لا ريب في أنَّ زمن الصّوم فرصة متاحة ومهمّة من أجل وقاية أنفسنا ومجتمعاتنا من كلّ الأذى والشرور، وهو ما يستوجب مواجهة كلّ الأطماع وانحرافات النفس الّتي يتسبّب عنها هذا الأذى وهذه الشّرور. والمواجهة بطبيعة الحال ليست كبسة زرّ، ولا عملاً ميكانيكيّاً ومبرمجاً، بل إنّها تتطلَّب قوَّة الإرادة وصلابة الموقف والتوجّه في الانتصار لمشاعر الخير وقوى الخير فينا، وإخراجها إلى مستوى معاملاتنا وعلاقاتنا، وأن نتحرّك بشهواتنا وفق الضّوابط الشرعيّة التي سمح بها الخالق.
صحيح أنَّ النفس شهوانيّة، ولكنّ الله تعالى جعل لها وسيلةً نظيفةً تجري من خلالها، فشهوة الجنس وسيلتها من خلال العلاقة الشرعيَّة عبر الزّواج، وشهوة الطّعام والشّراب من خلال الإقبال على ما أحلّه الله، وإشباع ذلك عبر اللّقمة الحلال المتأتّية من العمل الحلال والرّزق الحلال.. والنّفس بطبيعتها ميّالة إلى الكسل وإطلاق العنان للجوارح كي تتصرّف كيفما اتفق، عبر النظرة الحرام إلى أعراض النّاس، وعبر إعمال اللّسان في نشر الفتنة والنّميمة والعداوات، والخوض في حرمات العباد.
هنا يأتي دور الإرادة كأداة فعَّالة يستعملها الإنسان في تطويع قوى نفسه بما ينسجم مع طاعة الله. فالصّيام بأدقّ معانيه، هو سلوك وتدريب حيّ على تقوية جانب الإرادة في الإنسان، عندما تتطلَّب منه المواجهة في الحياة أن يكون صاحب خيار وإرادة.. فالإنسان مخلوق متميِّز فيه نوازع شهوانيّة، ولكن فيه نفحة من روح الله تدفعه إلى التّعالي عن الاستغراق في الشّهوات، وتقوية إرادته وبناء مناعتها ليسا مطلوبين في شهر الصّوم فحسب، بل على مدار العام.
إذاً نستفيد من الصّوم تقوية الإرادة، لنستعين بها في غير زمن الصّوم عندما نواجه شتّى الضّغوطات والإغراءات.
فالصّوم في تعزيزه للإرادة فينا في محصّلة الأمر، هو تدريب على تقويم الأخلاق وتربيتها على كلّ خير ومعنى وقيمة ترتفع بالنّفس.
والإرادة موجودة عند كلّ إنسان غنيّ وفقير، كبير وصغير، فهي من الصّفات اللازمة للنّاس، ولا تستقيم فريضة من الفرائض من دونها، فالصّلاة تحتاج إلى إرادة، والحجّ كذلك، والخمس، وغيرها من الفرائض والعبادات.
وإلى هذا المعنى ذهب الأديب المصري عبّاس محمود العقّاد، عندما كتب مقالاً في مجلة الهلال تحت عنوان (رمضان شهر الإرادة)، حيث قال: "... فمن الجائز كثيراً أنّ صيام الغنيّ يعلِّمه الرحمة بالفقير، ولكنّه مقصدٌ ككلّ فريضة عامّة، لا يختصّ بإنسان ولا بطائفة من النّاس. أمّا الخُلُق الّذي يعمّ الأغنياء والفقراء فهو الإرادة، وهي ألزم الصّفات لكلّ إنسان.. فلا قوام للفرائض والفضائل جميعاً بغير هذه الإرادة، وهي لازمة للفقير لزومها للغنيّ.. فالإرادة إذاً هي فضيلة الفضائل في الصّيام".
هل نكون فعلاً من طلاب مدرسة الصّوم الحقيقيّ في استحضار الإرادة القويّة، الّتي تفعل فعلها في نفوسنا ومشاعرنا وحركتنا في الحياة، وتنقلنا من الضّعف والاختلال، إلى التّوازن والاستقرار والحضور العزيز والكريم؟!
إنّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبِّر بالضّرورة عن رأي الموقع، وإنّما عن وجهة نظر صاحبها.

لا ريب في أنَّ زمن الصّوم فرصة متاحة ومهمّة من أجل وقاية أنفسنا ومجتمعاتنا من كلّ الأذى والشرور، وهو ما يستوجب مواجهة كلّ الأطماع وانحرافات النفس الّتي يتسبّب عنها هذا الأذى وهذه الشّرور. والمواجهة بطبيعة الحال ليست كبسة زرّ، ولا عملاً ميكانيكيّاً ومبرمجاً، بل إنّها تتطلَّب قوَّة الإرادة وصلابة الموقف والتوجّه في الانتصار لمشاعر الخير وقوى الخير فينا، وإخراجها إلى مستوى معاملاتنا وعلاقاتنا، وأن نتحرّك بشهواتنا وفق الضّوابط الشرعيّة التي سمح بها الخالق.
صحيح أنَّ النفس شهوانيّة، ولكنّ الله تعالى جعل لها وسيلةً نظيفةً تجري من خلالها، فشهوة الجنس وسيلتها من خلال العلاقة الشرعيَّة عبر الزّواج، وشهوة الطّعام والشّراب من خلال الإقبال على ما أحلّه الله، وإشباع ذلك عبر اللّقمة الحلال المتأتّية من العمل الحلال والرّزق الحلال.. والنّفس بطبيعتها ميّالة إلى الكسل وإطلاق العنان للجوارح كي تتصرّف كيفما اتفق، عبر النظرة الحرام إلى أعراض النّاس، وعبر إعمال اللّسان في نشر الفتنة والنّميمة والعداوات، والخوض في حرمات العباد.
هنا يأتي دور الإرادة كأداة فعَّالة يستعملها الإنسان في تطويع قوى نفسه بما ينسجم مع طاعة الله. فالصّيام بأدقّ معانيه، هو سلوك وتدريب حيّ على تقوية جانب الإرادة في الإنسان، عندما تتطلَّب منه المواجهة في الحياة أن يكون صاحب خيار وإرادة.. فالإنسان مخلوق متميِّز فيه نوازع شهوانيّة، ولكن فيه نفحة من روح الله تدفعه إلى التّعالي عن الاستغراق في الشّهوات، وتقوية إرادته وبناء مناعتها ليسا مطلوبين في شهر الصّوم فحسب، بل على مدار العام.
إذاً نستفيد من الصّوم تقوية الإرادة، لنستعين بها في غير زمن الصّوم عندما نواجه شتّى الضّغوطات والإغراءات.
فالصّوم في تعزيزه للإرادة فينا في محصّلة الأمر، هو تدريب على تقويم الأخلاق وتربيتها على كلّ خير ومعنى وقيمة ترتفع بالنّفس.
والإرادة موجودة عند كلّ إنسان غنيّ وفقير، كبير وصغير، فهي من الصّفات اللازمة للنّاس، ولا تستقيم فريضة من الفرائض من دونها، فالصّلاة تحتاج إلى إرادة، والحجّ كذلك، والخمس، وغيرها من الفرائض والعبادات.
وإلى هذا المعنى ذهب الأديب المصري عبّاس محمود العقّاد، عندما كتب مقالاً في مجلة الهلال تحت عنوان (رمضان شهر الإرادة)، حيث قال: "... فمن الجائز كثيراً أنّ صيام الغنيّ يعلِّمه الرحمة بالفقير، ولكنّه مقصدٌ ككلّ فريضة عامّة، لا يختصّ بإنسان ولا بطائفة من النّاس. أمّا الخُلُق الّذي يعمّ الأغنياء والفقراء فهو الإرادة، وهي ألزم الصّفات لكلّ إنسان.. فلا قوام للفرائض والفضائل جميعاً بغير هذه الإرادة، وهي لازمة للفقير لزومها للغنيّ.. فالإرادة إذاً هي فضيلة الفضائل في الصّيام".
هل نكون فعلاً من طلاب مدرسة الصّوم الحقيقيّ في استحضار الإرادة القويّة، الّتي تفعل فعلها في نفوسنا ومشاعرنا وحركتنا في الحياة، وتنقلنا من الضّعف والاختلال، إلى التّوازن والاستقرار والحضور العزيز والكريم؟!
إنّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبِّر بالضّرورة عن رأي الموقع، وإنّما عن وجهة نظر صاحبها.