عمل الأطفال من وجهة نظر الشَّرع

عمل الأطفال من وجهة نظر الشَّرع

نطالع في وسائل الإعلام ومواقع التَّواصل أخباراً عن عمالة الأطفال، ومواقف من منظَّمات محليّة وعالميّة تطالب بمراعاة هؤلاء في العمل، وضرورة سنّ تشريعات قانونيّة لحمايتهم من الأعمال المرهقة والشاقّة، وأهميّة تشريع قوانين للاهتمام بالتّقديمات الاجتماعيّة الّتي تحفظ صحّتهم وتؤمّن التّعليم والطّبابة لهم وغير ذلك.

وربما السّؤال عن وجهة نظر الشّرع في عمالة الأطفال هو: هل حدَّد الشّرع خطّاً واضحاً أو تفصيليّاً في تعرّضه لمعضلة عمالة الأطفال؟! فما نعرفه أنّ مصلحة الطّفل هي الأساس في الواقع، وعلى المجتمع، وبدايةً أولياء الطفل، حفظ مصلحته في بدنه وماله وتعليمه، بما يجعله إنساناً قادراً على مواجهة الحياة.

ولكن، للأسف، نسمع ونرى أعمالاً شاقّة يمارسها الأطفال في كلّ المجتمعات الفقيرة، في ورش الحدادة والبناء وتصليح السيّارات، وصولاً إلى مناجم الفحم والذّهب، ما يجعل الطّفل معرّضاً لأسوأ الظّروف والمخاطر.

ومن وجهة النّظر الشرعيَّة، نستفيد من رأي المرجع السيّد محمد حسين فضل الله(رض)، أنّه لكي نصل إلى حكمٍ شرعيٍّ واضح، لا بدَّ من رسم الخطوط العامَّة الفقهيَّة بما يتَّصل بعمل الأطفال، وضرورة دراسة الظّروف المحيطة بالطّفل وأهله وبواقعه، لإعطاء الحكم الشّرعيّ الواضح.

وفي هذا السّياق، يقول: "ليست هناك نصوص تفصيليّة محدّدة في هذا الجانب، ولكن يمكن أن نستوحي ذلك أو ما هو أوسع من ذلك، من خلال معنى ولاية الطّفل، لأنّ الطّفل لا بدَّ من أن يكون له وليّ، إمّا الأب، أو الجدّ للأب، أو الوصيّ من قبل الأب والجدّ، أو الحاكم الشّرعيّ إذا فقد هؤلاء، والولاية في تصرّف الوليّ في شؤون الطفل مشروطة بما يعبّر عنه في الفقه بـ(الغبطة)، أي المصلحة، فلا يجوز لوليّ الطفل أن يتصرف في نفسه أو في ماله أو في شؤونه المتّصلة به بما لا يكون مصلحة له، أو بما يكون مفسدة له".

ويتابع سماحته(رض): "ومن خلال هذا الجانب، لا نستطيع أن نعطي حكماً كليّاً بأنّه لا يجوز عمل الأطفال، كما أنّنا لا نستطيع أن نأخذ حرّيتنا في عمل الأطفال، فنجيزه على الإطلاق، بل لا بدَّ من أن ندرس المسألة من خلال مصلحة الطفل... أما في التفاصيل، فلا بدَّ من أن يكون العمل غير مرهق للطفل عقلياً وبدنياً.. لكن يمكن للمجتمع من خلال هيئات شعبية، أو يمكن للحكم الذي يسيطر على المجتمع، أن ينظّم ضماناً للأطفال، بحيث يمكن أن يتعلَّموا حتى يبلغوا المستوى الجيد، سواء كان العلم نظرياً أو عملياً، فإذا وصلنا إلى مستوى من الضّمانة الاجتماعيّة، من حيث مجّانية التعليم وإمكانيته لكلّ الأطفال، كما يتكفَّل هذا الضّمان بالفقراء أيضاً، عند ذلك نحرّم ـ بالعنوان الثّانويّ ـ عمل الأطفال، لدوران الأمر بين أن يكون الأطفال أمّيّين جاهلين بدون عمل، وأن نعلّمهم في ظروف تجعلهم أشخاصاً نافعين في المجتمع.

فلا بدَّ من دراسة هذه الأمور ميدانيّاً، أي لا يمكن أن نعطي، بحسب الفقه الإسلاميّ، خطّاً تفصيليّاً في ذلك، وإنما نرسم خطوطاً عامَّة فقط، لأنّه لا بدَّ من دراسة الظّروف المحيطة بالطّفل وبأهله وبواقعه". [كتاب النّدوة، ج 5، ص 619، 620].

من هنا، فإنَّ الدَّعوة مفتوحة لرجال القانون والعلماء، لفتح نقاشٍ مثمر، ومقاربة قضيَّة اجتماعيّة تهمّ المجتمع برمَّته، وهي قضيَّة عمالة الأطفال، ووضع تصوّرٍ ينسجم مع روح الشّرع وكرامة الإنسان وحقوقه.

*إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبِّر بالضَّرورة عن رأي الموقع، وإنّما عن وجهة نظر صاحبها.

نطالع في وسائل الإعلام ومواقع التَّواصل أخباراً عن عمالة الأطفال، ومواقف من منظَّمات محليّة وعالميّة تطالب بمراعاة هؤلاء في العمل، وضرورة سنّ تشريعات قانونيّة لحمايتهم من الأعمال المرهقة والشاقّة، وأهميّة تشريع قوانين للاهتمام بالتّقديمات الاجتماعيّة الّتي تحفظ صحّتهم وتؤمّن التّعليم والطّبابة لهم وغير ذلك.

وربما السّؤال عن وجهة نظر الشّرع في عمالة الأطفال هو: هل حدَّد الشّرع خطّاً واضحاً أو تفصيليّاً في تعرّضه لمعضلة عمالة الأطفال؟! فما نعرفه أنّ مصلحة الطّفل هي الأساس في الواقع، وعلى المجتمع، وبدايةً أولياء الطفل، حفظ مصلحته في بدنه وماله وتعليمه، بما يجعله إنساناً قادراً على مواجهة الحياة.

ولكن، للأسف، نسمع ونرى أعمالاً شاقّة يمارسها الأطفال في كلّ المجتمعات الفقيرة، في ورش الحدادة والبناء وتصليح السيّارات، وصولاً إلى مناجم الفحم والذّهب، ما يجعل الطّفل معرّضاً لأسوأ الظّروف والمخاطر.

ومن وجهة النّظر الشرعيَّة، نستفيد من رأي المرجع السيّد محمد حسين فضل الله(رض)، أنّه لكي نصل إلى حكمٍ شرعيٍّ واضح، لا بدَّ من رسم الخطوط العامَّة الفقهيَّة بما يتَّصل بعمل الأطفال، وضرورة دراسة الظّروف المحيطة بالطّفل وأهله وبواقعه، لإعطاء الحكم الشّرعيّ الواضح.

وفي هذا السّياق، يقول: "ليست هناك نصوص تفصيليّة محدّدة في هذا الجانب، ولكن يمكن أن نستوحي ذلك أو ما هو أوسع من ذلك، من خلال معنى ولاية الطّفل، لأنّ الطّفل لا بدَّ من أن يكون له وليّ، إمّا الأب، أو الجدّ للأب، أو الوصيّ من قبل الأب والجدّ، أو الحاكم الشّرعيّ إذا فقد هؤلاء، والولاية في تصرّف الوليّ في شؤون الطفل مشروطة بما يعبّر عنه في الفقه بـ(الغبطة)، أي المصلحة، فلا يجوز لوليّ الطفل أن يتصرف في نفسه أو في ماله أو في شؤونه المتّصلة به بما لا يكون مصلحة له، أو بما يكون مفسدة له".

ويتابع سماحته(رض): "ومن خلال هذا الجانب، لا نستطيع أن نعطي حكماً كليّاً بأنّه لا يجوز عمل الأطفال، كما أنّنا لا نستطيع أن نأخذ حرّيتنا في عمل الأطفال، فنجيزه على الإطلاق، بل لا بدَّ من أن ندرس المسألة من خلال مصلحة الطفل... أما في التفاصيل، فلا بدَّ من أن يكون العمل غير مرهق للطفل عقلياً وبدنياً.. لكن يمكن للمجتمع من خلال هيئات شعبية، أو يمكن للحكم الذي يسيطر على المجتمع، أن ينظّم ضماناً للأطفال، بحيث يمكن أن يتعلَّموا حتى يبلغوا المستوى الجيد، سواء كان العلم نظرياً أو عملياً، فإذا وصلنا إلى مستوى من الضّمانة الاجتماعيّة، من حيث مجّانية التعليم وإمكانيته لكلّ الأطفال، كما يتكفَّل هذا الضّمان بالفقراء أيضاً، عند ذلك نحرّم ـ بالعنوان الثّانويّ ـ عمل الأطفال، لدوران الأمر بين أن يكون الأطفال أمّيّين جاهلين بدون عمل، وأن نعلّمهم في ظروف تجعلهم أشخاصاً نافعين في المجتمع.

فلا بدَّ من دراسة هذه الأمور ميدانيّاً، أي لا يمكن أن نعطي، بحسب الفقه الإسلاميّ، خطّاً تفصيليّاً في ذلك، وإنما نرسم خطوطاً عامَّة فقط، لأنّه لا بدَّ من دراسة الظّروف المحيطة بالطّفل وبأهله وبواقعه". [كتاب النّدوة، ج 5، ص 619، 620].

من هنا، فإنَّ الدَّعوة مفتوحة لرجال القانون والعلماء، لفتح نقاشٍ مثمر، ومقاربة قضيَّة اجتماعيّة تهمّ المجتمع برمَّته، وهي قضيَّة عمالة الأطفال، ووضع تصوّرٍ ينسجم مع روح الشّرع وكرامة الإنسان وحقوقه.

*إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبِّر بالضَّرورة عن رأي الموقع، وإنّما عن وجهة نظر صاحبها.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية