيش بشكل طبيعيّ؛ تطحن وتعجن وتخبز وتطبخ، وتقوم بكلّ الشؤون التي تتطلّبها طبيعة مسؤوليّة ربّة البيت في بيتها. ولم ينقل عنها أنها تأفّفت أو حتى انزعجت. حتى إنَّنا نراها عندما ذهبت مع عليّ (ع) إلى أبيها رسول الله (ص)، ليطلب خادماً يهيِّئه لهما رسول الله، لم تكن هي المبادرة، كان عليّ (ع) هو المبادر، لأنّه كان يحدّث عنها أنها طحنت بالرّحى حتى أثَّر في صدرها، وأنها عجنت حتى مجُلَت يداها وتعقّدت، وكنست البيت حتى اغبرّت ثيابها مع الضّعف الصحّي. لم تكن هي المبادرة، كان عليّ هو المبادر. ولم ينفتح عليهما رسول الله في هذا الطّلب، لأنه كان لا يجد إمكانيّة أن يهيّئ لها خادمة، أو كان لا يريد أن يميّزها عن بقيّة نساء المسلمين في خادم باعتبار أنها ابنة رسول الله. ولذلك، علّمها تسبيحة الزهراء. قال (ص): "أفلا أعلّمكما ما هو خير لكما من الخادم؟ إذا أخذتما منامكما، فسبّحا ثلاثاً وثلاثين، واحمدا ثلاثاً وثلاثين، وكبّرا أربعاً وثلاثين"[4]. وهكذا خلِّد تسبيح الزهراء (ع).

نشعر بأنها كانت تعيش حياتها بشكلٍ عفويّ طبيعيّ، كانت لا تفرض نفسها في آلامها على الآخرين، كما يشكو الكثيرون عندما يتحدّثون عن آلامهم للآخرين، وإنما كانت تعيش حياتها بكلّ هدوء، وبكلّ قوّة، وبكلّ رضى المؤمنة وطمأنينتها.

ونستوحي من ذلك، أنّ الإنسان منّا، سواء كان رجلاً أو امرأةً، عندما يعيش مسؤوليّة معيّنة؛ مسؤوليَّة أبوّة فيما هو الرّجل، أو مسؤوليّة أمومة فيما هي المرأة، أو مسؤوليّة زوجيّةٍ في الرجل والمرأة، أو مسؤوليّة مهمّةٍ في البيت أو خارج البيت... إنّ على الإنسان أن يواجه مسؤوليّته بإخلاص، وأن يعرف أنَّه مهما كانت درجته، فهو ليس أكبر من أن يمارس مسؤوليَّته؛ فالمرأة مهما كانت درجتها الطبقيّة، ليست أكبر من أن تخدم زوجها وأولادها وأباها وإخوتها، والرجل مهما كان عظيماً، ليس أكبر من أن يخدم أولاده وزوجته وأباه وأمّه وإخوته ومن هو مسؤول عنهم.

مسألة الخدمة؛ أن يخدم أحدنا الآخر في دائرة مسؤوليّته، ليست مسألة تتّصل بالكرامة، إنها مسألة تتّصل بالإنسانيّة، والإنسان عندما يوجد على الأرض - أيّ إنسان منّا - هو خادم للنّاس الآخرين، والنّاس الآخرون يخدمونه. ليس هناك إنسان خادم بالمطلق، وليس هناك إنسان سيّد بالمطلق، كلّ إنسان منّا سيّد في دائرة وخادمٌ في دائرة أخرى.

العمل المنزليّ عطاءٌ

لذلك، العقليّة التي ولدت عندنا في دائرة النّساء المسلمات، في احتقار شغل البيت، أو في دائرة الرجال المسلمين، في احتقار مشاركة المرأة في شغل البيت، هذه عقليّة غير إسلامية. في أحاديثنا، أنّ الزهراء (ع) تقاضت مع عليّ (ع) عند رسول الله حتى يقسم العمل بينهما، فصار الاتّفاق على أساس أنّ الزهراء تطحن وتعجن وتخبز، وأنّ عليّاً يكنس البيت ويستقي الماء ويحتطب. إنّ المسألة كانت بشكل طبيعيّ جداً، من دون أن تعطي أيّ معنى في انخفاض الشخصيّة هنا، أو ارتفاع الشخصيّة هناك.

نحن قلنا مراراً إنَّ الله لم يفرض على ابنة أو على زوجة أن تخدم في بيت أبيها أو في بيت زوجها بالمعنى الشَّرعيّ الإلزاميّ، ولكنَّ الله أراد للإنسان عندما يعيش في أيّ موقع يتطلّب المشاركة، أن يندفع طبيعيّاً بحسب طاقته، حتى يشارك في هذه الطّاقة وفي تفجير هذه الطّاقة. الإنسان الذي يقف في موقع المسؤوليَّة، ليستغلّ ما رخَّص الله له فيه وما لم يلزمه به، هو إنسانٌ لا يعيش الإحساس بموقعه الإنسانيّ تجاه الإنسان الآخر.

الله عندما لم يلزم المرأة بالعمل البيتي أو ما يشبه العمل البيتي، من خلال تربية الأطفال أو الإرضاع، لم يرد للمرأة أن تكون سلبيّة أمام ذلك، ولكنّه أراد لها أن تكون إنسانة العطاء، في أن تقدِّم من قلبها ومن طاقتها ومن وعيها، أن تقدّم لهذا الموقع الذي تشارك فيه، ما لا يجب عليها من خلال العطاء. {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ}[الإنسان: 9]، إنما نشتغل لكم لوجه الله، إنما نخدمكم لوجه الله، إنما نضحّي لوجه الله، كما نصلّي لوجه الله ونصوم لوجه الله.

جهاد المرأة

بعض الناس يفكّرون في حركة مسؤوليّتهم في الحياة في الحسابات الماديّة، ونحن كمؤمنين ومؤمنات، لا بدّ أن نفكّر في الحسابات الإلهيّة إلى جانب الحسابات الدنيويّة. نحن عبيد الله، ونريد أن يحبّنا الله، والله يحبّنا إذا فعلنا ما يرضيه، سواء كان ما يرضيه مما أوجبه علينا أو مما استحبّه لنا. وعندما يأتي الحديث: "جهاد المرأة حسن التبعّل"[5]، أن تكون امرأةً صالحة في حياة زوجها، فإنّه يعرف شدّة المعاناة فيما تعيشه المرأة مع زوجها، وفيما تصبر على أذى زوجها، وفيما تلاحظ فيه إحساسات زوجها، حتى فيما يُثقل إحساساتها.. لو لم تكن هناك معاناة كبيرة جداً، لما أطلق عليها النبيّ (ص) كلمة الجهاد. نحن نعرف أنّ الجهاد لدى المجاهدين يثقلهم حتى يأخذ منهم أرواحهم، معنى ذلك، أنّ المرأة تعاني مع زوجها حتى تكاد تفقد روحها معه، فإذا صبرت صبر الواعين، صبر الإنسانة التي تملك حتى شرعاً في أن تمتنع، فإنها تعتبر من المجاهدات.

أوَّل مؤلِّفة في الإسلام

ثم ننطلق مع الزهراء (ع) في مسؤوليّتها الثقافيّة التربوية في المجتمع، كانت تجمع نساء المهاجرين والأنصار وتلقي عليهم الدروس، وكانت أوّل مؤلّفة وكاتبة في الإسلام.

مصحف الزّهراء ليس قرآناً بدل القرآن، كما يتحدّث بعض النّاس المغرضين. كلمة المصحف ليس المراد بها القرآن، كما بيّنّا أكثر من مرّة، كلمة المصحف يُراد منها ما يكون مؤلَّفاً من صحف، أي من أوراق. كانت تكتب فيه ما تسمعه من رسول الله (ص) من أحكام شرعيّة ومن وصايا ومواعظ ونصائح، وهذا الكتاب ليس موجوداً عندنا، بل كان موجوداً عند أئمَّة أهل البيت (ع)، وكان الإمام الصّادق (ع) يحدِّث بعض حديثه، ويفتي ببعض فتاواه، ويقول إنّها من مصحف جدّتي فاطمة الزّهراء (ع). كانت تكتب ما تسمع، وكانت تلقي ما تكتب وتسمع. كانت تتحمَّل مسؤوليَّة العلم في حياتها.

ووحي هذه المسألة، أنَّ المرأة لا بدَّ أن تتحمّل مسؤوليّة العلم؛ مسؤوليّة ما تسمع، ومسؤوليّة ما تفكّر، ومسؤوليّة ما تدرس، أن تعمل على أن تكتب ذلك بحجم إمكاناتها في الكتابة، وأن تلقي ذلك على أقرب الناس إليها في الحياة ما أمكنها ذلك.

لماذا لا يكون لدينا كاتبات مسلمات؟ إنّ المسألة تبدأ في موضوع الإنشاء تكتبه الطالبة في المدرسة، وعندما تقرأ أكثر وتطالع وتفكّر وتسمع وتحاول أن تدرّب نفسها على الكتابة، قد تكتشف نفسها من حيث تدري أو لا تدري أنها مشروع كاتبة مستقبليّة. أنا أعرف الشّهيدة المجاهدة بنت الهدى، عاشت معنا في النجف، وكانت في البداية تكتب بشكل عاديّ وبسيط جداً، حتى كنّا نصحّح لها بعض ما تكتبه. أذكر أنها أرسلت إليّ بعض قطع الشّعر التي كتبتها بعدما نُشِرَتْ قصيدتي "الأساليب القديمة" في مجلّة " الأضواء" سنة 1380ه، أي قبل 33 سنة، وأرسلَتْ قصيدةً تحاكي فيها القصيدة، وكان هناك بعض الأخطاء فيها. ولكنّ الشهيدة بنت الهدى كانت تكتب وتكتب وتدرِّس وتنتقل من مكان إلى آخر، حتى أصبحت من المسلمات الكاتبات اللاتي ينتفع المسلمون والمسلمات بكتاباتها.

إنَّ على المرأة أن لا تحتقر طاقتها ولا تحتقر إمكاناتها، قد يكتشف الإنسان نفسه بالتجربة، فإذا لم يجرّب، لا يكتشف نفسه.

لذلك، إننا نحتاج إلى حركة المرأة الفكريّة، وحركة المرأة الأدبيّة والثقافيّة، وحركة المرأة في خطّ الدعوة إلى الله. وهذا ما نستوحيه من الزهراء (ع) أوّل مؤلّفة في الإسلام. وهذه من الأمور التي لا يعرفها الكثيرون من النّاس.

المنتفِضَة للحقّ

وهكذا، نجد أنّ الزهراء (ع)، ربّة البيت المشغولة بأولادها والمشغولة ببيتها وبزوجها وأبيها، انتفضت عندما رأت أنّ هناك حقّاً يضيع، وأنّ هناك مشكلة برزت، مشكلة خاصّة، وهي عامّة في مدلولها، وهي حقّها في "فدك"، ومشكلة عامّة، وهي حقّ أمير المؤمنين (ع) في الخلافة. إنها لم تقل ما لي وللدّخول في هذا المعترك، شعرت بأنّ موقعها كابنة رسول الله، يفرض عليها أن تقيم الحجّة على المسلمين جميعاً، لأنَّ المسلمين كانوا يقدّرونها ويعظّمونها ويحترمونها، لأنهم كانوا يرون رسول الله يقدِّرها ويحترمها.

وأنا لا أتفاعل مع كثيرٍ من الأحاديث التي تقول بأنّ القوم كسروا ضلعها أو ضربوها على وجهها أو ما إلى ذلك. إنّني أتحفّظ عن كثيرٍ من هذه الروايات، كما أنقل عن المرحوم السيّد عبد الحسين شرف الدّين، وقد التقيت به في صور في أوائل الخمسينات، وسألته عن ذلك، قال الثّابث عندنا أنّ القوم جاؤوا بالحطب على باب الزّهراء، فقالوا لهم إنّ فيها فاطمة، قالوا "وإن".

ثم رأينا أنَّ الشيخين أبا بكر وعمر جاءا يطلبان المسامحة من الزّهراء (ع)، ما يدلّ على أنّ الزهراء كانت تحتفظ بقيمتها في المجتمع المسلم حتى من كبار الصحابة. لذلك، استفادت من موقعها، ووقفت لتخطب خطبتها المعروفة التي تدلّ على سعة أفقها الثقافي، وقوّتها في الحجّة وفي البرهان. ثمّ إنها تحدّثت مع المهاجرين والأنصار، وأقنعتهم وقالوا لها: لو أنَّ عليّاً ذكر لنا قبل ذلك لكنَّا معه، ولكنّنا بايعنا. ثم جلست مع نساء المهاجرين والأنصار، وتحدّثت بقسوة عن رجالهنّ لينقلن كلامها إلى رجالهنّ.

عندما شعرت (ع) بأنَّ هناك مشكلة إسلاميّة، وقفت بكلّ قوَّة، وهي الإنسانة التي لم يسبق لها أن وقفت خطيبةً في أيّ مجتمع، ولم يسبق لها أن دخلت في أيّ مجتمع من مجتمعات الرّجال، لكنَّها عندما شعرت بأنَّ مسؤوليَّة الإسلام تفرض عليها ذلك، انطلقت على أساس هذه المسؤوليَّة.

مسؤوليّة التصدّي والمواجهة

وهذا معنى نستوحيه؛ أنَّ المرأة حتى لو كانت في مستوى فاطمة الزّهراء (ع)، ليست بأكبر من  أن تواجه الموقف السياسيّ أو الاجتماعيّ الّذي يفرض على المسلمين أن يواجهوه بالقوّة والحسم في كلّ المجالات. إنّنا نستوحي من الزّهراء (ع) أنها كانت - وهي الإنسانة الأمّ والزوجة المخدَّرة المحجّبة - تشعر بأنَّ الواجب عندما يدعوها لأن تقف في مجتمع الرِّجال لتخطب وتتحدَّث مع الرِّجال في الحقّ، فإنّها ملزمة بذلك.

وقد تعلّمت منها ابنتها السيّدة زينب (ع) ذلك في مواقفها. لم ينقل لنا أن زينب (ع) طيلة حياتها مع أبيها في الكوفة، وطيلة حياتها مع إخوتها في المدينة، أنها دخلت مجتمع الرجال، أو أنها التقت برجال، أو أنها خطبت، أو انها مارست أيّ عمل من هذه الأعمال الاجتماعيّة العامّة، ولكنّنا رأينا زينب (ع) تخطب وتقف وتتحدّى كما لو كانت قضت كلّ حياتها في الخطابة وفي التحدّي وفي المواجهة.

إنّ الإسلام يريد للمرأة أن تملأ شخصيّتها بكلّ ما يبني لها قوّة العقل وقوّة الموقف، ويفسح لها المجال لأن تعيش حياتها الخاصّة، لكن إذا دعاها داعي الواجب في مسألة التحدّي السياسي أو التحدي الاجتماعي أو التحدي الأمني أو التحدي الثقافي، عند ذلك، لا بدّ أن تنطلق وتقف وتواجه وتتحدّى وتصارع كأيّ إنسان يتحمّل المسؤوليَّة.

وقد لا نحتاج إلى الإفاضة في ذلك، عندما نجد مشاركة المسلمات في صدر الدّعوة الإسلاميّة الأولى، وعندما نجد مشاركة المسلمات في الجهاد ولو في المواقع الخلفيّة.

هذا أمر نستوحيه من الزهراء (ع)، لنتحمّل مسؤوليتنا رجالاً ونساءً في مواجهة كلّ القضايا الفكرية والسياسية والاجتماعية الّتي تواجه العالم الإسلاميّ كلَّه، والّتي تعمل على إسقاط الإسلام في العالم الإسلاميّ، وعلى إسقاط العالم الإسلاميّ سياسيّاً واقتصاديّاً واجتماعيّاً. للمرأة دورها في هذا الموقع، بحسب ما تتّسع له طاقاتها، وما تملكه ظروفها، وللرّجل دوره في هذا الموقع، بحسب ما تتّسع له طاقاته وما يتناسب مع ظروفه.

ونحن نقرأ {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ}[التّوبة: 71]. والأمر بالمعروف يتّسع لكلّ نواحي الحياة الإنسانيّة في خطّ الإسلام مما يُراد إقامته، والنّهي عن المنكر يتّسع لكلّ مواقع الحياة الإنسانيّة في خطّ الإسلام مما يراد إزالته.

الحياد ممنوع!

لذلك، عندما نتطلّع إلى الزّهراء ذات الثّمانية عشر ربيعاً، أو على أكثر الرّوايات ذات الثّمانية والعشرين ربيعاً، عندما نتطلَّع إلى كلّ هذه الحياة الغنيّة المتعدِّدة الأبعاد، القويَّة المواقف، المنفتحة على الله في روحانيَّتها وفي معرفتها، عندما نتطلَّع إلى ذلك، فإنَّ ذلك يجعلنا نجرّب أن نجد أكثر من فاطمة في أكثر من موقع، ولو بنسبة الواحد في المئة أو بنسبة العشرة في المئة.

الزهراء (ع) كانت أنثى، وكانت إنسانة، وكانت مسلمة. ولذلك، فإنها كانت تعيش إنسانيَّتها وبشريَّتها وأنثويَّتها، كانت تعيش ذلك، ولكن في خطِّ التَّوازن. الإسلام لا يلغي للمرأة أيَّ جانب، ولكن لا يريد لجانبٍ أن يطغى على جانبٍ آخر؛ في المرأة يريد ذلك، وفي الرّجل يريد ذلك.

ونحن في موقع إسلاميّ صعب، وفي مرحلة إسلاميّة من أصعب مراحل الإسلام على مستوى الدّاخل والخارج. لذلك، مشكلة المسلمين في هذه المرحلة وفي مراحل متقدّمة، أن الكثيرين منهم يقعدون على الحياد، وينسحبون من ساحة الصّراع، ويخذلون الحقّ، ويكتفون بأن لا ينصروا الباطل. إنّ الإسلام يريد من الإنسان أن لا ينصر الباطل، ولكن أن ينصر الحقّ في الوقت نفسه.

هذه بعض إيحاءات ذكرى الزّهراء (ع) فيما نتطلّع إليه، وعلينا أن نختزن هذه الإيحاءات في عقولنا وقلوبنا وحياتنا.

والحمد لله ربِّ العالمين.

*محاضرة ألقاها سماحته بتاريخ: 16-12- 1992م. 


[1]  ميزان الحكمة، محمّد الريشهري، ج4، ص 3670.

[2] بحار الأنوار، العلّامة المجلسي: ج43، ص 83.

[3] بحار الأنوار/ ج43، ص 86.

[4]  بحار الأنوار، العلّامة المجلسي، ج 43، ص83.

[5] بحار الأنوار، ج97، ص 7.

يكثر الحديث في هذه المناسبات عن صاحب المناسبة أو صاحبة المناسبة، وقد نحتاج إلى الكثير الكثير من مفردات حياة صاحب المناسبة العظيمة أو صاحبة المناسبة العظيمة، من أجل أن ندخل أكثر في حياة عظماء التّاريخ، لأننا كلّما استطعنا أن نتابع حياتهم أكثر، وأن نلتقط من حياتهم الكثير مما كانوا يقولونه أو يعملونه، فإننا نستطيع أن نغني تجربتنا في كلّ ما ينتظرنا من قضايا الحياة ومن مشاكلها وأوضاعها.

إنّنا لسنا أبناء الماضي، ولكن الماضي يمثّل بالنسبة إلينا شيئاً من الجذور، ويمثّل بالنّسبة إلينا الدروس التي ربما يموت بعضها في الماضي فلا يعود له دور، ويبقى بعضها، فينطلق إلى الحاضر وإلى المستقبل.

تاريخٌ لا يذكر الكثير

عندما نريد أن ندرس سيرة الزّهراء (ع) فيما كتبه تاريخها، فإنّنا لن نستطيع أن نجد الكثير الكثير، إلّا بعض اللّقطات التي يتحدّث فيها التّاريخ عن حياتها مع أبيها رسول الله (ص)، حتى إنّه لا يحكي لنا الكثير من مفردات هذه الحياة.

ثم نلاحظ أنّ حديث هذا التّاريخ عن الزهراء المهاجرة، لا يعطينا شيئاً سوى أنّه يذكر اسمها مع المهاجرين والمهاجرات الذين جاؤوا بعد هجرة الرّسول (ص). ثم بعد ذلك في زواجها، هناك مفردات صغيرة جداً في حياتها كزوجة وفي حياتها كأمّ. حتى نشاطها في داخل المجتمع الإسلاميّ، كان في التاريخ محدوداً برواية أو روايتين. ثم نلاحظ أنّ التاريخ يفيض في ما لا نحتاجه في مسألة زواجها والجوانب الغيبيّة في زواجها، فيما تحتفل به السماء، وفي الاحتفالات التي حدثت هناك وما إلى ذلك.

وهكذا، نجد أنّ التاريخ الصّحيح وغير الصّحيح أفاض في الحديث عن أحزانها، وربما كان بعض هذا الحديث غير دقيق، فأنا لا أتصوَّر الزهراء (ع) إنسانةً لا شغل لها في اللَّيل والنَّهار إلا البكاء، وأنا لا أتصوّر الزّهراء (ع)، وهي المنفتحة على الإسلام، وعلى قضاء الله وقدره، إنسانة ينزعج أهل المدينة - كما يقرأ قرّاء التعزية - من بكائها. حتى إذا كان الفقيد في مستوى رسول الله (ص)، فإنَّ ذلك لا يلغي معنى الصّبر؛ الصّبر قيمة إسلاميّة تجعل الإنسان المسلم يتماسك ويتوازن حتى في أشدّ الحالات قساوةً، وفي أشدّ الحالات صعوبةً.

عاطفة الزّهراء (ع)

لذلك، أمام هذه المفردات الصّغيرة في التاريخ عن الزّهراء (ع)، نحتاج أن نستوحي هذه المفردات، فنحن نجد في الزّهراءِ الطّفلةِ وعيَ الإنسانةِ التي تجاوزت عمرها إلى المستوى الذي أعطت عاطفتها، وهي عاطفةٌ طفلةٌ وليدة، مستوى أن تملأ قلب رسول الله وإحساسه بالعاطفة، حتى كانت "أمّ أبيها".

ومن خلال ذلك، نستوحي أنّ تربية أطفالنا على أساس وعي عاطفتهم وحنانهم، يمكن أن يعطينا كآباء وكأمّهات رصيداً كبيراً من حنان الأبناء والبنات، بالشّكل الذي يخفِّف متاعبنا عندما نعيش حياتنا، بحيث يتحوَّل الطفل إلى أب وأمّ، تماماً كما يعيش الأب والأمّ المعنى الأبويّ والأموميّ بالنّسبة إلى الطفل. وربما نلاحظ في التّوجيه النبويّ الشّريف: "من كان عنده صبيّ فليتصابَ له"[1]، أن يتحوَّل الأب إلى طفل يمثّل الطفولة مع طفله، وأن تتحوَّل الأمّ إلى طفلة تمثّل الطّفولة مع طفلتها. قد نحتاج إلى أن نستوحي هذه المسألة الصّغيرة جداً، التي لا نملك فيها الكثير من التفاصيل، قد نحتاج استيحاءها في شيء يتّصل بتربية عاطفة الأطفال بنحوٍ تكون عاطفة منفتحة.

على خطى الرّسول (ص)

وهكذا، نلاحظ أنّ الزهراء (ع) عندما عاشت مع أبيها رسول الله (ص)، كانت تدرس ذهنيّته من خلال دراستها لرسالته، كانت تعرف ما يحبّ وما يبغض، ما يفتح قلبه وما يغلق قلبه. ومن هنا، رأيناها عندما أقبل رسول الله عليها عائداً من سفره، ثم عندما حدّق فيها وفي البيت، رجع دون أن يتكلّم بكلمة، وعرفت أنّ رسول الله قد أثقله شيء، وفكّرت وهي تحدّق فيما في البيت، فرأت أنّ هناك كساءً كان جديدًا وقد جعلته ستراً في بيتها، أو قلادة لبستها مما أهداها إيّاها عليّ (ع) من بعض غنائم الحرب، فجمعت الكساء والقلادة وأرسلتهما مع ابنيها، وقالت لهما: "انطلقا إلى أبي فأقرئاه السّلام، وقولا له: ما أحدثنا بعدك غير هذا، فشأنك به"[2]. وهكذا رأينا أن هذه الأريحيّة هزّت الرّسول (ص)، وقال أمام المسلمين وهو على المنبر، كما تقول الرواية: "فداها أبوها، فداها أبوها، فداها أبوها، ما لآل محمّد وللدّنيا؟! فإنّهم خلقوا للآخرة"[3].

إنّنا نستوحي من هذه القصّة الصّغيرة، ومن خلال الأجواء التي نجدها في العلاقة بين الزّهراء (ع) والرسول (ص)، نستوحي أنّ الزهراء كانت إنسانة تشعر بالحاجة إلى أن تتعمّق في الانفتاح على قلب أبيها الّذي رعته بعاطفتها وهي طفلة، والانفتاح على مسؤوليّة أبيها فيما يختصّ بمسؤوليّتها بأن تجسّد المثل الحيّ في ما يمثّله آل بيت الرّسول في نظرة الناس إليهم.

وهذا المعنى نستوحيه مع كلّ ابنة رساليّة الفكر، عندما يكون أبوها رساليّ الخطّ والمسؤوليّة، أو في كلّ امرأة تتّصل بإنسان يعيش بعداً رساليّاً في حياته، أن لا تستغرق في ذاتيّاتها، بل أن تنفتح على مسؤوليّة أبيها أو زوجها أو أخيها أو ابنها، لتتكامل معه في حركة المسؤوليّة، حتى لا تُثقل مسؤوليّته، لأنّنا قد نجد أنّ الكثير من العظماء في التّاريخ أو الحاضر، يُثقلهم أوضاع النّاس الذين يحيطون بهم، عندما يفكّرون هم رساليّاً، ويفكر الناس الذين يقربون إليهم أو يلتفّون حولهم، طبقيّاً، فتشعر البنت بأنها ابنة فلان العظيم، ولذلك تتعاظم على الناس، أو تشعر الزوجة بأنها زوجة فلان الكبير، ولذلك تتكبَّر على النّاس، أو الأمّ بأنها أمّ الإنسان الذي يملك موقعاً متقدِّماً، وهكذا.

نستوحي من ذلك أشياء كثيرة في مواقع الكثيرات من النّساء، بأيّ صفة كنّ، عندما يعشن إلى جانب شخصيّة مسؤولة، أيّاً كانت درجة هذه العلاقة أو هذا الارتباط.

ثم من خلال ذلك، نستوحي أنّ الزهراء (ع) في وعيها الرّساليّ، كانت الإنسانة التي تتمرَّد على حاجاتها الشخصيَّة في سبيل طموحاتها الرساليَّة. وكانت الإنسانة التي تدخل في موازنة بين المبدأ وبين حاجة الذّات. والكثيرون منّا، رجالاً أو نساءً، يسقطون عندما تكون المسألة عندهم هي الخيار بين متطلّبات المبدأ ومتطلّبات الذات، فيفضّلون متطلّبات الذات على متطلّبات المبدأ، وربما يجعلون المبدأ في خدمة الذّات، فيثقلون المبدأ بحاجاتهم الشخصيّة، ويسخّرون الناس من حولهم، الذين ارتبطوا بهم ارتباطاً مبدئياً، في حاجاتهم الخاصّة.

ربّة البيت القانعة

ثم نلاحظ من بعض هذا الإيحاء، أنَّ الزهراء (ع) كانت ربّة بيت عاديّة. ولا أقصد بكلمة عاديّة التقليل من شأنها، فهي سيّدة نساء العالمين، ولكنّها كانت كأيّ امرأة أخرى؛ بل ربّما كانت مشاكلها البيتيّة في صحّتها، وفي تتابعها لأولادها، وفقدانها لأيّ مساعدة من أيّ إنسانة أخرى، إلّا في آخر حياتها، كانت كأيّ امرأة تعيش بشكل طبيعيّ؛ تطحن وتعجن وتخبز وتطبخ، وتقوم بكلّ الشؤون التي تتطلّبها طبيعة مسؤوليّة ربّة البيت في بيتها. ولم ينقل عنها أنها تأفّفت أو حتى انزعجت. حتى إنَّنا نراها عندما ذهبت مع عليّ (ع) إلى أبيها رسول الله (ص)، ليطلب خادماً يهيِّئه لهما رسول الله، لم تكن هي المبادرة، كان عليّ (ع) هو المبادر، لأنّه كان يحدّث عنها أنها طحنت بالرّحى حتى أثَّر في صدرها، وأنها عجنت حتى مجُلَت يداها وتعقّدت، وكنست البيت حتى اغبرّت ثيابها مع الضّعف الصحّي. لم تكن هي المبادرة، كان عليّ هو المبادر. ولم ينفتح عليهما رسول الله في هذا الطّلب، لأنه كان لا يجد إمكانيّة أن يهيّئ لها خادمة، أو كان لا يريد أن يميّزها عن بقيّة نساء المسلمين في خادم باعتبار أنها ابنة رسول الله. ولذلك، علّمها تسبيحة الزهراء. قال (ص): "أفلا أعلّمكما ما هو خير لكما من الخادم؟ إذا أخذتما منامكما، فسبّحا ثلاثاً وثلاثين، واحمدا ثلاثاً وثلاثين، وكبّرا أربعاً وثلاثين"[4]. وهكذا خلِّد تسبيح الزهراء (ع).

نشعر بأنها كانت تعيش حياتها بشكلٍ عفويّ طبيعيّ، كانت لا تفرض نفسها في آلامها على الآخرين، كما يشكو الكثيرون عندما يتحدّثون عن آلامهم للآخرين، وإنما كانت تعيش حياتها بكلّ هدوء، وبكلّ قوّة، وبكلّ رضى المؤمنة وطمأنينتها.

ونستوحي من ذلك، أنّ الإنسان منّا، سواء كان رجلاً أو امرأةً، عندما يعيش مسؤوليّة معيّنة؛ مسؤوليَّة أبوّة فيما هو الرّجل، أو مسؤوليّة أمومة فيما هي المرأة، أو مسؤوليّة زوجيّةٍ في الرجل والمرأة، أو مسؤوليّة مهمّةٍ في البيت أو خارج البيت... إنّ على الإنسان أن يواجه مسؤوليّته بإخلاص، وأن يعرف أنَّه مهما كانت درجته، فهو ليس أكبر من أن يمارس مسؤوليَّته؛ فالمرأة مهما كانت درجتها الطبقيّة، ليست أكبر من أن تخدم زوجها وأولادها وأباها وإخوتها، والرجل مهما كان عظيماً، ليس أكبر من أن يخدم أولاده وزوجته وأباه وأمّه وإخوته ومن هو مسؤول عنهم.

مسألة الخدمة؛ أن يخدم أحدنا الآخر في دائرة مسؤوليّته، ليست مسألة تتّصل بالكرامة، إنها مسألة تتّصل بالإنسانيّة، والإنسان عندما يوجد على الأرض - أيّ إنسان منّا - هو خادم للنّاس الآخرين، والنّاس الآخرون يخدمونه. ليس هناك إنسان خادم بالمطلق، وليس هناك إنسان سيّد بالمطلق، كلّ إنسان منّا سيّد في دائرة وخادمٌ في دائرة أخرى.

العمل المنزليّ عطاءٌ

لذلك، العقليّة التي ولدت عندنا في دائرة النّساء المسلمات، في احتقار شغل البيت، أو في دائرة الرجال المسلمين، في احتقار مشاركة المرأة في شغل البيت، هذه عقليّة غير إسلامية. في أحاديثنا، أنّ الزهراء (ع) تقاضت مع عليّ (ع) عند رسول الله حتى يقسم العمل بينهما، فصار الاتّفاق على أساس أنّ الزهراء تطحن وتعجن وتخبز، وأنّ عليّاً يكنس البيت ويستقي الماء ويحتطب. إنّ المسألة كانت بشكل طبيعيّ جداً، من دون أن تعطي أيّ معنى في انخفاض الشخصيّة هنا، أو ارتفاع الشخصيّة هناك.

نحن قلنا مراراً إنَّ الله لم يفرض على ابنة أو على زوجة أن تخدم في بيت أبيها أو في بيت زوجها بالمعنى الشَّرعيّ الإلزاميّ، ولكنَّ الله أراد للإنسان عندما يعيش في أيّ موقع يتطلّب المشاركة، أن يندفع طبيعيّاً بحسب طاقته، حتى يشارك في هذه الطّاقة وفي تفجير هذه الطّاقة. الإنسان الذي يقف في موقع المسؤوليَّة، ليستغلّ ما رخَّص الله له فيه وما لم يلزمه به، هو إنسانٌ لا يعيش الإحساس بموقعه الإنسانيّ تجاه الإنسان الآخر.

الله عندما لم يلزم المرأة بالعمل البيتي أو ما يشبه العمل البيتي، من خلال تربية الأطفال أو الإرضاع، لم يرد للمرأة أن تكون سلبيّة أمام ذلك، ولكنّه أراد لها أن تكون إنسانة العطاء، في أن تقدِّم من قلبها ومن طاقتها ومن وعيها، أن تقدّم لهذا الموقع الذي تشارك فيه، ما لا يجب عليها من خلال العطاء. {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ}[الإنسان: 9]، إنما نشتغل لكم لوجه الله، إنما نخدمكم لوجه الله، إنما نضحّي لوجه الله، كما نصلّي لوجه الله ونصوم لوجه الله.

جهاد المرأة

بعض الناس يفكّرون في حركة مسؤوليّتهم في الحياة في الحسابات الماديّة، ونحن كمؤمنين ومؤمنات، لا بدّ أن نفكّر في الحسابات الإلهيّة إلى جانب الحسابات الدنيويّة. نحن عبيد الله، ونريد أن يحبّنا الله، والله يحبّنا إذا فعلنا ما يرضيه، سواء كان ما يرضيه مما أوجبه علينا أو مما استحبّه لنا. وعندما يأتي الحديث: "جهاد المرأة حسن التبعّل"[5]، أن تكون امرأةً صالحة في حياة زوجها، فإنّه يعرف شدّة المعاناة فيما تعيشه المرأة مع زوجها، وفيما تصبر على أذى زوجها، وفيما تلاحظ فيه إحساسات زوجها، حتى فيما يُثقل إحساساتها.. لو لم تكن هناك معاناة كبيرة جداً، لما أطلق عليها النبيّ (ص) كلمة الجهاد. نحن نعرف أنّ الجهاد لدى المجاهدين يثقلهم حتى يأخذ منهم أرواحهم، معنى ذلك، أنّ المرأة تعاني مع زوجها حتى تكاد تفقد روحها معه، فإذا صبرت صبر الواعين، صبر الإنسانة التي تملك حتى شرعاً في أن تمتنع، فإنها تعتبر من المجاهدات.

أوَّل مؤلِّفة في الإسلام

ثم ننطلق مع الزهراء (ع) في مسؤوليّتها الثقافيّة التربوية في المجتمع، كانت تجمع نساء المهاجرين والأنصار وتلقي عليهم الدروس، وكانت أوّل مؤلّفة وكاتبة في الإسلام.

مصحف الزّهراء ليس قرآناً بدل القرآن، كما يتحدّث بعض النّاس المغرضين. كلمة المصحف ليس المراد بها القرآن، كما بيّنّا أكثر من مرّة، كلمة المصحف يُراد منها ما يكون مؤلَّفاً من صحف، أي من أوراق. كانت تكتب فيه ما تسمعه من رسول الله (ص) من أحكام شرعيّة ومن وصايا ومواعظ ونصائح، وهذا الكتاب ليس موجوداً عندنا، بل كان موجوداً عند أئمَّة أهل البيت (ع)، وكان الإمام الصّادق (ع) يحدِّث بعض حديثه، ويفتي ببعض فتاواه، ويقول إنّها من مصحف جدّتي فاطمة الزّهراء (ع). كانت تكتب ما تسمع، وكانت تلقي ما تكتب وتسمع. كانت تتحمَّل مسؤوليَّة العلم في حياتها.

ووحي هذه المسألة، أنَّ المرأة لا بدَّ أن تتحمّل مسؤوليّة العلم؛ مسؤوليّة ما تسمع، ومسؤوليّة ما تفكّر، ومسؤوليّة ما تدرس، أن تعمل على أن تكتب ذلك بحجم إمكاناتها في الكتابة، وأن تلقي ذلك على أقرب الناس إليها في الحياة ما أمكنها ذلك.

لماذا لا يكون لدينا كاتبات مسلمات؟ إنّ المسألة تبدأ في موضوع الإنشاء تكتبه الطالبة في المدرسة، وعندما تقرأ أكثر وتطالع وتفكّر وتسمع وتحاول أن تدرّب نفسها على الكتابة، قد تكتشف نفسها من حيث تدري أو لا تدري أنها مشروع كاتبة مستقبليّة. أنا أعرف الشّهيدة المجاهدة بنت الهدى، عاشت معنا في النجف، وكانت في البداية تكتب بشكل عاديّ وبسيط جداً، حتى كنّا نصحّح لها بعض ما تكتبه. أذكر أنها أرسلت إليّ بعض قطع الشّعر التي كتبتها بعدما نُشِرَتْ قصيدتي "الأساليب القديمة" في مجلّة " الأضواء" سنة 1380ه، أي قبل 33 سنة، وأرسلَتْ قصيدةً تحاكي فيها القصيدة، وكان هناك بعض الأخطاء فيها. ولكنّ الشهيدة بنت الهدى كانت تكتب وتكتب وتدرِّس وتنتقل من مكان إلى آخر، حتى أصبحت من المسلمات الكاتبات اللاتي ينتفع المسلمون والمسلمات بكتاباتها.

إنَّ على المرأة أن لا تحتقر طاقتها ولا تحتقر إمكاناتها، قد يكتشف الإنسان نفسه بالتجربة، فإذا لم يجرّب، لا يكتشف نفسه.

لذلك، إننا نحتاج إلى حركة المرأة الفكريّة، وحركة المرأة الأدبيّة والثقافيّة، وحركة المرأة في خطّ الدعوة إلى الله. وهذا ما نستوحيه من الزهراء (ع) أوّل مؤلّفة في الإسلام. وهذه من الأمور التي لا يعرفها الكثيرون من النّاس.

المنتفِضَة للحقّ

وهكذا، نجد أنّ الزهراء (ع)، ربّة البيت المشغولة بأولادها والمشغولة ببيتها وبزوجها وأبيها، انتفضت عندما رأت أنّ هناك حقّاً يضيع، وأنّ هناك مشكلة برزت، مشكلة خاصّة، وهي عامّة في مدلولها، وهي حقّها في "فدك"، ومشكلة عامّة، وهي حقّ أمير المؤمنين (ع) في الخلافة. إنها لم تقل ما لي وللدّخول في هذا المعترك، شعرت بأنّ موقعها كابنة رسول الله، يفرض عليها أن تقيم الحجّة على المسلمين جميعاً، لأنَّ المسلمين كانوا يقدّرونها ويعظّمونها ويحترمونها، لأنهم كانوا يرون رسول الله يقدِّرها ويحترمها.

وأنا لا أتفاعل مع كثيرٍ من الأحاديث التي تقول بأنّ القوم كسروا ضلعها أو ضربوها على وجهها أو ما إلى ذلك. إنّني أتحفّظ عن كثيرٍ من هذه الروايات، كما أنقل عن المرحوم السيّد عبد الحسين شرف الدّين، وقد التقيت به في صور في أوائل الخمسينات، وسألته عن ذلك، قال الثّابث عندنا أنّ القوم جاؤوا بالحطب على باب الزّهراء، فقالوا لهم إنّ فيها فاطمة، قالوا "وإن".

ثم رأينا أنَّ الشيخين أبا بكر وعمر جاءا يطلبان المسامحة من الزّهراء (ع)، ما يدلّ على أنّ الزهراء كانت تحتفظ بقيمتها في المجتمع المسلم حتى من كبار الصحابة. لذلك، استفادت من موقعها، ووقفت لتخطب خطبتها المعروفة التي تدلّ على سعة أفقها الثقافي، وقوّتها في الحجّة وفي البرهان. ثمّ إنها تحدّثت مع المهاجرين والأنصار، وأقنعتهم وقالوا لها: لو أنَّ عليّاً ذكر لنا قبل ذلك لكنَّا معه، ولكنّنا بايعنا. ثم جلست مع نساء المهاجرين والأنصار، وتحدّثت بقسوة عن رجالهنّ لينقلن كلامها إلى رجالهنّ.

عندما شعرت (ع) بأنَّ هناك مشكلة إسلاميّة، وقفت بكلّ قوَّة، وهي الإنسانة التي لم يسبق لها أن وقفت خطيبةً في أيّ مجتمع، ولم يسبق لها أن دخلت في أيّ مجتمع من مجتمعات الرّجال، لكنَّها عندما شعرت بأنَّ مسؤوليَّة الإسلام تفرض عليها ذلك، انطلقت على أساس هذه المسؤوليَّة.

مسؤوليّة التصدّي والمواجهة

وهذا معنى نستوحيه؛ أنَّ المرأة حتى لو كانت في مستوى فاطمة الزّهراء (ع)، ليست بأكبر من  أن تواجه الموقف السياسيّ أو الاجتماعيّ الّذي يفرض على المسلمين أن يواجهوه بالقوّة والحسم في كلّ المجالات. إنّنا نستوحي من الزّهراء (ع) أنها كانت - وهي الإنسانة الأمّ والزوجة المخدَّرة المحجّبة - تشعر بأنَّ الواجب عندما يدعوها لأن تقف في مجتمع الرِّجال لتخطب وتتحدَّث مع الرِّجال في الحقّ، فإنّها ملزمة بذلك.

وقد تعلّمت منها ابنتها السيّدة زينب (ع) ذلك في مواقفها. لم ينقل لنا أن زينب (ع) طيلة حياتها مع أبيها في الكوفة، وطيلة حياتها مع إخوتها في المدينة، أنها دخلت مجتمع الرجال، أو أنها التقت برجال، أو أنها خطبت، أو انها مارست أيّ عمل من هذه الأعمال الاجتماعيّة العامّة، ولكنّنا رأينا زينب (ع) تخطب وتقف وتتحدّى كما لو كانت قضت كلّ حياتها في الخطابة وفي التحدّي وفي المواجهة.

إنّ الإسلام يريد للمرأة أن تملأ شخصيّتها بكلّ ما يبني لها قوّة العقل وقوّة الموقف، ويفسح لها المجال لأن تعيش حياتها الخاصّة، لكن إذا دعاها داعي الواجب في مسألة التحدّي السياسي أو التحدي الاجتماعي أو التحدي الأمني أو التحدي الثقافي، عند ذلك، لا بدّ أن تنطلق وتقف وتواجه وتتحدّى وتصارع كأيّ إنسان يتحمّل المسؤوليَّة.

وقد لا نحتاج إلى الإفاضة في ذلك، عندما نجد مشاركة المسلمات في صدر الدّعوة الإسلاميّة الأولى، وعندما نجد مشاركة المسلمات في الجهاد ولو في المواقع الخلفيّة.

هذا أمر نستوحيه من الزهراء (ع)، لنتحمّل مسؤوليتنا رجالاً ونساءً في مواجهة كلّ القضايا الفكرية والسياسية والاجتماعية الّتي تواجه العالم الإسلاميّ كلَّه، والّتي تعمل على إسقاط الإسلام في العالم الإسلاميّ، وعلى إسقاط العالم الإسلاميّ سياسيّاً واقتصاديّاً واجتماعيّاً. للمرأة دورها في هذا الموقع، بحسب ما تتّسع له طاقاتها، وما تملكه ظروفها، وللرّجل دوره في هذا الموقع، بحسب ما تتّسع له طاقاته وما يتناسب مع ظروفه.

ونحن نقرأ {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ}[التّوبة: 71]. والأمر بالمعروف يتّسع لكلّ نواحي الحياة الإنسانيّة في خطّ الإسلام مما يُراد إقامته، والنّهي عن المنكر يتّسع لكلّ مواقع الحياة الإنسانيّة في خطّ الإسلام مما يراد إزالته.

الحياد ممنوع!

لذلك، عندما نتطلّع إلى الزّهراء ذات الثّمانية عشر ربيعاً، أو على أكثر الرّوايات ذات الثّمانية والعشرين ربيعاً، عندما نتطلَّع إلى كلّ هذه الحياة الغنيّة المتعدِّدة الأبعاد، القويَّة المواقف، المنفتحة على الله في روحانيَّتها وفي معرفتها، عندما نتطلَّع إلى ذلك، فإنَّ ذلك يجعلنا نجرّب أن نجد أكثر من فاطمة في أكثر من موقع، ولو بنسبة الواحد في المئة أو بنسبة العشرة في المئة.

الزهراء (ع) كانت أنثى، وكانت إنسانة، وكانت مسلمة. ولذلك، فإنها كانت تعيش إنسانيَّتها وبشريَّتها وأنثويَّتها، كانت تعيش ذلك، ولكن في خطِّ التَّوازن. الإسلام لا يلغي للمرأة أيَّ جانب، ولكن لا يريد لجانبٍ أن يطغى على جانبٍ آخر؛ في المرأة يريد ذلك، وفي الرّجل يريد ذلك.

ونحن في موقع إسلاميّ صعب، وفي مرحلة إسلاميّة من أصعب مراحل الإسلام على مستوى الدّاخل والخارج. لذلك، مشكلة المسلمين في هذه المرحلة وفي مراحل متقدّمة، أن الكثيرين منهم يقعدون على الحياد، وينسحبون من ساحة الصّراع، ويخذلون الحقّ، ويكتفون بأن لا ينصروا الباطل. إنّ الإسلام يريد من الإنسان أن لا ينصر الباطل، ولكن أن ينصر الحقّ في الوقت نفسه.

هذه بعض إيحاءات ذكرى الزّهراء (ع) فيما نتطلّع إليه، وعلينا أن نختزن هذه الإيحاءات في عقولنا وقلوبنا وحياتنا.

والحمد لله ربِّ العالمين.

*محاضرة ألقاها سماحته بتاريخ: 16-12- 1992م. 


[1]  ميزان الحكمة، محمّد الريشهري، ج4، ص 3670.

[2] بحار الأنوار، العلّامة المجلسي: ج43، ص 83.

[3] بحار الأنوار/ ج43، ص 86.

[4]  بحار الأنوار، العلّامة المجلسي، ج 43، ص83.

[5] بحار الأنوار، ج97، ص 7.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية