س: ورد في دعاء كميل: "اللَّهم اغفر لي الذّنوب الَّتي تهتك العصم، اللَّهم اغفر لي الذّنوب الَّتي تنزل النّقم، اللَّهم اغفر لي الذّنوب الَّتي تُغيّر النّعم". ما معنى هذه الأشكال من الذّنوب؟
ج: هذا باعتبار أنَّ للذّنوب آثاراً متنوّعة تُصيب الإنسان في دنياه وآخرته، فهناك الذّنوب الَّتي تهتك العصم، وهي الَّتي تمسّ حصانة الإنسان الإيمانيَّة، وتضعف قوَّة اعتصامه بالله، مثل الذّنوب الفاحشة، كالزّنا، واللّواط، وما إلى ذلك.
أمّا الذّنوب الَّتي تنزل النّقم، فهي من قبيل الظّلم، لأنَّ الله سبحانه وتعالى ينتصر للمظلوم من ظالمه.
وأمَّا الذّنوب الَّتي تغيّر النّعم، فهي المعاصي الَّتي تسلب النَّاس ما أنعم الله به عليهم {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ}[الرَّعد: 11]، كما عندما تنتشر بين النَّاس مظاهر الفساد، من غشّ، وأكلٍ للأموال بالباطل، وتجاوزٍ للحقوق... فتأثير هذه الذّنوب أنّها تغيّر النّعم، فتُرفَع عن النّاس بقدر ما أحدثت أيديهم من سوء، وهو ما تشير إليه الآية: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}[الروم: 41] .
وأمّا الذّنوب الَّتي تحبس الدّعاء، فقد ورد عندنا في بعض الأحاديث، أنَّ مما يحبس الدّعاء هو الكلام الفاحش، يعني عندما يكون لسان الإنسان قذراً، ويتكلَّم بالفحشاء مع أهله وأولاده أو مع النَّاس، فيفقد بذلك صفاءه، وتُحجَب عنه الاستجابة.
ويُنقَل في هذه المناسبة أنَّ عابداً من عبَّاد بني إسرائيل كان متزوّجاً، ومرّت سنوات على زواجه ولم ينجب ولداً، فساءت حالته النَّفسيَّة، "فَلَمَّا رَأَى أَنَّ اللَّهَ لَا يُجِيبُهُ، قَالَ: يَا رَبِّ، أَبْعِيدٌ أَنَا مِنْكَ فَلَا تَسْمَعُنِي، أَمْ قَرِيبٌ فَلَا تُجِيبُنِي؟ فَأَتَاهُ آتٍ فِي مِنَامِهِ، قَالَ: إِنَّكَ تَدْعُو اللَّهَ... بِلِسَانٍ بَذِيءٍ، وَقَلْبٍ عَاتٍ غَيْر نَقِيٍّ، وَنِيَّةٍ غَيْر صَافِيَةٍ، فَأَقْلَعْ عَنْ بَذَائِكَ، وَلْيَتَّقِ اللَّهَ قَلْبُكَ، وَلْتُحَسِّنْ نِيَّتَكَ، فَفَعَلَ الرَّجُلُ ذَلِكَ عَامًا، فَوُلِدَ لَهُ غُلَامٌ"(1)، بعد أن نظَّف لسانه، وصفَّى نيَّته ...
أمَّا الذّنوب الَّتي تنزل البلاء، فهي كثيرة، كما في قضيَّة الظُّلم، وقضيَّة التَّفرقة، وقضيَّة التَّنازع، وقضيَّة الفتن الّتي تحصل بين النَّاس، وكما في الغيبة، والنَّميمة... وأمَّا الَّتي تقطع الرّجاء، فكما في اليأس، وهكذا...
فهذه الذّنوب كلّها تؤثّر في الإنسان؛ في حبس الدّعاء، ونزول البلاء، وقطع الرَّجاء، والله العالم.
***
1- الكافي، الشيخ الكليني، ج2، ص 325.
* من أسئلة عقب المحاضرة 3-8-2002 م
س: ورد في دعاء كميل: "اللَّهم اغفر لي الذّنوب الَّتي تهتك العصم، اللَّهم اغفر لي الذّنوب الَّتي تنزل النّقم، اللَّهم اغفر لي الذّنوب الَّتي تُغيّر النّعم". ما معنى هذه الأشكال من الذّنوب؟
ج: هذا باعتبار أنَّ للذّنوب آثاراً متنوّعة تُصيب الإنسان في دنياه وآخرته، فهناك الذّنوب الَّتي تهتك العصم، وهي الَّتي تمسّ حصانة الإنسان الإيمانيَّة، وتضعف قوَّة اعتصامه بالله، مثل الذّنوب الفاحشة، كالزّنا، واللّواط، وما إلى ذلك.
أمّا الذّنوب الَّتي تنزل النّقم، فهي من قبيل الظّلم، لأنَّ الله سبحانه وتعالى ينتصر للمظلوم من ظالمه.
وأمَّا الذّنوب الَّتي تغيّر النّعم، فهي المعاصي الَّتي تسلب النَّاس ما أنعم الله به عليهم {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ}[الرَّعد: 11]، كما عندما تنتشر بين النَّاس مظاهر الفساد، من غشّ، وأكلٍ للأموال بالباطل، وتجاوزٍ للحقوق... فتأثير هذه الذّنوب أنّها تغيّر النّعم، فتُرفَع عن النّاس بقدر ما أحدثت أيديهم من سوء، وهو ما تشير إليه الآية: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}[الروم: 41] .
وأمّا الذّنوب الَّتي تحبس الدّعاء، فقد ورد عندنا في بعض الأحاديث، أنَّ مما يحبس الدّعاء هو الكلام الفاحش، يعني عندما يكون لسان الإنسان قذراً، ويتكلَّم بالفحشاء مع أهله وأولاده أو مع النَّاس، فيفقد بذلك صفاءه، وتُحجَب عنه الاستجابة.
ويُنقَل في هذه المناسبة أنَّ عابداً من عبَّاد بني إسرائيل كان متزوّجاً، ومرّت سنوات على زواجه ولم ينجب ولداً، فساءت حالته النَّفسيَّة، "فَلَمَّا رَأَى أَنَّ اللَّهَ لَا يُجِيبُهُ، قَالَ: يَا رَبِّ، أَبْعِيدٌ أَنَا مِنْكَ فَلَا تَسْمَعُنِي، أَمْ قَرِيبٌ فَلَا تُجِيبُنِي؟ فَأَتَاهُ آتٍ فِي مِنَامِهِ، قَالَ: إِنَّكَ تَدْعُو اللَّهَ... بِلِسَانٍ بَذِيءٍ، وَقَلْبٍ عَاتٍ غَيْر نَقِيٍّ، وَنِيَّةٍ غَيْر صَافِيَةٍ، فَأَقْلَعْ عَنْ بَذَائِكَ، وَلْيَتَّقِ اللَّهَ قَلْبُكَ، وَلْتُحَسِّنْ نِيَّتَكَ، فَفَعَلَ الرَّجُلُ ذَلِكَ عَامًا، فَوُلِدَ لَهُ غُلَامٌ"(1)، بعد أن نظَّف لسانه، وصفَّى نيَّته ...
أمَّا الذّنوب الَّتي تنزل البلاء، فهي كثيرة، كما في قضيَّة الظُّلم، وقضيَّة التَّفرقة، وقضيَّة التَّنازع، وقضيَّة الفتن الّتي تحصل بين النَّاس، وكما في الغيبة، والنَّميمة... وأمَّا الَّتي تقطع الرّجاء، فكما في اليأس، وهكذا...
فهذه الذّنوب كلّها تؤثّر في الإنسان؛ في حبس الدّعاء، ونزول البلاء، وقطع الرَّجاء، والله العالم.
***
1- الكافي، الشيخ الكليني، ج2، ص 325.
* من أسئلة عقب المحاضرة 3-8-2002 م