نَفَس الوحدة ودفء المعرفة

نَفَس الوحدة ودفء المعرفة

كان العلّامة السيّد محمد حسين فضل الله نورًا في زمن الغياب، وصوتَ عقلٍ في زمن الخطاب.
جمع بين التزكية والتغيير، بين الفكر والتدبير، وفتحَ نوافذ المجتمع على نسائمِ القرآن، لا كمتلقٍّ مأخوذٍ بلفظه، بل كمن يسكن معناه، يستنشق الروح من بين السطور، ويستخرج الحياة من عمق الوحي.
لم يكن من زمرة الصادحين بالخصام، بل من عِداد الهامسين بالسلام؛ يُتقن الإصغاء، ويُحسن الإصلاح.
علّمنا أنَّ العلم إن لم يُطلّ على وجع النَّاس، صار صَخرًا أخرس، وأنَّ الإصلاح إن لم يُشبَع بالمعرفة، خُدعةٌ تلمع ولا تُضيء، وأنّ الدين، حين لا يعرف لغة الرَّحمة، يفقد خريطته إلى القلوب، ويتيه في صحراء الشعارات.
كان فكرًا بلا جمود، وعاطفةً بلا عجز، ورجلًا لا يُعرَف بنَسَبِه وحده، بل بنَفَسِه.
کانَ جبلًا شامخًا یتَحدَّی الظُّلم والاحتلال، فکرًا رصینًا وَسُلُوكًا ثَابِتًا، لَا تهُزُّه العَواصف ولا تثنِیه الرِّیاح.
لم يكن رجل جدال، بل رجلَ وصال. لم يكن يرفع شعار الوحدة، بل كان يمشي إليها بأقدام الحلماء، ويسقيها من ماء الحوار.
كان الحوار عنده بحثًا عن النور لا عن الغلبة، ومجالسةَ الآخر لا لمحاكمته، بل لمصافحته في موضع الالتقاء.
أسّس وربّى، علّم وضمّد، فكلّ مؤسَّسة أقامها كانت ضمادةً على جرح، وكلّ فكرةٍ بثّها كانت زهرةً في صخرة.
ورحل... دون أن يودّع، لكنَّه بقي يسكن الأزقّة، يسري في العيون، يتلوَّى في الذَّاكرة؛ كأنّه لم يغِب.
لم يُشيَّع بصخب الكلام، بل بصدى خُطاه في دروب النَّاس.
كان مرآةً يرى فيها النَّاس وجوههم كما أحبّهم الله، لا كما حكمتْهم العادة.
وها نحن نراه في الَّذين يُصغون، لا في الَّذين يصرخون؛ في الَّذين يُداوون، لا في الَّذين يعادون؛ في الَّذين يصمتون حين يعجز الصّراخ عن حمل المعنى، ويبتسمون حين تعجز القسوة عن قهر الحبّ.
 
* من صفحته على فايس بوك.
كان العلّامة السيّد محمد حسين فضل الله نورًا في زمن الغياب، وصوتَ عقلٍ في زمن الخطاب.
جمع بين التزكية والتغيير، بين الفكر والتدبير، وفتحَ نوافذ المجتمع على نسائمِ القرآن، لا كمتلقٍّ مأخوذٍ بلفظه، بل كمن يسكن معناه، يستنشق الروح من بين السطور، ويستخرج الحياة من عمق الوحي.
لم يكن من زمرة الصادحين بالخصام، بل من عِداد الهامسين بالسلام؛ يُتقن الإصغاء، ويُحسن الإصلاح.
علّمنا أنَّ العلم إن لم يُطلّ على وجع النَّاس، صار صَخرًا أخرس، وأنَّ الإصلاح إن لم يُشبَع بالمعرفة، خُدعةٌ تلمع ولا تُضيء، وأنّ الدين، حين لا يعرف لغة الرَّحمة، يفقد خريطته إلى القلوب، ويتيه في صحراء الشعارات.
كان فكرًا بلا جمود، وعاطفةً بلا عجز، ورجلًا لا يُعرَف بنَسَبِه وحده، بل بنَفَسِه.
کانَ جبلًا شامخًا یتَحدَّی الظُّلم والاحتلال، فکرًا رصینًا وَسُلُوكًا ثَابِتًا، لَا تهُزُّه العَواصف ولا تثنِیه الرِّیاح.
لم يكن رجل جدال، بل رجلَ وصال. لم يكن يرفع شعار الوحدة، بل كان يمشي إليها بأقدام الحلماء، ويسقيها من ماء الحوار.
كان الحوار عنده بحثًا عن النور لا عن الغلبة، ومجالسةَ الآخر لا لمحاكمته، بل لمصافحته في موضع الالتقاء.
أسّس وربّى، علّم وضمّد، فكلّ مؤسَّسة أقامها كانت ضمادةً على جرح، وكلّ فكرةٍ بثّها كانت زهرةً في صخرة.
ورحل... دون أن يودّع، لكنَّه بقي يسكن الأزقّة، يسري في العيون، يتلوَّى في الذَّاكرة؛ كأنّه لم يغِب.
لم يُشيَّع بصخب الكلام، بل بصدى خُطاه في دروب النَّاس.
كان مرآةً يرى فيها النَّاس وجوههم كما أحبّهم الله، لا كما حكمتْهم العادة.
وها نحن نراه في الَّذين يُصغون، لا في الَّذين يصرخون؛ في الَّذين يُداوون، لا في الَّذين يعادون؛ في الَّذين يصمتون حين يعجز الصّراخ عن حمل المعنى، ويبتسمون حين تعجز القسوة عن قهر الحبّ.
 
* من صفحته على فايس بوك.
اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية