يستمرّ أمير المؤمنين علي(ع) بخطبه المليئة بالموعظة والتّوجيه لنا، والتي تستدعي الالتفات والقراءة الواعية والاعتبار منها كأحسن ما يكون الاعتبار.
يقول(ع) في خطبةٍ له:
"إِنَّ الله بَعَثَ مُحَمَّداً(ص) نَذِيراً لِلْعَالَمِينَ، وَأَمِيناً عَلَى التَّنْزِيلِ، وَأَنْتُمْ مَعْشَرَ الْعَرَبِ عَلَى شَرِّ دِينٍ، وَفِي شَرِّ دَارٍ، مُنِيخُونَ بَيْنَ حِجَارَةٍ خُشْنٍ، وَحَيَّاتٍ صُمٍّ، تَشْرَبُونَ الْكَدِرَ، وَتَأْكُلُونَ الْجَشِبَ، وَتَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ، وَتَقْطَعُونَ أَرْحَامَكُمْ. الْأَصْنَامُ فِيكُمْ مَنْصُوبَةٌ، وَالْآثَامُ بِكُمْ مَعْصُوبَةٌ.
فَنَظَرْتُ، فَإِذَا لَيْسَ لِي مُعِينٌ إِلَّا أَهْلُ بَيْتِي، فَضَنِنْتُ بِهِمْ عَنِ الْمَوْتِ، وَأَغْضَيْتُ عَلَى الْقَذَى، وَشَرِبْتُ عَلَى الشَّجَا، وَصَبَرْتُ عَلَى أَخْذِ الْكَظَمِ، وَعَلَى أَمَرَّ مِنْ طَعْمِ الْعَلْقَمِ.
ومنها: وَلَمْ يُبَايِعْ حَتَّى شَرَطَ أَنْ يُؤْتِيَهُ عَلَى الْبَيْعَةِ ثَمَناً، فَلَا ظَفِرَتْ يَدُ الْبَائِعِ، وَخَزِيَتْ أَمَانَةُ الْمُبْتَاعِ، فَخُذُوا لِلْحَرْبِ أُهْبَتَهَا، وَأَعِدُّوا لَهَا عُدَّتَهَا، فَقَدْ شَبَّ لَظَاهَا، وَعَلَا سَنَاهَا، وَاسْتَشْعِرُوا الصَّبْرَ، فَإِنَّهُ أَدْعَى إِلَى النَّصْرِ".
يصف الإمام عليّ(ع) حال العرب قبل بعثة الرّسول الأكرم(ص)، إذ كانوا أذلّة، وفي حاجةٍ وفاقة وضياع وجهل وتشتّت وضلالة، ولم يكونوا شيئاً بين الأمم والشّعوب، إلى أن أعزّهم الله تعالى وكرّمهم ببعثة رسوله محمّد(ص)، وبالوحي والرسالة، فأصبحوا شيئاً مذكوراً في التاريخ وبين الناس..
لقد كان العرب يعبدون الأصنام، ويعيشون الصراع والتنازع والتمزّق، والضلالة في الفكر والشعور والعقيدة والسلوك، واعتادوا على الآثام واستغرقوا فيها، حتى لوّثتهم، إلى أن أخرجهم الرسول(ص) من الظلمات إلى نور الهداية والصّلاح.
"فنظرْتُ، فإذا لَيْسَ لِي مُعِينٌ إِلَّا أَهْلُ بَيْتِي، فَضَنِنْتُ بِهِمْ عَنِ الْمَوْتِ". يشير الإمام(ع) إلى حقّه في الخلافة دون غيره، وأنّه سكت عن حقّه المغتصب، لا حرصاً على نفسه، ولكن حفظاً لأهل بيته، وأنّه صبر وضحّى من أجل مصلحة المسلمين العامّة.
وقوله: "وَلَمْ يُبَايِعْ حَتَّى شَرَطَ أَنْ يُؤْتِيَهُ عَلَى الْبَيْعَةِ ثَمَناً"، البائع هو عمرو بن العاص، والمشتري هو معاوية، والثّمن مصر.. وكان ابن العاص من أعدى أعداء الرسول(ص)، آذاه وحاربه وهجاه بسبعين بيتاً، فقال الرّسول(ص): "اللّهمّ العنه بكلّ حرف ألف لعنة"، وحرّض على عثمان، ثم طالب بدمه.. وقد انتصر لمعاوية والتاذ به. واللِّياذ به، على حدّ وصف طه حسين، "إنما هو سبيل الدّنيا لا سبيل الدّين".
"فَلَا ظَفِرَتْ يَدُ الْبَائِعِ"، وهو ابن العاص، "وَخَزِيَتْ أَمَانَةُ الْمُبْتَاعِ"، وهو معاوية. والمراد بالأمانة هنا حقوق المسلمين، وبالخزي أنّ الأمّة التي يقودها الخونة ستضرب عليها الذلّة والمسكنة، وهؤلاء موجودون في كلّ زمن.
نتعلّم من أمير المؤمنين(ع) كيف نكون الصّابرين المحتسبين حينما يتطلّب الأمر ذلك، ونتعلّم التضحية في سبيل المصلحة العامّة، وأن نكون المحافظين على ديننا، المخلصين لربّنا، فلا ننجرّ إلى حطام الدّنيا، ولا نتكالب عليها، وألا نكون من الخائنين لحقوق أمَّتنا وأنفسنا، بل الواعين تماماً لما علينا من مسؤوليّات تجاه الله والناس والحياة.
إنّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبّر بالضّرورة عن رأي الموقع، وإنّما عن وجهة نظر صاحبها.

يستمرّ أمير المؤمنين علي(ع) بخطبه المليئة بالموعظة والتّوجيه لنا، والتي تستدعي الالتفات والقراءة الواعية والاعتبار منها كأحسن ما يكون الاعتبار.
يقول(ع) في خطبةٍ له:
"إِنَّ الله بَعَثَ مُحَمَّداً(ص) نَذِيراً لِلْعَالَمِينَ، وَأَمِيناً عَلَى التَّنْزِيلِ، وَأَنْتُمْ مَعْشَرَ الْعَرَبِ عَلَى شَرِّ دِينٍ، وَفِي شَرِّ دَارٍ، مُنِيخُونَ بَيْنَ حِجَارَةٍ خُشْنٍ، وَحَيَّاتٍ صُمٍّ، تَشْرَبُونَ الْكَدِرَ، وَتَأْكُلُونَ الْجَشِبَ، وَتَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ، وَتَقْطَعُونَ أَرْحَامَكُمْ. الْأَصْنَامُ فِيكُمْ مَنْصُوبَةٌ، وَالْآثَامُ بِكُمْ مَعْصُوبَةٌ.
فَنَظَرْتُ، فَإِذَا لَيْسَ لِي مُعِينٌ إِلَّا أَهْلُ بَيْتِي، فَضَنِنْتُ بِهِمْ عَنِ الْمَوْتِ، وَأَغْضَيْتُ عَلَى الْقَذَى، وَشَرِبْتُ عَلَى الشَّجَا، وَصَبَرْتُ عَلَى أَخْذِ الْكَظَمِ، وَعَلَى أَمَرَّ مِنْ طَعْمِ الْعَلْقَمِ.
ومنها: وَلَمْ يُبَايِعْ حَتَّى شَرَطَ أَنْ يُؤْتِيَهُ عَلَى الْبَيْعَةِ ثَمَناً، فَلَا ظَفِرَتْ يَدُ الْبَائِعِ، وَخَزِيَتْ أَمَانَةُ الْمُبْتَاعِ، فَخُذُوا لِلْحَرْبِ أُهْبَتَهَا، وَأَعِدُّوا لَهَا عُدَّتَهَا، فَقَدْ شَبَّ لَظَاهَا، وَعَلَا سَنَاهَا، وَاسْتَشْعِرُوا الصَّبْرَ، فَإِنَّهُ أَدْعَى إِلَى النَّصْرِ".
يصف الإمام عليّ(ع) حال العرب قبل بعثة الرّسول الأكرم(ص)، إذ كانوا أذلّة، وفي حاجةٍ وفاقة وضياع وجهل وتشتّت وضلالة، ولم يكونوا شيئاً بين الأمم والشّعوب، إلى أن أعزّهم الله تعالى وكرّمهم ببعثة رسوله محمّد(ص)، وبالوحي والرسالة، فأصبحوا شيئاً مذكوراً في التاريخ وبين الناس..
لقد كان العرب يعبدون الأصنام، ويعيشون الصراع والتنازع والتمزّق، والضلالة في الفكر والشعور والعقيدة والسلوك، واعتادوا على الآثام واستغرقوا فيها، حتى لوّثتهم، إلى أن أخرجهم الرسول(ص) من الظلمات إلى نور الهداية والصّلاح.
"فنظرْتُ، فإذا لَيْسَ لِي مُعِينٌ إِلَّا أَهْلُ بَيْتِي، فَضَنِنْتُ بِهِمْ عَنِ الْمَوْتِ". يشير الإمام(ع) إلى حقّه في الخلافة دون غيره، وأنّه سكت عن حقّه المغتصب، لا حرصاً على نفسه، ولكن حفظاً لأهل بيته، وأنّه صبر وضحّى من أجل مصلحة المسلمين العامّة.
وقوله: "وَلَمْ يُبَايِعْ حَتَّى شَرَطَ أَنْ يُؤْتِيَهُ عَلَى الْبَيْعَةِ ثَمَناً"، البائع هو عمرو بن العاص، والمشتري هو معاوية، والثّمن مصر.. وكان ابن العاص من أعدى أعداء الرسول(ص)، آذاه وحاربه وهجاه بسبعين بيتاً، فقال الرّسول(ص): "اللّهمّ العنه بكلّ حرف ألف لعنة"، وحرّض على عثمان، ثم طالب بدمه.. وقد انتصر لمعاوية والتاذ به. واللِّياذ به، على حدّ وصف طه حسين، "إنما هو سبيل الدّنيا لا سبيل الدّين".
"فَلَا ظَفِرَتْ يَدُ الْبَائِعِ"، وهو ابن العاص، "وَخَزِيَتْ أَمَانَةُ الْمُبْتَاعِ"، وهو معاوية. والمراد بالأمانة هنا حقوق المسلمين، وبالخزي أنّ الأمّة التي يقودها الخونة ستضرب عليها الذلّة والمسكنة، وهؤلاء موجودون في كلّ زمن.
نتعلّم من أمير المؤمنين(ع) كيف نكون الصّابرين المحتسبين حينما يتطلّب الأمر ذلك، ونتعلّم التضحية في سبيل المصلحة العامّة، وأن نكون المحافظين على ديننا، المخلصين لربّنا، فلا ننجرّ إلى حطام الدّنيا، ولا نتكالب عليها، وألا نكون من الخائنين لحقوق أمَّتنا وأنفسنا، بل الواعين تماماً لما علينا من مسؤوليّات تجاه الله والناس والحياة.
إنّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبّر بالضّرورة عن رأي الموقع، وإنّما عن وجهة نظر صاحبها.