كتابات
10/06/2020

الجبروت صفة الله فقط

الجبروت صفة الله فقط

[ورد في دعاء كميل بن زياد المرويّ عن الإمام عليّ (ع): "وبِجَبَروتِكَ التي غَلَبْتَ بها كلَّ شيء"].

الجبروت: من الجبر. وهي من صيغ المبالغة، على وزن فعلوت كملكوت.

وهي من الصفات التي تفيد المدح والذّمّ معاً، وذلك بحسب من توصَّف بها. فإذا أطلقت على الله سبحانه وتعالى كانت مدحاً، وأفادت المعاني الرئيسة التالية: الملك، العالي فوق خلقه، الذي لا ينال.. كما تفيد معاني: القهر، والإكراه، والقوّة، والعظمة، والاستعلاء، والكِبَر، والتسلُّط.

وإذا ما أطلقت بحقّ العبد أفادت الذَّمَّ، وذلك وفق المعاني التالية: المتمرّد، العالي، المتكبّر الذي لا يرى لأحد عليه حقّاً، ولا يقبل الموعظة من أحد، القاسي الذي لا يعرف قلبه الرّحمة، والقتّال بغير حقّ، والمتسلِّط على غيره، القاهر لهم بعتوّ وظلم وغير وجه حقّ. وقد عدَّت هذه الصفة، في جانبٍ منها، من مختصّات الله تعالى. وفي جانبٍ آخر، فإنَّ المتأمّل في مضامينها يخرج بالنتائج التالية:

أوّلاً: إنَّ المتسلِّط حقّاً على هذا الوجود، والماسك والمتصرّف بأسبابه وعلله، هو الله سبحانه وتعالى. فما من شيء إلّا هو تحت يد الله وفي قبضته، سبحانه وتعالى، لا يخرج من دائرة ملكه أو نفوذه وسيطرته، فهو في وجوده محتاج، فقير، إلى الله تعالى، وهو في استمرار وجوده، وحفظ وجوده، محتاج إليه تعالى، فما من شيء من أمر وجودنا، وأسباب معاشنا، إلّا هو متعلّق بإرادة الله، مقهور وخاضع لها.

فإذا كان لله، سبحانه وتعالى، كلّ هذا الشّأن، ففي ذلك إقرار ضمني بأنّ شأننا في هذا الوجود، ليس له إلّا الفقر الخالص، والاحتياج المطلق. ولذا كان حريّاً بالفقير الضعيف أن يتوجّه بالسؤال إلى الغنيّ القدير.

ثانياً: لا ريب في أنّ الواحد منّا كلّما استشعر قلبه وعقله معاني عظمة الخالق وقدرته وسلطته ومنعته، استشعر، أيضاً، معاني المقهوريّة والعبوديّة الخالصة لله (عزّ وجلّ) ، حيث لا يرى لنفسه من منزلة سوى منزلة الفقراء البائسين، منزلة العبيد الأذلّاء.. ولا يرى في جانب الذّات الإلهيّة إلّا منزلة العظمة والكبرياء والتعالي والعزّة والمنعة.

من هنا، كان تقديمه (ع) صفات القوّة والجبروت، بعد صفة الرّحمة، إمعاناً منه في إبراز جانب العبوديّة فيه، في مقابل إظهار جانب العظمة الإلهيّة.

وفي جانبٍ آخر، فإنّ شأن مَنْ لا يرى جبّاراً في الوجود إلّا الله سبحانه وتعالى، أن لا يقرّ أو يعترف أو يسمح بوجود جبّارين في الأرض. فكلّ جَبّاري الأرض ليسوا في نظره سوى أوغاد، حقيرين، أذلّاء، مقهورين، وأن ليس لهم من جبروتهم سوى جانب الباطل منها، وبحسب الوهم والخيال، لا بحسب الحقيقة والواقع.

فتوكيد جبروت الله، سبحانه وتعالى، لا يستقيم إلّا بنفي ونزع براثن كلّ شعور وفكر وإرادة وواقع جبّار في حياتنا ووجودنا.

من هنا، كان لاختصاص صفة الجبروت بالله تعالى، ولما تفيده من معان سامقة، أن أقسم بها، (ع)، متوسّلاً إجابة مسألته"

*من كتاب "في رحاب دعاء كميل".

[ورد في دعاء كميل بن زياد المرويّ عن الإمام عليّ (ع): "وبِجَبَروتِكَ التي غَلَبْتَ بها كلَّ شيء"].

الجبروت: من الجبر. وهي من صيغ المبالغة، على وزن فعلوت كملكوت.

وهي من الصفات التي تفيد المدح والذّمّ معاً، وذلك بحسب من توصَّف بها. فإذا أطلقت على الله سبحانه وتعالى كانت مدحاً، وأفادت المعاني الرئيسة التالية: الملك، العالي فوق خلقه، الذي لا ينال.. كما تفيد معاني: القهر، والإكراه، والقوّة، والعظمة، والاستعلاء، والكِبَر، والتسلُّط.

وإذا ما أطلقت بحقّ العبد أفادت الذَّمَّ، وذلك وفق المعاني التالية: المتمرّد، العالي، المتكبّر الذي لا يرى لأحد عليه حقّاً، ولا يقبل الموعظة من أحد، القاسي الذي لا يعرف قلبه الرّحمة، والقتّال بغير حقّ، والمتسلِّط على غيره، القاهر لهم بعتوّ وظلم وغير وجه حقّ. وقد عدَّت هذه الصفة، في جانبٍ منها، من مختصّات الله تعالى. وفي جانبٍ آخر، فإنَّ المتأمّل في مضامينها يخرج بالنتائج التالية:

أوّلاً: إنَّ المتسلِّط حقّاً على هذا الوجود، والماسك والمتصرّف بأسبابه وعلله، هو الله سبحانه وتعالى. فما من شيء إلّا هو تحت يد الله وفي قبضته، سبحانه وتعالى، لا يخرج من دائرة ملكه أو نفوذه وسيطرته، فهو في وجوده محتاج، فقير، إلى الله تعالى، وهو في استمرار وجوده، وحفظ وجوده، محتاج إليه تعالى، فما من شيء من أمر وجودنا، وأسباب معاشنا، إلّا هو متعلّق بإرادة الله، مقهور وخاضع لها.

فإذا كان لله، سبحانه وتعالى، كلّ هذا الشّأن، ففي ذلك إقرار ضمني بأنّ شأننا في هذا الوجود، ليس له إلّا الفقر الخالص، والاحتياج المطلق. ولذا كان حريّاً بالفقير الضعيف أن يتوجّه بالسؤال إلى الغنيّ القدير.

ثانياً: لا ريب في أنّ الواحد منّا كلّما استشعر قلبه وعقله معاني عظمة الخالق وقدرته وسلطته ومنعته، استشعر، أيضاً، معاني المقهوريّة والعبوديّة الخالصة لله (عزّ وجلّ) ، حيث لا يرى لنفسه من منزلة سوى منزلة الفقراء البائسين، منزلة العبيد الأذلّاء.. ولا يرى في جانب الذّات الإلهيّة إلّا منزلة العظمة والكبرياء والتعالي والعزّة والمنعة.

من هنا، كان تقديمه (ع) صفات القوّة والجبروت، بعد صفة الرّحمة، إمعاناً منه في إبراز جانب العبوديّة فيه، في مقابل إظهار جانب العظمة الإلهيّة.

وفي جانبٍ آخر، فإنّ شأن مَنْ لا يرى جبّاراً في الوجود إلّا الله سبحانه وتعالى، أن لا يقرّ أو يعترف أو يسمح بوجود جبّارين في الأرض. فكلّ جَبّاري الأرض ليسوا في نظره سوى أوغاد، حقيرين، أذلّاء، مقهورين، وأن ليس لهم من جبروتهم سوى جانب الباطل منها، وبحسب الوهم والخيال، لا بحسب الحقيقة والواقع.

فتوكيد جبروت الله، سبحانه وتعالى، لا يستقيم إلّا بنفي ونزع براثن كلّ شعور وفكر وإرادة وواقع جبّار في حياتنا ووجودنا.

من هنا، كان لاختصاص صفة الجبروت بالله تعالى، ولما تفيده من معان سامقة، أن أقسم بها، (ع)، متوسّلاً إجابة مسألته"

*من كتاب "في رحاب دعاء كميل".

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية