في أجواء سورة فاطر المباركة

في أجواء سورة فاطر المباركة

إنَّ تلاوة كتاب الله تعالى بحضور النيّات الصّادقة، وصفاء النفوس، وإشراقة العقول المنفتحة على أصالة المفاهيم والقيم، وقوّة الوعي، ورقّة المشاعر، وانطلاقاً من حمل المسؤوليّة في تكريس الأجواء النافعة والمنتجة على مستوى القول والعمل، وصولاً إلى التغيير والإصلاح في الحياة العامّة والخاصّة، إنّ ذلك، هو جزء أساسي وحيوي من شخصية الإنسان المؤمن الرسالي، وهو ما تبرزه بوضوح الآية المباركة من سورة "فاطر": {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ}[فاطر: 29].

هؤلاء المؤمنون انطلقوا على أساس وعيهم العميق لمعاني آيات الله ودقائق حكمته، ولم تكن تلاوتهم مجرد حركة لسان، أو معنى مجرّداً يبحثون عنه، بل كانوا قرآناً ناطقاً وعملياً بمواقفهم وسيرتهم. وفي تفسير هذه الآية المباركة، يقول سماحة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله(رض):

"{إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ}، ليستوعبوا معانيه في عقولهم وقلوبهم، ويبنوا شخصيّاتهم على قاعدة مفاهيمه، ويحرّكوا حياتهم في خطّ آياته، {وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ}، ليعيشوا الحضور القلبي الدّائم مع الله، وليعبّروا بحركات أجسادهم عن خشوعهم له، وانقيادهم إليه، وانسحاقهم بين يديه. {وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلَانِيَةً}، ليكون ذلك هو المعنى العميق لشكر نعمة الله، والالتزام بالوظيفة الإلهيّة التي جعلها الله للمال الذي رزقهم إيّاه في إنفاقه على أنفسهم وعلى المحرومين من عباده. {يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ}، لن تخسر، لأنها التجارة الّتي يحصل الإنسان من خلالها على رضوان الله الّذي يتجسّد في نعيمه في الدّار الآخرة، وهي التجارة الباقية الخالدة"...[من وحي القرآن، ج 19، ص 108].

هؤلاء أقاموا الصّلاة، ليس من خلال الشكل والممارسة الطقوسية الفارغة، بل امتدّ أثرها إلى أنفسهم، فهذّبتها وصقلتها وزوّدتها بكلّ ما يلزم، فانطلقوا لإقامتها فعلاً اجتماعيّاً وإنسانيّاً فاعلاً ومتحركاً في الحياة، يفعِّلها بكلّ ما يرفع من شأنها، ويسير بها إلى الأمام، وبما أنفقوا من أموالهم ومن مواقفهم وكلامهم الطيّب النافع، لإغناء الواقع واستقراره. هؤلاء لا يبتغون إلا وجه الله تعالى ورضوانه، والفوز بنعيمه في الآخرة، ومجاورته في دار الخلود، فهم على يقين بأنّ الخلود الباقي والحقيقي هو الحصول على رضوان الله تعالى.

وفي آية أخرى، يقول تعالى: {لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ}[فاطر: 30].

هؤلاء يوفّيهم الله جزاء أعمالهم بما ضحّوا وصبروا وأعطوا وجاهدوا في الدّنيا، ويفتح عليهم من أبواب فضله ومغفرته، ويرضى عنهم شكراً لما قاموا به من أداء شكر الله تعالى.

وفي تفسير ذلك، يقول سماحة المرجع السيّد فضل الله(رض): "{لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ} على ما عملوه من الصّالحات. {وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ}  الذي يضاعف به الحسنات ويرفع به الدّرجات. {إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ}، يغفر للمؤمنين الخاطئين ذنوبهم، ويشكر لهم التزامهم الإيماني والعملي". [من وحي القرآن، ج 19، ص 109].

المؤمن هو التالي لكتاب الله، الواعي لمفاهيمه وروحيتها، لجهة إعماره الأرض وإصلاح الحال، وهو الّذي لا يرجو شيئاً جزاء أعماله وتضحياته، بل يسعى على الدّوام لتحصيل رضوان ربه الّذي يطمح إلى جواره في ملكوته الأعلى...

إن الآراء الواردة في هذا المقال لا تعبِّر بالضرورة عن رأي الموقع ، وإنما عن رأي صاحبه .



إنَّ تلاوة كتاب الله تعالى بحضور النيّات الصّادقة، وصفاء النفوس، وإشراقة العقول المنفتحة على أصالة المفاهيم والقيم، وقوّة الوعي، ورقّة المشاعر، وانطلاقاً من حمل المسؤوليّة في تكريس الأجواء النافعة والمنتجة على مستوى القول والعمل، وصولاً إلى التغيير والإصلاح في الحياة العامّة والخاصّة، إنّ ذلك، هو جزء أساسي وحيوي من شخصية الإنسان المؤمن الرسالي، وهو ما تبرزه بوضوح الآية المباركة من سورة "فاطر": {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ}[فاطر: 29].

هؤلاء المؤمنون انطلقوا على أساس وعيهم العميق لمعاني آيات الله ودقائق حكمته، ولم تكن تلاوتهم مجرد حركة لسان، أو معنى مجرّداً يبحثون عنه، بل كانوا قرآناً ناطقاً وعملياً بمواقفهم وسيرتهم. وفي تفسير هذه الآية المباركة، يقول سماحة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله(رض):

"{إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ}، ليستوعبوا معانيه في عقولهم وقلوبهم، ويبنوا شخصيّاتهم على قاعدة مفاهيمه، ويحرّكوا حياتهم في خطّ آياته، {وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ}، ليعيشوا الحضور القلبي الدّائم مع الله، وليعبّروا بحركات أجسادهم عن خشوعهم له، وانقيادهم إليه، وانسحاقهم بين يديه. {وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلَانِيَةً}، ليكون ذلك هو المعنى العميق لشكر نعمة الله، والالتزام بالوظيفة الإلهيّة التي جعلها الله للمال الذي رزقهم إيّاه في إنفاقه على أنفسهم وعلى المحرومين من عباده. {يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ}، لن تخسر، لأنها التجارة الّتي يحصل الإنسان من خلالها على رضوان الله الّذي يتجسّد في نعيمه في الدّار الآخرة، وهي التجارة الباقية الخالدة"...[من وحي القرآن، ج 19، ص 108].

هؤلاء أقاموا الصّلاة، ليس من خلال الشكل والممارسة الطقوسية الفارغة، بل امتدّ أثرها إلى أنفسهم، فهذّبتها وصقلتها وزوّدتها بكلّ ما يلزم، فانطلقوا لإقامتها فعلاً اجتماعيّاً وإنسانيّاً فاعلاً ومتحركاً في الحياة، يفعِّلها بكلّ ما يرفع من شأنها، ويسير بها إلى الأمام، وبما أنفقوا من أموالهم ومن مواقفهم وكلامهم الطيّب النافع، لإغناء الواقع واستقراره. هؤلاء لا يبتغون إلا وجه الله تعالى ورضوانه، والفوز بنعيمه في الآخرة، ومجاورته في دار الخلود، فهم على يقين بأنّ الخلود الباقي والحقيقي هو الحصول على رضوان الله تعالى.

وفي آية أخرى، يقول تعالى: {لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ}[فاطر: 30].

هؤلاء يوفّيهم الله جزاء أعمالهم بما ضحّوا وصبروا وأعطوا وجاهدوا في الدّنيا، ويفتح عليهم من أبواب فضله ومغفرته، ويرضى عنهم شكراً لما قاموا به من أداء شكر الله تعالى.

وفي تفسير ذلك، يقول سماحة المرجع السيّد فضل الله(رض): "{لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ} على ما عملوه من الصّالحات. {وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ}  الذي يضاعف به الحسنات ويرفع به الدّرجات. {إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ}، يغفر للمؤمنين الخاطئين ذنوبهم، ويشكر لهم التزامهم الإيماني والعملي". [من وحي القرآن، ج 19، ص 109].

المؤمن هو التالي لكتاب الله، الواعي لمفاهيمه وروحيتها، لجهة إعماره الأرض وإصلاح الحال، وهو الّذي لا يرجو شيئاً جزاء أعماله وتضحياته، بل يسعى على الدّوام لتحصيل رضوان ربه الّذي يطمح إلى جواره في ملكوته الأعلى...

إن الآراء الواردة في هذا المقال لا تعبِّر بالضرورة عن رأي الموقع ، وإنما عن رأي صاحبه .


اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية