عاشوراء بين البعدين العاطفيّ والعقليّ

عاشوراء بين البعدين العاطفيّ والعقليّ

ثقافة العاطفة

يدعونا الإسلام إلى أن نربّي قلوبنا، كما نربّي عقولنا، بثقافة العاطفة، من أجل تطوير إنسانيَّتنا، ومن أجل استقامة حياتنا. فكما يدخل الإنسان منَّا المدارس والجامعات، ويقرأ الكتب، ويستمع إلى المحاضرات ليربّي عقله، ليكون عقله قوّةً فكريّةً تستطيع أن تؤثِّر في الحياة وتغني تجربتها، كذلك لا بدَّ من أن نربِّي قلوبنا، لأنَّ القلب عندما يخطئ الاتجاه الصَّحيح في العاطفة، فقد يدمِّر الإنسان، لأنَّنا قد ننطلق من سطحيَّة في حبّنا، فنحبّ من لا يستحقّ، وربما يكون في داخله خبث دفين يدمِّر لنا حياتنا في المستقبل، وعندما نبغض إنساناً من خلال السَّطح، فربّما يكون في هذا الإنسان عنصر طيّب في العمق، بحيث يتحوّل بغضنا له إلى تدمير لحياتنا الّتي يحرمنا البعض من أن نتلمَّس لها مواقع الطّيب.

إنّ علينا، سواء في حبّنا العاطفيّ الغريزيّ الإنسانيّ، أو في حبّنا للأشخاص الّذين يملكون علماً أو قيمةً أو بطولةً، إنَّ علينا أن نرفض الحبَّ الأعمى، فلا بدَّ من أن يكون الحبّ مفتوح العينين، وإذا كان هناك غشاوة في العين، فلا بدَّ لنا من أن نداويها، وطبعاً ليس الأمر في عين البصر، وإنّما في عين البصيرة: {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ}[الحجّ: 46].

مأساة الحبّ الأعمى

ولعلَّ مأساة الإنسان في التَّاريخ، هي أنَّ الجماهير كانت تحبّ من لا يستحقّون الحبّ، وتبغض من لا يستحقّون البغض.

ولعلّ مأساة الإمام الحسين(ع) كانت في الجماهير الّتي تعيش سطحيّة حبّ الحسين في قلوبها، في حين أنَّ أهواءها وأطماعها كانت مع بني أميّة، ولذا فقد انطلقت مع هؤلاء وتركت الحسين، وهذه هي مأساة الحبّ الّذي لا يعرف طريقه.

لذلك، لا بدَّ لنا من أن نفكّر في هذه العاطفة الّتي تعيش في قلوبنا؛ هل هي عاقلة أو مجنونة، هل هي عاطفةٌ طفلةٌ تتحرَّك على طريقة الأطفال، أو هي راشدة تنطلق من خلال الوعي والعمق؟!

وعندما نريد أن ندرس ماذا حصّلنا من عاشوراء، علينا أن ندرس كيف كانت حركتنا قبل عاشوراء على المستوى الاجتماعيّ، فلكلّ إنسان منّا حركة اجتماعيَّة، فنحن جزء من مجتمع، وكلّ واحد منَّا يتحرّك في عائلته ومحلّته ومنطقته ووطنه وأمَّته، حركةً قد تضيق وقد تتّسع بحسب حجمه الّذي يملكه في طاقته.

وكذلك على المستوى السياسيّ، فنحن جزء من واقعٍ سياسيٍّ لا نستطيع أن ننفصل عنه، وإذا انفصلنا عنه فهو لا ينفصل عنَّا، فالحكم الّذي يسيطر على البلد أو المنطقة، والاحتلال الّذي يسيطر عل البلد أو المنطقة، وكلّ خطوط السياسة الدّوليَّة والإقليميّة، إذا لم نراقبها، فهي تفرض نفسها علينا في اقتصادنا وسياستنا واجتماعنا، فإذا لم نشارك في المسألة السياسيَّة، ولم نتحمّل مسؤوليّتنا السياسيّة، فإنَّ السياسة تدخل إلى بيوتنا، وتتدخَّل في نظام حياتنا وفي اقتصادنا وفي نمط العلاقات السياسيَّة مع الدّول في الخارج، وهذه كلّها تنعكس سلباً أو إيجاباً علينا.

لذلك، لا يمكن للإنسان عندما يعيش إنسانيّته وحيويّته وحاجته، أن ينفصل عن الواقع السياسيّ، لأنّ الواقع السياسيّ ليس واقع النّاس الّذين يديرون السّياسة، بل هو واقع الشّعب الّذي يخضع لكلّ تأثيرات هذه السّياسة.

عندما احتلّ الكيان الإسرائيليّ بيروت عام 1982م، وجدنا أنّه شرّد المدنيّين، وشرّد أيضاً الحياديّين الّذين لم يكن عندهم انتماء سياسيّ لا إلى هذه الجهة ولا إلى تلك، واقتحمت السياسة كلّ هؤلاء فشرّدتهم من بيوتهم. كما أنّ السياسة من خلال طبيعة الحكم ونوعيّته، أثقلت الشّعب بالكثير من الضّرائب الّتي أصبح الإنسان يشعر بها في بيته، إلى ما هنالك من الأمور.

لا حياد أمام الحق والباطل:

لذلك، لا بدَّ للإنسان من أن يحدّد موقعه السياسيّ، ومع من يكون. فعندما يكون هناك احتلال وفريق يعمل للتَّحرير، وعندما يكون هناك فريق إسلاميّ وفريق كافر، أو فريق المستكبرين وفريق المستضعفين، أو فريق المخلصين وفريق الخائنين، فلا بدَّ للإنسان من أن يحدّد موقعه، لأنّ الإنسان الحياديّ بين الخطوط المتصارعة الّتي قد يكون فيها حقّ وباطل، هو إنسان ميت مشلول. نعم، عندما تكون الجهتان على باطل، فهنا نقف موقف الحياد، بل نكون ضدَّ الاثنين، ولكن عندما يكون هناك جهة حقّ وجهة باطل، فلا يجوز أن نقول: نحن لسنا مع هذا ولا مع هذا، بل لا بدَّ من أن نكون مع الحقّ ضدَّ الباطل.

عندما يكون هناك خطّ للظّلم وخطّ للعدل، فلا بدَّ من أن نكون مع خطّ العدل، وهذا ما يؤكِّده الإمام عليّ(ع) في وصيَّته لولديه الإمامين الحسنين(ع)، ولجميع ولده ومن بلغه كتابه: "كونا للظّالم خصماً وللمظلوم عوناً". وهناك كلمة للإمام موسى بن جعفر(ع)، حيث كان يتكلّم مع بعض أصحابه: "أبلغ خيراً وقل خيراً ـ فعندما يكون في السّاحة خير وشرّ، اختر الخير واترك الشّرّ، ولا تكن حياديّاً في ذلك ـ ولا تكن إمّعة". قيل: وما الإمّعة؟ قال: "أن تقول: أنا مع النّاس وأنا كواحد من النّاس؛ إنّ رسول الله(ص) قال: أيّها النّاس، إنّما هما نجدان، نجدُ خير ونجد شرّ، فلا يكن نجد الشّرّ أحبّ إليكم من نجد الخير"، عليكم أن تتَّخذوا موقفكم مع الخير حتّى لو كلّفكم بعض التّضحيات، لأنّكم إذا اخترتم الخير الآن فستربحون النّتيجة، وإذا رضختم للشّرّ الآن، فستأتيكم النّتائج السلبيّة في النّهاية، حتّى لو كان طعمه حلواً في البداية، لأنَّ الأمور في عواقبها.

ثقافة العاطفة

يدعونا الإسلام إلى أن نربّي قلوبنا، كما نربّي عقولنا، بثقافة العاطفة، من أجل تطوير إنسانيَّتنا، ومن أجل استقامة حياتنا. فكما يدخل الإنسان منَّا المدارس والجامعات، ويقرأ الكتب، ويستمع إلى المحاضرات ليربّي عقله، ليكون عقله قوّةً فكريّةً تستطيع أن تؤثِّر في الحياة وتغني تجربتها، كذلك لا بدَّ من أن نربِّي قلوبنا، لأنَّ القلب عندما يخطئ الاتجاه الصَّحيح في العاطفة، فقد يدمِّر الإنسان، لأنَّنا قد ننطلق من سطحيَّة في حبّنا، فنحبّ من لا يستحقّ، وربما يكون في داخله خبث دفين يدمِّر لنا حياتنا في المستقبل، وعندما نبغض إنساناً من خلال السَّطح، فربّما يكون في هذا الإنسان عنصر طيّب في العمق، بحيث يتحوّل بغضنا له إلى تدمير لحياتنا الّتي يحرمنا البعض من أن نتلمَّس لها مواقع الطّيب.

إنّ علينا، سواء في حبّنا العاطفيّ الغريزيّ الإنسانيّ، أو في حبّنا للأشخاص الّذين يملكون علماً أو قيمةً أو بطولةً، إنَّ علينا أن نرفض الحبَّ الأعمى، فلا بدَّ من أن يكون الحبّ مفتوح العينين، وإذا كان هناك غشاوة في العين، فلا بدَّ لنا من أن نداويها، وطبعاً ليس الأمر في عين البصر، وإنّما في عين البصيرة: {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ}[الحجّ: 46].

مأساة الحبّ الأعمى

ولعلَّ مأساة الإنسان في التَّاريخ، هي أنَّ الجماهير كانت تحبّ من لا يستحقّون الحبّ، وتبغض من لا يستحقّون البغض.

ولعلّ مأساة الإمام الحسين(ع) كانت في الجماهير الّتي تعيش سطحيّة حبّ الحسين في قلوبها، في حين أنَّ أهواءها وأطماعها كانت مع بني أميّة، ولذا فقد انطلقت مع هؤلاء وتركت الحسين، وهذه هي مأساة الحبّ الّذي لا يعرف طريقه.

لذلك، لا بدَّ لنا من أن نفكّر في هذه العاطفة الّتي تعيش في قلوبنا؛ هل هي عاقلة أو مجنونة، هل هي عاطفةٌ طفلةٌ تتحرَّك على طريقة الأطفال، أو هي راشدة تنطلق من خلال الوعي والعمق؟!

وعندما نريد أن ندرس ماذا حصّلنا من عاشوراء، علينا أن ندرس كيف كانت حركتنا قبل عاشوراء على المستوى الاجتماعيّ، فلكلّ إنسان منّا حركة اجتماعيَّة، فنحن جزء من مجتمع، وكلّ واحد منَّا يتحرّك في عائلته ومحلّته ومنطقته ووطنه وأمَّته، حركةً قد تضيق وقد تتّسع بحسب حجمه الّذي يملكه في طاقته.

وكذلك على المستوى السياسيّ، فنحن جزء من واقعٍ سياسيٍّ لا نستطيع أن ننفصل عنه، وإذا انفصلنا عنه فهو لا ينفصل عنَّا، فالحكم الّذي يسيطر على البلد أو المنطقة، والاحتلال الّذي يسيطر عل البلد أو المنطقة، وكلّ خطوط السياسة الدّوليَّة والإقليميّة، إذا لم نراقبها، فهي تفرض نفسها علينا في اقتصادنا وسياستنا واجتماعنا، فإذا لم نشارك في المسألة السياسيَّة، ولم نتحمّل مسؤوليّتنا السياسيّة، فإنَّ السياسة تدخل إلى بيوتنا، وتتدخَّل في نظام حياتنا وفي اقتصادنا وفي نمط العلاقات السياسيَّة مع الدّول في الخارج، وهذه كلّها تنعكس سلباً أو إيجاباً علينا.

لذلك، لا يمكن للإنسان عندما يعيش إنسانيّته وحيويّته وحاجته، أن ينفصل عن الواقع السياسيّ، لأنّ الواقع السياسيّ ليس واقع النّاس الّذين يديرون السّياسة، بل هو واقع الشّعب الّذي يخضع لكلّ تأثيرات هذه السّياسة.

عندما احتلّ الكيان الإسرائيليّ بيروت عام 1982م، وجدنا أنّه شرّد المدنيّين، وشرّد أيضاً الحياديّين الّذين لم يكن عندهم انتماء سياسيّ لا إلى هذه الجهة ولا إلى تلك، واقتحمت السياسة كلّ هؤلاء فشرّدتهم من بيوتهم. كما أنّ السياسة من خلال طبيعة الحكم ونوعيّته، أثقلت الشّعب بالكثير من الضّرائب الّتي أصبح الإنسان يشعر بها في بيته، إلى ما هنالك من الأمور.

لا حياد أمام الحق والباطل:

لذلك، لا بدَّ للإنسان من أن يحدّد موقعه السياسيّ، ومع من يكون. فعندما يكون هناك احتلال وفريق يعمل للتَّحرير، وعندما يكون هناك فريق إسلاميّ وفريق كافر، أو فريق المستكبرين وفريق المستضعفين، أو فريق المخلصين وفريق الخائنين، فلا بدَّ للإنسان من أن يحدّد موقعه، لأنّ الإنسان الحياديّ بين الخطوط المتصارعة الّتي قد يكون فيها حقّ وباطل، هو إنسان ميت مشلول. نعم، عندما تكون الجهتان على باطل، فهنا نقف موقف الحياد، بل نكون ضدَّ الاثنين، ولكن عندما يكون هناك جهة حقّ وجهة باطل، فلا يجوز أن نقول: نحن لسنا مع هذا ولا مع هذا، بل لا بدَّ من أن نكون مع الحقّ ضدَّ الباطل.

عندما يكون هناك خطّ للظّلم وخطّ للعدل، فلا بدَّ من أن نكون مع خطّ العدل، وهذا ما يؤكِّده الإمام عليّ(ع) في وصيَّته لولديه الإمامين الحسنين(ع)، ولجميع ولده ومن بلغه كتابه: "كونا للظّالم خصماً وللمظلوم عوناً". وهناك كلمة للإمام موسى بن جعفر(ع)، حيث كان يتكلّم مع بعض أصحابه: "أبلغ خيراً وقل خيراً ـ فعندما يكون في السّاحة خير وشرّ، اختر الخير واترك الشّرّ، ولا تكن حياديّاً في ذلك ـ ولا تكن إمّعة". قيل: وما الإمّعة؟ قال: "أن تقول: أنا مع النّاس وأنا كواحد من النّاس؛ إنّ رسول الله(ص) قال: أيّها النّاس، إنّما هما نجدان، نجدُ خير ونجد شرّ، فلا يكن نجد الشّرّ أحبّ إليكم من نجد الخير"، عليكم أن تتَّخذوا موقفكم مع الخير حتّى لو كلّفكم بعض التّضحيات، لأنّكم إذا اخترتم الخير الآن فستربحون النّتيجة، وإذا رضختم للشّرّ الآن، فستأتيكم النّتائج السلبيّة في النّهاية، حتّى لو كان طعمه حلواً في البداية، لأنَّ الأمور في عواقبها.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية