مشكلة لبنان في الدعم الأمريكي والفرنسي لإسرائيل والحركة الدولية تنافق
فضل الله: الخارج يمكن أن يقدِّم دعماً مالياً وكلامياً ولكنه لن يصنع سلام لبنان الداخلي
أدلى سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، بتصريح حول آفاق الأزمة الراهنة على الساحة اللبنانية، في بدايات العام الجديد، جاء فيه:
إنّ هذا العام قد يكون من أكثر الأعوام صعوبةً على لبنان والمنطقة، بالنظر إلى دخول المنطقة في مرحلة مفصلية، والتي تأثّر لبنان بها، وتأثيره عليها هو من الأمور التي لا يختلف عليها اثنان، ولا يبدو أن الأوضاع سوف تدخل في حوار المحاور على مستوى كبير، ولذلك فإنّ الانسداد في الأفق السياسي قد يستمر محلياً وإقليمياً مع الأخذ في الاعتبار دخول المحاور الدولية الكبرى على خطوط الأزمات المحلية، وهو ما يبدو جلياً في دخول المحور الأمريكي والفرنسي بقوة على خط الأزمة اللبنانية.
أضاف: لذلك فإننا في الوقت الذي لا نستطيع أن ننفي وجود اشتباك سياسي على مستوى المحاور في المنطقة، وتأثر لبنان بذلك، إلا أننا نعتقد أن المشكلة ليست في الدول المجاورة للبنان، كما يرى الرئيس الفرنسي، بل في الضغوط الدولية على البلد الصغير وتحديداً الضغط الأمريكي والمساندة الفرنسية لحساب الكيان الإسرائيلي المجاور للبنان، والذي حظي بتغطية غير مسبوقة من أمريكا وأوروبا خلال حربه على لبنان، ولا تزال مفاعيل هذه الحرب تتوالى بفعل الحركة الدولية التي تنافق عندما تزعم أنها تدعم التجربة الديمقراطية في لبنان، لأنها لا تنظر إلى الوضع اللبناني إلا من زاوية إراحة إسرائيل.
وتابع: نحن لا نجد في الإصرار الفرنسي على ركوب القطار الأمريكي في لبنان شيئاً يمكن أن يخدم فرنسا أو أن يغير من واقع الحال لمصلحتها أو لمصلحة اللبنانيين، بل إن العكس هو الذي يحصل، لأن فرنسا إذا كانت تفكر باستعادة موقعها في لبنان من خلال التنسيق الكامل مع الإدارة الأمريكية، فعليها أن تعرف أن أمريكا لن تسمح لها بدور مستقل، بل ستبقى على هامش سياستها في لبنان،كما هي على هامش سياسة الإدارة الأمريكية في المنطقة.
وتابع: إن هذا الدخول على خط الأزمة اللبنانية بين وقت وآخر، يشبه حقن المريض بالمزيد من المهدئات أو إعطائه المزيد من الفيتامينات من دون السماح بإجراء عملية جراحية له... ولذلك فإن لبنان سيواصل سيره على خط الأزمة الحالية التي ستحظى بقرار دولي بالتمديد يُترجم في باريس(3) من دون أن يعني ذلك التقدم على خط المعالجة السياسية بخطوات واضحة أو بمعالم بيّنة.
وعليه، فإن المواعظ الدولية والعربية للبنانيين ستتواصل طوال الأسابيع القادمة مرفقة بدعوات إلى اللبنانيين لكي يسارعوا في حلّ مشاكلهم بأنفسهم، وإن كان ثمّة من يضغط على اللبنانيين لجعل الحل مستبعداً أو لمنع التحرك ضمن آلية جدية للمعالجة، وهذا لا يعني أن اللبنانيين لا طاقة لهم على اجتراح الحلول وإن كانت المسألة تتطلب قراراً جريئاً من المعنيين، كما تتطلب ـ في الوقت عينه ـ من العرب أن يتّعظوا من الجرح النازف في المنطقة الذي أوجدته أمريكا والذي يوشك أن يقتحم عليهم ساحاتهم الخلفية.
وقال: إن لبنان لا يبنى بالتحالف مع قوى خارجية معادية للأمة، بل بتحالف الجميع في داخله على الحدّ الأدنى من القواسم المشتركة، لأن الخارج المتواطىء والمتآمر يمكن أن يقدم دعماً مالياً وكلامياً، ولكنه لن يصنع سلاماً داخلياً، فهو لا يريد السلام للبنان، بل يريده بلداً تابعاً يحركه لحساب مصالحه في المنطقة أو يريده أن يسلك الطريق الذي لا يزعج إسرائيل أو يعمل ليكون بلداً غير مستقر وساحةً للضغط على مواقع عربية وإسلامية.
وخلص إلى القول: لذلك لا بديل للبنانيين عن المشاركة الفعلية لكل الأطراف فيه من صوغ لبنان الجديد، وخصوصاً في ظلّ ما يعصف في المنطقة من عواصف سياسية وأمنية، وإلا فإن لبنان سيكون لبنان الفوضى أو البلد الذي ينتج الفتن المتنقلة التي لا يسقط فيها فريق بعينه، بل يسقط فيها الهيكل السياسي والأمني والاقتصادي والاجتماعي اللبناني على رؤوس الجميع.
مكتب سماحة المرجع آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله
التاريخ: 18 ذو الحجة 1427هـ الموافق: 08 كانون الثاني- يناير 2007م
"المكتب الإعلامي"
مشكلة لبنان في الدعم الأمريكي والفرنسي لإسرائيل والحركة الدولية تنافق
فضل الله: الخارج يمكن أن يقدِّم دعماً مالياً وكلامياً ولكنه لن يصنع سلام لبنان الداخلي
أدلى سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، بتصريح حول آفاق الأزمة الراهنة على الساحة اللبنانية، في بدايات العام الجديد، جاء فيه:
إنّ هذا العام قد يكون من أكثر الأعوام صعوبةً على لبنان والمنطقة، بالنظر إلى دخول المنطقة في مرحلة مفصلية، والتي تأثّر لبنان بها، وتأثيره عليها هو من الأمور التي لا يختلف عليها اثنان، ولا يبدو أن الأوضاع سوف تدخل في حوار المحاور على مستوى كبير، ولذلك فإنّ الانسداد في الأفق السياسي قد يستمر محلياً وإقليمياً مع الأخذ في الاعتبار دخول المحاور الدولية الكبرى على خطوط الأزمات المحلية، وهو ما يبدو جلياً في دخول المحور الأمريكي والفرنسي بقوة على خط الأزمة اللبنانية.
أضاف: لذلك فإننا في الوقت الذي لا نستطيع أن ننفي وجود اشتباك سياسي على مستوى المحاور في المنطقة، وتأثر لبنان بذلك، إلا أننا نعتقد أن المشكلة ليست في الدول المجاورة للبنان، كما يرى الرئيس الفرنسي، بل في الضغوط الدولية على البلد الصغير وتحديداً الضغط الأمريكي والمساندة الفرنسية لحساب الكيان الإسرائيلي المجاور للبنان، والذي حظي بتغطية غير مسبوقة من أمريكا وأوروبا خلال حربه على لبنان، ولا تزال مفاعيل هذه الحرب تتوالى بفعل الحركة الدولية التي تنافق عندما تزعم أنها تدعم التجربة الديمقراطية في لبنان، لأنها لا تنظر إلى الوضع اللبناني إلا من زاوية إراحة إسرائيل.
وتابع: نحن لا نجد في الإصرار الفرنسي على ركوب القطار الأمريكي في لبنان شيئاً يمكن أن يخدم فرنسا أو أن يغير من واقع الحال لمصلحتها أو لمصلحة اللبنانيين، بل إن العكس هو الذي يحصل، لأن فرنسا إذا كانت تفكر باستعادة موقعها في لبنان من خلال التنسيق الكامل مع الإدارة الأمريكية، فعليها أن تعرف أن أمريكا لن تسمح لها بدور مستقل، بل ستبقى على هامش سياستها في لبنان،كما هي على هامش سياسة الإدارة الأمريكية في المنطقة.
وتابع: إن هذا الدخول على خط الأزمة اللبنانية بين وقت وآخر، يشبه حقن المريض بالمزيد من المهدئات أو إعطائه المزيد من الفيتامينات من دون السماح بإجراء عملية جراحية له... ولذلك فإن لبنان سيواصل سيره على خط الأزمة الحالية التي ستحظى بقرار دولي بالتمديد يُترجم في باريس(3) من دون أن يعني ذلك التقدم على خط المعالجة السياسية بخطوات واضحة أو بمعالم بيّنة.
وعليه، فإن المواعظ الدولية والعربية للبنانيين ستتواصل طوال الأسابيع القادمة مرفقة بدعوات إلى اللبنانيين لكي يسارعوا في حلّ مشاكلهم بأنفسهم، وإن كان ثمّة من يضغط على اللبنانيين لجعل الحل مستبعداً أو لمنع التحرك ضمن آلية جدية للمعالجة، وهذا لا يعني أن اللبنانيين لا طاقة لهم على اجتراح الحلول وإن كانت المسألة تتطلب قراراً جريئاً من المعنيين، كما تتطلب ـ في الوقت عينه ـ من العرب أن يتّعظوا من الجرح النازف في المنطقة الذي أوجدته أمريكا والذي يوشك أن يقتحم عليهم ساحاتهم الخلفية.
وقال: إن لبنان لا يبنى بالتحالف مع قوى خارجية معادية للأمة، بل بتحالف الجميع في داخله على الحدّ الأدنى من القواسم المشتركة، لأن الخارج المتواطىء والمتآمر يمكن أن يقدم دعماً مالياً وكلامياً، ولكنه لن يصنع سلاماً داخلياً، فهو لا يريد السلام للبنان، بل يريده بلداً تابعاً يحركه لحساب مصالحه في المنطقة أو يريده أن يسلك الطريق الذي لا يزعج إسرائيل أو يعمل ليكون بلداً غير مستقر وساحةً للضغط على مواقع عربية وإسلامية.
وخلص إلى القول: لذلك لا بديل للبنانيين عن المشاركة الفعلية لكل الأطراف فيه من صوغ لبنان الجديد، وخصوصاً في ظلّ ما يعصف في المنطقة من عواصف سياسية وأمنية، وإلا فإن لبنان سيكون لبنان الفوضى أو البلد الذي ينتج الفتن المتنقلة التي لا يسقط فيها فريق بعينه، بل يسقط فيها الهيكل السياسي والأمني والاقتصادي والاجتماعي اللبناني على رؤوس الجميع.
مكتب سماحة المرجع آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله
التاريخ: 18 ذو الحجة 1427هـ الموافق: 08 كانون الثاني- يناير 2007م
"المكتب الإعلامي"