أحاديث الانتحار!

أحاديث الانتحار!

ربّما يكون لانتحار الكبار في السنّ، أسباب وظروف تدفعهم إلى ذلك، بالرغم من رفضه كشكل من أشكال التّعبير أو الرّفض لواقعٍ ما، لكن أن تسمع بانتحار الصّغار، فهذه مسألة لا بدّ من التوقف عندها، والنظر إلى حجمها وأسبابها وتداعياتها..

نسمع اليوم كثيراً بأطفال ينهون حياتهم نتيجة سخرية أترابٍ لهم، أو إحساسهم بالنّقص نتيجة تشويه خَلقيّ، أو جرّاء عدم تحمّل ضغط المشاكل بين الأب والأم، ومن بينها وأهمّها الطّلاق. وأحياناً، قد يكون السّبب مدى تأثّرهم بما يشاهدونه أو يمارسونه من ألعاب "الأكشن" والفيديو. وما يسند هذه المعطيات، إحصاءات رسميّة تظهر ارتفاعاً ملحوظاً في حالات الانتحار في مجتمع محافظ كالأردن مثلاً، إذ تشير الأرقام الرسميّة إلى وقوع 57 حالة انتحار العام 2012، ويمثّل من هم على مقاعد الدّراسة 8 في المئة من الحالات، وتتركز ثلث المحاولات في محافظة عمّان.

ومن أسباب ازدياد الانتحار، بحسب خبير اجتماعي أردنيّ، هشاشة العلاقات الأسريّة، والتي هي أهمّ في تأثيراتها من الفقر والبطالة في سلوك طريق الانتحار، موضحاً أنّ موقف الأسرة من الفرد عامل مهمّ، فإذا كانت العلاقات الأسريّة متينة، تدفع بالفرد لتحمّل الظّروف، أمّا إذا كانت العلاقات متوتّرة، فتدفع إلى الانتحار أو إلى محاولة الانتحار، كنوع من أنواع معاقبة الولد لأسرته، ورفضه لما يقومون به أو يتصرّفون به تجاهه من تهميش وإهمال.

 كذلك يعطي الخبير الاجتماعيّ دوراً للأصدقاء في عدم استقرار صحة الطفل النفسيّة وتعزيز ثقته بنفسه، فهناك أصدقاء سوء هم بطبعهم عنيفون ويتسبّبون بكثير من الأذى النفسي والجسدي لبعضهم البعض.

ويرى أطباء نفسيون أن الطفل قد يحاول تطبيق ما يشاهده من مقاطع عبر التلفاز أو الألعاب، دون إدراكه لخطورة ذلك، وفي أحيان أخرى، قد يكون السبب شعوره بكثير من الإحباط والعجز، نتيجة تهميشه من عائلته وأصدقائه.. ويذهب تربويّون على هذا الصّعيد، إلى أنّ حالة الاضطهاد التي يعيشها الطّفل، والشباب أيضاً، من قبل الأسرة أو المدرسة والأصدقاء، تجعلهم يبلغون حالة من عدم التحمّل تؤدّي بهم في النهاية إلى الانتحار.

وتشير بعض الدراسات إلى أنّ المراهقين هم الأكثر إقداماً في فئة الطّفولة (أقلّ من 18 سنة) على الانتحار، ويعزون ذلك إلى التفكك الأسري والفشل في الدراسة والاكتئاب والانفصام الشخصي.

أمام هذه الصورة القاتمة، ونتيجة لتأزّم الواقع بكثير من القضايا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأمنية، أصبحت الطفولة مستهدفة، وترزح تحت ثقل هذه القضايا بكلّ مشاكلها وتشعباتها وتداعياتها النفسية والصحية والجسدية، ما يتطلب من أصحاب القرار والتأثير والتوجيه النفسي والدّيني والإعلامي والتربوي والصحي والحقوقي، التحرّك سريعاً، والتوقّف أمام كلّ هذه المعطيات، ودراسة المسألة، ووضع الحلول العمليّة لجذورها، منعاً لتفشّيها بين أجيالنا المهدّدة أصلاً بكثير من المغريات وأصحاب الأهواء والمصالح والحسابات.

ويبقى أنّ التصدّي الفاعل للمشاكل الاجتماعيّة والأسريّة والاقتصاديّة، من أهمّ ما يمكن عمله في التّخفيف عن كاهل المراهقين والطّفولة، كما أنّ عالم الإعلام له دوره المحوريّ في تصوير المشكلة والإضاءة عليها.

كذلك على الأهل والأقرباء والأصدقاء، مسؤوليّة التواصل مع من يمرّون بظروف قاسية، بأسلوب فيه كلّ العاطفة والرأفة والتوجيه الإيجابي الهادئ الّذي يبرّد المشاعر بدل الضّغط على هؤلاء. فهل من يتحرّك قبل مزيدٍ من حوادث الانتحار؟..

إن الآراء الواردة في هذا المقال لا تعبِّر بالضرورة عن رأي الموقع ، وإنما عن رأي صاحبه


ربّما يكون لانتحار الكبار في السنّ، أسباب وظروف تدفعهم إلى ذلك، بالرغم من رفضه كشكل من أشكال التّعبير أو الرّفض لواقعٍ ما، لكن أن تسمع بانتحار الصّغار، فهذه مسألة لا بدّ من التوقف عندها، والنظر إلى حجمها وأسبابها وتداعياتها..

نسمع اليوم كثيراً بأطفال ينهون حياتهم نتيجة سخرية أترابٍ لهم، أو إحساسهم بالنّقص نتيجة تشويه خَلقيّ، أو جرّاء عدم تحمّل ضغط المشاكل بين الأب والأم، ومن بينها وأهمّها الطّلاق. وأحياناً، قد يكون السّبب مدى تأثّرهم بما يشاهدونه أو يمارسونه من ألعاب "الأكشن" والفيديو. وما يسند هذه المعطيات، إحصاءات رسميّة تظهر ارتفاعاً ملحوظاً في حالات الانتحار في مجتمع محافظ كالأردن مثلاً، إذ تشير الأرقام الرسميّة إلى وقوع 57 حالة انتحار العام 2012، ويمثّل من هم على مقاعد الدّراسة 8 في المئة من الحالات، وتتركز ثلث المحاولات في محافظة عمّان.

ومن أسباب ازدياد الانتحار، بحسب خبير اجتماعي أردنيّ، هشاشة العلاقات الأسريّة، والتي هي أهمّ في تأثيراتها من الفقر والبطالة في سلوك طريق الانتحار، موضحاً أنّ موقف الأسرة من الفرد عامل مهمّ، فإذا كانت العلاقات الأسريّة متينة، تدفع بالفرد لتحمّل الظّروف، أمّا إذا كانت العلاقات متوتّرة، فتدفع إلى الانتحار أو إلى محاولة الانتحار، كنوع من أنواع معاقبة الولد لأسرته، ورفضه لما يقومون به أو يتصرّفون به تجاهه من تهميش وإهمال.

 كذلك يعطي الخبير الاجتماعيّ دوراً للأصدقاء في عدم استقرار صحة الطفل النفسيّة وتعزيز ثقته بنفسه، فهناك أصدقاء سوء هم بطبعهم عنيفون ويتسبّبون بكثير من الأذى النفسي والجسدي لبعضهم البعض.

ويرى أطباء نفسيون أن الطفل قد يحاول تطبيق ما يشاهده من مقاطع عبر التلفاز أو الألعاب، دون إدراكه لخطورة ذلك، وفي أحيان أخرى، قد يكون السبب شعوره بكثير من الإحباط والعجز، نتيجة تهميشه من عائلته وأصدقائه.. ويذهب تربويّون على هذا الصّعيد، إلى أنّ حالة الاضطهاد التي يعيشها الطّفل، والشباب أيضاً، من قبل الأسرة أو المدرسة والأصدقاء، تجعلهم يبلغون حالة من عدم التحمّل تؤدّي بهم في النهاية إلى الانتحار.

وتشير بعض الدراسات إلى أنّ المراهقين هم الأكثر إقداماً في فئة الطّفولة (أقلّ من 18 سنة) على الانتحار، ويعزون ذلك إلى التفكك الأسري والفشل في الدراسة والاكتئاب والانفصام الشخصي.

أمام هذه الصورة القاتمة، ونتيجة لتأزّم الواقع بكثير من القضايا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأمنية، أصبحت الطفولة مستهدفة، وترزح تحت ثقل هذه القضايا بكلّ مشاكلها وتشعباتها وتداعياتها النفسية والصحية والجسدية، ما يتطلب من أصحاب القرار والتأثير والتوجيه النفسي والدّيني والإعلامي والتربوي والصحي والحقوقي، التحرّك سريعاً، والتوقّف أمام كلّ هذه المعطيات، ودراسة المسألة، ووضع الحلول العمليّة لجذورها، منعاً لتفشّيها بين أجيالنا المهدّدة أصلاً بكثير من المغريات وأصحاب الأهواء والمصالح والحسابات.

ويبقى أنّ التصدّي الفاعل للمشاكل الاجتماعيّة والأسريّة والاقتصاديّة، من أهمّ ما يمكن عمله في التّخفيف عن كاهل المراهقين والطّفولة، كما أنّ عالم الإعلام له دوره المحوريّ في تصوير المشكلة والإضاءة عليها.

كذلك على الأهل والأقرباء والأصدقاء، مسؤوليّة التواصل مع من يمرّون بظروف قاسية، بأسلوب فيه كلّ العاطفة والرأفة والتوجيه الإيجابي الهادئ الّذي يبرّد المشاعر بدل الضّغط على هؤلاء. فهل من يتحرّك قبل مزيدٍ من حوادث الانتحار؟..

إن الآراء الواردة في هذا المقال لا تعبِّر بالضرورة عن رأي الموقع ، وإنما عن رأي صاحبه

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية