هل نحن ممن يستحبون الدنيا على الآخرة ؟

هل نحن ممن يستحبون الدنيا على الآخرة ؟

يحدثنا الله تعالى في كتابه العزيز عن فئة من الناس تسعى بكل ما أوتيت من قدرة وطاقة على إيثار الدنيا ومتاعها وما فيها على حساب الحياة الخالدة وهي الآخرة ، هذا الإيثار الخطير على الفرد والمجتمع يدفع هذه الفئة إلى توسل كل الاساليب من أجل تحقيق مآربهم وإشباع أهوائهم ومطامعهم لذا هم يترصّدون بالمؤمنين كل شرٍّ ويواجهون الحق بكل تآمر وفتنة وإشاعة للفساد ويحاربون أتباع العدل والمستقيمين على خطّ الله لأن هذا الخط لا يقبلهم في مشروعه الذي يدعو إلى إيثار الآخرة على الدنيا وما يستدعيه ذلك من تخلي عن الأنانيات والنزوات والتفكر بالمصير الآخروي والإعداد له بكل عمل صالح وملتزم .

قال الله تعالى في كتابه المجيد: {الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُولَٰئِكَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ} [ابراهيم :3] .

وحول دلالات هذه الآية قال العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله "رض" :

" {الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخرةِ } بما تمثّله الحياة الدنيا من القيم المادية التي يخلد بها الإنسان إلى الأرض، فلا يرتفع إلى الآفاق الروحية، ولا يسمو إلى آفاق الله، بل يظل في حالة انحطاط، مع غرائزه وانفعالاته، مقابل الآخرة، التي تمثل القيم الروحية والإنسانية التي تدعو الإنسان للتجرد من جانبه الغريزي، وتوجهه نحو السموّ بآفاق فكره وروحه وحياته، وتدفعه إلى التخلُّق بأخلاق الله، والالتزام بشريعته حيث يمكن أن يلتقي بالخير من أقرب طريق.

{وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّه}، بوقوفهم ضد الدّعاة إليه ومنعهم الناس من الإستماع إليهم، ومن الإنسجام مع طروحاتهم، وتعاونهم مع قوى الكفر والشرّ والضلال لتأكيد مناهجهم، في الفكر والعمل، ولإبعاد الناس عن سبيل الله الذي هو الإسلام كله، وزجّهم في سبيل الشيطان الذي هو الكفر كلّه، والانحراف كلّه. {وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا} فلا يريدون السير على خط الاستقامة، بل يعملون على خط الالتواء والانحراف والاعوجاج. {أُوْلَـئِكَ فِي ضلالٍ بَعِيدٍ}، فقد امتد سيرهم في خط الانحراف الفكري والعملي، فتاهوا في مجاهل الكفر والعصيان، حتى بلغوا في الضياع شأواً بعيداً.

وإذا كان الأساس في عذاب الكافرين وبعدهم عن ساحة رحمة الله، هو تفضيلهم الدنيا على الآخرة، وصدّهم عن سبيل الله، وسيرهم في خط الاعوجاج، فإن المسألة قد تطال غير الكافرين من المسلمين الذين قد يعيشون الإسلام في أفكارهم كحالةٍ ثقافيةٍ، ولكنهم يعيشون الكفر في خطهم العملي، في ما تمثله من قيمٍ سلبيةٍ تسيء إلى مسيرة الإيمان والطاعة والالتزام". .

جاء في تفسير الطبري : يعني جل ثناؤه بقوله: { الذين يستحبون الحياة الدنيا على الآخرة } ، الذين يختارون الحياة الدنيا ومتاعها ومعاصي الله فيها ، على طاعة الله وما يقرِّبهم إلى رضاه من الأعمال النافعة في الآخرة { وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ } ، يقول: ويمنعون من أراد الإيمان بالله واتّباعَ رسوله على ما جاء به من عند الله ، من الإيمان به واتباعه { وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا} يقول: ويلتمسون سَبِيل الله وهي دينه الذي ابتعث به رسوله ( عوجًا ) : تحريفًا وتبديلا بالكذب والزّور.

"والعِوَج " بكسر العين وفتح الواو ، في الدين والأرض وكل ما لم يكن قائمًا ، فأما في كلِّ ما كان قائمًا ، كالحائط والرمح والسنّ ، فإنه يقال بفتح العين والواو جميعًا " عَوَج ".

يقول الله عز ذكره: { أولئك في ضلال بعيد } يعني هؤلاء الكافرين الذين يستحبُّون الحياة الدنيا على الآخرة . يقول: هم في ذهابٍ عن الحق بعيد ، وأخذ على غير هُدًى ، وجَوْر عن قَصْد السبيل. .

وقد علق العلامة الشيخ محمد جواد مغنية رحمه الله على هذه الآية في تفسيره فقال : { الذين يستحبون الحياة الدنيا على الآخرة } يؤثرون الباطل على الحق لا لشيء إلا لأنهم ينقادون بمعدتهم وشهوتهم لا بعقلهم وفطرتهم { ويصدون عن سبيل الله } قد ضلوا وأضلوا كثيرا عن سواء السبيل { ويبغونها عوجا} يطلبون الاعوجاج لسبيل الله بالتحريف والتزييف والدس والمؤامرات ولا يختص هذا بالملحدين والمشركين ، فإن كثيرا من المسلمين يكذبون ويخونون ويحرفون ويتآمرون على الاسلام والمسلمين مع أعدائه وأعدائهم " .

إن القرآن الكريم يستحثنا على عدم التعلق بشهواتنا المنحرفة التي تحجب عنا رؤية الحق والعمل بمقتضاه والتنبه من الضلالة والوقوع فيها والامتناع عن الدسائس والمؤامرات فذلك يتنافى مع أخلاقيات المؤمن الذي يحفظ واقع الناس ويحميه بكل قوة وثبات وأمانة .

المجتمع القرآني الإيماني هو يؤكد قيم الخير والعدالة في الحياة ومواجهة قوى الضلال والباطل وهو المجتمع الذي يلتزم موقف الحق ويجهر به ولا يهادن عليه..

فهل نكون فعلا ممن يؤثرون الآخرة على دنياهم أم ننزلق إلى إيثار الدنيا ؟

سؤال لا بد من أن يوجهه كل واحد منا لنفسه ويراجع أوضاعه وحسابه وتصرفاته ومدى انسجامها مع قيم الآخرة التي تريد جيلا رساليا قرآنيا مؤثرا وحيا وعاملا لله ومخلصا في سبيله والدعوة إليه .

يحدثنا الله تعالى في كتابه العزيز عن فئة من الناس تسعى بكل ما أوتيت من قدرة وطاقة على إيثار الدنيا ومتاعها وما فيها على حساب الحياة الخالدة وهي الآخرة ، هذا الإيثار الخطير على الفرد والمجتمع يدفع هذه الفئة إلى توسل كل الاساليب من أجل تحقيق مآربهم وإشباع أهوائهم ومطامعهم لذا هم يترصّدون بالمؤمنين كل شرٍّ ويواجهون الحق بكل تآمر وفتنة وإشاعة للفساد ويحاربون أتباع العدل والمستقيمين على خطّ الله لأن هذا الخط لا يقبلهم في مشروعه الذي يدعو إلى إيثار الآخرة على الدنيا وما يستدعيه ذلك من تخلي عن الأنانيات والنزوات والتفكر بالمصير الآخروي والإعداد له بكل عمل صالح وملتزم .

قال الله تعالى في كتابه المجيد: {الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُولَٰئِكَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ} [ابراهيم :3] .

وحول دلالات هذه الآية قال العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله "رض" :

" {الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخرةِ } بما تمثّله الحياة الدنيا من القيم المادية التي يخلد بها الإنسان إلى الأرض، فلا يرتفع إلى الآفاق الروحية، ولا يسمو إلى آفاق الله، بل يظل في حالة انحطاط، مع غرائزه وانفعالاته، مقابل الآخرة، التي تمثل القيم الروحية والإنسانية التي تدعو الإنسان للتجرد من جانبه الغريزي، وتوجهه نحو السموّ بآفاق فكره وروحه وحياته، وتدفعه إلى التخلُّق بأخلاق الله، والالتزام بشريعته حيث يمكن أن يلتقي بالخير من أقرب طريق.

{وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّه}، بوقوفهم ضد الدّعاة إليه ومنعهم الناس من الإستماع إليهم، ومن الإنسجام مع طروحاتهم، وتعاونهم مع قوى الكفر والشرّ والضلال لتأكيد مناهجهم، في الفكر والعمل، ولإبعاد الناس عن سبيل الله الذي هو الإسلام كله، وزجّهم في سبيل الشيطان الذي هو الكفر كلّه، والانحراف كلّه. {وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا} فلا يريدون السير على خط الاستقامة، بل يعملون على خط الالتواء والانحراف والاعوجاج. {أُوْلَـئِكَ فِي ضلالٍ بَعِيدٍ}، فقد امتد سيرهم في خط الانحراف الفكري والعملي، فتاهوا في مجاهل الكفر والعصيان، حتى بلغوا في الضياع شأواً بعيداً.

وإذا كان الأساس في عذاب الكافرين وبعدهم عن ساحة رحمة الله، هو تفضيلهم الدنيا على الآخرة، وصدّهم عن سبيل الله، وسيرهم في خط الاعوجاج، فإن المسألة قد تطال غير الكافرين من المسلمين الذين قد يعيشون الإسلام في أفكارهم كحالةٍ ثقافيةٍ، ولكنهم يعيشون الكفر في خطهم العملي، في ما تمثله من قيمٍ سلبيةٍ تسيء إلى مسيرة الإيمان والطاعة والالتزام". .

جاء في تفسير الطبري : يعني جل ثناؤه بقوله: { الذين يستحبون الحياة الدنيا على الآخرة } ، الذين يختارون الحياة الدنيا ومتاعها ومعاصي الله فيها ، على طاعة الله وما يقرِّبهم إلى رضاه من الأعمال النافعة في الآخرة { وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ } ، يقول: ويمنعون من أراد الإيمان بالله واتّباعَ رسوله على ما جاء به من عند الله ، من الإيمان به واتباعه { وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا} يقول: ويلتمسون سَبِيل الله وهي دينه الذي ابتعث به رسوله ( عوجًا ) : تحريفًا وتبديلا بالكذب والزّور.

"والعِوَج " بكسر العين وفتح الواو ، في الدين والأرض وكل ما لم يكن قائمًا ، فأما في كلِّ ما كان قائمًا ، كالحائط والرمح والسنّ ، فإنه يقال بفتح العين والواو جميعًا " عَوَج ".

يقول الله عز ذكره: { أولئك في ضلال بعيد } يعني هؤلاء الكافرين الذين يستحبُّون الحياة الدنيا على الآخرة . يقول: هم في ذهابٍ عن الحق بعيد ، وأخذ على غير هُدًى ، وجَوْر عن قَصْد السبيل. .

وقد علق العلامة الشيخ محمد جواد مغنية رحمه الله على هذه الآية في تفسيره فقال : { الذين يستحبون الحياة الدنيا على الآخرة } يؤثرون الباطل على الحق لا لشيء إلا لأنهم ينقادون بمعدتهم وشهوتهم لا بعقلهم وفطرتهم { ويصدون عن سبيل الله } قد ضلوا وأضلوا كثيرا عن سواء السبيل { ويبغونها عوجا} يطلبون الاعوجاج لسبيل الله بالتحريف والتزييف والدس والمؤامرات ولا يختص هذا بالملحدين والمشركين ، فإن كثيرا من المسلمين يكذبون ويخونون ويحرفون ويتآمرون على الاسلام والمسلمين مع أعدائه وأعدائهم " .

إن القرآن الكريم يستحثنا على عدم التعلق بشهواتنا المنحرفة التي تحجب عنا رؤية الحق والعمل بمقتضاه والتنبه من الضلالة والوقوع فيها والامتناع عن الدسائس والمؤامرات فذلك يتنافى مع أخلاقيات المؤمن الذي يحفظ واقع الناس ويحميه بكل قوة وثبات وأمانة .

المجتمع القرآني الإيماني هو يؤكد قيم الخير والعدالة في الحياة ومواجهة قوى الضلال والباطل وهو المجتمع الذي يلتزم موقف الحق ويجهر به ولا يهادن عليه..

فهل نكون فعلا ممن يؤثرون الآخرة على دنياهم أم ننزلق إلى إيثار الدنيا ؟

سؤال لا بد من أن يوجهه كل واحد منا لنفسه ويراجع أوضاعه وحسابه وتصرفاته ومدى انسجامها مع قيم الآخرة التي تريد جيلا رساليا قرآنيا مؤثرا وحيا وعاملا لله ومخلصا في سبيله والدعوة إليه .

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية