كتابات
25/12/2019

كيف تواجه المرأة نشوز زوجها؟

كيف تواجه المرأة نشوز زوجها؟

{وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَآ أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الأنفُسُ الشُّحَّ وَإِن تُحْسِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً}(النساء: 128).

قد تلمح المرأة في حياتها مع الزوج تغيّراً في معاملتها، وتمرّداً على حقوقها، وإعراضاً عنها بوجهه، وربما كان ذلك نتيجة كِبَرٍ أو ميلٍ إلى زوجة أخرى أو غير ذلك من الأسباب... فكيف تواجه المرأة هذا الموقف؟

من الطبيعيّ أنّ الإسلام لم يرخّص للرّجل في ذلك، فقد أراد الله له أن يعاشر زوجته بالمعروف، ولكنّه ـ في الوقت نفسه ـ رخّص له في الطلاق، عندما تموت العاطفة في الرّوح، ويتبدّل الجوّ الطيّب إلى حالةٍ من النفور.

وقد لا تحبّ الزوجة أن تفارق زوجها، بسبب بعض المؤثرات الذاتيّة، فلها أن تدخل معه بالمفاوضات التي تنتهي إلى الصلح، وذلك بأن تتنازل له عن بعض حقوقها الماليّة، أو عن حقّ المعاشرة الزوجيّة، ليمتنع عن طلاقها وليصلح شأنه معها.

وقد أكّدت الآية أنّ الصلح خير، لأنه يفسح المجال لحلّ المشاكل بطريقة سلميّة لا تخلِّف وراءها مشاكل جديدة... {وَأُحْضِرَتِ الأنفُسُ الشُّحَّ} أي البخل، فإنّه من الغرائز الإنسانية التي تكمن في داخل الإنسان، فتمنعه من العطاء، وتحول بينه وبين تقديم التّنازلات من أجل الوصول إلى الحلول الوسط في العلاقات الإنسانيّة، ما يعقّد الحياة لدى جميع الفرقاء المتنازعين ويحوّلها إلى جحيم؛ فلا مناص من الصّلح الّذي يقود الطرفين إلى بعضٍ من الحقّ، بدلاً من حرمانه منه بأجمعه.

وقد ورد في الدرّ المنثور، عن عليّ بن أبي طالب (ع)، أنه سُئل عن هذه الآية فقال: «هو الرّجل عنده امرأتان، فتكون إحداهما قد عجزت أو تكون دميمةً، فيريد فراقها، فتصالحه على أن يكون عندها ليلة وعند الأخرى ليالي ولا يفارقها، فما طابت به نفسها فلا بأس به؛ فإن رجعت سوّى بينهما»... وربما كان هذا التفسير من قبيل الحديث عن النموذج، وليس من قبيل التّخصيص؛ لإمكان أن يكون هناك عدة حالات من هذا القبيل.

ثم انطلقت الآية إلى الرّجال ـ في ما يوحي به السياق ـ لتدعوهم إلى الإحسان والتقوى، لئلا تقودهم الحالات النفسية المعقَّدة إلى الانحراف عن خطّ الله في السلوك في داخل العلاقة الزوجيّة، فيعرّض نفسه لعقوبة الله الذي هو خبير بكلّ ما يقومون به من أعمال.

وفي ضوء ذلك، يمكننا أن نفهم أن التّنازل الذي يراد من الزوجة تقديمه، ليس في مقابل إقناع الزوج بالقيام بحقّها الشرعي الذي فرضه الله عليه؛ فإنّ ذلك أمر واجب لا يتحدّث القرآن عن الدخول في مفاوضات الصّلح من أجله، لأن الانحراف عنه غير شرعي، بل هو في مقابل تنازل الزوج عن حقه في الطلاق، الأمر الذي يجعل الدعوة إلى الصّلح، دعوةً إلى بناء الحياة الزوجية على أساس التراضي والوفاق، في الحالات التي تتحرّك الظروف في اتجاه تهديمها وإزالتها من حياة الطرفين.

*من كتاب "تفسير من وحي القرآن"، ج 7.

{وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَآ أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الأنفُسُ الشُّحَّ وَإِن تُحْسِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً}(النساء: 128).

قد تلمح المرأة في حياتها مع الزوج تغيّراً في معاملتها، وتمرّداً على حقوقها، وإعراضاً عنها بوجهه، وربما كان ذلك نتيجة كِبَرٍ أو ميلٍ إلى زوجة أخرى أو غير ذلك من الأسباب... فكيف تواجه المرأة هذا الموقف؟

من الطبيعيّ أنّ الإسلام لم يرخّص للرّجل في ذلك، فقد أراد الله له أن يعاشر زوجته بالمعروف، ولكنّه ـ في الوقت نفسه ـ رخّص له في الطلاق، عندما تموت العاطفة في الرّوح، ويتبدّل الجوّ الطيّب إلى حالةٍ من النفور.

وقد لا تحبّ الزوجة أن تفارق زوجها، بسبب بعض المؤثرات الذاتيّة، فلها أن تدخل معه بالمفاوضات التي تنتهي إلى الصلح، وذلك بأن تتنازل له عن بعض حقوقها الماليّة، أو عن حقّ المعاشرة الزوجيّة، ليمتنع عن طلاقها وليصلح شأنه معها.

وقد أكّدت الآية أنّ الصلح خير، لأنه يفسح المجال لحلّ المشاكل بطريقة سلميّة لا تخلِّف وراءها مشاكل جديدة... {وَأُحْضِرَتِ الأنفُسُ الشُّحَّ} أي البخل، فإنّه من الغرائز الإنسانية التي تكمن في داخل الإنسان، فتمنعه من العطاء، وتحول بينه وبين تقديم التّنازلات من أجل الوصول إلى الحلول الوسط في العلاقات الإنسانيّة، ما يعقّد الحياة لدى جميع الفرقاء المتنازعين ويحوّلها إلى جحيم؛ فلا مناص من الصّلح الّذي يقود الطرفين إلى بعضٍ من الحقّ، بدلاً من حرمانه منه بأجمعه.

وقد ورد في الدرّ المنثور، عن عليّ بن أبي طالب (ع)، أنه سُئل عن هذه الآية فقال: «هو الرّجل عنده امرأتان، فتكون إحداهما قد عجزت أو تكون دميمةً، فيريد فراقها، فتصالحه على أن يكون عندها ليلة وعند الأخرى ليالي ولا يفارقها، فما طابت به نفسها فلا بأس به؛ فإن رجعت سوّى بينهما»... وربما كان هذا التفسير من قبيل الحديث عن النموذج، وليس من قبيل التّخصيص؛ لإمكان أن يكون هناك عدة حالات من هذا القبيل.

ثم انطلقت الآية إلى الرّجال ـ في ما يوحي به السياق ـ لتدعوهم إلى الإحسان والتقوى، لئلا تقودهم الحالات النفسية المعقَّدة إلى الانحراف عن خطّ الله في السلوك في داخل العلاقة الزوجيّة، فيعرّض نفسه لعقوبة الله الذي هو خبير بكلّ ما يقومون به من أعمال.

وفي ضوء ذلك، يمكننا أن نفهم أن التّنازل الذي يراد من الزوجة تقديمه، ليس في مقابل إقناع الزوج بالقيام بحقّها الشرعي الذي فرضه الله عليه؛ فإنّ ذلك أمر واجب لا يتحدّث القرآن عن الدخول في مفاوضات الصّلح من أجله، لأن الانحراف عنه غير شرعي، بل هو في مقابل تنازل الزوج عن حقه في الطلاق، الأمر الذي يجعل الدعوة إلى الصّلح، دعوةً إلى بناء الحياة الزوجية على أساس التراضي والوفاق، في الحالات التي تتحرّك الظروف في اتجاه تهديمها وإزالتها من حياة الطرفين.

*من كتاب "تفسير من وحي القرآن"، ج 7.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية