كتابات
27/02/2018

مصطلح السلفيّة والأصوليّة والعقلانيّة

مصطلح السلفيّة والأصوليّة والعقلانيّة

عندما ندرس السلفيّة كمصطلح فكريّ، فإننا نفهم منها طريقة التفكير التي تعمل على استنطاق التراث بشكل جامد غير منفتح، بحيث تحاول أن تتنكّر لكلّ الحركات الفكرية التي تعمل على أساس استنطاق النصوص والأحداث والأوضاع، بطريقة منفتحة تنسجم مع الأجواء الاجتهادية المتحركة، من دون الابتعاد عن الخصائص الحيّة للنّص وللخط الفكري.. إننا نفهم السلفية عملية ارتباط بالجذور، ولكن بطريقة جامدة، ما يجعلها لا تتحمل الاجتهاد الآخر، ولا تعمل على الانفتاح عليه، بحيث يتحوّل الحوار عندها إلى مشكلة لها وللطّرف الآخر، الأمر الذي يجعلها تعيش في حالة جمودٍ دائم، باعتبار أنها لا تفسح المجال للتحرّك في الهواء الطلق. نحن لا نتهم السلفية بالبعد عن الإخلاص للإسلام، ولكننا نلاحظ عليها أنها تتحرك باسم الإخلاص للإسلام في خطّ جامد، ليس من مصلحة الإسلام أن يبقى فيه.

 وعندما نستنطق الأصولية كمصطلح غربي، فإنّنا قد نلاحظ أنَّ الغربيين يحاولون أن يعطوا الأصوليّة أكثر عناصر السلفيّة، لأنهم يجعلونها في دائرة الاستغراق في الجذور، من دون الانفتاح على الآفاق التي يمكن أن تنمو فيها حركة هذه الجذور على الأرض، كما يحاولون أن يعطوها صفة العنف التي تنطلق في إلغاء الآخر، بالمستوى الذي تبتعد فيه عن الانفتاح عليه حتى في دائرة الحوار. عندما نستنطق كلمة الأصوليّة في المصطلح السياسي الغربي، فإنّنا نجدها تلتقي في أكثر عناصرها، إن لم يكن في كل عناصرها، بالسلفية، غاية ما هناك، أنّ السلفيّة لا تنطلق في اتجاه ثوريّ في عمليّة تغيير الواقع على صورتها بما تفكّر فيه للإسلام، ولكنّ الأصوليّة هي حركة عنف تعمل على تغيير الواقع لمصلحة الإسلام بطريقتها الخاصّة.

العقلانيّة هي الطريقة الموضوعيّة للتّفكير، التي تعمل على أساس دراسة أيّة قضيّة أو أيّة فكرة أو أيّ واقع، من خلال عناصرها الذاتية وخصائصها الموضوعية في ما يحيط بها من أجواء، وما يتحرك في آفاقها من ظروف.. وعلى هذا الأساس، فإن العقلانية تقابل من خلال هذا المفهوم العاطفية والانفعالية والحماسية وما إلى ذلك من الطرق، التي تعتمد على العنصر الشعوري في مواجهة القضايا بدلاً من العنصر العقليّ. وعندما نتحدّث عن العقلانيّة، فإننا لا نقصد الطريقة العقلية في التفكير في مقابل الطريقة التجريبية، بل إننا في العقلانية كمنهج فكريّ، نجد أن الفكر العقلي المجرّد يلتقي مع الفكر التجريبي الواقعي، لأنّ عملية استنطاق التجربة في عناصرها الحيّة، هي عملية عقلية، باعتبار أنَّ العقل هو الذي يقتحم عناصر التجربة من أجل أن يخرج منها الفكرة العامّة.

ومن هنا، فإننا كإسلاميّين، نستنطق الطريقة العقلية الفكرية في التّفكير، التي تنطلق من خلال الحقائق الضروريّة البديهيّة الأساسيّة التي تموّن كلّ حركة الفكر، كما تنطلق من الطريقة التجريبية التي تنفتح على الطريقة العقلية بشكل أو بآخر.

*العلامة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله(رض)، من كتاب "خطاب الإسلاميّين والمستقبل"، ص 18-19.

عندما ندرس السلفيّة كمصطلح فكريّ، فإننا نفهم منها طريقة التفكير التي تعمل على استنطاق التراث بشكل جامد غير منفتح، بحيث تحاول أن تتنكّر لكلّ الحركات الفكرية التي تعمل على أساس استنطاق النصوص والأحداث والأوضاع، بطريقة منفتحة تنسجم مع الأجواء الاجتهادية المتحركة، من دون الابتعاد عن الخصائص الحيّة للنّص وللخط الفكري.. إننا نفهم السلفية عملية ارتباط بالجذور، ولكن بطريقة جامدة، ما يجعلها لا تتحمل الاجتهاد الآخر، ولا تعمل على الانفتاح عليه، بحيث يتحوّل الحوار عندها إلى مشكلة لها وللطّرف الآخر، الأمر الذي يجعلها تعيش في حالة جمودٍ دائم، باعتبار أنها لا تفسح المجال للتحرّك في الهواء الطلق. نحن لا نتهم السلفية بالبعد عن الإخلاص للإسلام، ولكننا نلاحظ عليها أنها تتحرك باسم الإخلاص للإسلام في خطّ جامد، ليس من مصلحة الإسلام أن يبقى فيه.

 وعندما نستنطق الأصولية كمصطلح غربي، فإنّنا قد نلاحظ أنَّ الغربيين يحاولون أن يعطوا الأصوليّة أكثر عناصر السلفيّة، لأنهم يجعلونها في دائرة الاستغراق في الجذور، من دون الانفتاح على الآفاق التي يمكن أن تنمو فيها حركة هذه الجذور على الأرض، كما يحاولون أن يعطوها صفة العنف التي تنطلق في إلغاء الآخر، بالمستوى الذي تبتعد فيه عن الانفتاح عليه حتى في دائرة الحوار. عندما نستنطق كلمة الأصوليّة في المصطلح السياسي الغربي، فإنّنا نجدها تلتقي في أكثر عناصرها، إن لم يكن في كل عناصرها، بالسلفية، غاية ما هناك، أنّ السلفيّة لا تنطلق في اتجاه ثوريّ في عمليّة تغيير الواقع على صورتها بما تفكّر فيه للإسلام، ولكنّ الأصوليّة هي حركة عنف تعمل على تغيير الواقع لمصلحة الإسلام بطريقتها الخاصّة.

العقلانيّة هي الطريقة الموضوعيّة للتّفكير، التي تعمل على أساس دراسة أيّة قضيّة أو أيّة فكرة أو أيّ واقع، من خلال عناصرها الذاتية وخصائصها الموضوعية في ما يحيط بها من أجواء، وما يتحرك في آفاقها من ظروف.. وعلى هذا الأساس، فإن العقلانية تقابل من خلال هذا المفهوم العاطفية والانفعالية والحماسية وما إلى ذلك من الطرق، التي تعتمد على العنصر الشعوري في مواجهة القضايا بدلاً من العنصر العقليّ. وعندما نتحدّث عن العقلانيّة، فإننا لا نقصد الطريقة العقلية في التفكير في مقابل الطريقة التجريبية، بل إننا في العقلانية كمنهج فكريّ، نجد أن الفكر العقلي المجرّد يلتقي مع الفكر التجريبي الواقعي، لأنّ عملية استنطاق التجربة في عناصرها الحيّة، هي عملية عقلية، باعتبار أنَّ العقل هو الذي يقتحم عناصر التجربة من أجل أن يخرج منها الفكرة العامّة.

ومن هنا، فإننا كإسلاميّين، نستنطق الطريقة العقلية الفكرية في التّفكير، التي تنطلق من خلال الحقائق الضروريّة البديهيّة الأساسيّة التي تموّن كلّ حركة الفكر، كما تنطلق من الطريقة التجريبية التي تنفتح على الطريقة العقلية بشكل أو بآخر.

*العلامة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله(رض)، من كتاب "خطاب الإسلاميّين والمستقبل"، ص 18-19.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية