شهر رمضان سبيل الله

شهر رمضان سبيل الله
إذا كان الله شقّ للناس سبل الإحسان التي تفتح حياتهم على الخير كلّه، فإنّ هذه السّبل لا تختصّ بالساحات الممتدة في رحاب المكان، حيث الأرض التي تمتدّ بالإنسان لتصل به إلى غاياته في ما يريد أن يصل به إلى مواقع أغراضه وحاجاته، بل تشمل ساحات الزّمن - إن صحّ أن يكون للزّمن ساحات - حيث ينفتح الإنسان على كلّ ما في آنائه من ساعاته وأيامه ولياليه وشهوره، لتحتضن حركته في أجواء الخير كلّه، في ما تمتلئ به ساحة الزّمن من أفعال الإنسان وأقواله، لتكون حركة الزّمن في مسؤوليّته طريقه إلى الله، كما تكون حركته في المكان طريقه إلى الله في أجواء المسؤوليّة الشرعيّة.

وهكذا كان شهر رمضان سبيل الله الّذي أراد للإنسان أن يبدأ رحلته إليه في ما أثاره فيه من أجواء، أو شرّع فيه من شرائع، أو حرّك فيه من أوضاع، وقد منحه الله شرف الانتماء إليه، ليعيش النّاس الشعور بالمضمون الروحي الّذي يجعل الزمن إلهياً، يحمل في داخله سموّ المعنى الإلهيّ في ما يختزنه من رحمة وعافية ومغفرة ولطف ورضوان، وفي ما يمكن للعباد أن يحصلوا منه على المزيد من ذلك كلّه..

وليس معنى ذلك الاختصاص بالانتماء، أنّ الشهور الأخرى تفقد هذه الصفة في طبيعتها الزمنيّة وفي الألطاف الإلهية المحيطة بها، لأنّ الزمن كلّه خلق الله الذي جعله مفتوحاً على الحياة كلّها، وعلى الإنسان كلّه، من أجل أن ينال فيه رضاه من خلال حركته في مواقع طاعته، في ما كلّفه به من الأعمال التي تصل به إلى مواقع القرب منه، لأنَّ المسؤوليّة لا تختصّ بزمن معيّن، ففي كلّ لحظةٍ زمنيّةٍ، مهما صغرت، تكليفٌ شرعيّ يتوجّه فيه الله إلى الإنسان بأن يقف فيه عند حدوده، ولكنّ معنى هذا الاختصاص - في ما يبدو - هو الانفتاح الكبير لله فيه على عباده بفيوضات رحمته، بما لم يجعله الله لزمن آخر في ما هي القيمة، وفي ما هو المستوى، في الكميّة والنوعيّة.. وهذا هو ما تعبّر عنه الكلمات المأثورة عن رسول الله محمّد (ص)، في ما روي عنه من خطبته التي استقبل بها شهر رمضان، في آخر جمعة من شعبان، فقد جاء فيها:
"أيّها النّاس، قد أقبلَ عليكُم شهرُ الله بالرّحمةِ والبركةِ والمغفرةِ، شهرٌ هو عند الله أفضل الشّهور، وأيّامه أفضل الأيّام، ولياليه أفضل اللّيالي، وساعاته أفضل السّاعات، قد دُعيتم فيه إلى ضيافة الله، وجُعِلتُم فيه من أهل كرامةِ الله، أنفاسُكُم فيه تسبيح، ونومُكُم فيه عبادة، وعملُكُم فيه مقبول، ودعاؤكم فيه مُستجاب، فاسألوا الله بنيّاتٍ صادقة وقلوبٍ طاهرة، أن يوفِّقَكُم لصيامه وتلاوة كتابه، فإنَّ الشقيَّ من حُرِمَ غفرانَ الله في هذا الشّهر العظيم".
فنحن نلاحظ في هذه الكلمات، احتضان الله للإنسان برحمته وبركته ومغفرته في هذا الشّهر، فقد حوّل فيه نومه إلى عبادة، وأنفاسه إلى تسبيح، وتقبّل فيه عمله، واستجاب فيه دعاءه بالدّرجة التي لم يمنحها له في أيّ شهر آخر.

إنّه الإحساس الإنساني الروحي الحميم بالجوّ الرّمضانيّ الذي يدخل إليه الإنسان ضيفاً مكرّماً يتغذّى بالرّحمة والبركة والمغفرة في أجواء العطف واللّطف والحنان بشكل مميّز حميم، حيث يعيش الإحساس بإنسانيّته المنطلقة من روح الله، عندما نفخ فيه الرّوح، فأعطاه شيئاً من سموّها الذي يتّصل بالله، وينفتح عليه في محبّةٍ واحتضان، حتى يحسّ في هذا الاندماج الروحي بالعلاقة التي ينسى فيها عبوديّته، وهو في قِمّة الخشوع في ممارسته لها.
*من كتاب "شهر رمضان رحلة الإنسان إلى الله".
إذا كان الله شقّ للناس سبل الإحسان التي تفتح حياتهم على الخير كلّه، فإنّ هذه السّبل لا تختصّ بالساحات الممتدة في رحاب المكان، حيث الأرض التي تمتدّ بالإنسان لتصل به إلى غاياته في ما يريد أن يصل به إلى مواقع أغراضه وحاجاته، بل تشمل ساحات الزّمن - إن صحّ أن يكون للزّمن ساحات - حيث ينفتح الإنسان على كلّ ما في آنائه من ساعاته وأيامه ولياليه وشهوره، لتحتضن حركته في أجواء الخير كلّه، في ما تمتلئ به ساحة الزّمن من أفعال الإنسان وأقواله، لتكون حركة الزّمن في مسؤوليّته طريقه إلى الله، كما تكون حركته في المكان طريقه إلى الله في أجواء المسؤوليّة الشرعيّة.

وهكذا كان شهر رمضان سبيل الله الّذي أراد للإنسان أن يبدأ رحلته إليه في ما أثاره فيه من أجواء، أو شرّع فيه من شرائع، أو حرّك فيه من أوضاع، وقد منحه الله شرف الانتماء إليه، ليعيش النّاس الشعور بالمضمون الروحي الّذي يجعل الزمن إلهياً، يحمل في داخله سموّ المعنى الإلهيّ في ما يختزنه من رحمة وعافية ومغفرة ولطف ورضوان، وفي ما يمكن للعباد أن يحصلوا منه على المزيد من ذلك كلّه..

وليس معنى ذلك الاختصاص بالانتماء، أنّ الشهور الأخرى تفقد هذه الصفة في طبيعتها الزمنيّة وفي الألطاف الإلهية المحيطة بها، لأنّ الزمن كلّه خلق الله الذي جعله مفتوحاً على الحياة كلّها، وعلى الإنسان كلّه، من أجل أن ينال فيه رضاه من خلال حركته في مواقع طاعته، في ما كلّفه به من الأعمال التي تصل به إلى مواقع القرب منه، لأنَّ المسؤوليّة لا تختصّ بزمن معيّن، ففي كلّ لحظةٍ زمنيّةٍ، مهما صغرت، تكليفٌ شرعيّ يتوجّه فيه الله إلى الإنسان بأن يقف فيه عند حدوده، ولكنّ معنى هذا الاختصاص - في ما يبدو - هو الانفتاح الكبير لله فيه على عباده بفيوضات رحمته، بما لم يجعله الله لزمن آخر في ما هي القيمة، وفي ما هو المستوى، في الكميّة والنوعيّة.. وهذا هو ما تعبّر عنه الكلمات المأثورة عن رسول الله محمّد (ص)، في ما روي عنه من خطبته التي استقبل بها شهر رمضان، في آخر جمعة من شعبان، فقد جاء فيها:
"أيّها النّاس، قد أقبلَ عليكُم شهرُ الله بالرّحمةِ والبركةِ والمغفرةِ، شهرٌ هو عند الله أفضل الشّهور، وأيّامه أفضل الأيّام، ولياليه أفضل اللّيالي، وساعاته أفضل السّاعات، قد دُعيتم فيه إلى ضيافة الله، وجُعِلتُم فيه من أهل كرامةِ الله، أنفاسُكُم فيه تسبيح، ونومُكُم فيه عبادة، وعملُكُم فيه مقبول، ودعاؤكم فيه مُستجاب، فاسألوا الله بنيّاتٍ صادقة وقلوبٍ طاهرة، أن يوفِّقَكُم لصيامه وتلاوة كتابه، فإنَّ الشقيَّ من حُرِمَ غفرانَ الله في هذا الشّهر العظيم".
فنحن نلاحظ في هذه الكلمات، احتضان الله للإنسان برحمته وبركته ومغفرته في هذا الشّهر، فقد حوّل فيه نومه إلى عبادة، وأنفاسه إلى تسبيح، وتقبّل فيه عمله، واستجاب فيه دعاءه بالدّرجة التي لم يمنحها له في أيّ شهر آخر.

إنّه الإحساس الإنساني الروحي الحميم بالجوّ الرّمضانيّ الذي يدخل إليه الإنسان ضيفاً مكرّماً يتغذّى بالرّحمة والبركة والمغفرة في أجواء العطف واللّطف والحنان بشكل مميّز حميم، حيث يعيش الإحساس بإنسانيّته المنطلقة من روح الله، عندما نفخ فيه الرّوح، فأعطاه شيئاً من سموّها الذي يتّصل بالله، وينفتح عليه في محبّةٍ واحتضان، حتى يحسّ في هذا الاندماج الروحي بالعلاقة التي ينسى فيها عبوديّته، وهو في قِمّة الخشوع في ممارسته لها.
*من كتاب "شهر رمضان رحلة الإنسان إلى الله".
اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية