اليوم
الجمعة 09 أيار 2025
التاريخ الهجري
عربي
English
ادعم الموقع
الرئيسية
فقه
المكتبة
أرشيف السيد
حقيبة بينات
×
أخبار بينات
كتابات
محاضرات
فقه
تصفح فقه الشريعة (الرسالة العملية)
دليل مناسك الحج
فيديوهات فقهية
الصيد والذبائح
كتب للمطالعة
المكتبة
قراءات
كتب عن السيد
قرآنيات
سياسة و فكر سياسي
أسرة ومجتمع
أهل البيت
عاشوراء
قضايا الهجرة والاغتراب
فقه وأحكام شرعية
شعر وأدب
أبحاث فقهية
تفسير القرآن
كتب باللغة الفرنسية
كتب باللغة الإنكليزية
أخلاق
دعاء
فكر إسلامي
أعلام و سيرة السيد
خطب الجمعة
مفاهيم
عقائد
حديث
كلمات
أديان
الحج
موسوعة الندوة
أرشيف السيد
خطب الجمعة
بيانات
حوارات
أخبار السيّد
أناشيد
أناشيد حول السيد
سيرة السيد
مقابلات
السيد في النجف
السيد في لبنان
العالم الفقيه
المرجعية المؤسسة
زيارات ومؤتمرات
ملف الرحيل
مرجعية السيد فضل الله
مقالات ودراسات
صور العلامة المرجع السيد فضل الله(رض)
ذكريات مع السيّد
مؤسسات السيد فضل الله(رض)
حقيبة بينات
أعمال ومستحبات
مناسبات
مواقيت
المكتبة
دعاء
أدعية الصحيفة السجاديّة
أدعية مشهورة
شرح الدعاء
المناجيات الخمس عشرة
حول الدعاء
أدعية أيام الأسبوع
كتب أدعية
زيارات
صفحات خاصة
الحج
المغتربين
عاشوراء
رمضان
تاريخ وسيرة
أهل البيت
سيرة الرسول(ص)
سيرة الأنبياء(ع)
ملفات تاريخية
قرآن
مسائل قرآنية
مقالات قرآنية
×
أخبار بينات
كتابات
محاضرات
فقه
تصفح فقه الشريعة (الرسالة العملية)
دليل مناسك الحج
فيديوهات فقهية
الصيد والذبائح
كتب للمطالعة
المكتبة
قراءات
كتب عن السيد
قرآنيات
سياسة و فكر سياسي
أسرة ومجتمع
أهل البيت
عاشوراء
قضايا الهجرة والاغتراب
فقه وأحكام شرعية
شعر وأدب
أبحاث فقهية
تفسير القرآن
كتب باللغة الفرنسية
كتب باللغة الإنكليزية
أخلاق
دعاء
فكر إسلامي
أعلام و سيرة السيد
خطب الجمعة
مفاهيم
عقائد
حديث
كلمات
أديان
الحج
موسوعة الندوة
أرشيف السيد
خطب الجمعة
بيانات
حوارات
أخبار السيّد
أناشيد
أناشيد حول السيد
سيرة السيد
مقابلات
السيد في النجف
السيد في لبنان
العالم الفقيه
المرجعية المؤسسة
زيارات ومؤتمرات
ملف الرحيل
مرجعية السيد فضل الله
مقالات ودراسات
صور العلامة المرجع السيد فضل الله(رض)
ذكريات مع السيّد
مؤسسات السيد فضل الله(رض)
حقيبة بينات
أعمال ومستحبات
مناسبات
مواقيت
المكتبة
دعاء
أدعية الصحيفة السجاديّة
أدعية مشهورة
شرح الدعاء
المناجيات الخمس عشرة
حول الدعاء
أدعية أيام الأسبوع
كتب أدعية
زيارات
صفحات خاصة
الحج
المغتربين
عاشوراء
رمضان
تاريخ وسيرة
أهل البيت
سيرة الرسول(ص)
سيرة الأنبياء(ع)
ملفات تاريخية
قرآن
مسائل قرآنية
مقالات قرآنية
العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله
سيرة السيد
الحج
01/06/2023
دُعاء الإمام الحسين (ع) في يَوْمِ عَرَفَةَ
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَيْسَ لِقَضَائِهِ دَافِعٌ، وَلَا لِعَطَائِهِ مَانِعٌ، وَلَا كَصُنْعِهِ صُنْعُ صَانِعٍ، وَهُوَ الْجَوَادُ الْوَاسِعُ، فَطَرَ أَجْنَاسَ الْبَدَائِعِ، وَأَتْقَنَ بِحِكْمَتِهِ الصَّنَائِعَ، لَا يَخْفَى عَلَيْهِ الطَّلَائِعُ، وَلَا تَضِيعُ عِنْدَهُ الْوَدَائِعُ، جازي كلّ صانعٍ، ورايش[1] كلّ قانع، وراحم كلّ ضارع، ومنزل المنافع، وِالْكِتَابِ الْجَامِعِ، بالنُّورِ السَّاطِعِ، وَهُوَ لِلدَّعَوَاتِ سَامِعٌ، وَلِلْكُرُبَاتِ دَافِعٌ وَلِلدَّرَجَاتِ رَافِعٌ، وَلِلْجَبَابِرَةِ قَامِعُ، فَلَا إِلَهَ غَيْرُهُ، وَلَا شَيْءَ يَعْدِلُهُ، وَلَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ، اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ، وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.
اللَّهُمَّ إِنِّي أَرْغَبُ إِلَيْكَ وَأَشْهَدُ بِالرُّبُوبِيَّةِ لَكَ، مُقِرّاً بِأَنَّكَ رَبِّي، وَأَنَّ إِلَيْكَ مَرَدِّي، ابْتَدَأْتَنِي بِنِعْمَتِكَ قَبْلَ أَنْ أَكُونَ شَيْئاً مَذْكُوراً، وَخَلَقْتَنِي مِنَ التُّرَابِ، ثُمَّ أَسْكَنْتَنِي الْأَصْلَابَ، آمِناً لِرَيْبِ الْمَنُونِ، وَاخْتِلَافِ الدُّهُورِ والسنين، فَلَمْ أَزَلْ ظَاعِناً مِنْ صُلْبٍ إِلَى رَحِمٍ، فِي تَقَادُمِ الْأَيَّامِ الْمَاضِيَةِ، وَالْقُرُونِ الْخَالِيَةِ، لَمْ تُخْرِجْنِي لِرَأْفَتِكَ بِي، وَلُطْفِكَ لِي، وَإِحْسَانِكَ إِلَيَّ، فِي دَوْلَةِ أئمّة الكفر، الَّذِينَ نَقَضُوا عَهْدَكَ، وَكَذَّبُوا رُسُلَكَ، لَكِنَّكَ أَخْرَجْتَنِي لِلَّذِي سَبَقَ لِي مِنَ الْهُدَى الَّذِي يَسَّرْتَنِي وَفِيهِ أَنْشَأْتَنِي، وَمِنْ قَبْلِ ذَلِكَ رَؤُفْتَ بِي بِجَمِيلِ صُنْعِكَ، وَسَوَابِغِ نِعْمَتِكَ، فَابْتَدَعْتَ خَلْقِي مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى، وأَسْكَنْتَنِي فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ، بَيْنَ لَحْمٍ وَدم وجِلْدٍ، لَمْ تشهدني ِخَلْقِي، وَلَمْ تَجْعَلْ إِلَيَّ شَيْئاً مِنْ أَمْرِي، ثُمَّ أَخْرَجْتَنِي للّذي سبق لي من الهدى إلى الدّنيا تَامّاً سَوِيّاً، وَحَفِظْتَنِي فِي الْمَهْدِ طِفْلًا صَبِيّاً، وَرَزَقْتَنِي مِنَ الْغِذَاءِ لَبَناً مَرِيّاً، وعَطَفْتَ عَلَي قُلُوبِ الْحَوَاضِنِ، وَكَفَّلْتَنِي الْأُمَّهَاتِ الرَّواحم، وَكَلَأْتَنِي مِنْ طَوَارِقِ الْجَانِّ، وَسَلَّمْتَنِي مِنَ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ، فَتَعَالَيْتَ يَا رَحِيمُ يَا رَحْمَنُ، حَتَّى إِذَا اسْتَهْلَلْتُ نَاطِقاً بِالْكَلَامِ، أَتْمَمْتَ عَلَيَّ سَوَابِغَ الْإِنْعَامَ، وَرَبَّيْتَنِي زَائِداً فِي كُلِّ عَامٍ، حَتَّى إِذَا اكَتملت فِطْرَتِي، وَاعْتَدَلَتْ مِرَّتِي[2]، أَوْجَبْتَ عَلَيَّ حُجَّتَكَ بِأَنْ أَلْهَمْتَنِي مَعْرِفَتَكَ، وَرَوَّعْتَنِي بِعَجَائِبِ حكمتك، وَأيقظتني لِمَا ذَرَأْتَ فِي سَمَائِكَ وَأَرْضِكَ مِنْ بَدَائِعِ خَلْقِكَ، وَنَبَّهَتْنِي لشكرِكَ وذِكْرِكَ، وَأوجبت عليَّ طَاعَتِكَ وَعِبَادَتِكَ، وَفَهَّمْتَنِي مَا جَاءَتْ بِهِ رُسُلُكَ، وَيَسَّرْتَ لِي تَقَبُّلَ مَرْضَاتِكَ، وَمَنَنْتَ عَلَيَّ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ بِعَوْنِكَ وَلُطْفِكَ، ثُمَّ إِذْ خَلَقْتَنِي مِنْ خير الثَّرَى، لَمْ تَرْضَ لِي يَا إِلَهِي نعمةً دُونَ أُخْرَى، وَرَزَقْتَنِي مِنْ أَنْوَاعِ الْمَعَاشِ، وَصُنُوفِ الرِّيَاشِ، بِمَنِّكَ الْعَظِيمِ الأعظمِ عَلَيَّ، وَإِحْسَانِكَ الْقَدِيمِ إِلَيَّ، حَتَّى إِذَا أَتْمَمْتَ عَلَيَّ جَمِيعَ النِّعَمِ، وَصَرَفْتَ عَنِّي كُلَّ النِّقَمِ، لَمْ يَمْنَعْكَ جَهْلِي وَجُرْأَتِي عَلَيْكَ، أَنْ دَلَلْتَنِي إلى مَا يُقَرِّبُنِي إِلَيْكَ، وَوَفَّقْتَنِي لِمَا يُزْلِفُنِي لَدَيْكَ، فَإِنْ دَعَوْتُكَ أَجَبْتَنِي، وَإِنْ سَأَلْتُكَ أَعْطَيْتَنِي، وَإِنْ أَطَعْتُكَ شَكَرْتَنِي، وَإِنِ شَكَرْتَنِي زِدْتَنِي، كُلُّ ذَلِكَ إِكْمَالًا لِأَنْعُمِكَ عَلَيَّ وَإِحْسَاناً إِلَيَّ، فَسُبْحَانَكَ سُبْحَانَكَ مِنْ مُبْدِئٍ مُعِيدٍ، حَمِيدٍ مَجِيدٍ، وَتَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُكَ، وَعَظُمَتْ آلَاؤُكَ، فَأَيُّ نعمِكَ يَا إِلَهِي أُحْصِي عَدَداً وذِكْراً، أَمْ أَيُّ عَطَاياكَ أَقُومُ بِهَا شُكْراً، وَهِيَ يَا رَبِّ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُحْصِيَهَا الْعَادُّونَ، أَوْ يَبْلُغَ عِلْماً بِهَا الْحَافِظُونَ، ثُمَّ مَا صَرَفْتَ وَدَرَأْتَ عَنِّي اللَّهُمَّ مِنَ الضُّرِّ وَالضَّرَّاءِ، أَكْثَرُ مِمَّا ظَهَرَ لِي مِنَ الْعَافِيَةِ وَالسَّرَّاءِ، وَأَنَا أشْهدُ يَا إِلَهِي بِحَقِيقَةِ إِيمَانِي، وَعَقْدِ عَزَمَاتِ يَقِينِي، وَخَالِصِ صَرِيحِ تَوْحِيدِي، وَبَاطِنِ مَكْنُونِ ضَمِيرِي، وَعَلَائِقِ مَجَارِي نُورِ بَصَرِي، وَأَسَارِيرِ[3] صَفْحَةِ جَبِينِي، وَخُرْقِ مَسَارِبِ نَفْسِي، وَخَذَارِيفِ مَارِنِ عِرْنِينِي[4]، وَمَسَارِبِ صِمَاخِ سَمْعِي[5]، وَمَا ضَمَّتْ وَأَطْبَقَتْ عَلَيْهِ شَفَتَايَ، وَحَرَكَاتِ لَفْظِ لِسَانِي، وَمَغْرَزِ حَنَكِ فَمِي وَفَكِّي، وَمَنَابِتِ أَضْرَاسِي، وَمَسَاغِ مَطْعَمِي وَمَشْرَبِي، وَحِمَالَةِ أُمِّ رَأْسِي، وَبُلُوغِ حَبَائِلِ بَارِعِ عُنُقِي، وَمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ تَامُورُ[6] صَدْرِي، وحمائل حبل وتيني[7]، وَنِيَاطُ[8] حِجَابِ قَلْبِي، وَأَفْلَاذُ حَوَاشِي كَبِدِي، وَمَا حَوَتْهُ شَرَاسِيفُ[9] أَضْلَاعِي، وَحِقَاقِ مَفَاصِلِي، وَقَبْضِ عَوَامِلِي، وأَطْرَافِ أَنَامِلِي، ولحمي وَدَمِي، وَشَعْرِي، وَبَشَرِي، وَعَصَبِي، وَقَصَبِي، وَعِظَامِي، وَمُخِّي، وَعُرُوقِي، وَجَمِيعُ جَوَارِحِي، وَمَا انْتَسَجَ عَلَى ذَلِكَ أَيَّامُ رَضَاعِي، وَمَا أَقَلَّتِ الْأَرْضُ مِنِّي، وَنَوْمِي وَيَقَظَتِي، وَسُكُونِي وَحَرَكَات رُكُوعِي وَسُجُودِي، أَنْ لَوْ حَاوَلْتُ وَاجْتَهَدْتُ مَدَى الْأَعْصَارِ وَالْأَحْقَابِ لَوْ عُمِّرْتُهَا، أَنْ أُؤَدِّيَ شُكْرَ وَاحِدَةٍ مِنْ أَنْعُمِكَ مَا اسْتَطَعْتُ ذَلِكَ، إِلَّا بِمَنِّكَ الْمُوجِبِ عَلَيَّ به شُكْرَكَ أبداً جَدِيداً، وَثَنَاءً طَارِف[10] عَتِيداً. أجل، وَلَوْ حَرَصْتُ أنا وَالْعَادُّونَ مِنْ أَنَامِكَ أَنْ نُحْصِيَ مَدَى إِنْعَامِكَ سَالِفَةً وَآنِفَةً، ما حَصَرْنَاهُ عَدَداً، وَلَا أَحْصَيْنَاهُ أَمداً. هَيْهَاتَ أَنَّى ذَلِكَ، وَأَنْتَ الْمُخْبِرُ في كتابِكَ النّاطقِ، وَالنَّبَأ الصَّادِقِ: {وإنْ تعدُّوا نعمةَ الله لا تُحْصُوهَا}. صدق كتابُكَ، اللّهمّ وإنباؤك، وَبَلَّغَتْ أَنْبِيَاؤُكَ وَرُسُلُكَ مَا أَنْزَلْتَ عَلَيْهِمْ مِنْ وَحْيِكَ، وَشَرَعْتَ لَهُمْ وبهم مِنْ دِينِكَ، غَيْرَ أَنِّي أَشْهَدُ بِجهدِي وَجَدّي، وَمَبَلغِ طَاقَتِي وَوُسْعِي، وَأَقُولُ مُؤْمِناً مُوقِناً: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً فَيَكُونَ مَوْرُوثاً، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي ملكِهِ فَيُضَادَّهُ فِيمَا ابْتَدَعَ، وَلَا وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ فَيُرْفِدَهُ فِيمَا صَنَعَ، فسُبْحَانَهُ سُبْحَانَهُ، لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا وَتَفَطَّرَتَ[11]، سُبْحَانَ اللَّهِ الْوَاحِدِ الْأَحَدِ الصَّمَدِ، الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ.
الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْداً يَعْادِلُ حَمْدَ مَلَائِكَتِهِ الْمُقَرَّبِينَ، وَأَنْبِيَائِهِ الْمُرْسَلِينَ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى خِيَرَتِهِ مُحَمَّدٍ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ، وَآلِهِ الطيّبينَ الطَّاهِرِينَ الْمُخْلَصِينَ وسلّم.
اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي أَخْشَاكَ كَأَنِّي أَرَاكَ، وَأَسْعِدْنِي بِتَقْوَاكَ، وَلَا تُشْقِنِي بِمَعْصِيَتِكَ، وَخِرْ لِي فِي قَضَائِكَ، وَبَارِكْ لِي فِي قَدَرِكَ، حَتَّى لَا أُحِبَّ تَعْجِيلَ مَا أَخَّرْتَ، وَلَا تَأْخِيرَ مَا عَجَّلْتَ.
اللَّهُمَّ اجْعَلْ غِنَايَ فِي نَفْسِي، وَالْيَقِينَ فِي قَلْبِي، وَالْإِخْلَاصَ فِي عَمَلِي، وَالنُّورَ فِي بَصَرِي، وَالْبَصِيرَةَ فِي دِينِي، وَمَتِّعْنِي بِجَوَارِحِي، وَاجْعَلْ سَمْعِي وَبَصَرِي الْوَارِثَيْنِ مِنِّي، وَانْصُرْنِي عَلَى مَنْ ظَلَمَنِي، وَأرني فيه ثاري ومآربي، وَأَقِرَّ بِذَلِكَ عَيْنِي.
اللَّهُمَّ اكْشِفْ كُرْبَتِي، وَاسْتُرْ عَوْرَتِي، وَاغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي، وَاخْسَأْ شَيْطَانِي، وَفُكَّ رِهَانِي، وَاجْعَلْ لِي يَا إِلَهِي الدَّرَجَةَ الْعُلْيَا فِي الْآخِرَةِ وَالْأُولَى.
اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ كَمَا خَلَقْتَنِي فَجَعَلْتَنِي سَمِيعاً بَصِيراً، وَلَكَ الْحَمْدُ كَمَا خَلَقْتَنِي فَجَعَلْتَنِي خلقاً سَوِيّاً رَحْمَةً بِي وَقد كُنْتَ عَنْ خَلْقِي غَنِيّاً، رَبِّ بِمَا بَرَأْتَنِي فَعَدَّلْتَ فِطْرَتِي، رَبِّ بِمَا أَنْشَأْتَنِي فَأَحْسَنْتَ صُورَتِي، رَبِّ بِمَا أَحْسَنْتَ إليّ وَفِي نَفْسِي عَافَيْتَنِي، رَبِّ بِمَا كَلَأْتَنِي وَوَفَّقْتَنِي، رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَهَدَيْتَنِي، رَبِّ بِمَا أوليْتَني وَمِنْ كُلِّ خَيْرٍ أَعْطَيْتَنِي، رَبِّ بِمَا أَطْعَمْتَنِي وَسَقَيْتَنِي، رَبِّ بِمَا أَغْنَيْتَنِي وَأَقْنَيْتَنِي، رَبِّ بِمَا أَعَنْتَنِي وَأَعْزَزْتَنِي، رَبِّ بِمَا أَلْبَسْتَنِي مِنْ سترك الصَّافِي، وَيَسَّرْتَ لِي مِنْ صُنْعِكَ الْكَافِي، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَعِنِّي عَلَى بَوَائِقِ[12] الدَّهْورِ، وَصُرُوفِ اللَّيَالِي والْأَيَّامِ، وَنَجِّنِي مِنْ أَهْوَالِ الدُّنْيَا وَكُرُبَاتِ الْآخِرَةِ، وَاكْفِنِي شَرَّ مَا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ فِي الْأَرْضِ.
اللَّهُمَّ مَا أَخَافُ فَاكْفِنِي، وَمَا أَحْذَرُ فَقِنِي، وَفِي نَفْسِي وَدِينِي فَاحْرُسْنِي، وَفِي سَفَرِي فَاحْفَظْنِي، وَفِي أَهْلِي وَمَالِي فَاخْلُفْنِي، وَفِيمَا رَزَقْتَنِي فَبَارِكْ لِي، وَفِي نَفْسِي فَذَلِّلْنِي، وَفِي أَعْيُنِ النَّاسِ فَعَظِّمْنِي، وَمِنْ شَرِّ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فَسَلِّمْنِي، وَبِذُنُوبِي فَلَا تَفْضَحْنِي، وَبِسَرِيرَتِي فَلَا تُخْزِنِي، وَبِعَمَلِي فَلَا تَبْتَلِنِي، وَنِعَمَكَ فَلَا تَسْلُبْنِي، وَإِلَى غَيْرِكَ فَلَا تَكِلْنِي. إلهي إِلَى مَنْ تَكِلُنِي؛ إِلَى قَرِيبٍ فيَقْطَعُنِي، أَمْ إِلَى بَعِيدٍ فيَتَجَهَّمُنِي، أَمْ إِلَى الْمُسْتَضْعِفِينَ لِي وَأَنْتَ رَبِّي وَمَلِيكُ أَمْرِي، أَشْكُو إِلَيْكَ غُرْبَتِي وَبُعْدَ دَارِي وَهَوَانِي عَلَى مَنْ مَلَّكْتَهُ أَمْرِي.
إلهي! فَلَا تُحْلِلْ عليَّ غَضَبَكَ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ غَضِبْتَ عَلَيَّ فَلَا أُبَالِي سِوَاكَ، غَيْرَ أَنَّ عَافِيَتَكَ أَوْسَعُ لِي. فَأَسْأَلُكَ يا ربّ بِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ الْأَرْضُ وَالسَّمَاوَاتُ، وَكشفت بِهِ الظُّلُمَاتُ، وَصَلحَ به أَمْرُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، أَنْ لَا تُمِيتَنِي عَلَى غَضَبِكَ، وَلَا تُنْزِلَ بِي سَخَطَكَ، لَكَ الْعُتْبَى حَتَّى تَرْضَى قَبْلَ ذَلِكَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ رَبُّ الْبَلَدِ الْحَرَامِ، وَالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ، وَالْبَيْتِ الْعَتِيقِ الَّذِي أَحْلَلْتَهُ الْبَرَكَةَ، وَجَعَلْتَهُ لِلنَّاسِ أَمَناً.
يَا مَنْ عَفَا عَنِ عَظِيمِ الذُّنُوبِ بِحِلْمِهِ، يَا مَنْ أَسْبَغَ النّعْمَاء بِفَضْلِهِ، يَا مَنْ أَعْطَى الْجَزِيلَ بِكَرَمِهِ، يَا عُدَّتِي فِي شدّتي، يَا صاحبي فِي وحدتي، يَا غياثي في كربتي، يا وَلِيّي في نِعْمَتِي، يَا إِلَهِي وَإِلَهَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ، وَرَبَّ جَبْرَئِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ، وَرَبَّ مُحَمَّدٍ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ، وَآلِهِ الْمُنْتَجَبِينَ، وَمُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ وَالفرقان، وَمُنْزِلَ كهيعص وَطه وَيس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ، أَنْتَ كَهْفِي حِينَ تُعْيِينِي الْمَذَاهِبُ فِي سَعَتِهَا، وَتَضِيقُ بيَ الْأَرْضُ بِرُحْبِهَا، وَلَوْلَا رَحْمَتُكَ لَكُنْتُ مِنَ الْهالكين، وَأَنْتَ مقيل عثرتي، ولولا سترُكَ إيّايَ لكنْتُ من المفضوحين، وأنت مؤيّدي بِالنَّصْرِ عَلَى أعدائي، ولَوْلَا نَصْرُكَ إيّايَ لَكُنْتُ مِنَ الْمَغْلُوبِينَ.
يَا مَنْ خَصَّ نَفْسَهُ بِالسُّمُوِّ وَالرِّفْعَةِ، فأَوْلِيَاؤُهُ بِعِزِّهِ يَعْتَزُّونَ، يَا مَنْ جَعَلَتْ لَهُ الْمُلُوكُ نِيرَ الْمَذَلَّةِ عَلَى أَعْنَاقِهِمْ، فَهُمْ مِنْ سَطَوَاتِهِ خَائِفُونَ، يعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ، وَغَيْبَ مَا تَأْتِي بِهِ الْأَزْمنة وَالدُّهُورُ، يَا مَنْ لَا يَعْلَمُ كَيْفَ هُوَ إِلَّا هُوَ، يَا مَنْ لَا يَعْلَمُ مَا هو إِلَّا هُوَ، يَا مَنْ لا يَعْلَمُ ما يعلمُهُ إلا هو، يَا مَنْ كَبَسَ الْأَرْضَ عَلَى الْمَاءِ، وَسَدَّ الْهَوَاءَ بِالسَّمَاءِ، يَا مَنْ لَهُ أَكْرَمُ الْأَسْمَاءِ، يَا ذَا الْمَعْرُوفِ الَّذِي لَا يَنْقَطِعُ أَبَداً، يَا مُقَيِّضَ الرَّكْبِ لِيُوسُفَ فِي الْبَلَدِ الْقَفْرِ، وَمُخْرِجَهُ مِنَ الْجُبِّ، وَجَاعِلَهُ بَعْدَ الْعُبُودِيَّةِ مَلِكاً، يَا رَادَّه عَلَى يَعْقُوبَ بَعْدَ أَنِ ابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ، يَا كَاشِفَ الضُّرِّ وَالْبَلَوى عَنْ أَيُّوبَ، ومُمْسِكَ يَدي إِبْرَاهِيمَ عَنْ ذَبْحِ ابْنِهِ بَعْدَ كِبَرِ سِنِّهِ وَفَنَاءِ عُمُرِهِ، يَا مَنِ اسْتَجَابَ لِزَكَرِيَّا فَوَهَبَ لَهُ يَحْيَى، وَلَمْ يَدَعْهُ فَرْداً وَحِيداً، يَا مَنْ أَخْرَجَ يُونُسَ مِنْ بَطْنِ الْحُوتِ، يَا مَنْ فَلَقَ الْبَحْرَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ، فَأَنْجَاهُمْ، وَجَعَلَ فِرْعَوْنَ وَجُنُودَهُ مِنَ الْمُغْرَقِينَ، يَا مَنْ أَرْسَلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ، يَا مَنْ لَمْ يَعْجَلْ عَلَى مَنْ عَصَاهُ مِنْ خَلْقِهِ، يَا مَنِ اسْتَنْقَذَ السَّحَرَةَ مِنْ بَعْدِ طُولِ الْجُحُودِ، وَقَدْ غَدَوْا فِي نِعْمَتِهِ يَأْكُلُونَ رِزْقَهُ وَيَعْبُدُونَ غَيْرَهُ، وَقَدْ حَادُّوهُ وَنَادُّوهُ[13] وَكَذَّبُوا رُسُلَهُ.
يَا اللَّهُ يَا الله يا بَدِيءُ، يا بديعاً لَا ندّ لك، يَا دَائِماً لَا نَفَادَ لَكَ، يَا حَيّاً حين لا حيّ، يَا مُحِييَ الْمَوْتَى، يَا مَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ، يَا مَنْ قَلَّ لَهُ شُكْرِي فَلَمْ يَحْرِمْنِي، وَعَظُمَتْ خَطِيئَتِي فَلَمْ يَفْضَحْنِي، وَرَآنِي عَلَى الْمَعَاصِي فَلَمْ يَشهرني، يَا مَنْ حَفِظَنِي فِي صِغَرِي، يَا مَنْ رَزَقَنِي فِي كِبَرِي، يَا مَنْ أَيَادِيهِ عِنْدِي لَا تُحْصَى، ونِعَمُهُ لَا تُجَازَى، يَا مَنْ عَارَضَنِي بِالْخَيْرِ وَالْإِحْسَانِ، وَعَارَضْتُهُ بِالْإِسَاءَةِ وَالْعِصْيَانِ، يَا مَنْ هَدَانِي للإيمَانِ من قَبْلَ أَنْ أَعْرِفَ شُكْرَ الِامْتِنَانِ، يَا مَنْ دَعَوْتُهُ مَرِيضاً فَشَفَانِي، وَعُرْيَاناً فَكَسَانِي، وَجَائِعاً فَأَشبعني، وَعَطْشَاناً فَأَرْوَانِي، وَذَلِيلًا فَأَعَزَّنِي، وَجَاهِلًا فَعَرَّفَنِي، وَوَحِيداً فَكَثَّرَنِي، وَغَائِباً فَرَدَّنِي، وَمُقِلًّا فَأَغْنَانِي، وَمُنْتَصِراً فَنَصَرَنِي، وَغَنِيّاً فَلَمْ يَسْلُبْنِي، وَأَمْسَكْتُ عَنْ جَمِيعِ ذَلِكَ فَابْتَدَأَنِي، فَلَكَ الْحَمْدُ والشّكرُ يَا مَنْ أَقَالَ عَثْرَتِي، وَنَفَّسَ كُرْبَتِي، وَأَجَابَ دَعْوَتِي، وَسَتَرَ عَوْرَتِي وَغفر ذُنُوبِي، وَبَلَّغَنِي طَلِبَتِي، وَنَصَرَنِي عَلَى عَدُوِّي، وَإِنْ أَعُدَّ نِعَمَكَ وَمِنَنَكَ وَكَرَائِمَ مِنَحِكَ لَا أُحْصِيهَا.
يَا مَوْلَايَ، أَنْتَ الَّذِي أَنْعَمْتَ، أَنْتَ الَّذِي أَحْسَنْتَ، أَنْتَ الَّذِي أَجْمَلْتَ، أَنْتَ الَّذِي أَفْضَلْتَ، أَنْتَ الَّذِي أَكْمَلْتَ، أَنْتَ الَّذِي رَزَقْت، أَنْتَ الَّذِي أَعْطَيْتَ، أَنْتَ الَّذِي أَغْنَيْتَ، أَنْتَ الَّذِي أَقْنَيْتَ[14]، أَنْتَ الَّذِي آوَيْتَ، أَنْتَ الَّذِي كَفَيْتَ، أَنْتَ الَّذِي هَدَيْتَ، أَنْتَ الَّذِي عَصَمْتَ، أَنْتَ الَّذِي سَتَرْتَ، أَنْتَ الَّذِي غَفَرْتَ، أَنْتَ الَّذِي أَقَلْتَ، أَنْتَ الَّذِي مَكَّنْتَ، أَنْتَ الَّذِي أَعْزَزْتَ، أَنْتَ الَّذِي أَعَنْتَ، أَنْتَ الَّذِي عَضَدْتَ، أَنْتَ الَّذِي أَيَّدْتَ، أَنْتَ الَّذِي نَصَرْتَ، أَنْتَ الَّذِي شَفَيْتَ، أَنْتَ الَّذِي عَافَيْتَ، أَنْتَ الَّذِي أَكْرَمْتَ، أنت الّذي تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ، فَلَكَ الْحَمْدُ دَائِماً، وَلَكَ الشُّكْرُ وَاصِباً أبداً.
ثُمَّ أَنَا يَا إِلَهِي الْمُعْتَرِفُ بِذُنُوبِي فَاغْفِرْهَا لِي، أَنَا الَّذِي أسأت، أنا الّذي أَخْطَأْتُ، أَنَا الَّذِي جَهِلْتُ، أَنَا الَّذِي غفَلْتُ، أَنَا الَّذِي سَهَوْتُ، أَنَا الَّذِي اعْتَمَدْتُ، أَنَا الَّذِي تَعَمَّدْتُ، أَنَا الَّذِي وَعَدْتُ، أَنَا الَّذِي أَخْلَفْتُ، أَنَا الَّذِي نَكَثْتُ، أَنَا الَّذِي أَقْرَرْتُ.
أنا الّذي اعترفت بِنِعْمَتِكَ عِليَّ وعنْدِي، وَأَبُوءُ بِذُنُوبِي فَاغْفِرها لِي، يَا مَنْ لَا تَضُرُّهُ ذُنُوبُ عِبَادِهِ، وَهُوَ الْغَنِيُّ عَنْ طَاعَتِهِمْ، وَالْمُوَفِّقُ مَنْ عَمِلَ صَالِحاً منهم ِبمَعُونَتِهِ وَرَحْمَتِهِ، فَلَكَ الْحَمْدُ إِلَهِي وسيّدي، أَمَرْتَنِي فَعَصَيْتُكَ، وَنَهَيْتَنِي فَارْتَكَبْتُ نَهْيَكَ، فَأَصْبَحْتُ لَا ذَا بَرَاءَةٍ فَأَعْتَذِرَ، وَلَا ذَا قُوَّةٍ فَأَنْتَصِرَ، فَبِأَيِّ شَيْءٍ أَسْتَقْبِلُكَ يَا مَوْلَايَ، أَبِسَمْعِي أَمْ بِبَصَرِي أَمْ بِلِسَانِي أَمْ بيدي أم بِرِجْلِي، أَلَيْسَ كُلُّهَا نِعَمَكَ عِنْدِي، وَبِكُلِّهَا عَصَيْتُكَ، يَا مَوْلَايَ فَلَكَ الْحُجَّةُ وَالسَّبِيلُ عَلَيَّ، يَا مَنْ سَتَرَنِي مِنَ الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ أَنْ يَزْجُرُونِي، وَمِنَ الْعَشَائِرِ وَالْإِخْوَانِ أَنْ يُعَيِّرُونِي، وَمِنَ السَّلَاطِينِ أَنْ يُعَاقِبُونِي، وَلَوِ اطَّلَعُوا يَا مَوْلَايَ عَلَى مَا اطَّلَعْتَ عَلَيْهِ مِنِّي إِذًا مَا أَنْظَرُونِي، وَلَرَفَضُونِي وَقَطَعُونِي، فَهَا أَنَا ذَا إلهي بَيْنَ يَدَيْكَ يَا سَيِّدِي، خَاضِعٌ ذَلِيلٌ حصيرٌ حَقِيرٌ، لَا ذُو بَرَاءَةٍ فَأَعْتَذِرَ، وَلَا ذو قُوَّةٍ فَأَنْتَصِرَ، وَلَا حُجَّةَ فَأَحْتَجَّ بِهَا، وَلَا قَائِلٌ لَمْ أَجْتَرِحْ وَلَمْ أَعْمَلْ سُوءاً، وَمَا عَسَى الْجُحُودُ لَوْ جَحَدْتُ يَا مَوْلَايَ يَنْفَعُنِي، كَيْفَ وَأَنَّى ذَلِكَ وَجَوَارِحِي كُلُّهَا شَاهِدَةٌ عَلَيَّ بِمَا قَدْ عَملتُ وعلمْتُ، يَقِيناً غَيْرَ ذِي شَكٍّ أَنَّكَ سَائِلِي عَنْ عَظَائِمِ الْأُمُورِ، وَأَنَّكَ الْحَكمُ الْعَدْلُ الَّذِي لَا تجُورُ، وَعَدْلُكَ مُهْلِكِي، وَمِنْ كُلِّ عَدْلِكَ مَهْرَبِي، فَإِنْ تُعَذِّبْنِي يا إلهي، فَبِذُنُوبِي بَعْدَ حُجَّتِكَ عَلَيَّ، وَإِنْ تَعْفُ عَنِّي فَبِحِلْمِكَ وَجُودِكَ وَكَرَمِكَ، لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الْمُسْتَغْفِرِينَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الْمُوَحِّدِينَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الْخائفين، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الوجلين، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الرَّاجِينَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الرَّاغِبِينَ، لا إله إلا أنت سبحانَكَ إنّي كنت من الْمُسَبِّحِينَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سبحانك إنّي كنت من المكبّرين، لا إله إلا أنت سبحانك رَبِّي وَرَبُّ آبَائِيَ الْأَوَّلِينَ.
اللَّهُمَّ هَذَا ثَنَائِي عَلَيْكَ مُمَجِّداً، وَإِخْلَاصِي مُوَحِّداً، وَإِقْرَارِي بِآلَائِكَ مُعِدّداً، وَإِنْ كُنْتُ مُقِرّاً أَنِّي لَا أُحْصِهَا لِكَثْرَتِهَا وَسُبُوغِهَا وَتَظَاهُرِهَا وَتَقَادُمِهَا، إِلَى حَادِثٍ مَا لَمْ تَزَلْ تَتَعهّدني بِهِ مَعَهَا مُذْ خَلَقْتَنِي وَبَرَأْتَنِي مِنْ أَوَّلِ الْعُمُرِ، مِنَ الْإِغْنَاءِ من الْفَقْرِ، وَكَشْفِ الضُّرِّ، وَتَسْبِيبِ الْيُسْرِ، وَدَفْعِ الْعُسْرِ وَتَفْرِيجِ الْكَرْبِ، وَالْعَافِيَةِ فِي الْبَدَنِ، وَالسَّلَامَةِ فِي الدِّينِ، وَلَوْ رَفَدَنِي عَلَى قَدْرِ ذِكْرِ نِعَمتكَ جَمِيعُ الْعَالَمِينَ، مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، مَا قَدَرْتُ وَلَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ، تَقَدَّسْتَ وَتَعَالَيْتَ مِنْ رَبٍّ عَظِيمٍ رَحِيمٍ، لَا تُحْصَى آلَاؤُكَ، وَلَا يُبْلَغُ ثَنَاؤُكَ، وَلَا تكافَأُ نَعْمَاؤُكَ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَتْمِمْ عَلَيْنَا نِعمَكَ، وَأَسْعِدْنَا بِطَاعَتِكَ، سُبْحَانَكَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ.
اللَّهُمَّ إِنَّكَ تُجِيبُ الْمُضْطَرَّ وَتَكْشِفُ السُّوءَ، وَتُغِيثُ الْمَكْرُوبَ، وَتَشْفِي السَّقِيمَ، وَتُغْنِي الْفَقِيرَ، وَتَجْبُرُ الْكَسِيرَ، وَتَرْحَمُ الصَّغِيرَ، وَتُعِينُ الْكَبِيرَ، وَلَيْسَ دُونَكَ ظَهِيرٌ، وَلَا فَوْقَكَ قَدِيرٌ، وَأَنْتَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ.
يَا مُطْلِقَ الْمُكَبَّلِ الْأَسِيرِ، يَا رَازِقَ الطِّفْلِ الصَّغِيرِ، يَا عِصْمَةَ الْخَائِفِ الْمُسْتَجِيرِ، يَا مَنْ لَا شَرِيكَ لَهُ وَلَا وَزِيرَ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَعْطِنِي فِي هَذِهِ الْعَشِيَّةِ أَفْضَلَ مَا أَعْطَيْتَ وَأَنَلْتَ أَحَداً مِنْ عِبَادِكَ، مِنْ نِعْمَةٍ تُولِيهَا، وَآلَاءٍ تُجَدِّدُهَا، وَبَلِيَّةٍ تَصْرِفُهَا، وَكُرْبَةٍ تَكْشِفُهَا، وَدَعْوَةٍ تَسْمَعُهَا، وَحَسَنَةٍ تَتَقَبَّلُهَا، وَسَيِّئَةٍ تَغْفِرُهَا، إِنَّكَ لَطِيفٌ بما تشاء خَبِيرٌ، وَعَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.
اللَّهُمَّ إِنَّكَ أَقْرَبُ مَنْ دُعِيَ، وَأَسْرَعُ مَنْ أَجَابَ، وَأَكْرَمُ مَنْ عَفَا، وَأَوْسَعُ مَنْ أَعْطَى، وَأَسْمَعُ مَنْ سُئِلَ، يَا رَحْمَنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَرَحِيمَهُمَا، لَيْسَ كَمِثْلِكَ مَسْؤولٌ، وَلَا سِوَاكَ مَأْمُولٌ، دَعَوْتُكَ فَأَجَبْتَنِي، وَسَأَلْتُكَ فَأَعْطَيْتَنِي، وَرَغِبْتُ إِلَيْكَ فَرَحِمْتَنِي، وَوَثِقْتُ بِكَ فَنَجَّيْتَنِي، وَفَزِعْتُ إِلَيْكَ فَكَفَيْتَنِي، اللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَنَبِيِّكَ، وَعَلَى آلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ أَجْمَعِينَ، وَتَمِّمْ لَنَا نَعْمَاءَكَ، وَهَنِّئْنَا عَطَاءَكَ، وَاجْعَلْنَا لَكَ شَاكِرِينَ، وَلِآلَائِكَ ذَاكِرِينَ، آمِينَ رَبَّ الْعَالَمِينَ.
اللَّهُمَّ يَا مَنْ مَلَكَ فَقَدَرَ، وَقَدَرَ فَقَهَرَ، وَعُصِيَ فَسَتَرَ، وَاسْتُغْفِرَ فَغَفَرَ، يَا غَايَةَ الطّالبين الرّاغبين، وَمُنْتَهَى أَمَلِ الرَّاجِينَ، يَا مَنْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً، وَوَسِعَ الْمُسْتَقِيلِينَ رَأْفَةً وَحِلْماً.
اللَّهُمَّ إِنَّا نَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ فِي هَذِهِ الْعَشِيَّةِ الَّتِي شَرَّفْتَهَا وَعَظَّمْتَهَا بِمُحَمَّدٍ نَبِيِّكَ وَرَسُولِكَ، وَخِيَرَتِكَ من خلقك، وَأَمِينِكَ عَلَى وَحْيِكَ الْبَشِيرِ النَّذِيرِ، السِّرَاجِ الْمُنِيرِ الَّذِي أَنْعَمْتَ بِهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَجَعَلْتَهُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ.
اللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ محمّد، كَمَا مُحَمَّدٌ أَهْلٌ لذَلِكَ منك، يَا عَظِيمُ فَصَلِّ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِه الْمُنْتَجَبِينَ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ أَجْمَعِينَ، وَتَغَمَّدْنَا بِعَفْوِكَ عَنَّا، فَإِلَيْكَ عَجَّتِ[15] الْأَصْوَاتُ بِصُنُوفِ اللُّغَاتِ، فاجْعَلْ لَنَا اللّهمّ فِي هَذِهِ الْعَشِيَّةِ نَصِيباً من كُلِّ خَيْرٍ تَقْسِمُهُ، وَنُورٍ تَهْدِي بِهِ، وَرَحْمَةٍ تَنْشُرُهَا، وَبَرَكَةٍ تُنْزِلُهَا، وعافيةٍ تجلّلها، وَرِزْقٍ تَبْسُطُهُ، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
اللَّهُمَّ اقْلِبْنَا فِي هَذَا الْوَقْتِ مُنْجِحِينَ مُفْلِحِينَ مَبْرُورِينَ غَانِمِينَ، وَلَا تَجْعَلْنَا مِنَ الْقَانِطِينَ، وَلَا تُخْلِنَا مِنْ رَحْمَتِكَ، وَلَا تَحْرِمْنَا مَا نُؤَمِّلُهُ مِنْ فَضْلِكَ، وَلَا تَجْعَلْنَا مِنْ رَحْمَتِكَ مَحْرُومِينَ وَلَا لِفَضْلِ مَا نُؤَمِّلُهُ مِنْ عَطَائكَ قَانِطِينَ، ولا تردّنا خائبين، ولا من بابِك مطرودين، يَا أَجْوَدَ الْأَجْوَدِينَ، وَيَا أَكْرَمَ الْأَكْرَمِينَ، إِلَيْكَ أَقْبَلْنَا مُوقِنِينَ، وَلِبَيْتِكَ الْحَرَامِ آمِّينَ قَاصِدِينَ، فَأَعِنَّا عَلَى مَناسكنَا، وَأَكْمِلْ لَنَا حَجَّنَا، وَاعْفُ عَنَّا وعافنا، فَقَدْ مَدَدْنَا إِلَيْكَ أَيْدِيَنَا، فهِيَ بِذِلَّةِ الِاعْتِرَافِ مَوْسُومَةٌ.
اللَّهُمَّ فَأَعْطِنَا فِي هَذِهِ الْعَشِيَّةِ مَا سَأَلْنَاكَ، وَاكْفِنَا مَا اسْتَكْفَيْنَاكَ، فَلَا كَافِيَ لَنَا سِوَاكَ، وَلَا رَبَّ لَنَا غَيْرُكَ، نَافِذٌ فِينَا حُكْمُكَ، مُحِيطٌ بِنَا عِلْمُكَ، عَدْلٌ فينا قَضَاؤُكَ، اقْضِ لَنَا الْخَيْرَ، وَاجْعَلْنَا مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ.
اللَّهُمَّ أَوْجِبْ لَنَا بِجُودِكَ عَظِيمَ الْأَجْرِ، وَكَرِيمَ الذُّخْرِ، وَدَوَامَ الْيُسْرِ، واغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا أَجْمَعِينَ، وَلَا تُهْلِكْنَا مَعَ الْهَالِكِينَ، وَلَا تَصْرِفْ عَنَّا رَأْفَتَكَ ورَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا فِي هَذَا الْوَقْتِ مِمَّنْ سَأَلَكَ فَأَعْطَيْتَهُ، وَشَكَرَكَ فَزِدْتَهُ، وَتَابَ إِلَيْكَ فَقَبِلْتَهُ، وَتَنَصَّلَ إِلَيْكَ مِنْ ذُنُوبِهِ كلِّها فَغَفَرْتَهَا لَهُ، يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ.
اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا وَسَدِّدْنَا وَاقْبَلْ تَضَرُّعَنَا، يَا خَيْرَ مَنْ سُئِلَ، وَيَا أَرْحَمَ مَنِ اسْتُرْحِمَ، يَا مَنْ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ إِغْمَاضُ الْجُفُونِ، وَلَا لَحْظُ الْعُيُونِ، وَلا مَا اسْتَقَرَّ فِي الْمَكْنُونِ، وَلَا مَا انْطَوَتْ عَلَيْهِ مُضْمَرَاتُ الْقُلُوبِ، أَلَا كُلُّ ذَلِكَ قَدْ أَحْصَاهُ عِلْمُكَ، وَوَسِعَهُ حِلْمُكَ، سُبْحَانَكَ وَتَعَالَيْتَ عَمَّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ عُلُوّاً كَبِيراً، تُسَبِّحُ لَكَ السَّمَاوَاتُ السّبعُ وَالْأَرْضون وَمَن فِيهِنَّ، وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ، فَلَكَ الْحَمْدُ وَالْمَجْدُ، وَعُلُوُّ الْجَدِّ، يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، وَالْفَضْلِ وَالْإِنْعَامِ، وَالْأَيَادِي الْجِسَامِ، وَأَنْتَ الْجَوَادُ الْكَرِيمُ، الرَّؤوفُ الرَّحِيمُ، أَوْسِعْ عَلَيَّ مِنْ رِزْقِكَ الحلال، وَعَافِنِي فِي بَدَنِي وَدِينِي، وَآمِنْ خَوْفِي، وَأَعْتِقْ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ.
اللَّهُمَّ لَا تَمْكُرْ بِي، وَلَا تَسْتَدْرِجْنِي وَلَا تَخْذُلْنِي، وَادْرَأْ عَنِّي شَرَّ فَسَقَةِ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ".
"يَا أَسْمَعَ السَّامِعِينَ، وَيَا أَبْصَرَ النَّاظِرِينَ، وَيَا أَسْرَعَ الْحَاسِبِينَ، وَيَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، السّادةِ الميامين، وَأَسْأَلُكَ اللَّهُمَّ حَاجَتِيَ الَّتِي إِنْ أَعْطَيْتَنيهَا لَمْ يَضُرَّنِي مَا مَنَعْتَنِي، وَإِنْ مَنَعْتَنِيهَا لَمْ يَنْفَعْنِي مَا أَعْطَيْتَنِي، أَسْأَلُكَ فَكَاكَ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، وَحْدَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ، لَكَ الْمُلْكَ وَلَكَ الْحَمْدُ، وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، يَا رَبِّ، يَا رَبِّ، يَا رَبِّ".
***
[1] رايش: يقال: ارتاش فلان: أي حسنت حاله، والرّيش والرّياش: المال والخصب. .
[2] مرتّي: قوّتي
[3] أسارير: خطوط الجبهة.
[4] خذاريف: جمع خذروف: القطعة. المارن: ما لان من الأنف. العرنين: أوّل الأنف.
[5] الصّماخ: خرق الأذن..
[6] التّامور: الوعاء
[7] الوتين: عرق في القلب يجري منه الدّم إلى سائر العروق.
[8] النّياط: عرق القلب الغليظ الّذي إذا انقطع مات صاحبه.
[9] شراسيف: أطراف الأضلاع الّتي تشرف على البطن.
[10] الطّارف: المستحدث. والعتيد: الجسيم.
[11] تفطّرتا: انشقّتا.
[12] بوائق: جمع بائقة: الشرّ.
[13] حادّوه: عادوه وأغضبوه. نادّوه: أي جعلوا له ندّاً وشريكاً.
[14] أقنيت: أي أعطيت بقدر ما يكفي.
[15] عجّت الأصوات: ارتفعت.
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَيْسَ لِقَضَائِهِ دَافِعٌ، وَلَا لِعَطَائِهِ مَانِعٌ، وَلَا كَصُنْعِهِ صُنْعُ صَانِعٍ، وَهُوَ الْجَوَادُ الْوَاسِعُ، فَطَرَ أَجْنَاسَ الْبَدَائِعِ، وَأَتْقَنَ بِحِكْمَتِهِ الصَّنَائِعَ، لَا يَخْفَى عَلَيْهِ الطَّلَائِعُ، وَلَا تَضِيعُ عِنْدَهُ الْوَدَائِعُ، جازي كلّ صانعٍ، ورايش[1] كلّ قانع، وراحم كلّ ضارع، ومنزل المنافع، وِالْكِتَابِ الْجَامِعِ، بالنُّورِ السَّاطِعِ، وَهُوَ لِلدَّعَوَاتِ سَامِعٌ، وَلِلْكُرُبَاتِ دَافِعٌ وَلِلدَّرَجَاتِ رَافِعٌ، وَلِلْجَبَابِرَةِ قَامِعُ، فَلَا إِلَهَ غَيْرُهُ، وَلَا شَيْءَ يَعْدِلُهُ، وَلَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ، اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ، وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.
اللَّهُمَّ إِنِّي أَرْغَبُ إِلَيْكَ وَأَشْهَدُ بِالرُّبُوبِيَّةِ لَكَ، مُقِرّاً بِأَنَّكَ رَبِّي، وَأَنَّ إِلَيْكَ مَرَدِّي، ابْتَدَأْتَنِي بِنِعْمَتِكَ قَبْلَ أَنْ أَكُونَ شَيْئاً مَذْكُوراً، وَخَلَقْتَنِي مِنَ التُّرَابِ، ثُمَّ أَسْكَنْتَنِي الْأَصْلَابَ، آمِناً لِرَيْبِ الْمَنُونِ، وَاخْتِلَافِ الدُّهُورِ والسنين، فَلَمْ أَزَلْ ظَاعِناً مِنْ صُلْبٍ إِلَى رَحِمٍ، فِي تَقَادُمِ الْأَيَّامِ الْمَاضِيَةِ، وَالْقُرُونِ الْخَالِيَةِ، لَمْ تُخْرِجْنِي لِرَأْفَتِكَ بِي، وَلُطْفِكَ لِي، وَإِحْسَانِكَ إِلَيَّ، فِي دَوْلَةِ أئمّة الكفر، الَّذِينَ نَقَضُوا عَهْدَكَ، وَكَذَّبُوا رُسُلَكَ، لَكِنَّكَ أَخْرَجْتَنِي لِلَّذِي سَبَقَ لِي مِنَ الْهُدَى الَّذِي يَسَّرْتَنِي وَفِيهِ أَنْشَأْتَنِي، وَمِنْ قَبْلِ ذَلِكَ رَؤُفْتَ بِي بِجَمِيلِ صُنْعِكَ، وَسَوَابِغِ نِعْمَتِكَ، فَابْتَدَعْتَ خَلْقِي مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى، وأَسْكَنْتَنِي فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ، بَيْنَ لَحْمٍ وَدم وجِلْدٍ، لَمْ تشهدني ِخَلْقِي، وَلَمْ تَجْعَلْ إِلَيَّ شَيْئاً مِنْ أَمْرِي، ثُمَّ أَخْرَجْتَنِي للّذي سبق لي من الهدى إلى الدّنيا تَامّاً سَوِيّاً، وَحَفِظْتَنِي فِي الْمَهْدِ طِفْلًا صَبِيّاً، وَرَزَقْتَنِي مِنَ الْغِذَاءِ لَبَناً مَرِيّاً، وعَطَفْتَ عَلَي قُلُوبِ الْحَوَاضِنِ، وَكَفَّلْتَنِي الْأُمَّهَاتِ الرَّواحم، وَكَلَأْتَنِي مِنْ طَوَارِقِ الْجَانِّ، وَسَلَّمْتَنِي مِنَ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ، فَتَعَالَيْتَ يَا رَحِيمُ يَا رَحْمَنُ، حَتَّى إِذَا اسْتَهْلَلْتُ نَاطِقاً بِالْكَلَامِ، أَتْمَمْتَ عَلَيَّ سَوَابِغَ الْإِنْعَامَ، وَرَبَّيْتَنِي زَائِداً فِي كُلِّ عَامٍ، حَتَّى إِذَا اكَتملت فِطْرَتِي، وَاعْتَدَلَتْ مِرَّتِي[2]، أَوْجَبْتَ عَلَيَّ حُجَّتَكَ بِأَنْ أَلْهَمْتَنِي مَعْرِفَتَكَ، وَرَوَّعْتَنِي بِعَجَائِبِ حكمتك، وَأيقظتني لِمَا ذَرَأْتَ فِي سَمَائِكَ وَأَرْضِكَ مِنْ بَدَائِعِ خَلْقِكَ، وَنَبَّهَتْنِي لشكرِكَ وذِكْرِكَ، وَأوجبت عليَّ طَاعَتِكَ وَعِبَادَتِكَ، وَفَهَّمْتَنِي مَا جَاءَتْ بِهِ رُسُلُكَ، وَيَسَّرْتَ لِي تَقَبُّلَ مَرْضَاتِكَ، وَمَنَنْتَ عَلَيَّ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ بِعَوْنِكَ وَلُطْفِكَ، ثُمَّ إِذْ خَلَقْتَنِي مِنْ خير الثَّرَى، لَمْ تَرْضَ لِي يَا إِلَهِي نعمةً دُونَ أُخْرَى، وَرَزَقْتَنِي مِنْ أَنْوَاعِ الْمَعَاشِ، وَصُنُوفِ الرِّيَاشِ، بِمَنِّكَ الْعَظِيمِ الأعظمِ عَلَيَّ، وَإِحْسَانِكَ الْقَدِيمِ إِلَيَّ، حَتَّى إِذَا أَتْمَمْتَ عَلَيَّ جَمِيعَ النِّعَمِ، وَصَرَفْتَ عَنِّي كُلَّ النِّقَمِ، لَمْ يَمْنَعْكَ جَهْلِي وَجُرْأَتِي عَلَيْكَ، أَنْ دَلَلْتَنِي إلى مَا يُقَرِّبُنِي إِلَيْكَ، وَوَفَّقْتَنِي لِمَا يُزْلِفُنِي لَدَيْكَ، فَإِنْ دَعَوْتُكَ أَجَبْتَنِي، وَإِنْ سَأَلْتُكَ أَعْطَيْتَنِي، وَإِنْ أَطَعْتُكَ شَكَرْتَنِي، وَإِنِ شَكَرْتَنِي زِدْتَنِي، كُلُّ ذَلِكَ إِكْمَالًا لِأَنْعُمِكَ عَلَيَّ وَإِحْسَاناً إِلَيَّ، فَسُبْحَانَكَ سُبْحَانَكَ مِنْ مُبْدِئٍ مُعِيدٍ، حَمِيدٍ مَجِيدٍ، وَتَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُكَ، وَعَظُمَتْ آلَاؤُكَ، فَأَيُّ نعمِكَ يَا إِلَهِي أُحْصِي عَدَداً وذِكْراً، أَمْ أَيُّ عَطَاياكَ أَقُومُ بِهَا شُكْراً، وَهِيَ يَا رَبِّ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُحْصِيَهَا الْعَادُّونَ، أَوْ يَبْلُغَ عِلْماً بِهَا الْحَافِظُونَ، ثُمَّ مَا صَرَفْتَ وَدَرَأْتَ عَنِّي اللَّهُمَّ مِنَ الضُّرِّ وَالضَّرَّاءِ، أَكْثَرُ مِمَّا ظَهَرَ لِي مِنَ الْعَافِيَةِ وَالسَّرَّاءِ، وَأَنَا أشْهدُ يَا إِلَهِي بِحَقِيقَةِ إِيمَانِي، وَعَقْدِ عَزَمَاتِ يَقِينِي، وَخَالِصِ صَرِيحِ تَوْحِيدِي، وَبَاطِنِ مَكْنُونِ ضَمِيرِي، وَعَلَائِقِ مَجَارِي نُورِ بَصَرِي، وَأَسَارِيرِ[3] صَفْحَةِ جَبِينِي، وَخُرْقِ مَسَارِبِ نَفْسِي، وَخَذَارِيفِ مَارِنِ عِرْنِينِي[4]، وَمَسَارِبِ صِمَاخِ سَمْعِي[5]، وَمَا ضَمَّتْ وَأَطْبَقَتْ عَلَيْهِ شَفَتَايَ، وَحَرَكَاتِ لَفْظِ لِسَانِي، وَمَغْرَزِ حَنَكِ فَمِي وَفَكِّي، وَمَنَابِتِ أَضْرَاسِي، وَمَسَاغِ مَطْعَمِي وَمَشْرَبِي، وَحِمَالَةِ أُمِّ رَأْسِي، وَبُلُوغِ حَبَائِلِ بَارِعِ عُنُقِي، وَمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ تَامُورُ[6] صَدْرِي، وحمائل حبل وتيني[7]، وَنِيَاطُ[8] حِجَابِ قَلْبِي، وَأَفْلَاذُ حَوَاشِي كَبِدِي، وَمَا حَوَتْهُ شَرَاسِيفُ[9] أَضْلَاعِي، وَحِقَاقِ مَفَاصِلِي، وَقَبْضِ عَوَامِلِي، وأَطْرَافِ أَنَامِلِي، ولحمي وَدَمِي، وَشَعْرِي، وَبَشَرِي، وَعَصَبِي، وَقَصَبِي، وَعِظَامِي، وَمُخِّي، وَعُرُوقِي، وَجَمِيعُ جَوَارِحِي، وَمَا انْتَسَجَ عَلَى ذَلِكَ أَيَّامُ رَضَاعِي، وَمَا أَقَلَّتِ الْأَرْضُ مِنِّي، وَنَوْمِي وَيَقَظَتِي، وَسُكُونِي وَحَرَكَات رُكُوعِي وَسُجُودِي، أَنْ لَوْ حَاوَلْتُ وَاجْتَهَدْتُ مَدَى الْأَعْصَارِ وَالْأَحْقَابِ لَوْ عُمِّرْتُهَا، أَنْ أُؤَدِّيَ شُكْرَ وَاحِدَةٍ مِنْ أَنْعُمِكَ مَا اسْتَطَعْتُ ذَلِكَ، إِلَّا بِمَنِّكَ الْمُوجِبِ عَلَيَّ به شُكْرَكَ أبداً جَدِيداً، وَثَنَاءً طَارِف[10] عَتِيداً. أجل، وَلَوْ حَرَصْتُ أنا وَالْعَادُّونَ مِنْ أَنَامِكَ أَنْ نُحْصِيَ مَدَى إِنْعَامِكَ سَالِفَةً وَآنِفَةً، ما حَصَرْنَاهُ عَدَداً، وَلَا أَحْصَيْنَاهُ أَمداً. هَيْهَاتَ أَنَّى ذَلِكَ، وَأَنْتَ الْمُخْبِرُ في كتابِكَ النّاطقِ، وَالنَّبَأ الصَّادِقِ: {وإنْ تعدُّوا نعمةَ الله لا تُحْصُوهَا}. صدق كتابُكَ، اللّهمّ وإنباؤك، وَبَلَّغَتْ أَنْبِيَاؤُكَ وَرُسُلُكَ مَا أَنْزَلْتَ عَلَيْهِمْ مِنْ وَحْيِكَ، وَشَرَعْتَ لَهُمْ وبهم مِنْ دِينِكَ، غَيْرَ أَنِّي أَشْهَدُ بِجهدِي وَجَدّي، وَمَبَلغِ طَاقَتِي وَوُسْعِي، وَأَقُولُ مُؤْمِناً مُوقِناً: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً فَيَكُونَ مَوْرُوثاً، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي ملكِهِ فَيُضَادَّهُ فِيمَا ابْتَدَعَ، وَلَا وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ فَيُرْفِدَهُ فِيمَا صَنَعَ، فسُبْحَانَهُ سُبْحَانَهُ، لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا وَتَفَطَّرَتَ[11]، سُبْحَانَ اللَّهِ الْوَاحِدِ الْأَحَدِ الصَّمَدِ، الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ.
الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْداً يَعْادِلُ حَمْدَ مَلَائِكَتِهِ الْمُقَرَّبِينَ، وَأَنْبِيَائِهِ الْمُرْسَلِينَ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى خِيَرَتِهِ مُحَمَّدٍ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ، وَآلِهِ الطيّبينَ الطَّاهِرِينَ الْمُخْلَصِينَ وسلّم.
اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي أَخْشَاكَ كَأَنِّي أَرَاكَ، وَأَسْعِدْنِي بِتَقْوَاكَ، وَلَا تُشْقِنِي بِمَعْصِيَتِكَ، وَخِرْ لِي فِي قَضَائِكَ، وَبَارِكْ لِي فِي قَدَرِكَ، حَتَّى لَا أُحِبَّ تَعْجِيلَ مَا أَخَّرْتَ، وَلَا تَأْخِيرَ مَا عَجَّلْتَ.
اللَّهُمَّ اجْعَلْ غِنَايَ فِي نَفْسِي، وَالْيَقِينَ فِي قَلْبِي، وَالْإِخْلَاصَ فِي عَمَلِي، وَالنُّورَ فِي بَصَرِي، وَالْبَصِيرَةَ فِي دِينِي، وَمَتِّعْنِي بِجَوَارِحِي، وَاجْعَلْ سَمْعِي وَبَصَرِي الْوَارِثَيْنِ مِنِّي، وَانْصُرْنِي عَلَى مَنْ ظَلَمَنِي، وَأرني فيه ثاري ومآربي، وَأَقِرَّ بِذَلِكَ عَيْنِي.
اللَّهُمَّ اكْشِفْ كُرْبَتِي، وَاسْتُرْ عَوْرَتِي، وَاغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي، وَاخْسَأْ شَيْطَانِي، وَفُكَّ رِهَانِي، وَاجْعَلْ لِي يَا إِلَهِي الدَّرَجَةَ الْعُلْيَا فِي الْآخِرَةِ وَالْأُولَى.
اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ كَمَا خَلَقْتَنِي فَجَعَلْتَنِي سَمِيعاً بَصِيراً، وَلَكَ الْحَمْدُ كَمَا خَلَقْتَنِي فَجَعَلْتَنِي خلقاً سَوِيّاً رَحْمَةً بِي وَقد كُنْتَ عَنْ خَلْقِي غَنِيّاً، رَبِّ بِمَا بَرَأْتَنِي فَعَدَّلْتَ فِطْرَتِي، رَبِّ بِمَا أَنْشَأْتَنِي فَأَحْسَنْتَ صُورَتِي، رَبِّ بِمَا أَحْسَنْتَ إليّ وَفِي نَفْسِي عَافَيْتَنِي، رَبِّ بِمَا كَلَأْتَنِي وَوَفَّقْتَنِي، رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَهَدَيْتَنِي، رَبِّ بِمَا أوليْتَني وَمِنْ كُلِّ خَيْرٍ أَعْطَيْتَنِي، رَبِّ بِمَا أَطْعَمْتَنِي وَسَقَيْتَنِي، رَبِّ بِمَا أَغْنَيْتَنِي وَأَقْنَيْتَنِي، رَبِّ بِمَا أَعَنْتَنِي وَأَعْزَزْتَنِي، رَبِّ بِمَا أَلْبَسْتَنِي مِنْ سترك الصَّافِي، وَيَسَّرْتَ لِي مِنْ صُنْعِكَ الْكَافِي، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَعِنِّي عَلَى بَوَائِقِ[12] الدَّهْورِ، وَصُرُوفِ اللَّيَالِي والْأَيَّامِ، وَنَجِّنِي مِنْ أَهْوَالِ الدُّنْيَا وَكُرُبَاتِ الْآخِرَةِ، وَاكْفِنِي شَرَّ مَا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ فِي الْأَرْضِ.
اللَّهُمَّ مَا أَخَافُ فَاكْفِنِي، وَمَا أَحْذَرُ فَقِنِي، وَفِي نَفْسِي وَدِينِي فَاحْرُسْنِي، وَفِي سَفَرِي فَاحْفَظْنِي، وَفِي أَهْلِي وَمَالِي فَاخْلُفْنِي، وَفِيمَا رَزَقْتَنِي فَبَارِكْ لِي، وَفِي نَفْسِي فَذَلِّلْنِي، وَفِي أَعْيُنِ النَّاسِ فَعَظِّمْنِي، وَمِنْ شَرِّ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فَسَلِّمْنِي، وَبِذُنُوبِي فَلَا تَفْضَحْنِي، وَبِسَرِيرَتِي فَلَا تُخْزِنِي، وَبِعَمَلِي فَلَا تَبْتَلِنِي، وَنِعَمَكَ فَلَا تَسْلُبْنِي، وَإِلَى غَيْرِكَ فَلَا تَكِلْنِي. إلهي إِلَى مَنْ تَكِلُنِي؛ إِلَى قَرِيبٍ فيَقْطَعُنِي، أَمْ إِلَى بَعِيدٍ فيَتَجَهَّمُنِي، أَمْ إِلَى الْمُسْتَضْعِفِينَ لِي وَأَنْتَ رَبِّي وَمَلِيكُ أَمْرِي، أَشْكُو إِلَيْكَ غُرْبَتِي وَبُعْدَ دَارِي وَهَوَانِي عَلَى مَنْ مَلَّكْتَهُ أَمْرِي.
إلهي! فَلَا تُحْلِلْ عليَّ غَضَبَكَ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ غَضِبْتَ عَلَيَّ فَلَا أُبَالِي سِوَاكَ، غَيْرَ أَنَّ عَافِيَتَكَ أَوْسَعُ لِي. فَأَسْأَلُكَ يا ربّ بِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ الْأَرْضُ وَالسَّمَاوَاتُ، وَكشفت بِهِ الظُّلُمَاتُ، وَصَلحَ به أَمْرُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، أَنْ لَا تُمِيتَنِي عَلَى غَضَبِكَ، وَلَا تُنْزِلَ بِي سَخَطَكَ، لَكَ الْعُتْبَى حَتَّى تَرْضَى قَبْلَ ذَلِكَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ رَبُّ الْبَلَدِ الْحَرَامِ، وَالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ، وَالْبَيْتِ الْعَتِيقِ الَّذِي أَحْلَلْتَهُ الْبَرَكَةَ، وَجَعَلْتَهُ لِلنَّاسِ أَمَناً.
يَا مَنْ عَفَا عَنِ عَظِيمِ الذُّنُوبِ بِحِلْمِهِ، يَا مَنْ أَسْبَغَ النّعْمَاء بِفَضْلِهِ، يَا مَنْ أَعْطَى الْجَزِيلَ بِكَرَمِهِ، يَا عُدَّتِي فِي شدّتي، يَا صاحبي فِي وحدتي، يَا غياثي في كربتي، يا وَلِيّي في نِعْمَتِي، يَا إِلَهِي وَإِلَهَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ، وَرَبَّ جَبْرَئِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ، وَرَبَّ مُحَمَّدٍ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ، وَآلِهِ الْمُنْتَجَبِينَ، وَمُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ وَالفرقان، وَمُنْزِلَ كهيعص وَطه وَيس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ، أَنْتَ كَهْفِي حِينَ تُعْيِينِي الْمَذَاهِبُ فِي سَعَتِهَا، وَتَضِيقُ بيَ الْأَرْضُ بِرُحْبِهَا، وَلَوْلَا رَحْمَتُكَ لَكُنْتُ مِنَ الْهالكين، وَأَنْتَ مقيل عثرتي، ولولا سترُكَ إيّايَ لكنْتُ من المفضوحين، وأنت مؤيّدي بِالنَّصْرِ عَلَى أعدائي، ولَوْلَا نَصْرُكَ إيّايَ لَكُنْتُ مِنَ الْمَغْلُوبِينَ.
يَا مَنْ خَصَّ نَفْسَهُ بِالسُّمُوِّ وَالرِّفْعَةِ، فأَوْلِيَاؤُهُ بِعِزِّهِ يَعْتَزُّونَ، يَا مَنْ جَعَلَتْ لَهُ الْمُلُوكُ نِيرَ الْمَذَلَّةِ عَلَى أَعْنَاقِهِمْ، فَهُمْ مِنْ سَطَوَاتِهِ خَائِفُونَ، يعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ، وَغَيْبَ مَا تَأْتِي بِهِ الْأَزْمنة وَالدُّهُورُ، يَا مَنْ لَا يَعْلَمُ كَيْفَ هُوَ إِلَّا هُوَ، يَا مَنْ لَا يَعْلَمُ مَا هو إِلَّا هُوَ، يَا مَنْ لا يَعْلَمُ ما يعلمُهُ إلا هو، يَا مَنْ كَبَسَ الْأَرْضَ عَلَى الْمَاءِ، وَسَدَّ الْهَوَاءَ بِالسَّمَاءِ، يَا مَنْ لَهُ أَكْرَمُ الْأَسْمَاءِ، يَا ذَا الْمَعْرُوفِ الَّذِي لَا يَنْقَطِعُ أَبَداً، يَا مُقَيِّضَ الرَّكْبِ لِيُوسُفَ فِي الْبَلَدِ الْقَفْرِ، وَمُخْرِجَهُ مِنَ الْجُبِّ، وَجَاعِلَهُ بَعْدَ الْعُبُودِيَّةِ مَلِكاً، يَا رَادَّه عَلَى يَعْقُوبَ بَعْدَ أَنِ ابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ، يَا كَاشِفَ الضُّرِّ وَالْبَلَوى عَنْ أَيُّوبَ، ومُمْسِكَ يَدي إِبْرَاهِيمَ عَنْ ذَبْحِ ابْنِهِ بَعْدَ كِبَرِ سِنِّهِ وَفَنَاءِ عُمُرِهِ، يَا مَنِ اسْتَجَابَ لِزَكَرِيَّا فَوَهَبَ لَهُ يَحْيَى، وَلَمْ يَدَعْهُ فَرْداً وَحِيداً، يَا مَنْ أَخْرَجَ يُونُسَ مِنْ بَطْنِ الْحُوتِ، يَا مَنْ فَلَقَ الْبَحْرَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ، فَأَنْجَاهُمْ، وَجَعَلَ فِرْعَوْنَ وَجُنُودَهُ مِنَ الْمُغْرَقِينَ، يَا مَنْ أَرْسَلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ، يَا مَنْ لَمْ يَعْجَلْ عَلَى مَنْ عَصَاهُ مِنْ خَلْقِهِ، يَا مَنِ اسْتَنْقَذَ السَّحَرَةَ مِنْ بَعْدِ طُولِ الْجُحُودِ، وَقَدْ غَدَوْا فِي نِعْمَتِهِ يَأْكُلُونَ رِزْقَهُ وَيَعْبُدُونَ غَيْرَهُ، وَقَدْ حَادُّوهُ وَنَادُّوهُ[13] وَكَذَّبُوا رُسُلَهُ.
يَا اللَّهُ يَا الله يا بَدِيءُ، يا بديعاً لَا ندّ لك، يَا دَائِماً لَا نَفَادَ لَكَ، يَا حَيّاً حين لا حيّ، يَا مُحِييَ الْمَوْتَى، يَا مَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ، يَا مَنْ قَلَّ لَهُ شُكْرِي فَلَمْ يَحْرِمْنِي، وَعَظُمَتْ خَطِيئَتِي فَلَمْ يَفْضَحْنِي، وَرَآنِي عَلَى الْمَعَاصِي فَلَمْ يَشهرني، يَا مَنْ حَفِظَنِي فِي صِغَرِي، يَا مَنْ رَزَقَنِي فِي كِبَرِي، يَا مَنْ أَيَادِيهِ عِنْدِي لَا تُحْصَى، ونِعَمُهُ لَا تُجَازَى، يَا مَنْ عَارَضَنِي بِالْخَيْرِ وَالْإِحْسَانِ، وَعَارَضْتُهُ بِالْإِسَاءَةِ وَالْعِصْيَانِ، يَا مَنْ هَدَانِي للإيمَانِ من قَبْلَ أَنْ أَعْرِفَ شُكْرَ الِامْتِنَانِ، يَا مَنْ دَعَوْتُهُ مَرِيضاً فَشَفَانِي، وَعُرْيَاناً فَكَسَانِي، وَجَائِعاً فَأَشبعني، وَعَطْشَاناً فَأَرْوَانِي، وَذَلِيلًا فَأَعَزَّنِي، وَجَاهِلًا فَعَرَّفَنِي، وَوَحِيداً فَكَثَّرَنِي، وَغَائِباً فَرَدَّنِي، وَمُقِلًّا فَأَغْنَانِي، وَمُنْتَصِراً فَنَصَرَنِي، وَغَنِيّاً فَلَمْ يَسْلُبْنِي، وَأَمْسَكْتُ عَنْ جَمِيعِ ذَلِكَ فَابْتَدَأَنِي، فَلَكَ الْحَمْدُ والشّكرُ يَا مَنْ أَقَالَ عَثْرَتِي، وَنَفَّسَ كُرْبَتِي، وَأَجَابَ دَعْوَتِي، وَسَتَرَ عَوْرَتِي وَغفر ذُنُوبِي، وَبَلَّغَنِي طَلِبَتِي، وَنَصَرَنِي عَلَى عَدُوِّي، وَإِنْ أَعُدَّ نِعَمَكَ وَمِنَنَكَ وَكَرَائِمَ مِنَحِكَ لَا أُحْصِيهَا.
يَا مَوْلَايَ، أَنْتَ الَّذِي أَنْعَمْتَ، أَنْتَ الَّذِي أَحْسَنْتَ، أَنْتَ الَّذِي أَجْمَلْتَ، أَنْتَ الَّذِي أَفْضَلْتَ، أَنْتَ الَّذِي أَكْمَلْتَ، أَنْتَ الَّذِي رَزَقْت، أَنْتَ الَّذِي أَعْطَيْتَ، أَنْتَ الَّذِي أَغْنَيْتَ، أَنْتَ الَّذِي أَقْنَيْتَ[14]، أَنْتَ الَّذِي آوَيْتَ، أَنْتَ الَّذِي كَفَيْتَ، أَنْتَ الَّذِي هَدَيْتَ، أَنْتَ الَّذِي عَصَمْتَ، أَنْتَ الَّذِي سَتَرْتَ، أَنْتَ الَّذِي غَفَرْتَ، أَنْتَ الَّذِي أَقَلْتَ، أَنْتَ الَّذِي مَكَّنْتَ، أَنْتَ الَّذِي أَعْزَزْتَ، أَنْتَ الَّذِي أَعَنْتَ، أَنْتَ الَّذِي عَضَدْتَ، أَنْتَ الَّذِي أَيَّدْتَ، أَنْتَ الَّذِي نَصَرْتَ، أَنْتَ الَّذِي شَفَيْتَ، أَنْتَ الَّذِي عَافَيْتَ، أَنْتَ الَّذِي أَكْرَمْتَ، أنت الّذي تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ، فَلَكَ الْحَمْدُ دَائِماً، وَلَكَ الشُّكْرُ وَاصِباً أبداً.
ثُمَّ أَنَا يَا إِلَهِي الْمُعْتَرِفُ بِذُنُوبِي فَاغْفِرْهَا لِي، أَنَا الَّذِي أسأت، أنا الّذي أَخْطَأْتُ، أَنَا الَّذِي جَهِلْتُ، أَنَا الَّذِي غفَلْتُ، أَنَا الَّذِي سَهَوْتُ، أَنَا الَّذِي اعْتَمَدْتُ، أَنَا الَّذِي تَعَمَّدْتُ، أَنَا الَّذِي وَعَدْتُ، أَنَا الَّذِي أَخْلَفْتُ، أَنَا الَّذِي نَكَثْتُ، أَنَا الَّذِي أَقْرَرْتُ.
أنا الّذي اعترفت بِنِعْمَتِكَ عِليَّ وعنْدِي، وَأَبُوءُ بِذُنُوبِي فَاغْفِرها لِي، يَا مَنْ لَا تَضُرُّهُ ذُنُوبُ عِبَادِهِ، وَهُوَ الْغَنِيُّ عَنْ طَاعَتِهِمْ، وَالْمُوَفِّقُ مَنْ عَمِلَ صَالِحاً منهم ِبمَعُونَتِهِ وَرَحْمَتِهِ، فَلَكَ الْحَمْدُ إِلَهِي وسيّدي، أَمَرْتَنِي فَعَصَيْتُكَ، وَنَهَيْتَنِي فَارْتَكَبْتُ نَهْيَكَ، فَأَصْبَحْتُ لَا ذَا بَرَاءَةٍ فَأَعْتَذِرَ، وَلَا ذَا قُوَّةٍ فَأَنْتَصِرَ، فَبِأَيِّ شَيْءٍ أَسْتَقْبِلُكَ يَا مَوْلَايَ، أَبِسَمْعِي أَمْ بِبَصَرِي أَمْ بِلِسَانِي أَمْ بيدي أم بِرِجْلِي، أَلَيْسَ كُلُّهَا نِعَمَكَ عِنْدِي، وَبِكُلِّهَا عَصَيْتُكَ، يَا مَوْلَايَ فَلَكَ الْحُجَّةُ وَالسَّبِيلُ عَلَيَّ، يَا مَنْ سَتَرَنِي مِنَ الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ أَنْ يَزْجُرُونِي، وَمِنَ الْعَشَائِرِ وَالْإِخْوَانِ أَنْ يُعَيِّرُونِي، وَمِنَ السَّلَاطِينِ أَنْ يُعَاقِبُونِي، وَلَوِ اطَّلَعُوا يَا مَوْلَايَ عَلَى مَا اطَّلَعْتَ عَلَيْهِ مِنِّي إِذًا مَا أَنْظَرُونِي، وَلَرَفَضُونِي وَقَطَعُونِي، فَهَا أَنَا ذَا إلهي بَيْنَ يَدَيْكَ يَا سَيِّدِي، خَاضِعٌ ذَلِيلٌ حصيرٌ حَقِيرٌ، لَا ذُو بَرَاءَةٍ فَأَعْتَذِرَ، وَلَا ذو قُوَّةٍ فَأَنْتَصِرَ، وَلَا حُجَّةَ فَأَحْتَجَّ بِهَا، وَلَا قَائِلٌ لَمْ أَجْتَرِحْ وَلَمْ أَعْمَلْ سُوءاً، وَمَا عَسَى الْجُحُودُ لَوْ جَحَدْتُ يَا مَوْلَايَ يَنْفَعُنِي، كَيْفَ وَأَنَّى ذَلِكَ وَجَوَارِحِي كُلُّهَا شَاهِدَةٌ عَلَيَّ بِمَا قَدْ عَملتُ وعلمْتُ، يَقِيناً غَيْرَ ذِي شَكٍّ أَنَّكَ سَائِلِي عَنْ عَظَائِمِ الْأُمُورِ، وَأَنَّكَ الْحَكمُ الْعَدْلُ الَّذِي لَا تجُورُ، وَعَدْلُكَ مُهْلِكِي، وَمِنْ كُلِّ عَدْلِكَ مَهْرَبِي، فَإِنْ تُعَذِّبْنِي يا إلهي، فَبِذُنُوبِي بَعْدَ حُجَّتِكَ عَلَيَّ، وَإِنْ تَعْفُ عَنِّي فَبِحِلْمِكَ وَجُودِكَ وَكَرَمِكَ، لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الْمُسْتَغْفِرِينَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الْمُوَحِّدِينَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الْخائفين، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الوجلين، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الرَّاجِينَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الرَّاغِبِينَ، لا إله إلا أنت سبحانَكَ إنّي كنت من الْمُسَبِّحِينَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سبحانك إنّي كنت من المكبّرين، لا إله إلا أنت سبحانك رَبِّي وَرَبُّ آبَائِيَ الْأَوَّلِينَ.
اللَّهُمَّ هَذَا ثَنَائِي عَلَيْكَ مُمَجِّداً، وَإِخْلَاصِي مُوَحِّداً، وَإِقْرَارِي بِآلَائِكَ مُعِدّداً، وَإِنْ كُنْتُ مُقِرّاً أَنِّي لَا أُحْصِهَا لِكَثْرَتِهَا وَسُبُوغِهَا وَتَظَاهُرِهَا وَتَقَادُمِهَا، إِلَى حَادِثٍ مَا لَمْ تَزَلْ تَتَعهّدني بِهِ مَعَهَا مُذْ خَلَقْتَنِي وَبَرَأْتَنِي مِنْ أَوَّلِ الْعُمُرِ، مِنَ الْإِغْنَاءِ من الْفَقْرِ، وَكَشْفِ الضُّرِّ، وَتَسْبِيبِ الْيُسْرِ، وَدَفْعِ الْعُسْرِ وَتَفْرِيجِ الْكَرْبِ، وَالْعَافِيَةِ فِي الْبَدَنِ، وَالسَّلَامَةِ فِي الدِّينِ، وَلَوْ رَفَدَنِي عَلَى قَدْرِ ذِكْرِ نِعَمتكَ جَمِيعُ الْعَالَمِينَ، مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، مَا قَدَرْتُ وَلَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ، تَقَدَّسْتَ وَتَعَالَيْتَ مِنْ رَبٍّ عَظِيمٍ رَحِيمٍ، لَا تُحْصَى آلَاؤُكَ، وَلَا يُبْلَغُ ثَنَاؤُكَ، وَلَا تكافَأُ نَعْمَاؤُكَ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَتْمِمْ عَلَيْنَا نِعمَكَ، وَأَسْعِدْنَا بِطَاعَتِكَ، سُبْحَانَكَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ.
اللَّهُمَّ إِنَّكَ تُجِيبُ الْمُضْطَرَّ وَتَكْشِفُ السُّوءَ، وَتُغِيثُ الْمَكْرُوبَ، وَتَشْفِي السَّقِيمَ، وَتُغْنِي الْفَقِيرَ، وَتَجْبُرُ الْكَسِيرَ، وَتَرْحَمُ الصَّغِيرَ، وَتُعِينُ الْكَبِيرَ، وَلَيْسَ دُونَكَ ظَهِيرٌ، وَلَا فَوْقَكَ قَدِيرٌ، وَأَنْتَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ.
يَا مُطْلِقَ الْمُكَبَّلِ الْأَسِيرِ، يَا رَازِقَ الطِّفْلِ الصَّغِيرِ، يَا عِصْمَةَ الْخَائِفِ الْمُسْتَجِيرِ، يَا مَنْ لَا شَرِيكَ لَهُ وَلَا وَزِيرَ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَعْطِنِي فِي هَذِهِ الْعَشِيَّةِ أَفْضَلَ مَا أَعْطَيْتَ وَأَنَلْتَ أَحَداً مِنْ عِبَادِكَ، مِنْ نِعْمَةٍ تُولِيهَا، وَآلَاءٍ تُجَدِّدُهَا، وَبَلِيَّةٍ تَصْرِفُهَا، وَكُرْبَةٍ تَكْشِفُهَا، وَدَعْوَةٍ تَسْمَعُهَا، وَحَسَنَةٍ تَتَقَبَّلُهَا، وَسَيِّئَةٍ تَغْفِرُهَا، إِنَّكَ لَطِيفٌ بما تشاء خَبِيرٌ، وَعَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.
اللَّهُمَّ إِنَّكَ أَقْرَبُ مَنْ دُعِيَ، وَأَسْرَعُ مَنْ أَجَابَ، وَأَكْرَمُ مَنْ عَفَا، وَأَوْسَعُ مَنْ أَعْطَى، وَأَسْمَعُ مَنْ سُئِلَ، يَا رَحْمَنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَرَحِيمَهُمَا، لَيْسَ كَمِثْلِكَ مَسْؤولٌ، وَلَا سِوَاكَ مَأْمُولٌ، دَعَوْتُكَ فَأَجَبْتَنِي، وَسَأَلْتُكَ فَأَعْطَيْتَنِي، وَرَغِبْتُ إِلَيْكَ فَرَحِمْتَنِي، وَوَثِقْتُ بِكَ فَنَجَّيْتَنِي، وَفَزِعْتُ إِلَيْكَ فَكَفَيْتَنِي، اللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَنَبِيِّكَ، وَعَلَى آلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ أَجْمَعِينَ، وَتَمِّمْ لَنَا نَعْمَاءَكَ، وَهَنِّئْنَا عَطَاءَكَ، وَاجْعَلْنَا لَكَ شَاكِرِينَ، وَلِآلَائِكَ ذَاكِرِينَ، آمِينَ رَبَّ الْعَالَمِينَ.
اللَّهُمَّ يَا مَنْ مَلَكَ فَقَدَرَ، وَقَدَرَ فَقَهَرَ، وَعُصِيَ فَسَتَرَ، وَاسْتُغْفِرَ فَغَفَرَ، يَا غَايَةَ الطّالبين الرّاغبين، وَمُنْتَهَى أَمَلِ الرَّاجِينَ، يَا مَنْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً، وَوَسِعَ الْمُسْتَقِيلِينَ رَأْفَةً وَحِلْماً.
اللَّهُمَّ إِنَّا نَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ فِي هَذِهِ الْعَشِيَّةِ الَّتِي شَرَّفْتَهَا وَعَظَّمْتَهَا بِمُحَمَّدٍ نَبِيِّكَ وَرَسُولِكَ، وَخِيَرَتِكَ من خلقك، وَأَمِينِكَ عَلَى وَحْيِكَ الْبَشِيرِ النَّذِيرِ، السِّرَاجِ الْمُنِيرِ الَّذِي أَنْعَمْتَ بِهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَجَعَلْتَهُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ.
اللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ محمّد، كَمَا مُحَمَّدٌ أَهْلٌ لذَلِكَ منك، يَا عَظِيمُ فَصَلِّ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِه الْمُنْتَجَبِينَ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ أَجْمَعِينَ، وَتَغَمَّدْنَا بِعَفْوِكَ عَنَّا، فَإِلَيْكَ عَجَّتِ[15] الْأَصْوَاتُ بِصُنُوفِ اللُّغَاتِ، فاجْعَلْ لَنَا اللّهمّ فِي هَذِهِ الْعَشِيَّةِ نَصِيباً من كُلِّ خَيْرٍ تَقْسِمُهُ، وَنُورٍ تَهْدِي بِهِ، وَرَحْمَةٍ تَنْشُرُهَا، وَبَرَكَةٍ تُنْزِلُهَا، وعافيةٍ تجلّلها، وَرِزْقٍ تَبْسُطُهُ، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
اللَّهُمَّ اقْلِبْنَا فِي هَذَا الْوَقْتِ مُنْجِحِينَ مُفْلِحِينَ مَبْرُورِينَ غَانِمِينَ، وَلَا تَجْعَلْنَا مِنَ الْقَانِطِينَ، وَلَا تُخْلِنَا مِنْ رَحْمَتِكَ، وَلَا تَحْرِمْنَا مَا نُؤَمِّلُهُ مِنْ فَضْلِكَ، وَلَا تَجْعَلْنَا مِنْ رَحْمَتِكَ مَحْرُومِينَ وَلَا لِفَضْلِ مَا نُؤَمِّلُهُ مِنْ عَطَائكَ قَانِطِينَ، ولا تردّنا خائبين، ولا من بابِك مطرودين، يَا أَجْوَدَ الْأَجْوَدِينَ، وَيَا أَكْرَمَ الْأَكْرَمِينَ، إِلَيْكَ أَقْبَلْنَا مُوقِنِينَ، وَلِبَيْتِكَ الْحَرَامِ آمِّينَ قَاصِدِينَ، فَأَعِنَّا عَلَى مَناسكنَا، وَأَكْمِلْ لَنَا حَجَّنَا، وَاعْفُ عَنَّا وعافنا، فَقَدْ مَدَدْنَا إِلَيْكَ أَيْدِيَنَا، فهِيَ بِذِلَّةِ الِاعْتِرَافِ مَوْسُومَةٌ.
اللَّهُمَّ فَأَعْطِنَا فِي هَذِهِ الْعَشِيَّةِ مَا سَأَلْنَاكَ، وَاكْفِنَا مَا اسْتَكْفَيْنَاكَ، فَلَا كَافِيَ لَنَا سِوَاكَ، وَلَا رَبَّ لَنَا غَيْرُكَ، نَافِذٌ فِينَا حُكْمُكَ، مُحِيطٌ بِنَا عِلْمُكَ، عَدْلٌ فينا قَضَاؤُكَ، اقْضِ لَنَا الْخَيْرَ، وَاجْعَلْنَا مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ.
اللَّهُمَّ أَوْجِبْ لَنَا بِجُودِكَ عَظِيمَ الْأَجْرِ، وَكَرِيمَ الذُّخْرِ، وَدَوَامَ الْيُسْرِ، واغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا أَجْمَعِينَ، وَلَا تُهْلِكْنَا مَعَ الْهَالِكِينَ، وَلَا تَصْرِفْ عَنَّا رَأْفَتَكَ ورَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا فِي هَذَا الْوَقْتِ مِمَّنْ سَأَلَكَ فَأَعْطَيْتَهُ، وَشَكَرَكَ فَزِدْتَهُ، وَتَابَ إِلَيْكَ فَقَبِلْتَهُ، وَتَنَصَّلَ إِلَيْكَ مِنْ ذُنُوبِهِ كلِّها فَغَفَرْتَهَا لَهُ، يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ.
اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا وَسَدِّدْنَا وَاقْبَلْ تَضَرُّعَنَا، يَا خَيْرَ مَنْ سُئِلَ، وَيَا أَرْحَمَ مَنِ اسْتُرْحِمَ، يَا مَنْ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ إِغْمَاضُ الْجُفُونِ، وَلَا لَحْظُ الْعُيُونِ، وَلا مَا اسْتَقَرَّ فِي الْمَكْنُونِ، وَلَا مَا انْطَوَتْ عَلَيْهِ مُضْمَرَاتُ الْقُلُوبِ، أَلَا كُلُّ ذَلِكَ قَدْ أَحْصَاهُ عِلْمُكَ، وَوَسِعَهُ حِلْمُكَ، سُبْحَانَكَ وَتَعَالَيْتَ عَمَّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ عُلُوّاً كَبِيراً، تُسَبِّحُ لَكَ السَّمَاوَاتُ السّبعُ وَالْأَرْضون وَمَن فِيهِنَّ، وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ، فَلَكَ الْحَمْدُ وَالْمَجْدُ، وَعُلُوُّ الْجَدِّ، يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، وَالْفَضْلِ وَالْإِنْعَامِ، وَالْأَيَادِي الْجِسَامِ، وَأَنْتَ الْجَوَادُ الْكَرِيمُ، الرَّؤوفُ الرَّحِيمُ، أَوْسِعْ عَلَيَّ مِنْ رِزْقِكَ الحلال، وَعَافِنِي فِي بَدَنِي وَدِينِي، وَآمِنْ خَوْفِي، وَأَعْتِقْ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ.
اللَّهُمَّ لَا تَمْكُرْ بِي، وَلَا تَسْتَدْرِجْنِي وَلَا تَخْذُلْنِي، وَادْرَأْ عَنِّي شَرَّ فَسَقَةِ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ".
"يَا أَسْمَعَ السَّامِعِينَ، وَيَا أَبْصَرَ النَّاظِرِينَ، وَيَا أَسْرَعَ الْحَاسِبِينَ، وَيَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، السّادةِ الميامين، وَأَسْأَلُكَ اللَّهُمَّ حَاجَتِيَ الَّتِي إِنْ أَعْطَيْتَنيهَا لَمْ يَضُرَّنِي مَا مَنَعْتَنِي، وَإِنْ مَنَعْتَنِيهَا لَمْ يَنْفَعْنِي مَا أَعْطَيْتَنِي، أَسْأَلُكَ فَكَاكَ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، وَحْدَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ، لَكَ الْمُلْكَ وَلَكَ الْحَمْدُ، وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، يَا رَبِّ، يَا رَبِّ، يَا رَبِّ".
***
[1] رايش: يقال: ارتاش فلان: أي حسنت حاله، والرّيش والرّياش: المال والخصب. .
[2] مرتّي: قوّتي
[3] أسارير: خطوط الجبهة.
[4] خذاريف: جمع خذروف: القطعة. المارن: ما لان من الأنف. العرنين: أوّل الأنف.
[5] الصّماخ: خرق الأذن..
[6] التّامور: الوعاء
[7] الوتين: عرق في القلب يجري منه الدّم إلى سائر العروق.
[8] النّياط: عرق القلب الغليظ الّذي إذا انقطع مات صاحبه.
[9] شراسيف: أطراف الأضلاع الّتي تشرف على البطن.
[10] الطّارف: المستحدث. والعتيد: الجسيم.
[11] تفطّرتا: انشقّتا.
[12] بوائق: جمع بائقة: الشرّ.
[13] حادّوه: عادوه وأغضبوه. نادّوه: أي جعلوا له ندّاً وشريكاً.
[14] أقنيت: أي أعطيت بقدر ما يكفي.
[15] عجّت الأصوات: ارتفعت.
اقرأ المزيد
-
A
+A
ملفات وروابط
- دُعاء الإمام الحسين (ع) في يَوْمِ عَرَفَةَ - بصوت الشيخ موسى الأسدي
الحج
يوم عرفة
الإمام الحسين
دُعاء الإمام علي بن الحسين (ع) في يَوْمِ عَرَفَةَ
دُعاء الإمام الحسين (ع) في يَوْمِ عَرَفَةَ
اخترنا لكم
الحج
دُعاء الإمام علي بن الحسين (ع) في يَوْمِ عَرَفَةَ
الحج
دُعاء الإمام الحسين (ع) في يَوْمِ عَرَفَةَ
الحج
الحجُّ: استجابةٌ لنداءِ اللهِ وملتقى المسلمين
مقالات ذات صلة
كتب للمطالعة
المبحث الأول: في التعريف والأسباب
كتب للمطالعة
كتاب فقه الشريعة - الحزء الثالث
أرشيف خطب الجمعة عام 1996
أسلوبُ الدَّعوةِ بين الكلمةِ الطيّبةِ والجدالِ بالأحسن
بالفيديو
18.03.2025
ليلة القدر: ليلة السلام والأسرار الإلهية
11.03.2025
الصَّومُ في شهرِ رمضانَ وسيلةٌ لبلوغِ التَّقوى وتقويةِ الإرادة
09.03.2025
تحكيم العقلُ في اختيارِ الأولويَّاتِ بينَ ما يبقى وما يفنى
07.03.2025
شهرُ رمضانَ: شهرُ التَّفكُّرِ والتَّدبُّرِ في آياتِ الله
03.03.2025
شهرُ رمضان فرصة لإدراكِ معنى العبوديَّةِ الواعيةِ لله
26.12.2024
درّبوا أنفسكم وأولادكم على ثقافة الإبداع
21.11.2024
دعاء المجير
04.10.2024
أوبريت: رحل السيد
03.10.2024
نشيد وداع السيد : وينو الحبيب ...
نسخ الآية
نُسِخ!
تفسير الآية