الإنسان مشاعر وأحاسيس وليس آلة

الإنسان مشاعر وأحاسيس وليس آلة

أن تتحوّل الحياة إلى مجرّد مساحة للعمل، دون أن تتلمّس فيها أوقاتاً لدفء المشاعر الإنسانيّة، التي تضفي نوعاً من الألفة والأنسنة، وتبعد وحشىة الروتين، فهذا أمرٌ يستدعي التوقف عنده، لأن ذلك يشير إلى خلل كبير يتحكّم بمجرى الحياة الاجتماعية والروابط الإنسانية.

لا بدَّ من إيجاد مساحة للإنسان يفرغ فيها مشاعره ويعبِّر عنها، فذلك هو ما يتوافق مع فطرته المجبولة على أساس أنّه كائن اجتماعيّ يُستأنس به ويُؤلف ويتآلف.

وإذا ما أتيت إلى مجتمع من المجتمعات الغربيّة، كألمانيا مثلاً، لا تجد إلا العمل، وما يعنيه من أجواء مثقلة مسيطرة على كلّ مساحة الحياة هناك، العامّة والخاصّة، فالعقلية الألمانية تتباهى بأنها عمليّة لا تنتج إلا الأفضل، وتخطّط للمستقبل، هذا الواقع دفع المستشارة ميركل إلى التّساؤل عن عدم ضحك الألمان، بقولها: "لا أعرف حقاً لماذا لا يضحكون؟"، تساؤل مشروع في ظلّ حياة اجتماعية شبه معدومة.

ويعمد البعض إلى استخدام طرق لإثارة السعادة والابتسامة المفقودة عن الشفاه والوجوه، ومن ذلك الرياضة، ولكن دون جدوى، فبحسب مدرّبين رياضيين، فحتى الرياضة يزاولونها على أنها فعل عليهم إتقانه، وهذا أمرٌ متعب، فإتقان الأشياء فقط شكّل هاجساً نفسياً أفقد الجميع متعة الحياة ولذّتها في معايشة الشعور الإنساني العام، لجهة الألفة ونشر السعادة، وعدم تحكم العقلية المادية في كل تفصيل، حتى أضحى الإنسان مجرد رجل آلي يصنع ما يفعل منه؛ رجل آلي خالٍ من المشاعر والأحاسيس.

حتى إن التلفزيون الألماني جرّب ويجرِّب برامج ساخرة لإثارة الضحك لدى كل الفئات العمرية، بغية إخراجهم من الرتابة، وجو العمل الذي ينعكس على بنية العائلة والمجتمع، ويفقد التواصل الإنساني الكثير من قيمته وأهميته في التلاحم والتضامن والتراحم، حتى إن التكنولوجيا تسبّبت في تعزيز الابتعاد عن لغة التواصل بين الناس، فلا زيارات متبادلة، ولا أحاديث خاصّة، ولا علاقات حميمة تشعر المرء بأنّه كائن إنساني موجود له مشاعر وأحاسيس ينبغي تفريغها ومشاركتها مع الآخرين.

ويرى مقيمون في المجتمع الألماني، أنّه من السهولة بمكان افتراق الزوج عن زوجته، أو الأهل عن أولادهم، فهم في الأصل يفتقدون إلى التواصل المطلوب الذي يحمي تماسكهم، فما عليهم إلا سلوك طريق عملي، وهو القانون، لحلّ مشاكلهم العالقة، ولا يتكلفون العناء لحلّها بطرق إجراء المصالحات وتبادل الكلام والنّصح، وهو ما يُفقد العلاقات البشريّة بهجتها وأصالتها.

لا بدّ من إحياء الروح الاجتماعيّة الواحدة المتفاعلة مع بعضها البعض على مستوى المشاعر، لينعكس ذلك سلوكاً تواصلياً يعيد الدفء إلى الروابط الإنسانية، التي تواجه خطر التفكّك والتهميش، مقابل صعود لغة الاستغراق في الحسابات المادية القاتلة.

وإحياء هذه الرّوح، لا يكون فقط عبر بعض البرامج الشكلية التي سرعان ما ينتهي أثرها، بل عبر نشر التوعية اللازمة من كل المؤسسات الرسمية والمدنية حول أهمية إحياء الشعور الإنساني العام، وضرورة التكافل والتراحم والتزاور، وتبادل المشاعر الطيبة، وإلغاء كل الفواصل التي تمنع من التفاعل المطلوب الذي يؤكّد هوية الإنسان، وينمّي من إحساسه ومشاعره، ويعمل على تصويب أوضاعه النفسية والسلوكية والاجتماعية، فالإنسان كائن اجتماعي في الدّرجة الأولى، وليس مجرد آلة منتجة، فحتى الآلات يوضع لها بعض الزيوت الخاصّة لمواصلة عملها دون مشاكل، فكيف بالآدميّين الذين يملكون قلباً ومشاعر وروحاً!

إن الآراء الواردة في هذا المقال لا تعبِّر بالضرورة عن رأي الموقع ، وإنما عن رأي صاحبه


أن تتحوّل الحياة إلى مجرّد مساحة للعمل، دون أن تتلمّس فيها أوقاتاً لدفء المشاعر الإنسانيّة، التي تضفي نوعاً من الألفة والأنسنة، وتبعد وحشىة الروتين، فهذا أمرٌ يستدعي التوقف عنده، لأن ذلك يشير إلى خلل كبير يتحكّم بمجرى الحياة الاجتماعية والروابط الإنسانية.

لا بدَّ من إيجاد مساحة للإنسان يفرغ فيها مشاعره ويعبِّر عنها، فذلك هو ما يتوافق مع فطرته المجبولة على أساس أنّه كائن اجتماعيّ يُستأنس به ويُؤلف ويتآلف.

وإذا ما أتيت إلى مجتمع من المجتمعات الغربيّة، كألمانيا مثلاً، لا تجد إلا العمل، وما يعنيه من أجواء مثقلة مسيطرة على كلّ مساحة الحياة هناك، العامّة والخاصّة، فالعقلية الألمانية تتباهى بأنها عمليّة لا تنتج إلا الأفضل، وتخطّط للمستقبل، هذا الواقع دفع المستشارة ميركل إلى التّساؤل عن عدم ضحك الألمان، بقولها: "لا أعرف حقاً لماذا لا يضحكون؟"، تساؤل مشروع في ظلّ حياة اجتماعية شبه معدومة.

ويعمد البعض إلى استخدام طرق لإثارة السعادة والابتسامة المفقودة عن الشفاه والوجوه، ومن ذلك الرياضة، ولكن دون جدوى، فبحسب مدرّبين رياضيين، فحتى الرياضة يزاولونها على أنها فعل عليهم إتقانه، وهذا أمرٌ متعب، فإتقان الأشياء فقط شكّل هاجساً نفسياً أفقد الجميع متعة الحياة ولذّتها في معايشة الشعور الإنساني العام، لجهة الألفة ونشر السعادة، وعدم تحكم العقلية المادية في كل تفصيل، حتى أضحى الإنسان مجرد رجل آلي يصنع ما يفعل منه؛ رجل آلي خالٍ من المشاعر والأحاسيس.

حتى إن التلفزيون الألماني جرّب ويجرِّب برامج ساخرة لإثارة الضحك لدى كل الفئات العمرية، بغية إخراجهم من الرتابة، وجو العمل الذي ينعكس على بنية العائلة والمجتمع، ويفقد التواصل الإنساني الكثير من قيمته وأهميته في التلاحم والتضامن والتراحم، حتى إن التكنولوجيا تسبّبت في تعزيز الابتعاد عن لغة التواصل بين الناس، فلا زيارات متبادلة، ولا أحاديث خاصّة، ولا علاقات حميمة تشعر المرء بأنّه كائن إنساني موجود له مشاعر وأحاسيس ينبغي تفريغها ومشاركتها مع الآخرين.

ويرى مقيمون في المجتمع الألماني، أنّه من السهولة بمكان افتراق الزوج عن زوجته، أو الأهل عن أولادهم، فهم في الأصل يفتقدون إلى التواصل المطلوب الذي يحمي تماسكهم، فما عليهم إلا سلوك طريق عملي، وهو القانون، لحلّ مشاكلهم العالقة، ولا يتكلفون العناء لحلّها بطرق إجراء المصالحات وتبادل الكلام والنّصح، وهو ما يُفقد العلاقات البشريّة بهجتها وأصالتها.

لا بدّ من إحياء الروح الاجتماعيّة الواحدة المتفاعلة مع بعضها البعض على مستوى المشاعر، لينعكس ذلك سلوكاً تواصلياً يعيد الدفء إلى الروابط الإنسانية، التي تواجه خطر التفكّك والتهميش، مقابل صعود لغة الاستغراق في الحسابات المادية القاتلة.

وإحياء هذه الرّوح، لا يكون فقط عبر بعض البرامج الشكلية التي سرعان ما ينتهي أثرها، بل عبر نشر التوعية اللازمة من كل المؤسسات الرسمية والمدنية حول أهمية إحياء الشعور الإنساني العام، وضرورة التكافل والتراحم والتزاور، وتبادل المشاعر الطيبة، وإلغاء كل الفواصل التي تمنع من التفاعل المطلوب الذي يؤكّد هوية الإنسان، وينمّي من إحساسه ومشاعره، ويعمل على تصويب أوضاعه النفسية والسلوكية والاجتماعية، فالإنسان كائن اجتماعي في الدّرجة الأولى، وليس مجرد آلة منتجة، فحتى الآلات يوضع لها بعض الزيوت الخاصّة لمواصلة عملها دون مشاكل، فكيف بالآدميّين الذين يملكون قلباً ومشاعر وروحاً!

إن الآراء الواردة في هذا المقال لا تعبِّر بالضرورة عن رأي الموقع ، وإنما عن رأي صاحبه

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية