في أجواء سورة الإخلاص المباركة

في أجواء سورة الإخلاص المباركة


التّوحيد هو لبُّ العقيدة، وعليه تقوم الشّريعة، وقد أوضح القرآن الكريم حقيقته، بما يؤسِّس لتوازن الإنسان ووعيه في تصوُّره وإيمانه بالذّات الإلهيّة، وينسف كلّ تصوّرات خاطئة ومنحرفة عن الذات الّتي يعبدها النّاس، من دون الله الواحد الأحد الذي فطر الخلائق على توحيده، وأسبغ عليهم نِعَمَه، ظاهرةً وباطنة، كي يشكروه، ويؤدّوا حقّه، فلا يشركوا به أحداً، فهم الفقراء إليه، وهو الغني عنهم.


وقد تحدّثت سورة التّوحيد بشكل سهل وواضح، وبدون تعقيدات، عن معنى التوحيد وحقيقته وأهميّته في حياة الناس، لجهة انفتاحهم على الحقّ، وتأكيده المطلق في كلّ أوضاعهم وممارساتهم، وحاولت هذه السّورة إثارة الفطرة الطبيعيّة والبسيطة للنّاس، كي يعيشوا بكلّ عفوية إيحاءاتها العميقة، دون الحاجة إلى التبحُّر في تفاصيل التّوحيد الكلاميّة والفلسفيّة: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ}.

وفي كتاب الكافي عن الإمام محمّد الباقر(ع): "قل هو الله أحد، ثلث القرآن". وهذه السّورة يُحتمل أنها مكيّة أو مدنيّة، وسماحة المرجع السيّد فضل الله(رض) يقول: "وإن كان المعروف ـ بحسب روايات أسباب النزول ـ أنها مكيّة". [تفسير من وحي القرآن، ج 24، ص 481].


وفي تفسيرها، إشارة واضحة إلى الله الّذي تتجلّى عظمته في كلّ آفاق الكون والوجود، ولا يحتاج الإنسان إلى كثير عناءٍ وجهد كي يتحسَّسه في وجدانه وشعوره، وينفتح بفكره وعقله على وحدانيّته المطلقة، البعيدة عن كلّ التصوّرات الماديّة الخاطئة المسيئة إلى التوحيد، والبعيدة عن حقيقة الذّات الإلهيّة الّتي لا تحدّها الأوصاف، ولا تقيّد إطلاقها الأذهان البشريّة المحدّدة.


ونأتي هنا على تفسيرها، إذ يقول في ذلك المرجع السيّد فضل الله(رض): "{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، قل لكلّ هؤلاء الَّذين قد يريدون التّفلسف في السّؤال عن الله من هو، لأنهم يريدون أن يتصوّروه بصورةٍ مادّية، تتحدّث عن ملامحه في شكله، تبعاً لما هو المألوف عندهم من صفات المخلوقات في تفاصيل الجسد ونحوه.


قل لهم: {هُوَ اللَّهُ} المتفرّد بكلّ صفاته، {أَحَدٌ} في ذاته، العالي عن كلّ ما يتصل بالمادّة من صلة، فلا تدركه الأبصار، ولا تحيط به العقول، ولا تقترب منه عناصر التركيب والتجزئة.

وفي ضوء ذلك، فإنّ الله يريد من الخلق أن يعرفوه بأحديته التي تجمع كلّ صفاته المطلقة التي لا حدَّ لها، فلا يبلغ شأوها، أو يحيط بامتدادها أحد، بعيداً عن كلِّ تعمُّق في الذات، لأنَّ الإنسان كلَّما تعمَّق أكثر، غرق في بحار الظنون، لأنَّ الفكر لا يصل إليه في سرّه الغامض الخفيّ".


ويتابع: "{اللَّهُ الصَّمَدُ}، أي السيّد المقصود في كلّ الحوائج، الّذي يحتاج الخلق كلّهم إليه في كلّ أمورهم، فيقصدونه بها، ولا يقصدون غيره.


{لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ}، فهو الأزليّ الّذي لم يسبقه العدم، ولم يسبقه وجودٌ آخر، لأنّك كلّما تصوّرت شيئاً قبله، فإنك تفقد الصّدق في معنى الله في التصوُّر، بل هو من نوع المخلوق، وهو الغنيّ في ذاته، العليّ عن التجزئة، فلا يشتقّ منه شيء ليكون ولداً له.


{وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ}، فهو الأحد المتفرِّد بكلّ شيء، في ذاته وفي صفاته، فلا يماثله أحد في طبيعته الإلهيّة...". [تفسير من وحي القرآن، ج 24، ص 483 ـ 485].


هنا، يأخذ التّوحيد بُعداً أصيلاً وعميقاً في حياة النّاس، عندما ينفتحون على حقيقته ومعانيه، فيقبلون على الخير كلّه والسَّلام كلّه، ولا ينحرفون في معتقداتهم وأفكارهم، بل يخلصون لدين الفطرة المجبولين عليها ـ أي دين التوحيد ـ ويعكسون هذا التّوحيد على مختلف مناحي حياتهم الخاصَّة والعامَّة، فيلتزمون كلّ معنى وقيمة ترفع من شأن الإنسان والحياة، ويبتعدون عن كلِّ الانحرافات والأباطيل الّتي تلوِّث العقول، وتحطّ من قدر النّفوس، وتجعل المرء يعيش على هامش الحياة.


واليوم، كم نحن بحاجةٍ إلى أن نعيش التَّوحيد بكلّ تجلّياته وأبعاده، وأن ننفتح على كلّ المعاني الحضاريّة والإنسانيّة الّتي تجعل منه سلوكاً حيّاً نمارسه في الواقع، لا مجرّد قواعد عقيديّة مجرّدة وذهنيّة، فنعيش الخير كلّه، والسّلام كلّه، والتّعاون كلّه، والتأمّل الإيجابيّ في كلّ آيات الله في أنفسنا وفي الآفاق، لنتلمَّس التّوحيد في كلّ شيء...



التّوحيد هو لبُّ العقيدة، وعليه تقوم الشّريعة، وقد أوضح القرآن الكريم حقيقته، بما يؤسِّس لتوازن الإنسان ووعيه في تصوُّره وإيمانه بالذّات الإلهيّة، وينسف كلّ تصوّرات خاطئة ومنحرفة عن الذات الّتي يعبدها النّاس، من دون الله الواحد الأحد الذي فطر الخلائق على توحيده، وأسبغ عليهم نِعَمَه، ظاهرةً وباطنة، كي يشكروه، ويؤدّوا حقّه، فلا يشركوا به أحداً، فهم الفقراء إليه، وهو الغني عنهم.


وقد تحدّثت سورة التّوحيد بشكل سهل وواضح، وبدون تعقيدات، عن معنى التوحيد وحقيقته وأهميّته في حياة الناس، لجهة انفتاحهم على الحقّ، وتأكيده المطلق في كلّ أوضاعهم وممارساتهم، وحاولت هذه السّورة إثارة الفطرة الطبيعيّة والبسيطة للنّاس، كي يعيشوا بكلّ عفوية إيحاءاتها العميقة، دون الحاجة إلى التبحُّر في تفاصيل التّوحيد الكلاميّة والفلسفيّة: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ}.

وفي كتاب الكافي عن الإمام محمّد الباقر(ع): "قل هو الله أحد، ثلث القرآن". وهذه السّورة يُحتمل أنها مكيّة أو مدنيّة، وسماحة المرجع السيّد فضل الله(رض) يقول: "وإن كان المعروف ـ بحسب روايات أسباب النزول ـ أنها مكيّة". [تفسير من وحي القرآن، ج 24، ص 481].


وفي تفسيرها، إشارة واضحة إلى الله الّذي تتجلّى عظمته في كلّ آفاق الكون والوجود، ولا يحتاج الإنسان إلى كثير عناءٍ وجهد كي يتحسَّسه في وجدانه وشعوره، وينفتح بفكره وعقله على وحدانيّته المطلقة، البعيدة عن كلّ التصوّرات الماديّة الخاطئة المسيئة إلى التوحيد، والبعيدة عن حقيقة الذّات الإلهيّة الّتي لا تحدّها الأوصاف، ولا تقيّد إطلاقها الأذهان البشريّة المحدّدة.


ونأتي هنا على تفسيرها، إذ يقول في ذلك المرجع السيّد فضل الله(رض): "{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، قل لكلّ هؤلاء الَّذين قد يريدون التّفلسف في السّؤال عن الله من هو، لأنهم يريدون أن يتصوّروه بصورةٍ مادّية، تتحدّث عن ملامحه في شكله، تبعاً لما هو المألوف عندهم من صفات المخلوقات في تفاصيل الجسد ونحوه.


قل لهم: {هُوَ اللَّهُ} المتفرّد بكلّ صفاته، {أَحَدٌ} في ذاته، العالي عن كلّ ما يتصل بالمادّة من صلة، فلا تدركه الأبصار، ولا تحيط به العقول، ولا تقترب منه عناصر التركيب والتجزئة.

وفي ضوء ذلك، فإنّ الله يريد من الخلق أن يعرفوه بأحديته التي تجمع كلّ صفاته المطلقة التي لا حدَّ لها، فلا يبلغ شأوها، أو يحيط بامتدادها أحد، بعيداً عن كلِّ تعمُّق في الذات، لأنَّ الإنسان كلَّما تعمَّق أكثر، غرق في بحار الظنون، لأنَّ الفكر لا يصل إليه في سرّه الغامض الخفيّ".


ويتابع: "{اللَّهُ الصَّمَدُ}، أي السيّد المقصود في كلّ الحوائج، الّذي يحتاج الخلق كلّهم إليه في كلّ أمورهم، فيقصدونه بها، ولا يقصدون غيره.


{لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ}، فهو الأزليّ الّذي لم يسبقه العدم، ولم يسبقه وجودٌ آخر، لأنّك كلّما تصوّرت شيئاً قبله، فإنك تفقد الصّدق في معنى الله في التصوُّر، بل هو من نوع المخلوق، وهو الغنيّ في ذاته، العليّ عن التجزئة، فلا يشتقّ منه شيء ليكون ولداً له.


{وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ}، فهو الأحد المتفرِّد بكلّ شيء، في ذاته وفي صفاته، فلا يماثله أحد في طبيعته الإلهيّة...". [تفسير من وحي القرآن، ج 24، ص 483 ـ 485].


هنا، يأخذ التّوحيد بُعداً أصيلاً وعميقاً في حياة النّاس، عندما ينفتحون على حقيقته ومعانيه، فيقبلون على الخير كلّه والسَّلام كلّه، ولا ينحرفون في معتقداتهم وأفكارهم، بل يخلصون لدين الفطرة المجبولين عليها ـ أي دين التوحيد ـ ويعكسون هذا التّوحيد على مختلف مناحي حياتهم الخاصَّة والعامَّة، فيلتزمون كلّ معنى وقيمة ترفع من شأن الإنسان والحياة، ويبتعدون عن كلِّ الانحرافات والأباطيل الّتي تلوِّث العقول، وتحطّ من قدر النّفوس، وتجعل المرء يعيش على هامش الحياة.


واليوم، كم نحن بحاجةٍ إلى أن نعيش التَّوحيد بكلّ تجلّياته وأبعاده، وأن ننفتح على كلّ المعاني الحضاريّة والإنسانيّة الّتي تجعل منه سلوكاً حيّاً نمارسه في الواقع، لا مجرّد قواعد عقيديّة مجرّدة وذهنيّة، فنعيش الخير كلّه، والسّلام كلّه، والتّعاون كلّه، والتأمّل الإيجابيّ في كلّ آيات الله في أنفسنا وفي الآفاق، لنتلمَّس التّوحيد في كلّ شيء...


اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية