معنى الآية {إن يدعون من دونه إلا إناثًا}

معنى الآية {إن يدعون من دونه إلا إناثًا}

قال الله تعالى في كتابه العزيز: {إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِن يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَّرِيدً}[النساء: 117]. فما هو المقصود من الإناث في هذه الآية المباركة؟

لقد تناولها المفسّرون وتعرّضوا لمعناها وما يرتبط بها، وعرضوا لجملة من التأويلات والتفسيرات لها.

ومنهم العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله(رض)، الّذي فسّر الآية بقوله:

"كيف يتصور المشركون شركهم، {إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثً}. ربما كان ذلك في تصوّرهم للملائكة أنها بنات الله، أو في تصوّرهم للأصنام عندما يطلقون عليها اسم الإناث؛ وربما قيل إنّ في إطلاق اسم الإناث على ما يشركون به خصوصيّة، وهو الدّور المنفعل للأنثى في قبال الذكر، فكيف يمكن أن يكون إلهاً من يكون كذلك؟ في الوقت الذي ينبغي أن يكون للإله دور الفعل، كونه من صفات الألوهيّة من العلم والقدرة والخلق ونحوها… ويتابع القرآن هذا التصوّر المنحرف {وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَـناً مَّرِيد}، فهم يتبعون الشيطان في تفكيرهم وتصوّرهم، ويعبدونه من دون الله من خلال استسلامهم وطاعتهم له"... [تفسير من وحي القرآن، ج 7، ص 468].

العربُ قد تطلق كلمة الأنثى والأنيث على مطلق المنفعل من الجمادات وغيرها، يقال أنِث الحديد إذا استلان وصار طيِّعًا، ويُقال للحديد الليّن أنيثًا، فلأنَّه ليِّن ينفعلُ ويلتوي بالغمز والضغط، لذلك يُقال له أنيث. يقول الراغب الأصفهاني في "المفردات في غريب القرآن": "المنفعل يُقال له أنيث، ومنه قيل للحديد الليِّن أنيث".

وهذا ما استوجهه السيد الطباطبائي، من أن "الإناث أطلقت وليس المقصود منها في مقابل الذكور، فلو كان المراد من الإناث هو المقابل للذّكور، لخرج الكثير من معبودات المشركين، وهو ما ينافي الحصر الذي صِيغت به الآية المباركة، هذا مضافًا إلى ملاءمة ذلك للاستعمالات اللغوية. فالأنوثة تُستعمل في اللّغة بمعنى الانفعال، وهذا المعنى هو المناسب لواقع مطلق آلهة المشركين، حيث إنَّها مخلوقة منفعلة، وهو المناسب لوصف الآيات الأخرى لآلهة المشركين في مقام البرهنة على عدم صلاحيّتها لأنْ تكون آلهة ومعبودة، حيثُ وصفها بأنَّها مخلوقة، كما في قوله تعالى: ﴿وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ﴾. فالأنوثة التي وَصفت بها الآيةُ من سورة النساء آلهةَ المشركين، تعني أنَّ شأنها الانفعال المحض، والذي هو شأن المخلوق إذا قيس إلى الخالق، فمفاد الآية من سورة النساء هو مفاد قوله تعالى: ﴿وَهُمْ يُخْلَقُونَ﴾". [الميزان في تفسير القرآن، ج 5].

الشيخُ الطوسي نقل تفسيراً للآية في التبيان عن الحسين بن علي المغربي. وحاصلُه أنَّ "المراد من الأنوثة - الذي وصفت به الآيةُ آلهةَ المشركين – هو الضعف والعجز وعدم القدرة، فالإناث تعني الضعاف العاجزين والذين لا قدرة لهم، وهذا المعنى مستعملٌ أيضًا في لغة العرب، فهم يصفون السيف غير القاطع بقولهم: سيفٌ أنيث وميناثة وميناث، أي غير قاطع. ويقال: أنِث في أمره: إذا لانَ وضعف، وهذا المعنى مستعمل في العرف العربي إلى وقتنا الحاضر، فهم إذا أرادوا التعبير عن ضعف أحد أو شيء، قالوا هو أُنثى ومؤنَّث، بل إنَّ ذلك هو منشأ وصف مثل المرأة بالأنثى، فإنَّ شأنها غالبًا هو الضعف في مقابل الرّجل، أو أنَّ مشأ ذلك هو ليونتها وتكسُّرها وانفعالها، وهو من مظاهر الضعف. وعليه، فالآيةُ بصدد البرهنة على عدم صلاحية معبودات المشركين لأنْ تكون آلهة ومعبودة، وذلك لضعفها، وما هذا شأنه لا يكون إلهًا".[التبيان في تفسير القرآن، ج 3].

أما الطبري، فلفت إلى اختلاف أهل التأويل حول هذه الآية: "فقال بعضهم: معنى ذلك: إن يدعون من دونه إلا اللات والعزّى وَمناة، فسمّاهن الله "إناثًا"، بتسمية المشركين إياهنّ بتسمية الإناث. ذكر من قال ذلك: حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال: أخبرنا حصين، عن أبي مالك في قوله: "إن يدعون من دونه إلا إناثًا"، قال: اللات والعزى ومناة، كلّها مؤنث.

حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: "إن يدعون من دونه إلا إناثًا"، يقول: يسمونهم "إناثًا": لاتٌ ومَنَاة وعُزَّى. حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد في قوله: "إن يدعون من دونه إلا إناثًا"، قال: آلهتهم، اللات والعزى ويَسَاف ونائلة، إناث، يدعونهم من دون الله. وقرأ: وَإِنْ يَدْعُونَ إِلا شَيْطَانًا مَرِيدًا .

وقال آخرون: معنى ذلك: إن يدعون من دونه إلا مَواتًا لا رُوح فيه. ذكر من قال ذلك: حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: "إن يدعون من دونه إلا إناثًا"، يقول: مَيْتًا.حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: "إن يدعون من دونه إلا إناثًا"، أي: إلا ميتًا لا رُوح فيه.

وقال آخرون: عنى بذلك أنّ المشركين كانوا يقولون: "الملائكة بنات الله". [تفسير الطبري].

وحول هذه الآية، يقول العلامة الشيخ محمد جواد مغنية(رض): "إن يدعون من دونه" من دون الله "إلا إناثاً"، لم يكن في الجاهلية حيّ من العرب إلا ولهم صنم يعبدونه، ويسمونه أنثى بني فلان "وإن يدعون إلا شيطاناً مريداً"، حيث أغراهم بعبادة الأحجار فأطاعوه.[التفسير المبين].

يبقى أن نستفيد من أحوال الماضين، ونأخذ العبرة من التاريخ الذي يشهد على بطلان دعوة الشرك، وعظمة توحيد الله في النفوس والعقول والمشاعر والسلوك، بما يسمو بروح الإنسان، ويفتح مداركه على الآفاق الواسعة للوجود كلّه، ولخالقه الذي لا تحدّه صفة، ولا يقيده قيد من أوهام البشر وتصوّراتهم المنحرفة.

إنّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبّر بالضّرورة عن رأي الموقع، وإنّما عن وجهة نظر صاحبها.

قال الله تعالى في كتابه العزيز: {إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِن يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَّرِيدً}[النساء: 117]. فما هو المقصود من الإناث في هذه الآية المباركة؟

لقد تناولها المفسّرون وتعرّضوا لمعناها وما يرتبط بها، وعرضوا لجملة من التأويلات والتفسيرات لها.

ومنهم العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله(رض)، الّذي فسّر الآية بقوله:

"كيف يتصور المشركون شركهم، {إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثً}. ربما كان ذلك في تصوّرهم للملائكة أنها بنات الله، أو في تصوّرهم للأصنام عندما يطلقون عليها اسم الإناث؛ وربما قيل إنّ في إطلاق اسم الإناث على ما يشركون به خصوصيّة، وهو الدّور المنفعل للأنثى في قبال الذكر، فكيف يمكن أن يكون إلهاً من يكون كذلك؟ في الوقت الذي ينبغي أن يكون للإله دور الفعل، كونه من صفات الألوهيّة من العلم والقدرة والخلق ونحوها… ويتابع القرآن هذا التصوّر المنحرف {وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَـناً مَّرِيد}، فهم يتبعون الشيطان في تفكيرهم وتصوّرهم، ويعبدونه من دون الله من خلال استسلامهم وطاعتهم له"... [تفسير من وحي القرآن، ج 7، ص 468].

العربُ قد تطلق كلمة الأنثى والأنيث على مطلق المنفعل من الجمادات وغيرها، يقال أنِث الحديد إذا استلان وصار طيِّعًا، ويُقال للحديد الليّن أنيثًا، فلأنَّه ليِّن ينفعلُ ويلتوي بالغمز والضغط، لذلك يُقال له أنيث. يقول الراغب الأصفهاني في "المفردات في غريب القرآن": "المنفعل يُقال له أنيث، ومنه قيل للحديد الليِّن أنيث".

وهذا ما استوجهه السيد الطباطبائي، من أن "الإناث أطلقت وليس المقصود منها في مقابل الذكور، فلو كان المراد من الإناث هو المقابل للذّكور، لخرج الكثير من معبودات المشركين، وهو ما ينافي الحصر الذي صِيغت به الآية المباركة، هذا مضافًا إلى ملاءمة ذلك للاستعمالات اللغوية. فالأنوثة تُستعمل في اللّغة بمعنى الانفعال، وهذا المعنى هو المناسب لواقع مطلق آلهة المشركين، حيث إنَّها مخلوقة منفعلة، وهو المناسب لوصف الآيات الأخرى لآلهة المشركين في مقام البرهنة على عدم صلاحيّتها لأنْ تكون آلهة ومعبودة، حيثُ وصفها بأنَّها مخلوقة، كما في قوله تعالى: ﴿وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ﴾. فالأنوثة التي وَصفت بها الآيةُ من سورة النساء آلهةَ المشركين، تعني أنَّ شأنها الانفعال المحض، والذي هو شأن المخلوق إذا قيس إلى الخالق، فمفاد الآية من سورة النساء هو مفاد قوله تعالى: ﴿وَهُمْ يُخْلَقُونَ﴾". [الميزان في تفسير القرآن، ج 5].

الشيخُ الطوسي نقل تفسيراً للآية في التبيان عن الحسين بن علي المغربي. وحاصلُه أنَّ "المراد من الأنوثة - الذي وصفت به الآيةُ آلهةَ المشركين – هو الضعف والعجز وعدم القدرة، فالإناث تعني الضعاف العاجزين والذين لا قدرة لهم، وهذا المعنى مستعملٌ أيضًا في لغة العرب، فهم يصفون السيف غير القاطع بقولهم: سيفٌ أنيث وميناثة وميناث، أي غير قاطع. ويقال: أنِث في أمره: إذا لانَ وضعف، وهذا المعنى مستعمل في العرف العربي إلى وقتنا الحاضر، فهم إذا أرادوا التعبير عن ضعف أحد أو شيء، قالوا هو أُنثى ومؤنَّث، بل إنَّ ذلك هو منشأ وصف مثل المرأة بالأنثى، فإنَّ شأنها غالبًا هو الضعف في مقابل الرّجل، أو أنَّ مشأ ذلك هو ليونتها وتكسُّرها وانفعالها، وهو من مظاهر الضعف. وعليه، فالآيةُ بصدد البرهنة على عدم صلاحية معبودات المشركين لأنْ تكون آلهة ومعبودة، وذلك لضعفها، وما هذا شأنه لا يكون إلهًا".[التبيان في تفسير القرآن، ج 3].

أما الطبري، فلفت إلى اختلاف أهل التأويل حول هذه الآية: "فقال بعضهم: معنى ذلك: إن يدعون من دونه إلا اللات والعزّى وَمناة، فسمّاهن الله "إناثًا"، بتسمية المشركين إياهنّ بتسمية الإناث. ذكر من قال ذلك: حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال: أخبرنا حصين، عن أبي مالك في قوله: "إن يدعون من دونه إلا إناثًا"، قال: اللات والعزى ومناة، كلّها مؤنث.

حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: "إن يدعون من دونه إلا إناثًا"، يقول: يسمونهم "إناثًا": لاتٌ ومَنَاة وعُزَّى. حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد في قوله: "إن يدعون من دونه إلا إناثًا"، قال: آلهتهم، اللات والعزى ويَسَاف ونائلة، إناث، يدعونهم من دون الله. وقرأ: وَإِنْ يَدْعُونَ إِلا شَيْطَانًا مَرِيدًا .

وقال آخرون: معنى ذلك: إن يدعون من دونه إلا مَواتًا لا رُوح فيه. ذكر من قال ذلك: حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: "إن يدعون من دونه إلا إناثًا"، يقول: مَيْتًا.حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: "إن يدعون من دونه إلا إناثًا"، أي: إلا ميتًا لا رُوح فيه.

وقال آخرون: عنى بذلك أنّ المشركين كانوا يقولون: "الملائكة بنات الله". [تفسير الطبري].

وحول هذه الآية، يقول العلامة الشيخ محمد جواد مغنية(رض): "إن يدعون من دونه" من دون الله "إلا إناثاً"، لم يكن في الجاهلية حيّ من العرب إلا ولهم صنم يعبدونه، ويسمونه أنثى بني فلان "وإن يدعون إلا شيطاناً مريداً"، حيث أغراهم بعبادة الأحجار فأطاعوه.[التفسير المبين].

يبقى أن نستفيد من أحوال الماضين، ونأخذ العبرة من التاريخ الذي يشهد على بطلان دعوة الشرك، وعظمة توحيد الله في النفوس والعقول والمشاعر والسلوك، بما يسمو بروح الإنسان، ويفتح مداركه على الآفاق الواسعة للوجود كلّه، ولخالقه الذي لا تحدّه صفة، ولا يقيده قيد من أوهام البشر وتصوّراتهم المنحرفة.

إنّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبّر بالضّرورة عن رأي الموقع، وإنّما عن وجهة نظر صاحبها.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية