الإنسان الذي لا يعيش المسؤوليَّة في المجتمع، قد يتحرَّك لإثارة الفتنة فيه
والعمل على الإضرار به، وفي المسألة السياسيّة، فإنّ الإنسان الذي لا يحمل همّ مصير
أهله وبلده وأمّته، ربما يقوم بالكثير من العلاقات والمواقف التأييديّة أو الرّافضة
التي تضرّ بأمّته وبلده، بينما ينطلق الإنسان الذي يعيش المسؤوليّة ليجعل خطواته
خاضعةً لما يصلح أمر أمّته وبلده وأهله.
إنّ الله تعالى يقول للإنسان: غيّر نفسك تغيّر مصيرك، لأنّ مصيرك يتحرّك من خلال
إرادتك التي تتحرّك بدورها من خلال فكرك ومشاعرك وأحاسيسك، ومن خلال خطّك الذي
تلتزمه في الحياة.
وعلى ضوء هذا، أعطى الإسلام الأهمية الكبرى لمسألة الإيمان، فالإيمان هو الأساس في
كل مصير الإنسان، ولهذا لم يحترم الإسلام العمل حتى لو كان صالحاً، إلا إذا كان
مرتكزاً على أساس الإيمان. وهذا ما نلاحظه في قوله تعالى: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ
الصَّالحاتِ وهوَ مؤمنٌ}، وفي قوله تعالى: {والعصرِ* إنَّ الإنسانَ لفي خسر* إلّا
الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات}، فلا بدّ للإنسان من أن يعيش الإيمان في عقله وقلبه
وإحساسه وشعوره، حتى يستطيع أن يضبط خط عمله في خط الاستقامة. ولذلك علينا أن نربي
إيماننا بالله وروحية التقوى في كلّ وجداننا، حتى ننطلق من قاعدة.
ولأن للإيمان دوره وخطره، عمد الكافرون من جهة، والمستكبرون من جهة أخرى، إلى أن
ينفذوا إلى عقولنا ليهزوا إيماننا في عقولنا، ولينحرفوا به عن الخطّ المستقيم،
وليشوّهوا تصوراتنا للأشياء، لذلك فقد انطلق المستكبرون في خطّتهم هذه التي بدأوا
ينفّذونها من خلال المسؤولين في البلاد الإسلاميّة، ممن وظّفوهم لحماية مصالحهم
وتنفيذ خططهم، ليتدخّلوا في شؤون المساجد، ليجعلوها خاضعةً لخططهم، أو ليتدخّلوا في
المدارس ليجعلوها خاضعةً لمناهجهم، لجعل الإسلام إسلاماً أمريكيّاً لا إسلاماً
محمديّاً أصيلاً، إنهم يريدون إسلاماً يسبّح بحمد الاستكبار ويقدِّسه، يريدون
إسلاماً لا ينطق بالحريّة والكرامة.
ولهذا، فقد عبثوا بكلّ الواقع الإسلاميّ، فأثاروا فيه الفتن الطائفيّة والمذهبيّة
والقوميّة والعرقيّة والإقليمية، حتى يشغلوا المسلمين عن أصالة إسلامهم، ليسقطوا
تحت تأثير هذه الفتن المتحركة في الواقع.
لذلك، علينا أن نعمل على أساس مواجهة هذا الخطر الذي هو أخطر من السلاح، لأننا
عندما نُغلب على أفكارنا، وتشوَّه صورة الإسلام في عقولنا، وعندما نتحرَّك من موقع
الحرية التي أرادها الله لنا إلى موقع العبوديّة للاستكبار وللظالمين، فإنّنا سنسقط
في كلّ قضايانا.. علينا أن نهتم بالتربية الإسلامية الأصيلة التي أراد الله تعالى
لنا أن نتربى عليها، وأن نؤسّس شخصيتنا على أساسها، فالله تعالى يقول لنا: {وَلاَ
تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ}، {إِنَّمَا ذَلِكُمُ
الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم
مُّؤْمِنِينَ}، إن علينا أن نعيش الإسلام الحرية والعدالة والأصالة، والإسلام الذي
يجمع المسلمين كأمة واحدة ليعتصموا بحبل الله جميعاً لئلا يتفرقوا، وليواجهوا
الاستكبار من موقع قوتهم التي أراد الله لهم أن يعدّوها في داخل أنفسهم وحياتهم.
إن الله تعالى يقول: {إِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ
مَا بِأَنْفُسِهِمْ}، لقد جعل الله تعالى أمرنا، من خلال ما أوكله إلينا في إرادتنا،
بأيدينا، فقال لنا: ركّزوا أفكاركم ومشاعركم وأحاسيسكم وعملكم في الخطّ المستقيم،
وعند ذلك، سوف تحصلون من الله على كلّ خير، {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ
ـ ولم يجعلوا هناك أرباباً من دون الله، أيّاً كان أولئك في مواقع الاستكبار ـ ثُمَّ
اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}، {وَأَنَّ هَـذَا
صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ
بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ}.
وقد قالها رسول الله (ص): "يُحشر الناس على نيّاتهم يوم القيامة". لذلك أخلصوا
النيّات، أخلصوا الفكر وأصّلوه، لنكن المسلمين في أفكارنا وقلوبنا وحياتنا كلّها،
حتى لا يخدعنا المستكبرون والكافرون والمنافقون عن إسلامنا الأصيل، بإسلام يصنعونه
على قياس كفرهم وانحرافهم وضلالهم.
*من أرشيف خطب السيّد (رض) – خطب الجمعة العام 2001.
الإنسان الذي لا يعيش المسؤوليَّة في المجتمع، قد يتحرَّك لإثارة الفتنة فيه
والعمل على الإضرار به، وفي المسألة السياسيّة، فإنّ الإنسان الذي لا يحمل همّ مصير
أهله وبلده وأمّته، ربما يقوم بالكثير من العلاقات والمواقف التأييديّة أو الرّافضة
التي تضرّ بأمّته وبلده، بينما ينطلق الإنسان الذي يعيش المسؤوليّة ليجعل خطواته
خاضعةً لما يصلح أمر أمّته وبلده وأهله.
إنّ الله تعالى يقول للإنسان: غيّر نفسك تغيّر مصيرك، لأنّ مصيرك يتحرّك من خلال
إرادتك التي تتحرّك بدورها من خلال فكرك ومشاعرك وأحاسيسك، ومن خلال خطّك الذي
تلتزمه في الحياة.
وعلى ضوء هذا، أعطى الإسلام الأهمية الكبرى لمسألة الإيمان، فالإيمان هو الأساس في
كل مصير الإنسان، ولهذا لم يحترم الإسلام العمل حتى لو كان صالحاً، إلا إذا كان
مرتكزاً على أساس الإيمان. وهذا ما نلاحظه في قوله تعالى: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ
الصَّالحاتِ وهوَ مؤمنٌ}، وفي قوله تعالى: {والعصرِ* إنَّ الإنسانَ لفي خسر* إلّا
الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات}، فلا بدّ للإنسان من أن يعيش الإيمان في عقله وقلبه
وإحساسه وشعوره، حتى يستطيع أن يضبط خط عمله في خط الاستقامة. ولذلك علينا أن نربي
إيماننا بالله وروحية التقوى في كلّ وجداننا، حتى ننطلق من قاعدة.
ولأن للإيمان دوره وخطره، عمد الكافرون من جهة، والمستكبرون من جهة أخرى، إلى أن
ينفذوا إلى عقولنا ليهزوا إيماننا في عقولنا، ولينحرفوا به عن الخطّ المستقيم،
وليشوّهوا تصوراتنا للأشياء، لذلك فقد انطلق المستكبرون في خطّتهم هذه التي بدأوا
ينفّذونها من خلال المسؤولين في البلاد الإسلاميّة، ممن وظّفوهم لحماية مصالحهم
وتنفيذ خططهم، ليتدخّلوا في شؤون المساجد، ليجعلوها خاضعةً لخططهم، أو ليتدخّلوا في
المدارس ليجعلوها خاضعةً لمناهجهم، لجعل الإسلام إسلاماً أمريكيّاً لا إسلاماً
محمديّاً أصيلاً، إنهم يريدون إسلاماً يسبّح بحمد الاستكبار ويقدِّسه، يريدون
إسلاماً لا ينطق بالحريّة والكرامة.
ولهذا، فقد عبثوا بكلّ الواقع الإسلاميّ، فأثاروا فيه الفتن الطائفيّة والمذهبيّة
والقوميّة والعرقيّة والإقليمية، حتى يشغلوا المسلمين عن أصالة إسلامهم، ليسقطوا
تحت تأثير هذه الفتن المتحركة في الواقع.
لذلك، علينا أن نعمل على أساس مواجهة هذا الخطر الذي هو أخطر من السلاح، لأننا
عندما نُغلب على أفكارنا، وتشوَّه صورة الإسلام في عقولنا، وعندما نتحرَّك من موقع
الحرية التي أرادها الله لنا إلى موقع العبوديّة للاستكبار وللظالمين، فإنّنا سنسقط
في كلّ قضايانا.. علينا أن نهتم بالتربية الإسلامية الأصيلة التي أراد الله تعالى
لنا أن نتربى عليها، وأن نؤسّس شخصيتنا على أساسها، فالله تعالى يقول لنا: {وَلاَ
تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ}، {إِنَّمَا ذَلِكُمُ
الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم
مُّؤْمِنِينَ}، إن علينا أن نعيش الإسلام الحرية والعدالة والأصالة، والإسلام الذي
يجمع المسلمين كأمة واحدة ليعتصموا بحبل الله جميعاً لئلا يتفرقوا، وليواجهوا
الاستكبار من موقع قوتهم التي أراد الله لهم أن يعدّوها في داخل أنفسهم وحياتهم.
إن الله تعالى يقول: {إِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ
مَا بِأَنْفُسِهِمْ}، لقد جعل الله تعالى أمرنا، من خلال ما أوكله إلينا في إرادتنا،
بأيدينا، فقال لنا: ركّزوا أفكاركم ومشاعركم وأحاسيسكم وعملكم في الخطّ المستقيم،
وعند ذلك، سوف تحصلون من الله على كلّ خير، {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ
ـ ولم يجعلوا هناك أرباباً من دون الله، أيّاً كان أولئك في مواقع الاستكبار ـ ثُمَّ
اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}، {وَأَنَّ هَـذَا
صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ
بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ}.
وقد قالها رسول الله (ص): "يُحشر الناس على نيّاتهم يوم القيامة". لذلك أخلصوا
النيّات، أخلصوا الفكر وأصّلوه، لنكن المسلمين في أفكارنا وقلوبنا وحياتنا كلّها،
حتى لا يخدعنا المستكبرون والكافرون والمنافقون عن إسلامنا الأصيل، بإسلام يصنعونه
على قياس كفرهم وانحرافهم وضلالهم.
*من أرشيف خطب السيّد (رض) – خطب الجمعة العام 2001.