دينية
10/03/2014

أنا غير مقتنعة بالحجاب!

أنا غير مقتنعة بالحجاب!

استشارة..

أنا شابة مسلمة في العشرينات من عمري، وأسكن في الولايات المتحدة الأميركية. ترعرعت في كنف عائلة ملتزمة أخلاقياً، وقد التزمت بالواجبات الدينية، عدا الحجاب، لأنني غير مقتنعة بالحكمة من فرضه، فبحسب فهمي البسيط، أعتقد أن الهدف منه هو الستر، وإبعاد نظرات الرجال عن المرأة، وعدم جلب الكثير من الانتباه إلى مظهرها. وأنا أفضّل البساطة والتواضع في اللباس، لأنَّ المرأة التي تغطي جسدها، تجعل من نفسها مساوية للرجل، وتجبر الآخرين على الحكم عليها من خلال عقلها وشخصيتها، وليس من خلال مظهرها. وبناء على ذلك، لا أرتدي إلا اللباس الطويل والفضفاض، ولكن مشكلتي هي غطاء الرأس، فكيف يكون الشعر جذاباً، وخصوصاً في المجتمع الغربي!؟

جربت ارتداء الحجاب لمدة شهر، فلم أتضايق منه شخصياً، غير أنَّ معاملة الناس لي تغيرت إلى الأسوأ، فتعرضت للعنصرية، ولم يبرز الحجاب شخصيتي أكثر من مظهري، بل على العكس، أصبح الناس يحكمون عليَّ من خلال مظهري، والسبب في ذلك، أنَّ الحجاب يدل على هويتي الدينية. ولذلك، أشعر بالارتياح أكثر لارتداء الملابس الطويلة والفضفاضة، من دون غطاء الرأس، علماً أنني لا أضع مساحيق التجميل، وأبدو أكثر ستراً وتديّناً من كثير من المحجبات!

من جهةٍ ثانية، إنَّ غطاء الشعر مسألة مرتبطة بالتقاليد العربية أكثر من الدين، لأن العرب يعتبرون أنّ الشعر هو العنصر الأكثر جاذبية في المرأة، بعكس باقي الشعوب. فما رأيكم؟!

وجواب..

بعض النقاط التي تثيرينها عن طبيعة المجتمع الغربي ونظرته إلى المحجبة، وخروج بعض المحجبات عن حدود الحجاب الشرعي، وكون الفتاة التي تلتزم اللباس المحتشم مع عدم وضع غطاء الرأس، لا تجلب النظرة المريبة، مقارنة بالمحجبة التي تغطي رأسها، ولكنها تتبرج وتتزين. قد تكون بعض النقاط التي تطرحينها صحيحة، لكن هذا لا يغيّر حكم الله سبحانه فيما فرضه من الحجاب الكامل على المرأة المسلمة، لأنَّ غايات الحجاب وأبعاده، تطغى على كلّ تلك النقاط التي قد نعتقدها سلبية.

إنَّ الحجاب يشكّل نظام حياة عفيفة للمجتمع، لأن المطلوب منه إبعاد مظاهر الأنوثة عن المرأة، لتخرج إلى المجتمع العام كإنسانة. وغطاء الرأس، إضافة إلى ستر سائر الجسد باللباس المحتشم الذي لا يظهر المفاتن، يعطي صورة رصينة للمرأة، لأن ما يظهر من رأسها غير الوجه، يفصح أيضاً عن جانب مهم من جسدها، في حين أراد الله تعالى أن يكون لجسدها حرمة. والحجاب لا يخص فتاة معينة، لئلا يظهرها شعرها بشكلٍ مثير، ولكنّ التشريع للعموم، فإنَّ المرأة بطبيعتها، تتجمَّل في شعرها وجسدها، وحتى في العطر، وطريقة التكلّم، والمشي، وهذا كله يشمله حكم الحجاب، الذي يعني العفة، وعدم الخروج بأي مظهر يثير الآخرين، وهذا حكم الله الذي قد يكون في مصالحه أبعد مما نعرف.

والله تعالى يحكم بعلمه وحكمته، بما يصلح شؤون عباده وأمور حياتهم كلها، فما موقف العبد في ذلك إلا التسليم والطاعة! {سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ}[البقرة: 285]، {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ}[المائدة: 50]. فالمؤمن يسلم أمره لله، ويلتزم ما أمر به {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ}[الأحزاب : 36].

أما وجوب الحجاب شرعاً، فهذا مما لا شبهة فيه. وقد بيّن القرآن الكريم ذلك: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً}[الأحزاب: 59]. {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: 31].

وعندما تحدَّث القرآن الكريم عن القواعد من النساء: {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاء اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [النور : 60]، فهذا يدل بالمفهوم، على وجوب كامل الحجاب على غيرهن، وقد فسَّرت الأحاديث الشريفة الصحيحة ما جاء في القرآن الكريم: "ما دون الخمار من الزينة، وما دون السوارين". والحكم محل اتفاق عند المسلمين، وسيرة المسلمين تدل على ذلك من عهد النبي(ص).

***

مرسلة الاستشارة: سماح.

المجيب عن الاستشارة: الشيخ حسين عبدالله، عالم دين وباحث، عضو المكتب الشّرعي في مؤسّسة العلامة المرجع السيّد محمَّد حسين فضل الله(رض).

التاريخ: 24 شباط 2014م.

نوع الاستشارة: دينية.

استشارة..

أنا شابة مسلمة في العشرينات من عمري، وأسكن في الولايات المتحدة الأميركية. ترعرعت في كنف عائلة ملتزمة أخلاقياً، وقد التزمت بالواجبات الدينية، عدا الحجاب، لأنني غير مقتنعة بالحكمة من فرضه، فبحسب فهمي البسيط، أعتقد أن الهدف منه هو الستر، وإبعاد نظرات الرجال عن المرأة، وعدم جلب الكثير من الانتباه إلى مظهرها. وأنا أفضّل البساطة والتواضع في اللباس، لأنَّ المرأة التي تغطي جسدها، تجعل من نفسها مساوية للرجل، وتجبر الآخرين على الحكم عليها من خلال عقلها وشخصيتها، وليس من خلال مظهرها. وبناء على ذلك، لا أرتدي إلا اللباس الطويل والفضفاض، ولكن مشكلتي هي غطاء الرأس، فكيف يكون الشعر جذاباً، وخصوصاً في المجتمع الغربي!؟

جربت ارتداء الحجاب لمدة شهر، فلم أتضايق منه شخصياً، غير أنَّ معاملة الناس لي تغيرت إلى الأسوأ، فتعرضت للعنصرية، ولم يبرز الحجاب شخصيتي أكثر من مظهري، بل على العكس، أصبح الناس يحكمون عليَّ من خلال مظهري، والسبب في ذلك، أنَّ الحجاب يدل على هويتي الدينية. ولذلك، أشعر بالارتياح أكثر لارتداء الملابس الطويلة والفضفاضة، من دون غطاء الرأس، علماً أنني لا أضع مساحيق التجميل، وأبدو أكثر ستراً وتديّناً من كثير من المحجبات!

من جهةٍ ثانية، إنَّ غطاء الشعر مسألة مرتبطة بالتقاليد العربية أكثر من الدين، لأن العرب يعتبرون أنّ الشعر هو العنصر الأكثر جاذبية في المرأة، بعكس باقي الشعوب. فما رأيكم؟!

وجواب..

بعض النقاط التي تثيرينها عن طبيعة المجتمع الغربي ونظرته إلى المحجبة، وخروج بعض المحجبات عن حدود الحجاب الشرعي، وكون الفتاة التي تلتزم اللباس المحتشم مع عدم وضع غطاء الرأس، لا تجلب النظرة المريبة، مقارنة بالمحجبة التي تغطي رأسها، ولكنها تتبرج وتتزين. قد تكون بعض النقاط التي تطرحينها صحيحة، لكن هذا لا يغيّر حكم الله سبحانه فيما فرضه من الحجاب الكامل على المرأة المسلمة، لأنَّ غايات الحجاب وأبعاده، تطغى على كلّ تلك النقاط التي قد نعتقدها سلبية.

إنَّ الحجاب يشكّل نظام حياة عفيفة للمجتمع، لأن المطلوب منه إبعاد مظاهر الأنوثة عن المرأة، لتخرج إلى المجتمع العام كإنسانة. وغطاء الرأس، إضافة إلى ستر سائر الجسد باللباس المحتشم الذي لا يظهر المفاتن، يعطي صورة رصينة للمرأة، لأن ما يظهر من رأسها غير الوجه، يفصح أيضاً عن جانب مهم من جسدها، في حين أراد الله تعالى أن يكون لجسدها حرمة. والحجاب لا يخص فتاة معينة، لئلا يظهرها شعرها بشكلٍ مثير، ولكنّ التشريع للعموم، فإنَّ المرأة بطبيعتها، تتجمَّل في شعرها وجسدها، وحتى في العطر، وطريقة التكلّم، والمشي، وهذا كله يشمله حكم الحجاب، الذي يعني العفة، وعدم الخروج بأي مظهر يثير الآخرين، وهذا حكم الله الذي قد يكون في مصالحه أبعد مما نعرف.

والله تعالى يحكم بعلمه وحكمته، بما يصلح شؤون عباده وأمور حياتهم كلها، فما موقف العبد في ذلك إلا التسليم والطاعة! {سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ}[البقرة: 285]، {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ}[المائدة: 50]. فالمؤمن يسلم أمره لله، ويلتزم ما أمر به {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ}[الأحزاب : 36].

أما وجوب الحجاب شرعاً، فهذا مما لا شبهة فيه. وقد بيّن القرآن الكريم ذلك: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً}[الأحزاب: 59]. {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: 31].

وعندما تحدَّث القرآن الكريم عن القواعد من النساء: {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاء اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [النور : 60]، فهذا يدل بالمفهوم، على وجوب كامل الحجاب على غيرهن، وقد فسَّرت الأحاديث الشريفة الصحيحة ما جاء في القرآن الكريم: "ما دون الخمار من الزينة، وما دون السوارين". والحكم محل اتفاق عند المسلمين، وسيرة المسلمين تدل على ذلك من عهد النبي(ص).

***

مرسلة الاستشارة: سماح.

المجيب عن الاستشارة: الشيخ حسين عبدالله، عالم دين وباحث، عضو المكتب الشّرعي في مؤسّسة العلامة المرجع السيّد محمَّد حسين فضل الله(رض).

التاريخ: 24 شباط 2014م.

نوع الاستشارة: دينية.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية