أليمة هي الصّور المعروضة في وسائل الإعلام، والّتي تنقل مشاهد الهمجيّة التي لا يمكن لعقل بشري أن يتصوّرها، أو أن تهضمها أيّ مشاعر تنبض في عرق آدمي؛ إنها صور لأناس كانوا بالأمس يضحكون بين أطفالهم، وينشطون في علاقاتهم، فإذا بهم اليوم فريسة لسارقي الأرواح وقتلة الأنفس، الّذين لا يميّزون بين طفل صغير أو شيخ كبير.
استفزني، ويستفز أيّ إنسان، منظر شخص في صفحات إحدى الجرائد، كان المنظر عبارة عن رأس مقطوع وموضوع بين رجلي صاحبه، أضف إلى ذلك ما يعرض من صور للرّؤوس المعلقة على جدران المدارس، أو التي يرميها الصبية بينهم، أو الركل على أجسام الأحياء حتى الموت. المسألة، أنّ كلّ ما يعرض، وللأسف، يدلّل على سوء ما وصلت إليه أوضاع النّاس، ولكنّ الأسوأ أن يكون عرض مثل هذه الصّور بهدف السّبق الصحافي، أو مجرّد مادّة إعلاميّة دسمة نملأ بها إعلامنا.
صحيح أنَّ تسليط الضَّوء على هذه الجرائم، وفضح مرتكبيها، مهمّ، ولكنَّ الضَّرر يبقى أكبر في حال عرضها، لما في ذلك من تأثير سلبيّ وخطير في الوضع النفسي للنّاس، وتحديداً الأطفال والشباب والمراهقين، كما التأثير السلبي في مشاعر أهل الضّحايا؛ هؤلاء الذين يموتون كلّ لحظة عندما يرون صور أبنائهم.
انطلاقاً من هذه المأساة الكبرى التي يعيشها واقعنا، لا مناص من تحمل المسؤوليّة من قبل وسائل الإعلام، والكفّ عن عرض مشاهد الرؤوس والجثث، والاكتفاء فقط بذكر الخبر والحديث عن القصَّة، دونما حشد للصّور. وعند الاضطرار، يكتفى بعرض الصّورة دون ملامح واضحة للضحيّة، للتّخفيف من أثرها السلبيّ، وحتّى لا تصبح هذه المشاهد الوحشيّة وكأنها مشاهد عاديّة ومألوفة...
والمطلوب من وسائل الإعلام، أن تعي دقّة أبعاد ما تعرضه، وتداعياته من الناحية الإنسانية والاجتماعية، وأن تدرك أنّ سلبيات ما تقوم به أكثر بكثير من إيجابياته، إن كان له إيجابيّات، فيما يظلّ الأجدى والأنفع، التركيز على مخاطر هذه الجرائم وآثارها وخلفيّاتها، والعمل بين كلّ الهيئات والجهات على وضع خطط وبرامج إعلاميّة، تركّز على نشر الثّقافة والوعي بين الأجيال، وأهمّها ثقافة احترام الأنفس والأرزاق والأموال والأعراض، وحفظ حقوق الإنسان ووجوب مراعاتها، والعمل أيضاً على بناء الشخصيّة بما يتناسب مع تركيز القيم الرّوحيّة والأخلاقيّة، من تسامح وألفة ومحبة وحرمة التعدي على الآخرين، فتربية الأجيال على ذلك قد تكون أبلغ في القول والتّعبير من التّسابق إلى عرض الرّؤوس المتدحرجة الّتي لا تشير إلا إلى وحشيّة بعض البشر...
*إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع، وإنما عن وجهة نظر صاحبها.
أليمة هي الصّور المعروضة في وسائل الإعلام، والّتي تنقل مشاهد الهمجيّة التي لا يمكن لعقل بشري أن يتصوّرها، أو أن تهضمها أيّ مشاعر تنبض في عرق آدمي؛ إنها صور لأناس كانوا بالأمس يضحكون بين أطفالهم، وينشطون في علاقاتهم، فإذا بهم اليوم فريسة لسارقي الأرواح وقتلة الأنفس، الّذين لا يميّزون بين طفل صغير أو شيخ كبير.
استفزني، ويستفز أيّ إنسان، منظر شخص في صفحات إحدى الجرائد، كان المنظر عبارة عن رأس مقطوع وموضوع بين رجلي صاحبه، أضف إلى ذلك ما يعرض من صور للرّؤوس المعلقة على جدران المدارس، أو التي يرميها الصبية بينهم، أو الركل على أجسام الأحياء حتى الموت. المسألة، أنّ كلّ ما يعرض، وللأسف، يدلّل على سوء ما وصلت إليه أوضاع النّاس، ولكنّ الأسوأ أن يكون عرض مثل هذه الصّور بهدف السّبق الصحافي، أو مجرّد مادّة إعلاميّة دسمة نملأ بها إعلامنا.
صحيح أنَّ تسليط الضَّوء على هذه الجرائم، وفضح مرتكبيها، مهمّ، ولكنَّ الضَّرر يبقى أكبر في حال عرضها، لما في ذلك من تأثير سلبيّ وخطير في الوضع النفسي للنّاس، وتحديداً الأطفال والشباب والمراهقين، كما التأثير السلبي في مشاعر أهل الضّحايا؛ هؤلاء الذين يموتون كلّ لحظة عندما يرون صور أبنائهم.
انطلاقاً من هذه المأساة الكبرى التي يعيشها واقعنا، لا مناص من تحمل المسؤوليّة من قبل وسائل الإعلام، والكفّ عن عرض مشاهد الرؤوس والجثث، والاكتفاء فقط بذكر الخبر والحديث عن القصَّة، دونما حشد للصّور. وعند الاضطرار، يكتفى بعرض الصّورة دون ملامح واضحة للضحيّة، للتّخفيف من أثرها السلبيّ، وحتّى لا تصبح هذه المشاهد الوحشيّة وكأنها مشاهد عاديّة ومألوفة...
والمطلوب من وسائل الإعلام، أن تعي دقّة أبعاد ما تعرضه، وتداعياته من الناحية الإنسانية والاجتماعية، وأن تدرك أنّ سلبيات ما تقوم به أكثر بكثير من إيجابياته، إن كان له إيجابيّات، فيما يظلّ الأجدى والأنفع، التركيز على مخاطر هذه الجرائم وآثارها وخلفيّاتها، والعمل بين كلّ الهيئات والجهات على وضع خطط وبرامج إعلاميّة، تركّز على نشر الثّقافة والوعي بين الأجيال، وأهمّها ثقافة احترام الأنفس والأرزاق والأموال والأعراض، وحفظ حقوق الإنسان ووجوب مراعاتها، والعمل أيضاً على بناء الشخصيّة بما يتناسب مع تركيز القيم الرّوحيّة والأخلاقيّة، من تسامح وألفة ومحبة وحرمة التعدي على الآخرين، فتربية الأجيال على ذلك قد تكون أبلغ في القول والتّعبير من التّسابق إلى عرض الرّؤوس المتدحرجة الّتي لا تشير إلا إلى وحشيّة بعض البشر...
*إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع، وإنما عن وجهة نظر صاحبها.