موقع "بيّنات": صوتٌ للوعيِ ومنبرٌ للرّسالة

في البداية، أحبّ أن أعبّر عن شكري لكم، واعتزازي بالجهد الَّذي بذلتموه وتبذلونه في صفحة "بيّنات"، الَّتي هي النَّافذة الَّتي نطلُّ من خلالها على العالم.
ولعلَّكم تعرفون جميعاً أنَّنا عندما نريد أن نطلَّ على العالم من خلال وسيلة إعلاميَّة، مقروءة أو مسموعة، فإنَّنا لا نتحرَّك من خلال حالة ذاتيَّة تنطلق من خلفيَّات تضخيم الذَّات وتقديمها إلى النَّاس كواجهة تؤكّد صاحبها، ولكنَّنا ننطلق من خلال الرّسالة الَّتي عشناها لأكثر من خمسين سنة، من أجل أن يكون الإسلام هو عقل العالم وقلبه وحركته ونظامه وحياته، لأنَّنا مسؤولون عن أداء الرّسالة بعد صاحب الرّسالة، وهي مسؤوليَّة كلّ مسلم ومسلمة.
ولعلَّكم تعرفون من خلال النَّهج الذي انتهجناه، أننا لا ندعو إلى إسلام متعصّب، بل ندعو إلى إسلام منفتح وملتزم ومتحرّك في قضايا الإنسان كلّه، سواء كان ذلك في الدائرة الإسلاميَّة حيث تتعدَّد المذاهب، أو في الدائرة الدينية حيث تتعدَّد الأديان، أو في الدائرة الفكريّة حيث تتعدَّد الاتجاهات الفكريَّة.
فنحن تعلَّمنا من الله تعالى في كتابه، ومن النبيّ (ص) في سنَّته، ومن الأئمَّة (ع) في حركتهم في نقل السنَّة وتعميقها وتركيزها في عقول الناس، أنّ الحوار هو الذي يمكن أن يكون حلاً لما اختلف فيه الناس، حيث يحترم الإنسانُ الإنسانَ الآخر فيما يفكر فيه، وليس معنى الاحترام السّقوطَ أمام الفكر الآخر، ولكن معناه الاهتمام بالفكر الآخر، حتَّى إنَّنا عندما ننقد الفكر الآخر فإنَّنا نحترمه، لأنَّ نقدك لأيّ فكر يعني أنَّك تعتبره فكراً صالحاً لأن يناقش وأن يدار الحوار حوله.
لذلك، فنحن في كلّ ما أثرناه ونثيره، نؤكّد أنَّ الحقيقة بنت الحوار، وأنَّه لا مقدَّسات في الحوار، وأنَّ علينا أن ندخل الفكر الإسلامي بكلّ ألوانه العقيدية والشرعية والحركية والمنهجية في عقول النَّاس.
لذلك، نريد لهذه الصفحة أن تكون صفحة الرّسالة، وصفحة القضيَّة، وصفحة الإنسان، بحيث نحاول أن نحترم إنسانيَّتنا في إنسانيَّة الآخر، وأن نحترم فكرنا في فكر الآخر، وأن نعترف بالآخر.
ولذلك، فإني أدعوكم إلى مزيد من تطوير هذه الصَّفحة من حيث الفكرة والأسلوب والإخراج، ومتابعة كلّ ما يحدث في ساحتنا الإسلاميَّة.
وربما تلتقون بالكثير من اللَّغو الَّذي ينطلق به بعض النَّاس فيما يفتحونه من صفحات أو غرف، مما يريدون به إثارة الفتنة، وإرباك الواقع الإسلاميّ، ونشر الحقد والعداوة والبغضاء. ونحن نتبع في هذا ما قاله الله: {وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ}[القصص: 55].
ولكن علينا أن نلتقط ما يثيره الآخرون من شبهات، وما يخطّطون له من مشاريع ضدّ الوحدة الإسلاميَّة، لنعمل على أن نمنهج العمل الذي بين أيدينا، لنجنّب النَّاس التّأثّر بذلك، بطريقة علميَّة موضوعيَّة، ليس فيها أيّ أسلوب من أساليب السّباب والشَّتائم والكلمات غير المسؤولة الَّتي ينتهجها الآخرون.
إنَّ هذا العمل هو عمل ينفتح على توعية الإنسان بالإسلام، وتوعية الإنسان المسلم بالخطّ المستقيم العقلانيّ والموضوعيّ والحضاريّ للإسلام، وتوعية التشيّع بإبعاده عن الخرافة وعن التخلّف، وتقديمه إلى الناس بطريقة حضاريَّة بعيدة من الغلوّ والانحراف، لأنَّ هناك هجمة للغلوّ والخرافة في واقعنا الإسلاميّ الشّيعيّ، فلا بدَّ لنا أن نواجهها بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالَّتي هي أحسن.
إنَّ عملكم عمل كبير، وقد لاحظتم كيف أنَّ عملكم أعطى نتاجاً جيّداً في الزيارات المليونيَّة الَّتي ينطلق بها الناس من سائر أنحاء العالم لهذه الصَّفحة. وقد جاءتني الكثير من الاتّصالات والرسائل التي تؤكّد أنَّ هذه الصفحة هي التي يتغذَّى بها المسلمون والمؤمنون في بلاد لا يملكون فيها عالماً يوجّههم، ولا يملكون فيها كتاباً، وهذه هي قيمة العمل عند الله سبحانه وتعالى.
فالنبيّ (ص) قال لعليّ (ع) عندما أرسله إلى اليمن: "يا عليّ، لَأَنْ يهديَ اللهُ على يديْكَ رجُلاً وَاحِداً - وطبعاً المقصود إنساناً واحداً، رجلاً أو امرأة - خَيْرٌ لَكَ ممَّا طَلعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ".
لذلك، فإنَّ الصفحة بحمد الله، قد تحوَّلت إلى عنوان هداية، وهذا مما يصلكم أجره، كلّ بحسبه، وكلّ بطاقته في هذا المجال. ويبقى الشّعار الإسلاميّ القرآنيّ: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ}[التّوبة: 105].
والحمد لله ربّ العالمين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 

* كلمة لسماحة العلّامة المرجع السيّد محمّد حسين فضل الله (رض)، خلال استقباله وفداً من موقع بيّنات الإلكترونيّ، بتاريخ: 13/12/2002م.

في البداية، أحبّ أن أعبّر عن شكري لكم، واعتزازي بالجهد الَّذي بذلتموه وتبذلونه في صفحة "بيّنات"، الَّتي هي النَّافذة الَّتي نطلُّ من خلالها على العالم.
ولعلَّكم تعرفون جميعاً أنَّنا عندما نريد أن نطلَّ على العالم من خلال وسيلة إعلاميَّة، مقروءة أو مسموعة، فإنَّنا لا نتحرَّك من خلال حالة ذاتيَّة تنطلق من خلفيَّات تضخيم الذَّات وتقديمها إلى النَّاس كواجهة تؤكّد صاحبها، ولكنَّنا ننطلق من خلال الرّسالة الَّتي عشناها لأكثر من خمسين سنة، من أجل أن يكون الإسلام هو عقل العالم وقلبه وحركته ونظامه وحياته، لأنَّنا مسؤولون عن أداء الرّسالة بعد صاحب الرّسالة، وهي مسؤوليَّة كلّ مسلم ومسلمة.
ولعلَّكم تعرفون من خلال النَّهج الذي انتهجناه، أننا لا ندعو إلى إسلام متعصّب، بل ندعو إلى إسلام منفتح وملتزم ومتحرّك في قضايا الإنسان كلّه، سواء كان ذلك في الدائرة الإسلاميَّة حيث تتعدَّد المذاهب، أو في الدائرة الدينية حيث تتعدَّد الأديان، أو في الدائرة الفكريّة حيث تتعدَّد الاتجاهات الفكريَّة.
فنحن تعلَّمنا من الله تعالى في كتابه، ومن النبيّ (ص) في سنَّته، ومن الأئمَّة (ع) في حركتهم في نقل السنَّة وتعميقها وتركيزها في عقول الناس، أنّ الحوار هو الذي يمكن أن يكون حلاً لما اختلف فيه الناس، حيث يحترم الإنسانُ الإنسانَ الآخر فيما يفكر فيه، وليس معنى الاحترام السّقوطَ أمام الفكر الآخر، ولكن معناه الاهتمام بالفكر الآخر، حتَّى إنَّنا عندما ننقد الفكر الآخر فإنَّنا نحترمه، لأنَّ نقدك لأيّ فكر يعني أنَّك تعتبره فكراً صالحاً لأن يناقش وأن يدار الحوار حوله.
لذلك، فنحن في كلّ ما أثرناه ونثيره، نؤكّد أنَّ الحقيقة بنت الحوار، وأنَّه لا مقدَّسات في الحوار، وأنَّ علينا أن ندخل الفكر الإسلامي بكلّ ألوانه العقيدية والشرعية والحركية والمنهجية في عقول النَّاس.
لذلك، نريد لهذه الصفحة أن تكون صفحة الرّسالة، وصفحة القضيَّة، وصفحة الإنسان، بحيث نحاول أن نحترم إنسانيَّتنا في إنسانيَّة الآخر، وأن نحترم فكرنا في فكر الآخر، وأن نعترف بالآخر.
ولذلك، فإني أدعوكم إلى مزيد من تطوير هذه الصَّفحة من حيث الفكرة والأسلوب والإخراج، ومتابعة كلّ ما يحدث في ساحتنا الإسلاميَّة.
وربما تلتقون بالكثير من اللَّغو الَّذي ينطلق به بعض النَّاس فيما يفتحونه من صفحات أو غرف، مما يريدون به إثارة الفتنة، وإرباك الواقع الإسلاميّ، ونشر الحقد والعداوة والبغضاء. ونحن نتبع في هذا ما قاله الله: {وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ}[القصص: 55].
ولكن علينا أن نلتقط ما يثيره الآخرون من شبهات، وما يخطّطون له من مشاريع ضدّ الوحدة الإسلاميَّة، لنعمل على أن نمنهج العمل الذي بين أيدينا، لنجنّب النَّاس التّأثّر بذلك، بطريقة علميَّة موضوعيَّة، ليس فيها أيّ أسلوب من أساليب السّباب والشَّتائم والكلمات غير المسؤولة الَّتي ينتهجها الآخرون.
إنَّ هذا العمل هو عمل ينفتح على توعية الإنسان بالإسلام، وتوعية الإنسان المسلم بالخطّ المستقيم العقلانيّ والموضوعيّ والحضاريّ للإسلام، وتوعية التشيّع بإبعاده عن الخرافة وعن التخلّف، وتقديمه إلى الناس بطريقة حضاريَّة بعيدة من الغلوّ والانحراف، لأنَّ هناك هجمة للغلوّ والخرافة في واقعنا الإسلاميّ الشّيعيّ، فلا بدَّ لنا أن نواجهها بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالَّتي هي أحسن.
إنَّ عملكم عمل كبير، وقد لاحظتم كيف أنَّ عملكم أعطى نتاجاً جيّداً في الزيارات المليونيَّة الَّتي ينطلق بها الناس من سائر أنحاء العالم لهذه الصَّفحة. وقد جاءتني الكثير من الاتّصالات والرسائل التي تؤكّد أنَّ هذه الصفحة هي التي يتغذَّى بها المسلمون والمؤمنون في بلاد لا يملكون فيها عالماً يوجّههم، ولا يملكون فيها كتاباً، وهذه هي قيمة العمل عند الله سبحانه وتعالى.
فالنبيّ (ص) قال لعليّ (ع) عندما أرسله إلى اليمن: "يا عليّ، لَأَنْ يهديَ اللهُ على يديْكَ رجُلاً وَاحِداً - وطبعاً المقصود إنساناً واحداً، رجلاً أو امرأة - خَيْرٌ لَكَ ممَّا طَلعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ".
لذلك، فإنَّ الصفحة بحمد الله، قد تحوَّلت إلى عنوان هداية، وهذا مما يصلكم أجره، كلّ بحسبه، وكلّ بطاقته في هذا المجال. ويبقى الشّعار الإسلاميّ القرآنيّ: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ}[التّوبة: 105].
والحمد لله ربّ العالمين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 

* كلمة لسماحة العلّامة المرجع السيّد محمّد حسين فضل الله (رض)، خلال استقباله وفداً من موقع بيّنات الإلكترونيّ، بتاريخ: 13/12/2002م.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية