في المرّة الماضية، تحدّثنا عن الفرق بين صعوبات التعلّم وبعض سماته، وبين التأخر الدراسي.
اليوم، وبسبب ما ورد من تساؤلات واستفسارات، سنبيِّن كيف نميّز ما بين الصعوبة التعلمية والتأخّر الدراسي.
هذا شيء مهمّ وأساسيّ، وأشكر كلّ من سأل هذا السؤال.
نتجه بداية نحو التشخيص: ليس باستطاعة أيّ كان أن يقول إنَّ ابنك عنده صعوبة تعلمية، وإنّه يعرف نوعاً معيّناً من العلاجات؛ كأمّ، كأب، كمعلّمة... وأيّ كان.
نحن ينبغي أن نعمل بطريقة علميّة وموثوقة جداً. ماذا يعني ذلك؟
عندما أحسّ عن طريق المراقبة للتّلميذ أو للولد، أنّ عنده بعض السمات، أبدأ بشيء أساسيّ جداً هو التّشخيص.
وفي لبنان والدول العربية، هناك مراكز للتّشخيص، وأحياناً يكون داخل المدرسة مركز تشخيصي، هذا المركز التشخيصي يضمّ اختبار IQ، وعادةً تقوم به المعالجة النفسيَّة أو الاختصاصيّة النّفسيّة، وتكون في مستوى ماستر أو أعلى من ذلك، كي تقوم بإجراء هذا الاختبار، لتحدّد الذكاء عند الولد، لأنَّ الولد، كما ذكرنا في المرّة الماضية، الذي عنده صعوبات تعلّمية، لا يعني أنّ عندهIQ متدنّياً، بالعكس، يجب أن يكونIQ متوسطاً وما فوق، وأيضاً الولد الّذي يكون في حالة التأخر الدراسي، يكون عنده ذكاء جيّد.
بطيء التعلم هو الذي يكون عندهIQ متدنّ، وهنا IQ يحدّد هل هو فعلاً بطيء التعلم أو عنده صعوبة تعلّمية.
هذه أوّل خطوة نقوم بها في التشخيص.
الخطوة الثانية، تكون مع اختصاصيّة النطق واللّغة، الّتي تدرس هذا الجانب الأكاديمي عند الولد، وهو القراءة والكتابة باللّغتين أو باللّغة الواحدة، حسب الدولة الموجود فيها. بعدها، اختصاصيّة الحسي - حركي أو الانشغالي، الّتي تدرس المهارات عند الولد، ومن الضّروريّ أن يكون الجانب الحسي – حركي موجوداً، كما تحدّثنا في المرّة الماضية، لأنّ الحواسّ والحركة مرتبطان بالجانب المعرفي عند الولد، فيجب أن نقيس هذا الجانب الجسدي، والذي هو حسي - حركي، إضافةً إلى أنهم يقيسون أيضاً جانب الانتباه والإدراك والذّاكرة.
صار عندنا إذاًIQ ؛ صار عندنا اختبارات نطق ولغة، واختبارات حسية حركية، وأنا صراحةً أحبّ أن أضيف إلى هذه الاختبارات، الاختبارات التحصيليّة، وعادةً، يكون هناك في المراكز المتخصِّصة اختبارات مقنَّنة تقيس التحصيل الدراسي عند الولد. أضيف إليهم أيضاً الجانب العاطفيّ، الجانب النفسي الاجتماعي، لأنَّ أيَّ ولد عنده مشكلة دراسيَّة، فلا ريب أنَّ هذا الشَّيء سيرتبط بالجانب الاجتماعي والجانب النفسي، وكم عنده من صداقاته، وهل يحبّ المدرسة أم لا...
عندما يكون الولد لديه صعوبة تعلمية، فسوف يطرأ خلل بالجانب العاطفي، عندها نحاول من أول الطريق أن نقيس هذا الجانب، وإذا كان عنده أيّ مشكلة في هذا الجانب، نحاول أن نعالجها ونقوّمها.
التدخلات كثيرة، والأطفال الذين لديهم صعوبات تعلّمية، لا يستطيعون أن يدرسوا حقيقةً بالطريقة التقليديّة نفسها التي تدرَّس في مدارسنا، ولذلك هم بحاجة إلى برامج متخصّصة وبرامج خاصّة.
وسوف نتحدَّث لاحقاً عن برامج التدخّل، وكيف يدرس الولد ويكون موجوداً ببرنامج خاصّ.
وأشير إلى أنَّ هذا البرنامج الخاصّ من الممكن أن يتمّ طرحه في الصفّ العادي. وعندها نذهب إلى موضوع آخر، وهو الدمج، والذي يستفيد من هذا البرنامج، الولد الذي عنده صعوبة تعلمية، والطفل الذي ليس لديه صعوبة تعلّميّة، ولكنّنا ندرّسه بطريقة فنيّة احترافيّة.
ختاماً، أضيف بالنّسبة إلى التشخيص، لا تنسوا قبل كلّ هذه الاختبارات، معالجة الولد عضوياً، لتتأكّدوا أنّ الولد يعاني من هذه المشكلات ولكن ليس لسبب عضويّ.
عضويّاً، أنا أنصح بشيئين أساسيّين: افحصي نظر ابنك إذا كان عنده مشكلة في النّظر، لأنَّ ذلك يؤثّر في دراسته. والشّيء الثّاني، اعرضيه على أطبّاء الأنف والأذن والحنجرة، فمن الممكن أن يكون عنده مشكلة لحميّة أو لوز تؤثّر في قناة السّمع... تأكّدوا من حواسّ ابنكم؛ سمع ونظر وجسد كلّه على ما يرام، بعدها تذهبون إلى هذه الاختبارات التي ذكرناها.