
{وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ نَسُواْ اللهَ} فلم يذكروه على مستوى مضمون العقيدة والرّوح لتتحرّك كلّ المفاهيم في هذا الاتجاه، ولم يستشعروه بإحساس العاطفة لتتحرّك كلّ نبضاتها في هذا العمق، ولم يعيشوا حضوره الوجداني في حياتهم لتنطلق الطاعة في هذا الخطّ، بل كانوا في غفلةٍ مطبقةٍ عن ذكره، سواء كان الذّكر باللّسان أو بالقلب أو بالحركة، وبذلك استسلموا للأجواء الذاتيّة واستغرقوا في أنانيّاتهم، وأقاموا العلاقات الطارئة اللاهية العابثة استجابةً لحركة شهواتهم المنحرفة، بعيداً من خطّ الاستقامة في حياتهم، فكانت نتيجة ذلك كلّه تتمثّل في الإخلاد إلى الأرض، ولا سيّما بعد أن ابتعدوا عن وعي الحقيقة الروحيّة المنفتحة على المسؤوليّة في ذواتهم، ونسوا الله، {فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ}، لا من موقع الإرادة المباشرة في ذلك، بل من موقع القوانين الإلهيّة الكامنة في طبيعة الواقع الإنساني، فإنَّ الإنسان إذا نسي ربَّه، فإنه يبتعد بذلك عن القاعدة الثّابتة التي يعرف فيها موقعه في الكون، ودوره في حركته، من جهة ما يصلحه أو ما يفسده، ما يجعله يتحسَّس الواقع من خلال الأشياء الطارئة عليه من خارج ذاته، أو من خلال الغرائز المثيرة التي تشغله عن مصيره، وبذلك ينسى نفسه من حيث هي جزءٌ من الحركة الكونية المسؤولة، فيتخبّط في متاهات الأهواء والشهوات، وفي ضباب الأوهام والخيالات، على أساس أنّ الحقيقة الإلهيّة في حضورها في الوجدان، هي التي تعطي الحقيقة الإنسانيّة حضورها في حركة الحياة، بسبب طبيعة الترابط بين ذكر الله وبين الانضباط في خطّ سلامة المصير.
{أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}، بما يمثّله الفسق من تجاوز الحدود المفروضة من الله، ومن انحرافٍ عن الخطّ المستقيم، ومن خروجٍ عن طاعة الله.
وإذا كانت مسألة الجنّة والنّار هي مسألة القرب من الله بالاستقامة على خطّ الطاعة، والابتعاد عن خطّ المعصية، فإنّ من الطبيعي أن يكون الغافلون عن ذكره، الّذين يتحرّكون في خطّ الشّهوات هم أصحاب النار، لأنهم يبتعدون عن الله بقدر غفلتهم عنه، كما أنّ من الطبيعي أن يكون الذاكرون لله بقلوبهم وألسنتهم ومواقع عملهم وسلامة مواقفهم هم أصحاب الجنّة، لأنهم يقتربون من الله بقدر انفتاحهم عليه، وخوفهم من مقامه، ووعيهم لمسؤوليّتهم أمامه.
وإذا كانت المسألة بهذا الحجم وبهذا المستوى، فإنّ من المفروض للباحثين عن قضيّة المصير في مستقبل الآخرة، أن يحسنوا عمليّة الاختيار في العمل والمواقف، ليحسنوا عمليّة الاختيار في الغاية والمصير، وهذا ما توحي به هذه الآية الكريمة: {لاَ يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ}، فهم ليسوا سواءً في البداية وليسوا سواء في النهاية، فهناك الاستقامة أو الانحراف، وهناك الطّهارة أو القذارة، وهناك الرسالة أو الهوى، وهناك العذاب أو الثّواب.
{أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَآئِزُونَ} برضوان الله ورحمته ونعيمه، وأصحاب النّار هم الخاسرون من خلال غضب الله وعقابه، فلا بدَّ للإنسان من أن يختار، وليس هناك إلا خيار واحد لمن يعرف كيف يواجه المسألة بمسؤوليّةٍ ووعيٍ وإيمان، ليحصل على الفوز الكبير في رحاب الله.
*من كتاب "تفسير من وحي القرآن".

{وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ نَسُواْ اللهَ} فلم يذكروه على مستوى مضمون العقيدة والرّوح لتتحرّك كلّ المفاهيم في هذا الاتجاه، ولم يستشعروه بإحساس العاطفة لتتحرّك كلّ نبضاتها في هذا العمق، ولم يعيشوا حضوره الوجداني في حياتهم لتنطلق الطاعة في هذا الخطّ، بل كانوا في غفلةٍ مطبقةٍ عن ذكره، سواء كان الذّكر باللّسان أو بالقلب أو بالحركة، وبذلك استسلموا للأجواء الذاتيّة واستغرقوا في أنانيّاتهم، وأقاموا العلاقات الطارئة اللاهية العابثة استجابةً لحركة شهواتهم المنحرفة، بعيداً من خطّ الاستقامة في حياتهم، فكانت نتيجة ذلك كلّه تتمثّل في الإخلاد إلى الأرض، ولا سيّما بعد أن ابتعدوا عن وعي الحقيقة الروحيّة المنفتحة على المسؤوليّة في ذواتهم، ونسوا الله، {فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ}، لا من موقع الإرادة المباشرة في ذلك، بل من موقع القوانين الإلهيّة الكامنة في طبيعة الواقع الإنساني، فإنَّ الإنسان إذا نسي ربَّه، فإنه يبتعد بذلك عن القاعدة الثّابتة التي يعرف فيها موقعه في الكون، ودوره في حركته، من جهة ما يصلحه أو ما يفسده، ما يجعله يتحسَّس الواقع من خلال الأشياء الطارئة عليه من خارج ذاته، أو من خلال الغرائز المثيرة التي تشغله عن مصيره، وبذلك ينسى نفسه من حيث هي جزءٌ من الحركة الكونية المسؤولة، فيتخبّط في متاهات الأهواء والشهوات، وفي ضباب الأوهام والخيالات، على أساس أنّ الحقيقة الإلهيّة في حضورها في الوجدان، هي التي تعطي الحقيقة الإنسانيّة حضورها في حركة الحياة، بسبب طبيعة الترابط بين ذكر الله وبين الانضباط في خطّ سلامة المصير.
{أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}، بما يمثّله الفسق من تجاوز الحدود المفروضة من الله، ومن انحرافٍ عن الخطّ المستقيم، ومن خروجٍ عن طاعة الله.
وإذا كانت مسألة الجنّة والنّار هي مسألة القرب من الله بالاستقامة على خطّ الطاعة، والابتعاد عن خطّ المعصية، فإنّ من الطبيعي أن يكون الغافلون عن ذكره، الّذين يتحرّكون في خطّ الشّهوات هم أصحاب النار، لأنهم يبتعدون عن الله بقدر غفلتهم عنه، كما أنّ من الطبيعي أن يكون الذاكرون لله بقلوبهم وألسنتهم ومواقع عملهم وسلامة مواقفهم هم أصحاب الجنّة، لأنهم يقتربون من الله بقدر انفتاحهم عليه، وخوفهم من مقامه، ووعيهم لمسؤوليّتهم أمامه.
وإذا كانت المسألة بهذا الحجم وبهذا المستوى، فإنّ من المفروض للباحثين عن قضيّة المصير في مستقبل الآخرة، أن يحسنوا عمليّة الاختيار في العمل والمواقف، ليحسنوا عمليّة الاختيار في الغاية والمصير، وهذا ما توحي به هذه الآية الكريمة: {لاَ يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ}، فهم ليسوا سواءً في البداية وليسوا سواء في النهاية، فهناك الاستقامة أو الانحراف، وهناك الطّهارة أو القذارة، وهناك الرسالة أو الهوى، وهناك العذاب أو الثّواب.
{أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَآئِزُونَ} برضوان الله ورحمته ونعيمه، وأصحاب النّار هم الخاسرون من خلال غضب الله وعقابه، فلا بدَّ للإنسان من أن يختار، وليس هناك إلا خيار واحد لمن يعرف كيف يواجه المسألة بمسؤوليّةٍ ووعيٍ وإيمان، ليحصل على الفوز الكبير في رحاب الله.
*من كتاب "تفسير من وحي القرآن".