وقف الحسين (ع) عدَّة مرّات، والمعركة محتدمة، ليخطب في كربلاء، يخطب ليعرِّف القوم بنفسه، ليعرِّفهم بدعوته، ليعرِّفهم بمساوئ الحكم الَّذي يتعاطفون معه.. لماذا وقف الحسين (ع) هذه المواقف كلّها؟ هو يعرف مقدَّماً أنَّ القوم جاؤوا لقتاله، وأنَّ القوم جاؤوا مصحوبين بالأطماع والوعود التي قدَّمها إليهم الأمويّون من أجل قتاله.. لماذا ذلك كلّه أيضاً؟
لأنَّ الحسين (ع) صاحب رسالة، وكان (ع) يفكّر أنَّه من الممكن أن يكون مع هؤلاء القوم بعض الأشخاص البسطاء، بعض النَّاس المخدوعين، بعض الأشخاص الَّذين لم يملكوا وضوح الرّؤية.. وكان الحسين (ع) يفكِّر في أعدائه تفكيراً يشعر معه بالعطف على مصيرهم ومستقبلهم. ومن هنا، كان يريد أن يجرِّب ولو تجربةً واحدةً، ولو على أساس احتمالٍ واحدٍ في المئة، يجرِّب لأن يهدي الإنسان الَّذي يمكن أن يهتدي ولو على هذا الأساس، لأنّ صاحب الرسالة لا يملّ ولا ييأس، وبالتّالي، لا يسرع إلى الحكم على النَّاس وتركهم لمجرَّد أيّ موقف من المواقف المضادّة تجاهه.
وعلى هذا الأساس، كان الإمام الحسين (ع) يقف المرّة تلو الأخرى ليوضِّح للنّاس الحقيقة، ليعرِّفهم كلّ شيء {لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ}[الأنفال: 42]. وهذا موقف نحتاجه ونحن نعايش الصِّراع في مجالات الصِّراع كلّها، نحتاجه لنتعامل على أساسه مع النَّاس كلّهم الَّذين نختلط بهم ونتصارع معهم في الحياة. ربّما نجد أنَّ هناك كثيراً من الناس، بفعل ممارساتهم الكثيرة، قد ارتشوا، فلا يمكن ـــ كما يقول البعض ـــ أن يسيروا في طريق الإيمان، ولا يمكن أن يتعاطفوا مع الحقّ. ولكنَّنا نتعلَّم من موقف الحسين (ع) المستمدّ من تعاليم القرآن الكريم، الَّذي يقول الله سبحانه وتعالى فيه: {وَإِذَ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ}[الأعراف: 164]... حتّى نقدم إلى الله وقد بلّغنا الرِّسالة في مجالاتها كلّها... نتعلَّم من هذا المفهوم القرآني الَّذي مارسه الحسين (ع) ممارسة عمليَّة في كربلاء، أن لا يكون موقفُنا مع الَّذين نختلف معهم في الرأي الموقفَ اليائسَ، بل أن نبقى نحمل الشعور بالرَّحمة، وبأنّ في كلّ إنسان بريقاً من الحقّ، وبأنَّ في قلب كلّ إنسان صدقاً وشيئاً من الخير، وعلينا أن نلاحق هذا الشَّيء، أن نزيل عنه الركام، فلعلَّنا نستطيع أن نهديه إلى الحقّ ونجلبه إلى الطَّريق.
ونأخذ هذه العبرة من موقف الحسين (ع) في كربلاء، الموقف الَّذي لا يماثله موقف من المواقف التي نبتلى فيها نحن، لأنَّ الحسين (ع) جرَّب في مجالٍ لا يشعر الإنسان بأنَّ هناك أيّ فائدةٍ من التجربة. تصوَّر أنَّ إنساناً يقاتلك ويقف ليقتلك، وأنتَ تفكِّر هل من الممكن أن يهتدي هذا الإنسان بكلمة؟! ذلك كان موقف الإمام الحسين (ع).
إنَّ أولئك الناس وقفوا ليقاتلوه وسيوفهم مشهورة عليه، وكان فكره منشغلاً بالتّفكير: لماذا يذهب هؤلاء النَّاس إلى النَّار، فلعلَّها كلمة ويهتدون، ولعلَّ كلمةً يمكن أن تجرّهم إلى الطريق الصحيح السوي؟!
لو تعاملنا مع مَن نختلط بهم ونتصارع معهم بهذه الروح، لاستطعنا أنْ نتحرَّك في حياتنا كلّها على أساس من المحبّة الرساليّة، لا على أساسٍ من الحقد، لأنَّ الحقد مهما كان، حتّى وأنت تحارب عدوّك، لا يستطيع أن يمنحك أيّ شيء في الحياة.
هذا أحد المواقف الرساليَّة التي نستطيع أن نستفيدها من مواقف كربلاء...
المصدر: من كتاب "آفاق إسلاميَّة".
وقف الحسين (ع) عدَّة مرّات، والمعركة محتدمة، ليخطب في كربلاء، يخطب ليعرِّف القوم بنفسه، ليعرِّفهم بدعوته، ليعرِّفهم بمساوئ الحكم الَّذي يتعاطفون معه.. لماذا وقف الحسين (ع) هذه المواقف كلّها؟ هو يعرف مقدَّماً أنَّ القوم جاؤوا لقتاله، وأنَّ القوم جاؤوا مصحوبين بالأطماع والوعود التي قدَّمها إليهم الأمويّون من أجل قتاله.. لماذا ذلك كلّه أيضاً؟
لأنَّ الحسين (ع) صاحب رسالة، وكان (ع) يفكّر أنَّه من الممكن أن يكون مع هؤلاء القوم بعض الأشخاص البسطاء، بعض النَّاس المخدوعين، بعض الأشخاص الَّذين لم يملكوا وضوح الرّؤية.. وكان الحسين (ع) يفكِّر في أعدائه تفكيراً يشعر معه بالعطف على مصيرهم ومستقبلهم. ومن هنا، كان يريد أن يجرِّب ولو تجربةً واحدةً، ولو على أساس احتمالٍ واحدٍ في المئة، يجرِّب لأن يهدي الإنسان الَّذي يمكن أن يهتدي ولو على هذا الأساس، لأنّ صاحب الرسالة لا يملّ ولا ييأس، وبالتّالي، لا يسرع إلى الحكم على النَّاس وتركهم لمجرَّد أيّ موقف من المواقف المضادّة تجاهه.
وعلى هذا الأساس، كان الإمام الحسين (ع) يقف المرّة تلو الأخرى ليوضِّح للنّاس الحقيقة، ليعرِّفهم كلّ شيء {لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ}[الأنفال: 42]. وهذا موقف نحتاجه ونحن نعايش الصِّراع في مجالات الصِّراع كلّها، نحتاجه لنتعامل على أساسه مع النَّاس كلّهم الَّذين نختلط بهم ونتصارع معهم في الحياة. ربّما نجد أنَّ هناك كثيراً من الناس، بفعل ممارساتهم الكثيرة، قد ارتشوا، فلا يمكن ـــ كما يقول البعض ـــ أن يسيروا في طريق الإيمان، ولا يمكن أن يتعاطفوا مع الحقّ. ولكنَّنا نتعلَّم من موقف الحسين (ع) المستمدّ من تعاليم القرآن الكريم، الَّذي يقول الله سبحانه وتعالى فيه: {وَإِذَ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ}[الأعراف: 164]... حتّى نقدم إلى الله وقد بلّغنا الرِّسالة في مجالاتها كلّها... نتعلَّم من هذا المفهوم القرآني الَّذي مارسه الحسين (ع) ممارسة عمليَّة في كربلاء، أن لا يكون موقفُنا مع الَّذين نختلف معهم في الرأي الموقفَ اليائسَ، بل أن نبقى نحمل الشعور بالرَّحمة، وبأنّ في كلّ إنسان بريقاً من الحقّ، وبأنَّ في قلب كلّ إنسان صدقاً وشيئاً من الخير، وعلينا أن نلاحق هذا الشَّيء، أن نزيل عنه الركام، فلعلَّنا نستطيع أن نهديه إلى الحقّ ونجلبه إلى الطَّريق.
ونأخذ هذه العبرة من موقف الحسين (ع) في كربلاء، الموقف الَّذي لا يماثله موقف من المواقف التي نبتلى فيها نحن، لأنَّ الحسين (ع) جرَّب في مجالٍ لا يشعر الإنسان بأنَّ هناك أيّ فائدةٍ من التجربة. تصوَّر أنَّ إنساناً يقاتلك ويقف ليقتلك، وأنتَ تفكِّر هل من الممكن أن يهتدي هذا الإنسان بكلمة؟! ذلك كان موقف الإمام الحسين (ع).
إنَّ أولئك الناس وقفوا ليقاتلوه وسيوفهم مشهورة عليه، وكان فكره منشغلاً بالتّفكير: لماذا يذهب هؤلاء النَّاس إلى النَّار، فلعلَّها كلمة ويهتدون، ولعلَّ كلمةً يمكن أن تجرّهم إلى الطريق الصحيح السوي؟!
لو تعاملنا مع مَن نختلط بهم ونتصارع معهم بهذه الروح، لاستطعنا أنْ نتحرَّك في حياتنا كلّها على أساس من المحبّة الرساليّة، لا على أساسٍ من الحقد، لأنَّ الحقد مهما كان، حتّى وأنت تحارب عدوّك، لا يستطيع أن يمنحك أيّ شيء في الحياة.
هذا أحد المواقف الرساليَّة التي نستطيع أن نستفيدها من مواقف كربلاء...
المصدر: من كتاب "آفاق إسلاميَّة".