السيّد فضل الله

السيّد فضل الله
حاز العلامة السيّد محمد حسين فضل الله إعجاب اللبنانيين وتقديرهم، لصلابة إيمانه، وسماحة نفسه، وعمق ثقافته، ودماثة خلقه، ورجاحة عقله، وصدق قوله، وجود كفّه، وغزارة إنتاجه، وروعة بيانه، حتى تخطّت مرجعيّته حدود البيئة القريبة إلى رحاب الوطن الكبير. ولا غرو، فقد حلَّق السيّد في مجال العلم والاجتهاد، فأخرج الخطاب الديني من الدوائر الجامدة، وارتقى به إلى مستوى القضايا الكبرى الّتي تمسّ الوجود والمصير، فكان صوت الشّعب في معاناته، ولسان المقاومة في نضالها، ونداء القدس في صمودها.

كان يحلم ويفكّر، ولكنه رفض أن نعيش في الأحلام والأوهام، فكانت دعوته: حيّ على أفضل العمل، حيّ على الجهاد والبناء؛ بناء المؤسسات، كما بناء النفسيَّة الإنسانيَّة العصريَّة المتسلّحة بالعلم، الرافضة للخنوع، المصمّمة على المقاومة والانتصار، فهو لم يتحدَّث عن النضال فحسب، بل عاشه بكل أبعاده الفكرية والعملية، كما تحت القذائف والركام، في ظلّ الحروب المتصلة التي لا تزال تعصف بنا، حتى تحوّل إلى رمز كبير من رموز الوطن، ونبراس يشعّ على الأجيال في سعيها نحو الارتقاء والتحرّر.

لقد رفض سماحة السيّد بوعيه المتقدّم أن يخضع لبنان للاحتلال، أو أن يبقى العرب والمسلمون على هامش الحركة والتاريخ، فاجتهد لبثّ روح المقاومة والنهضة بين الناس، وسعى إلى تكريس قيم التواصل والاتحاد والاحترام المتبادل في التضاريس اللبنانيَّة المتعدّدة، كما في الأرجاء العربيّة الواسعة، الّتي أرادها متناغمة متكاملة قويّة، تفيض على أهلها خيراً ونعمة.

لقد تجلّت سماحته في الكلمة التي أتقنها، والموقف الّذي التزم به، والعلاقة مع الآخر، فدخل القلوب والعقول، وترك آثاراً لا تُمحى في مسيرة الأحداث، فيما المؤسَّسات التي بنى في حالة عطاء دائم، والتراث الذي أنتج، لا يزال مقيماً في الوجدان العام.

رفض الجمود والاجترار، وسعى إلى التّطوير والتّغيير، فاعتمد المنهج العلميّ في مقارباته الفقهيّة والثقافيّة والسياسيّة، فأصبح مرجعاً متميّزاً في الاجتهاد، وقائداً وطنياً يؤثّر في حركة الجماهير، وعلماً مشرقاً في مجال الفكر، يجمع ما بين الشريعة والحكمة، وما بين العقل والإيمان، متمسّكاً أبداً بشرارة المعرفة، متشبّثاً بالرسالة، يبحث ويحاور، يستنتج ويستقرئ، حتى إذا تراءت له الحقيقة، أعلنها كما هي، بجرأة العالم ومسؤولية الراعي.

اخترق جدار الطائفيَّة التي تُبنى عليها اليوم مشاريع ملتهبة محليّة وأجنبيّة، فكان خطابه الإيماني العروبي الوحدوي أفضل ردّ على العصبيات الضيّقة، وجاء موجّهاً للأقربين كما للناس، مرتبطاً بالحقيقة، متّحداً بالخير العام، فالتقى معه وحوله كثيرون، فشكّل حالة حضاريّة إيجابيّة، كان لبنان والمنطقة العربيّة بأشدّ الحاجة إليها، لمقاومة رياح التطرّف والتعصّب والانحطاط التي تهبّ من الداخل والخارج.

لقد رفض سماحة السيّد حال التمزق بين المسلمين وأبناء الوطن، وكان إيمانه قاطعاً بوحدة المؤمنين، متخطّياً كلّ القضايا المذهبيّة، حتى إنه عندما راجت فكرة المجالس المذهبيّة في لبنان، حاول جاهداً الحفاظ على مؤسَّسة الوحدة، على اعتبار أن المذاهب هي تيارات في فهم الإسلام ومقاربة الشرع، وليست عناوين للتوزّع أو التباعد.

كان السيد ينأى بنفسه عن الجزئيات التي تثير الخلافات والمشاكل، ويعود دائماً إلى الكليات، حيث الصفاء والوضوح والرؤى الصحيحة التي توحّد المؤمنين، وتجعلهم حزمة أقوى في وجه التخلّف والطغيان والاستعمار، وحركة أجدى على طريق البناء والتقدم.

لقد تخطّى السيّد بجمال أفكاره وسعة صدره، التّقليد والتّكرار والدّوران حول الذات، وآثر جوهر الأمور، وانثنى على الينابيع الصافية، وتطلّع إلى الأسمى، فاجتمعت في شخصه الكريم فضائل ساطعة توّجت هامته بالهيبة والوقار، وكرّسته عنواناً أصيلاً يتجدّد ألقاً وعطاءً على مرّ الأيام.

ترك لنا السيّد العلامة العديد من المؤلّفات الثمينة النادرة، المكتنزة بالعلم والمعلومات والتوجيهات، ولكنّ الكتاب الأبرز التي تركه للأجيال، كان مسيرته الظّافرة التي اكتنزت بالعلم والأخلاق والجهاد، فأصبحت ذخراً للناس، يقتدون به ويتمثلونه كلّما برزت مهمّة أو لاح خطب.

المصدر: جريدة السفير اللبنانية

حاز العلامة السيّد محمد حسين فضل الله إعجاب اللبنانيين وتقديرهم، لصلابة إيمانه، وسماحة نفسه، وعمق ثقافته، ودماثة خلقه، ورجاحة عقله، وصدق قوله، وجود كفّه، وغزارة إنتاجه، وروعة بيانه، حتى تخطّت مرجعيّته حدود البيئة القريبة إلى رحاب الوطن الكبير. ولا غرو، فقد حلَّق السيّد في مجال العلم والاجتهاد، فأخرج الخطاب الديني من الدوائر الجامدة، وارتقى به إلى مستوى القضايا الكبرى الّتي تمسّ الوجود والمصير، فكان صوت الشّعب في معاناته، ولسان المقاومة في نضالها، ونداء القدس في صمودها.

كان يحلم ويفكّر، ولكنه رفض أن نعيش في الأحلام والأوهام، فكانت دعوته: حيّ على أفضل العمل، حيّ على الجهاد والبناء؛ بناء المؤسسات، كما بناء النفسيَّة الإنسانيَّة العصريَّة المتسلّحة بالعلم، الرافضة للخنوع، المصمّمة على المقاومة والانتصار، فهو لم يتحدَّث عن النضال فحسب، بل عاشه بكل أبعاده الفكرية والعملية، كما تحت القذائف والركام، في ظلّ الحروب المتصلة التي لا تزال تعصف بنا، حتى تحوّل إلى رمز كبير من رموز الوطن، ونبراس يشعّ على الأجيال في سعيها نحو الارتقاء والتحرّر.

لقد رفض سماحة السيّد بوعيه المتقدّم أن يخضع لبنان للاحتلال، أو أن يبقى العرب والمسلمون على هامش الحركة والتاريخ، فاجتهد لبثّ روح المقاومة والنهضة بين الناس، وسعى إلى تكريس قيم التواصل والاتحاد والاحترام المتبادل في التضاريس اللبنانيَّة المتعدّدة، كما في الأرجاء العربيّة الواسعة، الّتي أرادها متناغمة متكاملة قويّة، تفيض على أهلها خيراً ونعمة.

لقد تجلّت سماحته في الكلمة التي أتقنها، والموقف الّذي التزم به، والعلاقة مع الآخر، فدخل القلوب والعقول، وترك آثاراً لا تُمحى في مسيرة الأحداث، فيما المؤسَّسات التي بنى في حالة عطاء دائم، والتراث الذي أنتج، لا يزال مقيماً في الوجدان العام.

رفض الجمود والاجترار، وسعى إلى التّطوير والتّغيير، فاعتمد المنهج العلميّ في مقارباته الفقهيّة والثقافيّة والسياسيّة، فأصبح مرجعاً متميّزاً في الاجتهاد، وقائداً وطنياً يؤثّر في حركة الجماهير، وعلماً مشرقاً في مجال الفكر، يجمع ما بين الشريعة والحكمة، وما بين العقل والإيمان، متمسّكاً أبداً بشرارة المعرفة، متشبّثاً بالرسالة، يبحث ويحاور، يستنتج ويستقرئ، حتى إذا تراءت له الحقيقة، أعلنها كما هي، بجرأة العالم ومسؤولية الراعي.

اخترق جدار الطائفيَّة التي تُبنى عليها اليوم مشاريع ملتهبة محليّة وأجنبيّة، فكان خطابه الإيماني العروبي الوحدوي أفضل ردّ على العصبيات الضيّقة، وجاء موجّهاً للأقربين كما للناس، مرتبطاً بالحقيقة، متّحداً بالخير العام، فالتقى معه وحوله كثيرون، فشكّل حالة حضاريّة إيجابيّة، كان لبنان والمنطقة العربيّة بأشدّ الحاجة إليها، لمقاومة رياح التطرّف والتعصّب والانحطاط التي تهبّ من الداخل والخارج.

لقد رفض سماحة السيّد حال التمزق بين المسلمين وأبناء الوطن، وكان إيمانه قاطعاً بوحدة المؤمنين، متخطّياً كلّ القضايا المذهبيّة، حتى إنه عندما راجت فكرة المجالس المذهبيّة في لبنان، حاول جاهداً الحفاظ على مؤسَّسة الوحدة، على اعتبار أن المذاهب هي تيارات في فهم الإسلام ومقاربة الشرع، وليست عناوين للتوزّع أو التباعد.

كان السيد ينأى بنفسه عن الجزئيات التي تثير الخلافات والمشاكل، ويعود دائماً إلى الكليات، حيث الصفاء والوضوح والرؤى الصحيحة التي توحّد المؤمنين، وتجعلهم حزمة أقوى في وجه التخلّف والطغيان والاستعمار، وحركة أجدى على طريق البناء والتقدم.

لقد تخطّى السيّد بجمال أفكاره وسعة صدره، التّقليد والتّكرار والدّوران حول الذات، وآثر جوهر الأمور، وانثنى على الينابيع الصافية، وتطلّع إلى الأسمى، فاجتمعت في شخصه الكريم فضائل ساطعة توّجت هامته بالهيبة والوقار، وكرّسته عنواناً أصيلاً يتجدّد ألقاً وعطاءً على مرّ الأيام.

ترك لنا السيّد العلامة العديد من المؤلّفات الثمينة النادرة، المكتنزة بالعلم والمعلومات والتوجيهات، ولكنّ الكتاب الأبرز التي تركه للأجيال، كان مسيرته الظّافرة التي اكتنزت بالعلم والأخلاق والجهاد، فأصبحت ذخراً للناس، يقتدون به ويتمثلونه كلّما برزت مهمّة أو لاح خطب.

المصدر: جريدة السفير اللبنانية

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية