{وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً}، أي باركة على الرُّكَب، في ما يعبّر عنه ذلك من حالة الخضوع والترقّب، الممزوجة بالحَيْرة والفزع، في انتظار الحساب الحاسم الّذي يقرّر مصيرها، {كُلُّ أمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا} الذي يحتوي تاريخها في الدّنيا، في قضاياها الذاتية وفي علاقاتها العامّة، وفي ممارساتها العملية مما عملته من خيرٍ أو شرّ. وقد نستوحي من ذلك أنّ للأمّة كتاباً، في ما تلتقي عليه من أفكار وآراء، وفي ما تجتمع عليه من مواقف وأعمال، في ما يمثّل المسؤوليّة الجماعيّة، تماماً كما هو الكتاب المختصّ بالأفراد وما يقومون به في حياتهم الخاصّة من أعمال.
وينطلق النّداء الإِلهي ليحدِّد لهم الحكم النِّهائي {الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}، فهذا هو القانون العادل الذي يساوي بين الجزاء والعمل، فلا يؤاخذ النّاس ويعاقبهم إلاَّ بما عملوه، ولا ينقص من ثواب العاملين في خطّ الصّلاح.
{هَذَا كِتابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ}، لأنّ ما يتحدّث عنه يمثل واقعهم الحيّ الذي عاشوه في كلّ أوضاعهم وأعمالهم، ما يجعل الحروف المكتوبة فيه بمثابة صوت ناطق يجسد المعنى والصّورة، لأنّ فيها دقّةً وعمقاً {إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} تماماً كما تنقل الكلمات من كتابٍ إلى كتابٍ نقلاً حرفيّاً تتماثل في صورتها هنا وهناك، فإنّ العمل ينقل بكلّ صورته وخلفيّاته ونتائجه من الواقع المتجسّد في حياة الإنسان، إلى الكتاب الذي يحدّد ملامحه بكلّ إتقان، ولعلّ التعبير بالاستنساخ جارٍ على سبيل الكناية، على أساس أنّ العمل يظهر في ملامحه كما لو كان مكتوباً في شخصيّة العامل، من حيث دلالته على المضمون، من دون شكّ ولا ريب، فلا يستطيعون الإنكار، ولا يملكون الدّفاع.
{فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ}، لأنهم انطلقوا من مواقع الرحمة التي تجتذب المغفرة والرّضوان، من حيث الفكر الإيماني، ومن حيث الممارسة الصالحة والأعمال الخيّرة {ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ}، لأنّ الجنّة هي الغاية الأخيرة التي تحتوي النعيم الخالد عند الله الذي لا شقاء بعده، ولا بؤس وراءه.
*من كتاب "تفسير من وحي القرآن".

{وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً}، أي باركة على الرُّكَب، في ما يعبّر عنه ذلك من حالة الخضوع والترقّب، الممزوجة بالحَيْرة والفزع، في انتظار الحساب الحاسم الّذي يقرّر مصيرها، {كُلُّ أمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا} الذي يحتوي تاريخها في الدّنيا، في قضاياها الذاتية وفي علاقاتها العامّة، وفي ممارساتها العملية مما عملته من خيرٍ أو شرّ. وقد نستوحي من ذلك أنّ للأمّة كتاباً، في ما تلتقي عليه من أفكار وآراء، وفي ما تجتمع عليه من مواقف وأعمال، في ما يمثّل المسؤوليّة الجماعيّة، تماماً كما هو الكتاب المختصّ بالأفراد وما يقومون به في حياتهم الخاصّة من أعمال.
وينطلق النّداء الإِلهي ليحدِّد لهم الحكم النِّهائي {الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}، فهذا هو القانون العادل الذي يساوي بين الجزاء والعمل، فلا يؤاخذ النّاس ويعاقبهم إلاَّ بما عملوه، ولا ينقص من ثواب العاملين في خطّ الصّلاح.
{هَذَا كِتابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ}، لأنّ ما يتحدّث عنه يمثل واقعهم الحيّ الذي عاشوه في كلّ أوضاعهم وأعمالهم، ما يجعل الحروف المكتوبة فيه بمثابة صوت ناطق يجسد المعنى والصّورة، لأنّ فيها دقّةً وعمقاً {إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} تماماً كما تنقل الكلمات من كتابٍ إلى كتابٍ نقلاً حرفيّاً تتماثل في صورتها هنا وهناك، فإنّ العمل ينقل بكلّ صورته وخلفيّاته ونتائجه من الواقع المتجسّد في حياة الإنسان، إلى الكتاب الذي يحدّد ملامحه بكلّ إتقان، ولعلّ التعبير بالاستنساخ جارٍ على سبيل الكناية، على أساس أنّ العمل يظهر في ملامحه كما لو كان مكتوباً في شخصيّة العامل، من حيث دلالته على المضمون، من دون شكّ ولا ريب، فلا يستطيعون الإنكار، ولا يملكون الدّفاع.
{فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ}، لأنهم انطلقوا من مواقع الرحمة التي تجتذب المغفرة والرّضوان، من حيث الفكر الإيماني، ومن حيث الممارسة الصالحة والأعمال الخيّرة {ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ}، لأنّ الجنّة هي الغاية الأخيرة التي تحتوي النعيم الخالد عند الله الذي لا شقاء بعده، ولا بؤس وراءه.
*من كتاب "تفسير من وحي القرآن".