الوقوف بعرفات

الوقوف بعرفات

الوقوف أو الكون في عرفات هو الواجب الثاني من واجبات حجّ التَّمتُّع، والمعتبر في الوقوف الحضور بمنطقة عرفات بنية الحجّ بقصد القربة مخلصاً لله تعالى، وليس المقصود من الوقوف هو ما يقابل الجلوس، بل إن الوقوف هنا مأخوذ من التوقّف، باعتبار أن الحجّ بأفعاله يشبه مسيرة يبدأها الحاجّ من مكَّة وينتهي إليها، فيكون أوّل موقف له هو عرفات.
وحدود عرفات مشخّصة اليوم في معالم واضحة، وهي من بطن عُرنة وثويّة ونمرة إلى ذي المجاز، ومن المأزمين إلى أقصى الموقف، وهذه الحدود خارجة عن الموقف. والظاهر أن جبل الرحمة موقف، ولكن الأفضل الوقوف على الأرض في السفح من ميسرة الجبل، كما في الروايات التي حكت حجّ رسول الله (ص) .
وفيما يلي جُملة من أحكام الوقوف بعرفات نستعرضها في مسائل:
م ـ 225: للوقوف بعرفات وقتان، اختياري واضطراري:
أ - الوقوف الاختياري: وذلك في التاسع من ذي الحجّة ممتدّاً من أوّل الزوال إلى الغروب، ويجوز تأخيره عن الزوال بمقدار الإتيان بالغسل المستحبّ وأداء صلاتي الظهر والعصر جمعاً، وإن كان الأفضل مراعاته من أوّل الزوال. ويجب على الحاجّ أن يستوعب في وقوفه بعرفات كل ذلك الوقت، فلا يجوز له أن يتأخّر عن أوّل وقته، ولا يجوز له أن يفيض من عرفات قبل تحقّق الغروب، إلا أنّه لو فعل أيّاً من الأمرين، بأن تأخّر أو عجّل الإفاضة، لم يبطل وقوفه به وإن كان آثماً، وعليه الكفارة في بعض الحالات التي نذكرها في مبحث الكفارات. والسبب في عدم بطلان الوقوف أن الركن الذي يبطل الوقوف بتركه هو الكون بالنيّة ولو لحظة في عرفات بين الزوال والغروب، فإن تحقّق منه الركن صحّ وقوفه، ولكنّه يكون قد فوّت واجباً، وهو الكون في تمام الوقت.
ب - الوقوف الاضطراري: وهو بديل لازمٌ عن الوقوف الاختياري في حالات استثنائية، كنسيان الوقوف الاختياري أو لجهلٍ يُعذر معه المكلّف، أو لغيرهما من الأعذار المقبولة شرعاً. ويتحقّق بالوقوف بُرهة - بالنيّة - من ليلة العيد (العاشر من ذي الحجة)، ويصحّ حجّه عندئذٍ، فإن ترك الوقوف الاضطراري أيضاً متعمّداً فسد حجّه، إلا إذا خاف - بسبب وقوفه الاضطراري - أن يفوته الوقوف بالمشعر الحرام (مزدلفة) قبل طلوع الشمس، فيجب أن يقتصر الحاجّ - حينئذٍ - على الوقوف بالمشعر ويصحّ حجّه.
م ـ 226: لو حصل ونام المكلف طوال فترة الوقوف، أي من الزوال إلى الغروب، وكان قد نوى الوقوف في بدايته كان وقوفه مجزياً عنه.
م ـ 227: لا تجوز الافاضة من عرفات قبل غروب الشمس، حتى لمثل المريض والضعيف ومن يتولّى شؤونهم ما لم يصل الضعف والمرض إلى حد الاضطرار أو الحرج الشديد الذي لا يتحمّل عادة.
م ـ 228: إذا تبيّن بعد غروب الشمس من يوم عرفة أن موقفه لم يكن في عرفات وجب عليه الوقوف الاضطراري.
م ـ 229: رغم أنه تحرم الإفاضة والخروج من عرفات قبل غروب الشمس عالماً عامداً ولا يفسد الحجّ بذلك، إلا أنّ على من أفاض كذلك الرجوع إلى عرفات قبل غروب الشمس، ولو لم يفعل لزمته كفّارة دم. كما يجري هذا الحكم في من أفاض من عرفات نسياناً أو جهلاً منه بحرمة الإفاضة قبل الغروب، فيجب عليه الرجوع بعد التذكّر أو العلم، ولكن لا كفارة عليه إن لم يرجع، وإن كان التكفير هو الأفضل. هذا، وسيأتي تحديد الكفارة في محلّه.
م ـ 230: حيث إن جُملة من أعمال الحجّ لها أوقات محدّدة، ومن جملتها الوقوف بعرفات بالإضافة إلى الوقوف بالمشعر ورمي الجمار والنحر والمبيت بمنى، كان لا بدّ من ثبوت شهر ذي الحجة ثبوتاً شرعيّاً ليتسنّى للحاج الإتيان بالمناسك في أوقاتها. ولكن حيث يتمّ إعلان الشهر من قبل الجهات المعنيّة في الديار المقدّسة، فإنه يجتزأ بالعمل طبقاً للاعلان المذكور ولو لم يثبت الشّهر عند المكلَّف، بل حتى مع العلم بمخالفته للواقع.
فرعٌ: في آداب الوقوف بعرفات:
يوم عرفة وعرفات من أهم الأزمنة والأمكنة التي يتعرض فيها الحاجّ لرحمة الله تعالى وعطاياه وجوائزه ومغفرته ورضوانه.
وقد ذكر العلماء أنه يستحبّ في الوقوف بعرفات أُمور، وهي كثيرة نذكر بعضاً منها:
1 - الطهارة حال الوقوف.
2 - الغسل عند الزوال.
3 - تفريغ النفس للدعاء والتوجّه إلى الله.
4 - الوقوف بسفح الجبل في ميسرته.
5 - الجمع بين صلاتي الظهر والعصر بأذان وإقامتين تأسياً بالنبي(ص) .
6 - الدعاء بما تيّسر من المأثور وغيره. والأفضل المأثور، وخاصة دعاء الإمام الحسين(ع) ودعاء ولده زين العابدين(ع) الخاصّين بيوم عرفة.
وفي صحيحة معاوية بن عمّار عن أبي عبد الله(ع)، قال: إنّما تعجّل الصلاة وتجمع بينهما لتفرّغ نفسك للدعاء، فإنّه يوم دعاء ومسألة، ثم تأتي الموقف وعليك السكينة والوقار فاحمد الله، وهلّله ومجّده وأثن عليه، وكبره مئة مرّة، واحمده مئة مرّة، وسبّحه مئة مرّة، واقرأ قل هو الله أحد مئة مرّة، وتخيّر لنفسك من الدعاء ما أحببت، واجتهد فإنّه يوم دعاء ومسألة، وتعوّذ بالله من الشيطان، فإنّ الشيطان لن يذهلك في موطن قطّ أحبّ إليه من أن يذهلك في ذلك الموطن، وإيّاك أن تشتغل بالنظر إلى الناس، وأقبل قِبَل نفسك، وليكن فيما تقول:
«اللَّهُمَّ إنّي عبدُك فلا تجعلني من أَخْيَبِ وَفْدِك، وارحَم مَسيرِي إليكَ من الفَجِّ العميق».
وليكن فيما تقول:
«اللَّهُمَّ رَبَّ المشاعِرِ كُلِّها فُكَّ رَقبتي مِنَ النّارِ، وأوْسِع عليَّ مِنْ رزقِكَ الحَلال، وادْرَأ عني شَرَّ فَسَقَةِ الجِنِّ والإنْس».
وتقول:
«اللَّهُمَّ لا تَمْكُر بي ولا تخْدَعْني ولا تَسْتَدْرِجني».
وتقول:
«اللَّهُمَّ إنِّي أسألكَ بحَوْلِكَ وجُودِكَ وكَرمِكَ وَمَنِّكَ وفضلكَ، يا أسْمَعَ السامعين، ويا أبْصرَ النَّاظرينَ، ويا أسْرَعَ الحاسبينَ، ويا أرْحَمَ الرَّاحمينَ، أن تُصلِّي على محمَّدٍ وآلِ محمَّدٍ وأنْ تَفْعَلَ بي كذا وكذا». وتذكر حوائجك.
وليكن فيما تقول وأنت رافع رأسك إلى السماء:
«اللَّهُمَّ حاجتي إليْكَ التي إنْ أعْطَيتنيها لم يضرَّني ما مَنَعْتَني، والتي إنْ مَنَعْتنيها لمْ يَنْفَعْني ما أعْطيْتَني، أسألُكَ خَلاصَ رَقَبَتي مِنَ النّارِ».
وليكن فيما تقول:
«اللَّهُمَّ إنِّي عبدُكَ ومِلْكُ يَدِكَ، ناصيتي بيدِكَ، وأجلي بِعِلْمِكَ، أسألك أن تُوَفِّقَني لما يُرضيكَ عَنِّي وأنْ تَسَلَّمَ منِّي مناسكي الَّتي أريْتَها خليلَك إبْراهيمَ ودلَلْتَ عَلَيْهَا نبيَّكَ محمَّداً (ص) ».
وليكن فيما تقول:
«اللَّهُمَّ اجْعَلْني ممَّن رَضيتَ عَمَلَهُ وأطَلْتَ عُمُرَهُ وأحيَيْتَهُ بَعْدَ المَوْتِ حياةً طَيِّبَةً» [تهذيب الأحكام 5: 182، ح611].
ومن الأدعية المأثورة ما علّمه رسول الله (ص) عليّاً(ع) على ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد الله(ع)، قال: فتقول:
«لا إلهَ إلاّ اللهُ وحْدهُ لا شريكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ ولَهُ الحَمْدُ، يحيي ويُميتُ، ويُميتُ ويُحيي، وهو حيٌّ لا يموتُ، بيدِهِ الخَيْرُ، وهو على كُلِّ شيء قدير. اللَّهُمَّ لكَ الحَمْدُ، كالذي تقولُ، وخيراً ممَّا نقولُ، وفوق ما يقولُ القائلون. اللَّهُمَّ لكَ صلاتي ونُسكي ومحياي ومماتي، ولكَ براءتي، وبِك حوْلي، ومِنك قوَّتي. اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ من الفَقْرِ، ومِنْ وسواسِ الصدرِ، ومِنْ شَتَات الأمرِ، ومِنْ عذاب النار، ومِنْ عذابِ القبر. اللَّهُمَّ إنِّي أسألكَ مِنْ خيرِ ما تأتي به الرياحُ، وأعُوذ بِكَ مِنْ شرّ ما تأتي بِهِ الرِّياحُ، وأسألكَ خيرَ اللَّيل وخيرَ النَّهار».
ومن تلك الأدعية ما رواه عبد الله بن ميمون، قال: سمعت أبا عبد الله(ع) يقول: إنَّ رسول الله (ص) وقف بعرفات، فلمّا همّت الشمس أن تغيب، قبل أن تندفع، قال:
«اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ مِنْ الفَقْرِ، ومِنْ تشتُتِ الأمرِ، ومِنْ شَرِّ ما يحدثُ بالليل والنَّهار، أمسى ظلمي مُستَجيراً بعفوك، وأمسى خوفي مُستجيراً بأمانكَ، وأمسى ذُلِّي مُسْتجيراً بِعِزِّكَ، وأمسى وجْهي الفاني مُسْتجيراً بوجِهِك الباقي، يا خيْرَ مَنْ سُئِلَ ويا أجْودَ مَنْ أعْطى، جَلِّلْني برحْمَتِكَ، وألْبِسْني عافيتك، واصْرِفْ عنّي شَرَّ جميع خلقك».
وروى أبو بصير عن أبي عبد الله(ع)، قال: إذا غربت الشمس يوم عرفة فقل:
«اللَّهُمَّ لا تَجْعَلهُ آخرَ العَهْد مِن هذا المَوْقِف، وارزُقْنيهِ مِنْ قابِلٍ أبداً ما أبقَيْتَني، واقْلبني اليومَ مُفْلِحاً مُنْجِحاً مُسْتَجاباً لي، مرحوماً مَغْفُوراً لي، بأفْضَل ما يَنْقَلِبُ بِهِ اليَوْمَ أحدٌ مِنْ وفْدِكَ وحُجّاج بيْتِكَ الحرام، واجعلني اليَوْمَ مِنْ أكْرمِ وفْدِك عليك، وأعْطِني أفضَلَ ما أعْطَيْتَ أحداً مِنْهُم مِنَ الخَيرِ والبركة والرَّحْمَة والرِّضوان والمَغْفِرة، وباركْ لي فيما أرْجعُ إليه مِنْ أهْلٍ أوْ مالٍ أوْ قَليلٍ أوْ كثيرٍ، وباركْ لَهُمْ فيَّ».
الوقوف أو الكون في عرفات هو الواجب الثاني من واجبات حجّ التَّمتُّع، والمعتبر في الوقوف الحضور بمنطقة عرفات بنية الحجّ بقصد القربة مخلصاً لله تعالى، وليس المقصود من الوقوف هو ما يقابل الجلوس، بل إن الوقوف هنا مأخوذ من التوقّف، باعتبار أن الحجّ بأفعاله يشبه مسيرة يبدأها الحاجّ من مكَّة وينتهي إليها، فيكون أوّل موقف له هو عرفات.
وحدود عرفات مشخّصة اليوم في معالم واضحة، وهي من بطن عُرنة وثويّة ونمرة إلى ذي المجاز، ومن المأزمين إلى أقصى الموقف، وهذه الحدود خارجة عن الموقف. والظاهر أن جبل الرحمة موقف، ولكن الأفضل الوقوف على الأرض في السفح من ميسرة الجبل، كما في الروايات التي حكت حجّ رسول الله (ص) .
وفيما يلي جُملة من أحكام الوقوف بعرفات نستعرضها في مسائل:
م ـ 225: للوقوف بعرفات وقتان، اختياري واضطراري:
أ - الوقوف الاختياري: وذلك في التاسع من ذي الحجّة ممتدّاً من أوّل الزوال إلى الغروب، ويجوز تأخيره عن الزوال بمقدار الإتيان بالغسل المستحبّ وأداء صلاتي الظهر والعصر جمعاً، وإن كان الأفضل مراعاته من أوّل الزوال. ويجب على الحاجّ أن يستوعب في وقوفه بعرفات كل ذلك الوقت، فلا يجوز له أن يتأخّر عن أوّل وقته، ولا يجوز له أن يفيض من عرفات قبل تحقّق الغروب، إلا أنّه لو فعل أيّاً من الأمرين، بأن تأخّر أو عجّل الإفاضة، لم يبطل وقوفه به وإن كان آثماً، وعليه الكفارة في بعض الحالات التي نذكرها في مبحث الكفارات. والسبب في عدم بطلان الوقوف أن الركن الذي يبطل الوقوف بتركه هو الكون بالنيّة ولو لحظة في عرفات بين الزوال والغروب، فإن تحقّق منه الركن صحّ وقوفه، ولكنّه يكون قد فوّت واجباً، وهو الكون في تمام الوقت.
ب - الوقوف الاضطراري: وهو بديل لازمٌ عن الوقوف الاختياري في حالات استثنائية، كنسيان الوقوف الاختياري أو لجهلٍ يُعذر معه المكلّف، أو لغيرهما من الأعذار المقبولة شرعاً. ويتحقّق بالوقوف بُرهة - بالنيّة - من ليلة العيد (العاشر من ذي الحجة)، ويصحّ حجّه عندئذٍ، فإن ترك الوقوف الاضطراري أيضاً متعمّداً فسد حجّه، إلا إذا خاف - بسبب وقوفه الاضطراري - أن يفوته الوقوف بالمشعر الحرام (مزدلفة) قبل طلوع الشمس، فيجب أن يقتصر الحاجّ - حينئذٍ - على الوقوف بالمشعر ويصحّ حجّه.
م ـ 226: لو حصل ونام المكلف طوال فترة الوقوف، أي من الزوال إلى الغروب، وكان قد نوى الوقوف في بدايته كان وقوفه مجزياً عنه.
م ـ 227: لا تجوز الافاضة من عرفات قبل غروب الشمس، حتى لمثل المريض والضعيف ومن يتولّى شؤونهم ما لم يصل الضعف والمرض إلى حد الاضطرار أو الحرج الشديد الذي لا يتحمّل عادة.
م ـ 228: إذا تبيّن بعد غروب الشمس من يوم عرفة أن موقفه لم يكن في عرفات وجب عليه الوقوف الاضطراري.
م ـ 229: رغم أنه تحرم الإفاضة والخروج من عرفات قبل غروب الشمس عالماً عامداً ولا يفسد الحجّ بذلك، إلا أنّ على من أفاض كذلك الرجوع إلى عرفات قبل غروب الشمس، ولو لم يفعل لزمته كفّارة دم. كما يجري هذا الحكم في من أفاض من عرفات نسياناً أو جهلاً منه بحرمة الإفاضة قبل الغروب، فيجب عليه الرجوع بعد التذكّر أو العلم، ولكن لا كفارة عليه إن لم يرجع، وإن كان التكفير هو الأفضل. هذا، وسيأتي تحديد الكفارة في محلّه.
م ـ 230: حيث إن جُملة من أعمال الحجّ لها أوقات محدّدة، ومن جملتها الوقوف بعرفات بالإضافة إلى الوقوف بالمشعر ورمي الجمار والنحر والمبيت بمنى، كان لا بدّ من ثبوت شهر ذي الحجة ثبوتاً شرعيّاً ليتسنّى للحاج الإتيان بالمناسك في أوقاتها. ولكن حيث يتمّ إعلان الشهر من قبل الجهات المعنيّة في الديار المقدّسة، فإنه يجتزأ بالعمل طبقاً للاعلان المذكور ولو لم يثبت الشّهر عند المكلَّف، بل حتى مع العلم بمخالفته للواقع.
فرعٌ: في آداب الوقوف بعرفات:
يوم عرفة وعرفات من أهم الأزمنة والأمكنة التي يتعرض فيها الحاجّ لرحمة الله تعالى وعطاياه وجوائزه ومغفرته ورضوانه.
وقد ذكر العلماء أنه يستحبّ في الوقوف بعرفات أُمور، وهي كثيرة نذكر بعضاً منها:
1 - الطهارة حال الوقوف.
2 - الغسل عند الزوال.
3 - تفريغ النفس للدعاء والتوجّه إلى الله.
4 - الوقوف بسفح الجبل في ميسرته.
5 - الجمع بين صلاتي الظهر والعصر بأذان وإقامتين تأسياً بالنبي(ص) .
6 - الدعاء بما تيّسر من المأثور وغيره. والأفضل المأثور، وخاصة دعاء الإمام الحسين(ع) ودعاء ولده زين العابدين(ع) الخاصّين بيوم عرفة.
وفي صحيحة معاوية بن عمّار عن أبي عبد الله(ع)، قال: إنّما تعجّل الصلاة وتجمع بينهما لتفرّغ نفسك للدعاء، فإنّه يوم دعاء ومسألة، ثم تأتي الموقف وعليك السكينة والوقار فاحمد الله، وهلّله ومجّده وأثن عليه، وكبره مئة مرّة، واحمده مئة مرّة، وسبّحه مئة مرّة، واقرأ قل هو الله أحد مئة مرّة، وتخيّر لنفسك من الدعاء ما أحببت، واجتهد فإنّه يوم دعاء ومسألة، وتعوّذ بالله من الشيطان، فإنّ الشيطان لن يذهلك في موطن قطّ أحبّ إليه من أن يذهلك في ذلك الموطن، وإيّاك أن تشتغل بالنظر إلى الناس، وأقبل قِبَل نفسك، وليكن فيما تقول:
«اللَّهُمَّ إنّي عبدُك فلا تجعلني من أَخْيَبِ وَفْدِك، وارحَم مَسيرِي إليكَ من الفَجِّ العميق».
وليكن فيما تقول:
«اللَّهُمَّ رَبَّ المشاعِرِ كُلِّها فُكَّ رَقبتي مِنَ النّارِ، وأوْسِع عليَّ مِنْ رزقِكَ الحَلال، وادْرَأ عني شَرَّ فَسَقَةِ الجِنِّ والإنْس».
وتقول:
«اللَّهُمَّ لا تَمْكُر بي ولا تخْدَعْني ولا تَسْتَدْرِجني».
وتقول:
«اللَّهُمَّ إنِّي أسألكَ بحَوْلِكَ وجُودِكَ وكَرمِكَ وَمَنِّكَ وفضلكَ، يا أسْمَعَ السامعين، ويا أبْصرَ النَّاظرينَ، ويا أسْرَعَ الحاسبينَ، ويا أرْحَمَ الرَّاحمينَ، أن تُصلِّي على محمَّدٍ وآلِ محمَّدٍ وأنْ تَفْعَلَ بي كذا وكذا». وتذكر حوائجك.
وليكن فيما تقول وأنت رافع رأسك إلى السماء:
«اللَّهُمَّ حاجتي إليْكَ التي إنْ أعْطَيتنيها لم يضرَّني ما مَنَعْتَني، والتي إنْ مَنَعْتنيها لمْ يَنْفَعْني ما أعْطيْتَني، أسألُكَ خَلاصَ رَقَبَتي مِنَ النّارِ».
وليكن فيما تقول:
«اللَّهُمَّ إنِّي عبدُكَ ومِلْكُ يَدِكَ، ناصيتي بيدِكَ، وأجلي بِعِلْمِكَ، أسألك أن تُوَفِّقَني لما يُرضيكَ عَنِّي وأنْ تَسَلَّمَ منِّي مناسكي الَّتي أريْتَها خليلَك إبْراهيمَ ودلَلْتَ عَلَيْهَا نبيَّكَ محمَّداً (ص) ».
وليكن فيما تقول:
«اللَّهُمَّ اجْعَلْني ممَّن رَضيتَ عَمَلَهُ وأطَلْتَ عُمُرَهُ وأحيَيْتَهُ بَعْدَ المَوْتِ حياةً طَيِّبَةً» [تهذيب الأحكام 5: 182، ح611].
ومن الأدعية المأثورة ما علّمه رسول الله (ص) عليّاً(ع) على ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد الله(ع)، قال: فتقول:
«لا إلهَ إلاّ اللهُ وحْدهُ لا شريكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ ولَهُ الحَمْدُ، يحيي ويُميتُ، ويُميتُ ويُحيي، وهو حيٌّ لا يموتُ، بيدِهِ الخَيْرُ، وهو على كُلِّ شيء قدير. اللَّهُمَّ لكَ الحَمْدُ، كالذي تقولُ، وخيراً ممَّا نقولُ، وفوق ما يقولُ القائلون. اللَّهُمَّ لكَ صلاتي ونُسكي ومحياي ومماتي، ولكَ براءتي، وبِك حوْلي، ومِنك قوَّتي. اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ من الفَقْرِ، ومِنْ وسواسِ الصدرِ، ومِنْ شَتَات الأمرِ، ومِنْ عذاب النار، ومِنْ عذابِ القبر. اللَّهُمَّ إنِّي أسألكَ مِنْ خيرِ ما تأتي به الرياحُ، وأعُوذ بِكَ مِنْ شرّ ما تأتي بِهِ الرِّياحُ، وأسألكَ خيرَ اللَّيل وخيرَ النَّهار».
ومن تلك الأدعية ما رواه عبد الله بن ميمون، قال: سمعت أبا عبد الله(ع) يقول: إنَّ رسول الله (ص) وقف بعرفات، فلمّا همّت الشمس أن تغيب، قبل أن تندفع، قال:
«اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ مِنْ الفَقْرِ، ومِنْ تشتُتِ الأمرِ، ومِنْ شَرِّ ما يحدثُ بالليل والنَّهار، أمسى ظلمي مُستَجيراً بعفوك، وأمسى خوفي مُستجيراً بأمانكَ، وأمسى ذُلِّي مُسْتجيراً بِعِزِّكَ، وأمسى وجْهي الفاني مُسْتجيراً بوجِهِك الباقي، يا خيْرَ مَنْ سُئِلَ ويا أجْودَ مَنْ أعْطى، جَلِّلْني برحْمَتِكَ، وألْبِسْني عافيتك، واصْرِفْ عنّي شَرَّ جميع خلقك».
وروى أبو بصير عن أبي عبد الله(ع)، قال: إذا غربت الشمس يوم عرفة فقل:
«اللَّهُمَّ لا تَجْعَلهُ آخرَ العَهْد مِن هذا المَوْقِف، وارزُقْنيهِ مِنْ قابِلٍ أبداً ما أبقَيْتَني، واقْلبني اليومَ مُفْلِحاً مُنْجِحاً مُسْتَجاباً لي، مرحوماً مَغْفُوراً لي، بأفْضَل ما يَنْقَلِبُ بِهِ اليَوْمَ أحدٌ مِنْ وفْدِكَ وحُجّاج بيْتِكَ الحرام، واجعلني اليَوْمَ مِنْ أكْرمِ وفْدِك عليك، وأعْطِني أفضَلَ ما أعْطَيْتَ أحداً مِنْهُم مِنَ الخَيرِ والبركة والرَّحْمَة والرِّضوان والمَغْفِرة، وباركْ لي فيما أرْجعُ إليه مِنْ أهْلٍ أوْ مالٍ أوْ قَليلٍ أوْ كثيرٍ، وباركْ لَهُمْ فيَّ».
اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية