تفسير
25/01/2024

s-2-a-161-162

s-2-a-161-162

‏ ‏

‏ الكُفر ليس موقفًا فكريًّا ‏

‏إنّ الكفر - في نظر الإسلام - لا يرتكز على حجّةٍ، بل يمكن أن يخضع في بعض الحالات إلى شبهةٍ طارئةٍ، أو شكٍّ سريعٍ، ممّا يمكن معه الوصول إلى قناعةٍ تزيل الشُّبهة وتذهب بالشّكِّ؛ وذلك من خلال الفكر الهادئ العميق، والحجّة العقليّة القويّة. وفي ضوء ذلك يُعتبر الكافرون الّذين يستمرُّون على الكفر حتّى يموتوا، من المعاندين المتمرِّدين الّذين لا يريدون أن يواجهوا القضيّة من موقع البحث والتّحليل الّذي يقود إلى الإيمان؛ لأنّهم لا يشعرون بأهمِّيّة قضيّة الإيمان والكفر في حياتهم. ‏

‏ثمّ إنّ هذه القضيّة من القضايا الّتي تتّصل بموقف الإنسان من الله خالق الحياة في الكون والإنسان، وبشكر نعمه من خلال السّير في خطِّه المستقيم، وليست من القضايا الطّارئة الّتي تقف على هامش حياة الإنسان، وليست من القضايا الفرديّة الّتي تتّصل بحياة الإنسان كفردٍ، بل هي من القضايا العامّة الّتي تبني المجتمع أو تهدمه، ما يجعل من الاستهانة بها دليلاً على الاستهانة بالحياة العامّة للنّاس. وفي هذا النِّطاق، نجد الكافرين بالله يحملون في شخصيّتهم الكفر بالنِّعمة إلى جانب الكفر بالله، ويعيشون اللاّمبالاة بقضايا الحياة من خلال طبيعة اللاّمبالاة الّتي يواجهون بها قضايا الإيمان. ‏

‏ومن هذا المنطلق، كانت هذه الآية نذيرًا للّذين يكفرون ولا يتراجعون عن خطِّ الكفر، بل يموتون وهم كُفّارٌ، بأنّهم يواجهون اللّعنة من الله والملائكة والنّاس أجمعين، جزاءً لما يتضمّنه الكفر من الإساءة إلى قداسة الله وقيمة الحياة والإنسان. ‏

‏ولا تكتفي الآية الثّانية بهذا المقدار من الجزاء الّذي تضمّنته الآية الأولى، بل تؤكِّد خلودهم في النّار، حيث يلاقون العذاب الشّديد الّذي لا يُخفّف عنهم منه شي‏ءٌ، ولا يمكن أن يُعطوا مُهلةً يقدِّمون فيها الاعتذار؛ لأنّ فداحة الجريمة لا تسمح بذلك. ‏

‏ كفر الجحود لا حجّة له ‏

{إِنّ الّذِين كفرُوا و ماتُوا و هُمْ كُفّارٌ} ، من دون حجّة على كفرهم؛ لأنّ الكفر المتمثِّل بالجحود والتّكذيب لا يملك أيّة حجّةٍ علميّةٍ أو عقليّةٍ، فليس هناك أيُّ أساسٍ للنّفي الفكريِّ للألوهيّة أو للرّسول، بل كلُّ ما هناك، ممّا قد يحصل لبعض النّاس، الشّكُّ الّذي يمنع الإنسان من أن يدين بدين الحقِّ؛ لعدم تبيُّنه له وثبوته عنده، فيكون حاله حال الّذين لا يجحدون بالحقِّ ولا يؤمنون به. ‏

‏وفي ضوء ذلك، كان الكفر المعاند دليلاً على إرادة العناد والتّمرُّد والمواجهة للحقِّ. وهكذا يكون المراد بالكافرين المكذِّبين المعاندين الّذين يتعمّدون الإيحاء بواقعيّة الباطل في خطِّ الكفر، وبطلان الحقِّ في خطِّ الإيمان، كما يعملون على إخفاء ما يعلمونه من الحقِّ إمعانًا في التّضليل والتّخريب والتّشويه، وبهذا لا يتحوّل موقفهم إلى موقفٍ فكريٍّ مضادٍّ، بل يتحوّل إلى موقفٍ عدوانيٍّ ضاغطٍ على الواقع كلِّه، إيحاءً وعملاً، الأمر الّذي يبلغ فيه مستوى الجريمة الّتي يستحقُّ صاحبها اللّعن الحاسم: {أُولئِك عليْهِمْ لعْنةُ اللّهِ} ؛ لأنّهم ابتعدوا عن الله، فلم يتحرّكوا في خطِّ الإيمان الّذي ينفتح بهم على مواقع القرب من الله، فأبعدهم الله عن مواقع رحمته؛ لأنّ رحمته تعالى قريبٌ من المحسنين، لا الّذين يصرُّون على السّير في خطِّ الكفر والضّلال. {و الْملائِكةِ} الّذين يراقبون أوضاع النّاس، ويرون انحرافهم عن الحقِّ الّذي قامت عليه السّماوات والأرض، وانطلقت الملائكة في تسبيحها وتقديسها من خلاله، والّذي أراد الله تعالى للانسان أن يجسِّده في خلافته في ما عرّفه للملائكة، إذ قال: {إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأرْضِ خلِيفةً} [البقرة: 30]. ‏

{و النّاسِ أجْمعِين} ؛ لأنّ الإيمان والتّوحيد يمثِّل فطرة الله الّتي فطر النّاس عليها، وقد قال تعالى: {فأقِمْ وجْهك لِلدِّينِ حنِيفاً فِطْرت اللّهِ الّتِي فطر النّاس عليْها لا تبْدِيل لِخلْقِ اللّهِ ذلِك الدِّينُ الْقيِّمُ و لكِنّ أكْثر النّاسِ لا يعْلمُون} [الرُّوم: 30]. ‏

‏ولذلك فإنّ واقع هؤلاء الّذين كفروا وأصرُّوا على كفرهم بالرّغم ممّا يسمعونه من الحجج ويرونه من دلائل التّوحيد والإيمان، هو واقعٌ منحرفٌ عن الفطرة الإنسانيّة، ما يقتضي اعتبارهم خارج القيم الإنسانيّة الصّافية المنطلقة، في عفويّةٍ، في خطِّ الايمان بعيدًا عن الكفر، وفي خطِّ التّوحيد بعيدًا عن الشِّرك. ‏

{خالِدِين فِيها} ، في اللّعنة الّتي تختزن العذاب في مضمونها العمليِّ على مستوى النّتائج، وتوحي به، {لا يُخفّفُ عنْهُمُ الْعذابُ و لا هُمْ يُنْظرُون} ؛ فليس هناك أيّة مهلةٍ للاعتذار أو للتّبديل والتّغيير. ‏

‎ ‎

‏ ‏

‏ الكُفر ليس موقفًا فكريًّا ‏

‏إنّ الكفر - في نظر الإسلام - لا يرتكز على حجّةٍ، بل يمكن أن يخضع في بعض الحالات إلى شبهةٍ طارئةٍ، أو شكٍّ سريعٍ، ممّا يمكن معه الوصول إلى قناعةٍ تزيل الشُّبهة وتذهب بالشّكِّ؛ وذلك من خلال الفكر الهادئ العميق، والحجّة العقليّة القويّة. وفي ضوء ذلك يُعتبر الكافرون الّذين يستمرُّون على الكفر حتّى يموتوا، من المعاندين المتمرِّدين الّذين لا يريدون أن يواجهوا القضيّة من موقع البحث والتّحليل الّذي يقود إلى الإيمان؛ لأنّهم لا يشعرون بأهمِّيّة قضيّة الإيمان والكفر في حياتهم. ‏

‏ثمّ إنّ هذه القضيّة من القضايا الّتي تتّصل بموقف الإنسان من الله خالق الحياة في الكون والإنسان، وبشكر نعمه من خلال السّير في خطِّه المستقيم، وليست من القضايا الطّارئة الّتي تقف على هامش حياة الإنسان، وليست من القضايا الفرديّة الّتي تتّصل بحياة الإنسان كفردٍ، بل هي من القضايا العامّة الّتي تبني المجتمع أو تهدمه، ما يجعل من الاستهانة بها دليلاً على الاستهانة بالحياة العامّة للنّاس. وفي هذا النِّطاق، نجد الكافرين بالله يحملون في شخصيّتهم الكفر بالنِّعمة إلى جانب الكفر بالله، ويعيشون اللاّمبالاة بقضايا الحياة من خلال طبيعة اللاّمبالاة الّتي يواجهون بها قضايا الإيمان. ‏

‏ومن هذا المنطلق، كانت هذه الآية نذيرًا للّذين يكفرون ولا يتراجعون عن خطِّ الكفر، بل يموتون وهم كُفّارٌ، بأنّهم يواجهون اللّعنة من الله والملائكة والنّاس أجمعين، جزاءً لما يتضمّنه الكفر من الإساءة إلى قداسة الله وقيمة الحياة والإنسان. ‏

‏ولا تكتفي الآية الثّانية بهذا المقدار من الجزاء الّذي تضمّنته الآية الأولى، بل تؤكِّد خلودهم في النّار، حيث يلاقون العذاب الشّديد الّذي لا يُخفّف عنهم منه شي‏ءٌ، ولا يمكن أن يُعطوا مُهلةً يقدِّمون فيها الاعتذار؛ لأنّ فداحة الجريمة لا تسمح بذلك. ‏

‏ كفر الجحود لا حجّة له ‏

{إِنّ الّذِين كفرُوا و ماتُوا و هُمْ كُفّارٌ} ، من دون حجّة على كفرهم؛ لأنّ الكفر المتمثِّل بالجحود والتّكذيب لا يملك أيّة حجّةٍ علميّةٍ أو عقليّةٍ، فليس هناك أيُّ أساسٍ للنّفي الفكريِّ للألوهيّة أو للرّسول، بل كلُّ ما هناك، ممّا قد يحصل لبعض النّاس، الشّكُّ الّذي يمنع الإنسان من أن يدين بدين الحقِّ؛ لعدم تبيُّنه له وثبوته عنده، فيكون حاله حال الّذين لا يجحدون بالحقِّ ولا يؤمنون به. ‏

‏وفي ضوء ذلك، كان الكفر المعاند دليلاً على إرادة العناد والتّمرُّد والمواجهة للحقِّ. وهكذا يكون المراد بالكافرين المكذِّبين المعاندين الّذين يتعمّدون الإيحاء بواقعيّة الباطل في خطِّ الكفر، وبطلان الحقِّ في خطِّ الإيمان، كما يعملون على إخفاء ما يعلمونه من الحقِّ إمعانًا في التّضليل والتّخريب والتّشويه، وبهذا لا يتحوّل موقفهم إلى موقفٍ فكريٍّ مضادٍّ، بل يتحوّل إلى موقفٍ عدوانيٍّ ضاغطٍ على الواقع كلِّه، إيحاءً وعملاً، الأمر الّذي يبلغ فيه مستوى الجريمة الّتي يستحقُّ صاحبها اللّعن الحاسم: {أُولئِك عليْهِمْ لعْنةُ اللّهِ} ؛ لأنّهم ابتعدوا عن الله، فلم يتحرّكوا في خطِّ الإيمان الّذي ينفتح بهم على مواقع القرب من الله، فأبعدهم الله عن مواقع رحمته؛ لأنّ رحمته تعالى قريبٌ من المحسنين، لا الّذين يصرُّون على السّير في خطِّ الكفر والضّلال. {و الْملائِكةِ} الّذين يراقبون أوضاع النّاس، ويرون انحرافهم عن الحقِّ الّذي قامت عليه السّماوات والأرض، وانطلقت الملائكة في تسبيحها وتقديسها من خلاله، والّذي أراد الله تعالى للانسان أن يجسِّده في خلافته في ما عرّفه للملائكة، إذ قال: {إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأرْضِ خلِيفةً} [البقرة: 30]. ‏

{و النّاسِ أجْمعِين} ؛ لأنّ الإيمان والتّوحيد يمثِّل فطرة الله الّتي فطر النّاس عليها، وقد قال تعالى: {فأقِمْ وجْهك لِلدِّينِ حنِيفاً فِطْرت اللّهِ الّتِي فطر النّاس عليْها لا تبْدِيل لِخلْقِ اللّهِ ذلِك الدِّينُ الْقيِّمُ و لكِنّ أكْثر النّاسِ لا يعْلمُون} [الرُّوم: 30]. ‏

‏ولذلك فإنّ واقع هؤلاء الّذين كفروا وأصرُّوا على كفرهم بالرّغم ممّا يسمعونه من الحجج ويرونه من دلائل التّوحيد والإيمان، هو واقعٌ منحرفٌ عن الفطرة الإنسانيّة، ما يقتضي اعتبارهم خارج القيم الإنسانيّة الصّافية المنطلقة، في عفويّةٍ، في خطِّ الايمان بعيدًا عن الكفر، وفي خطِّ التّوحيد بعيدًا عن الشِّرك. ‏

{خالِدِين فِيها} ، في اللّعنة الّتي تختزن العذاب في مضمونها العمليِّ على مستوى النّتائج، وتوحي به، {لا يُخفّفُ عنْهُمُ الْعذابُ و لا هُمْ يُنْظرُون} ؛ فليس هناك أيّة مهلةٍ للاعتذار أو للتّبديل والتّغيير. ‏

‎ ‎

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية