إثنان يشفعان: الصّيام وتعلّم القرآن

إثنان يشفعان: الصّيام وتعلّم القرآن

قال رسول الله(ص): "تعلَّموا القرآن، فإنَّه شافعٌ لأصحابه يوم‏ القيامة".

وقال(ص) أيضاً: "الصّيام والقرآن يشفعان للعبد يوم ‏القيامة، يقول الصّيام: أي ربّ، منعته الطّعام والشّهوات بالنّهار فشفّعني فيه. ويقول ‏القرآن: منعته النّوم باللّيل فشفعّني فيه، قال فيشفعان".

الصّيام الذي كتبه الله على عباده تزكيةً لنفوسهم الّتي أثقلتها المغريات والتحدّيات طوال العام، يؤتي ثماره في الدّنيا والآخرة ، فعندما نعيش غنى النّفس عبر ملازمة التّقوى وتجذيرها في واقعنا وعلاقاتنا، يحضر غداً عمل الصّوم عند الله، إذ يرفع إليه العمل الصّالح النّابع من العبد بإخلاص وصدق، ويجازينا تعالى على ذلك خير الجزاء. كما أنّ الصّوم يدفعنا إلى مراجعة النّفس ومحاسبتها عن تقصيرها في جنب الله وتقصيرها بحقّ النّاس، فكم من أناسٍ يعانون من فقر معنويّ وأخلاقيّ وتقوائيّ في كلّ الجوانب! مع ذلك، لم يمنع الله برحمته هؤلاء من الإفادة من هذا الموسم العباديّ الفضيل، كي يسدّوا فقرهم بغنى هذا الشّهر الكريم، والتدرّب على التّقوى في القول والفعل، ومعايشتها سلوكاً يبرز مدى تفاعلهم مع قيم هذا الشّهر وبركاته.

ليس الصّوم من يشفع فقط، بل تعلّم القرآن والإقبال عليه في هذا الشَّهر، إذ إنَّ شهر رمضان هو الشّهر الّذي أنزل فيه القرآن هدى للنّاس، فحريّ بنا أن نتعلّم كتاب الله حفظاً وفهماً وتدبّراً. فعندما نريد استقبال الشّهر الكريم والتّفاعل معه، فأوّل شيء نفعله هو العكوف على كتاب الله تعلّماً وحفظاً وتلاوةً وفهماً. فكم نحن بحاجةٍ إلى هدى القرآن في تفاصيل حياتنا الخاصّة والعامّة! وتعلّم القرآن مدخل أساس لبناء التّقوى في نفوسنا، عبر تمثّل كلمات الله وآياته في عقولنا وقلوبنا.

فعن عليّ أمير المؤمنين(ع)، في كلامٍ يصف فيه القرآن في نهج البلاغة: "واعلموا أنَّ هذا القرآن هو النّاصح الّذي لا يغشّ، والهادي الّذي لا يُضلّ، والمحدِّث الّذي لا يكذب، وما جالس هذا القرآن أحدٌ إلا قام عنه بزيادة أو نقصان: زيادة في هدى، أو نقصان من عمى.

واعلموا أنّه ليس على أحدٍ بعد القرآن من فاقة، ولا لأحدٍ قبل القرآن من غنى، فاستشفوه من‏ أدوائكم، واستعينوا به على لأوائِكم، فإنَّ فيه شفاءً من أكبر الدّاء، وهو الكفر والنفاق والغيّ‏ والضّلال. فاسألوا الله به، وتوجّهوا إليه بحبّه، ولا تسألوا به خلْقه، إنّه ما توجّه العباد إلى الله بمثله. واعلموا أنَّه شافع مشفِّع وقائل مصدِّق، وأنّه من شفع له القرآن يوم القيامة شُفِّع فيه، ومن مَحَلَ به‏ القرآن يوم القيامة صُدِّق عليه، فإنّه ينادي منادٍ يوم القيامة: ألا إنَّ كلّ حارث مبتلى في حرثه‏ وعاقبة عمله، غير حرثة القرآن. فكونوا من حرثته وأتباعه، واستدلّوه على ربّكم، واستنصحوه‏ على أنفسكم، واتّهموا عليه آرائكم، واستغشوا فيه أهواءكم".

قال ابن ميثم البحراني في شرح النَّهج، ج 2ص 356: "استعار(ع) لفظي الشَّافع والمشفّع، وجه الاستعارة كون تدبّره‏ والعمل بما فيه ماحياً لما يعرض للنَّفس من الهيئات الرديّة من المعاصي، وذلك مستلزمٌ لمحو غضب الله كما يمحو الشَّفيع المشفّع أثر الذَّنب عن قلب المشفوع إليه، وكذلك لفظ القائل‏ المصدّق، ووجه الاستعارة، كونه ذا ألفاظٍ إذا نطقَ بها لا يمكن تكذيبها كالقائل المصدِّق، ثم أعاد معنى كونه شافعاً مشفِّعاً يوم القيامة، ثم استعار لفظ المَحَل للقرآن، ووجه الاستعارة، أنَّ لسان ‏حال القرآن شاهد في علم الله وحضرة ربوبيَّته على من أعرض عنه بعدم اتّباعه ومخالفته لما اشتمل عليه، وتلك شهادة لا يجوز عليها الكذب، فبالواجب أن يصدّق، فأشبه السّاعي إلى ‏السّلطان في حقّ غيره بما يضرّه" .

إنّ الصّوم الّذي يبني نفوسنا وروحنا وأخلاقنا، ويسمو بنا إلى مدارج القرب من الله، وإلى تعلّم القرآن بشكلٍ ينفعنا ويهذّبنا ويربّينا ويفتح مداركنا، من أفضل ما يمكن لنا أن نتمسّك به ونحافظ عليه، كي نكون ممَّن يستحقّون الشّفاعة يوم لا ظلّ إلاَّ ظلّ الله تعالى.

اللّهمّ اجعلنا من الصّائمين القائمين المتّقين، واجعلنا من طلاب تعلُّم القرآن وتدبُّره وأهل قراءته وفهمه، والعاملين بما فيه من خيرٍ ونفعٍ وبركةٍ ومعرفة.

إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبِّر بالضَّرورة عن رأي الموقع، وإنَّما عن وجهة نظر صاحبها.

قال رسول الله(ص): "تعلَّموا القرآن، فإنَّه شافعٌ لأصحابه يوم‏ القيامة".

وقال(ص) أيضاً: "الصّيام والقرآن يشفعان للعبد يوم ‏القيامة، يقول الصّيام: أي ربّ، منعته الطّعام والشّهوات بالنّهار فشفّعني فيه. ويقول ‏القرآن: منعته النّوم باللّيل فشفعّني فيه، قال فيشفعان".

الصّيام الذي كتبه الله على عباده تزكيةً لنفوسهم الّتي أثقلتها المغريات والتحدّيات طوال العام، يؤتي ثماره في الدّنيا والآخرة ، فعندما نعيش غنى النّفس عبر ملازمة التّقوى وتجذيرها في واقعنا وعلاقاتنا، يحضر غداً عمل الصّوم عند الله، إذ يرفع إليه العمل الصّالح النّابع من العبد بإخلاص وصدق، ويجازينا تعالى على ذلك خير الجزاء. كما أنّ الصّوم يدفعنا إلى مراجعة النّفس ومحاسبتها عن تقصيرها في جنب الله وتقصيرها بحقّ النّاس، فكم من أناسٍ يعانون من فقر معنويّ وأخلاقيّ وتقوائيّ في كلّ الجوانب! مع ذلك، لم يمنع الله برحمته هؤلاء من الإفادة من هذا الموسم العباديّ الفضيل، كي يسدّوا فقرهم بغنى هذا الشّهر الكريم، والتدرّب على التّقوى في القول والفعل، ومعايشتها سلوكاً يبرز مدى تفاعلهم مع قيم هذا الشّهر وبركاته.

ليس الصّوم من يشفع فقط، بل تعلّم القرآن والإقبال عليه في هذا الشَّهر، إذ إنَّ شهر رمضان هو الشّهر الّذي أنزل فيه القرآن هدى للنّاس، فحريّ بنا أن نتعلّم كتاب الله حفظاً وفهماً وتدبّراً. فعندما نريد استقبال الشّهر الكريم والتّفاعل معه، فأوّل شيء نفعله هو العكوف على كتاب الله تعلّماً وحفظاً وتلاوةً وفهماً. فكم نحن بحاجةٍ إلى هدى القرآن في تفاصيل حياتنا الخاصّة والعامّة! وتعلّم القرآن مدخل أساس لبناء التّقوى في نفوسنا، عبر تمثّل كلمات الله وآياته في عقولنا وقلوبنا.

فعن عليّ أمير المؤمنين(ع)، في كلامٍ يصف فيه القرآن في نهج البلاغة: "واعلموا أنَّ هذا القرآن هو النّاصح الّذي لا يغشّ، والهادي الّذي لا يُضلّ، والمحدِّث الّذي لا يكذب، وما جالس هذا القرآن أحدٌ إلا قام عنه بزيادة أو نقصان: زيادة في هدى، أو نقصان من عمى.

واعلموا أنّه ليس على أحدٍ بعد القرآن من فاقة، ولا لأحدٍ قبل القرآن من غنى، فاستشفوه من‏ أدوائكم، واستعينوا به على لأوائِكم، فإنَّ فيه شفاءً من أكبر الدّاء، وهو الكفر والنفاق والغيّ‏ والضّلال. فاسألوا الله به، وتوجّهوا إليه بحبّه، ولا تسألوا به خلْقه، إنّه ما توجّه العباد إلى الله بمثله. واعلموا أنَّه شافع مشفِّع وقائل مصدِّق، وأنّه من شفع له القرآن يوم القيامة شُفِّع فيه، ومن مَحَلَ به‏ القرآن يوم القيامة صُدِّق عليه، فإنّه ينادي منادٍ يوم القيامة: ألا إنَّ كلّ حارث مبتلى في حرثه‏ وعاقبة عمله، غير حرثة القرآن. فكونوا من حرثته وأتباعه، واستدلّوه على ربّكم، واستنصحوه‏ على أنفسكم، واتّهموا عليه آرائكم، واستغشوا فيه أهواءكم".

قال ابن ميثم البحراني في شرح النَّهج، ج 2ص 356: "استعار(ع) لفظي الشَّافع والمشفّع، وجه الاستعارة كون تدبّره‏ والعمل بما فيه ماحياً لما يعرض للنَّفس من الهيئات الرديّة من المعاصي، وذلك مستلزمٌ لمحو غضب الله كما يمحو الشَّفيع المشفّع أثر الذَّنب عن قلب المشفوع إليه، وكذلك لفظ القائل‏ المصدّق، ووجه الاستعارة، كونه ذا ألفاظٍ إذا نطقَ بها لا يمكن تكذيبها كالقائل المصدِّق، ثم أعاد معنى كونه شافعاً مشفِّعاً يوم القيامة، ثم استعار لفظ المَحَل للقرآن، ووجه الاستعارة، أنَّ لسان ‏حال القرآن شاهد في علم الله وحضرة ربوبيَّته على من أعرض عنه بعدم اتّباعه ومخالفته لما اشتمل عليه، وتلك شهادة لا يجوز عليها الكذب، فبالواجب أن يصدّق، فأشبه السّاعي إلى ‏السّلطان في حقّ غيره بما يضرّه" .

إنّ الصّوم الّذي يبني نفوسنا وروحنا وأخلاقنا، ويسمو بنا إلى مدارج القرب من الله، وإلى تعلّم القرآن بشكلٍ ينفعنا ويهذّبنا ويربّينا ويفتح مداركنا، من أفضل ما يمكن لنا أن نتمسّك به ونحافظ عليه، كي نكون ممَّن يستحقّون الشّفاعة يوم لا ظلّ إلاَّ ظلّ الله تعالى.

اللّهمّ اجعلنا من الصّائمين القائمين المتّقين، واجعلنا من طلاب تعلُّم القرآن وتدبُّره وأهل قراءته وفهمه، والعاملين بما فيه من خيرٍ ونفعٍ وبركةٍ ومعرفة.

إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبِّر بالضَّرورة عن رأي الموقع، وإنَّما عن وجهة نظر صاحبها.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية